روايات

رواية مشاعر موقدة الفصل الثامن 8 بقلم فاطيما يوسف

رواية مشاعر موقدة الفصل الثامن 8 بقلم فاطيما يوسف

رواية مشاعر موقدة الجزء الثامن

رواية مشاعر موقدة البارت الثامن

مشاعر موقدة
مشاعر موقدة

رواية مشاعر موقدة الحلقة الثامنة

في منزل والد “نادر ” كان يجلس مع والدته وهو يهتف غاضباً:
ــ بنت الج…م وأبوها رفضت الصلح ورفعوا القضية والمحامي قال لي إني اسبوع بالظبط وهيتقبض عليا وانا لازم اسافر أنا جهزت كل حاجة ومعاد سفري بكرة هسافر قبل ما أتمنع من السفر ولما اروح هناك هفضل متواصل مع المحامي وهو قال لي مفيش غير حل واحد لمشكلتي .
تشعب الغضب برأسها وتكاثر بلا حدود لتشبس راي هولاء الناس من وجهة نظرها لتنطق باستنكار وكأنهم يفخمون المواضيع:
ــ أنا مش فاهمة الناس دي دماغهم ايه وبيعملوا كدة ليه ! عايزين يخربوا على بنتهم وهي مكملتش خمس شهور جواز مش خايفين على سمعتها وكلام الناس عنها ولا دماغهم القفل دي بتفكر ازاي ؟
حك الآخر ذقنه وهو يتمتم أمام والدته ما جعلها تسهمت :
ــ ما هي دي النقطة اللي المحامي اتكلم معايا فيها ونبهني ليها بس مش هقول لحد هو عرفني اعمل ايه لأن مفيش غير حل واحد هو اللي ينفع لحل مشكلتي طالما مرضيوش يبقي بالتراضي وهما اللي جابوه لنفسهم .
انتبهت بجميع حواسها مع كلامه وهي تسأله بفضول :
ــ طب قول لأمك وطمن قلبي عليك مش كفاية حسرتي عليك وانت مسافر تاني وسايبني يا بني يا حبيبي وأنا ما صدقت أنك رجعت لحضني من تاني .
ابتسم ابتسامة بلهاء وهو يقص عليها ما أدلاه عليه المحامي بخسة ودنائة :
ــ المحامي قال لي إن القضية اللي انا رفعتها على العيل التوتو اللي اسمه يحيى ابن خالتها اللي هي الاعـ.ـتداء عليا في بيتي ممكن نحولها لقضية شرف وإن انا ما كنتش عايز أتكلم علشان مش قادر أفضح مراتي ولما لقيتها مصممة إنها تكمل في القضية وعايزة تسجنني اضطريت إني أقول الحقيقة ان هي على علاقة بابن خالتها وبيتكلموا مع بعض على طول في الشات وبيجي لها البيت وانا مسافر وهيحاول يظبطها إنها قضية شرف وهم بقى لو هيقبلوا بالفضيحة وان القواضي تكمل وعقبال ما يثبتوا إنها مش قضية شرف يكونوا عبرة قدام قرايبهم علشان أبوها بيخاف من الحاجات دي جداً وتبقى تقابلني إن لقيت حد يتجوزها ولا يعبرها تاني بعد ما اتطلقت بعد خمس شهور وكمان بقضية شرف يا اما يتنازل عن القضية وكل واحد يروح لحاله وكل واحد برده ياخد اللي جابه ما انا مش هديها شقايا وتعبي تروح تتجوز بيهم واحد غيري وأنا تعبان في كل حاجة انا جبتها.
اتسعت دائرة عينيها بذهول من حكوى ابنها لتشهق بصوت عالي:
ــ يا نهارك مطين يا نادر انت عايز تشتكي مراتك في شرفها وانت عارف ان هي ما عملتش كدة ؟!
ده لو ابوك عرف هيطين عيشتك ومش بعيد يمـ.ـوتك فيها .
هز رأسه بابتسامة سمجة ليهتف بنبرة غير مبالية لتحذير والدته وهو يحاول إقناعها والسيطرة على عقلها كي يكسب صفها:
ــ يعني يرضيكي ابنك الوحيد يتسجن ويضيع مستقبله وشبابه ؟!
ده شروع في قـ.ـتل يا أمي يعني هلبس لي قد 15 أو 20 سنة كدة سجن ،
فالدور عليكِ بقى تقنعي بابا لأن انا مش هتنازل عن اللي في دماغي طالما هم مش عايزين يتنازلوا عن القضية وزي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف وهم اللي اضطروني اني استعمل الأسلوب ده معاهم علشان أنقذ نفسي ،
معلش يعني ما هو ياروح ما بعدك روح وانا لازم ادافع عن وجودي بأي طريقة مشروعة او غير مشروعة طالما هم اللي اضطروني كدة مش راضيين بالحلول الودية نهائي.
نهته أن يفعل فعلته تلك قبل ان تحاول محاولة أخيرة معهم :
ــ طب ما تعملش حاجة واصبر لحد ما اروح لصاحبتي جارتهم اللي عرفتني عليهم وخلتنا نتجوز الجوازة السودا المهببة دي هعمل محاولة معاها إنها تأثر عليهم وهجيب لها سيرة عن الكلام ده من تحت لتحت وهي تشوف هتبلغهم ازاي وهنعرف رد فعلهم إيه ،
اصبر ما تعملش حاجة خالص لأحسن أبوك لو عرف هيطربق الدنيا على نفوخي ونفوخك ومش بعيد أطلق فيها بسببك .
تأفف غاضباً لتصميم والدته ليهتف هو الآخر بتصميم على تفكيره :
ــ انا مسافر بكرة يا أمي وعايز قبل ما أسافر أكون متفق على كل حاجة مع المحامي وسايب له عربون كمان مش هستنى لسة لما تروحي وتعملي مفاوضات مع جارتها وهي تروح تعمل مفاوضات معاهم وفي الآخر أبص الاقيني لبست في حكم تمام وأرجع بقى مع تنفيذ الأحكام من برة واروح في 60 داهية وكل حاجة تضيع ،
انا مش هصبر أنا ، وبعدين هو ابويا هيحبهم وهيخاف عليهم اكتر من ابنه الوحيد هو المفروض أصلاً يقف جنبي انا مش فاهم موقفه معايا عامل كدة ليه وجاني عليا مع إن اللي حصل حصل يعني وخلاص .
هدأته وهي تقوم من مكانها وتضع شالها الصوف على كتفها وهي عازمة على الذهاب الآن إلى تلك السيدة :
ــ ولا هنصبر ولا حوار أنا رايحة لها دلوقتي وهم لما يسمعوا حاجة زي دي مش هيسكتوا وأكيد هتشوف منهم رد فعل وكمان مش هجيب سيرة إنك هترفع قضية ولا حاجة انا هعرف اتكلم معاها بطريقتي علشان لو ابوك عرف ما يقولش إننا لينا دعوة بالحوار .
لجأ ذاك الـ”نادر” إلى الصمت بقلة حيلة ليرى ماذا ستفعله والدته وستستطيع حل تلك المعضلة بدون خسائر له أم لا ؟
أما هي ذهبت إلى تلك السيدة وهي تنتوي أن تشـ.ـعل النـ.ـيران أكثر ما هي مشـ.ـتعلة فهو وحيدها وترى أن كل ما تفعله هي محقة به حتى لو كان رمي المحصنات بالباطل ،
وصلت إليها سريعاً فالفرق بينهم عدة شوارع صغيرة وما إن وصلت قابلتها صاحبتها بالترحاب فهي دوماً تعطف عليها ولا تريد ان تخسر ام “نادر” لذلك هللت لقدومها كثيراً وقدمت لها واجب الضيافة بما تشتهيه الأنفس وبعد أن تحدثوا قليلاً في أمور عامة بدات والدة نادر الحديث عن ما انتوت قوله وأتت إليه خصيصاً لتهتف بنبرة ملامة خادعة لتلك المسكينة:
ــ إلا قولي لي يا أم سمير لما انتِ عارفة الناس اللي خليتينا نروح نتقدم لبنتهم إنهم بالشكل ده وحرابي وإن بنتهم ملهاش في الجواز ولا ليها في إنها تعرف مسؤولية جوزها وبيتها ومدلعة وبتاعة بابي ومامي وطول النهار ماسكة المحمول بتاعها قال بتكلم ابن خالتها وجوزها موجود ولا عاملة له احترام وكذا مرة يقول لها بلاش انا بغير عليكِ ومش عايزك تكلمي حد برده بتكلموا من ورانا وخليته خرج عن شعوره وعمل فيها اللي عمله هو ينفع اللي هي عملته ده ولا السكة اللي ماشية فيها دي ؟!
واحنا مش بتوع الكلام ده احنا ناس بتوع ربنا وانتِ عارفة كده كويس اخص عليكِ ما كانش العشم .
اتسعت مقلتاي تلك السيدة ورددت وهي تضـ.ـرب على صدرها بعدم تصديق :
ــ كلام ايه اللي بتقوليه ده يا حاجة أم نادر؟!
معقولة الست نور تعمل كده !
واسترسلت حديثها بنبرة استنكارية وهي تشهد شهادة حق لتلك البريئة الشريفة :
ــ والله عمري ما سمعت عنهم غير كل خير وبيراضوني زي ما انتِ بتراضيني كدة وكلت في بيتهم عيش وملح والبنية العيبة ما بتطلعش منها ولا ليها في الحاجات دي خالص يمكن ابنك فهم غلط يا حاجة ام نادر ،
ربنا يهدي لهم الحال يا رب ويبعد عنهم الأذى .
مطت شفتيها بامتعاض لدفاعها عنهم وهدرت بها وهي تقوم من مكانها بحدة مصطنعة :
ــ يعني انت بتكدبيني ؟!
بقول لك ابني قفشها كذا مرة وهي بتكلم ابن خالتها ويقول لها عيب ما يصحش وهي برده زي ما هي ، على العموم هما حرين خليها تفضح نفسها علشان ابني مش هيسكت على شرفه ومش هنبطل كلام طالما هم مصممين انهم يحبسوه وهيرفع عليها قضية كمان موبايلها معانا عليه الإثباتات والأدلة كلها ،
آه ما هي مش هتسجنه بعد اللي عملته فيه وغدرت بيه وزعلانة عشان قلمين خدتهم علشان كرامته وشرفه ،
انا ماشية وسايبة لك البيت ، صحيح خير ان تعمل شرا تلقى .
قامت تلك السيدة المسكينة من مكانها وهي تمسك بيدها وتعتذر لها عن سوء فهمها لكلامها :
ــ والله انا ما قصدي ازعلك يا ست ام نادر بس انا قلت لك الحقيقة واللي انا شفته منهم وحرام اقول غير كده لكن انا ما اعرفش جوة البيوت ايه ولا اللي بيحصل بين الراجل ومراته ايه ؟
ولا بكدب سي نادر ولا بكدبهم ، الهي يسترك ما تزعلي مني سايق عليكِ حبيبك النبي يا شيخة تقعدي وتشربي الشاي بتاعك.
جلست مرة أخرى وهي تشعر بالانتصار لتراجع تلك السيدة وأخذت منها كوب الشاي وارتشفت منه بكبر لتقول بنبرة ساخرة :
ــ والله انتِ غلبانة وما تعرفيش بتاعة بابي ومامي كانت بتعمل ايه في ابني ولا بتعرف تعمل أكل ولا شرب ودايماً عايزة اكل جاهز من برة وجوزها ياحبة عيني تعبان في قرشه في الغربة وما بيعرفش ياكل ولا يشرب من ساعة ما رجع من سفره لقمة نضيفه من البيت ،
كل اللي انا عايزاه منك لو كنتِ شفتِ مني خير في يوم من الأيام تبلغيهم بالكلمتين اللي انا قلتهم لك على إنك سامعاهم من برة مش مني لعل وعسى ابني يتنازل عن القضية وهي كمان تتنازل وكل واحد يروح لحاله وزي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف وعايزة تتجوز ابن خالتها تروح تتجوزوا علشان تتأكدي إن كلامي صح واني مش بفتري عليها لما تطلق من ابني انها كانت رايداه وخدت ابني كبري علشان تخليه يغير وتطلق منه ويتجوزها ، بنات مهببة جيل آخر زمن ما يعلم بيه إلا ربنا .
حركت تلك المسكينة رأسها بطاعة ولكن داخلها لن يصدق عن تلك البنت الرقيقة شيئاً ما ولكن ستبلغهم من باب الاحتياط والخوف على سمعتها لأن تلك السيدة يبدو عليها القوة والشراسة وأنها ستؤدي بسمعة “نور” أرضاً وستجعل جميع من في الحي يتحدث عنها وليس لهم سيرة إلا شرفها ويسير المظلوم ظالم وتنقلب الحقوق وتلك حقوق شرف ان سمع بها أحداً ستلوث ولن تعود أبداً فوعدتها :
ــ حاضر يا ست أم نادر ما تقلقيش هبلغهم ان انا سمعت من برة بس ان شاء الله يخلي لك ابنك بلاش موضوع القضية اللي هيرفعها دي ومهما كان دي مراته برده .
قامت من مكانها وهي تبتسم بانتصار وتخرج من حقيبتها مبلغاً من المال وتضعه على المنضده أمامها وهي تربت على ظهرها بخبث:
ــ أهو الواحد بيعمل الخير وبيرميه البحر انا كان ممكن اسيب ابني يعمل اللي بيعمله وفي الآخر هتتنازل بعد ما تكون اتفضحت بس انا مش عايزة لها كدة انا عندي بنات وما رضاش ليهم الأذية واللي انتِ هتبلغيه ليهم من برة برة هينوبك ثواب علشانه وأهو كله من باب ستر الولايا .
ثم تركتها وغادرت المكان وداخلها يشعر بأن مجيئها لن يمر مرور الكرام عليهم وأنها ستنتصر وتنقذ ابنها من براثن القضبان الحديدية.
#################
كانت تستند على تختها فقد شعر جسـ.ـدها بالتحسن من نزلة البرد وهي تفتح صورته تتعمق بالنظر بها فهو لم يحادثها اليوم ومنذ الصباح وهي تنتظر مكالمته ولكنه تأخر في الإطمئنان عليها كما عودها اليومين الماضيين مما أسعدها كثيراً فهي تريد التحدث معه في كل الأوقات فلم يمضي على حفل زفافهم سوى ثلاثة أسابيع فقط ،
فقررت هي أن تهاتفه اليوم بدلاً عنه لأنه تأخر عليها وقلبها ملهوف على سماع صوته ولم يستطع صبراً ،
كان نائماً في سبات عميق فقد عاد من المصنع الخاص به وهو يشعر بالنوم يداعب عينيه العسليتين بشدة فاستجاب لها وفي أثناء نومه تململ عندما استمعت أذنيه على صوت الهاتف ،
بعينين مشوشة تناول الهاتف وأجاب بصوت أجش خشن من أثر نومه الثقيل وشعوره بالدفئ تحت الغطاء :
ــ ألووو .
هاجـ.ـت ضربات قلبها وهي تستمع إلى صوته الناعس وودت لو أنها بجانبه الآن فوجدت حالها تحتضن الهاتف بحالمية وكأنها تحتضن هاشمها فهمست برقة جذبت انتباه “هاشم” ليعتدل في نومته وهو يرجع خصلات شعره الأسود المبعثرة من على عينيه ويستمع إلى همسها الذي حرك ساكنه :
ــ يا خبر أنا صحيتك من النوم ، سوري يا هاشم هقفل وكمل نومك .
تحمحم بنبرة خشنة يصاحبها بحة خفيفة من أثر نومه ليمنعها :
ــ لاا متقفليش كويس انك صحتيني أنا كدة كدة كنت هقوم علشان عندي معاد مع صحابي ،
وأكمل باستفسار وهو يطمئن على صحتها :
ــ أخبارك ايه والبرد مشي ولا لسه ؟
خللت أصابع يديها بين خصلات شعرها وهي سعيدة للغاية بالحديث معه وكأنه الترياق لمشاعرها المحتاجة لوجوده جانبها لتجيبه بحمد:
ــ الحمد لله اتحسنت كتير عن امبارح أنا كنت في الضياع والله كنت حاسة إني همـ.ـوت من دور البرد ده من كتر ضيق التنفس اللي كان عندي .
هزته نبرة صوتها الرقيقة وهمساتها التـي تحمل شـجـناً وخوفاً ليرطب على قلبها بتلك الكلمات التي جعلتها ترفرف بأهدابها بابتسامة واسعة وكأنها طير يحلق في السماء بسعادة من القليل من مشاعره الثقيلة التي يلقيها على مسامعها الحالمة :
ــ بعد الشر عنك يا بابا ، ودايماً تعيشي بصحة وعافية.
تنهيدة حارة خرجت من صدرها لتسأله بوله :
ــ امممم..يعني هفرق معاك لو حصل لي حاجة ؟
رفع حاجبه لاستفسارها الماكر ليجيبها بما سيرضي فضول قلبها الممتلئ بمشاعر عشقه الموقدة :
ــ طبعاً احنا مخطوبين وخلاص هنتجوز كمان أيام بسيطة ووجودك معايا وجنبي هيفرق معايا طبعاً يا حنيني.
عــ.ــضت على شفتيها السفلى بولهٍ وهي ما زالت تعبث بخصلات شعرها الحريري الأسود مع ابتسامة حالمة ارتسمت على وجهها لتعترف له :
ــ بحس قلبي بينتفض جوايا لما تناديني بملكيتي ليك يا هاشم ،
ثم ترجته باشتياق عاشقة حتى النخاع:
ــ قولها لي علطول بحب أسمعها منك .
مرر لسانه على شفتيه لرقة مشاعرها وحالميتها التي لم يعتاد عليها ليعترف لها هو الآخر بما جعل القابع بين أضلعها يدق بعـ.ـنف شديد :
ــ انتِ رقيقة قوووي وجميلة جداً لدرجة إني بقيت بتعلق بيكِ أكتر من اليوم اللي قبله .
رفرف قلبها بسعادة غمرت روحها وهي تستمع منه إلى غزله المبتدئ في غرامها الأولِ وهي بالفعل امرأة الغرام الأولى له وبات حديثه كترنيمة ساحرة لم ترحم قلبها المسكين في غرام الــ”هاشم” وهي تسأله :
ــ طب ياترى التعلق ده بالنسبة لك حلو ولا وحش ؟
شاغبها بجوابه :
ــ هو حلو و وحش في نفس الوقت ، حلو علشان اتعلقت بحاجة حلوة قوووي ،
وأكمل مشاغبتها بما جعل قلبها ينتفض طيلة حديثهم :
ــ ووحش علشان بقيتي شاغلة أغلب تفكيري لدرجة اني كنت بحلم بيكِ دلوقتي بعد ما كنت بحلم ازاي ابقي أجمد شيف في العالم .
انتفضت من مكانها بلهفة لتسأله بعدم تصديق لقوله :
ــ بجد كنت بتحلم بيا يا هاشم ؟!
طب بالله كنت بتحلم بإيه احكي لي .
ظل على مشاغبته معها :
ــ يوووه أنا اللي جبته لنفسي ، بقي أنا لسه هحكي لك الأحلام كمان ايه يا بنتي انتِ واخدة عني فكرة غلط خالص .
ضحكت برقة وقالت بنفس مشاغبته :
ــ طب صلح لي الفكرة وعرفني عليك صح وانت وأنا خير مستمع .
ـــ يوووه انتِ عايزة أيام كتيير ووقت طويل علشان تعرفيني كويس وأنا دلوقتي عندي معاد مع صحابي واتأخرت .
مطت شفتيها للأمام بدلال مصطنع وهتفت بنبرة اعتراضية :
ــ بقي في حد يسيب حبيبه ويروح يقعد مع أصحابه ؟
طب انت وحش خالص وانا زعلانة منك علشان عايز تسيبني .
ضحك بخفة على عقلها الصغير:
ــ لااا ده انتِ طلعتِ عيلة صغيرة خالص وعايزة اللي يداديكي ويطبطب عليكِ كمان وانا عايز اقوم أخد دش ساقع علشان أفوق من أحلامي .
شهقت باندهاش لينطق لسانها بذهول:
ــ شاور بماية سقعة في البرد الشديد ده !
يا نهاري ده أنا اتجمدت لك سلف يا هاشم .
تعالت ضحكاته لذهولها المبالغ به ليؤكد لها :
ــ بس يا ماما ده متعة ما بعدها متعة وايه رأيك بقى هتجربيها يوماً ما وهتشكريني كمان .
حركت رأسها برفض لتعلن عصيانها القاطع لحديثه :
ــ لاااا انت بتحلم يا حبيبي ده يستحيل يحصل أنا إنسان بيترعش من المياه الساقعة في الشتا ده ويستحيل اعمل اللي بتقول عليه ده .
بنبرة واثقة هادئة أكد لها :
ــ طب هتجربي وهتشوفي يا حنيني واللي أنا بحبه وبرتاح له انتِ كمان هتحبيه .
رفعت حاجبها باستنكار لثقته :
ــ انت واخد مقلب في نفسك على فكرة علشان الثقة الزايدة عن اللازم في النقطة دي بالذات مش هتحصل ، ده أنا بكلمك وأنا تحت بطاطين معرفش عددها وغير هدومي اللي لابساها وبردو معرفش عددها .
قام من مكانه وقام بتصوير حاله صورة سيلفي وهو يرتدي تيشرت أبيض بنصف أكمام وأرسل لها صورته وهو يدون أسفلها :
ــ ليه ده كله يا بنتي ! أنا بعت لك صورتي اهو بنص كم عادي ،
ثم أكمل بهمس مقصود فكك أعصابها :
ــ أصل أنا بحب الإنطلاق ومش بحب اختناق الهدوم الكتيرة وهعودك انتِ كمان .
تمتمت بخفوت :
ــ هتعودني ازاي ده أنا برتعش من الهوا ؟
أجابها صريحاً بما أخجلها :
ــ متقلقيش يا حبيبي هدفيكي .
همست برقة :
ــ حبيبك ! طب بقول ايه ما تسيب أصحابك وتعالى اقعد شوية معايا موحشتكش ؟
ــ بكرة تزهقي مني يا حنين انا مقعدتش معاهم بقالي شوية وفي واحد فيهم عنده مشكلة ولازم أروح معلش اعذريني .
تنفست بضيق ثم سألته :
ــ طب كتب كتابنا كمان أسبوع مش هننزل تختار معايا الفستان اللي هلبسه في كتب كتابنا بجد عايزة اعيش التفاصيل دي معاك .
اعتذر لها بتهرب فهو ليس له طاقة لتلك الحوارات ولا وقت وبالرغم من أنه حقها الا أنه لم يعترف به :
ــ معلش يا حنين انا مليش طول بال للف على المحلات والحوارات دي وحتى لبسي بجيبه أون لاين مش بنزل ولا بلف خالص ، وبعدين أنا واثق في ذوقك وشياكتك انك هتبقي جميلة في اي حاجة تختاريها .
حزن داخله وهي تشعر بالنقصان في كل شئ معه ومنه وهتفت بحزن:
ــ ليه كدة يا هاشم المفروض إن أي واحد بيحب خطيبته بيبقي مشتاق انه يبقي معاها علطول ، يعملوا كل التفاصيل اللي هتأهلهم يكونو مع بعض ، انت محسسني بالنقص جامد في النقطة دي .
تنهيدة حارة خرجت من صدره لاعتراضها المقلق له :
ــ متكبريش الحوار يا حنين وبعدين بكرة نبقي في بيت واحد ونعيش مع بعض علطول وهتزهقي مني .
نفخت بضيق شديد ثم قررت إنهاء تلك المكالمة كما بدأتها هي :
ــ تمام ، إنت صح انا عقلي صغير وبقول تفاهات وبكبر المواضيع عن اذنك ، سلام .
أغلقت الهاتف قبل ان تنتظر رده وداخلها ازداد غـ.ـلياناً من لا مبالاته معها وتشعر بأنها هواء بالنسبة له ثم تذكرت صورته التي أرسلها أثناء حديثهم وقامت بفتحها لتنصدم من منظره وارتدائه للملابس الخفيفة تلك لتننطق مع حالها باستنكار:
ــ يا نهار ابيض عليك وعلى برودك ده أنا متلجة يا شيخ وأنا لابسة عشرة فوق بعض ،
وأكملت استنكارها بسخرية وهي تتذكر كلماته:
ــ قال هعودك قال ، بني آدم بارد ، مبيحسش .
ثم تراجعت عن سخريتها وهي تتعمق النظر لوجهه وعضلاته :
ــ بس راسي وتقيل وخطير وقلبي حبك ،
ثم تنهدت من غُلبها في عشقها له :
ــ ربنا يسامحك يا قلبي حبيت حجر بيلين بالعافية والكلام بيخرج من لسانه بطلوع الروح .
دلفت إليها والدتها واستمعت إليها تحدث نفسها فسألتها بتعجب :
ــ مالك يابنتي كفى الله الشر بتكلمي نفسك ليه ؟!
ده انتِ لسه صغيرة وفي عز شبابك يا نور عيني على الكلام ده .
تمتمت بخفوت وهي تضع الهاتف جانباً:
ــ مفيش يا ماما ، بعد إذنك انا خارجة دلوقتي هروح مع صحبتي نلف على المحلات شوية اشوف دريس رقيق كدة لكتب الكتاب ونروح نتعشى برة حاسة اني مخـ.ـنوقة من يومين التعب اللي رقدتهم في السرير وجالي اكتئاب .
اندهشت والدتها لتسألها بفضول:
ــ الله هو مش المفروض اللي هيبقي جوزك كمان أسبوع يروح معاكِ وانتِ بتنقي حاجة زي دي ولا انا بيتهيألي ؟!
أصلي مجوزة اتنين قبلك وورد عليا الحوارات دي .
لقد جعلها تشعر بالنقص في كل شئ معه وحتى والدتها لفت انتباهها ذاك الموضوع ولكن بررت لها حينما وجدت نظراتها التي تحوى من الاتهام لهاشمها كثيراً:
ــ أديكي قلتي يا ماما حوارات وبعدين الرجالة لما تنزل تلف على المحلات مالهمش في الشوبينج وروحهم ضيقة وانتِ عارفاني بحب أنقي كل حاجة براحتي وعلى أقل من مهلي .
نظرات ثاقبة من مقلتي والدتها أصابت بؤبؤ عينيها وهي لم تصدق ذاك التبرير فأكملت تلك الحنين بكذب كي تنفض عن بالها حصار والدتها :
ــ وبعدين هو لسة كان بيكلمني وقال لي هروح معاكي وكان مصمم وأنا اللي اتلككت له بأي أسباب علشان أروح لوحدي وأكيد بردو انتِ فاكرة اخواتي لما كانو بيرجعوا من المشاوير دي مع خطابهم كانو بيجوا متخانقين ومتخاصمين بسبب اختلاف أذواقهم ،
ثم أكملت بحالمية وقد أقنعت حالها ووهمت نفسها بما تدليه على مسامع والدتها :
ــ وأنا و هاشم يا أمي مختلفين عن أي حد ومش بنحب جو الخناقات والتلكيكات ده وكمان عايزة الأوت فيت لكتب الكتاب يبقي مفاجأة ليه وأشوف في عينيه الإعجاب يا ماما انتِ عارفاني بحب الحاجات دي ومختلفة عن أي حد .
لم تقتنع والدتها بحديثها ولم تشتريه بدرهم واحد لتنطق بسخرية :
ــ والنبي ايه ! اشتريتهم أنا بقي الكلمتين دول ، روحي يا حنين يابنتي مطرح ما انتِ عايزة ، بس يا ترى الحلو بقى اداكي فلوس علشان خاطر تجيبي الدريس لكتب كتابكم زي اي عريس ما بيعمل مع عروسته ولا عمل نفسه من بنها وانتِ اللي هتجيبي من فلوسك اللي بتقبضيها ؟
تسهمت “حنين” عند ذاك السؤال ولم تستطيع الإجابة ولم تفكر به من الأساس ووالدتها هي من سألتها لتجيبها بصدق :
ــ والله يا ماما ما جبناش سيرة الفلوس والحاجات دي وبعدين انتِ عارفة هاشم مش في دماغه يديني فلوس أو لا ،
الفلوس دي آخر حاجة يفكر فيها ممكن يشوفها عادي اننا واحد،
يعني هو لو بخيل وهو جاي مش هيجيب الحاجات اللي بيجيبها دي كلها وانت حكمتي بنفسك .
حركت والدتها رأسها وهي تشعر بالخيبة من جواب ابنتها لتقول بتنبيه:
ــ حوار الفلوس ملهوش علاقة بالواحد والاتنين دي اصول يا بنتي ان العريس بيجيب لعروسته فستان فرحها وكتب كتابها وحتى خطوبتها وانتِ عارفة إن عوايدنا كدة وعارفة برده إن الفلوس آخر حاجة أفكر فيها الخير كتير والحمد لله لكن الموضوع كله في الإهتمام يا ماما وإنه يفكر في كل التفاصيل اللي زي دي معنى كده ان هو بيفكر فيكِ على طول ومهتم بيكِ ،
ثم أكملت والدتها باستجواد وهي تعرض عليها :
ــ ايه رأيك يا بنتي أخلي باباكي يكلمهم تأجلي الخطوبة شوية كمان بتاع أربع خمس شهور تكوني اتعرفتي عليه أكتر وعرفتِ طباعه وتشوفي نفسك اذا كنتِ هتقدري تستمري معاه على طباعه دي ولا لا ؟!
أحسن ما تتجوزيه وتكتشفي حاجات بعد كدة تندمي عليها وساعتها الطلاق مش بيبقى بالساهل وخراب البيوت مش بالساهل برده .
انقبض قلبها بشدة من عرض والدتها فهي تعد الساعات كي تسكن أحضانه وتكون بجانبه ويكفيها فقط أن تكون معه في مكان واحد ومغلق عليهم باب واحد وقتها ستستطيع جعله بين يديها وستسطيع أن تجعله يُفتن بها ويكون كالمسحور امامها وداخلها يثق من ذلك لترفض بشدة :
ــ معلش يا ماما أنا مش حابة التأجيل،
وبعدين انتِ ليه مصرة إن هو مش هيريحني اذا كنت بذات نفسي بعترف لك أهو إني مرتاحه معاه جدا ومش شايفة منه حاجة وحشة ولحد دلوقتي ما عمليش حاجة تبين إنه مش لطيف بلاش يا ماما نتكلم في الموضوع ده تاني .
اعتلى صدر والدتها بأنفاس عالية وداخلها خائف على صغيرتها فربتت على ظهرها بحنو وقالت نصيحتها الأخيرة لها :
ــ انا مش ضده خالص يا بنتي كل اللي انا عايزة أعرفه لك يا حنين ان الجواز مش أحضان ولا راجل ينام جنبك على السرير ؛
لو على كدة يا بنتي الحوار ما بياخدش نص ساعة ولا ساعة على بعضه من ال 24 ساعة اللي في اليوم فما بالك الأسبوع والشهر والسنة والعمر هتبصي هتلاقي نفسك عايشة مع إنسان مشاعره فاترة معاكي بياخد اللي عايزه منك واللي جسمه طلبه ويقوم ويسيبك أو ينام ويبعد عنك الجواز روح بتطبطب على روح وإيد بتسند ايد ودماغ بتفكر ازاي تسعد الطرف التاني وخصوصاً في مشاعر الطبطبة من الراجل لمراته بتفرق معاها جدا بيشبعها اهتمام لدرجة إنه ما يخليهاش تشوف اللي حواليها أحسن منها في حاجة زي ما ابوكي ربنا يدي له الصحة يا رب بيعمل معايا ،
دايماً بيفضي وقت علشان يقعد يتكلم معايا ويسمع مني مشاكلي ويطبطب عليا لو حد زعلني ،
أنا بعرفك كل حاجة علشان لما تخشي المعمعة ما تقوليش انتِ ما نصحتنيش يا ماما يا ريت تفكري في كلامي كويس وربنا يهدي لك الحال يا بنتي ويطلع عكس ما انا شايفة .
دب القلق في صدرها من نصائح والدتها وصارت الصراعات بين قلبها وعقلها تضـ.ـرب بتفكيرها كعاصفة شديدة ولكن لم يستطيع عقلها الانتصار على قلبها وطبت كفة ميزان القلب لتنفض عن بالها ما قالته والدتها فهي أنثى جميلة مكتملة الأنوثة و الرجل يخر صريعاً أمام أنثاه الفاتنة وستعتمد على أسلـ.ـحة سحرها له في جعله كما الخاتم في اصبعها:
ــ ربنا يخليكِ ليا يا امي وما انحرمش من نصايحك الغالية بس ما تقلقيش عليا انا بتكلم معاه وحاسة بالإرتياح جدا لعلاقتي بيه وإن شاء الله القلق الزايد عن اللازم ده هيطلع مش في محله ما تقلقيش عليا .
#################
ــ أخيراً يا ماما خلصت امتحانات أنا مش مصدقة نفسي والله إن كابوس الثانوية العامة انتهى ومش عايزة أفكر في النتيجة خالص ولا أشغل بالي بيها ، عايزة أعيش لي يومين رواق قبل ما تظهر وتنكد لا سمح الله .
احتضنتها والدتها بحب وهي تبث بها روح الأمل:
ــ حبيبة مامي أشطر كتكوت وتعبت قوي وان شاء الله ربنا لا يضيع أجر من أحسن عملاً وبإذن الله هتجيبي المجموع اللي انتِ مستبشراه وهتفرحي وكلنا هنفرح وياكي يا روحي انتِ،
استمتعي يا حبيبة قلبي واخرجي مع صاحباتك وعيشي حياتك زي ما انتِ عايزة وأياً كانت النتيجة حتى لو كانت لا قدر الله مش زي ما انتِ بتتمني انا مش هزعل لأن ربنا سبحانه وتعالى أقداره كلها خير وطالما حبيبة قلبي تعبتي واجتهدتي وأنا شفت ده بعينيا ما كنتيش بتنامي الليل وكنتِ ضاغطة على نفسك قوي يبقى النتيجة النهائية ما تهمنيش قد ما انتِ ونفسيتك وراحتك يهموني .
(ملحوظة: اتعلموا يا حلوين من معامله ام حنين وليلى وشوفوا النصائح ونفذوها مع بناتكم لان بناء جسر الثقه بين كل ام وبنت مهم جدا جدا وعلى فكره مش بتيجي بسهوله لازم تتعبي علشان بنتك تبقى صاحبتك وتكون اعصابك هاديه جدا في تقبل اي مشكله معايا حبيت اقول لكم النصيحه دي في وسط الفصل معلش ازعجتكم على البارت)
ارتمت “ليلى” في أحضان والدتها كالمعتاد فهي أحضانها الآمنة التي تشعر فيها بالسكينة ثم بدأت لها بشرح خطواتها اليوم :
ــ احنا اتفقنا أنا وأصحابي ان إحنا هنصلي المغرب وهنعدي على المدرسين والمدرسات اللي إحنا كنا بنروح عندهم ونشكرهم على تعبهم معانا وكمان لمينا من بعض وهنجيب هدية بسيطة لكل مدرس تعبير مننا عن تعبوا معانا إيه رأيك يا ماما في الفكرة دي .
نالت تلك الفكرة استحسانها وقامت بتشجيعها وهي تجلب نقود من حقيبتها الموضوعة جانبها وناولتها إياها:
ــ وماله يا حبيبتي فكرة حلوة هم فعلا بيتعبوا معاكم ويستحقوا التقدير المعنوي بالحاجة البسيطة دي بس ما تتأخريش وخدي فلوس أهي عشان لو احتاجتي حاجة او جت لكم فكرة معينة تبقى معاكي .
أشاحت النقود بيدها بأدب لتعلل رفضها في استلامها :
ــ لا يا مامي انا معايا فلوس بابا كان بيديني مصروف بزيادة وكمان عايزة أجيب كل حاجة من مصروف الخاص علشان أحس ان انا عملت حاجة حلوة فعلا .
أخفضت بصرها للأسفل ثم نطقت بنبرة خجلة وهي تسألها :
ــ طب هم هيروحوا للمستر زيد اروح معاهم ولا مش مشكلة هو .
تنفست والدتها بعمق وهي تجيبها :
ــ وليه ما تروحيش معاهم يا ماما !
وتلفتِ الانتباه ليكي ان اشمعنا ده اللي ما رحتيش معاهم تقدريه زي بقية المدرسين وخصوصاً اني مادته صعبة ويستحق زيهم بالظبط ، روحي وتعاملي طبيعي جداً ولا اي حاجة
ابتسمت لها بفخر لنصائحها ثم تحركت “ليلى” إلى غرفتها كي ترتدي ملابسها وتؤدي فريضة المغرب ثم تؤدي رحلتها القصيرة على معلميها مع اصدقائها المقربين لديها ،
بعد مرور مايقارب من ساعة ونصف كانوا انتهوا من الذهاب إلى معلميهم ولم يتبقي سوى زيد الذي علم بمجيئهم فهم كانوا يقومون بالاستئذان منهم قبل الذهاب إليهم واستقبلوهم بترحاب في منزلهم الخاص كضيوف وليسوا تلاميذ ،
كان ذاك الزيد متأهب لقدومهم وقد أخبر والدته عن قدومهم وان تصنع لهم من الحلوى ما لذ وطاب ولما لا فليلته معهم وقد حدث والدته عنها وجلب صورة لها أخذها لها على حين غرة كي تواسي قلبه الهائم عندما يشعر بالوحشة لها وطلب منها أن تفتعل اي شئ كي تتحدث معها على انفراد بعيداً عن صديقاتها كي ينفرد بها ويحكي مايريد قلبه ان يلقيه على مسامعها فهو قد نفذ وعده مع والدتها وتركها ولم يتعرض لها وبداخله كان يغـ.ـلي من الاشتياق لها كالبركان الذي أصبح الآن على وشك الانهيار لو لم يقل لها مايريده ،
أما عنها فلسوء حظها انها هي التي ستقدم الهدية لزيد فجميعهن قد قدموا لمعلميهم وهذا دورها ،
دلفوا جميعاً ببسمة وطلة بهية فجميعهن حسناوات يهتمون بمظهرهن ، لكن كانت “ليلى” بينهن مثل النجوم بنورها البهي على سائر الكواكب ، كانت نجمة ساطعة أوسطهن بزيها الزهري المحتشم ويعتليه حجاب أبيض يغطي بعد صدرها كما قال كتابنا الكريم
” وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ”.. ما هي “الجيوب”؟
يقصد بها الصدور التي تغطى بالخمار ابتداءً من الرأس ،
ما إن دلفت شقته التي يعيش فيها حتى دق ذاك القابع بين أضلعها وصار يخفق بشدة ولم تعرف ما سبب تلك الدقات لتغمض عينيها في لحظة أشعرتها بالغرابة من حالها وهي تضع يدها موضع قلبها كأنها بتلك الحركة تحاول تهدئة ثورته عليها ،
كان هو متصنماً بنظرته عليها ورآها وهي تغمض عينيها وتضع يدها على قلبها فأراد في تلك اللحظة أن يهرول إليها ويسحبها داخل صدره ويسحق عظامها بين يديه من شدة اشتياقه لها فلم يراها منذ أسبوع وقلبه ذاق من اللوعة في اشتياقها ما يكفي ويفيض ،
حاولت تهدئة حالها بقدر المستطاع حينما استمعت إلى صوت والدته ترحب بهم حتى وقفت أمامها تسلم عليها مثلهن وهي تردد لها ببشاشة :
ــ بسم الله تبارك الله حجابك جميل قوي والطقم اللي انتِ لابساه شياكة ومحتشم بعد ما تخلصو مع المستر انتِ وزميلاتك هما يمشوا وتقعدي معايا ربع ساعة بس لو ما كانش يزعجك يا قمر اشوف بتجيب اللبس القمر ده منين وتعلميني لفة الحجاب بتاعتك علشان صاحباتي في المدرسة بيجوا مظبطين الحجاب بتاعهم زيك كدة وانا ببقى وسطهم لخمة خالص ونفسي ابقى زيهم وانتِ بقى الوحيدة اللي شفتك قدامي دلوقتي ، ممكن تعلميني واوعي تقولي لي مش فاضيه زيهم طلب صغنون اعتبريني زي والدتك، تمام !
ابتسمت بخجل لتلك السيدة البشوشة وهي توافق بتوتر :
ــ مع اني قايلة لماما اني مش هتأخر بس من عيني يا طنط هعمل لحضرتك اللي انتِ عايزاه.
ربتت على كتفها بحنو وهي تشكرها بامتنان:
ــ تمام يا لولا زي ما صاحباتك ما بيقولوا لك انا كمان اعتبريني بقيت صاحبتك وان شاء الله مش هأخرك خالص عن مامتك ،
ثم نظرت إلى باقي الفتيات وقامت بالترحاب بهن :
ــ منورين يا بنات وان شاء الله النتيجة تطلع مرضية وربنا يفرح قلوبكم كلكم ،
يلا مدوا ايديكم واشربوا الساقع والجاتوه اللي انا عاملاه بايدي حكم انا بحب عمايل الحاجة في البيت بيبقى ليها طعم تاني .
شكرها الفتيات بخجل وتناولو بذوق صنع يدها وكان هو واقف متسهم النظر عليها لايرى في المكان غيرها،
وأخيراً أتت اللحظة المنتظرة لقاء العيون والجسد أمام الجسد وخطت إليه بخطوات خجولة كي تقدم له هديتها وبعدما هدأ قلبها عاد لثورته مرة أخرى وجسدها أصبح كالهلام ، مفكك من أثر اقترابها منه حتى وصلت أخيرا إليه ومدت يدها وهي ترتعش بسيطاً ،
كان يقف أمامها ينظر في عينيها يتشبع لرؤية ملامحها يداه تتمسك بهديتها ، نسي الجميع من حولهم ، فقط عيناه ترتكز على جميع ملامح وجهها لتتحدث عيناه بدلاً عنها :
ــ آااه ليلتى لو تبقين أمامي نفساً بنفس وجسداً بجسد وتمهلين مغرمٍ بهواكِ فرصة واحدة ، أعدك حينها أنكِ لن تستطيعين الصمود بعدها أبداً ،
هل تعرفين من أنتِ ليلتي لزيد ؟
أنتِ النفس الذي يتنفسه زيد ، شفاء جروح قلبه على يدكِ ليلى ، أنتِ ملاذ الروح ، المكان الذي أجد فيه نفسي ، أنتِ حولتِ الشخص الذي يرتكب آثام إلي ناسكٍ متعبدٍ وهواكِ الآن له خير ملجأٍ ليلتي ، فأنتِ دفئي الآمن في ليلة شتائي وبابتعادك ليلى سيسقط زيد فقد أصبحت أعيش بقلبٍ واحد بعدما تفرق قلبي على الكثير من حواء فلا تتركيني أتجمد بعد أن أصبحتِ منزلي الدافئ ليلتي .
فاق من هيامه بها وهو يتناول هديتها ونظر خلفه وجد والدته تشغل الفتيات معها بحديثها ولم ترتكز إحداهن معهم فاستغلها فرصة ليتحدث عما يجيش به صدره من مشاعر موقدة لوحشتها :
ــ ياااه يا ليلى وحشتيني قوووي ، قوووي ، قووووي ، وحشني صوتك ، وملامحك ، وضحكتك ، أسبوع واحد بس مشفتكيش فيه دمـ.ـرني وخلاني مكتئب ومش طايق نفسي ،
اعترفي بقي اني وحشتك يا ليلى .
دقات قلبها لم ترحمها ولم تصمت أمام جيش قلب ذاك الزيد وعيناه ، حـ.ـاربها بكل قوته ، بنظراته ، بهمساته ، بطلته المختلفة اليوم أمامها فكان وسيماً ، ناهيك عن رائحته التي عبئت رئتيها وكأنه كان ناثراً عطره بسخاء كي يواجهها بجميع أسلـ.ـحته التي فتـ.ـكت بمشاعرها البريئة ، لاااا زيد ارحم قلبي المسكين فلم يستطيع مجابهتك ،لم يملك من القوة ما يكفيه لمبارزة جيشك ، ضغيف وفي الهوى كفيف ولم يبصر على العشق قبل ذاك ورايتي لن أسلمها لك الآن وليس لدي قوة للاستسلام إليك فلا تأخذني أسيرة هواك المتيم فلم أعد جاهزة الآن زيد ،
ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة وهي تسحب يدها بعد أن أجبرته على أخذ هديتها وهي تردد بصوت :
ــ بلاش طريقة الكلام دي لو سمحت يا مستر .
ترجاها بعينيه ان لا ترد باب عشقه ليهتف بلوعة أصابت جسـ.ـدها وقلبها برجفة :
ــ يا شيخة انتِ بقي حرام عليكِ المستر تعب وأعصابه تعبته وقلبه خلاص مبقاش متحمل عنادك ، أرجوكِ بقي اديني فرصة ما أنا متعلق وماسك ومتبت فيكِ ولا مفر يا ليلى .
عاندته بقوة فلن تضعف ولن تستكين وداخلها مصمم على أن يختار مرساه الآمنة بعد أن يتيقن قلبها ويطمئن و على من سيستقر :
ــ تمام بلاش مستر ، فيه مفر يا زيد وخلاص مش هتشوفني تاني ولا هتعرف تشوفني تاني علشان تحاصرني والبلوكات معمولة والمنصات وخلصت والدروس وانتهت وخلاص هتنساني إجباري وترجع لقلبك اللي انت فاتحه مساكن شعبية لكل واحدة تسكنه شوية وتمشي اما انا قلبي واحد ما يسكنهوش غير واحد ما سكنش قلبه حد غيري .
أصبح الآن من شدة غضبه منها كمن تمسك بفحم ساخن ويريد رميه بها كي تجرب نيـ.ـرانه الموقدة الآن بفضل كلماتها كي يحـ.ـترقان معا وعينيه تحدثها :
ــ أنا حزين، ومجروح، وغاضب، ومجنون، وخائب الأمل، لكن أتعلمين ماذا؟ سأضع ابتسامة وأمضي قدمًا، سيؤلمني ذلك، لكنني سأنجو في النهاية بكِ ليلى لينطق متحدياً إياها وهو يقسم بعشقه أمامه بما جعل جميع جسـ.ـدها الآن تفكك من قسمه ولو كان الأمر بيدها لقـ.ـطعت كل تحديها وعنادها وارتمت بين يديه بصدر رحب ثم نطق قسمه بشموخ واثق في هواه العليل بها :

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مشاعر موقدة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى