رواية مشاعر موقدة الفصل التاسع 9 بقلم فاطيما يوسف
رواية مشاعر موقدة الجزء التاسع
رواية مشاعر موقدة البارت التاسع

رواية مشاعر موقدة الحلقة التاسعة
أصبح الآن من شدة غضبه منها كمن تمسك بفحم ساخن ويريد رميه بها كي تجرب نيـ.ـرانه الموقدة الآن بفضل كلماتها كي يحـ.ـترقان معا وعينيه تحدثها :
ــ أنا حزين، ومجروح، وغاضب، ومجنون، وخائب الأمل، لكن أتعلمين ماذا؟ سأضع ابتسامة وأمضي قدمًا، سيؤلمني ذلك، لكنني سأنجو في النهاية بكِ ليلى لينطق متحدياً إياها وهو يقسم بعشقه أمامه بما جعل جميع جسـ.ـدها الآن تفكك من قسمه ولو كان الأمر بيدها لقـ.ـطعت كل تحديها وعنادها وارتمت بين يديه بصدر رحب ثم نطق قسمه بشموخ واثق في هواه العليل بها :
ــ والله يا ليلى ما هتكوني غير ليا ، انتِ ازاي أصلاً قادرة تقفي قدامي وتتحديني وتعاندي قلبك اللي أنا سامع دقاته من وانتِ واقفة هناك ودلوقتي هاين عليه ينط من بين ضلوعك ويسكن بين ضلوعي وهو مرحب كمان .
تجمدت مكانها في لحظة صمت بينهم وهي لم تستطيع مجابهة حصاره فما زالت صغيرة على مجاراة عاشق متمرس لقوانين الهوى فتحركت خطوة من أمامه وما زالت تتحداه :
ــ عادي ولو حتى قلبي بيدق ده شئ طبيعي جداً علشان كلامك ليا ونظراتك وطريقتك المتملكة في الكلام اللي بتحاول تأسر بيها مشاعري ده عادي جداً لأن أول مرة أسمع الكلام ده فطبيعي إني لازم أحس بكدة لكن أنا حتة العقل عندي وتحكمه في فكري أقوى من مشاعري ودقات قلبي اللي انت سامعها ،
وأكملت بنظرة شامخة وثقة :
ــ قلت لك قبل كدة أنا معادلة صعبة محتاجة بروفيسور علشان يفكها وانت مكشوف قدامي وأنا مش هوائية بعرف أعمل على قلبي كنترول ولمشاعرى استوب .
كان داخله يغـ.ـلي نيـ.ـراناً مشـ.ـتعلة من تحديها الصارم له فلم تفعلها فتاة قط قبلها فجميعهن كانوا يخرون أمامه باستسلام من نظرة واحدة أما هي مختلفة ، شرسة ،عنيدة ليناطرها بتحدي :
ــ طب طالما عاملة نفسك هيرو وتقدري تصدي وفاتحة صدرك قوووي وبتعاندي ،فكي البلوكات اللي انتِ عاملاها وسيبي نفسك ومشاعرك وواجهيني بشرف ومتهربيش ولا تنسحبي ووريني قوتك هتقدري تلعبي بمهارة وتسدي قصادي ولا لا طالما انتِ ليفل الثقة عندك جرئ قوووي كدة .
حركت رأسها بتحدي لتقول برفض :
ــ وأنا أوجع دماغي ليه وأدخل معارك ما شيل ده من ده يرتاح ده عن ده وأخليني في سلامي النفسي اللي محاوطني أخلق حـ.ـرب لنفسي ليه .
جز على أسنانه غاضـ.ـباً من عنادها وكاد أن يرد عليها إلا أن زميلاتها نادوا عليها لأجل أن يغادرون مما جعله استدار بجسـ.ـده وهو يعتصر قبضة يديه بالأخري بغيظ عارم :
ــ يالا يا ليلى علشان نمشي اتأخرنا قوووي .
نظر “زيد” إلى والدته يستنجد بها أن لا يجعلها تغادر قبل أن يشبع منها فهو لن يستطيع رؤيتها بعد ذلك فاتكئت بعينيها وكأنها لا تريد فعل ذلك ولكن عبث ولدها وحيرته وتيقنها أنه الآن أمام عشق حقيقي وهي ستتمسك به قبله لأنها تريد استقراره حقاً وأن تفرح به فهو ابنها البكري ومناها أن تراه مستقراً ،
ثم اصطنعت الحزن على ملامحها وهي تنادي “ليلى” التي كادت أن تخرج مع صديقاتها ونست أمرها :
ــ بقى كده يا لولو هتمشي وتسيبيني من قبل ما تعلميني لفة الطرحة زي ما اتفقت معاكي انا كدة زعلانة ، ولا علشان انا ما ليش بنات مش هتعتبريني زي ماما ؟!
تراجعت “ليلى” بخطواتها وهي تعتذر لها :
ــ يا خبر يا طنط ما اقصدش والله انا اتلخمت مع أصحابي معلش أنا آسفة جداً إني نسيت اللي اتفقت عليه معايا .
تبسمت ببشاشة لتلك الخلوقة والمرباة بعناية بدت من ذوقها لتنظر إلى الفتيات معتذرة لهم بذوق :
ــ خلاص يا بنات سيبوها معايا شويه ولو حكمت هبقى اخرج انا اوصلها ونورتونا قوي وتسلم ايديكم على الهديه الجميله دي ،
ابتسمن لها الفتيات ثم خرجوا وتركوها بناءً على رغبتها في عدم الإعتراض ثم نظرت والدة “زيد” إليها وهي تجذبها من يدها كي تجعلها تجلس على الأريكة :
ــ ولا اعتذار ولا حاجة حبيبتي أنا هدخل أجيب الطرح بتاعتي من جوة وراجعة لك على طول مش هتأخر عنك على ما تاكلي الجاتوه زي صاحباتك لأنك ما دوقتيش حاجة من ساعة ما دخلتي عندنا ولازم تدوقي عمايل ايدي.
ناولتها الطبق بيدها فأخذته منها بخجل ثم وضعته أمامها و جلست تعبث بهاتفها أمام ذاك الـ”زيد” دون أن تعتريه أدنى اهتمام ليقف أمامها بطوله الفاره وهو يربع ساعديه أمام صدره ويستند على الحائط وينظر إلى ملامحها بتعمق أخجلها وهي تشعر بنظراته المنصبة عليها ليعترف لها بما صدمها وجعلها تنظر اليه بدهشة :
ــ في حاجة انتِ ما تعرفيهاش وعلشان انا اعتبرتك حبيبتي اللي ما ينفعش اخبي عنها أي حاجة أنا هدي محاضرات في كلية الصيدلة جامعة المنصورة من بداية السنة هم حاولوا معايا كذا مرة وطلبوني كتير وانا كنت ممانع لكن وافقت المفروض تقولي لي مبروك هبقى الدكتور زيد فهمي رسم نظمي.
نظرت إليه وفمها نطق بذهول:
ــ معيد في كلية الصيدلة ازاي ده يحصل ؟!
اقترب منها وجلس على الكرسي الأقرب لها مجيباً إياها بثقة :
ــ وليه لا هو انتِ ما تعرفيش ان انا اللي رفضت أبقى معيد في كلية العلوم وقررت ان انا أمارس مهنة التدريس الخاص بيا وكان في دماغي حوار المنصات لأني شايف نفسي أستاهل نجاح أكبر من مجرد وظيفة والماجستير أنا حصلت عليه والدكتوراة انا بحضر فيها يعني لقب دكتور كدة كدة مضمون معايا ،
وناسية برده ان انا اخدت شهادة أفضل كيميائي السنة دي على مستوى جمهورية مصر العربية واتكرمت في جامعة القاهرة فطبيعي عرض زي ده لازم يجي لي من كل الجامعات وأنا أرفض أو أوافق ؟!
ثم أكمل وهو ينظر في عينيها بتحدي قاصداً إرباكها كي يجعلها ترى نجاحه مثلما ترى لهوه :
ــ ايه اللي انتِ مستغرباه هو علشان انتِ شايفاني بتاع بنات يبقى انا فاشل وما انفعش أبقى ناجح في مهنتي بل و عبقري ؟!
شيلي بس من قلبك الجدران اللي انتِ محوطاه بيها علشان ما يشوفنيش إنسان كويس وزي ما بصيتي للحاجة اللي اي شاب بيعملها ومن وجهة نظرك أوحش حاجة فيا بصي للحاجات الحلوة الكتير اللي فيا وأولهم نجاحي اللي مفيش شاب من اللي انتِ حاطة مواصفاته في دماغك يقدر يحقق ربع النجاح اللي انا حققته .
بنفس نظرة التحدي وبنبرة قوية وردٍ يبدوا عليه الدهاء وأنه لن يخرج من فتاة في مرحلة المراهقة بل امرأة دارت في الدنيا كثيراً مما جعله شعر باليأس لأول مرة :
ــ أنا لما أفكر اتجوز في يوم من الأيام مش هفكر اتجوز شهادات متعلقة على الحيطة ولا جسم طول بعرض وشيك وأنيق ولا إنسان ناجح في شغله ومفيش حد وصل للمستوى اللي هو وصله بالسرعة دي لأن ببساطة المظهر والتعليم حاجات ممكن الإنسان يكتسبها مع الوقت انت فاهم غلط أنا لما آجي أتجوز ممكن ربنا يبعت لي نصيبي مع واحد موظف عادي جداً لكن حياته كلها إزاي يبني نفسه وهو بيتقي ربنا وحتى لو كان له تجارب بتبقى على الهامش مش واحد غمز ولمز و مكالمات ما تصحش بالفيديو وغيره وألفاظ بتخرج من لسانه قذرة ما تفكرش ان انا ما اعرفش لعلمك بقى كتير من مكالماتك البنات كانوا بيوروها لبعض وهم مسجلينها معاك وشفت طريقة كلامك وشفت كل حاجة انت بتقولها من بعيد لبعيد ،
تفتكر واحدة زيي شافت الحاجات دي هتبص لك ازاي بعد كده ؟!
هتآمن لك ازاي بعد كدة ؟!
معلش يعني يا دكتور زيد مش يا مستر العنوان غلط .
جز على أسنانه غاضباً ليسألها ساخراً من تفكيرها :
ــ والله ! هو علشان شفتي طريقة كلامي مع البنات اللي انتِ بتتكلمي عنهم يبقى اللي انتِ مستنياه يبقى الفارس اللي هيخـ.ـطفك على الحصان ما عملش كده وما تكلمش كدة ؟!
فوقي يا ماما أغلب الشباب كدة دلوقتي بيتكلموا مع البنات عادي وبأريحية جداً هتعرفي إزاي تفرقي ما بين اللي بيتكلم كده واللي مش بيتكلم انتِ موهومة ؟
قامت من مكانها وهي تجيبه بثقة أربكته :
ــ مين قال كدة !
عندك اخويا متربي ومحترم وعمره ما بيعمل كده وطالما فيه واحد زي أخويا يبقى اكيد فيه مليون زيه وزي ما في بنات بيتكلموا معاك بالأسلوب الوقح ده في برده مليون بنت زيي يرفضوا مليون ناجح زيك ،
عن إذنك ابقي اعتذر لوالدتك علشان شكلها هتتأخر وانا ما ينفعش اقعد تاني أكتر من كدة .
لقد أصيب بالدهشة منها حين رأى الكُره في عينيها واعتقد أنه لا يستطيع أن يكون كذلك إلى أن صُفِعت من الحياة وأخذتني أمواجها وبدأت تتلاعب بي حينها أدركت سذاجتي وأدركت أنّ العالم الوردي الذي كنت أعيشه لم يكن إلا خيالاً صنعته لنفسي ،
فخيبة الأمل أن أُسكنك عيني، فيصيبني الرمد بعها وتذهبي، أن أسكنك روحي فتحـ.ـرقيها بلهيب جحودك وترحلين، أن أسكنك قلبي فتركلين القلب بكل قسوة وتمضين ،
فمن الذي علمك كل هذا الجفاء؟!
خيبة الأمل مُؤلمة حين تشبعنا حد الوجع، حد الانتهاء من كل شيء لا نحتاج إلا أن نسمع له، نسمع صوت ذلك الذي سبب حُقنة الألم داخلنا، صوته ما زال يَدوي لأنك لن تنسى ،
كانت تلك الحالة التي اعترته وأصبح جالساً وهو يضع يده على وجهه يمسح عليه بحزن وكأن الوجع أقسم على أن يكون له وحده ،
دلفت إليه والدته بعدما رأت “ليلى” قد خرجت وجدت الحزن يخيم ملامحه فجلست بجانبه وهي تربت على ظهره :
ــ أنا سمعت كل كلامها يا زيد وبصراحة البنت عجبتني قووي ، محترمة احترام مشفتش زيه ، ياما قلت لك يابني بلاش حواراتك مع البنات دي ، ياما حذرتك وقلت لك ربنا يمهل ولا يهمل واستقيم وبكرة هتلاقي نصك التاني اللي تقول لها كل كلامك الحلو وتفرغ معاها مشاعرك اللي بتحسها مع كل البنات وإن واحدة بس تكفي وبيهم كلهم ،
ثم أكملت وهي تذكره بما كان سيقوله حينها :
ــ فاكر كنت تقول لي ايه ؟
كنت تقول لي اللي بيحبوني كتير واللي قلبي هيحبها مجرد ما أشاور لها هتكون ملك ايديا ،
وكنت غافل عن أقدار ربنا وتدابيره في خلقه إنه يخليك تتعلق قوووي وتعشق وتحب وتدوب ومتطولش ، تجرب مشاعر قايدة جواك والوحيدة اللي هتبردها مش هترضى .
ابتلع غصة آلامه حينما وقع نظره في أرجاء المكان وكأن أحدهم غـ.ـرزه بسـ.ـكين حاد في قلبه ليجيب والدته :
ــ انتِ يا ماما بتزوديها عليا اللي حصل حصل واللي كان كان أنا دلوقتي في أمر واقع ومش عارف أتصرف ازاي ؟!
ثم سحب نفساً عميقاً ثم زفره على مهل وهو يحاول السيطرة على نيران صدره المولــ.ــعة وهو يكمل بلوعة :
ــ بحبها يا أمي لا كلمة بحبها شوية أنا بعشقها قلبي مـ.ـولع نـ.ـار بسببها بنام وبقوم وبحلم بصورتها ،
صوتها بالنسبة لي أمان واحتواء ، مجرد ما بتبعد قلبي بيتقبض وبحس إني وحيد تايه وهي دليلي ، بتعـ.ـذبني برفضها ، بتقـ.ـهرني وهي بتصدني بحس ان هي عقاب هو انا هفضل كده على طول ؟!
حاولت أتغير وما بقيتش اتكلم مع بنات وعملت لهم كلهم حظر وما بقتش أخرج غير مع أصحابي وللأسف هي شايفاني بنفس الصورة اللي اترسمت في خيالها عني وعمرها ما هتتغير وأنا عمري ما هبطل احبها وكل لما بترفضني أكتر وتعند كل أما قلبي يعند أكتر معايا ويتمسك بيها وما يشوفش غيرها أنا بقيت مريض بــليلى يا أمي ومليش علاج غيرها ، معندكيش دوا يا امي لابنك علشان ينساها ويطلعها من تفكيره ؟
أخذته والدته بين أحضانه وهي تحنو عليه وتحاول التخفيف عنه لتقول باستجواد علَّه يستريح :
ــ شوف يا حبيبي انت عملت اللي عليك وانت المفروض ما تتغيرش عشان خاطر الناس المفروض انك تتغير للأحسن علشان رب الناس ،
في حكمة انا حافظاها من وانا طفلة صغيرة لو طبقتها عليك هتستريح
“إذا أردت شيئاً بشدة فأطلق صراحه فإن عاد إليك فهو ملك لك وإن لم يعد إليك فهو ليس ملكٌ لك من البداية ”
يعني سيبها ولو هي نصيبها معاك ربنا هيسخرها لك ،
إنت عملت اللي عليك ولو ملكش نصيب معاها يبقى دي مش نصيبك وجايز ربنا عمل كده معاك وخلاك تحب وتتعلق علشان تستقيم وتعرف إن مش كل حاجة الإنسان بياخدها فهلوة لازم يكون في ردع لنفسك و لتصرفاتك وخوف من ربنا لازم تستقيم يا زيد وتعرف ان النجاح مش بس شهرة وفلوس وإن عملك يبقى ناجح ؛ لا يا ابني النجاح إنك تكون بينك وبين ربك عمار في كل تصرفاتك هو ده النجاح الحقيقي اللي بيخلينا نعيش الدنيا مطمنين ونروح لربنا في الآخرة بنفس راضية مرضية .
ــ يعني إيه يا ماما يعني انتِ بتطلبي مني أنساها طب اعملها ازاي دي ؟! .. قالها بصوته العميق وبنبرة جافة كأنها صفعة لقلبه المسكين ليكمل بإرهاق لمشاعره الموقدة :
ــ ولا قلبي هيقدر ينساها وما يفكرش فيها ولا عقلي وكل كياني قادر يبعد عنها وشكل كل حاجة هتقف عندها هي بس مش غيرها .
تعلموا الحب أولا ثم اصنعوا له عيدا، إن نزار قباني حين قال إن الحب ليس رواية شرقية في ختامها يتزوج الأبطال كان شديد الصدق والعمق فالحب مفهوم أعظم وأسمى من أن نختصره في علاقات ثنائية إنه الحياة، من المخجل أن نختصر الحب في يوم واحد، الحب أعظم وأكبر وأسمى من يختصر في يوم ولا في مشاعر مؤقتة، يجب علينا أن نفهم قداسة الحب وأن الحب أن أكتفي بك.
##################
في ذاك المطعم يجلس كل من “زيد” الذي يبدو على وجهه الاكتئاب و “هاشم” حيث يتنهد “زيد” قائلاً بنبرة حائرة :
ــ تعرف يا هاشم أنا بحسدك ان انت ما حبتش لحد دلوقتي وقادر تتحكم في مشاعرك الحب ده طلع بهدلة و خصوصاً لما تحب وما تطولش .
نظر له “هاشم” بنصف عين ثم سأله بشك :
ــ مالك يا عم انت شكلك مقريف وحالتك كرب وجاي هنا تقرفني معاك وانا مش ناقص هي الأستاذة حضرة الأبلة نظيرة لسة كارفة لك ؟!
تنفس صدره بأنفاس عالية وهو يشعر بالوجع ينبض داخله بشدة :
ــ دي كارفالي كارفة مهببة ومش شايفاني خالص لا وكمان حطاني في صورة الصايعين بتوع البنات اللي ما لهمش أول من آخر ومهما أحاول معاها وأجيبها يمين وأجيبها شمال وأحاول أأثر على مشاعرها ولا حياة لمن تنادي البنت بصالي من منطقة تانية ومش عارف أصلح لها تفكيرها خالص صواميل دماغها متربسة على الآخر .
تحدث “هاشم” بنبرة مندهشة :
ــ انت ليه محسسني انك بتتكلم على غسالة ولا تلاجة !
ايه يا ابني ما تصلح مفاهيمك دي شوية يمكن تشوفك إنسان طبيعي .
أشاح بيديه في الهواء بلا مبالاة فهو قد فقد الأمل :
ــ يا عم ما بقتش فارقة كبر دماغك ،
طمني انت عليك عامل ايه مع خطيبتك اوعى تكون مصدر لها التقل الشديد عن اللازم تقوم تفر منك وأمك ترجع تزن على راسك تاني ؟
أجابه مختصراً فــ”هاشم” لا يحبذ أن يتكلم مع أصدقائه على من تخصه :
ــ ولا تقل ولا حاجة اهي ماشية الحمد لله آمال فين يحيى ما جاش يعني لحد دلوقتي؟
تذكر أمره وما يحاوطه من مصائب ليجيبه :
ــ يا عم اسكت ده حالته كرب وقع في بلوة ما يعلم بها إلا ربنا بنت خالته اللي كان بيتكلم عنها ان هو حاسس من ناحيتها بإعجاب قبل ما يروح الجيش ورجع لقاها اتجوزت جوزها يا سيدي ضـ.ـربها علقة موت وسحلها ويحيى كان رايح مع خالته وقتها واتخـ.ـانق معايا والتاني عمل له قضية اعتداء وسمعت ان جوزها الخ…ل رافع عليها قضية شرف وبيسبها في يحيى والعملية ملعبكة خالص معاه وحالتهم ما يعلم بها إلا ربنا وطبعاً الأستاذ جاي له اكتئاب وكل لما اكلمه يقول لي سيبني في حالي أنا مش فاضي لقعدات ولا رايق .
ضـ.ـرب “هاشم” كفا بكف لينطق بسخرية:
ــ يا نهار ابيض هي الدنيا جرى فيها ايه يا جدعان كله بقي بياكل في كله ، منك لله انت ويحيى صدعتوني بقرفكم ده جزاء حنين قالت لي تعالى أخرج معايا علشان تنقي فستان كتب الكتاب وأنا رفضت وقلت لها عندي معاد مع أصحابي ومينفعش مروحش وأصحابي عيال نكد وحاجة أخر وجع دماغ .
استنكر عليه تلك الفعلة لينطق بذهول :
ــ أه يا فقري في حد يطول يخرج مع المزة بتاعته ويقضي وقت معاها ويرفض ! والله انت عيل وش فقر ،
ثم أكمل متسائلاً إياه:
ــ طب يا ترى اديتها فلوس علشان تشتري الفستان ولا انت في البلالا يا شيف ؟
حرك رأسه برفض :
ــ لا مديتهاش وهي مجابتش سيرة وأنا مبهفمش ولا أعرف الحوارات دي .
اتسعت مقلتاي “زيد” ونطق معـ.ـنفاً إياه:
ــ أه يا غشيم ، انت ازاي متاخدش بالك من حاجة زي دي ! ده زمان حماتك واخواتها ملهمش إلا سيرتك وانك بخيل وانك مش بتهتم وزمانهم بردو بيلعبوا في دماغ خطيبتك انك مش مظبوط .
رفع الآخر حاجبه باندهاش :
ــ ليه ده كله يعني ما انت عارف انا أول مرة أخطب ومش واخد بالي ولا أعرف الحاجات دي ، وفيها ايه يعني لما تلمح لي هي بحاجة زي دي !
لكزه “زيد” في كتفه لينهره بحدة :
ــ ماهي لمحت لك بالذوق انك تنزل معاها وانت غشيم ومبتفهمش ، انت عايزها تيجي تقول لك هات فلوس علشان أشتري الدريس ؟!
واسترسل نهره وهو يأمره :
ــ والله انت عيل أهبل ، اتفضل ابعت لها مبلغ محترم على الكاش وقول لها كلمتين حلوين بعد التحويل .
استمع إلى نصيحته وأخرج هاتفه وبدأ بتحويل مبلغ عشرة آلاف جنيهاً ثم أتته رسالة التحويل فأرسلها إليها مدوناً أسفلها :
ــ حنيني ، بعت لك المبلغ البسيط ده علشان تجيبي اللي نفسك فيه ومعلش اني مخرجتش معاكِ علشان تنقي براحتك مع صاحباتك .
ثم عاد يندمج في الحديث مع “زيد ” وقاموا بمهاتفة “يحيى” كي يطمئنوا عليه ،
أما هي كانت تقف في نفس المطعم المتواجد به “هاشم” بمحض الصدفة هي وصديقتيها لتتفاجئ بقدوم رسالته وتتسع مقلتيها ويدق قلبها بعـ.ـنف داخلها فهو قد تذكرها ولم ينساها فهي قد وضعت كلام والدتها نصب عينيها وشغلها كثيراً وها هو ينتشلها من ذاك التفكير لتحتضن هاتفها بسعادة ثم أرسلت إليه رسالة شكر وامتنان :
ــ مرسي لذوقك يا هاشم ، ليه تعبت نفسك أنا معايا فلوس وبابا اداني بزيادة ، أنا كنت عايزاك انت تخرج معايا وانا بنقي فستان كتب كتابنا .
وفي نفس المكان كان يوجد شابان يجلسون على طاولة يتناولون الطعام بجانب طاولة “هاشم” و “زيد” وتحدث أحدهم :
ــ شايف المزة اللي هناك أم عيون لبني دي لابسة طقم شياكة ورقبتها باينة لؤلؤ ياض لؤلؤ ولا كأنها واقفة في شارع باريس مش من مصر .
التفت الشاب الآخر لنفس مكان عينيه ورآها ليعـ.ـض على شفتيها السفلى وهو يغمز لها بوقاحة:
ــ شايفها يا عم شايفها دي فورتيكة ياض ، بص لما يخلصوا طلباتهم نروح ننكشهم ونقعد معاهم ونتعرف من بعيد لبعيد يمكن السنارة تغمز .
إلى هنا التفت كلاً من “هاشم” و “زيد” تلقائياً إلى تلك الفتاتان وهم قد استمعوا إلى كلامهم الوقح لينصدم كلتاهما فلم تكن تلك المقصودة والتي تلتهمها عيناي هؤلاء الأوغاد فقد كانت ترتدي بنطالاً ضيق باللون الأسود ويلتصق بساقيها الرفيعتين وهيكول أسود لنفس اللون ويعتليهم جاكت ثقيل باللون الأحمر يصل أعلى ركبتيها بكثير ويزين رأسها كوفية فقط كحجاب “أيس كاب” باللون الأسود ورقبتها البيضاء ظاهرة ووجهها مزين بتجميل بسيط عدا شفتيها مزينة باللون الأحمر فكانت حقاً ساحرة مبهرة لينطق “زيد” بذهول :
ــ ولا مش دي خطيبتك اللي احنا شفناها في صور خطوبتكم ولا أنا بيجي لي تهيؤات وبشبه غلط ؟!
اعتصر “هاشم” قبضة يده والأخرى ضـ.ـرب بها على المنضدة بعـ.ـنف وهو يجز على أسنانه غاضباً ليقوم من مكانه وهرول إلى هذين الشابين وعلى حين غرة ودون تفكير باغتهم بلكمات في وجههم وهم لا يفهمون شيئاً فكيف له أن يتعرض لهم بتلك الهوجاء ليقوموا من مكانهم وقبل أن يهاجموه قفز “زيد” وحماه من ظهره ليصيح بهم “هاشم ” بانفعال:
ــ ده أنا هخـ.ـزق لك عينك اللي انت بصيت بيها على اللي مش ليك يا حيلتها وهقـ.ـطع لك لسانك بعون الله النهاردة.
فهما ما يقصدانه وانقلب المكان بالضوضاء و التم جميع من بالمطعم حولهم ومن ضمنهم “حنين” التي وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها عندما وجدت “هاشم ” هو مفتعل تلك الضجة الكبيرة ، فحاولت الاقتراب منه كي تنهاه عن المشاجرة إلا أن صديقتها منعتها :
ــ اقعدي هنا رايحة فين ، انتِ هتدخلي في وسط الخناقة اللي مليانة شباب ده كدة هيطين عيشتك أكتر .
حاولت جذب يدها عافية وهي تصيح بها :
ــ يابنتي سيبي ايدي انتِ مش شايفة الخناقة اشتدت وضـ.ـرب مووت ، سيبي ايدي خليني اروح اشوف في ايه ؟
تمسكت بها بشده وهي تنهاها :
ــ يا بنتي اصبري الدنيا انفضت اهي وصاحبه معاه ما ينفعش تدخلي في وسط الشباب اهدي بقى يا ماما .
انفضت الأجواء المشتـ.ـعلة من قبل أصحاب المطعم وسيطروا على الموقف وأبعدوهم عن بعضهم وفضوا الاشتباك لينظر “هاشم ” إلى “زيد” آمراً إياه:
ــ شوف الخسائر اللي حصلت مع إدارة المطعم و حاسب عليها انا هاخدها و ماشي .
حرك “زيد” رأسه بموافقة وانطلق “هاشم” بخطوات غاضبة يقف أمامها ثم سحبها من كف يدها بغـ.ـضب جامح وهي لم تفهم شيء من غضبه الشديد ذاك لتهتف باعتراض على طريقته معها :
ــ هو في ايه ازاي تشدني بالطريقة دي قدام الناس !
طب ما تنادي عليا أمشي جنبك وايه اللي حصل للخناقة دي كلها ؟
سيب ايدي يا هاشم لو سمحت ما ينفعش تجرني وراك زي الخرفان كدة .
تمتم “هاشم” بكلمات لاذعة وقد وصل غضبه إلى ذروته وهو ما زال يسحبها :
ــ انتِ تخرسي خالص وتمشي بالعة لسانك جوة بقك يا هانم وان شاء الله يومك مش هيعدي النهاردة .
لم يعجبها طريقته معها وهي لم تفهم شيء من الأساس لتحاول نفض يدها من بين قبضة يديه ولكنها لم تفلح ويكأنه متمسكا بها بقبضة من حديد لتقف مكانها وهي تهدر به بصوت عالي دون مراعاه من حولهم :
ــ مش همشي معاك ، انت ازاي تتكلم معايا بالطريقة دي وانا عملت ايه أصلاً !
سيب ايدي لو سمحت وانا ارمي لك دبلتك طالما انت هتتعامل معايا بالهمجية دي .
تنهد بضيق وتحدث بغضب أخافها :
ــ هو انتِ لسه شفتي همجية اتفضلي معايا على العربية من غير كلام علشان الناس واقفة تتفرج علينا وانتِ هتعرفي بنفسك ايه اللي حصل يا هانم.
إنتفض داخلها من هيئته الغاضبة وتحركت نحو السيارة وكادت أن تهرب من يديه خوفاً منه إلا أنه جذبها بغضب وتحرك بها إلي الكرسي الأمامي وأجلسها بعنف
وتحدث بعيون تشـ.ـتعل غضباً حتي أنها ارتعبت من هيئته وأغلق باب السيارة بإحكام كي لا يسمعهم من بالخارج :
ــ هو أنا اول قاعدة قعدتها معاكي في بيتكم لما جيت خطبتك من أبوكي أول حاجة نبهتك عليها ايه لو تفتكري؟
ردت بنبرة حادة غاضبة :
ــ أنا مش فاهمة حاجة لو سمحت اتكلم على طول يا اما تسيبني اروح انا مرضاش انك تتكلم معايا بالطريقة المهينة دي يا تقول ايه اللي حصل يا تسيبني ىمشي وانت من طريق وانا من طريق.
كادت أن تكمل صياحها إلا أنه هدر بها و أرعبها وهو ينظر لها بنـ.ـار مشـ.ـتعلة :
ــ ما تعليش صوتك ده نهائي عليا يا حنين في اي وقت حسك عينك صوتك ده يترفع قدامي وده اول تحذير مني ليكي ،
وأكمل حدته بنفس الغضب:
ــ حضرتك خارجة كدة ازاي من البيت و أنا أول حاجة نبهت عليكِ فيها إنك تظبطي حجابك وانتِ خارجة وما تخرجيش وشعراية خارجة منك !
واسترسل حديثه وهو يشير إلى ملابسها مكملا صياحه بها :
ــ لابسه لي بنطلون مبين تفاصيل جسمك والجاكيت اللي عليه قصير خالص ولا كان البرنسيسه عايشه في باريس على راي البقف اللي كان واقف يتفرج عليك ويتامل في جمال الهانم ورقبتها اللي باينه ،
وعلى حين غرة جذب ما ترتديه على رأسها وتدعيه حجاباً بغضب شديد لينسدل شعرها على ظهرها من شدة طريقته التي خلع بها ما يستره مما أذهلها وجعلها تضع يدها على رأسها وجحظت عينيها من فعلته ، أما هو أكمل سخريته منها :
ــ بذمتك ده حجاب تلبسيه على راسك مجرد بس لو واحدة معدية من وراكي او اي حد لمسك غصب هيقع من على دماغك وشعرك اللي انتِ فرحانة بيه خارج نصه وانا منبه عليكِ مش بحب الأسلوب ولا الطريقة دي ويجي واحد سافل يتحـ.ـرش بيكي وهو بيبص لتفاصيل جسمك وانا المغفل اللي خطيبك قاعد بسمع بالصدفة، ما جاش في بالك ان انا ممكن أكون موجود في المكان اللي انتِ موجودة فيه وأسمع طريقة الكلام القذرة دي عنك وواحد بيتغزل فيكِ وفي أناقتك وشياكتك يا برنسيسة هانم .
إبتلعت لعابها وتحدثت بصوتٍ منخفض وهي تسأله :
ــ يعني انت قمت اتخانقت وضـ.ـربته علشان قال كلمتين وأنا واقفة مع صاحبتي وما سمعتش ولا شفت هو قال ايه أصلاً ؟!
نظر لها بحدة جعل الكلام تجمد على لسانها من هيئته المشـ.ـتعلة للغاية:
ــ اه انتِ كنتِ مستنية بقى ان هو يقوم ويتحرك وينفذ اللي كان في دماغه واللي كان هو وصاحبه بيتفقوا عليه يعملوه مع الهانم وصاحبتها وهما قاعدين بيشقطوا اللي شايفينها سهلة ولا ايه بالظبط ؟
ولا كنتِ عايزاني اسمع بيقول رقبتها زي اللؤلؤ وما تعصبش ولا اتحرك من مكاني انا مش ديوث يا هانم !
ابتلعت أنفاسها بصعوبة من كلامه الشديد لها وعينيها تبرقان بصدمة من كلامه الثقيل والذي لم تسمع مثله أبداً لتهتف بذهول :
ــ سهلة ! انت ازاي تقول كده هو انت شايفني ايه بالظبط ؟!
أنا ذنبي ايه في الحقير ده واللي قاله ولا في بصاته ولا في مرضه اللي المفروض يروح يتعالج منه !
ذنبي إيه في قلة أدبه وسفالته ؟
ضحك بسخرية من عقلها الطائش من وجهة نظره لينعتها بالانفتاح الزائد عن الحد :
ــ ذنب حضرتك انك ما خرجتيش ملتزمة من بيت ابوكي علشان واحد زي ده ما يبصلكيش ولا يقول الكلام اللي هو قاله ، ذنبك انك ما تعرفيش تخلي بالك من نفسك كويس وانتِ خارجه مكان وتلبسي كويس وما تلفتيش الأنظار عليكِ وتداري نفسك وتتحشمي شوية ،
لأن الحشمة ملهاش علاقة إنك تبقي مبهدلة أو شكلك وحش أو ما تبقيش أنيقة ،
كتير قوي أنيقات في لبسهم وشيك جدا وفي نفس الوقت محتشمات ويستحيل حد يتحـ.ـرش بيهم ولا بالعين ولا بالكلام وحتى لو ؛ مش هيبقى بالمنظر اللي انا سمعته ،
ثم أدار وجهه في الناحية الأخرى بعيداً عن مرمى عينيها لينطق بما جعلها تصنمت وتوقفت دموعها :
لو هتفضلي كده يبقى كل واحد يروح لحاله انا مش مستعد تكوني في مكان برة ودماغي تلف وتدور في حوارات ما لهاش اي 30 لازمة أانا شايف إنك مش أمينة على نفسك خالص ولا بتهتم بكلامي ولا اللي انا بقوله لك .
نطقت بعدم تصديق وهي تبتلع غصتها بمرارة كمرارة الصبار :
ــ معقولة انت عايز تسيبني علشان حاجة مليش ذنب فيها ؟!
أنا واحدة خارجة باحترامي ولا خضعت بالقول ولا كنت واقفة بتمايص ولا أدلع علشان تكبر الموضوع قوي كده.
إغتاظ منها وتحمحمَ لينظف حنجرته وتسائل:
ــ يعني انتِ لحد دلوقتي مش معترفة ان منظرك اللي انتِ خارجة بيه ده غلط وما يصحش بالرغم من اني نبهتك لحاجة زي دي ؟!
واسترسل بنفس حدته :
ــ ولا انتِ مفكرة نفسك مخطوبة لواحد بقرون لما يشوف منظر زي ده يكبر دماغه ويقول عادي ولما يسمع حاجة زي دي ينفض ولا كأنه سمعها ؟!
انسي يا ماما انا مش كدة ولا عمري هكون كده وعاجبك على كده عاجبك مش عاجبك كل واحد برده يروح لحاله لأن دي طباعي اللي عمرها ما هتتغير وانتُ لازم تاخدي عليها .
انهمرت الدموع من مقلتيها لحدته اللاذعة معها لتتحدث من بين شهقاتها وهي ترمي اللوم الشديد عليه :
ــ انت ليه محسسني ان انا الغلط مني انا لوحدي !
مش شايف نفسك ان انت مهمل في حقي !
مش شايف نفسك ان انا على الهامش في حياتك ؟
انت لحد دلوقتي ما اعتبرتنيش غير خطيبتك اللي انت ملبسها دبلة في ايديها ، مش فرحانة زيي زي اي واحدة مخطوبة ، ولا بتكلمني زي اي بنت مع خطيبها ، ولا بتسألني رايحة فين ولا جاية منين ولا بتاكلي ايه ولا بتعملي ايه ؟
مش بتدخل جوة تفاصيلي ، حتى لما جيت أخرج النهاردة علشان أنقي فستان كتب كتابنا قلت لك تعالى معايا طنشتني عشان تقعد مع صاحبك وسبحان الله أقابلك في نفس المكان اللي انا فيه مع صاحبتي ،
منظري ايه قدام صاحبك ، ومنظري ايه لما انت مهمل فيا بالشكل ده قدام صاحبتي اللي لسه بحور عليها إنك وراك شغل علشان كده ما خرجتش معايا ؟!
أنا لو كنت لقيت منك اهتمام كنت هنفذ كل حاجة انت بتقولها لي اما انت لحد دلوقتي يا هاشم معتبرني واحدة هتتجوزها وخلاص وتقضي معاها وقت وتستريح من قولة هتتجوز امتى وهتستقر امتى ؟!
لحد دلوقتي ما حسيتش منك بأي مشاعر تخليك تتمسك بيا ، علشان كدة كلمة كل واحد يروح لحاله على لسانك بتقولها سهلة جداً وكاني بالنسبة لك حبة هوا مجرد ما تنفخهم هيمشوا من قدامك .
رد بإقتضاب وإلى الآن لم ينسى كلام ذاك الشاب ولا نظراته الوقحة :
ــ اه ده حوار بقى قلب ترابيزة ، قلت لك 100 مرة أنا راجل أفعال مش أقوال ممكن ما اشبعكيش كلام بس برده مش مهمل في حقوقك كخطيبتي ولسه لما تيجي بيتي وتعيشي معايا لما تلاقي مني اللي ما يدلش على إني راجل ومسؤول في كل تصرفاتي معاكي تبقى تحكمي إحنا فترة خطوبتنا قصيرة جدا وانا بحاول اخلص شغل ورايا علشان عارف ان انا هنشغل في أيام جوازنا،
ولا انتِ تعرفي أنا بعمل ايه وانا بجهز لايه علشان افرحك زيك زي أي عروسة، لكن كل اللي في دماغك ان انا بسهرش احب معاكِ على التليفون ،
متسرعة انتِ قوي يا حنين وهوائية زيادة عن اللزوم وانا مش كده انا عقلاني بدرجة ما تتخيلهاش .
ربعت يداها وتحدثت بضيق:
ــ هو انا علشان عايزاك تهتم بيا وتحسسني ان انا ليا وجود في حياتك وتشاركني يومك وانا أشاركك يومي ابقى هوائية في وجهه نظرك ؟!
الشغل ما بينتهيش يا هاشم ولا عمره هينتهي بس لازم ندي لمشاعرنا فرصة انها تتنفس طول ما انت دافس روحك وعقلك جوة دوامة الشغل هتسحبك أكتر و أكتر ،
انا بحاول افك عنك وانت تفك عني تعرفني اكتر وانا اعرفك مش مجرد كلمتين وخلاص على الماشي احنا بنمهد بكلامنا مع بعض لحياة جديدة هنعيشها ، بنعرف طباع بعض أكتر بيحصل مواقف ما بينا بتعرفك انا بحب ايه و أنا اعرف انت بتحب ايه ، وتعرفك أنا بكره ايه وتتجنبه وانت بتكره ايه وأنا اتجنبه ،
ما تسيبناش لما نتجوز وانت تنصدم وانا انصدم ان احنا الاتنين عايشين مع بعض و ما نعرفش أي حاجة عن بعض ،
انت ليه مش قادر تفهم انا اقصد ايه وكل اللي في دماغك كلام حب في التليفونات اللي هو برده من حقي ؟!
نظر لها بشفقة أخيراً على حالتها المتعبة ثم اصطنع الهدوء كي لا يضعف أمام دموعها وتحدث بنبرة هادئة عكس ما كانت تماماً :
ــ اعمل ايه وشغلي واخد كل وقتي ؟
اصبري وكل حاجه هتيجي في وقتها الصبر حلو ؟
نظرت له بإستغراب وتحدثت بنبرة ساخرة:
ــ والله هو شغلك منعك ان انت تخرج تقعد مع اصحابك بالساعات !
اعتبرني زي صحابك ولا انت بترتاح معاهم اكتر ما هترتاح معايا ، بلاش حجج فارغة بتقولها لي ، وشغلك ده برده هيبقى واحنا متجوزين هتبقى تسيبني طول النهار في الشغل ونص الليل مع اصحابك وتيجي تقعد معايا نص ساعة وتنام هي دي العيشة اللي انت عايز تعيشها مع اللي انت هتتجوزها ؟!
تنهيدة حارة خرجت من صدره لاعتراضها الدائم على حياته ليحاول طمئنتها :
ــ مين قال كده ! حياتي قبل الجواز ما فيهاش مسؤولية اما حياتي لما نتجوز هيبقى فيها مسؤولية ، أكيد طبعا مش ههمل معاكي في اي حقوق ولا هسيبك طول النهار والليل زي ما انتِ ما بتتكلمي ، أكيد هخفف شغلي شوية وأكيد هخفف مقابلات مع أصحابي ما تكبريش المواضيع يا حنين وتبني أوهام في دماغك عشان تزعلي نفسك مني على الفاضي .
هدأت قليلاً من كلماته لتنطق بنفاذ صبر فليس لها حيلة إلا الصبر ولن تتركه أبداً مهما فعل فهي تعشقه بشدة :
ــ تمام يا هاشم الأيام هتبين اذا كنت أنا فعلاً هوائية او انك بتفكر صح !
اخيرا هدات الاجواء بينهم لينظر مطولا الى هيئتها التي حركت ساكنه ثم نظر لشفتاها المنتفخة من البكاء وابتلع لٌعابه وبدأ صدره ينتفض ويعلو ويهبط من شدة تأثره لها،
وماكان حالها أفضل منه، كانت تنظر لعيناه بفاه مفتوحة مٌرتعشة وقلبٍ يرتجف يريد الإرتماء داخل أحضانه ونسيان كل ما أحزنها منه من كلماته،
بقيا مدة علي وضعهما هذا كلاً منهما يحتــرق شوقاً للأخر ولكن لن تسمح ظروفهما بمجرد نظرات بينهما ،
ثم إستجمعت قواها وتحركت بداخلها روح الأنثي المتمردة، ولملمت شعرها المبعثر على ظهرها ومن طوله لمس وجهه وهي تجمعه فتمسك به لوهلة جعلتها انتفضت وهو يشم رائحته ويغمض عينيه مما جعل قلبها يدق بعـ.ـنف داخلها من حركته الغير متوقعة تلك لتهمس بتوتر :
ــ هاشم ، سيب شعري علشان ألمه .
تحمحم بغزل أهلكها:
ــ ريحته حلوة وملمسه ناعم زيك يا حنين .
تحرك ساكنها بنبضات شديدة وجسـ.ـدها تفكك من مجرد كلمات قالها أهلكت مشاعرها الساكنة وأثارتها ، و لـوهـلـة غَـاص فـي عـيـنـيـهـا وفـي مـلامـحـهـا الـجـمـيـلـة… لـوهـلـة أخـذه فـؤاده لـشـعـور لا يـنـاسـب ذاك التوقيت ،
ثم أشاح عيناه عنها و زفر أنفاسه بقوة آمراً إياها :
ــ اتفضلي لمي شعرك والبسي الايس كاب التافه اللي انتِ لابساه ده وما يتكررش تاني اللي حصل ولبسك بعد كده يبقى واسع يا اما دريسات يا اما جيبة وبلوزة عادي جدا ،
بناطيل ممنوعة ومكياج وروج زي اللي في شفايفك ده ممنوع برده حطيه في البيت براحتك اما خروج بيه ممنوع ،
ويلا علشان أوصلك وبكرة نبقى ننزل نشتري الفستان اللي نفسك فيه وما فيش نزول لوحدك تاني ولا مع أصحابك حتى كمان بعد كده رجلي على رجلك .
تهللت بسعادة لم تصدقها:
ــ بجد يا هاشم هتنزل معايا بعد كده في اي مكان أنا عايزاه لما اطلب منك ؟
تبسم برجولة أذابتها:
ــ بجد يا قلب هاشم بس لو مش فاضي هتنزلي مع مامتك وهتصوري نفسك وانتِ خارجة واشوف لبسك عامل إزاي وانتِ رايحة الشغل كل يوم تاخدي بالك من الحاجات اللي انا قلت لك عليها يا اما الشغل ده تبطليه انتِ مش محتاجاه بعد كده لما نتجوز عايزك تتفرغي لي خالص.
تعلقت عيناها به بنظرة ضائعة أرجفت ذلك القابع بين أضلعه لتنطق بوله :
ــ ما كنتش أعرف إن انت غيور قوي كده وانك ممكن تقلب الدنيا بسبب كلمتين سمعتهم بجد انا ذهلت من اللي حصل ومش مستوعبة لحد دلوقتي إنك اتخانـ.ـقت الخنـ.ـاقة دي كلها علشان بتغير عليا !
بدا شبح ابتسامة خفيفة على ثغره ولكنها سرعان ماختفت في بحر لهفته للاقتراب منها الآن والنيل من شهد شفتيها ولكن تمسك بشدة أمام رقتها ونظراتها المهلكة لحصون أي رجل:
ــ طبعا بغير وجدا كمان وما بقدرش اتحكم في أعصابي وقت غيرتي علشان كده ما تحاوليش تستفزي غيرتي لأني ممكن اقول كلام يزعلك مني وبقوله غصب عني من غير ما آخد بالي، ويلا بقى يا هانم عشان نتحرك علشان ما ينفعش نفضل كتير كده مش عايز أعمل حاجة تضايقك مني ولا تضايقني من نفسي .
الحب هو أن لا أعزلك عن العالم، الحب أن أتركك بالزحام وأنا أثق أن قلبك لي ، لا يهم كم يبقى لي من عمر المهم أن أبقى معك العمر كله ،
أريد أن أكون شيئاً جميل بحياتك يرسم على شفتيك الابتسامة كلما خطرت على بالك ، ليتني كل شيء تحبه أنت؛ فقد تكسب في يوم ما شخصاً يعادل ما خسرته في حياتك كلها ،
ثم تنهدت بابتسامة حالمة وهي توعده بعينيها:
ــ أما بعد فلن أحب أحداً بعدك، أما قبل فأنا أساساً لم أعرف الحب إلّا بك،
جميل أن تكون شيئاً ثميناً لدى شخص يخاف فقدانك يوماً ، فالشخص المهم في حياتك ليس الشخص الذي تشعر بوجوده ولكنه الشخص الذي تشعر بغيابه ، لو رأيت كيف أحكي للغرباء عنك لحاولت أن تقف في طوابير الغرباء لتحب نفسك من حديثي ، قيدتني بك، حتى وإن لم تكن موجوداً أستشعر طيفك معي ،
الحب أن أكتفي بك ولا أكتفي منك أبداً ، أحببتك جداً لدرجة أنّه عندما تغيب عني يغيب معك كل شيء.
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مشاعر موقدة)