رواية ليس لها ذنب الفصل التاسع عشر 19 بقلم ميلي ميس
رواية ليس لها ذنب الجزء التاسع عشر
رواية ليس لها ذنب البارت التاسع عشر

رواية ليس لها ذنب الحلقة التاسعة عشر
مرت الأيام ببطء…
مش زي الأيام العادية، لأ…
دي كانت أيام تقيلة، كل ثانية فيها كانت بتلسع زي النار.
نور؟
بقت كأنها شبح ماشي في القصر.
هدية، رزينة، ملامحها باردة،
بس عيونها… مليانة وجع وسكوت.
ولا كلمة قالتها لسليم من يوم ما رجعها من عند نرمين.
بتتجاهله تمامًا،
تمر من جنبه كأنه حيط،
ولو اتكلم نظم معاها؟ ترد بكلمة وتكمل طريقها.
أما سليم…
كان بيعيش عذاب اسمه “تأنيب ضمير”.
بيحاول، بيقرب، بيفتح مواضيع،
بس نور كانت سد منيع،
كأنها مش هي البنت اللي كانت بتموت فيه من أيام.
أما سارة؟
فكانت عاملة حفلة كل يوم،
ضحكة مصطنعة، دلع زايد،
لبس فاخر وشعر معمول…
بس سليم؟
ولا حس، ولا لمسة، ولا حتى كلمة حنية.
كانت تراقبه وهو بيرمي نظره على نور،
وكان قلبها يولع من الغيرة،
بس تحاول تبين إنها “الزوجة اللي كسبت الجولة”.
وفي بعيد، في فيلا تانية…
مازن كان عايش في عزلة،
الهدوء حوالينه، بس جواه… بركان!
مش ناسي ولا غافر،
سليم؟ بقى عدوه الأول.
وسارة؟ كأنها ماتت بالنسباله.
وفي جامعة بعيدة عن جو القصور والمشاكل…
كان فيه نار تانية بتتكون.
سيف × نرمين.
سيف، الأستاذ الجديد،
اللي كل البنات بتحلم بيه،
ما بقاش شايف غير نرمين.
نظرتها، كلامها، حتى لما بتتخانق معاه…
كانت بتعجبه أكتر!
بس نرمين؟
كانت بتسميه “الأستاذ المغرور”…
كل مرة تشوفه تقول لنفسها:
“آه يا ربي! مش قادر أطيقه!”
كان بيبدّل مكانها في المحاضرات،
يعلق على واجباتها،
وكل مرة يقول لها:
“انتي محتاجة تشتغلي أكتر يا نرمين.”
وهي؟
ترجع البيت متنرفزة تقول للينا:
“أنا هضربه! والله لأخنقه فـ يوم!”
لكن لما يمر قدامها… قلبها يدق دقتين تلاتة.
وفي مرة…
وهي خارجة من الكلية،
لقته واقف عند عربيتُه،
ابتسم وقال:
“نرمين… على فكرة، شكلك حلو وانتي متنرفزة.”
وسابها وركب… وهي وقفت مكانها مصدومة!
وفي القصر؟
فيه عيون بتراقب،
وفيه قلوب بتتقطع،
وفيه سرّ… قرب ينفجر.
والمفاجأة؟
مش بعيدة.
وممكن تغير كل شيء!
هل نور هتفضل صامدة؟
هل سليم هيرجع يكسب حبها؟
وهل مازن ناوي على انتقام جديد؟
وسيف… هيقدر يكسر جدار قلب نرمين؟
في ذلك القصر المنعزل، واللي الضلمة كانت مغطياه زي الكفن…
كان جاد الله واقف قدام الشباك،
إيده ورا ظهره، وعينه بتلمع بنظرة شيطان.
جاد الله (بصوت منخفض بس مليان حقد):
“بُشرى لليل…
النهارده هتنتهي اللعبة،
وهيموت سليم الأسيوطي…
وأنا، جاد الله، هدمّر إمبراطورية الأسيوطي… طوبة فوق طوبة!”
ضحك ضحكة صغيرة، خبيثة،
وهو بيبص على صورة قديمة لسليم وابوه زمان،
ثم مزقها نصين، ورماها على الأرض.
وفي مكان تاني…
في غرفة عمليات سرية، فيها شاشات، خرائط، وناس لابسين أسود…
كان معتز واقف قدام الفريق، بصوته الحاسم ونظرته الصارمة:
معتز (بجدية):
“النهارده… الثعبان هيخرج من وكره.
وجبنا نمسكه قبل ما يلسع أي حد تاني.”
الفريق كله وقف في انتباه،
بس مكنوش يعرفوا إن معتز… مش مجرد “نسيب” ولا مجرد شريك.
الحقيقة اللي محدش يعرفها،
إن معتز هو قائد فرقة خاصة سرية،
تابعة لجهاز أمني دولي،
ومهمته الأساسية: اصطياد الوحوش البشرية اللي بيدمروا حياة الناس بفلوسهم وسلطتهم.
معتز (يكمل بصوت منخفض):
“جاد الله مش مجرد مجرم…
ده سرطان لازم نستأصله.
عايز ينتقم من سليم، بس اللي مش عارفه… إننا سبقناه بخطوة.”
فجأة، تظهر صورة جاد الله على الشاشة الكبيرة ورا معتز،
ويبدأ الفريق يراجع الخطة…
تحركاته، الأماكن اللي بيروحها، ومعاد الضربة.
رفع معتز سلاحه الشخصي،
وحط خطة الهجوم على الطاولة:
“يلا يا رجالة…
النهارده مش بس هننقذ سليم،
النهارده هنكشف أوسخ شبكة جريمة في البلد دي…
وهننهي اللعبة قبل ما تبدأ!”
اللعب جدّ… وبدأت الحرب!
في الجامعة،
كانت الشمس ساطعة والجو في الحرم مليان حياة، طلبة داخلة طالعة، ضحك، أصوات محاضرين، ودوشة شباب الجامعة العادية.
دخلت نرمين القاعة وهي ماشية مع صاحبتها صفا،
وكان طارق معاهم، بيضحك على حاجة قالتها صفا، ونرمين ضحكت معاهم بخفة.
اختاروا مكان في الصف التاني، وقعدوا، ولسه الضحك مستمر.
دقيقة واحدة…
ودخل سيف.
القاعة كلها سكتت، زي العادة، مش عشان احترام…
بل لأن حضوره دايمًا ليه رهبة.
خطواته كانت واثقة، ملامحه جامدة، ونظراته زي السهام… باردة وحادة.
لكنه فجأة وقف…
عينيه وقعت على نرمين… قاعدة جنب طارق… وبتضحك.
سيف في نفسه (وهو بيضغط إيده على شنطته):
“هو إيه الافتكاسة دي؟
ما كل القاعة ناقصة كراسي غير جنب طارق ده؟”
بص بنظرة كلها غيرة مكتومة،
وهو بيحاول يخبي انزعاجه، لكن تعابيره فضحته…
اللي يعرفه كويس، يقدر يقول إن نار مولعة جواه.
سيف مشي بهدوء للمنصة،
وبينما بيجهز اللابتوب لمحاضرته،
لمح من طرف عينه طارق بيهمس حاجة لنرمين،
وهي بتضحك وتغطي بقها بخجل.
سيف وهو بيحاول يسيطر على غضبه، لف نظره لنرمين مباشرة، عينيه فيها نار مكتومة، وصوته جاف وحاد:
سيف (وهو بيقولها بسخرية باينة):
“هو إيه اللي بيضحّك قوي يا آنسة؟ ضحكينا معاكِ… يمكن إحنا كمان نضحك شوية؟!”
نرمين اتشدّت فجأة، وسكت الضحك كله حواليها.
وشها احمر من الإحراج، وبصت له بنظرة متوترة،
لكن جواها كانت بتغلي… وبتقول لنفسها:
“يا رب أرتاح من وشّك… انت مالك ومالي؟!”
نرمين (بصوت منخفض مرتبك):
“آسفة يا دكتور، مش هيتكرر تاني…”
سيف رفع حواجبه، ونفخ ببطء كأنه بيكتم حاجات كتير جواه،
وبلهجة باردة قال:
سيف:
“تم خصم 5 درجات من تقييمك النهائي…
واعتبريهم تمن الضحكة اللي خدت من وقت المحاضرة.”
القاعة سكتت… حتى طارق اللي كان بيضحك، بلع ريقه وكمّل يقلب في الصفحات.
نرمين عضّت شفايفها من القهر… مش من الخصم،
بل من طريقته.
لكن وهي قاعدة، في عينيها لمعة متحدية…
هو فاكرني هسكت؟
والله ما شفت مني لسه حاجة يا دكتور مغرور!
نرمين بهدوء، تطلع ورقة من شنطتها، وتكتب بخط كبير وواضح:
> “إعلان هام جداً:
دكتور سيف طالع من علاقة فاشلة وناوي ينتقم مننا احنا،
لو شفتوه بيبتسم… خبّوا درجاتكم فوراً!
#أنقذوا_الطلاب”
تطوي الورقة بسرعة وتهمس لصفا جنبها:
“وزّعي دي على الناس اللي ورا، قولي إعلان إداري مهم!”
صفا تاخدها وهي مكتومة ضحك، والورقة تبدأ تلف من طالب لطالب، والكل يقرأ ويكتم الضحك، وفيه اللي بيصوّرها بالموبايل تحت الدرج.
سيف يلاحظ الهمس والضحك اللي ماشي في القاعة، يضرب القلم على المكتب بقوة:
“فيه إيه؟!”
واحد من الطلبة يهمس للثاني:
“ابتسم، بسرعة خبّي درجاتك!” 😂
سيف:
“انسة ناريمان… قفي!”
نرمين تقوم بكل براءة:
“أيوه يا دكتور؟”
سيف (يشاور على الورقة اللي وصلتله أخيرًا):
“ده إيه؟!”
نرمين (ببراءة تمثيلية):
“حضرتك ده توعية نفسية، علشان الطلبة يعرفوا يتعاملوا مع الطاقة السلبية في القاعة…”
سيف يتمالك نفسه بصعوبة من الغيظ، الطلبة كلهم بيكتموا الضحك، وصفا بتقفل وشها بالكتاب من كتر ما بتموت ضحك.
سيف بانفعال وبصوت عالي قدام كل الطلبة:
“احسبي نفسك شلتي المادة كلها… واعتبري نفسك خدتِ صفر رسمي!”
الطلبة يسكتوا فجأة، الجو اتوتر… بس نرمين، بكل هدوء، تطلع من شنطتها كراسة صغيرة لونها فوشيا ومكتوب عليها بخط عريض:
“تقييمات الدكاترة – سرّي جداً” 😏
نرمين وهي تفتحه قدامه بكل برود:
“هو المفروض آخذ نقاط على اجتهادي وإجابتي… بس بما إنك قررت تقيم شغلي بدرجة صفر، فأنا كمان هقيّم حضرتك.”
سيف (بيرمقها بنظرة مصدومة):
“إنتي بتتكلمي جد؟!”
نرمين وهي تقلّب الصفحات وتبدأ تقرأ بصوت عالي كأنها مذيعة:
> “أستاذ سيف – تقييم الأسبوع التالت:
الشرح: 2 من 10 (عشان بيشرح وكأنه بيقرا من على غسّالة و تسمع صوتك أكتر من صوت الطلبة)
التعامل مع الطلبة: سالب 4 من 10 (عنده عقدة من الضحك)
الكاريزما: صفر كبير (شكله بيصحى من النوم وبيجي على الجامعة على طول)”
المرونة: 1 من 10 – (وده كرم مني)
العدالة: ( هاااا؟ دا لو قابلتها بلّغها إحنا بندوّر عليها! )
القاعة كلها انفجرت ضحك 🤣، سيف كان هيولع من الغضب!
سيف (بصوت مخنوق):
“نرمين!!!”
نرمين وهي تقفل الكراسة وتبتسم:
“أيوه؟ حضرتك عايزني أبعتهالك بصيغة PDF؟ ولا نعلقه على الجروب؟” 😌
صفا من ورا تهمس:
“نرمين انتي بطلة الجيل رسمي!” 😂
سيف (بغضب وصوته بيرج القاعة كلها):
“برا !!!”
نرمين بكل هدوء وهي بتجمع أغراضها وتحط الكراسة الفوشيا في شنطتها:
“مع السلامة يا دكتور كاراكتر… أقصد سيف.” 😌
الطلبة بتكتم ضحكهم بالعافية، فيه اللي بيعض صباعه، وفيه اللي مداري بكتاب
وهي ماشية من بين الصفوف، تبص لطالب جنبها وتهمس له:
“لو اختفيت فجأة، اعرف إني دخلت القايمة السودة بتاعت قسم الكيميا… بلغوا أهلي!” 😆
بمجرد ما تطلع من القاعة وتقفل الباب، سيف ينفجر غضب بصوت هز أرجاء المدرج:
سيف (ووشه أحمر):
“وأي حد تاني يحب يعمل فيها كوميديان؟!
اللي يتبايخ… يعتبر نفسه شال المادة!!!
بل شال المادة والسنة والكلية والدنيا كلها!” 🔥🔥
القاعة تسكت تمامًا، حتى اللي كان بيكح وقف الكحة نصها، واللي كان بيضحك بقى عامل نفسه بيكتب في الكشكول وهو بيرتعش
سيف وهو بيتمشى بين الطلبة زي أسد بيدور على فريسة:
“ابتداءً من دلوقتي… اللي هيتكلم… يتنفس… يضحك…
هسحبه بنفسي يروح يسجل في معهد طيران ورق!” 🥶
في جناح سارة – جو هادي وشر ظاهر في المراية
كانت سارة واقفة قدام المراية، لابسة روب حرير بلون نبيتي، وبإيدها بتلمس بطنها وبتكلم نفسها بصوت واطي كله خبث:
سارة (بهمس):
“ماتخافش يا حبيبي… مش هيبقى ليك أخ… إنت بس، وريث الأسيوطي الوحيد.”
بعدين لفت ناحيّة الخادمة الجديدة “أحلام” اللي كانت واقفة جنب الباب. أحلام بنت قريبة لنسرين، جاية تشتغل مؤقتًا لحد ما ترجع الدادة فاطمة من إجازتها.
سارة وهي بتخرج ظرف فلوس من درج التسريحة وتمدّه لأحلام:
“خدي ده… وعايزة منك خدمة بسيطة أوي.”
أحلام (بطمع وقلق):
“خدمة إيه يا هانم؟”
سارة (وهي تخرج شوية نقط من زجاجة صغيرة):
“هتحطيلي من الدوا ده في كوباية الحليب اللي هتديها لنور… حاجة بسيطة بس… لو كانت تعبانة، هيتعبها أكتر.”
أحلام (بتشد نفسها):
“بس دي حامل يا هانم…”
سارة (ببرود وهي تبتسم):
“ما هو ده المطلوب يا روحي… إنتي بس نفّذي، وأنا أوعدك أديكي ضعف اللي في الظرف… وهخليكي الخدامة الخاصة بيا طول العمر… مش هتمشي لما ترجع الدادة.”
أحلام (بتبلع ريقها وتاخد الفلوس):
“حاضر يا هانم… اعتبريه حصل.”
—
في المطبخ – بعد شوية
أحلام دخلت وبدأت تحضّر الحليب… حطت النقاط في الكوباية بخفة، وقلبت المشروب كويس، وخرجت بسرعة بالكوباية في إيدها.
بس وهي ماشية، اصطدمت بـ نسرين اللي كانت داخلة تدور عليها:
نسرين (بشك):
“إنتي كنتي فين؟ بدور عليكي من الصبح!”
أحلام (بتوتر وهي مخبية الكوباية ورا ضهرها):
“كنت… كنت برتب أوضة هانم سارة.”
نسرين (وهي تلاحظ الكوباية):
“إيه ده؟ لمين ده؟”
أحلام:
“للست نور… كانت طالبة حليب.”
نسرين:
“هاتيه… أنا هوديه لها. كفاية كسل، وتعالي معايا نقشّر خضار. المدام ليلى والعيال جايين يباتوا هنا النهارده.”
أحلام (بتحاول تمنعها):
“بس… ده مخصوص—”
نسرين (بتاخد الكوباية):
“خلاص بقولك! وراكي شغل كتير، يللا قدامي.”
في جناح سليم
نسرين وصلت عند أوضة سليم، خبطت… مفيش رد.
سمعت صوت المية من الحمام، ففهمت إن نور بتستحمى.
نسرين:
“هسيب الحليب هنا… بس شكله هيبرد… طب أديه لسارة أحسن، هي كمان حامل.”
في جناح سارة – بعد دقيقة
نسرين دخلت وسابت الكوباية على الكومودينو:
نسرين:
“جبتلك الحليب يا هانم.”
سارة (بثقة وهي تاخده):
“تسلمي يا نسرين… دايمًا فِهمانة.”
سارة شربت كوباية الحليب بهدوء وهي قاعدة قدام
وبإيدها كانت بتلمس بطنها وتبتسم بخبث:
سارة (بهمس):
“مافيش حد هيخلف من سليم غيري… ما حدش…”
لكن فجأة، وشها شحب… حسّت بدوخة غريبة، الدنيا بدأت تلف بيها، وإيديها بترتعش…
بصّت لتحت…
وعينيها اتسعت من الصدمة…
دم… كتير… بينزل من رجلها!
سارة (بصوت مبحوح مرتبك):
“إيه دا؟!! لأ… لأااااااااااا!!!”
قامت تتمايل على رجلها، وفتحت باب الجناح بسرعة تصرخ بأعلى صوتها:
سارة (بصرخة هستيرية):
“الحقووووووونيييييي!!!”
زمرد، وهي قاعدة تحت في الصالون، قامت مفزوعة على صوت الصرخة:
زمرد (برعب):
“يا لطيف! هو مافيش يوم يعدي في القصر ده من غير مصيبة؟!”
سمية طارت على صوت بنتها من أوضتها :
سمية (مرعوبة):
“بنتي!!! سارة!!!”
نور كانت في جناحها، خرجت على الصراخ وهي قلبها هيوقف:
نور (وهي بتجري):
“يا رب ما يكونش البيبي حصل له حاجة… ياااا رب!”
الكل اتجمع قدام جناح سارة، وأولهم زمرد… دخلت بسرعة ولقت سارة قاعدة على الأرض والدم مغرقها.
زمرد (بشهقة):
“يا لهوييييي! سارة! دم؟!!! نسرين، نسرين اتصلي بالإسعاف فورًاااااا!!!”
نسرين (وهي بتطلع الموبايل بسرعة):
“حاضر يا مدام! دلوقتي حالًا!”
زمرد ركعت جنب سارة وبدأت تطبطب عليها:
زمرد:
“اهدي يا بنتي… اهدي… الإسعاف جايه!”
سارة (بصوت بيترعش من الخوف والدموع):
“ابنيييي يا مرت عمي… البيبيييي رااااح منيييي…”
سمية دخلت وهي بتعيط وبتصرخ:
سمية:
“يا مصيبتي!!! إزاي كده يا بنتي؟! إنتي كنتي لسه كويسة من شوية… إنتي هتموتينيييي!”
زمرد (وهي بتحاول تسيطر على الوضع):
“نسرين! نسرين اتصلي بسرعة بسليم! قولي له ييجي حالًا! وبلغي الإسعاف يسرعوا أكتر!”
نور كانت واقفة متسمّرة، ووشها مصدوم، عينيها ، وبتهمس لنفسها:
نور:
يارب عدي اليوم على خير
بعد شوية… صوت الإسعاف ملأ القصر، زمرد وقفت عند الباب بتلهف، أول ما شافتهم:
زمرد: “هي هيييه… إلحقوا البنت بتموت! بسرعة يا ولاد الحلال!”
نسرين جريت وفتحت باب الفيلا، والمسعفين دخلوا بالعربية النقالة…
سارة كانت نصها فايق ونصها غايب، بتحاول تتكلم بس صوتها ضعيف جدًا…
المسعف وهو بيطمنهم: “هننقلها فورًا، النزيف مش بسيط، لازم تدخل على غرفة الطوارئ بسرعة.”
زمرد بصوت عالي لنسرين: “اتصلتي بسليم؟!”
نسرين (وهي ماسكة الموبايل وتبص عليه بقلق): “كل شوية أتصل… مش بيرد! الموبايل بيرن ومفيش رد!”
زمرد بصراخ وهي بتقرب من العربية: “طيب لو مردش تاني اتصلي بمعتز… أو مازن… أي حد! المهم يوصله الخبر!!”
سمية طلعت معاهم، وشكلها مصدوم، بتحاول تمسك أعصابها وهي ماشية جنب زمرد:
سمية: “سارة مش ناقصا تعب… يا رب سترك، يا رب ما يضيع البيبي.”
نور وقفت على الباب، قلبها بيخبط في صدرها، مش عارفة تحس بإيه، بس عيونها ما فارقتش سارة وهي بتتحمل في العربية.
زمرد وهي داخلة تركب العربية بسرعة: “نسرين خليكِ مع نور… وقولي لسليم أول ما يرد يطير على المستشفى!”
في مكان مهجور على أطراف المدينة، كانت سيارات الشرطة والإسعاف محاوطة مكان الحادث.
العربية كانت متفحمة، النار لحستها كلها… والدخان لسه طالع منها رغم إنهم طفوها من شوية.
المسعفين طلعوا الجثة من العربية، مغطّية بالكامل ومحروقة بدرجة ماحدش قدر يميّز الملامح.
شرطي شاب بيقرب من الضابط الكبير، وملامحه مصدومة:
الشرطي: “باشا… العربية اتعرفنا عليها من النمرة…”
الضابط وهو بيبصله بحدة: “عربية مين؟”
الشرطي وهو بيبلع ريقه: “دي… دي عربية سليم الأسيوطي يا باشا!”
الضابط اتجمد مكانه، وبص للجثة المحروقة… وبعدين للوحة العربية.
الضابط: “إنت متأكد؟!”
الشرطي: “أيوه يا فندم… النمرة مسجّلة باسمه، ومافيش أثر لحد تاني في العربية… اللي كان سايقها مات فورًا.”
الضابط بياخد نفس طويل، وبعدين يبص للسماء كأنها سودا فوق دماغه:
الضابط: “يعني لو الكلام ده طلع صح… يبقى سليم الأسيوطي… مات؟!”
في صالون القصر، كانت الأجواء مشبعة بالتوتر…
نسرين قاعدة على الكنبة جنب نور، اللي ملامحها كانت باهتة وعيونها زايغة، وليلى كانت ماسكة إيد نور في صمت وقلق، وولادها الصغيرين نايمين جنبها على الأرض بعد تعب الطريق.
وفجأة…
رن جرس الباب.
نسرين قامت بسرعة وهي بتقول: “أنا هفتح…”
مشت بخطوات متوترة، ولما فتحت الباب، فوجئت برجال الشرطة واقفين قدامها.
الشرطي (بجدية ونبرة حزينة): “حضرتك من عيلة الأسيوطي؟”
نسرين (بتوتر): “لا… بس بشتغل عندهم من سنين…”
الشرطي: “ممكن تناديلي حد من أفراد العيلة؟ في موضوع مهم ولازم يتبلغ ليهم.”
نسرين قلبها دق بسرعة، بصت وراها، وندهت: “مدام ليلى… تعالي بسرعة!”
ليلى قامت وهي حاطة إيدها على صدرها من القلق، وجت ناحية الباب.
ليلى (بقلق): “خير يا حضرة الظابط؟ حصل حاجة؟”
الشرطي (بحزن واضح): “للأسف…
العربية اللي بنملكها سليم الأسيوطي، لقيناها في حادث بشع على طريق الصحراوي…
وكان فيها جثة… محترقة بالكامل…
وعشان نقدر نثبت الهوية، محتاجين حد من العيلة يعمل تحليل ADN… عشان نتأكد إن كانت الجثة فعلاً لسليم ولا لأ.”
ليلى مرعوبة صوت الجملة الأخيرة لسه بيرن في ودانهم…
ليلى (بعيون واسعة وصدمة مرسومة على وشها، وبصوت عالي بيتحوّل لانهيار):
“إنتو مش متأكدين؟! يعني… يعني ممكن مش هو؟! صح؟! قولي إن فيه أمل! قولي إن فيه غلط حصل!”
الضابط (بحزن وهو بيهز راسه):
“يا فندم… العربية متسجلة باسم الأستاذ سليم… ومكانش فيه حد تاني فيها.”
ليلى (بصراخ وهي بتترعش):
“مستحيل!! أخويا لا! سليم مايموتش كده!!!”
صرختها كانت موجعة، زي طلقة خرقت قلب كل اللي سمعها.
ليلى (وقعت على ركبها وهي بتبكي بحرقة):
“أخوياااااااا… أخويا يا ناس… ده كان ضهري وسندي… مايتسابش كده… مايتاخدش كده فجأة!!!”
وفجأة… نور اللي كانت ساكتة طول اللحظة، متسمّرة مكانها، عينيها بتدمّع، ووشها شاحب زي الورق، وقفت تتهز وهي بتهمس:
نور (بصوت مخنوق):
“لا… مش سليم… مش هو…”
وفجأة رجليها مابقَتش شايلة جسمها، وانهارت على الأرض مغشي عليها.
نسرين صرخت وهي بتجري عليها:
نسرين:
“مدام نور!!! حد ينادي الدكتور بسرعةاااا!!!”
ليلى وهي بتبص لنور اللي مغمى عليها، دموعها نازلة بحرقة أكتر:
ليلى:
“ربنا مايكتبها على حد… دي صدمة مش قلب بني آدم يتحملها…”
الضابط بص للمنظر وهو ساكت، حس إن الكلام هنا مالوش لازمة… كل حاجة اتقالت خلاص… والموت ساب بصمته في القصر.
في المستشفى، زمرد قاعدة على الكرسي قدام باب العمليات، وسمية ماشية رايحة جاية قدامها، متوترة ودموعها على خدها.
زمرد (بتحاول تهديها):
“اهدِي يا سمية، إن شاء الله خير… ربنا كبير.”
سمية (بصوت مرتعش):
“ماهو لو حصلها حاجة… ده أنا بنتي الوحيدة يا زمرد، سارة بنتي… وحفيدي كمان…”
فجأة، الباب اتفتح وخرج الدكتور، ووشه فيه تعَب بس نبرة صوته كانت مطمّنة.
الدكتور:
“الحمد لله، الوضع استقر.”
زمرد وسمية مع بعض بصوت واحد:
“يعني سارة بخير؟!”
الدكتور بابتسامة خفيفة:
“أيوه، قدرنا ننقذ الجنين… والست سارة حالياً مستقرة… بس محتاجة راحة تامة في الفترة الجاية.”
سمية تنهارت على الكرسي وهي تحط إيدها على صدرها:
“الحمد لله يا رب… الحمد لله!”
زمرد (بتتنفس بعمق):
“أهو ربك لطيف… جبر بخاطرنا.”
الدكتور:
“بس في سؤال مهم محتاج أعرف إجابته… المدام سارة كانت بتاخد أي أدوية مؤخرًا؟”
زمرد (باستغراب):
“أدوية؟ تقصد إيه يا دكتور؟”
الدكتور (وهو بيقلب في الملف):
“في تحاليل اتعملت، ولما شُفنا المؤشرات… ظهر في دمها أثر لمادة اسمها كورتافيلون.”
سمية (بقلق):
“كورتا إيه؟ دا اسم غريب.”
الدكتور:
“كورتافيلون… ده دواء بيتوصف في حالات نادرة جدًا لعلاج التهابات الأعصاب المزمنة، لكنه معروف إنه خطر جدًا على الحوامل… وممكن يسبب إجهاض بنسبة كبيرة جدًا.”
زمرد (اتشدت ملامحها):
“يعني انت بتقول إن اللي حصل معاها… كان بسبب الدوا ده؟!”
الدكتور (بهز راسه):
“بنسبة كبيرة جدًا… هي أخدته بإرادتها؟ ولا في حد إداه لها؟”
سمية بصوت مخنوق:
“يا ساتر يا رب… ده كان حيموتها هي والبيبي…”
زمرد (بصوتها المليان شك):
“إحنا هنعرف الحقيقة… وهعرف مين اللي حاول يعمل كده في حفيدي .”
في القصر…
كانت الدنيا هادية بطريقة تخوف، والكل مصدوم بعد ما الشرطة خرجت من القصر.
ليلى كانت واقفة جنب الباب، بتبص في الأرض وعينيها كلها دموع.
فجأة، لفت الطرحة على راسها بسرعة وقررت تروح معاهم تعمل تحليل الـDNA.
ليلى (بحزم وسط دموعها):
“أنا هاجي معاكم… لو الجثة دي فعلاً لسليم، يبقى لازم نعرف بالحقيقة… ولازم أكون أنا اللي أتأكد.”
الشرطي يومي برأسه بهدوء:
“تمام يا مدام… تعالي معانا للمشرحة، وهنطلب من المختبر ياخد منك عينة لتحليل الـDNA.”
نسرين كانت واقفة عند الباب، قلبها بيتقبض وهي شايفة ليلى ماشية مع الشرطة.
في الوقت ده…
في جناح نور بالقصر، كانت مغمى عليها على السرير، بعد ما وقعت من الصدمة.
الدكتور اللي جه بسرعة من المستوصف القريب، فحصها، ووشه اتغير.
الدكتور (بقلق):
“البنت دي حامل، وضغطها واطي جدًا… وفي خطر على الجنين. لازم تتحوّل للمستشفى فورًا.”
نسرين (بخوف):
“يا نهار أبيض… طب بسرعة يا دكتور، أنا هتّصل بالإسعاف!”
تم نقل نور فورًا لمستشفى خاص، وفي الطريق كانت نسرين ماسكة إيدها، والدموع نازلة على خدها.
نسرين (بهمس وهي تبص على وش نور الشاحب):
“اصحي يا نور… بالله عليكي، متسيبيش نفسك…
في بهو الاستقبال بالمستشفى، كانت زمرد وسمية واقفين جنب بعض، بيملوا بيانات دخول سارة بعد ما اطمأنوا إنها والجنين بخير. الجو كان هادي، لحد ما صوت التلفزيون علّى فجأة بخبر عاجل.
> المذيعة بصوت جدي: “عاجل… حادث مروّع يودي بحياة رجل الأعمال الشاب سليم الأسيوطي… الشرطة تؤكد أن السيارة انفجرت بالكامل، والجثة غير قابلة للتعرف عليها حتى الآن…”
الورقة وقعت من إيد زمرد، ووقفت متسمّرة قدام الشاشة، ثم صرخت:
زمرد (بانهيار): “لأاااااااااااااااااااااا!!! ابنييييييييييي!!!”
سمية قربت منها وهي مصدومة، تحاول تسندها:
سمية (بصوت مخنوق): “استني يا زمرد… يمكن يكون غلط… يمكن مش هو… استني شوية!”
زمرد (وهي بتضرب على صدرها): “قالولي في المستشفى مكنش بيرد ع التليفون… قلبي كان حاسس… قلبي كان واجعني!! ابنييييي يا سليم!!!”
ممرضة جريت عليهم: “مدام، مدام إهدي… تعالي أقعدي هنا شوية!”
زمرد (بصوت مبحوح وهي بتبكي): “أنا قلبي اتحرق… ابني… دا نور عيني… لسه صغير! كان لسه بيضحكلي امبارح!”
سمية (ودموعها نازلة وهي بتحاول تهديها): “زمرد اهدي، لازم نروح نعرف الصح… متأكديش من حاجة قبل ما نشوف بنفسنا!”
زمرد تنهار على الأرض، وسمية تصرخ للممرضة: “حد يجيب دكتور بسرعةاااااااااا!!!”
في ساحة الجامعة…
كانت الشمس حامية، والطلبة بيتحركوا رايحين جايين، لكن نرمين كانت واقفة في مكانها، ووشها متجمد قدام شاشة موبايلها.
نرمين (بصدمة وهي تقرأ الخبر):
“عاجل… رجل الأعمال سليم الأسيوطي في حادث مروع يعتقد أنه فقد حياته!”
نرمين شهقت، وإيدها بدأت ترجف وهي تدوس بسرعة على اسم نور تتصل بيها.
لكن مفيش رد…
إعادة اتصال… تاني… وتالت… لحد ما ردت عليها صوت غريب.
أحلام (من الطرف التاني):
“ألو؟”
نرمين (بقلق وخوف):
“حضرتك مين؟ دا تليفون أختي نور!”
أحلام:
“أنا الشغالة الجديدة… مدام نور اتنقلت المستشفى، كانت في حالة صدمة بعد ما سمعت الخبر…”
نرمين (بصوت مخنوق):
“إيه؟! مستشفى إيه؟! حصل لها إيه؟!”
لكن أحلام كانت مرتبكة ومش قادرة توضح، فسكرت المكالمة بسرعة.
نرمين بدأت تجري وسط الزحمة، شنطتها بتتهز ورجليها بتتزحلق من التوتر.
سيف كان نازل من المدرج، وشافها بتمر بسرعة زي ما تكون بتجري على موت.
شدّ نظره تعبير وشها وعيونها اللي كانت فيها دمع.
سيف (يناديها وهو بيجري وراها):
“نرمين! استني! في إيه؟!”
نرمين (بتنفض إيده وهي تكاد تبكي):
“من فضلك يا دكتور… ارجع وقت تاني، مش وقته!”
سيف (بصوت هادي وهو يوقفها من دراعها بلطف):
“اهدي شوية… قوليلي حصل إيه؟ أنتي مرعوبة كده ليه؟”
نرمين (بدموع وقلبها بيتقطع):
“الأستاذ سليم… شكله مات… وأختي… اللي هي مراته… نور… في المستشفى!”
سيف (يتجمد مكانه، ووشه يتبدل):
“إيه؟!!!”
نرمين (بهمس مخنوق):
“أنا لازم أروح لها… مش قادرة أقعد ثانية هنا…”
سيف (بحسم):
“طيب… تعالي، أنا هوصلك… متروحيش لوحدك.”
نرمين تبص له، عنيها بتترجى أي مساعدة، وتهز راسها بموافقة …
سيف شدّها جنبه وراحوا جاري ناحية عربيته.
في مستشفى الألفي
كانت ليلي، الطبيبة الشابة، واقفة جنب مكتب الاستقبال، عينيها مركزة على موبايلها، وإيديها بتترجف وهي بتحاول تتصل بـ مازن للمرة العاشرة على التوالي.
ليلي (بهمس وهي بتعض شفايفها):
“ردّ يا مازن… ردّ بقى…”
لكن الرد نفسه بيرجع كل مرة:
“الهاتف الذي طلبته لا يمكن الوصول إليه حالياً.”
ليلي نزلت الموبايل من على ودنها ببطء، والدمعة كانت خلاص على طرف عينها… مش بس لأنها طبيبة ومش قادرة تهرب من فكرة الموت… لأ، لأن سليم مش مجرد اسم في خبر، مش مجرد “رجل أعمال”… ده صديق طفولتها.
كبروا سوا… لعبوا سوا في نفس الشوارع… ضحكته كانت بتفك أزمتها وهي صغيرة، وهو أول واحد شجعها تدخل طب… وفجأة تلاقي الخبر بيقول “حادث… جثة… سليم؟!”
ملاحظة للقارئ
(عشان يحصل التمييز بسهولة في الأحداث):
ليلى هي أخت سليم – اللي كانت في القصر وانهارت لما الشرطة قالت إن الجثة ممكن تكون لسليم.
أما ليلي اللي بتظهر هنا، فهي الطبيبة وصديقة الطفولة، واللي ليها تاريخ طويل وإنساني معاه، بتشوفه مش بس كاسم في سجل… لكن كأخ وصديق عمر.
وقبل ما تكمل الحزن يأكلها…
دخلت الممرضة بسرعة وهي بتلهث:
“دكتورة ليلي! حالة طارئة… حامل وفاقدة الوعي، اسمها نور الأسيوطي!”
ليلي (شهقت وهي بتوقف بسرعة):
“نور؟!”
الممرضة هزت راسها بسرعة:
“أيوه، حالتها حرجة وبيتهيألي البيبي كمان في خطر!”
ليلي قلبها وقع، وركضت وراها بدون ما تقول كلمة… لأن دلوقتي مش وقت الدموع، ده وقت إنقاذ الأرواح.
بعد وقت قصير…
كانت نور نايمة على السرير، مغمضة عينيها ووشها اشاحب، وجهاز النبض بيرن بهدوء جنبها. ليلي كان أعطاتها مُهدئ قوي عشان تستقر حالتها النفسية بعد الصدمة الكبيرة اللي عدّت بيها… وفوق كل ده، الخوف على الجنين لسه بيخيم على الأجواء.
ليلي كانت واقفة برا الغرفة، حاطة إيديها في جيب البالطو الأبيض، وعينيها سرحانة في نقطة مش باينة… مش قادرة تهرب من الإحساس إن كل حاجة بتقع حواليها.
فجأة، الممرضة جت وهي شايلة ملف بإيدها ووشها مقلوب:
الممرضة (بصوت منخفض):
“دكتورة ليلي… في خبر ضروري حضرتك تعرفيه.”
ليلي (وهي تبص لها بنظرة فاضية):
“خير؟”
الممرضة:
“الشرطة بلغوا المستشفى… جثة الأستاذ سليم الأسيوطي اتنقلت عندنا هنا، في المشرحة الخاصة بالمستشفى.”
ليلي (شهقت وهي تحط إيدها على بطنها):
“إيه؟ عندنا؟!”
الممرضة:
“أيوه، لأنهم عارفين الصداقة القديمة بين العيلتين… قالوا يمكن تقدروا تتعرفوا عليه أسرع، بدل ما يفضل مجهول.”
ليلي (بصوت مخنوق):
“بس… بس ده معناه إنهم تقريبًا متأكدين؟”
الممرضة:
“للأسف… الجثة متفحمة بشكل صعب… بس العربية، النمرة، كل حاجة بتقول إنها بتاعته.”
ليلي حسّت كأن الأرض اتسحبت من تحت رجليها… قلبها دق بسرعة، ومشهد الضحك القديم مع سليم، وهو بيقنعها تدخل طب، مرّ قدام عينيها كأنه فيلم قديم.
ليلي (بهمس، كأنها بتكلم نفسها):
“سليم… لأ… مش ممكن تكون انتهيت كده… مش انت اللي كنت بتضحك في وش الدنيا كلها… مش انت!”
في مستشفى المدينة…
كانت زمرد قاعدة في الكرسي، ووشها باهت من الصدمة، عينيها محمرة من كتر البُكا، وسمية جنبها بتحاول تهديها، بس مفيش كلام بينفع دلوقتي.
الممرضة رجعتلهم بعد ما خلصت أوراق دخول سارة للملاحظة، وقالت إن حالتها بقت مستقرة… لكن خبر وفاة سليم اللي شافوه على شاشة الأخبار كان زي الطعنة اللي لسه بتنزف.
زمرد كانت ساكتة، مش قادرة تنطق… لحد ما فجأة، بصوت متقطع وموجوع خرج منها:
زمرد (بصوت مهزوز):
“خدوني… عند ابني… أنا عاوزة أشوفه… أشوف سليم…”
سمية (وهي بتحاول تسندها):
“زمرد، اهدي يا أختي… انتي لسه خارجة من صدمة كبيرة…”
زمرد (بنبرة أم مجروحة):
“أنا مش هرتاح… غير لما أشوفه بعيني… حتى لو كان… حتى لو كان…”
ووقفت، بإيدين بيرتعشوا، وعيونها بتدمّع من غير صوت، كأن كل دمعة بتتحايل تطلع من قلبها قبل عنيها.
سمية بصت للممرضة بإشارة إنها تجيب عربية إسعاف داخلية أو كرسي متحرك ليصلو للسيارة
زمرد (بإصرار):
“مش مهم عربية… مش مهم أركب ولا أمشي… المهم أوصل له… أوصل لابني.”
في مستشفى الألفي – الطابق السفلي، بالقرب من ثلاجة حفظ الجثث…
ليلي كانت نازلة بخطوات هادية، بس قلبها كان مولع من التوتر… رايحة تشوف الجثة اللي المفروض تبقى لسليم. لازم تتأكد بعينها. لازم تصدق.
لكن قبل ما توصل، سمعت صوت من ورا باب نص مفتوح، واحد لابس بالطو أبيض وبيتكلم في تليفون بصوت منخفض… بس ليلي سمعته.
الصوت (بهمس متوتر):
“أيوه يا أستاذ جاد… المهمة تمت… الأستاذ سليم مات رسمي… الجثة قدامي آه، شفتها بنفسي.”
ليلي وقفت مكانها، حست إن رجليها اتلجت، لكن فضولها خلاها تقرب أكتر من الباب، وهي بتحبس أنفاسها.
الصوت كمل، لكن بنبرة أكتر خبث وتهديد:
“مازن؟… مازن ده الفأر التاني، بقاله فترة مستخبي في الفيلا بتاعته، ما بيخرجش خالص… إيه أوامرك؟ نهاجمه؟… تمام، تحت أمرك.”
ليلي اتسعت عينيها، وكل خلية في جسمها اتحركت على صرخة داخلية:
ليلي يدق قلبها بسرعة (بهمس لنفسها):
مازن
كانت هتدخل تواجهه، لكن فجأة الباب اتفتح، والراجل اللي سمعته خرج، ولسه بيحط الموبايل في جيبه،
ليلي بسرعة خبّت نفسها في ركن الجدار، قلبها بيرفرف زي طائر محبوس… والمفاجأة الكبيرة إنها لما ركّزت في وش الراجل… ما كانش دكتور من المستشفى أصلاً!
في ممر مستشفى الألفي – الطابق السفلي…
كانت ليلي خارجة بسرعة من الممر، نفسها بيقطع، عينيها بتلف يمين وشمال… وشها مرسوم عليه قلق واضح، مش من أي خبر رسمي، لكن من حاجة أخطر… شك.
فجأة، وقفت في مكانها لما شافت قدامها سيف، واقف مع نرمين اللي باين عليها كانت لسه بتبكي.
اللحظة اتجمدت.
نظراتهم تلاقت لأول مرة من خمس سنين.
سيف وهو مش مصدق:
“ليلي؟!”
ليلي، بتقطع السكون بصوت قلق ومستعجل:
“سيف! لازم نروح لمازن حالًا! في خطر… فيه حد بيراقبه، وسمعت كلام يخليني مش مرتاحة خالص!”
سيف قرب منها بسرعة:
“استني… إيه اللي حصل؟ خطر إزاي؟!”
ليلي بصوت مهزوز لكنها مصمّمة:
“كنت معدية من جنب غرفة الاستراحة، سمعت واحد لابس بالطو دكتور بيتكلم في التليفون، بيقول إن المهمة تمت، وإن اللي وراها اسمه جاد… وكان بيقول لازم يخلّصوا على مازن كمان!”
سيف بقلق:
“وإنتي متأكدة من اللي سمعتيه؟”
ليلي:
“كنت هموت من الخضة… كنت داخلة أشوف الجثة ، لكن بعد اللي سمعته… مش قادرة أفسر… بس الموضوع شكله كبير!”
سيف شدّ نفسه بسرعة:
“طيب يلا نتحرك… أنا بسوق، وإنتي تكمّلي تحكيلي في الطريق. مازن لازم نوصله قبلهم.”
نرمين وهي بتقفل موبايلها:
“أنا جاية معاكم، مش هسكت لحد ما أعرف إيه اللي بيحصل.”
نظرات سريعة بينهم، كلها توتر، وقلق، وغموض بيشدّهم لمصير لسه مش واضح.
فيلا مازن
الدق على الباب كان عنيف، كأنهم بيكسروا خشب ولا بيفتشوا على كنز.
البنت فتحت الباب، شكلها كأنها خارجة من خناقة مع قطة برية… شعرها منكوش، ميكاب بايظ، ولابسة فستان لو اتكلم هيستغيث.
البنت (ببرود وهي بتطقطق لبان):
“نعم؟”
ليلي (بحواجب مرفوعة وبصوتها فيه نار):
“معلش، مين حضرتك؟”
البنت (بدلع قاتل وبنظرة بتغيظ):
“أنا؟ صديقة لمازن… بس كنت ماشية خلاص، اتفضلوا.”
لفّت شعرها على صباعها، وطلعت تجيب شنطتها كأنها خارجة من فيلم مش للمشاهدة العائلية.
يدخلوا جوه… ومازن بيخرج من أوضته، التيشيرت في إيده، لابس بنطلون تريننج وكأن الدنيا وردي.
مازن (وهو بيلبس التيشيرت وبيعدل شعره):
“إيه الهجوم ده؟ حد مات ولا بتفتشوني؟”
ليلي (بنار مولعة وعيونها مش ثابتة):
“الدنيا قايمة، الدنيا فوقاني تحتاني… وابن عمك مات!
وإنت… قاعد هنا بتلعب دور هيو هيفنر مع الستات؟!”
مازن (رافع حاجبه، ولسانه سايب):
“مين؟ مين اللي مات؟ متقوليش البت اللي فتحت الباب! أنا سايبها نايمة…”
نرمين (بلهجة سخرية تقطر):
“لا يا فندم، من امتى ما شفتش الأخبار؟ من امتى ما مسكتش موبايل؟”
مازن (بكسل وقلة حيلة):
“كسرت التليفون امبارح… كان بيزن كل شوية، حسّيته بيزن عليا أنا شخصياً.”
سيف يدخل بنبرة حادة:
سيف:
“سليم عمل حادث بالسيارة مات.”
مازن (يسكت لحظة، بعدين يهز راسه ببطء):
“بجد؟ طب والله زعلت… مش علشانه، علشان العربية. كانت حلوة وبتجري زي الرصاصة.”
ليلي (بصوت غيظ وقلق):
“مازن، بجد فوق! الوضع مش هزار، ودورك جاي.”
مازن (وهو بيتمشى ناحيتهم):
“يا جماعة، اللي عنده نية يقتلني… ياريت ييجي بسرعة قبل ما أحجز معاد عند الحلاق.”
سيف (بحدة):
“مازن!”
مازن (رافع إيده):
“ماشي يا عم، فهمت. خلاص، هلبس كوتشي ونيجي نحلل الجثة ونحمي العرش.”
نرمين (بهمس لليلي):
“هو بيهزر ولا مجنون؟”
ليلي :
“الاتنين.”
وفجأة…
“طَخّ! طَخّ! طَخّ!”
صوت إطلاق نار قوي هزّ كل الفيلا.
مازن (بسرعة وهو بيصرخ):
“انبطحوااا!”
سيف سحب ليلي وهو بيغطي عليها، ونرمين اتزحلقت على الأرض، ومازن غطى راسه بإيديه.
دقايق… مش دقايق، ثواني… والباب اتحطم.
رجال كتير دخلوا، وشهم مغطى، لبسين كله أسود، مسلحين، خطواتهم تقيلة زي الموت، وصوتهم ساكت بس مرعب.
مازن حاول يقوم، لكن اتثبت مكانه لما اتضرب بمقبض سلاح على ركبته، وقع، وشاف النجوم.
ليلي (بتصرخ):
“سيبونا! في إيه؟! إحنا عملنا إيه؟!”
لكن مفيش رد… كل اللي حصل بعد كده كان ضباب.
الظلمة نزلت عليهم مرة واحدة.
صوت صاعق كهربائي… بعدها سكون.
مكان مظلم – كأنه قبو تحت الأرض
نور خفيفة خضراء، جايه من لمبة باهتة، وجدران إسمنتية عارية، ريحة الرطوبة خانقة.
الأربعة فاقوا واحد ورا التاني…
سيف أول واحد فتح عنيه، حاول يتحرك لقى إيده مربوطة، بص حواليه بصعوبة.
مازن بيرمش وبيقول بنبرة متلخبطة:
مازن (بصوت مخنوق):
“إحنا… فين؟ ده قبو؟ ولا حفرة جهنم؟!”
نرمين بصوت بيرتعش:
“حد… خطفنا؟”
ليلي بتحاول تفك إيديها وهي بتتنفس بصعوبة:
“مين الناس دي؟ وليه؟!”
في فيلا الأسيوطي
الهدوء قاتل… بس مش هدوء راحة، لأ، دا الهدوء اللي بعد الزلزال.
الصوان اتنصب قدام الفيلا، الناس بدأت تيجي، وجوه حزينة، عيون باكية، وهمسات في كل مكان عن “الخبر الصادم” و”المأساة اللي وقعت على بيت الأسيوطي”.
زمرد كانت قاعدة على الكنبة الكبيرة في الصالون، وشها شاحب، عينيها محمرة، مش بترد على حد، بس دموعها كانت بتتكلم بدلها.
ليلى كانت بتتنقل بين الناس وهي في حالة لا يرثى لها، تليفونها في إيدها، وبتتصل بمعتز للمرة العاشرة:
ليلى (بصوت مكسور):
“ردّ… بالله عليك ردّ… أنا مش قادرة أستوعب اللي بيحصل…”
بس مفيش إجابة.
نور خرجت من أوضة المستشفى بالعافية، رغم اعتراض الدكتور والممرضة، ورغم تحذيراتهم إن حالتها لسه ما استقرتش. لكنها أصرت.
نور (وهي بتقول للدكتور):
“أنا لازم أكون مع أهله… مع أمه… لو كان هو مات فعلاً، فأنا مراته… ومكاني هناك.”
الدكتور هزّ راسه بأسى، وكتب المهدئات، وسمح لها تمشي بشرط المتابعة
في الوقت دا…
سمية كانت لسه في المستشفى، قاعدة جنب سرير سارة، اللي كانت نايمة بتعب بعد ما فاقت من البنج، إيدها في إيدها، ومش راضية تسيبها.
سمية (وهي بتتمتم):
“كله حصل بسرعة… يا رب استرها، يا رب…”
فيلا الأسيوطي
الهدوء قاتل… بس مش هدوء راحة، لأ، دا الهدوء اللي بعد الزلزال.
الصوان اتنصب قدام الفيلا، الناس بدأت تيجي، وجوه حزينة، عيون باكية، وهمسات في كل مكان عن “الخبر الصادم” و”المأساة اللي وقعت على بيت الأسيوطي”.
زمرد كانت قاعدة على الكنبة الكبيرة في الصالون، وشها شاحب، عينيها محمرة، مش بترد على حد، بس دموعها كانت بتتكلم بدلها.
ليلى كانت بتتنقل بين الناس وهي في حالة لا يرثى لها، تليفونها في إيدها، وبتتصل بمعتز للمرة العاشرة:
ليلى (بصوت مكسور):
“ردّ… بالله عليك ردّ… أنا مش قادرة أستوعب اللي بيحصل…”
بس مفيش إجابة.
نور خرجت من أوضة المستشفى بالعافية، رغم اعتراض الدكتور والممرضة، ورغم تحذيراتهم إن حالتها لسه ما استقرتش. لكنها أصرت.
نور (وهي بتقول للدكتور):
“أنا لازم أكون مع أهله… مع أمه… لو كان هو مات فعلاً، فأنا مراته… ومكاني هناك.”
الدكتور هزّ راسه بأسى، وكتب المهدئات، وسمح لها تمشي بشرط المتابعة.
—
في الوقت دا…
سمية كانت لسه في المستشفى، قاعدة جنب سرير سارة، اللي كانت نايمة بتعب بعد ما فاقت من البنج، إيدها في إيدها، ومش راضية تسيبها.
سمية (وهي بتتمتم):
“كله حصل بسرعة… يا رب استرها، يا رب…”
الأجواء كلها كانت سودة، والبيت اللي كان مليان ضحك وناس… بقى مليان دموع ووجع.
في ذلك القصر المظلم، الجو كان خانق، والجدران تشهد على أسرار سابقة ما زالت تتردد في الأركان…
دخلت ثريا بخطوات غاضبة، عينيها مشتعلة، وصوتها بيهزّ المكان:
ثريا (بانفعال):
يعني إسه تخطف بنتي؟!
جاد كان واقف ورا المكتب، ضهره ليها، ولما لف، كانت ابتسامته كلها خبث وسخرية، وعينيه بتلمع بنار قديمة:
جاد (ببرود وشر):
بنتك؟ بنتك هي اللي جات فطريقي… وأنا ما بسكتش لحد يوقف في سكتي.
ثريا (بتصرخ):
ملهاش دخل! البنت دي مالهاش أي علاقة! ما تدخلهاش فقصصك القديمة مع الأسيوطي!
جاد (بهدوء قاتل):
أولًا، مفيش حد بريء لما يدخل في دايرة النار…
وثانيًا، أنا ما بخطفش… أنا بأخد اللي ليّ، واللي يخصني.
ثريا قربت منه، وبصوتها المرتعش من الغضب والخوف:
ثريا:
لو لمستها… لو صار لها حاجة… مش هسيبك يا جاد.
جاد ضحك ضحكة باردة، ورفع حاجبه باستخفاف:
جاد:
خليكي في تهديداتك دي… بس أوعي تنسي إنك اللي زرعتي الشر ده من زمان…
وانا دلوقتي… بحصده.
ثريا ابتلعت ريقها بصعوبة، وقلبها بيرتجف… بس عينيها فضلت ثابتة فيه، متحدّياه، حتى لو جوّاها كانت بتنهار.
في ذلك القبو المظلم، كانت الأنفاس تتلاحق، والعيون بتدور في كل الاتجاهات تدور على مخرج، أو أمل، أو حتى معجزة. الكل بيحاول يفك نفسه، لكن السلاسل كانت قوية، والأرضية الباردة زادت الوضع كآبة.
وفجأة… الباب الحديدي يصدر صوت صرير مزعج وهو بيتفتح ببطء.
دخل جاد، خطواته تقيلة كأنها بتدوس على أعصابهم، وفي إيده مسدس بيلمع تحت ضوء خافت، وابتسامته كلها شر ولامبالاة.
جاد (بصوته البارد):
تؤ تؤ تؤ… شايفكم بتحاولو تفكو نفسكم؟ والله مجهود يُشكر… بس للأسف، مافيش فايدة.
وقف قدامهم، وبص لكل واحد بعين فيها خبث وهدوء قاتل.
جاد (وهو بيشاور بمسدسه):
مين… هيكون الأول؟ هاااه؟
نبدأ بمين؟ اللي كان عامل فيها شجاع؟ ولا اللي بيحب يتفزلك بكلام كبير؟
نظرته ثبتت على مازن، ثم تحولت فجأة لسيف، وبعدين راحت على ليلي ونرمين…
جاد (وهو يضحك بخفة):
ولا نخلّي السيدات أولًا؟ يا ريت لو حد يرفع إيده… عشان أقرر بسرعة.
سيف (بصوت غاضب):
لو لمستهم… هتندم.
جاد (بابتسامة أوسع):
آه، التهديدات دي بحبها… بتديني دافع أكبر.
نرمين تمسك أعصابها بالعافية، وليلي بتداري خوفها تحت وش ثابت، بس عينيها كانت بتدمع بصمت.
جاد بيقرب، ببطء… صوت خطواته يضرب أعصابهم، والمسدس بيتنقل من وشّ لوشّ، واللحظة بتطول… كأن الزمن وقف يستنى مين هيكون أول الضحايا.
جاد (وهو يغمض عينه بلعب):
واحد…
اتنين…
ثلاثة…
وسكت.
… وسحب الزناد.
لكن ما طلعش صوت.
جاد فتح عينه، وبص لمسدسه… وضحك.
جاد (بسخرية):
لسه ما قررتش… حبيت أخوفكم بس.
رجع خطوة لورا، وبص لهم كلهم بابتسامة مرعبة:
جاد:
بس ما تقلقوش… الدور جاي، لكل واحد فيكم.
وخرج… والباب قفل من وراه بصوت جهوري، سابهم في قبوهم، والظلام بدأ يضغط عليهم أكتر من أي وقت فات.
أمام القصر الأسود المهجور…
الجو كان ساكن بشكل غريب، كأن الهوى نفسه واقف يترقب اللي جاي.
بوابة القصر واقفة زي وحش نايم، وكل تفصيلة فيها بتحكي عن سنين من الألم والذكريات المدفونة.
معتز كان واقف قدام القصر، عينه مركزة، وخطواته واثقة، كأنه راجع مكان يعرفه كويس.
جنب معتز…
كان فيه راجل لابس أسود، ملامحه قوية، ونظراته جامدة… لكن فيها وجع.
لو حد عدى كده، كان ممكن يفتكره واحد من رجالة الأمن، أو شخصية غامضة في الخلفية… لكن أنا كنت شايفة الحقيقة.
ده مش أي حد.
ده سليم الأسيوطي.
آه… اللي العالم كله صدّق إنه مات.
بس معتز؟ لأ، معتز كان عارف… وكان معاه في كل خطوة.
معتز (بصوت واطي وهو بيبص على القصر):
“جاهز يا صاحبي؟”
سليم (بنبرة فيها برد ووجع السنين):
“جاهز… من أول لحظة خبّيت فيها نفسي وانت استنيت اللحظة دي.”
معتز (وهو بيشاور لفريقه):
“… هنسترد كل حاجة النهاردة.”
سليم (بيشد سلاحه):
“ونحاسب الكل… من أولهم لآخرهم.”
مفيش لحظة تردد، ولا دهشة.
الاتنين دخلوا القصر… مش عشان يفتشوا…
لكن عشان ينتقموا.
داخل القصر الأسود…
الصوت الوحيد اللي كان مسموع في البداية هو خطوات رجالة معتز، وبعدها بثواني…
طاخ! طاخ! طاخ!
صوت الرصاص ملأ المكان…
الكل جري يتخبّى… أصوات صريخ، خطوات سريعة، والهوى بقى تقيل من الخوف والبارود.
في الطابق العلوي…
كان جاد واقف في أوضة شبه مظلمة، باين عليه الغضب، ووشه مليان عرق وتوتر.
أحد رجاله دخل وهو بيجري:
الحارس (وهو بيصرخ):
“سيدي! لازم نتحرك فوراً! عددهم كبير جداً! الوضع خرج عن السيطرة!”
جاد (بغضب وهو بيرمي كل حاجة قدامه):
“تؤ تؤ تؤ… كل حاجة كانت ماشية تمام! إزاي؟! إزاي حصل دا؟!”
بيرفس الطاولة برجله، بيفتح درج وبيطلع مسدسه، عينه بتلمع بجنون:
جاد:
“أنا ما بخسرش! لو حد هيخرج من هنا… يبقى جثثهم، مش هم!”
بص للحارس:
جاد (بصوت واطي لكنه مرعب):
“جهز السيارة… وأنا هخلص اللي ابتديته.”
في القبو المظلم…
الصمت كان مخنوق، ريحة الرطوبة مالية الجو، والبرد بيزحف في العظام.
باب القبو اتفتح فجأة، والعيون اتجهت ناحية مصدر الضوء الخافت اللي دخل.
ثريا كانت واقفة على الباب، أنفاسها متقطعة، وعينيها مليانة قلق وجنون.
نرمين (بدهشة ودموع):
“ماما؟! إنتي بتعملي إيه هنا؟!”
ثريا (وهي بتجري عليها):
“مافيش وقت! لازم تهربي، يلا قومي بسرعة!”
بدأت تفك سلاسلها، وإيدها بترتعش.
نرمين (وهي تبص للي حواليها):
“ومينفعش أسيبهم! دول كانوا معايا في كل لحظة!”
ثريا (بحدة وقهر):
“أصلاً إنتي هنا بسببهم! لولاهم ما كنتيش دخلتي ده كله!”
نرمين (بعناد وهي تنهض):
“بس أنا مش زيك! مش ههرب لوحدي!”
ثريا (وهي بتهمس):
“يلا قبل ما يفيق عليا جاد…”
وقبل ما تكمل الكلمة…
دوّي رصاصة شق سكون القبو…
الدم تناثر على وش نرمين، وصرخة مكتومة خرجت من صدرها.
ثريا وقعت على الأرض، دمها بينتشر حواليها…
ونظرتها الأخيرة كانت لنرمين، مليانة ندم.
جاد دخل القبو بخطوات باردة…
في إيده المسدس، ودخان الرصاصة لسه طالع منه.
جاد (بضحكة كلها شر):
“هو ده تمن الخيانة يا ثريا…”
سيف حاول يتحرك بس السلاسل منعته،
ليلي شهقت، ونرمين وقفت متسمّرة مكانها، الدموع بتنزل بدون صوت.
جاد (وهو يوجّه سلاحه لنرمين):
“وجه بنتك الجميل ده… مين عارف، يمكن يبقى الهدف الجاي؟”
وفجأة، صوت خطوات سريعة كسر الصمت.
أحد الحراس اقتحم القبو وهو بيصرخ بخوف:
“سيدي! إنهم بيقربوا… معتز ورجالته داخلين علينا، عددهم كبير جدًا! مش هنقدر نواجههم!”
جاد لف وشه بسرعة، نظراته اشتعلت بالغضب،
ثم بصّ بنظرة أخيرة للأربعة المربوطين قدامه، وصوّب مسدسه بسرعة ناحية مازن.
جاد (بصوت متوحش):
“ما تفتكروش إنكم نجيتوا!”
ضغط الزناد…
“تك!”
الصوت الوحيد اللي طلع كان صوت الفراغ.
جاد (بغضب):
“تفو… خلص الرصاص.”
لف بجنون وركض للخروج، بيزعق لحراسه:
“يلااا! من المخرج السري… دلوقتي!”
وهو بيطلع من القبو،
فجأة صوت طلقة قوية دوّى في المكان،
رصاصة اخترقت ضهره.
جاد صرخ بصوت مخنوق وهو بيترنّح:
“آآآااااهه!!”
في آخر الممر…
كان سليم الأسيوطي واقف، المسدس في إيده ولسانه ساكت…
بس عنيه كانت بتتكلم، مليانة نيران الغضب.
سليم (بصوت خافت):
“ده عشان أمي… وعشان كل حاجة ضاعت بسببك، يا كلب.”
جاد رغم الإصابة، قدر يجر نفسه ويوصل للسيارة اللي كانت مستنياه في مخرج جانبي،
ركبها بسرعة مع الحراس، والدم بينزف منه،
لكن الهروب نجح… النهارده.
داخل القبو…
الدخان كان لسه بيتسلل من بعيد، ريحة البارود مليا المكان، والقلوب كلها على حافة الانفجار.
سيف بيحاول يفك السلاسل برجله، مازن بيبصله بزهق.
مازن (بتهكم):
“يا عم خلّيك ثابت… هتفكنا برجلك ولا ده تمرين تايكوندو؟”
سيف (بضيق):
“ولا كلمة… إنت السبب أصلاً، كان لازم أسيبك للبنت اللي كانت لابسة بلوزة مش بلوزة.”
ليلي (بتتأفف):
“وقتكم ده للكلام؟ أنا هموت من القرف… وممكن حد يبعد الحشرة اللي ماشية على دراعي؟”
وفجأة…
باب القبو بينفتح بعنف، والنور يضرب عيونهم.
صوت رجالة بيصرخوا وأقدام بتجري…
وبينهم معتز واقف، والسلاح في إيده،
بس اللي كان وراه…
كان الصدمة.
سيف (بصدمة حقيقية):
“إيه الـ… إيه ده؟”
ليلي (بعينين متوسعة):
“أنا بشوف شبح؟”
مازن (واقف بصعوبة):
“أنا خلاص… مت، وبد hallucinate.”
سليم الأسيوطي كان واقف… لابس أسود، وشه مرهق، بس عينيه حية.
سليم (ببرود ساخر):
“إيه؟ حد وحشني؟”
مازن (مصدوم):
“ده طلع عايش! أنا كنت بحتفل جوه قلبي والله…”
سيف (بصوت مخنوق):
“مش طبيعي… مش طبيعي… إنت كنت فين؟ اتدفنت؟ تتحرقت؟ اتبخرت؟!”
معتز (وهو بيفك قيودهم):
“أشرحلكم بعدين، أهم حاجة دلوقتي نخرج.”
سليم (بيضحك وهو بيفك ليلي):
“ليه؟ شكلكوا كنتوا مستمتعين.”
ليلي (بحدة):
“هموتك تاني لو ما شرحتليش!”
الكل بدأ يتحرر… الكل إلا نرمين.
كانت واقفة مكانها، عنيها معلقة بجثة أمها،
دموعها ساكنة على خدها، واللحظة كانت تقيلة.
سيف (بصوت هادي):
“نرمين… لازم نخرج، دلوقتي.”
نرمين (بصوت مكسور):
“هي جت تنقذني… وماتت قدامي…”
سليم بصّ لها، صمته كان فيه احترام، وهدوءه فيه حزن دفين.
سليم (بصوت واطي):
“هنخرج… وناخد حقها.”
معتز أشار للرجالة يرفعوا جثة ثريا برفق،
وبدأوا يطلعوا الكل من القبو المظلم… للنور.
في سيارة جاد…
الهدوء داخل السيارة كان مريب، وريحة الدم ماليه الجو، مع كل مطب كانت أنفاس الحارس بتتسارع أكتر.
جاد كان قاعد في الكرسي ورا، حاطط إيده على الجرح اللي في ضهره، ووشه شاحب كأن الدم انسحب منه كله.
الحارس (بقلق واضح وهو بيبص في المراية):
“سيدي… سيدي لازم نروح المستشفى فورًا، النزيف كده مش طبيعي!”
جاد بصعوبة، عينه شبه مغمّضة، وصوته مبحوح وهو بيحاول يتمسك بالوعي:
“أنا… أنا… مش هسيبهم… مش هس…ـ”
وما كملش.
رأسه ميّلت على جنب، وأنفاسه بقت تقيلة، وجسمه استرخى تمامًا.
الحارس صرخ وهو يدوس على البنزين بكل قوته:
“الحقونااااا! لازم نوصل المستشفى حالًا!!!”
السيارة اندفعت في الطريق بسرعة جنونية، وأصوات الإطارات كانت بتصرخ على الإسفلت…
في سباق مع الزمن لإنقاذ حياة مجرم… لسه ما خلصش لعبته.
في ساحة القصر…
وصلت العربية واتفتحت الأبواب، وخرج منها سيف ومازن ونرمين، وليلي كانت ماسكة إيد نرمين، لسه متأثرة من اللي حصل…
سليم نزل آخر واحد، وعينه بتلف حوالين الناس اللي متجمعة قدام الفيلا، اللبس الأسود، والوشوش الحزينة، والدموع… كلهم بيبكوا عليه.
سليم (بضحكة نصها سخرية ونصها تعب):
“واضح إننا عندنا عُرس… أو مهرجان حزن جماعي.”
معتز (بصوت واطي وهو بيقفل باب العربية):
“لأ… دي جنازتك يا نجم.”
سليم (بضحكة ساخرة):
“كويس إنهم مهتمين، كان ناقص بس حد يبيع كروت عزاء.”
معتز (بجدية وهو بيبص حواليه):
“ابعد عن المدخل الرئيسي… لو ظهرت قدامهم دلوقتي، في منهم هيتوقف قلبه بجد… وده هيبقى أول قتيل فعلي في الجنازة.”
سليم (بضحكة وهو بيرجع خطوتين):
“يعني نمشيها رعب بدل دراما؟ تمام… هدخل من الباب الخلفي، خليكوا انتوا تلهوا الجمهور.”
معتز (بغمزة):
“بلاش تعمل حركات أفلام… وافتكر إنك راجع علشان تحاسب، مش تهزر.”
سليم (بعين فيها نظرة غامضة):
“حاسب… بس بعد ما أشوف مين اللي كان بيوزع التعازي باسمي وهو السبب في اللي حصل.”
وسليم اختفى في الخلف…
داخل القصر اللي فيه الكل بيبكي عليه…
من غير ما يعرفوا إن “الميت” رجع… والانتقام جاي.
في المستشفى…
الحارس وهو بيصرخ بلهفة:
“ساعدونا بسرعة! حالته بتسوء!”
الممرضين جروا بالنقالة، بسرعة شالوا جاد وودّوه لغرفة العمليات، الأطباء لابسين بسرعة، وكل شيء اتحوّل لحالة طوارئ.
الباب اتقفل ووراهم، والأنوار الحمرا فوق بتعلن إن معركة مع الموت بدأت.
—
وفي القصر…
كانت الناس لسه متجمعة، الوجع مالي المكان، وكل العيون بتدور على معتز…
وأول ما دخل، ليلى شافته.
عيونها حمرا من كتر البكا، قلبها مليان غضب، ولسانها ما سكتش:
ليلى (بعصبية وانهيار):
“شرفت فيني! أخيرًا ظهرت! تعرف جنازة مين كانت شغالة؟ جنازة أخويا! وسايبني لوحدي، ما وقفتش جنبي، ولا حتى ظهرت!”
معتز (بيحاول يمسك أعصابه):
“ليلى، حبيبتي… ممكن تهدي؟ دلوقتي مش وقت الكلام ده.”
ليلى (بعصبية):
“لأ! دا وقته جدًا! إنت حتى مردّتش على مكالماتي!”
معتز (بصوت واطي بس حاسم):
“أنا محتاجك تطلعي للطابق التاني… تاخدي أمك ونور، وتبعدوا من هنا شوية.”
ليلى (بشك وخوف):
“ليه؟! في إيه؟”
معتز (بيبص حواليه ويتأكد محدش سامع):
“عشان في مفاجآت… ومينفعش يكون في حد منكم تحت لما تحصل.”
ليلى (بقلق):
“مفاجآت إيه؟!”
معتز (بصوت غامض):
“ثقي فيا… ومتسأليش دلوقتي، بس صدقيني، اللي جاي هيغير كل حاجة.”
وسابه ومشي… وعيون ليلى بتتابعه، بين غضبها، وخوفها، وقلبها اللي حاسس إن في حاجة كبيرة جدًا على وشك تحصل.
في الطابق العلوي…
خطواتهم كانت سريعة، قلوبهم بتنط من مكانها…
فتحوا الباب، وكل العيون اتجمّدت.
سليم واقف.
وسط الغرفة، بكل هيبته، بكل صدمته…
سيف، مازن، ليلي، ونرمين كانوا حوالينه، ولسه علامات الذهول مرسومة على وشوشهم.
زمرد أول ما شافته، شهقت بصوت عالي، وإيدها اتسندت على الحيطة، كأن رجليها مش شايلينها.
زمرد (بدموع وابتسامة مذهولة):
“ابني… ابني ما متتش؟!”
جريت عليه تحضنه، حضن عمره ما كان كفاية يعبّر عن كل حاجة جواها.
حضن أم فقدت روحها ولقتها تاني.
زمرد (وهي بتحضنه بقوة):
“كنت بسمع صوتك في خيالي… بس ما كنتش متخيلة إنه هارجع ألمسك فعلاً…”
سليم (بصوت مختنق):
“أنا آسف يا أمي… بس كان لازم أختفي.”
ليلى (وهي بتقرب، عينيها بتدمع):
“يعني أخويا… حي؟”
جريت عليه هي كمان، وحضنته:
ليلى:
” سليم… خضتنا عليك قوي.”
سليم (وهو يربّت على ضهرها):
“أنا هنا… ومش هسيبكم تاني.”
وفجأة، يدخل صوت جديد من وراهم…
سمية (بصوت عالي ومصطنع):
“الحمد لله إنك عايش يا حبيبي… يعني إحنا عاملين الجنازة دي لمين؟!”
سكت الكل، واتجهت الأنظار نحوها، وسليم بصّ لها بنظرة باردة،
سليم :
“أكيد مش ليا… أنتو بتعرفوا تجهزوا جنازات بسرعة.”
سمية (بابتسامة بايخة):
“والله كان بس احترام للموقف، إحنا كنا بنعيط كلنا…”
سيف (بهمس لمازن):
“أكيد… المعظم دموع تمساح.”
مازن (مكتم ضحكته):
“أنا عن نفسي كنت بوزع بلح وفرحان.”
نور وقفت بعيد… عينيها معلّقة بسليم، كأن الزمن وقف بيها،
مخها بيرجع يعيد كل لحظة من اللحظات اللي عاشتها من بعد غيابه،
الصدمة، القهر، الندم، والجرح اللي عمره ما التئم.
وفجأة…
انهارت.
الدموع نزلت مرة واحدة، من غير صوت، بس وجعها كان بيصرخ.
نور (بهمس مكسور):
“كنت فاكرة إنك خلاص… راحت روحك مني.”
ومع كل خطوة خدتها ناحيته،
كان قلبها بيرجع يدق… بس مش زي الأول.
دقة فيها حزن، فرحة، خيانة، وحب… كله متلخبط.
نور (وهي بتوصل له وتبص في عينه):
“ليه؟ ليه عملت فيا كده؟ ليه سبتني أعيش على خبر موتك؟!”
سليم (بصوت هادي وندمان):
“كان لازم… كان في حاجات أخطر من إني أقولك إني عايش…”
نور (وهي بتنهار أكتر):
“أنا موت كل يوم، وكل يوم أقول يمكن ترجع… بس لما ما رجعتش، أنا اللي مت.”
سليم (وهو بيمد إيده ويمسك إيديها):
“أنا رجعت… علشانك إنتي… علشان كلكم… وعلشان آخد حقنا.”
نور (بهمس وهي بترمي نفسها في حضنه):
“ما تسبنيش تاني… حتى لو هنتخانق، حتى لو هنكره بعض… بس ما تختفيش تاني.”
سليم (وهو بيحضنها بقوة):
“أنا هنا… ومش هبعد تاني، مهما حصل.”
والغرفة سكتت…
كل اللي حوالين سليم ونور سابوا لهم لحظتهم،
لحظة كانت كأنها نهاية لفصل طويل… وبداية لحكاية جديدة.
في المستشفى، بعد يوم من الأحداث…
كانت الشمس بتدخل من شباك صغير في غرفة جاد، والهدوء الساكن بيغلف المكان، لولا صوت الأجهزة الخفيف.
جاد فتح عينيه ببطء، أنفاسه متقطعة للحظة، قبل ما يستوعب إنه على سرير المستشفى.
الحارس (بلهفة وارتياح):
“الحمد لله على سلامتك، سيدي!”
جاد (بصوت مبحوح وهو بيبص حواليه):
“أنا… فين؟”
الحارس (بحذر وهو يقرب):
“في المستشفى، بس ما تقلقش، أنا حليت الأمور، لا الشرطة عارفة بوجودك هنا، ولا حد بلغ عن الإصابة… كل حاجة تحت السيطرة.”
جاد بيعتدل ببطء، وبينهض من السرير، رغم إن الحارس حاول يمنعه.
الحارس (بتوتر):
“بس حضرتك تعبان! الإصابة كانت قريبة جدًا من العمود الفقري، ولازم ترتاح شوية على الأقل…”
جاد بدأ يلبس هدومه، ملامحه جامدة، وكأنه ما بيفكرش في نفسه.
جاد (ببرود وهو بيقفل القميص):
“هنغادر… دلوقتي.”
ومع خطواته الهادئة، وبينما هما خارجين…
وقف فجأة.
صوت بكاء خافت طلع من إحدى الغرف، شد انتباهه…
لف برأسه ببطء، وأذنه مركزة.
جاد (بهمس):
“استنى هنا.”
فتح الباب بهدوء، لقى قدامه مشهد مفاجئ.
سارة.
على سرير أبيض، ملامحها باهتة، عيونها متورمة من البكاء، ويده مليانة محاليل، وهي حاضنة بطنها وكأنها بتحاول تحميه من العالم.
⚡ فلاش باك – ليلة أمس
غرفة سارة في المستشفى
الباب بيتفتح وسليم داخل بخطوات تقيلة ونظرة باردة.
سليم (بجفاف):
“سمعت إنك تعبانة.”
سارة (بصوت مكسور):
“حتى دلوقتي فاكرني؟ كان ممكن ابننا يموت وانت فين كنت؟!”
(سارة ما تعرفش إن سليم كان مختفي ومعلن عن موته)
سليم (ببرود):
“أحلام اعترفت بكل حاجة. وصدقيني، أنا مأذيتكيش عشانك تعبانه بس…”
سارة (بدموع):
“يعني لو كنت واقفة على رجلي كنت موتّني؟!”
سليم:
“لو قربتي من نور وابني تاني… هأنهيكي. واللي في بطنك؟ ما يفرقش معايا. أول ما تولديه… اعتبري نفسك مطلقة.”
سارة (بانهيار):
“سليم… ده ابنك… أرجوك…”
سليم (بقسوة):
“اللي عندي قلته.”
سارة (تمسك بطنها بخوف):
“وهو؟ هتعمل فيه إيه؟”
سليم:
“هياخده… وهيربيه بعيد عنك. وانتي؟ تسافري… تروحي بلد تانية، ومترجعيش.”
نظرة وجع على وش سارة… وباب الغرفة بيتقفل وراه.
⏪ رجوع للحاضر
سارة أول ما شافت جاد اتوترت.
سارة (برعب وهي تمسك الغطاء):
“مين… مين حضرتك؟”
جاد (بهدوء ونظرة غريبة في عيونه):
“ما تخافيش… مش جاي أؤذيكي. سمعت صوتك… بس حبيت أعرف إذا كنتي بخير.”
سارة (بصوت مهزوز):
“أنا بخير… أو على الأقل بحاول أصدق كده.”
جاد (وهو بيقرب وبيقعد على الكرسي):
“شكلك مش تمام. بتحبي تحكي؟”
سارة ما ردتش… بس نظراتها اتعلقت بالسقف، والدمعة وقعت تاني.
سارة (بصوت واطي مليان وجع):
“جربت تحب حد بكلك… وتعمل المستحيل عشانه… وبالنهاية تكتشف إنك كنت مجرد خطة مؤقتة في حياته؟”
جاد بصّ ليها، وصمته بقى تقيل.
جاد (ببساطة):
“لا… أنا عمري ما حبيت. ومش ناوي أحب. قلبي… مش شغال من زمان.”
سارة (بتلف له بعينين مستغربة):
“مش طبيعي… أول مرة أشوف حد يعترف بكده ببساطة.”
جاد ابتسم بسخرية، وهو بيقول:
جاد:
“الآخر وحدة قالتلي بتحبني… دفنتها في الحديقة.”
سارة (شهقت):
“نعم؟!”
جاد (بضحكة خفيفة):
“بهزر… رغم إنها كانت مزعجة فعلًا.”
ابتسمت سارة غصب عنها، كأن أول مرة تبتسم من أيام.
جاد طلع من جيبه كارت، ومدّه ليها.
جاد:
“خدي ده. لو في يوم احتجتي تحكي، أو حتى تعملي جريمة وتهربي… أنا موجود.”
سارة خدت الكارت بتردد.
جاد (وهو بيقوم):
“اسمك إيه؟”
سارة (بهدوء):
“سارة… سارة الأسيوطي. وإنت؟”
أول ما الاسم وقع على ودنه… كأن صاعقة ضربته.
نظرة عينيه تغيّرت، وجسمه تشنج.
جاد (بصوت مبحوح):
“لازم أمشي.”
سارة (بدهشة):
“ما قلتليش اسمك!”
جاد (وهو واقف عند الباب، بنبرة مش مفهومة):
“جاد.”
خرج وساب وراه سكون تقيل،
وسارة بتبص في الكارت…
وفي بالها ألف سؤال عن الراجل الغريب اللي دخل فجأة… وساب أثر كبير.
في بلكونة القصر…
الهواء كان ساكن، والليل نازل بهدوء كأنه بيحاول يواسي الحزن اللي ساكن القلوب.
نرمين واقفة، باصة للسماء، عيونها مغرقة بالدموع اللي مش راضية تهدى…
كل شيء جواها كان بيصرخ: فُقدان، ألم، ندم، ضعف.
سمعت خطوات وراها، كانت خفيفة… لكنها مألوفة.
سيف وقف جنبها، مسك السور بإيده وبص للسماء هو كمان.
سيف (بصوت هادي):
“نرمين… ما تفكريش إنك لوحدك.
أنا هنا، وجنبك، وإذا احتجتي حاجة… أي حاجة، هكون أول واحد جنبك.”
ما كملش كلامه، إلا ونرمين فجأة رمت نفسها في حضنه،
عنيها اتقفلت والدموع نزلت بحرقة،
وحضنته كأنها بتحاول تمسك نفسها قبل ما تقع أكتر.
سيف اتفاجئ، لكنه لف دراعه حواليها بحنان،
وربت على ضهرها بحنية خالصة:
سيف (بهمس وهو يربّت):
“ششش… أنا معاكي، خلاص… سبيها تخرج، طلّعي كل اللي جواكي… أنا هنا.”
اللقطة كانت هادية، لكن مليانة دفء…
نرمين لأول مرة تحس إن فيه كتف تقدر تبكي عليه…
وإنه فيه حد فعلاً شايفها، مش بس شايف وجعها.
🌙
أما في فيلا مازن…
كانت شنطه كبيرة محطوطة على السرير، والتيشيرتات متكومة جنبها.
مازن بيحاول يجهز أغراضه، وإيده بتتحرك كأنها بتخلص مهمة، مش كأنه بيمشي من بلده.
وفجأة…
الباب بيخبط.
فتح… وكانت ليلي واقفة.
مازن (ببرود):
“خير؟ جيتي ليه؟”
ليلي (بتحاول تبتسم):
“جيت أطّمن عليك…”
مازن:
“أنا كويس.”
عين ليلي وقعت على الشنط، قلبها ضرب.
ليلي (بصدمة):
“إنت مسافر؟”
مازن (وهو بيقفل الشنطة):
“راجع ألمانيا.”
ليلي (بنبرة متكسّرة، وقلبها يدق):
“إزاي ترجع تاني؟!
وهتقعد قد إيه؟ خمس سنين زي المرة اللي فاتت؟ أكتر؟!
وإمك؟ أختك؟!”
مازن (بهدوء فيه وجع):
“رجوعي كان علشان أنهي سليم…
بس دلوقتي؟ الأمور خرجت عن السيطرة.
أمي واختي اختاروا طريقهم، وأنا ما بقاش عندي سبب يخليني أستنى.”
ليلي حسّت قلبها بينهار…
كل حاجة كانت كاتماها، طفت فجأة، مش قادرة تكتم أكتر.
ليلي (بانهيار):
“طب وانا؟!!!
عمرك ما لحظتني؟
أنا بحبك يا مازن… من زمان… من وإحنا صغيرين!
ليه مش شايفني؟!
لارا عمرها ما حبتك زيي… وأنا كنت دايمًا هناك، بس إنت عمرك ما بصيتلي!”
مازن اتجمد، اتفاجئ…
عينه فليلي، وقلبه مش فاهم يتكلم ولا يسكت.
مازن (بصوت مبهوت):
“ليلي… اهدي…”
بس ليلي ما كانتش ناوية تهدى.
اللي جواها طالع كله و كانت تبكي بهستيريىة كأنها خلاص فقدت قدرتها على الصمت.
مرت يومين، والعلاقات حوالين القصر بدأت تهدى وتتشكل من جديد…
ليلي ومازن بقوا يتكلموا بهدوء، الضحكة رجعت لوشها، خصوصًا بعد ما مازن قرر يرجع عن فكرة السفر.
سيف أخيرًا اعترف بحبه لـ نرمين، وكانت المفاجأة إنها كمان حاسة بنفس الشيء، وابتدى بينهم رابط جديد يتبني على الوجع اللي عاشوه سوا.
نور وسليم، اللي مرّوا بكتير، علاقتهم بدأت تتصلّح، وكل يوم بيفهموا بعض أكتر، وبدأت نور تحس بالأمان اللي غاب عنها سنين.
لكن بعيد عنهم…
سارة، كانت بتتكلم مع جاد كل يوم، تصب عليه وجعها، دموعها، حكاياتها اللي ما قالتهاش لحد قبل كده…
وجدت فيه صدر بيسمع، عقل بيفهم، وقلب – حتى لو هو بينكر – حَنّ ليها بطريقة مختلفة.
📅 يوم الخروج من المستشفى…
سليم لبس هدومه، أخذ مفاتيحه، وخرج من القصر وهو بيجهز نفسه…
في المستشفى، في أوضة سارة…
كانت قاعدة على السرير، لابسة لبس الخروج، بس باين عليها القلق، بتتحرك بعصبية، وبتبص كل شوية على الباب.
وفجأة… اتفتح الباب، دخل جاد، لابس جاكيت أسود ونظرة سريعة شافت كل اللي فيها.
سارة (بصوت مكسور):
“جاد… ممكن تساعدني؟”
جاد (قرب منها):
“قوليلي، مالك؟”
سارة (بانهيار):
“أنا عايزة أهرب… سليم ناوي ياخد مني ابني، ويبعدني عنه، وأنا مش هسمحله.”
جاد (وقف قدامها وسأل بهدوء):
“متأكدة من اللي بتقوليه؟”
سارة (بدموع):
“قالها ليا بعنيه… أول ما أولد، هيخده، ويبعدني برّا البلد، زي ما أكون مش موجودة.
هو بيكرهني يا جاد… وكل يوم بحس إني مش بس فقدته… أنا فقدت نفسي، وكل حاجة.”
جاد (ببرود ساخر، وهو يحط إيده في جيبه):
“وأنا؟ المفروض أعمل إيه دلوقتي؟ أهربك من جوزك؟”
سارة (برجاء):
“مش عايزة منك غير فرصة… فرصة أشوف ابني، أعيشه معايا، من غير خوف…
أنا غلطت، ودفعت التمن، بس ابني ملوش ذنب.”
جاد (بصوت واطي ومفكر):
“مش أول مرة أساعد حد عايز يهرب… بس أول مرة حد يطلبها عشان يعيش مش عشان يهرب.”
سارة (بعيون باكية):
“وإنت أول مرة أحس إنك بتسمعني… بجد.”
جاد وقف ثواني، سرح، وبعدها قال بنبرة شبه همس:
جاد بص لها للحظة، وبعدين هزّ راسه.
جاد (بنبرة جد):
“تمام… ههرّبك. بس لازم نمشي بسرعة، قبل ما يوصل.”
—
🚗 بعد ساعة تقريبًا…
سليم دخل المستشفى، ملامحه متوترة، إيده فيها وردة، وعينيه بتدور على أوضة سارة.
مشي بسرعة في الكوريدور، فتح باب الأوضة…
لكن…
كانت فاضية.
السرير مرتب، مافيش أي أثر ليها.
سليم وقف لحظة، قلبه بدأ يدق بسرعة، وعينيه وقعت على ورقة صغيرة محطوطة على السرير.
مسكها… فتحها…
وكل حرف فيها كان بيولّع فيه نار.
“مراتك عندي.
جاد.”
سليم عينه اتسعت، الورقة اتهزّت في إيده، والورد وقع على الأرض.
سليم (بصوت عالي وقهر):
“جاااااااد!!”
🔥 بعد خمسة أشهر…
في قصر منعزل في آخر المدينة، تحيطه الغابات والصمت القاتل…
السماء رمادية والجو ثقيل كأنّه بيحمل سر غامض.
🏰 داخل القصر – أوضة سارة
سارة قاعدة على الكنبة، بطنها كبير وواضح إنها قربت تولد، وجهها شاحب، شعرها مش مرتب، وعنيها فيها حزن سنين.
الباب بيتفتح فجأة…
يدخل جاد، نظراته حادة وصوته جاف.
جاد (بعصبية):
“قالولي إنك مش راضية تاكلي تاني!”
سارة (بصوت مبحوح):
“سيبني أمشي… أرجوك…”
جاد (ببرود):
“دخول البئر مش زي خروجه يا عصفورة…”
بياخد صينية الأكل من على الطاولة، يقرب منها ويقعد قدامها.
جاد (وهو بيقرب المعلقة لفمها):
“يلا… افتحي بُقّك!”
سارة (بانفجار غاضب):
“مش هاكل من إيدين واحد قاتل! مجرم! أنت حابسني… ومش ناسيه!”
عيونه بتضيق… ولسان حاله بيقول “لسّه ما شوفتيش حاجة”.
—
⏪ فلاش باك – قبل ٤ شهور
سارة ماشية في ممر القصر، لابسة روب خفيف، وعيونها بتلف حوالين المكان، لحد ما وقفت قدام أوضة دايمًا جاد بيقفلها ومش بيسمح لحد يدخلها.
مسكت المقبض…
الباب كان مش مقفول لأول مرة.
دخلت… بخطوات حذرة.
جوه… كانت الأوضة مليانة صور.
صور لعيلتها…
أمها، إخواتها، حتى صور نور وسليم.
لكن الصورة اللي وقفت قدامها وسابت قلبها يوقف…
صورة أبوها…
وعليها مكتوب بالخط الأحمر العريض:
“تم.”
وراحت توقع الصورة من إيدها.
وفجأة… صوت الباب وراه بيقفل.
جاد (بصوت عالي ومنفجر):
“مش قلتلك مليون مرة ما تدخليش هنا؟!”
سارة (وصوتها بيرتجف):
“إنت… إنت اللي قتلت بابا؟!”
عيونها كانت مليانة دموع، بس عيون جاد…
كانت صخر.
انتهى الفلاش باك.
—
🏠 مكان آخر – غرفة العمليات الخاصة بمعتز
الجو متوتر، خرايط وأجهزة منتشرة على الطاولة.
معتز (وهو بيبص في ملف):
“قدرنا نوصل لمكانه… القصر في آخر المدينة، محصن، بس جاسوسنا بين الحراس اتأكد إن سارة لسه عايشة.”
مازن (وهو بيشد أنفاسه):
“يبقى نتحرك فورًا! مش هنسكت أكتر من كده!”
سليم (بصوت حاسم وبارد):
“الهجوم هيكون بالليل… لازم تكون حركة مفاجئة. جاد مش هيتوقع إننا عرفنا مكانه.”
مازن:
“والنهاية؟”
سليم (بنظرة فيها نار):
“النهاية… هتكون جاد في القبر…
🔥 في القصر المنعزل…
الجو كان خانق… الصمت بيتقطع بأصوات أنفاس غاضبة.
جاد واقف قدام سارة، نظراته فيها نار، لكنه بيحاول يبين نبرة هادية.
جاد (بهدوء مصطنع):
“ليه ما ننساش اللي فات ونبدأ من جديد؟ رح خلي سليم يطلقك، ونتجوز… نفتح صفحة بيضا، معايا.”
سارة (باحتقار):
“لو كنت آخر راجل على الأرض… مش هتجوزك. أنت قاتل، ومجرم، ومريض!”
وجهه اتبدل… ويده طارت على خدها.
جاد (بغضب وعيونه بتولّع):
“ما تفكريش إن علشان قلبي دق ليكي… هضعف! أنا مش لعبة في إيد حد!”
وفجأة…
سارة (بتصرخ وهي بتقع على ركبها):
“آآآه! بطني!! أنا… أنا بولد!!!”
جاد اتجمد مكانه، وشه اتغير، وصرخ بأعلى صوته:
جاد:
“سعد!!! سعد تعال بسرعة!!”
دقايق وظهر الدكتور سعد، وجهه متوتر، وبدأ يفحص سارة.
سعد (بصوت مرعوب):
“لازم ننقلها للمستشفى فورًا! في خطر على حياتها وحياة البيبي!”
جاد مسك سعد من هدومه، وعينيه كلها تهديد:
جاد:
“هتولدها هنا… لو صار لها أي حاجة، أقسم بالله هفجّر راسك… فاهم؟!”
سعد (مرعوب):
“فـ… فاهم!!”
🕰️ مرت ساعات…
الليل غطّى المدينة، والقصر بيرج من صريخ سارة اللي الألم شاقها نصين…
المكان كله على حافة الانفجار.
وفجأة… صوت طلق ناري!
الحارس (داخل ووجهه كله دم):
“سيدي! بيهاجمونا! قتلوا معظم الرجال!”
جاد شتم بصوت عالي، ومسك سلاحه، وركض للخلف علشان يهرب…
لكن…
📍عند البوابة الخلفية
كان سليم واقف… في إيده السلاح، وحوله عشرات من رجاله، ومازن ومعتز معاهم.
سليم (بنظرة قاتلة):
“رايح فين يا جاد؟ وقت الحساب جه يا ابن اللي خاني…”
معتز (بحزم):
“سليم! لا تتهور… لازم يتحاكم! إحنا مش زيه…”
سليم (بهدوء مرعب وهو بيرفع المسدس):
“بس كام طلقة فـ رجله ويده… مش محسوبة…”
بوووم!
رصاصة تخترق رجل جاد… بعدها بثانية بوووم تانية تخترق إيده.
جاد وقع على الأرض يصرخ، وسليم بصّ لمعتز:
سليم:
“دلوقتي نقدر نحاكمه براحتنا.”
🏃♂️💨 الكل دخل القصر…
الصوت الوحيد اللي مسيطر…
بكاء طفل.
جروا ناحية الصوت…
لقوا الدكتور سعد ماسك طفل صغير، ولد، ملفوف في بطانية.
على السرير، سارة كانت غرقانة في دمها، ووشها شاحب، وعنيها بالكاد مفتوحة.
سارة (بهمس وضعف):
“أنا… آسفة.”
مازن (بيقرب منها بسرعة):
“ما تخافيش… الإسعاف ف الطريق… هتكوني بخير، سارة!”
سارة هزت راسها بـ لا، ودموعها بتنزل…
سارة (بصوت متقطع):
“مازن… أوعدني… تهتم بابني… يا أخويا…”
مازن (وصوته بيترعش):
“بوعدك… بوعدك من قلبي!”
نظرت لسليم… دموعها كانت مختلفة، فيها كل الحب اللي كان.
سارة:
“أنا حبيتك أكتر من نفسي… بس حبك قتلني…”
سليم (بدموع وعينيه بتلمع):
“ششش… هنصلح كل حاجة، أوعدك…”
سارة (بصوت راجف):
“طلب… أخير… بوسني.”
سليم قرب، وشفاهه لمست جبينها بلطف…
لمسة حب… وداع… ندم.
وببطء…
أغمضت سارة عينيها.
رحلت مفارقة الحياة
والكل واقف حوالين السرير، في صمت مطبق… والطفل لسه بيبكي.
القصر
الجو كان كئيب، الحزن مالي المكان، والخُطى كلها بطيئة كأن القصر نفسه بيبكي.
🚪أول ما دخلوا…
سمية ركضت بسرعة، وشها مرعوب، صوتها عالي وهي تصرخ:
سمية (بلهفة):
“فين بنتي؟! فين سارة؟! فين أختك يا مازن؟!”
مازن ما قدرش يتكلم، دموعه كانت أسرع من كلماته…
قرب منها، حضنها بقوة، وصوته كان بيترعش:
مازن (بهمس):
“راحت يا أمي… راحت لمكان أحسن… ارتاحت من وجع الدنيا.”
سمية انهارت، صرخة خرجت من قلبها، وقعت على الأرض وهي تبكي بحرقة.
بس عنيها وقعت على الطفل اللي في إيد سليم…
👶 آدم، ملفوف بالبطانية، صغير وبريء، ما يعرفش حاجة عن العالم اللي اتولد فيه.
قامت سمية، وراحت لسليم، وبصّت للطفل، ولمسته بإيدها المرتجفة.
سمية (بصوت مكسور):
“ده ابنها؟”
سليم (وهو بيهز رأسه):
“آه… ده ابننا… آدم.”
الجميع كان واقف… الحزن ملموم في عيونهم.
نور كانت سنده على سليم، وزمرد بتبكي في صمت، وليلى مخنوقة وهي حضنها سيف.
سليم حضن نور، وشال عينه عن الكل، وبص في عينيها.
سليم (بصوت هادي، فيه رهبة):
“أنا بقيت أب… نور… أنا بقيت أب.”
نور ابتسمت له، وعنيها مليانة حنية، ومسحت دموعه بإيديها.
نور (بثقة):
“وأنا بقيت أم… مش هفرق بينه وبين اللي فبطني.”
وحطت إيدها على بطنها اللي كبر وبدأ يبان…
نور (بصوت دافي):
“الاتنين ولادي… الاتنين هيتربوا على الحب… مش على الانتقام.”
سليم بص لها، وهو لأول مرة من زمن طويل…
حس إن فيه فرصة… لشيء حقيقي، نضيف.
بعد شهرين…
الدنيا اتغيرت.
نور ولدت ولدها التاني من سليم…
وسموه عاصي الأسيوطي، عشان يفضل اسمه محفور زي الصخر… قوي، وعنيد، لكن قلبه طيب زي أمه.
👶 آدم و عاصي… الاتنين كبروا جنب بعض، إخوات، ما يعرفوش غير الحنية، ولا عاشوا لحظة من اللي عاشها أهاليهم.
💍 وبعد سنة…
مازن اتجوز ليلي، أخيرًا القلوب لقت راحتها بعد سنين تعب وانتظار.
وسيف ونرمين، الحب اللي بدأ بالدموع… اتحوّل لبيت، دفا، وأحلام بتتبني كل يوم.
🌍 مازن وليلي سافروا ألمانيا، وبدوا حياة جديدة بعيد، بس الحب والحنين دايمًا بيرجعهم كل شوية لذكريات القصر، والأيام اللي شكلت قلوبهم.
🏢 سيف فضل في مصر، ماسك إدارة شركاته مع مازن ، ونرمين كانت دايمًا جنبه، شريكة مش بس في الشغل… لكن في كل خطوة من حياته.
—
📚 والرواية وصلت لنهايتها…
مضطرة أنهيها لأسباب صحية، لكن حبيت أسيب كل شخصية في مكانها، مرتاحة، وعارفة إنها مش لوحدها.
وأفتكروا دايمًا…
كل اللي في الرواية…
ماكانش ليهم ذنب 😉
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ليس لها ذنب)