روايات

رواية فراشة في سك العقرب الفصل الثامن عشر 18 بقلم ناهد خالد

رواية فراشة في سك العقرب الفصل الثامن عشر 18 بقلم ناهد خالد

رواية فراشة في سك العقرب الجزء الثامن عشر

رواية فراشة في سك العقرب البارت الثامن عشر

فراشة في سك العقرب
فراشة في سك العقرب

رواية فراشة في سك العقرب الحلقة الثامنة عشر

_ انتِ مين يا بت انتِ؟ ردي، انتِ خطيبة شاهين ولا مازن، ولا بتلعبي على الاتنين؟؟
جذبت ذراعها منها بعنف وصرخت بها قاصدة أن يعلو صوتها علّه في مكان ما قريب ويسمعها، فهي بأشد الحاجة إليه الآن بعد أن وقعت بين الاثنين:
_ سيبي أيدي انتِ اتجننتِ ازاي تمسكيني كده؟ وايه بلعب عليهم دي احترمي نفسك.
وهنا تدخلت “نورهان” توجه لها الحديث بنظرات كارهه:
_ طب ما تردي عليها، بتعملي ايه هنا.. وانتِ ازاي خطيبة شاهين وفي نفس الوقت خطيبة مازن؟
طافت بعيناها في المكان بغير هدى، عقلها لا يهتدي لأي اجابة أبدًا، حتى وقع نظرها عليهِ يخرج من ممر الغرف بالأعلى ويقترب من الدرج، لتتركهما وهي تركض فوق درجات السلم متجهه له تحت نظراته المستغربة فقد سمع صوتًا عاليًا وهذا ما أخرجه من غرفته التي أبدل ثيابه بها لثياب بيتيهِ، بعد أن أتى اليوم باكرًا من عمله كي يطمئن على “نورهان” ويمهد لها رؤية “فيروز” لكن يبدو أن الأمور قد حدثت..
وقفت أمامه تهمس له بوجه شاحب:
_ تعالي حل المصيبة دي.. انتَ مش قولتلي هتتصرف مع نورهان! اهي قالت قدام شدوى إني خطيبة مازن.
_ شاهين! تعالى فهمني ايه الهبل اللي بيحصل ده.
قالتها “نورهان” بعصبية بالغة جعلت “شاهين” ينظر لها نظرة صارمة قبل أن يترك “فيروز” وينزل الدرج ليقف في منتصفه أمام الأخرى:
_ وطي صوتك يا نورهان.
ورغم انها اخفضت صوتها تلقائيًا امتثالاً لأمره، إلا أنها قالت بوجهها المحمر من الغضب:
_ فهمني.. ازاي دي خطيبتك، وبتعمل ايه في بيتك اصلاً!
_ تعالي ورايا.
قالها ونزل درجات السلم سريعًا لتتبعه هي بعد أن نظرت ل “فيروز” نظرة كادت تحرقها.
زفرت “فيروز” انفاسها بقوة من التوتر الذي شعرت بهِ، لتجد “شدوى” تنظر لها بتركيز، فسألتها بحدة:
_ هتفضلي بصالي كتير؟
صعدت “شدوى” الدرجات الفاصلة بينهما ووقفت أمامها تقول بملامح مبتهجة:
_ انا من الأول كنت شاكة إن شاهين يكون مختارك انتِ زوجة له، ودلوقتي اتأكدت إن في سر كبير ورا انه يخطبك، وانا لازم اعرف السر ده، وهعرفه.
حديثها كان بهِ انتصارًا واضحًا، انتصارًا اغاظ “فيروز” بشدة خاصًة مع ادراكها لمغزى حديثها الذي تعيده ثانيًة على مسامعها، فتجمدت ملامحها وهي تسألها:
_ قصدك ايه؟ ليه ميختارنيش زوجة له.
ونظراتها التي شملتها من اعلاها لأسفلها، جعلت نيران الغضب تشتعل داخل “فيروز” التي احمرت مقلتيها وهي تستمع لجملتها التي قالتها ساخرة:
_ صح.. ليه مايختاركيش ده انتِ حتى جميلة خالص.
اقتربت منها حتى أصبحت تقابلها تمامًا وقالت بتهديد:
_ انتِ لسه ماتعرفنيش يا شدوى هانم، انا صبري قد كده…
قالتها وهي تشير بإصبعيها بمسافة صغيرة، واكملت:
_ ولما صبري بينتهي بشفق اوي على الشخص اللي قدامي، لأن انا نفسي بتفاجئ باللي بعمله فيه، اوعي تفكريني غلبانة ولا هبلة، انا اوديكي البحر واجيبك عطشانة زي ما بيقولوا، فاتقي شري احسنلك.
رفعت حاجبها تستخف بحديثها فربتت “فيروز” على كتفها مرتين بقوة كرسالة لها بأنها لا تقول حديثًا عبثًا، وانصرفت من أمامها لتظل “شدوى” تتابعها بعينيها حتى اختفت فقالت بابتسامة ساخرة:
_ هنشوف مين فينا اللي هيروح البحر ويرجع عطشان.
❈-❈-❈
_ يعني انتَ دلوقتي عاوز تفهمني إن “مازن” هو اللي خد حقك؟ هو اللي سرقها منك!
اومأ برأسه مؤكدًا وهو يقول بثبات:
_ قولتلك، انا علاقتي بفيروز من زمان.. اعرفها من اكتر من خمس سنين.. ومازن هو اللي فرق بينا ولما رجعت ظهرت وشوفتها مره معاه من بعيد، اتواصلت معاها وعرفت انه كان موصلها عني معلومات مغلوطة، نفس الهبل اللي ماشي يقوله.. اني تاجر سلاح ومجرم، وهي وقتها خافت، ومعاها حق لان لما اخويا يقول عني كلام زي ده طبيعي هتصدقه، لان مفيش اخ بيتكلم عن اخوه كلام كيدي، هو مش بس فرق بينا ده كمان بدأ يقرب منها كصحاب وفجأة من قريب طلبها للجواز وهي وافقت لانها مشافتش منه حاجه تخليها ترفض.
نظرت له بصدمة تسأله:
_ وازاي رجعتلك؟
_ عشان انا فهمتها الحقيقة، لما سابتني اول مرة بعد كلام مازن اختفت من غير اي مقدمات، مكانش ليا فرصة معاها اتكلم لو مرة واحدة وتسمعني، لكن دلوقتي سمعتني.. وعرفت ان في مشاكل بيني وبين مازن ومستعد يعمل اي حاجه عشان يدمرني.. على فكرة مازن مطلبهاش للجواز حبًا فيها، ده بس عشان يقهرني.
وضعت كفها على رأسها بصدمة غير مصدقة ما تسمعه وقالت بحيرة:
_ ازاي مازن يعمل كده؟ ازاي بقى بيكرهك للدرجادي؟ وامتى؟
هز رأسه بلامبالاة وقال بصدق مرير:
_ بطلت اسألي نفسي السؤال دي من زمان اوي.. متركزيش معاه، المهم انك فهمتي الصورة عشان متفكريش اني وحش للدرجادي.
نهضت تفتح ذراعيها له تحتضنه بقوة وهي تهمس:
_ عمري ما شوفتك وحش يا شاهين، انا بس كنت عاوزه افهم يا حبيبي.
مسد على شعرها بحب وهو يقول:
_ عارف.. انتِ الوحيدة اللي بتثقي فيا بعد ماما الله يرحمها.
مسدت بكفها على ظهره تردد:
_ الله يرحمها يا حبيبي.
❈-❈-❈
نهضت من فوق الكرسي حين رأت خروجهما من غرفة مكتبه، وتبادلات النظرات معه بقلق، لكنها كالعادة لم تفهم شيء من نظراته الجامدة، نظرت ل “نورهان” التي اقتربت منها تقول:
_ سوري، اتكلمت معاكِ بطريقة مش كويسة بس أنا اتفاجئت بوجودك، بس شاهين فهمني الحكاية، و حقيقي مش عارفه اقولك ايه.. بس يعني اتمنى متزعليش من مازن، هو دخلك في مشكلة ملكيش دخل فيها وكمان شيلك ذنب مش ذنبك واتأذيتِ بسببه.. بس هو والله كويس ومش الشخص المؤذي ابدًا، هو بس ساعات تفكيره بيخونه.
قطبت ما بين حاجبيها بعدم فهم، لكن ما اهتدى له عقلها أن شاهين اخبرها الحقيقة فقالت بكياسة:
_ مازن انا اتعاملت معاه وعارفه انه مش شخص مؤذي، وعموما انا مش زعلانه منه.
ابتسمت لها “نورهان” بهدوء لتبادلها الابتسامة وعقلها لا ينكاد ينفك عن التفكير في شيء واحد.. كيف انقلبت نورهان من جانب مازن لجانب شاهين؟ وكيف بعد أن عرفت الحقيقة أن تظل واقفة في جانب شاهين بل وتضع اللوم والخطأ على مازن؟ هناك شيء لا تفهمه!
❈-❈-❈
وقفت أمام مكتبه وهو يتابع النظر في بعض الأوراق غير مهتمًا بها، لتزفر انفاسها بصوت مسموع علّه يشعر بضجرها لكنه لم يهتم، فكت عقدة ذراعيها وهي تخرج عن صمتها ضجرة:
_ استاذ شاهين.. لو مش هعطلك تركز معايا ثواني.
رفع عينيهِ لها ببرود يخفي استمتاعه بضجرها وقال:
_ هتعطليني.
قطبت ما بين حاجبيها غيظًا من سخافته، وقالت وهي تضع ذراعها في خصرها بتشنج:
_ لا معلش اتعطل شوية وفهمني.
ترك القلم من بين اصابعه وقال وهو يستند على ظهر الكرسي بتنهيدة:
_ اقعدي يا فيروز… اقعدي يا مغلباني.
جلست وهي تقول ضاحكة ضحكة صغيرة وقد زال غيظها:
_ انا اللي مغلباك، والله ما حد ما طلع عيني غيرك، سايبني طول الوقت مش فاهمه حاجه يدوب تأمرني وانفذ.
ذم شفتيهِ بأن تعتاد:
_ لو قعدتك هتطول هنا او حتى هتقصر لازم تتعودي على طبعي عشان ماتشوفيش وشي التاني، خدي بالك انا مش دايمًا هادي واجاوبك، انا اوقات بقول الكلمة مرة واحدة وأي جدال منك أو مقاوحة وقتها هتزعلك.
رفعت حاجبها الايسر مستنكرة وقالت متغاضية التعقيب عن حديثه:
_ قولي بقى قولت ايه لنورهان.
التواء طفيف ظهر في زواية ثغره يعبر عن اعجابه الخفي بردودها الغير متوقعة، وطفق يسرد لها حديثه مع نورهان، وما ان انتهى حتى سألته:
_ وافرض نورهان كلمت مازن وكدبك؟
_ هي هتكلمه فعلا.. بس مش هيرد عليها.
_ وايه يضمنلك؟
_ مازن انا اكتر حد عارفه، واللي نورهان عملته وتفضيلها ليا عليه مش هيعديه بالساهل.
_ ايوه بس هييجي وقت ويتكلموا واكيد هتحكيله او حتى هتلومه على اللي فهمته.
_ ووقتها هيكدبني، وهيبقى كلامه قصاد كلامي وكلامك.. تفتكري هتصدق مين وقتها؟
رفعت حاجبها متفاجئة من دهائه:
_ طبعا ما دام كلامي مع كلامك هتصدقك انتَ، مش سهل زي ما بيقولوا عنك وكل مدى بتأكد من كده.
نهض يحمل هاتفه وقال لها بجمود مخيف:
_ مشوفتيش مني حاجه عشان تقولي بتتأكدي.
رفعت حاجبها وهي تقول باستهجان:
_ كل ده ومشوفتش!
اقترب منها بعد وقوفها ليبتسم ساخرًا وقال بخبث:
_ وادعي متشوفيش.
انهى جملته وخرج من المكتب تاركًا إياها تحدقه بنظرات مضطربة خائفة وجملته تترد في عقلها وكأنها تحذير لها من أن تفكر مجرد تفكير أن تخطأ معه.
اتبعته للخارج لتقف وهي تبصره يتجه ل”نورهان” التي جلست في غرفة الاستقبال ويتضح عليها الكآبة ودموعها تغرق وجهها.
– مالك يا نور؟
سألها بقلق واضح وهو يجلس جوارها، فاسرعت ترتمي بحضنه تعانقه بيأس وحزن وهي تقول:
_ مازن مبيردش عليا.. من امبارح بكلمه مبيردش.
اتسعت أعين “فيروز” بصدمة وهي تسمع حديثها الذي اخبرها بهِ للتو في الداخل، ونظرت له لتجد نظراته تلتمع بالنصر وكأنه يخبرها “اعلم ما يفكر بهِ من حولي قبل أن يفكرون حتى”
لوت فمها له قبل أن تجاور “نورهان” من الجهة الأخرى وهي تواسيها:
_ متزعليش، هو اخوكي اكيد مش هيقسى عليكِ، بس يعني انتِ بردو اتسرعتي انك تسبيه، اكيد الموضوع مأثر في نفسيته.
تأوهت صارخة وانتفضت في جلستها حين شعرت بأصابعه تقرص خصرها بقوة اوجعتها، ونظرت له بأعين متسعة تحت سؤال “نورهان” بخضة:
_ في ايه؟
ونظراته العابثة والمتحدية أن تنطق بما فعله، جعلتها تبتلع غيظها وهي تنهض قائلة:
_ مفيش.. انا بس افتكرت حاجه مهمة نسيت اعملها.
وركضت من امامهما سريعًا تحت نظرات “نورهان” المتعجبة، ونظرات الآخر المستمتع…
❈-❈-❈
_ مازن باشا!؟
قالتها “مستكة” وهي تقف أمامه بعد أن حدثها وطلب مقابلتها، نظر لها “مازن” بتفحص قبل أن يسألها:
_ مستكة؟
_ ايوه يا باشا.
اخرج هاتف صغير من جيبه واعطاه لها يخبرها:
_ خدي التليفون ده، اديه لفيروز، واكدي عليها محدش يلمحه معاها، ولما تكلمني فيه تتأكد الف مرة ان محدش مراقبها او سامعها.
اومأت وهي تأخذه ليخبرها وهو يمد يده لها بظرف ابيض:
_ خدي ده مبلغ ليكي.
قطبت حاجبيها معترضة:
_ لا هو انتَ فاكرني يا باشا اني بعمل اللي بعمله ومنتظرة فلوس! انا عاوزه انجد بنت حتتي مش اكتر.
ابتسم لها يخبرها:
_ انا عارف.. بس اعتبريها…
قاطعته وهي تدس الهاتف في حقيبتها عازمة على الرحيل:
_ ماعتبرهاش.. تشكر يا بيه..سلام.
وذهبت من أمامه على الفور ليقول هامسًا لذاته بشك:
_ ما هي يإما مخلصة صحيح.. يا بتاخد من حد تاني ومش ناقصها فلوس.. ربنا يستر.
ردد الأخيرة بقلق حقيقي وهو لا يثق بها ولكنه مجبر لحين اشعار آخر..
❈-❈-❈
اخذت الهاتف بعد ان تأكدت من عدم وجود أحد قرب غرفتها، ومشطت الغرفة جيدًا بحثًا عن أي كاميرا او جهاز تصنت لكنها لم تجد، فخرجت لشرفة الغرفة لزيادة الأمان وهي تضغط رقمه:
_ ايوه يا مازن بيه..
اجابها بلهفة:
_ فيروز! اتأكدتي محدش قريب منك؟
_ ايوه، انا في بلكونة الاوضة، قولي امي عاملة ايه؟
_ امك كويسة، بس مصرة تسمع صوتك، لازم تكلميها، انا سجلتلك رقمها على التليفون، بس مطوليش معاها قصري واوعي حد يسمعك، ونبهي عليها متتصلش بيكي وانتي لما تلاقي الوقت المناسب هتكلميها، والتليفون ده تخفيه في مكان محدش يعرف يوصله وتعملي صوته صامت دايمًا، وقت ما يبقى في حاجه طلعيه وكلميني.
_ حاضر، كنت عاوزه أسألك عن حاجه.
_ قولي.
_ ليه نورهان بتصدق شاهين اكتر منك؟ وليه سابتك وجت تعيش معاه هنا لو هو مجرم وشخص بشع زي ما بتقول؟ ولا هي متعرفش؟
_ لا عارفه.. بس نورهان شايفه شاهين ملاك مستحيل يغلط، شايفه شاهين اخونا اللي اتربينا معاه، ومش قادره تستوعب انه ممكن يكون مجرم، نورهان عندها رفض للواقع، هي اتصدمت في شاهين صدمتها دي خلتها ترفض انها تصدق او تهدم صورة البطل اللي كانت رسماها له في خيالها.
_ هي النهارده عرفت اني خطيبة شاهين وشافتني.
ابتسامة منتصرة، ماكرة ظهرت على ثغره وهو يستمع للخبر الذي انتظره على أحر من الجمر، فقد سبق بتقديم “فيروز” ل “نورهان” لغايتين، الأولى أن يصل الخبر لشاهين وقتها فيتأكد من حقيقة العلاقة بينه وبين فيروز، والثانية حين يغدر بهِ شاهين في أي وقت ويسرق “فيروز” منه سيظهر بصورة السيء أمام “نورهان” التي ستدرك حينها مدى بشاعته لدرجة أن يسرق خطيبة أخيه، قال بنبرة مستمتعة بما سيسمعه:
_ قوليلي انهم بقوا على خلاف.
سخرت وهي تجيبه:
_ خلاف! ده الموضوع ماخدش معاه ربع ساعة ولقيت نورهان خارجة بتعتذرلي عن سوء الفهم، وبتطلب مني مزعلش منك واسامحك على أذيتك ليا..
جحظت عيناه وتجمدت ملامحه منتفضًا من فوق كرسيهِ بعصبية بالغة وجسد مشدود:
_ يعني ايه؟ ازاي يعني بقيت انا الغلطان؟؟
سردت له الحوار الذي دار بين “شاهين” و “نورهان” وما ان انتهت حتى سمعت ضحكاته تنطلق، فقطبت ما بين حاجبيها متعجبة، لكنها لاحظت مع انتهاء ضحكاته انها ضحكات مريرة، فوجمت ملامحها حتى انتهى من ضحكه وسمعته يقول:
_ بوينت كمان لصالح شاهين، كالعادة في كل مرة ببقى متأكد انه مش هيعرف يخرج منها، بيفاجئني وبيخرج.. فكرت كتير هو ممكن يبرر لنورهان وجودك عنده ازاي بس ملقتش اي تبرير ممكن يقدمه يحسن شكله قدامها، لكن هو دايمًا جاهز.. دايمًا عنده الحل.
وسمعت صوت تكسير شيء ما وصل لها عبر الهاتف، ففزعت وهي تهتف:
_ اهدا.. لسه اللعبة بينكوا مخلصتش، طبيعي ساعات يفوز، لكن المهم مين اللي هيفوز في الآخر، والشر عمره ما ينتصر، اكيد الانتصار هيكون ليك انتَ، بس لازم اعصابك تكون هادية عشان تعرف تفكر في الخطوة الجاية..
سمعت صوته يأتيها محملاً بالمرار ومشحونًا بالغضب:
_ الخطوة الجاية عنده هو، يعني انا قاعد مستني سعادته ياخد الخطوة، وهي انه يبعت حد من الخدم عندك ليا بالورق المطلوب.
هتفت بحيرة:
_ انا مش هينفع استعجله عشان مايشكش فيا.
_ حتى لو عملتي كده، هو هينفذ في الوقت اللي محدده، مش اللي انتِ تقوليه.
زفرت انفاسها باختناق وقالت:
_ انا تعبت من كل ده، ومش عارفه هفضل هنا لامتى، بس حاسه اني مطولة، عايشة مع راجل غامض مش قادره اتوقع تصرفاته، وده مخليني حاسه اني قاعده هنا شهور مش اسابيع.
لم تستمع تعقيب منه، وكأنه لديهِ ما يكفيه من الغضب لأن يواسيها، فتنهدت وهي تقول:
_ المهم، لو بعتلك الورق وانت هتبعت ورق مصور عشان احطه مكان اللي بعته، بس انتَ عارف انه هيبعت ورق مضروب، يعني مش هتستفيد بيه، وفي نفس الوقت عشان مايشكش فينا وقتها لازم اطلع من الفيلا، او حتى احاول.. ايه اللي بعده كده انا مش فاهمه؟ لو طلعت، وهو سبني اطلع انتَ مش هتستفيد حاجه.. ولو فضلت بردو مش هتستفيد لانه اكيد شال الورق المهم في مكان محدش فينا هيعرف يوصله.
تجاوز الإجابة عن أسئلتها، وكأنه لم يسمعها، وقال بما فاجئها:
_ انتِ لازم تحاولي تقربي من شاهين، مينفعش شاهين يخرجك من عنده بعد قصة الورق دي ما تخلص..
سألته بصدمة:
_ اقرب منه ازاي يعني؟
واتاها صوته المحمل بنبرته الغاضبة وكأنه مازال مشحونًا بطاقة غضبه:
_ يعني تقربي منه.. محتاجه شرح دي! زي اي ست ما بتقرب من راجل، لازم شاهين يحس انك بقيتِ جزء مهم في حياته.. وإلا هيخرجك منها في اسرع وقت، ووقتها مش هستفيد حاجه فعلاً.
_ احنا متفقناش على كده!
رددتها باستنكار شديد ورفض في آنٍ، وهي لا تصدق ما يطلبه منها، لتسمع صوته يوضح:
_ انتِ فهمتي ايه! انا مش قصدي تقربي منه بشكل وحش.. انا قصدي تحاولي تخليه يتعلق بوجودك، يحس إنك شخص وجوده فارق، يطمنلك.. مش اكتر من كده، انتِ مش شيفاني مش راجل عشان اطلب منك تقربي منه بشكل تاني.
تحكمت في نبرة صوتها بالكاد من الا تعلو وهي تقول بغضب تمكن منها:
_ اي نوع قرب مرفوض، واصلا انا مش محتاجه اقرب منه عشان يخليني هنا، بالعكس انا عاوزاه يمشيني في أسرع وقت، ومش مشكلتي لو قضيتك ماتحلتش احنا اتفقنا على اقصى مدى اسبوعين، اكتر من كده يوم واحد انا مش معاك.. سواء استفدت ولا لسه.
هدأت نبرته وحاول تمالك زمام الأمور كي يصلح ما افسده، فيبدو انه لم يحسب جيدًا لِمَ قاله:
_ انا مش قصدي انك تفضلي عندك كتير، احنا بس بنحاول نضيق الخناق عليه، وماتنسيش ان اللي بتعمليه ده عمل خير، كفاية انك هتساعدي في القبض على مجرم.. وميغركيش الوش اللي شاهين لابسه، انتِ لو غلطي غلطة واحدة شاهين هيظهر وشه الاجرامي وساعتها هتحسي انك متعرفيهوش، اوعي يغرك طريقته والمثالية اللي بيحاول يظهرها، اسأليني انا.. انا اكتر واحد عارفه كويس..
ابتلعت ريقها بحيرة، فهي بالفعل بدأت تراه إنسان جيد، رغم بشاعته التي رأتها في أول معرفتها بهِ، احيانًا تشعر أن بداخله شيء ما جيد، لكنه يحاول تجاهله وإظهار عكس هذا، ولكن حديث “مازن” ذكرها بحديثه اليوم لها وهو يحذرها من أن تخطأ معه، ويخبرها أنها لم ترى منه السيء بعد.
وبنفس الوقت كان يخرج لشرفة غرفته والتي تجاور شرفة غرفتها فقط يفصل بينهما مسافة صغيرة تبلغ القليل من الأمتار ليقطب ما بين حاجبيهِ وهو يراها تقف في شرفتها رافعه إحدى ذراعيها وتتحدث..!

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فراشة في سك العقرب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى