رواية لعنة الضريح الفصل التاسع 9 بقلم منى حارس
رواية لعنة الضريح الجزء التاسع
رواية لعنة الضريح البارت التاسع

رواية لعنة الضريح الحلقة التاسعة
كان فهمي يفكر بأنه لابد من فتح ذلك القبر الملعون ومعرفة ما يحتويه ، ومن الذي دفن بداخله فهو يشعر بأنه بداخل القبر سيجد الأجوبة على كل الأسئلة التي تدور في عقله ، وعند منتصف الليل، دخل المقابر وبيده كشَّاف صغير، وذهب لمكان الضريح وحاول فتحه بالأشياء التي أحضرها معه ، وبجوار شجرة الصنوبر العالية كان القبر مكانه في سكون الليل ، اقترب بحذر وحاول فتحة بهدوء وازالة رخامته الثقيلة بصعوبة …
وأخيرًا انفتح باب القبر تحت يديه بعد كثيرا من الجهد والوقت , وهنا شاهد جثة فتاة صغيرة ترتدي ثوب أبيضَ اللون ممزقًا لقد كانت جثة ابنته الكبرى وهنا لم يعد يتحمل صرخ فهمي بلوعة مرددا :
لا أينوررر بنتي لاااااااااا..
وفي تلك اللحظة شعر الرجل بالبرودة وبصوت صفير الريح في اذنه عاليا , و ظهرت الكثير والكثير من تلك الاشياء السوداء المشعرة الطويلة لدرجة غريبة, ربما تصل لعنان السماء , وتمتلك اأيادي سوداء مشعره وجذبت فهمي إلى داخل القبر بقوة واخذت تجذبه لأسفل ، وهنا ظهر اللحاد العجوز حارس المقابر وابنه صدَّام يتسند على عكازة الخشبي ، وشاهدا ما يحدث للرجل وتلك الشياطين السوداء تجذبه لداخل المقبرة المفتوحة بقوة فصرخ الرجل برعبٍ:
أعوذ بالله من الشطيان الرجيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أخذ العجوز يصرخ بهيستريا في ابنه قائلًا:
شِد يا واد يا صدام، شِد الرجلشياطين التربه هتبلعة يا ساتر يارب ، واستطاعا اللحاد وابنه أن يخرجا فهمي الذي كان في حالة صدمة شديدة ويشعر بالألم وعدم التصديق اخذ ينظر لهم بعيون زائغة ثم سقط فاقد الوعي تحت أقدامهم وهو يحاول ان يمسك صدره .
&&&
وقفت هناء منهارة وتسأل الطبيب بخوف شديد قائلة:
حالته إيه يا دكتو طمّني هيبقى كويس ودخلت بعدها في بكاءٍ هستيري.
فردَّ الطبيب قائلًا:
ان شاء الله هيكون كويس هو بس في غيبوبة وان شاء الله يفوق قريّب، متقلقيش .
وهيفوق امتى يا دكتور لو سمحت ؟
ان شاء الله قريب كلها امور في علم الغيب ممكن بعد ثواني أو ساعة أو إسبوع أو شهر وكل شيء بإيد ربنا الحالات اللي زي دي محتاجه الصبر والدعاء لانها في ايد الله وحده .
فتردالزوجة من بين دموعها:
هو عنده ايه بالظبط يا دكتور طمّني يعنى حالتة خطيرة وليه الغيبوبة .
فردَّ الطبيب وهو يهز راسه بحيرة :
في حالات بيعجز الطب عن تفسيرها وبنقف قدامها عاجزين ، وحالة جوزك غريبة ، كل أعضائه سليمة ومفيهاش اي خلل بس العقل بيرفض الاستجابةللواقع والحياة و رافض الحياة اعتقد انه اتعرض لصدمة ومفاجأة شديدة قبل ميدخل الغيبوبة وعقلة رافض يصدقها ، و مع الوقت هيفوق إن شاء الله..
وهنا قطع كلامهما صوتٌ يتحدث بخشونة، وكان الشرطي المكلف بالتحقيق في القضية:
جوزك كان رايح المقابر ليه في الوقت دا يا مدام ؟
فردَّت هناء بتوتر:
المقابر مش عارفة والله حاجة وبعدها انهارت وهي تسأل الضابط برجاء :
هو إيه اللي حصلّه يا حضرة الظابط انا مش فاهمة ؟
فرد بفتور :
محدش عارف الحقيقة، حارس المقابر وابنه اختفوا والدم كان مغرق المقابر ومحدش عارف هما فين وجوزك كان فاقد الوعي وكان جنبة جثة لطفلة صغيرة وهو المسؤول الوحيد اللي قدامنا علشان نفهم ايه دخله بموت البنت اللي اختفت من المشرحة قبلها بيوم ؟
لم ترد هناء ولم تقول شيء فهي لا تستوعب ما يقوله الرجل ، فسمعت صوته يكمل قائلا :
إحنا هنعيّن حراسة على باب الأوضة وهنستنى لما يفوق، علشان نعرف إيه اللي حصل بالظبط في المقابر وازاي الطفلة تختفي من المشرحة وتروح لنفس المكان اللي اتقتلت فيه وجوزك يكون موجود ، الموضوع كبير, لو تعرفي حاجة ياريت تقوليهلنا افضل , وخصوصا اني عرفت ان الطفلة صاحبة بنتك اينور في المدرسة .
شهقت هناء برعب مردده : صاحبة بنتى اينور مين دى ..
ريهام
وهنا صرخت هناء بلوعة غير مصدقة ريهاااااااام
اخذت تبكي بانهيارٍ وتنتحب وهي تنظر لزوجها الفاقد الوعي، ولا أحد يعرف ماذا حدث معه بالظبط وكيف نقلت جثة الفتاة من ثلاجة حفظ الموتى, و أين ذهب اللحاد العجوز وابنه واختفوا .
&&&&&
كانت ترتدي ثوبها الأبيض الذي تحبه وهي توقظ والدها بحنانٍ:
إصحى بقى كفاية نوم لحد كدة يا بابا ، ماما واخواتي مستنينك، يلا فوق بسرعة. وظلت تهز والدها بقوة ليستفيق وهنا فتح فهمي عينيه مرة واحدة ، وصرخ بلوعة :
أينور حبيبتي انتي عايشة انتي كويسة وبخير ، الحمد لله يارب.
ابتسمت الفتاة بحزنٍ قائلة:
أنا موجودة اهو متقلقش وكويسة ، أنا جنبك في كل مكان بس اصحى بسرعة، كلنا مستنينك يا بابا.
فرد فهمي بشكٍّ:
وجثة مين اللي في القبر يا أينور دي كانت شبهك بالظبط يا بنتي ، الحمد لله انك بخير انا كنت هموت من الحزن عليك يا حبيبتي .
ردت أينور بحزنٍ:
خلاص يا بابا اصحى بسرعة، احنا محتاجينك ، أنا وماما وإيهاب وإيناس، وبعدها صمتت قليلًا ثم أكملت جملتها لاقائلة :
وايشتور .. وظلت تهزه بقوة ليستفيق، وظلَّ كلامه يتردد في أذنه:
“كلنا محتاجينك أنا وماما وإيهاب وايناس وايشتورررررررررر”..
&&&
وفي حجرة العناية الفائقة، كانت الممرضة عواطف تصيح بصوت عالٍ:
دكتور مراد إلحقني، المريض مؤشرات المخ بتزيد بطريقة غريبة في حاجة غلط .
فنظر الطبيب إلى المريض بلامبالاة وردد:
شكله بيحلم بكابوس أو بيفكر او يمكن افتكر حاجة متشغليش بالك ، وهنا قالت الممرضة باندهاش:
معقول يا دكتور هو المريض بيكون فاهم وبيفكر وبيحلم كمان وهو في غيبوبة؟
فردَّ الطبيب قائلًا:
أيوة يا عواطف مريض الغيبو… ولم يكمل الطبيب جملته فلقد استفاق فهمي في تلك اللحظة وفتح عينية مرة واحدة وتكلَّم بصوتٍ منخفض متسائلًا بتعجُّب:
– أنا فيين وأينور بنتي فين؟
فابتسم الطبيب قائلا:
حمد لله على سلامتك يا راجل للارض من تاني .
كرر فهمي سؤالة بوهن قائلًا:
أنا فين وانتوا مين ؟
إنت في المستشفى يا سيدى من اكتر من إسبوع كنت في غيبوبة يا فهمي والحمد لله رجعتلنا تاني .
فقال بفزع:
إسبوع ازاي إيه اللي حصل بالظبط، أنا مش فاكر حاجة خالص؟
وهنا دخل ضابط الشرطة إلى الغرفة مرة واحدة ، ثم قال بانفعالٍ:
إنت اللي هتقولنا إيه اللي حصل يا فهمي ؟
فردَّ بعدم فهم :
انا اللي هقلكم ايه انا مش فاكر حاجة خالص ، أنا كل اللي فاكره اني كنت رايح القبر البنفسجي أشوف لونه ؟
نظر الظابط اليه قائلا :
كنت رايح ليه يا المقابر في الوقت المتأخر دا ؟
فردَّ فهمي بحيرة:
كنت هناك الصبح و لفت نظري لون لضريح الغريب وقربت منه علشان افتحه معرفش إيه اللي حصل بعدها مش فاكر .
إحنا لقينا جثة بنت صغيرة مقتولة وكانت اختفت قبلها بيوم من مشرحة زينهم , غير ان حارس المقابر وابنه اختفوا وانت كنت على الأرض فاقد الوعي، عاوز اعرف ايه اللي حصل بالظبط يومها .
فصرخ برعب غير مصدق :
بنتي مقتوله اينور بنتي ماتت ؟
زفر الشرطي بضيق :
لا مش بنتك , اينور بنتك بخير دي بنت تانية زميلتها بالمدرسة وعاوزين نعرف ايه اللي حصل بالظبط والبنت اتقتلت ليه ومين اللي سرق اعضائها ورجعها تاني لمكان الجريمة ؟
رد فهمي بعتب وهو يحاول الضغط على راسه بيديه :
مش فاكر، مش فاكر اقسم بالله ما فاكر حاجة بس مش انا اللي موتّها ، صدقني يا حضرة الظابط.
فردَّ الضابط بشرود وهو ينظرالى عيونه :
إحنا عارفين انك ملكش علاقة بالموضوع البنت مقتولة من تلت ايام وكانت جثتها في المشرحة بس مش عارفين وصلت للمقابر ازاي ، بس عايزين نعرف إيه اللي حصل بالظبط يومها ومين اللي جاب جثة الطفلة دي واللحاد وابنه راحوا فين ، حاول تفتكر..
وهنا حاول فهمي أن يتذكر ماذا حدث يومها ولكنه لم يتذكر شيء أبدًا، فصرخ قائلًا:
– أنا مش فاكر أي حاجة أنا حاسس بصداع في دماغي وبعدها أمسك فهمي رأسه بيديه بقوة وهو يتألم بصوت عالي .
وهنا تدخل الطبيب قائلًا:
أرجوك يا حضرة الظابط، المريض لسه فايق من الغيبوبة ولازم يرتاح ويظهر إن الصدمة سببتله فقدان ذاكرة مؤقت لانه اتعرض لضغط جامد او موقف صعب وقت الحادثة ، فالمخ بيحاول ينسى الموقف بالهروب منه وبينسى كل حاجة حصلت مش عاوز يفتكرها واللى بتعمله دا غير قانوني وغير انساني بالمرة ممكن تعمل انتكاسة للمريض وحالته تسوء ويرجع للغيبوبة تاني , نسيبه يرتاح ويمكن لما يهدىء يبدأ يفتكر ارجوك .
زفر الظابط بقوة قائلًا:
وهقدر استجوبه امتى يا دكتور علشان حالته منتكسش وضغط على حروف كلمته الأخيرة بغيظ ؟
فردَّ الطبيب بضيقٍ:
هنعمله الفحوصات اللازمة والتحاليل نطمن انه بخير ومعندهوش مشكاكل داخليه وتقدر تستجوبة بعدها براحتك .
وهنا نظر الظابط لفهمي بشكٍّ ثم قال:
هرجعلك تاني يا فهمي كلامنا لسه مخلصش ،ثم ألقى نظرة سريعة على الطبيب وقال:
نكمل كلامنا بكرة علشان الانتكاسة .
فهزَّ فهمي رأسه بالموافقة، وهنا دخلت هناء وألقت نفسها بين أحضان زوجها وهي تبكي قائلة:
حمدلله على سلامتك يا حبيبي الأولاد كانوا هيتجننوا عليك وعمالين يعيطوا
فيرد فهمي وهو شارد الذهن :
وأينور عاملة إيه في غيابي ، سألت عليا يا هناء؟
ردت بحزن:
أينور هتموّت نفسها من العياط عليك ، وهنا نظر فهمي لعينيْ زوجته وهو متأكد وواثق بأنها تكذب، ويتساءل بشكٍّ قائلًا:
بجد زعلانة عليَّا ووحشتها يا هناء وحاول الابتسام بحزن ولكنه لم يستطع ؟
فحاولت هي أن تتجنب النظر لعين زوجها وردت عليه بحزنٍ قائلة:
إنت عارف أينور وحنيتها وتعلقها بيك ، دي زعلانه اووى عليك، ولا بتاكل ولا بتشرب، وكانت نفسها تيجي معايا بس انا خلتها مع اخواتها..
وبعدها صمتت قليلا لتلتقط أنفاسها وهي تحكّ أنفها ثم أكملت قائلة:
المهم انك قمت بالسلامة، الحمد لله يارب أنا هسيبك واروح اسأل الدكتور هتقدر تخرج إمتى من المستشفى.
ورحلت مسرعة من الحجرة مسرعة قبل ان يسألها زوجها سؤال أخر عن ابنته الكبيرة ، وتركته وحيدا يفكر في كلام ابنته أينور بالحُلم:
” إحنا كلنا محتاجينك، أنا وماما وإيهاب وإيناس وإيشتور ” وتساءل فهمي بينه وبين نفسه قائلًا:
إيشتوررر مين اللي مستنيني يا ترى مش فاهم حاجة ، وأغمض عينيه ليتذكر..
وهنا صرخ فهمي برعبٍ قائلًا:
“إيشتوررررررررررر” معقول تكون هي ..
و عاد بذاكرته للماضي ولذلك الموقف الذي حدث منذ سنين طويلة، منذ أكثر من اثني عشر عامًا قبل أن تُولَد أينور وتأتي للحياة ، فاسم ايشتور اسم مميز جدا و من الصعب على المرء نسيانه بسهولة مهما مر الزمن .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لعنة الضريح)