روايات

رواية لعنة الضريح الفصل العاشر 10 بقلم منى حارس

رواية لعنة الضريح الفصل العاشر 10 بقلم منى حارس

رواية لعنة الضريح الجزء العاشر

رواية لعنة الضريح البارت العاشر

لعنة الضريح
لعنة الضريح

رواية لعنة الضريح الحلقة العاشرة

قبل اثني عشر عامًا..
وفي عيادة أحد الأطباء الكبيرة في تخصص النساء والتوليد ، كان الزوجان الشابان يجلسان بقلقٍ كبير في عيادة الطبيب ، وكانت الزوجة ممدة على فراش الفحص والطبيب يجلس بجوارها على احد المقاعد المتحركة , وامامة شاشة عرض تلفزيونية صغيرة وجلس فهمى بقلق يراقب ما يحدث باهتمام ، سأل الطبيب بتوتر :
خير يا دكتور هناء عندها إيه بالظبط طمنى ؟
فابتسم الطبيب والتفت إلى الزوجة قائلًا:
هي معندهاش اي حاجة غريبة متقلقش , كل اللي هي في دا اعراض طبيعية جدا وعاديه للي زيها
اعراض طبيعية وعادية انا مش فاهمه حاجة خير يا دكتور طمني .
متقلقوش يا جماعة دي كلها من اعراض الحمل.
وهنا نظرت هناء بتعجب غير مصدقة ما يقول الرجل مردده:
انت بتقول اية يا دكتور وحامل ازاي ؟!
ابتسم الطبيب مرددا:
حامل ازاي ايه بس يا مدام , الحمل في بداية الشهر الخامس، معقول معرفتيش قبل كدة دا انتي حامل في توأم كمان
صرخت هناء من السعادة غير مصدقة ما يقول الرجل :
حامل في توأم، انت بتتكلم بجد، أنا مش مصدقة أبدًا الكطلام دا لأن الهرمونات عندي ملخبطة والرحم فيه تشوهات ، وكنت فقدت الأمل في الخِلفة خالص، معقول اكون حامل وفي توأم من غير ما اعرفوانا بلف على الدكترة من سنين مع جوزي على العيادات والدكترة .
فيرد فهمي قائلًا:
مفيش حاجة بعيدة على ربنا ، إحنا لفينا على دكترة كتير اشكال والوان واجمعوا استحالة الخلفة تخلف لأن الرحم مشوَّه بطريقة غريبة وليه قرنين زى ما قالوا واستحالة يتحمل وزن جنين.
ويكمل فهمي قائلًا:
سوبحان الله حامل وفي توأم كمان ..ونوع الجنين إيه يا دكتور مش باين عندك؟
فيرد الطبيب قائلًا:
شكلهم بنتين زي القمر شايف بيلعبوا مع بعض ازاي، شكلهم هيطلعوا بيحبوا بعض .
وبعدها غادر فهمي وزوجته العيادة وهما في قمة السعادة والامل ؛ فلم يكون يتوقعان أن تنجب ويرزقهم الله بعد أن أجمع معظم الأطباء , استحالة حملها وبعد عودتهما إلى منزلهما قالت بسعادة:
– مبروك يا حبيبي ، شايف ربنا كريم أوي ازاي ، حامل في توأم.
فيبتسم فهمي قائلًا:
الحمد لله يا حبيبيتي ربنا عوَّض صبرنا خير، إحنا بقالنا سنين بنلف وندور على علاج عند الدكاترة ومفقدناش الأمل أبدًا في رحمة ربنا.
فقالت بسعادة:
فهمي أنا هسمي البنات واحدة أينور والتانية هسميها إيشتور.
ويبتسم فهمي قائلًا:
إسم أينور جميل أوي يا هناء أنا موافق عليه، بس ايشتور دا اسم غريب أوي ومش ظريف مالوش معنى يا حبيبتي.
فقالت هناء بإصرار وعناد :
نفسي يا فهمي اسمّيهم الإسمين دول؛ أينور وإيشتور كنت حلمت مرة حلم ان عندى بنتين بالاسامي دى علشان خاطري يا فهمي اسم ايشتور اسم جميل اووى .
فردَّ فهمي بضيقٍ:
حاضر يا هناء اللي انتي عايزاه، ايشتور إيشتور بس يجوا بالسلامة وتقوملنا بالف سلامة يا حبيبيتي .
وبعد مرور اسبوعين، كانت هناء وزوجها في عيادة الطبيب الكبير ، وتحدث الطبيب بقلق قائلًا:
– للاسف النزيف زاد، إحنا لازم نتخلص من واحدة من البنات يا مدام هناء .
فهمي بحزنٍ:
ليه يا دكتور متحاول تديها حاجة توقّف النزيف، حقن مثبتات شوف اي حاجة تانيه أرجوك وبلاش نموت واحدة من بناتي …
فيرد الطبيب بأسى:
مش هينفع يا أستاذ فهمي، النزيف زاد وفي خطورة على حياة البنت التانية كمان ، وعلى حياة المدام الوقت مش في صالحنا والقرار ليكم .
فقالت هناء وهي تبكي:
خلاص يا دكتور إعمل اللى انت شايفة صح وانقذ أينور بنتي من الموت , وموت ايشتور.
وهنا نظر فهمي وهو يتساءل بحزن قائلًا:
واشمعنى ينقذ أينور يا هناء مقولتيش ليه إيشتور؟
وترد من بين دموعها قائلة:
لأنك مكنتش حابب إسم ايشتورررر يا فهمي أهي خلاص هتموت عشان ترتاح منها ومن اسمها وبعدها انفجرت في بكاء هيستيري .
&&&
عاد فهمي مع زوجته إلى المنزل ، وكانت ابنته الكبرى أينور تشاهد التلفاز وألقت نظرة سريعة على أبويها ولم تتحرك من مكانها خطوة واحدة أو تهتم للأمر وكأنه لا يعنيها بشيء , أكملت مشاهدة التلفاز، ولم تفعل شيء , أو ترحب بعودة والدها الغائب عن المنزل منذ فترة ، قالت هناء بإرتياح :
حمد الله على سلامتك يا حبيبي، نوَّرت بيتك.
وبعدها نادت على أطفالها ليرحبوا بوالدهم ، وأسرع كلٌّ من إيناس وإيهاب إلى حضن والدهما ولم تتحرك أينور من مكانها وكأنها تمثال من الحجر ., نظر هو بشرود مرددا بعتاب:
وانتي يا أينور يا حبيبتي مفيش حمد لله على السلامة يا بابا؟
وهنا ترد الفتاة ببرودٍ شديد :
حمدلله على سلامتك يا بابا.
فقالت هناء بغيظ:
مش هتسلّمي على باباكي يا أينور وتبوسيه؟
وهنا فقط تتحرك الفتاة بأليه شديدة وفتور وهي تردد:
حاضر يا ماما واقتربت من الأب وصافحته ببرود ، وكأنه عدوها اللدود وبعدها أسرعت إلى غرفتها ، واغلقت الباب خلفها بقوة وفتحت نافذة الغرفة الوحيدة بالغرفة، وظلت تنظر إلى المقابر بهيامٍ وكأنها تتحدث معها وتناجيها فهي الوحيدة التي تفهمها وتشعر بما يجول في صدرها , وتفهم لغتها وشروده بهذا العالم البائس , نظر فهمي بلوعة وشعر بغصة في حلقة ووغزة في صدره , ومرارة في جوفه من قسوة إبنته ، فماذا فعل هو لها لا يدري لتعامله بتلك القسوة والجحود ،فهو يحبها اكثر من نفسه وحياته سيضحي من أجلها بكل شيء يمتلكه حتى إن كانت روحه فلن يبخل عليها بها .
فقالت هناء بضيقٍ:
متزعلش يا فهمي من أينور، هي اتغيرت أووي الفترة الأخيرة وكنت ناوية اوديها لدكتور نفسي قريب ، بس انشغلت معاك ونسيتها خالص , البنت فعلا مش طبيعية وفي حاجة مدايقاها .
لم يعلق فهمي على كلام زوجته، ودخل غرفته بصحبه ولديه الأخرين ، وكانا يتحدثان معه بإشتياق كبير بعد غياب طويل ، فرددت إيناس من بين دموعها :
إوعى تسبنا تاني يا بابا وخلي بالك من نفسك وكل كويس ، وهنا يكمل اخيها ليؤكد كلامها من بين دموعه :
أيوة يا بابا إحنا بنحبك أوي ومش عاوزينك تسبنا تاني لوحدنا .
كان يشعر بالسعادة وهو بين أطفاله والارتياح الشديد , وكأنه كان بالغربة وعاد لوطنه أخيرا , فمنزلة وأطفاله هم وطنه الصغير ردد:
إن شاء الله مش هسيبكم أبدًا يا ولاد، ربنا ميحرمنيش منكم يا حبيبي , احكولي بقى عملتوا ايه في غيابي .
وهنا نظرت الأم بسعادة إلى زوجها وهو يتحدث مع أولاده ورددت من بين دموعها :
هروح اعملك شوية شوربة وفرخة تتغدى بيها، الدكتور قال لازم تتغذى كويس علشان تخف بسرعة.
وهنا قطع كلامها الطفل الصغير وهو يقول:
مفيش فرا… ولم يكمل باقي جملته، عندما نظر لعيون أخته فوجدها تهز رأسها بمعنى لا ، وعليه أن يصمت ولا يتكلم ، وهنا لاحظ فهمي ما يحدث وتساءل بدهشة:
مفيش إيه يا إيهاب؟
و لم يرد الطفل الصغير بل نظر بذعر لعينيْ أخته واحتضن والده بشده ولم يرد ، دخلت هناء المطبخ لتعد الطعام وحمدت الله في سرها , بأنها أحضرت لحوم الشهر ومتطلباتها كلها قبل خروج زوجها من المستشفى ، فتحت الثلاجة وهي تبتسم ولكن الابتسامة تلاشت من فوق شفتيها ولم تتحمل ما رأت فصرخت بدهشة قائلة:
مفيش فراخ ولا لحمة ولا كبدة ولا بانية الفريزر فاضي!
وهنا تشعر بالغيظ والغضب الكبير تحدِّث نفسها:
معقول أنا لسه شارية خمس فرخات وتلاتة كيلو لحمة واتين كيلو بانية وكيبلو كبدة امبارح خزين الشهر، معقول أينور تكون أكلتهم وقدرت تطبخ وتاكل الكمية دي كلها أمتى مش فاهمه ، وصرخت بصوت عالي : أينورررررررررر..
أتت الفتاة إلى المطبخ ببطءٍ وبرود شديد تسير على مهل ، وهي تحرك يديها بلامبالاة وسألتها الأم عن اللحوم التي كانت بالثلاجة وأين اختفت؟
فردت ببرودٍ شديد قائلة:
كنت جعانه وأكلتهم يا ماما.
فصرخت الأم بثورة في وجهها قائلة:
– أكلتيهم ازاي يعني من غير ميستوا أكلتيهم نيين ولا إيه , دا مفيش ولا طبق في الحوض , واكلتي كل الكمية دى انت هتستهبلي ولا ايه !
ردت ببرودٍ:
– أيوة أكلتهم نايين من غير مايستوا يا ماما وفيها إيه مش فاهمة ، ما الصينين بياكلوا اللحمة نيّة..
من غير ما تستوي , دول كمان بياكلوا لحم البشر والعيال الصغيرة بيقولوا طعمهم احلى وبيدى قوة كبيرة ، ايه رايك لما نجرب يا ماما نبدأ بأيناس ولا إيهاب ثم ابتسمت بعدها ابتسامة صفراء مكملة :
دا طعم اللحم الني احلى بيكون فيه دم , يعنى كل الفوائد والحديد ، وبعدها أطلقت ضحكة ساخرة عالية جدا تردد صداها في أذن الأم عاليا ليشعرها بالدوار والصداع الشديد ، فماذا تقول ابنتها هي لا تفهم حقا ما يحدث معها هل فقدت عقلها .
نظرت لها باندهاشٍ، ورددت لنفسها:
“إستحالة دي تكون أينور بنتي أبدًا ، في حاجة غلط ولازم اتصرف بسرعة والحق البنت قبل متضيع منى ”
لم ترد أو تفتح فمها لتنطق بشيء ، كانت تريد الصراخ وضربها و لكنها لم تستطع فعل شيء وخافت على زوجها المريض الذي منعه الأطباء من أي انفعالٍ ، فصمتت وابتلعت الكلمات في حلقها..
وخرجت لتشتري دجاجة للغداء ولم تتكلم , فلم يعد للكلام فائدة في تلك اللحظة أبدا هي تعرف ذلك جيدا …

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لعنة الضريح)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى