روايات

رواية مشاعر موقدة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فاطيما يوسف

رواية مشاعر موقدة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم فاطيما يوسف

رواية مشاعر موقدة الجزء الثاني والعشرون

رواية مشاعر موقدة البارت الثاني والعشرون

مشاعر موقدة
مشاعر موقدة

رواية مشاعر موقدة الحلقة الثانية والعشرون

يا لك من حقير أنت أيها الـ”زيد” الجبان ، ماذا فعلت بقلبٍ أخضر وجعلته يبكي ويصرخ عديداً من الزمان ؟
أين كان عقلك حينها ، أم مشاعرك ؛ أم إحساس قلبك ؛ وأنت تحطم ذاك الملاك بجمود حتى فقد الأمل في الأمان ؟
أكنت تظن أن لن يعاقبك الله يوماً من الأيام ولكن وعده كان قريباً ومن نفس الذنب عوقبت بالحرمان ،
ولكن قف عقلي إلى هنا عن أي حرمان تقصد ؟!
أتقصد حرماني من ليلتي على ذنبي وافترائي على بنات حواء ؟
لااا لن أتحمل عقابك ربي فهي أحبتني ووعدتني بالعودة فثقل موازين ذاك الرسلان عندها بحق الأرض والجبال والسماء ،
“ليلى” آه وألف آه لو تعلمين من أحببتي إنه “زيد” سفيهٌ جبان ، كيف أضع عيني في عينك وألومك وانا الملام في كل رواياتي الضائعة ،
وإلى هنا خطى قلم الـ”زيد” وحكم على حاله بأن ليلاه النقية البريئة الأبية لا يستحق أن يكون لها لا في السر ولا الخباء .
#خاطرة_زيد
#مشاعر_موقدة
#ربما_تستقيم_الأفئدة
#بقلمي_فاطيما_يوسف
ـ انا خيصمتك ليوم القيامة ومش مسامحاك على اللي انت عملته فيه ولا على تدميري ولا على حزن أبويا وامي على حالتي وقهرتهم عليا ولا على عيني اللي نظرها ضاع بسببك وبقيت بشوف طشاش ولا عن اي دموع بكيتها دم ولا على كل ليلة من الألف ليلة اللي عيشتهم كارهة نفسي بسببك ، عن اذنك وأتمنى مشفش وشك تاني لأنه بالنسبة لي بعد ما كان أجمل وأطهر وش زمان بقي أبغض حاجة ممكن أشوفها .
انتصب واقفاً سريعاً كي يلحقها قبل أن تتركه فقد اهتز قلبه بهلع من دعوتها عليه وكم الألم التي عانته بسببه فقد كان خسيساً للغاية معها ، قد كان ندلًا جباناً وغدر بها هي وغيرها ولم يكن يعلم أن ضحاياه سيكونو بهذا الشكل ثم ترجاها بعينين نادمة بشدة ولأول مرة يعتذر بندم حقيقي على ما فعله وارتكبه في هؤلاء الفتيات واعتذاره لها بمثابة اعتذاره لأكملهم :
ـ أرجوكِ يا “سالي” استني ما تمشيش ، أنا عايز أقول لك إني بجد ندمان على اللي عملته معاكِ من كل قلبي وحاسس من جوايا اني عايز أخنـ.ـقني واخلص مني ولا اني اشوف نظره القهر اللي جوه عينيكِ مني أو نظرة اي بنت تانية استغليت براءتها وعملت معاها زي ما عملت معاكِ ، انا والله العظيم كنت واخد الموضوع تسلية ولو كنت اعرف ان هو مؤذي للدرجة دي عمري ما كنت عملته ولا كنت مشيت الطريق ده من أصله ، “زيد” اللي قدامك ده غير اللي انتِ تعرفيه زمان خالص ،
وتابع اعتذاره لها وهو ما زال يبرر أغلاطه الشنيعة بها وهو يبتلع غصته بمرارة وألم:
ـ انا اتغيرت تماما ما بقتش أكلم أي بنت ولا حتى موجودين عندي على الاكونت وبعدت عن كل الحاجات المؤذية دي ولما شفتك بالصدفة والله العظيم من غير ما تقولي الكلام ده كنت بندهلك عشان أعتذر لك وعشان أطلب منك تسامحيني .
اهتز فكها بسخرية من اعتذاره بسبب كلمة واحدة من ضمن تلك الكلمات الكثيرو التي قالها الآن وغرزت في صدرها كالخنجر :
ـ ياه ؛ تسلية !
كنت واخدنا تسلية يا مستر يا مربي ومعلم أجيال ؛ يا حامل أمانة كبيرة ربنا وضعك فيها واستهترت بيها واتسليت بالبنات لما شبعت تسلية ؟!
كنت بترضي غرايزك ومشاعرك الدنيئة عشان تتسلى !
قد كده مشاعرنا وقلوبنا اللي انت دوست عليها بأوسخ جزمة كانت تسلية !
قد كده احنا كبني آدمين ما لناش لازمة عندك إن احنا نتدمر ومشاعرنا البيور اللي انت خليتنا نطلع أسوء ما فيها تسلية !
سبحان الله عذر اقبح من ذنب ،
وأكملت وهي ما زالت تدعي عليه :
ـ طب روح يا شيخ ربنا يرزقك بواحدة واتنين وتلاتة يتسلوا بيك وما تلاقيش حد يحبك ولا تلاقي حد يبص لك وتنكوي من نفس النـ.ـار اللي انت كويتنا بيها ؛ وتحب ما تطولش ؛ وتسهر الليالي تبكي وتنوح على حبك اللي ضاع وما تنولهوش ؛ يدوقك من نفس الكاس اللي انت دوقته لغيرك علشان القصاص العادل بتاع ربنا في عباده ، على الأقل انا خرجت من تجربتي معاك وانا متدمرة لكن قويت حالي واستمريت وتبت لربنا سبحانه وتعالى بسبب الذنوب اللي خلتني أعملها معاك في مكالماتك القذرة فاكرها ولا مش فاكرها يا مستر ؟
أغمض عينيه بألم شديد من دعواها عليه ومازال يترجاها بأن تغفر ذنبه معها ليعترف لها بانشقاق قلبه وبـخُسران عشقه الوحيد كي يريح صدرها :
ـ ياه انا كده عرفت العـ.ـذاب والدمار اللي انا فيه ده بسبب دعواتك ودعوة غيرك عليا ، اطمني يا “سالي” عايز اقول لك كل اللي انتِ دعيتي عليا بيه انا عايش فيه من بقالي سنين انا اللي حبيت وعشقت وما طولتش وسهرت الليالي على أمل اللـقى بــحبيبتي وفي الآخر ضاعت مني واتخطبت لــغيري ومش أي والواحد ده أحسن مني مليون مرة في نفس اليوم اللي اعترفت لي فيه بحبها ضاعت مني ، جربت عــ.ــذاب الفراق ألوان علشان تعرفي إن ربنا انتــ.ــقم لك وانتــ.ــقم لـغيرك ،
واسترسل حديثه وهو يطلب منها بما صدمها :
ـ انا مستعد آجي معاكِ لوالدك ووالدتك واعتذر لهم و احكي لهم إن أنا اللي كنت حقير وان انا اللي جريتك ورايا واستغليت براءتك او اطلبك منهم للجواز ، أنا مستعد أكفر عن ذنبي معاكِ بالجواز يا “سالي” .
قرأت الوجع في عينيه والظاهر للأعمى ومن غير المجروح يشعر بالمجروح مثله ، ومن غير الذي ذاق مرارة الحب ولن يطوله يشعر بمرارة من ذاق مثله ؟!
ولكنه لم يصعب عليه وهي تحاول جلده مرة أخرى كي لا يعود لذاك الطريق مرة أخرى أو يظلم غيرها وغيرها :
ـ ماهو الذنب لا يغتفر والديان لايموت وافعل يا ابن آدم كما شئت فكما تدين تــدان ، كان لازم ربنا يدوقك من نفس كاس العــ.ــذاب اللي ياما دوقته لغيرك ، كان لازم تسهر وتتوجع وتبكي بدل الدموع دم علشان تقدر اللي انت عملته زمان وانت في عز جبروتك وافتخارك بشياكتك وطولك وعرضك ،
وأكملت بقامة مرفوعة ورأس شامخة وقد شعرت في تلك اللحظة أن كرامتها وكبريائها قد ردوا إليها من ندمه واعترافاته :
ـ انا خلاص مبقتش بــعقلية بنت ال ١٧ سنة الحالمة اللي تدوب وتلهث ورا كلمة ونظرة ،
وأكملت بأسى وهي تحرك نظارتها الطبية بسبابتها :
ـ اصل أنا متعلمتش الدرس بلاش دفعت تمن استهتاري وطيبة مشاعري واستخفافي بأوامر ربنا في الالتزام اللي اتفرض عليا علشان يحفظني وعلشان كدة أنا برفض عرضك للجواز مني انا أستاهل أتحب واللي أحبه يعمل المستحيل علشان ينولني ، أستاهل راجل يقول لي إنتِ يا بلاش مش جواز تخليص حق وتصفية حسابات ،
واسترسلت بقلب كبير قلب أنثى قرأت قهر الرجال في عينيه قلب رقيق وراضي بما قسمه الله لها وهي تعلن مسامحتها له :
ـ وإذا كان على مسامحتي ليك فأنا سامحتك يا مستر تحت بند قول الله تعالى ” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }
وانا هعتبر نفسي من اللي ذو حظ عظيم ،
وتابعت بما جعله لن يستريح بعدما تبسم وجهها من رفضها لعرضه واطمئنانه على مسامحته :
ـ متشغلش بالك بيا ، طب وانا انت قابلتني وعرفت الحاجة البسيطة اللي حصلت لي بسبب تجربتي معاك ، لكن تجربة اللي بعدي وبعدي واللي قبلي وقبلي اللي عرفت إن في واحدة منهم متحملتش وقطـ.ـعت شرايينها وفي اللي أهلها ضربـ.ـوها علقة موت سببت لها تشوهات في جسمها ، وفي منهم اللي هربت من بيت أهلها ومتحملتش اللي انت عملته فيها وشردت في بلاد الله ورجعت بعد عناء ، حوارات كتييير قووي عرفتها وسمعتها قبل ما أعرفك وبعد ماعرفتك ، لكن قبل ما أعرفك كنت بكدبها وبقول لهم الكلمة اللي إنت كنت دايما بتقولها لي ‘ غيرانين منك يا سيلا علشان حبيتك واختارتك انتِ وهما لا ، كبري دماغك وركزي معايا بس وسيبك منهم انتِ الحتة الشمال يا مزة ‘
واستطردت بمرارة وهي تتذكر كم كانت حمقاء في جريان قلبها وراء كلامه المعسول كذباً:
ـ قد إيه كنت هبلة وساذجة بس الحمد لله اتعلمت الدرس كويس أووي ،
ثم انتوت المغادرة وقالت آخر كلماتها :
ـ عن اذنك يا مستر الله يعينك على اللي جاي ويقويك حكم كسر القلوب صعب قوووي لدرجة تحطم كل حاجة حلوة جواك .
تابع تحركها بعينين حزينتين على ما فعله بها وقلبًا يتقلب على الجمر مكورًا قبضته بـعنف راغبًا بـلكم ذاته على ما اقترفه بحقها وما جعلها تعيشه تلك السنين الماضية ولكن قبل أن رحلت تركت في قلبه ندوباً لم يستطيع الزمان علاجها وجلس يجلد نفسه على ما اقترفه في هولاء البرائى ،
ثم مسح على خصلاته الفحمية وخرجت ضحكة متهكمة من شفتين القويتين تبعها مستكملًا باقي آلامه وهو يلعن حاله بلسان عالي :
ـ انت ازاي كنت قذر كدة يا جدع ، ازاي مكنتش شايف القرف ده ولا حاسس ولا داري بالبلاوي دي كلها ، ازاي قدرت تدمر البنات دول كلهم بالطريقة البشعة دي ؟!
ازاي كنت بتستخدمهم كأنهم لعبة تحركهم بعمايلك زي عرايس الماريونيت ، ياه انت كنت أزبل من الزبالة يا جدع ، يارب سامحني يارب .
كان يجلس في ذاك الوقت حزيناً ؛ شريدا؛ مهموما ؛ وعينيه تتلونان بحمرة الغضب مرت أمامه معذبته وألقت تحية الإسلام :
ـ السلام عليكم ورحمه الله ، ازيك يا دكتور.
رفع عينيه المكسوة بالحزن الدامي إليها ويكاد قلبه يقفز من بين ضلوعه فلم يراها من مدة طويلة ، حرمت على عينيه النوم المتواصل وباتت لياليه قلقة للغاية فقد شعر بالوحشة تجاهها بشدة ، ولكن هو الآن في حالة حزن شديدة لم تستطيع دقات قلبه وعينيه أن تسعد لرؤيتها من حجم المصائب التي رمتها تلك الـ”سالي” على عاتقيه وهربت وكأنها مواعيد رتبها القدر ببراعة مع ذاك الـ”زيد” فأجاب سلامها بفتور أحزن قلبها البرئ للغاية :
ـ وعليكم السلام ، الحمدلله.
فقط كان رده الخالي من اي مشاعر وحشة لها أو لهفة تجاهها مما جعلها فركت كفيها معًا بتوتر بالغ وارتجفت قدميها نفس الحالة والشعور اللذان أصاباها المرة الماضية عند لقاؤها العاتب معه لتبتلع غصتها بمرارة وهي تسأله عن حالته الغريبة تلك :
ـ مالك؛ حساك مخنوق ومتضايق وشكلك مجهد أووي ؟
هز رأسه بقلة حيلة وابتسم بـأريحة وتمتم بـملل كي لايشغلها بحواراته وأحزانه فهما لايحق لهم التدخل في أمور بعضهم الشخصية فهي وهو خطان متنافران الآن وكفاه من الإجرام في حق ربه ما كفى :
ـ انا كويس متشغليش بالك ، كنتِ عايزة حاجة ، أو في شي مطلوب مني ؟
إبتلعت لعابها بمرارة لما تشاهده من كم الألم الذي يظهر بعينيه ويمتزج بصوته وفسرت جوابه عليها بأنه لم يعد يطيق رؤيتها الآن وأنها السبب في حالة الانهيار الشديدة والحزن الباديان ببراعة على معالمه لتجيبه بصوت منخفض ونظرات زائغة :
ـ خلاص مش عايزة حاجة ، شكراً جداً.
ثم ابتسمت بـهدوء ورفعت حقيبتها ونهضت بـتكاسل علَّه يتمسك بوجودها معه ،
أما هو شعر بالحزن الشديد عليها فمسح على وجهه يحاول استعادة توازن فكره أمامه فهي ليست لها ذنب في معاناته مع ماضيه القذر فأشار إليها أن تجلس طالباً منها بنبرة مستكينة :
ـ ممكن تقعدي يا “ليلى” واتحملي طريقتي شوية معلش مجهد ومخنوق ، وتقولي كنتِ محتاجة ايه مني ؟
لوت شفتيها بـضيق وهزت كتفيها بـلامبالاه وتمتمت بـصدق وثقه:
ـ طب هيجي لي قلب ازاي اقول لك اللي انا عايزاه وانت حالتك بالشكل اللي واصل لي ده انت تقريبا شكلك مخـ.ـنوق خنـ.ـقة ما يعلم بها الا ربنا .
تحدثَ بصوتٍ مهزوز وملامح جامدة :
ـ معلش شوية مشاكل في البيت عندنا ما تقلقيش ممكن تقولي بقى كنتِ محتاجة ايه ؟
رمشت بأهدابها وهي ترفع عينيها التي تتلألأ جواهرها من حالته وطريقته الجامدة معها ثم طلبت منها وهي تخرج الكتاب من حقيبتها :
ـ كان في معادلتين مش عارفة اتعامل معاهم خالص ولا عارفة أوصل للنتيجة النهائية فيهم .
مد يده كي يأخذ منها الكتاب ونظر إلى المسألتين الصعبتين من وجهة نظرها فاندهش بشدة وقوس فمه بتعجب رافعاً عينيه إليها سائلاً باستفسار واهتمام :
ـ ازاي يعني مش عارفة إجابة المعادلتين دول يا “ليلى” ؟!
إنتِ حليتي أصعب منهم مليون مرة قبل كده ، مستواكي أصلا ما يقولش ان إنتِ مش عارفه تجيبي نتيجة المعادلتين دول !
ثم أكمل استفساره باهتمام :
ـ “ليلى” اوعي تكوني متأثرة باللي بيحصل حواليكي ونسيتي مذاكرتك وحلمك ومستقبلك انتِ لازم تنجحي ولازم تتفوقي كالمعتاد ولازم ترمي كل حاجة ورا ضهرك ما فيش حاجة أهم من حلمك ما ينفعش اي حاجة تعطلك عنه ، فاهمة ؟
ثم ناولها الكتاب آمراً إياها وهي تجلس أمامه:
ـ ولو سمحتي المعادلتين دول يتحلوا قدامي دلوقتي حالا ركزي يا “ليلى” وسيبك من أي ظروف وما تفكريش في أي حاجة غير انك لازم تبقي الدكتورة “ليلى” وبتقدير عالي كمان زي ما إنتِ دايماً متعودة على التفوق يعني باختصار حاولي تفصلي بين مشاكلك الشخصية وبين جامعتك ودراستك فصلان كأنك واحدة تانية خالص .
نظرت إليه باستغراب وتيهة ، كيف له أن يخاف عليها بتلك الدرجة بعدما تركته وذهبت لغيره ؟
كيف له أن ينفزع بتلك الطريقة على مستقبلها ؟
ألهذا الحد أحببتني “زيد” لدرجة أنك مازلت تخاف على مستقبلي بل وتقدم لي تلك النصائح الهامة في عز همومك وتعبك التي ركنتها جانباً ووقفت أمامي تنهرني عن التقصير في حق دراستي ؟
رأى دهشتها وذهولها حينما تسمرت عينيها امامه ليشيح بيده وهو يحرك الكتاب آمراً إياها :
ـ مالك يا ماما مسهمة لي كده ليه يلا حلي لي المعادلتين دلوقتي حالا مش هتتحركي غير لما أشوف نتيجتهم وبجد يا “ليلى” هزعل منك جدا لو ما شفتش الإجابة الصحيحة منك .
استلمت الكتاب بإحدى يديها وباليد الأخرى قلمها وبدأت تصب كل تركيزها على المعادلة الأولى وتشير عقلها كي تصل إلى الحل المناسب وبعد مرور عشرة دقائق أخيراً استوعبت النتيجة النهائية لحل المعادلة الأولى بابتسامة انتصار على وجهها ثم انتقلت إلى الأخرى بشجاعة وهي تحاول تجميع رموزها بصعوبة بالغة استمرت أكثر من خمسة عشر دقيقة حتى وصلت إليها تلك العبقرية ودونت الحل بأصابع سريعة ثم قدمت اليه الكتاب ببسمة واسعة زينت ثغرها فـاخترقت قلب ذاك الـ”زيد” وجعلته يدق بعـ.ـنف كالطبول داخل صدره بل ويكاد يخـ.ـترق صدره ويخرج من بين ضلوعه ويستقر بين يديها لمجرد ابتسامة منها جعلته كالأبله أمامها غير واعياً لأي شيء سوى أنها ابتسمت له ،
يا لك من معـ.ـذب في هواها بل ومتيم بغرامها هذا الـ”زيد” المسكين أخيرا خرج من حاله الانبهار بها ونظر إلى الكتاب وقرأ إجابة المعادلتين وانبهر مره ثانية لــذكاء تلك الصغيرة فــإحقاقاً للحق أن هاتين المعادلتين صعبتين للغاية ولم يستطيع أي طالب حلها إلا من خلال إلقاء الدكتور إلى بعض الإشارات التي تفك رموزها الصعبة لينظر إليها بعيناي فخورة بها مشيداً بذكائها مما جعلها تسمرت أمامه لــكلماته الإطرائية لها :
ـ احقاقا للحق يا “ليلى” إنتِ ابهرتيني بحلك للمعادلتين دول علشان هما أصلا صعبين فعلا ومش أي حد يعرف يحلهم ، بجد إنتِ مستواكي الدراسي لو ركزتِ شوية ممكن تنجحي بدون أدنى مجهود ربنا مديكي ملكة الفهم السريع ،
ثم جالت بباله فكرة عرضها عليها :
ـ ايه رايك يا “ليلى” لو تبدئي تدي دروس من دلوقتي لــثانوي وانا هساعدك في كده وهرشحك لأولى وتانية لأن انا عندي مجموعات تالتة على جميع مستوى الجمهورية وكمان في ناس من بره مصر بديها فمش قادر أوفق بين أولى وتانية وتالتة وكمان الفريق اللي شغال تحت ايدي مفيش حد فيهم عنده القدرة وسرعة البديهة اللهم بارك اللي عندك ايه رايك ؟
اتسعت مقلتيها بسهول من عرضه لتنطق بدهشة:
ـ مين ، أنا أدي دروس كيميا وانا في سنة أولى جامعة طب دي تعقل يا دكتور علشان عرفت أحل معادلتين يبقى ادي دروس لأولى وتانية ثانوي ؟
ابتسم بهدوء ثم شرح لها بداية طريقه مما ابهرها به :
ـ تعرفي ان أنا بدأت أدي دروس من وانا في سنة أولى جامعة فعلاً ماما كانت مدرسة وبابا كان موظف وظروف المعيشة المتوسطة في الزمن اللي احنا فيه كانت تتطلب ان انا أشتغل واجتهد على نفسي و كنت شايف نفسي أقدر أعملها خصوصاً ان كانت الكيمياء دي بالنسبة لي حاجة كده زي الميه سهلة جدا ابتديت أشتغل على نفسي وأعرف الدروس نظامها ايه وتابعت مدرس وسألته عن حاجات كتير على سبيل الفضول يعني واتعلمت منه كتير وهو عمره ما بخل عليا بمعلومة شكل ما يكون ربنا كان محنن قلبه عليا وما كنتش متوقع إن أنا أنجح النجاح ده كله في خلال 10 سنين ويبقى لي أكبر منصة في الشرق الأوسط على اليوتيوب وبيدخلها ناس من جميع أنحاء العالم يعني ده كله توفيق من ربنا ،
أنا شايف ان إنتِ ما شاء الله عليكِ دماغك حلوة جداً من وإنتِ في أولى ثانوي وانا اكتشفت ده ، فـايه المانع إنك تنمي الحوار ده جواكي وتبداي تشتغلي على نفسك وتنجحي وخلي بالك الدروس هتزود من معلوماتك اكتر وهتنفعك في البحث عن كل جديد في عالم الكيميا ومعروف صيدلة يعني كيميا وكل ما كنتِ شاطرة فيها كل ما كنتِ بتتقدمي اكتر فكري في كلامي وانا هطلعك اول 10 سلالم كادوه مني ليكي .
أنهى نصحه لها بغمزة من عينيه فبمجرد لحظات بسيطة جلستها معه أنسته همومه الشديدة وسحبته إلى عالمها الجميل بدون أدنى مجهود منها فتلك الـ”ليلى” لـ”زيد” نور ونـ.ـار ؛ آه من نـ.ـار عشقك يا “ليلى” آه وألف آه فاكيد قلبي أن يفـ.ــجر ضلوعي ويتركني ويستقر بين يديكِ، آه ربي من هذا العـ.ـذاب تجلس أمامي ولا أستطيع البوح بما في قلبي لها فقد حرمكِ الربُ علي ليلتي فاللهم الصبر والجبر لعـ.ـذاب قلبك “زيد” يا الله لم أستطع صبراً ،
أما هي نفس شعوره الأهوج يجتاح أوصالها وجسدها ببراعة بدون أدنى تلميحات منه فقد وصلت في عشقه مرحلة خطيرة لدرجة أنها تنام وتقوم وتحلم بيوم ارتباطها بـ”زيد” ثم حاولت انتظام أنفاسها المتلاحقة من كلماته ونظراته وهي تغلق الكتاب قائلة :
ـ انت حمستني قوي للفكرهة دي بس طبعا ما اقدرش أديك أي قرار غير لما استشير ماما الأول واتناقش معاها في الموضوع وآخد وأدي مع نفسي وبعدين هرد عليك يا دكتور ،
وتابعت بدعابة خفيفة جعلته ابتسم لها :
ـ ومتشكرين مقدما على انك هترفعني ال 10 درجات سلم مرة واحدة ده انا ربنا بيحبني والله .
ـ ده انا اللي ربنا بيحب… تلك الكلمات التي خرجت تلقائية من فمه ولم يكملها فكان يريد أن يخبرها بأن الله قد أعطاه فرصة أن يعيش إنساناً سوياً وأهداه إياكِ “ليلى” ولكن عطاء الله لي لم يكتمل بعد ثم انتهت جلستهم والتي ودت أن تجلس معه يوماً بأكمله ولن تتركه فهي تشعر بالوحشة إليه دائماً وبالاشتياق للجلوس معه وكلامه وغزله الذي كان يلقيه على مسامعها دوماً فقد حرمت منه هو الآخر ثم فارقت مجلسه وبمجرد فراقها عادت حالة الحزن الشديد إلى مهدها داخل قلب ذاك الـ”زيد” وعادت الملامة والجلد الشديد لذاته مرة أخرى وكأنها كانت ملاك جاءت كي ترطب على قلبه وترزقه السكينة ثم غادرت سريعاً وتركته يشعر بالبرودة في عز الصيف بسبب ابتعادها .
***********
كانت تتحرك في بهو الجامعة وتحتضن حقيبتها وهي سعيدة بتلك الجلسة مع معشوقها فمنذ مدة طويلة لم تسعد بتلك اللحظات بالجلوس معه فباتت تعشقه بشدة وباتت لم تطيق الوضع التي أجبرت عليه ،
كان ذاك المسكين الآخر الذي هواها وتغلغل عشقها بين حنايا صدره دون إرادة منه و دون أي إغراء منها له فالقلوب بيد الله يبدلها كما شاء فقد رآها تجلس مع ذاك الـ”زيد” فشعر بأن صدره تتغلله نيـ.ـران مولعة من الغيرة عليها وتحرك حتى وقف أمامها منتصباً بطوله وما إن رأته حتى فزعت وشهقت بشدة من فجأته لها لينطق هو بنبرة جامدة :
ـ ايه يا “ليلى” مالك اتخضيتي كده ليه شفتي عفريت قدامك ؟!
وأكمل وهو يشير إليها بيديه إلى كافيه الجامعة:
ـ لو سمحتي عايزك في كلمتين مهمين نروح نقعد في الكافيه اللي هناك ده عايزك ضروري يا “ليلى” من فضلك .
نظرت في ساعتها وجدت أن محاضرتها ستبدا في غصون نصف ساعة فـحاولت التهرب منه :
ـ طب دلوقتي المحاضرة بتاعتي هتبتدي كمان دقائق ممكن نتكلم بعدين يا “رسلان” ؟
تمتم بلسان غاضب لأول مرة يتحدث به معه وهو تحكمه الغيرة العمياء :
ـ معلش يا “ليلى” ما انتِ كنتِ قاعدة مع الدكتور إياه بقالك ساعة بتضحكي والإبتسامة بتاعتك من الودن دي للودن دي وأنا واقف هناك كده باكل في نفسي مش هتفرق كمان نص ساعة تقعديهم مع خطيبك اللي مش عارف يتلم عليكِ خالص ولا يتكلم معاكي وبتتهربي منه على طول .
حاولت جاهدة رسم الثبات الانفعالي أمامه فمهما كان هو لم يعرف شيئاً عن علاقتها بـ”زيد” وجلوسها معه أمام كل من في الجامعة يجعل له الحق في إثارة حنقه فهم متفقون على أن تراعي مشاعره وأن لا تجرح رجولته وهي جلست مع رجل غيره أمام الجميع ، ثم تحركت أمامه إلى المطعم وجلس كلاهما في توتر شديد للغاية بينهم ثم تحدثت بصوت هادئ راقي وهي تعترض على كلماته دون تعصب منها :
ـ مالك بتتعصب كده ليه وبتتهمني ان انا شكل ما اكون بخونك يعني على فكرة أنا قاعدة مع دكتور مادة لينا بيشرح لي معادلتين ما كنتش عارفاهم ده أولا ،
ثانياً بقى يا “رسلان” انت ناسي ان خطوبتنا صورية يعني ما اتفقناش ان احنا نتكلم ولا نتقابل ولا إنك تعاتبني على كده وانا بحاول أبعد عنك بقدر الإمكان علشان ما تتعلقش بمشاعر ناحيتي وأشيل ذنبك انا مش حمل كده .
تصنع الصمت والهدوء لـعدة دقائق وابتسم بـجفاء وهو يحاول عدم التأثر بكلماتها الجارحة والتي كانت بمثابة خنجر مسموم في قلبه ومشاعره تجاهها متابعًا باستفسار:
ـ اولا يا “ليلى” انا مش بتهمك بأي حاجة من اللي انت بتقوليها طبيعي ان انا كخطيبك لما اشوفك قاعده مع “زيد” ده وخصوصا ان احنا كان في بينا حوار قبل كده وهو كان داخل فيه ان انا اتضايق دي حاجة بديهية ،
وتابع حديثه وهو يبتلع غصته بمرارة متسائلاً إياها :
ـ هو انتِ يا “ليلى” ما حسيتيش بأي حاجة ناحيتي طول المدة دي ؟
ما حسيتيش بنظرات عيوني اللي بتبص لك بحب طالع من جوايا في المرات القليلة اللي قعدنا فيها مع بعض ؟
ما سمعتيش دقات قلبي في قربك وكأنها بتعترف لك ان هي حبتك ؟
لهفتي عليكِ وإن أنا حابب اكلمك على طول واخترع اي اسباب علشان أتكلم معاكِ كل شوية واسمع صوتك ما حسسكيش ان انا عشقتك ؟
ليه مصممة تقفلي على قلبك معايا وتمشيها على إنها صورية إلا إذا كان في حد في حياتك هو اللي مخليكي مش شايفاني أصلا ومش واخدة بالك مني ومن مشاعري ناحيتك .
صمتت وهي تتذكر كلمات “زيد” لها وتحذيراته من أن يعشقها ذاك الـ”رسلان” ويتعلق ذنب عشقه لها برقبتها ؛ لم تكن تتخيل أنه يحبها بتلك الدرجة في تلك المدة البسيطة بالرغم من جميع محاولتها في الإبتعاد عنه وسدت جميع الطرق أمامه في الكلام معه ولكن نفذ سهم العشق في قلبه دون إرادة منها ، لاحظ هو صمتها وعدم ردها على كلامه فحاول تشتتها والاعتراف لها بالمزيد من المتاعب التي تملأ قلبه وما إن وجد عشقها تمسك به بشدة:
ـ تعرفي إن أنا عمري ما حبيت في حياتي ولا حاولت أقرب من بنت ما كنتش حابب ان انا أأذي أي بنت لمجرد اني اتكلم معاها شوية زيي زي أي شاب أو بمعنى أصح جدي كان محاصرني ومانعني إن أنا أعمل كده بيقول لي استنى ربنا هيبعت لك نصيبك الحلو اللي تفرغ فيه شحنة احتياجك لوجود الست في حياتك ويكون بــحلال ربنا علشان تحس بــطعمه ولما شفتك وحلمت بيكي ولقيت فرصة ان احنا نبقى لبعض بالخطوبة حتى لو كانت مجرد صورة ساعتها قلت أنا لازم اتمسك بيكي خصوصاً ان انا ما شفتش حنية من أمي وما كانش ليا إخوات بنات ، حسيتك انتِ امي وأختي وبنتي وفجأة كل الأحاسيس دي اترجمت جوايا لأني أعتبرك حبيبتي،
ليه ما تفتحيش قلبك ليا صدقيني انا حبيتك بجد .
كانت تنظر له بقلبٍ يتمزق وعيونٍ جاحظة غير مصدقة ما تراه أمامها من هيئته الراغبة بها بتلك الدرجة وأذنٍ تتمنى عدم تصديق ما تستمع إليه ولكن قررت أن تصارحه كي لا يتعلق بها أكثر من ذلك فهي لم تستطيع تحمل ذنب تعلقه الشديد بها وبعد ذلك تتركه يتـ.ـعذب من فراقها فالصراحة في أغلب الأوقات راحة للجميع بالرغم من أنها تُفسَر بقسوة في ذاك الوقت من أحد الطرفين ولكن أكثر الطرق للنجاة من كل شيء هي الصراحة :
ـ رغم قساوه الحاجه اللي انا هقولها لك دلوقتي لكن انا مش عايزه اعلقك بيا وما فيش امل مني خالص ان انا وانت بنكون في مشاعر تجمعنا غير الاخوه يا رسلان انا بتهم لك كل مشاعر احترام وحقيقي ما بجيبش سيرتك لماما غير انك محترم جدا وراقي وبتتعامل معايا بكل ذوق وادب عالي قوي ،
ثم أخفضت رأسها بخجل وهي تعترف له لأول مرة :
ـ أنا بصراحة قلبي مش ملكي وبحب حد تاني والحد ده أنا جرحته قوي بخطوبتي منك بعد اعترافي بحبي ليه ،
رغم إن كلامي ليك تحسه انه هيبقى جرح كبير لكن احنا لسه في البداية ومش حابة ان انا اشيل ذنب مشاعرك اللي انت بتحاول تخليني انا بالذات جوة صورة حبك مع إنك انت تستاهل حد أحسن مني بكتير،
وأكملت بتأكيد لجملتها الأخيرة كي ترفع من روحه المعنوية وجرحه منها يقل رويداً :
ـ أيوه انت كتير عليا يا “رسلان” اعتبرني أختك اللي ممكن تلجأ لها في أي وقت وصدقني علشان انت ما حبيتش قبل كده وما فتحتش قلبك لأي بنت تأكد إن ربنا هيبعت لك واحدة أحسن مني مليون مرة صدقني جبر ربنا لعباده جميل قوي يا “رسلان” .
تحمحم لينظف حنجرته عله يستطيع إخراج صوته حينما استمع إلى اعترافها المميت لقلبه ومشاعره وبالفعل تحدث:
ـ طب ليه ما قلتليش من البداية يا “ليلى” عن مشاعرك تجاهه وتقريبا كده هو الدكتور “زيد” اللي طبعا لما اعترفتي له بحبك لي وشافك واقفة معايا في اليوم إياه اتجنن وحصلت الخناقة وأنا ما كنتش فاهم ليه ؟
وكل مره عايز أسألك ليه بيبص لك ويبص لي بالشكل ده واقول مش حابب اتدخل في خصوصيتها ؛ مش حابب إني أسالها على حاجة ما تخصنيش واسيب لها مساحة الحرية الشخصية.
شعرت بقشعريرة سَرت بجسدها من تأثرها بنظرة عينيه الحزينة التي تتحدث ألما،
ثم حمحمت وتحدثت بصوتٍ يكاد يُسمع من شدة خجلها:
ـ ما كنتش حابه ان انا ادخلك في حوارات زي دي معايا علشان كده صممت على الرفض في البداية وكلكم كنتم عليا وأقنعتم بابا وماما بالخطوبة ، حاولت بكل الطرق ان انا ارفض علشان ما دخلكش في علاقة توجعك معايا وانت كنت مصمم لذلك اشترطت ان ما فيش بينا مكالمات تليفون ولا مقابلات ولا اي حوارات الخطاب غير اني لما أقابلك في الجامعة اتعامل معاك بكل احترام قدام أصحابنا ما كنتش حابة أجرحك يا “رسلان” .
بعد استماعه لتصريحاتها الدامية لقلبه ومشاعره خلع دبلتها من إصبعه وألقاها على المنضدة أمامها فهو لم ولن يقبل على كرامته ورجولته أن يبقى معها وهي تكن مشاعر العشق والحب لغيره بتلك الدرجة حتى قال قبل أن يغادر الجامعة بقلب مكسور :
ـ ربنا يوفقك مع اللي قلبك اختاره وكفاية كده في التمثيلية اللي احنا كنا عاملينها ، كفاية تلت شهور أظن سمعة بابا وماما وسمعتك مش محتاجة أكتر من كده ، اتنين كانوا مخطوبين وما استريحوش مع بعض وخطوبتهم اتفسخت عن اذنك .
اومأت برأسها لأسفل وملامحها تنبض بالحزن الشديد على ذاك الراقي الذي لم يضايقها يوما من الايام فقد دخل علاقتهم بقلب أخضر يانع متمنياً أن تدوم تلك العلاقة وخرج منها بقلب مكسور ، يا لك من قدر واثق الخطى تفعل ببني الإنسان كيفما تشاء وقتما تشاء دون ان يعارضك أي إنسان ولكن لحكمة تعلمها انت وحدك ولكن وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم فمشيئة الله وإرادته في مسيرة حياتنا هي الأحق والأصدق دوماً حتى لو كانت ضد مشاعرنا المعذبة في تلك الحياة .
**********
ـ معلش اسنديني يا “حنين” يا بنتي واحنا نازلين السلم ما تعرفيش زيارة الغاليين دول بتبقى صعبة عليا قد ايه ربنا ما يكتبها عليكِ أبدا في حد غالي عليكِ .
سندتها حنين بحزن على هيئتها ومشاعرها في زياره قبر ابويها وهي تشعر بالشفقه لاجل حنينها لوالديها ثم صعدا إلى السيارة الخاصه بهم وقادتها حنين فجميعهم يعلمون انها اخذت كورسا في القياده قبل ذلك ومعها شهاده قياده ، قادت حنين السيارة بمهارة حتى وصلوا إلى المقابر ثم ركنتها على جنب وهبطت منها واسندت حنين حماتها حتى خرجت من السياره فهي تشكو دوما من الحركه الصعبه نظرا لخشونه الركبتين التي اصابتها في الاونه الاخيره ،
كانت تصطنع الحزن الشديد وهي تتحرك بجانبها حتى وصلت الى قبر ابويها ووقفت هي وهي تقرا لهم الفاتحه وقد اتفقت مع المسؤول عن المقابر ان يفتح لها تربه بجانب قبر ابويها من ذي قبل وبعد ان جلست امام مقبرتهم قرات لهم ما تيسر من القران الكريم فهي لم تاتي هنا وتمشي دون ان تقرا لهم من مغفره تصل لهم جلسوا امامه المقابر ما يقرب من نصف ساعه حتى اشارت اليها ان يتحركوا بضع خطوات الى التربه التي بجانبها حتى تقرا الفاتحه لاحد اقاربها وبالفعل اسندتها بنيه صافيه حتى وصلت الى التربه وعلى حين غره القتها سريعا بكل قوه داخل القبر مما افزع تلك الحنين وجعل الصدمه من الموقف الجامتها وفي نفس الوقت غابت عن الوعي فلم تتحمل تلك الصدمه الشديده ولم تتحمل مشاعرها البريئه تلك القذفه الشنيعه فهي تخاف من المقابر بشده واتت معها الى ذلك المشوار الصعب رغما عنها حتى تكسب ودها وتجعلها تبتعد عنها بلسانها وعينيها ،
عاد هاشم هو واخوته من صلاه الجمعه يبحث عنها بعينيه فلم يجدها فسأل شقيقته عنها واخبرته :
ـ ماما طلبت من حنين انها توديها المقابر في صلاه الجمعه علشان تقرا الفاتحه لابوها وامها وزمانهم جايين دلوقتي .
قوس فمه بتعجب ليسألها مرة أخرى:
ـ فجاه مره واحده كده يعني ازاي ما قالوليش قبل ما يخرجوا مشوار زي ده او ما استنوش ليه لما رجعت لصلاه الجمعه واوديها اشمعنا حنين .
حاولت شقيقته تضليله وهي تجيبه :
ـ الله في ايه يا هاشم حنين مراتك بتعرف تسوق العربيه وكمان معهاش عيال يشبطوا فيها وهي خارجه فيها ايه يعني لما امك طلبتها تروح معاها مشوار وهي الوحيده اللي بتعرف تسوق في نسوان اخواتك .
أحس بعدم ارتياح في ذاك الموضوع فحمل مفاتيح سيارته وذهب اليهما كي ياتي بهما ولا يترك حنين وحدها هي ووالدته:
ـ تمام انا رايح اجيبهم وجاي على طول سلام .
تمسكت شقيقته بيده وهي تشعر بالخوف الشديد من ذهابه الى هناك وهي تبرر له بلسان يتلجلج :
ـ ما فيش داعي يا هاشم هم زمانهم جايين على طول هتتعب نفسك ليه اقعد اقعد اعمل لك كوبايه قهوه ولا شاي زمانهم طالعين دلوقتي يمكن انت تروح من طريق وهم يجوا من طريق ثاني.
حرك راسه رافضاً بشدة ليقول وهو يتحرك من امامها:
ـ لا انا هروح لهم امك بتحب تقعد هناك شويه ولما ابقى اجي ابقى اشرب الشاي .
تركها وغادر المكان فقامت على الفور بالاتصال على والدتها وما ان اتاها الرد حتى استمعت الى شهقاتها :
ـ كويس انك اتصلتي الحقيني يا بنتي البنت من ساعه ما حذفتها في التربه وهي حطت منطق ومش راضيه تفوق وحاولت أفوقها كل الطرق ما بتستجيبش لمحاولاتي خالص انا حاسه ان البنت دي جالها ساكته قلبيه و ماتت من الحركه دي وما استحملتهاش .
وصل إليهم “هاشم” سريعاً ورأى ذالك المنظر الصادم له ووالدته تحاول إفاقتها ،
هلع بشدة من منظرها وهي ملقاه غامية داخل القبر فهبط لمستواها رافعاً جسدها وحملها أرضا وأخرجها من القبر ثم وضعها في السيارة وحاول إفاقتها ولم تستجيب لمحاوالته بمنظرها المخيف لقلبه حتى نطق بصياح عالي وهو يحتضن رأسها:
ـ “حنيييييييييييين ” لااااااااا

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مشاعر موقدة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى