رواية مشاعر موقدة الفصل الثامن عشر 18 بقلم فاطيما يوسف
رواية مشاعر موقدة الجزء الثامن عشر
رواية مشاعر موقدة البارت الثامن عشر

رواية مشاعر موقدة الحلقة الثامنة عشر
ـ الظاهر مفيش غير الحل ده علشان نردم على الفتنة دي .
ورددت عينيها الحزينة:
ـ لقد ضعتي “ليلى” في رداء الهوى الكذاب الويل لك “زيد” الويل لنا .
ثم نظرت إلى والدتها نظرات استجداء تطلب منها المعونة في أمرها فليست وشأنها تلك الهراءات فورائها عاشق كاد أن يذوب من عشقه المتيم لي ، حتما سيصل إلى الجحيم أمي ، ردي عني و انهي تلك المهزلة فهو لن يستحق مني ذلك لقد تعب وجاهد من أجلي كثيراً لقد ذاق الصبابة والمرار العلقم من صدِّي ،
وكالعادة قرأت والدتها نظرات عينيها الحزينة بل قرأت بهم الهلع لتنطق بتعقل ونبرة رفض صارمة لا تقبل النقاش فصغيرتها وقلبها ومشاعرها لديها أهم من كل شئ ومن جميع الحسابات:
ـ بعد إذنك طبعاً يا “عبدالرحمن” أنا لا يمكن اوافق إن بنتي تتحط في المهزلة دي ولا إنها يتفرض عليها حاجة مش باختيارها وضد رغبتها وإرادتها ،
وأكملت بتشجيع لرأيها حينما لاحظت نظرات السعادة لقرارها في عيني صغيرتها وصدرها هدأ من أنفاسه المتلاحقة بخوف لحكمهم على مستقبلها بما يريدون وفقط :
ـ أنا اهم حاجة عندي في الدنيا راحة بنتي النفسية متتدمرش ولا اي ظروف تنجبر عليها طول ما انا وباباها عايشين على وش الدنيا ، فأنا بتأسف لكم جداً يا جماعة نشوف حل بعيداً عن ارتياح بنتي تماماً.
نفخت “نعمات” بضيق وبرقت عينيها من رفض تلك ال فلم يكن بمخيلتها أن يُرفض ابنها كانت تظن أنها حينما تشاور على أيا منهن تأتيهن راكضات لتهتف بكبرياء أزعج والدة “ليلى” :
ـ oh no doctor it is a joke ،
وليه تعتبريها خطوبة بالمعنى المتعارف عليه انا كمان مش حابة ان ابني يرتبط بالشكل ده لازم لما اجي أخطب له بنت تكون من نفس المستوى بنت سفير بنت رئيس وزراء حاجة زي كده بس احنا اضطرينا نتحط في الموقف ده وهي كمان كانت مشتركة معاه في الغلط فلازم كلنا نتحمل فالرفض هنا والموافقة مش بالمزاج احنا كلنا مجبرين على إننا نتحط في الموقف ده للأسف ولازم كلنا نتحمل الغلط ونتحمل النتيجة مهما كانت يا دكتورة .
لم تتحمل الدكتورة “شهيرة” طريقتها المتغطرسة تلك ولا التعالي عليهم ولكن أمام من ترفعين رأسك بكبرياء أيتها التافهة فأنا طبيبة نفسية وأفهم جيداً فن الرد والحوار وسوف أصفعك أمامهم صفعة تؤدي بكبريائك إلى الجحيم أيتها المتكبرة لتفحمها بالرد المهذب وهي تنظر إلى والدها ذاك الرجل الكهل المتواضع فهي قرأت في شخصيته الاحترام والتقدير لذلك وجهت حديثها إليه ولم تعطي لتلك المتكبرة أي أهمية مما جعلها تجلس تشطاط غضباً كبيراً :
ـ طبعاً يا عمي الحاج انت مجيتك لحد هنا وسفرك الطويل ده على راسي من فوق وانت حضرتك على راسي من فوق بس “ليلى” بنتي الصغيرة وغالية وعالية أوووي فوق ما تتخيل ولو جالها ملك الهند والسند بذات نفسهم علشان أخليها تتخطب بالطريقة دي لا يمكن يحصل ،
وأكملت بما قضى على كبرياء تلك الشمطاء :
ـ انا بنتي تقعد في بيتها معززة مكرمة وهي حاطة رجل على رجل ويجي لها عريسها اللي هترتاح له لحد باب بيتها ويكون من نرضى دينه وخلقه حتى لو كان ابن غفير انا الألقاب ما تهمنيش انا اللي يهمني اللي ياخد بنتي تكون هي راضية ومرتاحة ويكون هو متربي ويراعي ربنا فيها اما الألقاب والأنساب اللي تخص الوظائف ما تهمنيش خالص انا النسب اللي يهمني لما اجي أسأل عنه يقولوا ابن اصل وجدع وشهم وهيحط بنتك في عينيه وبعد كده المناظر الفارغة دي لو مش موجودة ما تهمنيش .
1
نظرت إليها “نعمات” نظرات تحوي من الضيق والتعالي الكثير والكثير فهي لم تتعرض لتلك المواقف من ذي قبل فدوماً هي في موقف القوة ولن يتعالى عليها أحداً أبداً ولا يُعدِّل أحدا على حديثها بل دوماً تأمر والجميع يطيع عدا تلك الأبية التي قصفت جبهتها أمام أبيها وابنها وكادت أن تنطق بقلة ذوق مرة أخرى ليقرأ أبيها نظرات الغطرسة في عينيها وانها ستفتعل المشاكل الآن بطريقتها العـ.ـنيفة في حل المشاكل وهي تظن أن جميع الناس مثل بعضهم في تقبل طريقتها ولكن هؤلاء غير فأشار إليها بيده أن تصمت ولا تتحدث وبعيناي صارمة ان لا تنطق بحرف واحد ولا تفتح فمها من الأساس،
ثم وجه أنظاره إلى تلك الـ”شهيرة” بوجه بشوش وهو يمدح تواضعها وطريقتها التي تحمل من الذوق أميالاً وأميالاً لا تفهمها ابنته :
ـ ومن سمعك يا بنتي ما العبد لله اللي بيكلمك كان شغال ايه مدرس على قد حاله لا راح ولا جه وقاعد في حارة شعبية ولحد دلوقتي هي بالنسبه لي افخم من قصور الأمراء والوزراء بس وبرتاح لأهل حتتي وناسي أحسن من أي حد في الدنيا ، عمر الانسان ما يخجل من شغلته ولا من رزقه الضيق أبداً الإنسان دايماً يفتخر بأخلاقه وبأصله وكل كلمة انتِ قلتيها انتِ عندك حق فيها وخليكِ معايا انا ملكيش دعوة بحد ،
وأكمل حديثه بطريقة مهذبة تليق بوقار شيخوخته وهو يحاول اقناعها :
ـ دلوقتي يا بنتي على رأي المثل بتاع ستي وستك زمان القُفة أم ودنين يشيلوها اتنين ما تزعليش مني “ليلى” برده غلطت انها وقفت قصاد جدع وعليت صوتها وخبطت على عربيته انا مش قاصد اقلل من تربيتك ليها ولا اقول إنها بنت مش كويسة دي على راسنا من فوق لكن الموقف كله كان مشترك ما بينهم هم الاتنين و”رسلان” اعتذر لكن هو غصب عنه إنه ابن وزير ؛ ومش اي وزير كمان له شنة ورنة والعيون دايما عليه ومستنيين إنه يقع ،وانتم ما يرضيكوش أبداً إن ابني يتقال عليه إنه بيستخدم سلطته لدرجة إن ابنه يتخانق مع بنت ويمد ايده عليها مرة واتنين زي ما الفيديو بين وانا ما قلتلكيش ان احنا نكتب كتابهم ولا نجوزهم وحتى الخطوبة هتبقى صورية قدام الناس حاجة كده تخليهم يخرسوا وابني يبقى في أمان في شغله وما يتعرضش للمسائلة قانونية واحتمال يقال فيها انا والله العظيم ما بحاول أقنعك وخلاص بس الخطوبة مش إلزام ليكِ ولا لبنتك بأي حاجة ولو عايزه “رسلان” ما يجيلهاش خالص الفترة اللي احنا هنتفق عليها فيها الخطوبة ولو تلت أربع شهور ما يجيلهاش ووعد مني مش هخليه يقدم لها خالص غير وهما في الجامعة يتعاملوا مع بعض كأنهم مخطوبين عادي مش أكتر ولا أقل وبعد كده لو الاتنين حتى ما ارتحوش ما يكملوش ايه المانع يا دكتورة ؟
1
رأى نظراتها الزائغة وأنها على وشك الاقتناع برأيه فأكمل ببراعة في الإقناع:
ـ احنا دلوقتي في أزمة يا بنتي ولازم يكون قلبنا على قلب بعض ونحل المشكلة والحل اللي احنا قلناه ما فيهوش ضرر والرسول عليه الصلاه والسلام قال
“مثل المسلمين في توادههم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” وللأسف هو ده الحل الوحيد لـ”رسلان” وهينفع “ليلى” برده ،
واسترسل نصحه بتعقل :
ـ البنت برده محدش هيقدر يتكلم عنها تاني بنص كلمة وخصوصاً لما يعرفوا ان هم مخطوبين ودي خناقة عادية بين اي اتنين مخطوبين بس حظها إنه وقعها في مشكلة مع شخصية مشهورة والحمد لله الحل اللي احنا بنقوله يا بنتي مش متعب ولا يضر حد .
زاغت نظرات والديها وهم ينظرون لابنتهم وعينيها التي تلتمع بالدموع فلاحظت “نعمات” تشتتهم فاستغلت الموقف لصالحها وأردفت بنبرة تدعي بها الحكمة والخوف على “ليلى” حتى تطرق على الحديد وهو ساخن :
ـ من الأفضل إننا الطرفين نتعاون مع بعض لأن ده في مصلحة “ليلى” هي كمان الفرص اللي هتجيلها بعد كده لأي شاب عايز يخطبها ممكن لا قدر الله يتقال إنها بتشاغل الشباب ويرجعوا للفيديوهات دي تاني وأكيد هي سمعت ده بودانها من صاحباتها اللي حواليها علشان احنا في مجتمع مش بيرحم البنت حتى لو كانت مظلومة وهم ما يعرفوش تفاصيل غير اللي عيونهم شافته ،
وتابعت بحزن مصطنع وهي ترسم الضيق ببراعة على معالمها :
ـ احنا في مجتمع الإشاعة دلوقتي بتلف فيه أسرع من رمشة العين فأنا شايفة إن يتقال إنهم مخطوبين أحسن ما يتقال إنه كان ماشي معاها أو لا سمح الله غلطوا مع بعض وضعفوا او إنه اعتدى عليها علشان كده كانت بتتخانق معاه وهلم جر من الحوارات اللي تخص السمعة والشرف .
انتفضت “شهيرة” بحدة لاذعة وقد خرجت عن السيطرة من حديث تلك المتكبرة وهي تقف أمامها وقد على صوتها بعض الشئ وقد خرجت عن إرادتها وتهجمت بالرد عليها وهي تشير بسبابتها إليها بتحقير من شأنها :
ـ تصدقي بالله إنك بني آدمة مستفزة !
احترمي نفسك وانتِ بتتكلمي عن بنتي وأيا كان مين انتِ ما يحقلكيش انك تتكلمي بالطريقة دي ، حقيقي بني آدمة متكبرة ومتعجرفة ،
وأكملت بتعالي يشبه طريقتها :
ـ وأحب أزيدك من الشعر بيت يا مرات الوزير انا ما يهمنيش غير مصلحة بنتي وراحتها النفسية وأي حاجة بعد كده تحت رجلي،
وتابعت بتحذير جعل تلك الـ”نعمات” تغضب بشدة فلأول مرة تتعامل معها امرأة بتلك الإهانة :
ـ ويا ريت لما تيجي تتكلمي عن البرنسيس “ليلى عبد الرحمن” و بنت الدكتورة “شهيرة” تتكلمي بطريقة أفضل من كده يا اما مليش مكان في القعدة دي ولولا احترامي لباباكي انا كنت قلت لك كلام اكتر من كده ووريتك رد فعل أعنف من كدة .
تحدث والد “ليلى” وهو يرى نظرات الهجوم بينهم وكما أنه لم يعجبه كلام تلك المرأة ليشير إلى ابنته وزوجته بالقيام مستئذناً بنبرة جادة لذلك الرجل الخلوق :
ـ بعد اذنك يا حاج انت خاطرك على راسنا من فوق لكن احنا ما ينفعش نكمل الجلسة دي بعد الكلام اللي بنتك قالته واللي يحصل يحصل .
زفر أبيها بحنق من كلامها الجارح ليعتذز لهم بذوق وهو يطلب منهم المكوث مرة أخرى:
ـ معلش يا ابني حقك عليا انا اقعد بس وانت يا دكتوره اتفضلي في مكانك حقكم عليا انتوا الاتنين ،
ثم أشار إلى ابنته بصياح حاد أذهلها وهو يطردها من الغرفة أمامهم:
ـ وانتِ اتفضلي اطلعي بره مش عايز اشوف وشك خالص ويا ريت لو ترجعي على مصر وانا هرجع مع “رسلان” وانا اللي هحل المشكلة يلااااا .
دبت قدميها في الأرض بانزعاج من صياح أبيها الحاد وإحراجها أمامهم وكادت ان تنطق إلا أنه نظر إليها نظرة أرعبتها وجعلتها حملت حقيبتها وتحركت على الفور وهي تومئ بأكتافها إلى الأعلى وكأنها لا يهمها ما حدث من إحراج أبيها لها أمامهم لتنطلق وهي تنفخ بضيق لم يروه ،
أما هو نظر إليهم هاتفا بنبرة جادة :
ـ بعد اذنك يا عبد الرحمن يا ابني عايزين نخلص المشكله انا رميت الكره في ملعبكم وانتم احرار لكن لا ضرر ولا ضرار يا ابني فكر في كلامي كويس وعائله هتلاقي هو الحل المناسب انا راجل كبير وافهم واعرف في الدنيا اكثر منك ،
ثم هدأ من نظرته الجادة وابتسم ببشاشة وهو ينظر إلى “رسلان” و”ليلى” هاتفاً بتفاؤل :
ـ وبعدين مش يمكن الأولاد يرتاحوا لبعض وساعتها يبقى زيادة الخير خيرين ونتمم الموضوع والله مش علشان “رسلان” ابن بنتي لكنه محترم وجدع وأخلاقه عالية و”ليلى” عمرها ما هتلاقي زيه وهو كمان الحق يتقال عمره ما هيلاقي في أدبها ولا أخلاقها .
لقد شعرت بالانتصار حينما هذا هدر بابنته أمامهم بل وطردها من مجلسهم والحق يقال أن هذا الرجل قدرهم وأعطاهم حقهم بالأصول وهذا يدل على حنكته في الأمور وأنه ذو عقل راجح ثم ابتسمت وهي تنظر إليه مرددة بدعابة مصطنعة من تلك الشحنة الشديدة بينهم :
ـ طب بذمتك يا حاج لو انت مكاني ترضى ان بنتك تبقى حماتها مدام “نعمات” معلش يعني اعذرني انها بنتك بس برده انت شايف الأسلوب بتاعها انا كده برمي بنتي في النـ.ـار وبقول لها اتحملي لسعتها .
ضحك بوجه عابس أضحكها هي الأخرى بل وأضحك الجميع فكانت هيئة ذاك العجوز حقا فكاهية ثم هتف أخيراً:
ـ انا اه بنتي عصبيه بسبب الموقف اللي حصل ورد فعلها عنيف لكن مجرد ما بصلها بس البصه تسكت على طول وحكمي بينفذ عليها مهما كانت ومهما كبرت وعليت ،
ثم نظر إلى “ليلى” مكملاً بمحبة :
ـ واللي هتبقى مرات “رسلان” في يوم من الأيام هتبقى ملكة مدللة عليه وعلى أمه وابوه هتتشال فوق العين والراس كمان ،
أصلك ما تعرفيش “رسلان” ده مش حفيدي بس ده حتة من قلبي وكمان واد راقي ومتربي 10 مرات عشان بس انا اللي مربيه .
قال جملته الأخيرة وهو يبتسم بكبرياء مصطنع مما جعل الابتسامة ارتسمت على وجوههم ثم قال أخيراً بترجي :
ـ أرجوكم يا ولاد فكروا في الموضوع كويس وما تخذلونيش علشان انا فهمت باباه وبنتي طبعاً ان انا هحل الموضوع وانكم هتكبروا للراجل العجوز .
كانوا يجلسون بحيرة شديدة حتى “ليلى” هي الأخرى بعدما استمعت إلى الحوار بأكمله باتت تشعر بالشفقة عليهم وعلى حالها أيضاً وسمعتها فقد اهتزت من كلام والدته حتى نطق “عبدالرحمن” والدها أخيراً كي ينهي تلك الحيرة :
ـ ادينا فرصة لحد بالليل نفكر يا حاج وهنرد عليك على طول وان شاء الله ربنا يقدم اللي فيه الخير .
ودعوا بعضهم ثم انصرفوا من الجلسة كي يفكروا في الموضوع ودلفو إلى غرفة “ليلي” كي يتشاورون في الأمر وبعد مرور عدة ساعات في مشاورات بينهم سألها أبيها:
ـ خلاص يا “ليلى” اقتنعتي أرد عليهم بالموافقة بشروطك انه ما لهوش علاقة بيكِ غير في حدود الشرع ويكون في الجامعة بس ولا ايه يا ماما ؟
حركت رأسها للأمام بأسى وقلبها يعزف ألحان الألم الشديد وللأسف المضطر يركب الصعاب وحملت حالها خطأ أنها دخلت تلك المعركة من البداية وستتحمل نتيجة خطأها لتجيب والدها بخزي من الموقف ككل:
ـ اللي تشوفه يا بابا وتأكد عليهم ما يكلمنيش في التليفون وما يلزمنيش بأي حاجة تخص الخطوبة دي ولا رايحة فين ولا جايه منين ولا أي حاجة ؛ غير إني هتعامل معاه في الجامعة وقدام أصحابنا لو اتقابلنا صدفة أو جمعتنا الظروف على إنه خطيبي وله كل الاحترام قدامهم وهم تلت شهور بس يا بابي اللي هستحمل فيهم الحوار ده أكتر من كده لا .
قام والدها من مكانه ثم احتضنها برعاية وهو يقبلها من رأسه بمحبة :
ـ تمام يا حبيبة بابي هعمل لك كل اللي انتِ عايزاه وما تقلقيش ومش عايزك تخافي من أي حاجة ووقت ما تحسي إنك مش قادرة قولي لي على طول أنهي الحوار ده مفيش اي حاجة تجبرني بعد كده ان انا أستنى في حاجة غصب عنك ،
وأكمل وهو ينظر إلى زوجته بملامحها المنزعجة فتلك الموافقه رغماً عنها وهو يطلب منها:
ـ جهزي شنطتها علشان هنرجع بلاش منها الرحلة دي هنبقى قلقانين وهي موجودة هنا بعيد عننا،
ثم ربت على ظهر ابنته بحنو وأردف قائلاً بنبرة متحمسة :
ـ وان شاء الله يا حبيبتي أعوض لك الرحلة دي في ظروف احسن من كده ونكون كلنا مع بعض معلش ما لكيش نصيب فيها .
وبالفعل هاتف جد “رسلان” وأبلغه بالموافقة وأن يأتي وأهله لطلب يد “ليلى” من منزلهم حتى يراهم الجميع ويحفظ ماء وجههم مما سببه لهم الفيديو من انزعاج أمام جيرانهم وأهلهم ومعارفهم وعادوا من تلك الرحلة المشؤومة حتى علم “زيد” برجوعهم فجأة وهو لم يعرف ما السبب ولكن داخله متيقن بأن القادم سيكون عاصفة مدمرة لقلبه ومشاعره وعادوا جميعا “يحيى” و”هاشم” و”نور الهدى” و”حنين” .
**********
تجلس في غرفتها حزينة وهي تداعب الغروب بعينيها الكئيبة فمنذ عودتهم من تلك الرحلة التي لم تفهم سبب ذهابهم ولا سبب إيابهم المفاجئ مما سبب لها في حزن شديد وزوجها منشغل بعمله ويرجع بعد منتصف الليل يأخذ منها ما ينال ثم يتركها وينام ، وتلك المشاهد تكرر كل يوم مثل ما قبله وهي تشعر بالحزن الشديد فاليوم ميلادها وإلى الآن قاربت الشمس على الغروب ولم يتذكره ولم يهنئها بيوم ميلادها وكأنها ليس لها أهمية في حياته ،
ولم يتبقى على عودته من عمله سوى بضع دقائق قامت فيهم سريعاً وأحضرت طعام الغداء ثم وضعته على طاولة الطعام ودلفت إلى الشرفة مرة أخرى ،
عاد هو من عمله متلهفاً كالمعتاد على تناول الطعام سريعا ثم الخروج ليقضي مصالح أعماله مرة أخرى أو يقابل أصحابه وبعد ان انتهى من تبديل ملابسه جلس وحده باستغراب على طاولة الطعام فهي لم تمكث معه ودخلت إلى الشرفة مرة أخرى فقام من مكانه ودلف إليها وجدها تجلس حزينة فسالها باستغراب وهو ينادي عليها :
ـ مالك يا “حنين” شكلك متغير كده ليه ؟
وبعدين حطيتِ الأكل يعني ودخلتي البلكونة على طول مش هتاكلي معايا ولا ايه انتِ عارفة مش بعرف آكل لوحدي !
نظرت إليه بعيناي حزينة على نسيانه ليوم ميلادها ويبدو أنها ليست في حسبانه من الأساس كي يفكر بها ويهتم بأمورها فأدارت وجهها للناحية الأخرى وهي تجيبه بنبرة خاوية من اي معنى :
ـ مش عايزة آكل ، مليش نفس للأكل .
لمح نظرة الحزن في عينيها ونبرة صوتها فتحرك بخطواته وجلس بجانبها ليسألها عن ما بها :
ـ مالك يا “حنين” حاسك مش مبسوطة في حاجة مضايقاكِ او تعباكِ احكي لي يا بابا ؟
اهتز فكها بنبرة ساخرة لسؤاله لتجيبه بنبرة باردة :
ـ مفيش ، متشغلش بالك بيا وباللي بيوجعني ،
ثم أكملت وهي تطلب منه :
ـ ممكن تروح تكمل أكلك علشان اعمل لك قهوتك عشان عايزه اروح لماما .
قوس فمه بتعجب :
ـ اشمعنا يعني هتروحي لمامتك ؛ انتِ مش كنت عندها امبارح طول اليوم وكنت بايتة هناك كمان وراجعة الصبح النهاردة ؟
وأكمل وهو يقترب منها بنظرات تفهمها جيداً وهو يحتضن ظهرها :
ـ انا بصراحة كنت متضايق علشان نمت من غيرك امبارح وكنت جاي النهاردة ناوي اني أأجل الخروج شوية علشان نقعد مع بعض ،
ثم سحبها من يدها وادخلها إلى الغرفة ونزع عنها حجابها التي كانت ترتديه في الشرفة
وحرر منامتها رماها بعيداً وخلل أصابعه بين خصلات شعرها وهو يقترب منه يشم عبيره كالمعتاد فهو يعشق رائحة شعرها قائلا بلهفة لقربها :
ـ انتِ وحشاني قوي يا “حنين” ما كنتش اعرف انك لما تبعدي عني ليلة هبقى حاسس كأني في الغربة من غيرك وما عرفتش أنام طول الليل ودلوقتي أنا محتاجك وعايزه تسيبيني وتروحي لمامتك ؟
وأكمل عتابه وهو ما ذلك مستمر في جذبها لاحضانه :
ـ انا قلت ان انا هبقى وحشك وهاجي الاقيكِ مستنياني بالأحضان والشوق واللهفة صدمتيني خليكِ بقى يا قلبي علشان أنا عايزك قووي .
نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق ألماً وعشقاً معاً، ترتجف من لمساته التي تجعلها تود أن ترتمي على صدره ويدفئها لكن كبريائها كان يصرخ بداخلها يحثها بأن تصم أذنيها عن كلماته وهمساته وأن لاتتأثر حتي بإعتذاره ثم إبتلعت غصتها بمرار مثل مرارة الصبار، وتركت لسانها يتفوه قائلة:
ـ معلش ماما محتجاني ضروري لحاجة مهمة لما أرجع نبقى نتكلم براحتنا .
التصق بها أكثر ليزيح خصلة فوق عينيها كي يجذبها معه إلى عالمه ، حاولت الإفلات من قبضة يديه لكنها لم تستطيع مجابهته فهو في أمور القرب يحتل تقدير الامتياز مع مرتبة الشرف العليا ،
حاولت مقاومته كثيراً والتهرب منه كثيراً لكنه كان يحاول معها بشتى الطرق حتى نجح فى جذبها إلى عالمه رغماً عنها ،
بعد مرور حوالي ساعة بل ويزيد كانت تغطي حالها بشرشف قطني خفيف ودموع عينيها الغزيرة تنهمر على وجنتيها من حالتها تلك ولم يظهر من جسدها سوى رأسها ،
كانت الدموع في بدايتها صامتة ولكن تلك الحالة سيطرت عليها فشهقت بأنين جاهدت أن يكون صامتاً ولكن خانها صوتها وعلت شهقاتها بقهر ،
كان يجلس بجانبها مستنداً على التخت عاري الصدر ينفث سيجاره باستمتاع بعد جولة القرب التي دارت بينهم الآن وهو يشعر بانتشاء فهو يشعر دوماً بالتعطش الشديد للقرب منها وكلما شرب من نهرها كلما تعطش أكثر ويريد الإقتراب دوماً والمزيد والمزيد ،
فهي أنثاه الجميلة حد الفتنة ، الرقيقة حد الإثارة ، الممتعة لغرائزه بشراهة ، يعشق الاقتراب منها بشدة بل يفكر دوما بأن يملك جسدها طيلة الوقت ، هي “حنين” وحدها دون عن نساء حواء أجمع ، بها سحر مميز بعبق عبيره مختلف وجذاب ،
سمع صوت شهقاتها فعقد جبينه باندهاش وأطفئ سيجاره ثم هبط لمستواها ونزع خصلاتها التي تخبئ عينيها لينصدم من تورمهم من البكاء ، فسألها بقلق :
ـ ايه ده انت بتعيطي ليه في حاجة حاسة بيها انا كنت بتعامل معاكِ بهدوء مالك يا “حنين” بتعيطي ليه ؟
لم يجد رداً على استفساره سوى صمت تام حتى شهقاتها أخفضت من صوتها ،
اندهش لحالتها تلك فتلقى بجانبها محتضناً إياها متسائلاً بهمس أجش بجانب أذنها مرة أخرى عن حالتها تلك ويده تتلمس ظهرها وهو يربت عليه بحنو :
ـ الله مالك يا يا بابا في ايه بس خلاكِ تعيطي بالشكل ده ؟
نزعت يديه بحدة من على ظهرها ظناً منها أنه يحاول الاقتراب مرة أخرى وهي تبتعد عنه بحده ولسانها نطق أخيراً بنبره جامدة :
ـ ابعد ايدك عني ما تلمسنيش انت مش اخدت اللي انت عايزه ما لكش دعوة بيا .
زفر بسأم ووجد إنها في حالة غريبة فصمت لثوانِ يحاول استيعاب حالتها تلك و حدتها في التعامل معه ونفرها منه ثم أدار جسدها وجعل وجهها مقابل وجهه ثم حدق في عينيها وأردف بنفس حدتها :
ـ استغفر الله العظيم يا رب ؛ مالك يا بنتي مش عارف ايه النكد اللي انتِ عايشة فيه ده ليل ونهار حتى في حالاتنا الخاصة وانا وانتِ مع بعض نكد ؟!
انا مش فاهم إيه اللي حصل لـده كله،
علشان ما رحتيش عند مامتك يعني ؟!
واسترسل باعتراض صارم على طريقتها الغير مقبولة معه:
ـ انا مش فاهم هتفضلي عيلة كده لحد امتى وتبطلي أسلوب النكد اللي ما لهوش اسباب أصلا ولا مبررات ،
وتفهمي انك بقيتي زوجة وفي بيت راجل وزوج مسؤول منك ورغباته وطلباته أوامر والمفروض تكون بمحبة منك وتقابليها بطاعة ونفس راضية ما تزهقنيش في عيشتي معاكِ يا “حنين” وتخليني أكره اليوم اللي اتجوزتك فيه .
هتفت بنبرة باردة وهي تقوم من مكانها تلف الشرشف على جسدها وهي تتوجه إلى الحمام :
ـ ماشي إن شاء الله.
ألقت كلماتها ثم توجهت إلى الحمام كي تنعم بشاور ساخن يهدئ أعصابها وجسدها الثائرين عليها من طريقتهم المعهودة مع بعضهم ،وهو يجلس على التخت يشطاط غضباً من حالتها الغير مفهومة له ،
بعد مرور عدة دقائق من دلوفها إلى الحمام استمع إلى رنين هاتفها فوجدها والدتها فجذب الهاتف وقام بالرد عليها وما إن فتحه حتى استمع إلى صوت والدتها تردد تلك الكلمات التي جعلته مصدوماً ولم يعرف بما يجيب :
ـ ايه يا “حنين” ما جيتيش ليه يا ماما اخواتك كلهم جم اهو ؟
مش قايلة لك ما تتأخريش انا عاملة لك عيد ميلادك وعازمة اخواتك وأولادهم ما جيتيش لحد دلوقتي ليه مش قلتي هتغدي “هاشم” وهتيجي ؟
ابتلع لعابه من ما استمع إليه وهو يتوه مع نفسه أثناء حديثها :
ـ حقا اليوم ميلادك “حنين” وانا مثل الأبله لم أبالي ولم أتذكر ذاك اليوم !
الآن و للتو علمت سبب حزنك وبكائك فقد خذلتك امراتي الجميلة دون قصد مني ، ولكنني لم أعلم ،
ماذا انا بفاعل الآن كي أُراضيكِ وتصفحين عن خطأي ؟!
كم انت أحمق “هاشم” كم انت احمق !
ثم أجاب حماته وهو يتحمحم بهدوء :
ـ ازيك يا ماما عاملة ايه انا “هاشم” .
أجابته بنبرة حماسية :
ـ الله يسلمك يا حبيبي ، عامل ايه ،ايه ما جيتش انت و”حنين” ليه انا قايلة لها تقول لك على عزومتي وتيجوا حتى كنت هتصل عليك بس هي قالت لي انها هتبلغك ومفيش داعي .
تحمحم مرة أخرى وقد قررت مصارحتها بما يجوب في عقله كي ينقذ حاله من ذاك الموقف الصعب ليطلب منها :
ـ اممم .. بقول لك يا ماما انا انا في مشكلة وطالب مساعدتك قوي ،
وأكمل بخجل من حاله :
ـ بصراحة انا كنت ناسي عيد ميلاد “حنين” وشكلها كده زعلانة وكمان ما قالتليش حاجة عن العزومة دي فانتِ ما تقوليلهاش حاجة عن المكالمة دي ولا انك عرفتيني وانا هحاول أصلح الدنيا وهمسح مكالمتك بس أهم حاجة ما تجيبيلهاس سيرة وساعة واحدة بس وهتلاقيني عندك يا ست الكل .
ثم علل نسيانه كي لا يظهر أمامها بصورة حمقاء :
ـ والله العظيم اليومين اللي سافرناهم اخروا معايا في الشغل جامد وكنت مسحول اليومين اللي فاتوا دول وكان غصب عني وده طبعا مش مبرر بس أهو ايه اللي حصل بقى .
ابتسمت برضا لحديثه ثم طمئنته :
ـ ماشي يا حبيبي ربنا يبارك لك فيها ويعينك على شغلك وعلى حالك وما تقلقش سرك في بير حتى ما فيش حد عارف من اخواتها ان انا بكلمها دلوقتي.
ابتسم بحرج لذوقها ثم شكرها بامتنان وأغلق الهاتف ثم فتح سريعاً جروب الإكسسوارات والذهب الخاص بصديقه وانتقى سريعاً سلسالاً رقيقا من الذهب المرصع بالفصوص البيضاء وأخذ صورته وأرسله إلى صديقه ثم كتب أسفل الصورة :
ـ معلش يا “فهد” جهز لي السلسلة دي وحطها لي في بوكس شيك وجيب معاها كذا نوع شيكولاته بص اظبط لي البوكس من الآخر وقدامك ساعة واحدة بس وهاجي آخده منك ما تتأخرش انا مزنوق فيك يا صاحبي .
استلم صديقه الرسالة وأجابه بتفاعل أحببته ثم أرسل اليه :
ـ تمام يا حبيب أخوك ساعة وتعالى هتلاقي الحاجة جاهزة ما تقلقش احنا في الخدمة يا عمنا .
وعلى صعيد آخر أرسل رسالهغ إلى صديقيه ان لا ينتظروه اليوم ولا يأتوا إلى اليخت فهو سوف يصطحب زوجته إليه اليوم ،
ثم هاتف المسؤول عن اليخت وما ان اتاه الرد حتى أمرهم :
ـ عايز اليخت في خلال تلت ساعات بالكتير متنظف وطالبين عشا بالأصناف اللي انا هبعتها لكم وتعملوا لي ترابيزة محترمة عشان عندي عشا مهم وما تستقبلوش حد النهاردة خالص .
ثم لاحظ خروجها من الحمام فأمسك هاتفها ومسح المكالمة سريعاً ثم قام من مكانه واستقبلها بالأحضان مقبلاً رأسها وباطن يديها وهو يقدم لها تهنئه يوم ميلادها وكأنه لم يكن ناسياً :
ـ كل سنه وانتِ طيبة يا حنيني وعقبال 100 سنة ويخليكِ ليا يا رب ، يلا انا هدخل اخد شاور وهاجي معاكِ عند مامتك مش كنتِ عايزة تروحي .
فتحت فاهها ببلاهة وهي متعجبة من تغيره وانه تذكر يوم ميلادها لتنطق بنبرة ساخرة :
ـ ياه لسه فاكر تهنيني بعيد ميلادي وخلاص العشا هتأذن يعني سايب اليوم كله مستنياها منك وجاي تقولها دلوقتي متاخره قوي يا هاشم ؟!
حاول الاعتذار لها بذوق مغلف بالدعابة وهو يسحبها إلى أحضانه مرة أخرى ويتقبل منها طريقتها الساخرة :
ـ معلش يا بابا حقك عليا وأن تاتي متأخراً خيرا من أن لا تأتي ، انتِ ليكِ حق تزعلي بس والله كنت مشغول طول اليوم .
ثم قبلها من وجنتيها وعينيها وجانب شفاها وهو يكرر اعتذاره مره اخرى بنظره سحرتها :
ـ وبعدين كنت حابب اقولها لك وانتِ في حضني تهنئة خاصة يعني وبعدين انا عامل لك مفاجأة وانتِ من ساعة ما جينا وحالتك متغيرة ومش عارف اقولها لك ازاي !
انا عامل لك عزومة عشا على اليخت على شرف عيد ميلاد البرنسيسة حنين ويلا بقى هدخل اخد شاور بالسريع علشان ما نتاخرش على مامتك انا حابب اني اشوفها النهاردة وبعدين نبقى نروح العشا ونسهر براحتنا على اليخت .
ما زالت على حالة الاستغراب من حالته وتغيره المفاجئ وتذكره ليوم ميلادها فجأة ،
لكنها ظنت أنه فتح الفيسبوك اخيرا فهو لم يفتحه إلا قليلا وعلم منه انه يوم ميلادها ولكنها لم تضيع على حالها تلك العزيمة للعشاء والذهاب معها وقررت قبول اعتذاره ولم تسمح لحاله النكد التي اعترتها ان تفسد عليها سعادتها بيوم ميلادها ليبتسم وجهها أخيراً بما جعله تنفس براحة وهي ترد مباركته برقة جعلته يبتلع انفاسه وهو يتحكم بحاله امام هيئتها المهلكة برداء الحمام وشعرها المبتل والذي اعطاها مظهرا مثيراً للغاية:
ـ وانت طيب يا حبيبي وميرسي على عزومتك ليا وعلى انك هتيجي معايا عند بابا ربنا يخليك ليا وما يحرمنيش منك ابدا.
غمز لها وهو يقترب من خصلاتها يمسكها بين أصابعه ويشمها مرة اخرى قائلاً بهيام :
ـ ايه الرقة والجمال دول اللي ربنا رزقني بيهم يا ناس ،
ثم أكمل بدعابة كي يدخل السرور على قلبها وهو يسحبها من يدها :
ـ بقول لك ايه ما تيجي نقضي عيد الميلاد هنا في أوضتنا الجميلة دي وعلى سريرنا حكم انتِ النهاردة زايدة في جمالك حبتين عن كل يوم هبسطك على الآخر يا حنيني.
مطت شفتيها للأمام بحزن مصطنع ثم هتفت بدلال وهي تسحب يدها من كفوفه العريضة:
ـ لا وسع وسع ما تاخدنيش في دوكة انا عايزه اخرج وانبسط معاك انا ما صدقت ان انت هتعزمني على العَشا مرة .
ترك يدها ليستعجلها سريعاً:
ـ طب انا هدخل اخد شاور وهجهز في ربع ساعه بالظبط اما انت لو اتاخرتي هرجع في كلامي ،
ثم غمز لها بشقاوة:
ـ ونقضيه على السرير .
خلعت رداء الحمام سريعاً ثم بدأت بتمشيط شعرها واختيار ملابسها على الفور والسعادة تملؤها بمجرد أنه عاملها بحنو وتذكرها من يومه أخيراً ،
مسكينة انتِ تلك الـ”حنين” تنتظرين من “هاشمك” حق الاهتمام بصعوبة نظراً لصلابة شخصيته ولكن فلتتحملي اختيارك حتى تصلي معه إلى علاقة مهذبة مرتبة راقية بينكم ،
**********
كان الجميع يصطفون حول الطاولة الممتلئة بالحلوى على مختلف أشكالها وألوانها التي صنعتها لها والدتها كي تطفئ “حنين” شمعة ميلادها الثالث والعشرون وحولها البالونات الحمراء والبيضاء والسوداء واللون البينك وبعض الألوان الأخرى يرتصون في المكان بهوجاء توحب بالبهجة والزينة تملأ المكان احتفالاً بعيد ميلاد صغيرتها “حنين” فهي منذ ان استيقظت صباحاً وهي تفعل لها كل تلك الأجواء مما أدهش “هاشم” من اهتمام والدتها بها حتى بعد زواجها وأحس بالخزي من حاله فمن المفترض أن يكون هو صاحب تلك الأفعال كلها ولكن حدث ما حدث ،
بعد ان اطفات حنين شمعه ميلادها انهالوا عليها ببرقيات التهنئه والهدايا من الصغار والكبار في هذه عائلتهم دوما يحتفلون بمناسبتهم فوالده حنين تهتم بتلك الاشياء وان تجمع اولادها حولها وتختلق اي مناسبه كي تراهم مجتمعون حولها فهي تشعر بالسعاده في وجودهم معها ولو لوقت قليل اما هو اخرج هديته من ذاك الكيس الفخم امامهم واعطى لها البوكس بطريقه شاعريه امامهم مما اذهلها وجعلها تضع يدها على فمها من حركته التي لم تكن تتخيلها ابدا وهو يهنئها امامهم :
ـ كل سنه وانت طيبه يا حبيبي والمره الجايه نحتفل بيه في بيتنا ماما غفلتنا المره دي باذن الله المره الجايه تكون في شقتنا ويكونوا معانا برده .
ثم قام من مكانه وجهها اليه امامهم وقبلها من جبهتها بحب مما جعلها ترتمي في احضانه وكانها لم تصدق حالها وهي تهمس في اذنه :
ـ ربنا يخليك ليا وما يحرمنيش منك وعلشان المفاجاه السعيده دي هبسطك على الاخر وهعيشك ليله ما شفتهاش في حياتك .
ابتلع لعابه من همسها ليبتسم وجهه تلقائيا ثم يهمس في اذنيها هو الاخر :
ـ خليكي فاكره الكلمتين دول وخليكي على وعدك علشان هتموتي يا حنيني مش هتلاقي اللي ينجدك من تحت ايدي .
كانوا ينظرون اليهم بسعاده فهم يظهرون امامهم بمظهر رومانسي للغايه مما اذهل والده حنين وجعلها تغير فكرتها عنه ثم انتظموا في اماكنهم كل يمسك صحنه ياكل الحلوى باستمتاع في جو مليء بالسعاده العائليه وما إن انفردت والده حنين بها حتى قالت :
ــ بت يا حنين انا شكلي ظلمت هاشم جوزك ده طلع جنتل ورومانسي على الاخر ايه يا بنت الحركات اللي ما شفناهاش مع اخواتك دي قبل كده ده صرف ومكلف وجايب لك هديه ايه لا ويقول لك شوفيها بس وانا اللي هلبسها لك بطريقتي ولا بيتكسف مننا ونظراته هتاكل منك حته ،
ثم اكملت وهي تبتسم لها بخفه ودعابه :
ـايه الواد المز الرايق ده اخترتي صح يا بنت بطني .
ابتسمت حنين بشرود على كلام والدتها فهي لم تعلم انه متقلب الاحوال معها وذاك اليوم لم يكن بمخيلتها ان يحدث الا انها تدابير الله،
مر الوقت سريعا مع عائلتها في جو من البهجه والسعاده التي احست بها بينهم في وجودي بالتحديد فهو لم تتعدى المرات المعدود على اصابع اليد مجيئه معها الى اهلها منذ ان تزوجها من شهور عده ،
اخيرا وصلوا الى اليخت كي يكمل سهره العشاء معها ويدخل السرور على قلبها بعد وصله الحزن التي انتابتها ويحمد ربه انه لحق حاله سريعا ،
ما ان دخلت الى المكان حتى نظرت الى الطاوله المعده باصناف مختلفه من الاكلات التي تعشقها جلسوا سويا وتناولوا العشاء بمحبه وبعد دقائق انتهوا من تناول العشاء ثم ناولها كأس المشروب البارد التي تعشقه الايس شوكليت ثم اخرج السلسال الذي جلبه اليها ليقول :
ـ تسمحي لي البسك السلسله يا حرمنا المصون ؟
ابتسمت بسعاده وهي تؤمئ براسها الى الامام ثم نظر حوله وجد المكان حاليا كما امرهم فخلع عنها حجابها فهم بعيد عن البر ولم يراها احد ثم البسها السلسال وبعد ان انتهى قبَّل عنقها قائلا بنبره سحرتها :
ـ شكلها جميل جدا عليك رقبتك هي اللي مزيناها ومحلياها انت اصلا كلك على بعضك حاجه مختلفه حاله جميله تشبهي الحور العين في جمالك يا حنين دايما بيخطفني وبيأثرني وبيخليني عايز افضل في حضنك على طول مش عارف ده بقى ادمان ولا بقى ايه .
اغمضت عينيها بحالمية من همسه الجميل وكلماته الرقيقه لاجلها وقضى وقتا سعيدا لا يخلو من لمساته الساحره لها وانتهى اليوم وعادوا إلى منزلهم وبعد ان ابدلت ملابسها ارتمت على التخت وهي تشعر بالنوم الشديد لينصدم من حركتها تلك قائلا :
ـ لا يا ماما انسي انت وعدتيني انك هتروقي عليا وهتعيشيني ليله ما شفتهاش قبل كده انسي بقى النوم ده خالص انا عايز حقي .
مطت شفتيها للامام بدلال مصطنه لتهتف بنبره متعبه للغاية:
ـ انا تعبانه وهلكانه خالص يا هاشم عادي خلينا بكره ما يجراش حاجه على الاقل اكون فايقه واعرف اروق عليك بجد .
رمى قميصه على الكرسي ثم اقترب منها وهو عازماً على القرب مهما رفضت لينطق بنبرة راغبة بها لم تستطيع معها الرفض :
ـ وماله يا ماما النهارده وبكره وبعده وكل يوم بس بقى وعيشي وعيشيني يا حنيني .
************
ــ يابني حرام عليك اللي بتعمله في نفسك ده انت انعدمت وخسيت النص ده مكانش حالك من أسبوع بس .
خرج صوته هادئاً وكأن الكون يخلو من أي اصوات سواه وحاداً وكأنه شفرة لامعة وهو بجيبها بما يُولـِ.ـع صدره بكلمتين فقط :
ــ ليلى اتخطبت يا أمي ،
وأكمل بنبرة صوت مختـ.ـنقة :
ــ حب العمر ، حلم الليالي ، عشق زيد بقت ملك لغيره .
ثم صرخ عالياً صرخة موجعة ملئت المكان وكأن تلك الصرخة هي الترياق لصمت أسبوعٍ كاملٍ وهو يحاول استيعاب ضياعها منه ، قلبه يحـ.ـترق فو الله شعوره من الاحتـ.ـراق لم يوصَف فلو كان يوجد وصفاً أشد من النيـ.ـران لشهد على حال ذاك العاشق المسكين بغرام ليلى المتيم :
ـــ أااااااااااااااااااه ، ليلى في واحد غيري مسك ايديها ولبسها دبلتي ، واحد غيري بقي يحل له يكلمها ، واحد غيري بقى ينطق اسمها على لسانه ،
وعند ذكر تلك الكلمة التي جعلته ينـ.ـفطر قهـ.ـراً وشعر الآن معنى الاستعاذة من قهـ.ـر الرجال فعلاً حتى حرك رأسه رافضاً:
ــ لااا يا أمي مش قادر أتحمل ضياعها ، قلبي مش متقبل فكرة إنها بقت مع غيري ، أنا الموت عندي اهون من ضياع ليلى حبيبتي.
ابتلعت والدته غصتها بمرارة وهي تراه بتلك الحالة الدامية لقلبها وهي تسأله :
ــ معقوله الكلام ده حصل امتى هو انت مش قلت لي بعد ما رجعت امك من رحله الجامعه الاسبوع اللي انتم قضيتوه هناك انها قربت منك شويه وتقبلت وجودك في حياتها ،
وأكملت بتساؤل :
ــ مين ده اللي قدر ياثر عليها بالسرعه دي ويخليها توافق على خطوبته شكله ايه ؟
أجابها باحتراق :
ــ ليلى ما بتبصش للمستوى ولا هي من النوع ده يا امي ،
وأكمل بنبرة حادة غليظة وهو يجز على أسنانه غاضباً:
ــ مش فاهم شافت في ايه زيادة عني ؟!
حسسها بإيه مقدرتش أحسسه لها بيه ؟!
قال لها ايه خلاها تقتنع بيه في شهرين وأنا بقالي سنتين بحاول معاها ؟!
واسترسل حديثه وهو يذكر اسمه بين شفتيه وكأنه يريد أن يجعل عقله لم يتذكر إلا هو :
ــ “رسلان أحمد شفيق” عدوي اللدود .
ضـ.ـربت والدته على صدرها وهي تنطق من بين شفاها اسم والده :
ــ اوعي يكون اللي في بالي صح يا زيد علشان لو صح تبعد عنه خالص ؟؟
حرك رأسه بتأكيد :
ــ هو يا أمي .
اتسعت دائرة عينيها بذهول لينطق لسانها :
ــ ابن وزير التربية والتعليم ؟!
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مشاعر موقدة)