روايات

رواية جبروت الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم أسماء أبو شادي

رواية جبروت الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم أسماء أبو شادي

رواية جبروت الجزء التاسع والعشرون

رواية جبروت البارت التاسع والعشرون

جبروت
جبروت

رواية جبروت الحلقة التاسعة والعشرون

دخلـت إلى شـقتها بعـد يـوم شـاق اتجهـت إلى الغرفـة التـي يرتـاح بهـا أدم ، طرقـت على البـاب عـدة مـرات إلى ان سـمعته يـأذن لهـا بالدخـول.
ريتال: كنت نايم ولا ايه؟
ادم: عيني راحت في النوم مع إني مكنتش عاوز انام.
ريتال: نورت يوورك.
( وقف ادم يصافحها وهو يبتسم بشوق لها )
ادم: وحشتيني يا ريري، يورك وامريكا كلها منورين لأنك فيهم.
ريتال: مقولتش ليه انك جاي كان حد فينا استقبلك؟
ادم بابتسامة: حبيت اعملكم مفاجئة.
ريتــال: أحـلى مفاجئــة، يلا اغســل وشــك كــدة وظبــط حالك علشــان تتغــدى على مــا انــا اغـير هدومــي وبعــد كــدة نقعــد نتكلــم.
ادم: ياريت علشان في كلام كتير قوي محتاج اقوله ليكي.
ريتال بابتسامة اظهرت غمازاتها: وانا منتظرة الكلام اللي عندك.
خرجــت ريتــال وتركتــه ينظــر إلى خروجهــا بحـيـرة في معنــى كلماتهــا، وقــد شــك انهــا تعلــم مــا بداخلــه، لا يعلــم انهــا على علــم بــكل مــا يخفيــه بداخلـه تجـاه ليلـه منـذ ان دق قلبـه لهـا وتغـيرت نظرتـه إليهـا مـن صديقـة إلى حبيبــة.
*********
جلســوا جميعهــم لـكـي يتناولــوا الطعــام ســوياً في جــو عائلي دافــئ ولكــن كانـت ماريـا بعيـدة عـن تلـك الجمعـة وهـذا الجـو العائـلي، كانـت بعيـدة جــدا شــاردة في كل كلمــه قالهــا عــادل، لم تكــن مجــرد كلمـات بــل كانــت كالطعنـات في قلبهـا و روحهـا تصيبهـم اصابـة بالغـة دون ان تقتلهـا كالموت البطـئ.
انتبهـوا جميعـا لهـا ولكـن لم يحـاول احـد التحـدث معهـا بشـئ، فهـي كانـت على وشـك الانهيـار بـكاءا.ً
امـا هـو الاخـر فقـد اضطـر لمشاركتهم تحـت ضغـط ليلـة كالعـادة، وايضـا نظــرا لوجــود ادم فــكان لا بــد ان يجلــس معهــم، لم يحــاول مشــاركتهم الحديــث او الدخــول معهــم في اي نقــاش ولكــن لاحــظ نظراتهــم الغريبــة تجـاه ماريـا، فنظـر اليهـا ومـن ثـم عـاد ينظـر إلى الطعـام، هـذه الفتـاه منـذ ان أتى للسـكن هنـا معهـم او بـالادق منـذ رآهـا، لم يحـاول التحـدث معهـا الا في اضيـق الحـدود، لا ينكـر شـعوره بالامتنـان لهـا بالوقـوف جـوار شـقيقته ومسـاندتها، امـا ريتـال فهـي دائما مـا تسـأله عـن حالـه وايضـا تهتـم بـه مـن الجانـب الصحـي وترتيـب الادويـة والفحوصـات الدوريـة التـي يجريهـا مـن وقـت لآخر.
وقفـت ماريـا بعـد ان تركـت المعلقـة مـن يدهـا و زينـت ابتسـامة مزيفـة على وجههـا: الحمـد للـه شـبعت هسـتاذن منكـم هدخـل ارتـاح شـوية لأن يومـي كان مرهـق.
وقبـل ان يعـترض احـد ردت عليهـا ليلـة تسـمح لهـا بذلـك، نظـرا لحالتهـا التــي لا تســتطيع اخفائهــا عنهــم، فماريــا مــن الشــخصيات التــي دائما مــا تظهــر مشاعرها وكل مــا تشــعر بــه على وجههــا و في عينيهــا.
بعـد ان دخلـت ماريـا إلى غرفتهـا نظـر ادم إلى ريتـال بجديـة وقـال لها:هـو عـادل لسـة بيحـاول يقـرب منهـا؟؟
نظـرت اليـه ريتـال عـدة ثـواني ومـن ثـم ردت عليـه بتنهيـدة ضائقـة لكـن شرسـة ريتال: أيوة وشكله كدة زودها انهاردة ومش هيبعد الا لما أكله بسناني.
ليلـة: اهـدي يـا ريـري جايـز حاجـة تانيـة هـي اللي زعلتهـا لأنهـا انهـاردة كانـت بـره المدينـة.
ريتـال وهـي تنظـر إليهـا نظـرات ثاقبـة: مقتنعـة بكلامـك؟؟ عـاوزة تفهمينـي أن ٩٩٪ مـش هـو سـبب الحالـة اللي هـي فيهـا دلوقتـي؟
تنهـدت ليلـة بـألم وقالـت بلهجـة شـاردة وقـد شردت عيناهـا في البعيـد: وايـه في الدنيـا يقـدر يوصـل واحـدة للحالـة دي غـير اللي بيـدق قلوبنـا ليهـم.
******
دخلـت ريتـال إلى غرفـة ماريـا بعـد قليـل فهـي لم تسـتطع تركهـا على تلـك الحالـة اكـثر مـن ذلـك , وجدتهـا جالسـة على الفـراش بعيـون شـاردة ولكـن شـفتيها مقوستين للاسـفل كالأطفال، ولكـن بشـكل يـؤلم قلـب مـن امامهـا هـي مثـال للـمرآة ولكـن عيونهـا تحمـل آلام كثيرة.
انتبهت لها ماريا فنظرت لها وقد سقطت دمعتين من عينيها قائلة بخفوت حزين: خلاص اقتنعت.
ريتال بجمود: اقتنعتي بايه؟
حاولــت الابتســام بســخرية ولكــن ظهــرت الابتســامة منكسرة على شـفتيها المرتعشـة وهـي تجاهـد للتحـدث بثبـات: بـكل حاجـة، بـإني صفـر ومسـتحقش أي حاجـة، اقتنعـت إني ولا حاجـة، إني اقـل مـن ان حـد يتمسـك بيــا او يضحــي علشــاني او حتــى يكتفــي بيــا.
وقفــت ريتــال عــدة ثــواني وهــي تنظــر إليهــا وتفكــر بداخلهــا هــل تـتـرك التصـرف لقلبهـا وتحتضنهـا وتواسـيها ام تـترك عقلهـا يتعامـل مـع الموقـف؟ ولكـن قاطـع حيرتهـا صـوت بـكاء ماريـا بعـد ان دفنـت وجههـا بين قدميهـا واحاطـت جسـدها بذراعيهـا، اقتربت منهـا سريعـا وضمتهـا بقـوة وكأنهـا تريـد آخـد آلامها كلهـا وامتصـاص وجعهـا
ماريـا وهـي تبـكي في احضـان ريتـال: لما لم يتمسـك بي احـد مـن والـداي؟ لما لم يكتفــي هــو بي؟ لما يتعمــدون جميعــا كسري و هزيمتي؟ الهــذه الدرجـة انـا لم اعنـي لهـم شـئ؟! الا اسـتحق مجـرد تضحيـة صغـيرة في سـبيل اسـعادي؟ جميعهـم يرحلـون وانـا اشـاهد رحيلهـم فقـط ومـا يؤملنـي أكثر انهــم يجعلــون الامــر وكأن انــا هــي مــن تختــار الرحيــل والابتعــاد وهــم ضحايـا لأنانيتي فقـط.
( تركتها ريتال تبكي و تفرغ ما بداخلها و انتظرت حتـى هـدأت شـهاقتها و من ثم ابعدتهـا برفـق وهـي تمسح دموعهـا بيديهـا ) و أخبرتها برقــة وحنــان بالــغ : انتــي مــاذا تــري؟
( نظــرت اليهـا ماريـا بعـدم فهـم ) لا يهـم مـاذا يـرونك هـم ولكـن المهـم انتـي تـري نفسـك تسـتحقي السـعادة؟ تسـتحقي انسـان يكتفـي بـكي ويفعـل كل شـئ في سـبيل اسـعادك؟ هـل تـري نفسـك دنيئـة إلى الحـد الـذي يجعلهـم جميعـا يتخلـون عنـكي؟؟
ماريـا بقـوة و دون تـردد: لا انـا لسـت دنيئـة ابـدا، انـا اسـتحق الافضـل، انـا كنــت دائما ابنــة صالحــة لهــما، ولكــن كل واحــد منهــا اختــار حياتــه ولم يكتفا بي مطلقـا وانـا كنـت دائما مـن احـاول التقـرب منهـا، ولكـن مـاذا كان المقابـل؟ ! هـا انـا اعـاني مـن ويـلات تصرفاتهـم واخطائهـم تجاهـي، انـا اشـعر ان جميعهـم قامـروا بحياتي وطعنوني بقلبـي.
ريتـال بحنـو: اذا كيـف لـي ان تقتنعـي بما أخبرتنـي وأخبرتي نفسـك به قبلي ؟
ماريـا بحيـرة على ذاتهـا: مـن الخذلان، مـن تَخليهـم عنـي، فقـد تعمـد كل واحـد منهـم أن يتركنـي بطريقـة مختلفـة تجعلنـي اتحسـر على فقدانهـم، ابي تركنــي مــع امــي بعــد انفصالهــما ولم اكــن أراه ســوى مــرات معــدودة طـوال العـام هـذا إن لم تكـن مـرة واحـدة فقـط، ولكنـي ظللـت أحبـه ولم يتأثـر إحساسي تجاهـه كوالـد بداخـلي، وهـذا مـا كان يثـير غضـب امـي رغم أنهـا الاخـرى تزوجـت و ابتعـدت عنـي و قامـت ببنـاء حيـاة ليـس لي بهـا مـكان. وأيضـا أنـا لم أعتـرض ولم احقـد عليهـا أو أي شيء، ومـن بعدهـم ماتت مربيتـي والتـي كانـت الام بالنسـبة لي وكانـت تلـك المـرة الأولى فعليـا التـي أشـعر فيهـا بمرارة الفقـد، وكان حينهـا عـادل متأثـراً بوفاتهـا فتغلبـت على مـا بداخـي لأسـانده، رغـم أنهـا كانـت تعنـي لي كما تعنـي لـه بـل ولا أبالـغ ان قلــت أكثــر ،، بفقدهــا افتقــدت الكثير ومــن بعدهــا ظللــت في حالــة انتظار ،انتظــار صرامــة ابي وتعليمــي دينــي كما كانــت تفعــل، في انتظــار حنـان امـي واحتوائهـا لي كما كانـت تفعـل تلـك التـي فقدتهـا، ولكـن لم يبـالي أحـد منهـم، وعندمـا ابتعـدت وقـررت أن افعـل كما فعلـوا اتهموني أنـا بالتهـم التـي قامـوا هـم بهـا ومـا كان فعـلي سـوى رد لأفعالهـم، والان أتى دور الاخـر،،، صديـق الطفولـة والحبيـب والرجـل الوحيـد بحياتي، أنـا اكتفيـت بـه و لم أحـاول يـوم إثارة غضبـه ولم اخونـه يومـا لا بنظـري ولا بإحساسي ولا بكيـاني، ومـا كان منـه رداً على ذلـك سوى الخيانـة، و قتـلي بأبشـع الطـرق والان يعايرني بمـا فعـل اهلـي معـي وبوقوفـه جـواري و يخبرني بـكل بسـاطة انـه رغـم خيانتـه لي ومـا فعـل سـوف أعـود إليـه، وليـس ذلـك فقـط بـل أعـود نادمـة اتذلـل لـه ليرضى عنـي ، هـه هـل علمتـي الان مـن إين لي بمـا أشـعر؟
ربتــت ريتــال على ظهرهــا بحنــان بالــغ وهــي تنظــر إلى عينيهــا بنظــرات تخبرهـا أنهـا لـن تتركهـا أبـدا وكانـت تلـك النظـرات هـي أهـم مـا تحتـاج إليـه ماريـا
خرجت ريتال من غرفة ماريا بعد أن تركتها نائمة جراء بكائها الشديد ،، وجـدت ليلـه بجـوار البـاب تقـف تسـتند بظهرهـا على الحائـط المجـاور للبـاب..
ريتال بتصنع الاستغراب : واقفة كدة ليه؟
نظرت ليله إليها بألم و ردت على سؤالها بسؤال آخر: نامت؟
تنهدت ريتال بأسف على حال ماريا : ايـوة نامـت وماتقلقيـش هـي هتبقـى احسـن، أو نقـدر نقـول أنهـا في بدايـة الطريـق لأنهـا تكـون افضـل و اقـوى.
ليلـه بغضـب مكبـوت داخلهـا: ملعـون الحـب وملعون اللي يضعـف ويسـلم للحــب..
كان ادم جالــس على المقعــد يراقبهــا وهــي تقــف أمــام غرفــة صديقتهــا متألمــة ولا تريــد الدخــول إليهــا، و رأى لهفتهــا عندمــا خرجــت ريتــال وســمع كلماتهــا الغاضبــة، تلــك الكلـمات أحبطــت الحـمـاس الــذي كان بداخلـه وجعلـت شـعور الخـوف يسـيطر عليـه، قـرر بعدهـا الرحيـل ولم يتسـنى لـه الحديـث مـع ريتـال كما كان يريـد، فقـد رأى أن الوقـت لا يسمح ابدا لهذا الحديث وشـكرته ريتـال بداخلهـا على ذلـك فهـي تشـعر أنهـا ليـس لديهــا أي طاقــة لمناقشة مايريد ولكن لديها طاقة لشيء آخر ….
دخلــت ليلــه أيضــا إلى غرفتهــا و أوشــكت ريتــال على الذهــاب لشــقتها ولكــن نظــرت إلى غرفــة مــروان بعــد أن ســمعته يــأذن بالدخــول ظننــا منــه أنهــا ليلــه اخبرتــه أنهــا ريتال فســمح لهــا بالدخــول دخلــت عــدة خطــوات إلى غرفتــه وتركــت البــاب مفتــوح .
ريتال ببرود: اخدت ادويتك.
مروان بخفوت: الحمد لله.
تحولت لهجتها لتخلـو مـن البـرود نهائيـاً وقـد اعتزمـت النيـة على البـوح لـه بمـا تريـد: هتفضـل كـدة لحـد امتـى؟
@@@@@@@@@@@@@@@@

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى