رواية غمرة عشقك الفصل الثامن عشر 18 بقلم دهب عطية
رواية غمرة عشقك الجزء الثامن عشر
رواية غمرة عشقك البارت الثامن عشر
رواية غمرة عشقك الحلقة الثامنة عشر
لا تخشى من كوابيس نومك
بل افزع من كوابيس الواقع !
#دهب_عطية
خطت خطواتها بتمهل وحرص وهي مرتدية ثوب الزفاف الأبيض الأنيق…. والذي كان غاية في رقي
والعصرية عليها…. حيثُ كانت بهِ كأميرة متوجه..
كأميرة حزينة متعبة انتهت قصتها بكل جوارحها ونزل الستار عند آخر مشهد ينتظرهُ الجميع
الزواج من أمير وسيم ياخذها معه حيثُ برج
عالٍ ، عريق الطراز مزين إليها بالورود كي تعيش
به مع حبيبها حتى آخر العمر….
ربما لم تكن النهاية بسيطة بهذا الشكل…وان هذا الثوب الأبيض الذي ارتدت إياه بملء إدارتها لم يكن
إلا بداية كل شيء مع من يقف عند الباب يلاحقها
بعيناه الامعه منذ اول ظهور لها……
فكانت تسير بجوار الجيران وامها تمسك بيدها برفق
تدفعها للسير بدون خوف او تردد…….
كانت جميلة اليوم أجمل من أي يوماً رآها فيه.. فكانت بثوبها الأبيض أجمل نساء العالم في
عيناه…. و زينة وجهها كانت تلمع باشراق… من وضعت لها ألوان الزينة أرادت برز جمالاً قد أهمل
من قِبل صاحبته….. اما من كوت شعرها بهذا الشكل واستطال حتى اخر ظهرها هكذا وقد وضعت فوق رأسها تاج متلألأ بهذا الشكل البراق أرادت ان تثبت
له ان العروس ملكة تستحق ان…….. ان
تجلس على عرش مملكة احتلت من قِبل هو ؟!…
ترددت حنين في رفع عيناها إليه وهي تنظر له في الخفئ وهو واقف عند الباب ينتظرها حتى ترحل معه……….. بعد ان اتمم اتفاقه وجعل الجميع
يراها بفستان الزفاف…… كي يرد لها جزء بسيط
من كبريائها المهشم امامهم…..
أخيراً رفعت عيناها البنيه عليه حينما اقتربت
منه… وكان هو في غاية الأناقة ببذلة كلاسيكيه بعصرية رفيعة….. باللون الكحلي……. كانت رائعة
عليه وكانها صممت اليه خصيصا….. وقد صفف شعره الاشقر الغزير للخلف فأصبح جذاب بدرجة مهلكة…. مما جعلها تخفض عينيها وهي تتذكر قبلاته على شفتيها….. وجنونه وقتها وهو يكاد يبتلعها في
تلك الدقائق التي مرت عليها كدهر……
بلعت غصة الخوف في حلقها وهي تشعر بتجمد أطرافها…. من مجرد قبلة كان جامح وكاد ان يفقد صوابة وهي في احضانه… ماذا سيحدث حينما
تكون في بيته و في نفس الغرفة !….ينبغي عليها
ان تكون على علم ان الاتفاق أساسه نيلها ؟!
لكنها تشعر بالاضطراب وكان تلك الدروس التي كانت تحفز نفسها عليها قد تلاشت في لحظة وحل التردد والخوف من وجودها معه وحدهم… لأول مرة ستكون معه وحدهم !…….
شعرت بيده توضع خلف ظهرها ودفعها نحوه برفق لتجده يطبع قبلة فوق راسها أمام الجميع… وهذا جعل بوابل من التهنئة تهبط عليها ودعاء امها وبعض الجيران بسعادة اليهما…….
رفعت حنين عيناها إليه بخجل به لمحة من التردد…
فوجدته يبتسم بجاذبية تليق بالوسامة الساطعه التي يتمتع بها هذ الرجل……
“مبروك ياحنيني……..”
جف حلقها ومزالت عينيها متعلقه بعيناه بتردد….ثم هتفت باعجوبة من بين هذا الاضطراب…..
“الله يبارك فيك…….”
تعالت الزغاريد من حولهما.. فوجدته يثني ذراعه ويرفع مرفقه لها….. كي تتأبط ذراعه……
احاطت مرفقة بكفها الشبية بالوحة الثلج بسبب ما يحدث لها….. أسبلت عيناها بعيداً عنه وكانها
تطالب بالامان من خلالهم……….
هبط معها على السلالم القديمة والجيران خلفهما
يطلقون الزغاريد وصياح الفرح… وهناك فرقه موسيقية شعبية تحيط بهما تقوم بزفافهما بالعود والطبل البلدي ………
بعد ان انهت الفرقة الزفة التي بدأت من أول
درجات السُلم حتى اعتاب باب البيت الكبير ……
بعد انتهى الفرقة علمت انها على وشك الرحيل…
لم تشعر بنفسها إلا وهي تلقي نفسها باحضان امها وتنتحب بقوة ورغم حزن امها على فراقها وبكاءها كذلك إلا انها ارتعبت من بكاء حنين المبالغ فيه…….سائلة ماجدة همساً قلق ……..
“في اي ياحنين….اي العياط دا كله مالك يابنتي انتي مخبي عليا حاجة……”
هزت حنين رأسها في احضانها وهي تقول
بشجن..
“هتوحشيني اوي ياماما……”
اخبرتها والدتها بالدموع…..
“وانتي كمان ياحبيبتي..هبقى اجي اشوفك وانتي كمان تعالي زورينا…..اوعي تقطعي بامك ياحنين…”
اومات لها حنين وهي تخرج من احضانها وقد تلوث
كحل عيناها قليلاً من البكاء لكنها لم تهتم…قد أخذت
يد امها وقبلتها ثم رأسها وودعتها بعدها بقلباً
ملتاع……..
نظرت لعز الدين بكحلها المنساب وعيناها الحمراء
وشفتيها المنتفخه… وثوبها الأبيض الذي يبتلعها
بقوة وفي نفس الوقت يبرز جاذبية تمتلكها البائسة بغير إدراك !……
فتح لها باب السيارة بصمت وكان وجهه جامد التعبير……خطت حنين خطوتين نحوه ثم قبل ان تستلقي السيارة الفارهة وقفت بجواره وكان يفصلهما الباب المفتوح بيد عز الدين والذي بادلها النظرات بهدوء اقرب للبرود……….
بعد لحظات من تبادل النظرات التي تحمل مشاعر عميقة سوداء بينهما…اوقف عز الدين حرب النظرات وهو يقول…..
“مش ناويه تركبي ياعروسة……”
بعد جملته أدارت راسها عند امها الواقفه بصعوبة من شدة التعب ومع ذلك تقف كي تودعها…. واشقاءها الاربعة المحيطين امها وينظرون اليها بشجن واصغرهم يبكي حزنٍ لفراقها……
عادت عينا حنين اليه ثم للسيارة بداخل ثم للجيران الذين ينظرون لها بارتياب من صمتها الغريب وبكاءها المبالغ فيه…..والاهم ترددها في رحيل مع زوجها !….
عادت من جديد لعيناه القاتمة والتي تنتظر قرارها
على احر من الجمر……..
رمقته بنظرة محتقنة ثم استلقت السيارة بعدها بقلة حيلة…..فهي من اختارت وعليها ان تتحمل ثمن القادم مهما كانت النتيجة………
صعد بجوارها للسيارة واشار للسائق بان يتحرك…ثم تحركت السيارة في شارع بحرص…..
استدارت حنين ونظرت للخلف حيثُ امها واشقاءها والذين كانوا يقفون خلف السيارة وهي ترحل
ورحلت صورتهما المحببة لعيناها حتى لم تعد تراهم……..
نزلت دموعها وهي تستدير لتنظر للنافذة المجاورة ولم تسيطر على دموعها التي انهمرت بغزارة من مقلتيها………
قدم عز الدين محرام لها اخذته بصمت ومسحت دموعها ووجهها وقد افسدت زينة وجهها الجميل
سريعاً….وهذا أحزنه….لكن حزنه على انهيارها
الملتاع على فراق عائلتها كان أقوى…..مما جعله
يسحبها برفق وصمت الى احضانه وهي لم
تمانع بل ارتاحت على صدره وبكت بقوة وخرجت شهقات متقطعه من بين شفتيها الحمراء المنتفخة…
بكاءها على صدره وشهقاتها المتقطعه اثارت في اعماقة شيئاً…..لم يعرف هوايته لكن أول مرة يستشعره مع أمرأه….واول مرة يعانق أمرأه بهذا الشكل كي تبكي على صدره…..الوحيده التي اعطى
لها هذا الحق أخته……ومن بعدها لم يرد ولم يشعر انه سيفعلها لاخرى !………
أخرج تنهيدة عميقة محملة بمعاني عميقة بعد زوبعة تلك المشاعر المداهمة لفؤادة…….شعر بها تمرر كفها الناعم بعشوئيه على صدره فوق قميصه الأبيض
اغمض عيناه بقوة مُتأثر باقل لمسة تصدر منها..يبدو انها لا تدرك ماذا تفعل فهي مزالت تنتحب على صدره
فتح عيناه ثم حرك يده قليلاً وربت على كتفها
الغض برفق وهو يقول بهمس……
“كفاية عياط ياحنين………….مش كده…….”
فتحت حنين عيناها الحمراء وهي تشعر أخيراً بنفسها في حضن من تبكي ، على صدر نفس الشخص الذي كان سبب احتقارها لنفسها الآن…..
بعد ان تركت كل شيء وبحثت عن ابسط الطرق لتأمين مستقبل عائلتها الصغيرة !…..
رفعت حنين رأسها وابتعدت عنه سريعاً مما جعل
عز الدين بعدها يشعر بخطٍ من الصقيع يحتل صدره في نفس المكان الذي كانت ترتاح عليه……..
لم يعلق على شيء بل تركها الآن تفعل ما يحلو لها وحين تدخل مملكته سنرى الى اي مدى ستبتعد !..
………………………………………………………………
دخلت السيارة من ابواب الفيلا الكبيرة حيثُ الحديقة الكبيرة الشاسعة….ذات المنظر الخيالي والتي تشبهة الجنة في مخيلة المرء من شدة جمالها……..
وقفت السيارة وترجل السائق يفتح لهما الباب…..خرج عز الدين واشار للسائق ان يبتعد قليلاً
ثم ساعدها من الناحية الأخرى بالخروج…فكانت تنورة الفستان ضخمة تعرقل نزولها……
سارت معه للداخل وكانت تتأبط ذراعه مرة أخرى
حتى وصلا لباب الفيلا الذي فتح لهما وانتظرهما
الخدم والذي كان من بينهم (نيرة ، ونرمين
المسئولة عن شئون الخدمة في الفيلا….)
حلت الدهشة على وجوههن وهن ينظرنا لحنين التي اخفضت رأسها بحرج من هذا الموقف….
ماذا يقولون عليها الآن ياترى….. لا داعي للتخمين
عيونهما افصحت عن كل شيء….
بلعت تلك الغصة الحادة كشفرة الحلاقة بصعوبة…
ثم سمعت تهنيء لبق من الجميع ثم بعدها وجدت عز الدين يسير بها للاعلى بعد ان رد على التهنئة بفتور….
صعدت بحذائها العالٍ قليلاً على السلالم الامعة وعيناها البنية تبصر هذا المكان الذي لم تراه….فهي لم تدخل إلا المطبخ وغرفة الخدم في أول زيارة لها وثاني زيارة احتلت بجدارة غرفة صاحب البيت !………واصبحت زوجته في لمح البصر…….
فتح عز الدين الباب اليها واشار لها ان تدخل…دخلت
وتفقدت المكان وهي تراه يلحق بها بشموخ مغلق الباب خلفه…..
كانت غرفة شاسعة رجولية باحته…..كل قطعه بها منمقة بعناية وفخمة جداً…..
كانت عبارة عن سرير كبير وطاولة توضع في احد الزوايا باناقة عليها زهرية خاليه وكئيبة بدون رفيقتها الجميلة !…..هناك تسريحة انيقة
أيضاً في احد الزوايا….وحمام خاص…يتواجد
كذلك غرفة كامله لتبديل الملابس……….
شعرت به يديرها اليه و ينظر لها تلك النظرة الجامعة ما بين الحنان والعبث…….سمعته يقرب راسه منها هامساً بعمق أحيا قلبها بجنون……
“مبروك يا حنين……..”
اغمضت عينيها وهي تشعر بشفتيه تداهم ثغرها من جديد….لكن تلك المرة برقة تذيب الجليد من أعلى الجبال………مرر يداه على خصرها بحنان وهو
يعزف باحترافية على شفتيها مخدر خوفها
وحزنها بقربه……..
تحركت شفتيها باستحياء معه وقد تجاوبة بخبرة معدومة لكن استجابتها كانت بمثابة عود كبريت
وقع في مكان قابل للاشتعال…..
تعمق اكثر وزاد جموحها ولم تعرف كيف تجاري هذا الجنون……لكنها حاولت ليس لأجله بل لأجل ان تنساق خلف اي شيء ينسيها هذا الوجع الذي
يقبض على صدرها ويكاد يخنقها……
وقع تاج رأسها أرضا وشعرت بالثوب الابيض ينزلق
عن جسدها ببساطة بعد ان عبثت يداه بمهارة كي
يتخلص منه…..
حملها في لحظة على ذراعيه القوية وشفتيه مزالت متسلطه على شفتيها تأبى تركها…..بل واذا تركت شفتيها تطوف على قسمات وجهها بقبلات بدت كلمسات اوارق الورود على وجنتيها……
وضعها على الفراش ومالى عليها واقترب منها
مجدداً….
همست باعتراض وبوجنتان مشتعلتان
من ما يحدث بينهما…..
“عز……….انا خايفه…….انا……”
نظر لها باعين مظلمه جائعة وبرغم ذلك اخبرها بحنان …..
“متخفيش ياحنين………..مش هأذيكي…..”
بلعت ريقها لتجده يمد يداه ويحتجز وجهها بينهم
ثم طال النظر اليها على وجنتيها الحمراء وعينيها الخلابتين والتي بهم لمحة من التردد من القادم بينهما……..أسند جبهته على خاصتها ولفحت انفاسه الساخنة صفحة وجهها الشاحب فهمست مجدداً بخجل وارتياع……
“عز…………. انا….”
“هششش…..متخفيش…..”عاد ليقبلها من جديد ويلمسها بمنتهى الراحة غير مصدق انه امتلكها
أخيرا واصبحت إليه بعد كل تلك المعافرة معها…..
وكانت لينة بين يداه تسير على الدرب الذي اختاره
لها… وهذا كان يزيد جموحه عليها…فيجعله يريد ان ينال القدر الذي يجعله يتخلص من سحرها الغريب ويتلاشى بداخله…….لكن هيهات حينما اقترب منها شعر انه شرب السحر وبدأ المفعول الحقيقي بعدها ؟!……
…………………………………………………………….
طرقات مهذبة على باب الغرفة جعلتها تفتح عينيها
بفزع غريب برغم خفوت الطرقات….
اغمضت عينيها من جديد بتعب وحركت راسها يمينا ويساراً……لتجد نفسها على فراش ناعم الملمس شاسع…. خرجت شهقة مكتومة وهي تلمس جسدها العاري تحت الفراش بيدها ثم فتحت عينيها تلك المرة برعب ونظرت لمن ينام بجوارها متسطح على بطنه ذاهب في سباتٍ عميق…..يخفي جسده النصفي بشرشاف وجزءه العلوي عاري بظهر ممشوق صلب
وذراع ضخمة تضخ بالعضلات القوية……
بلعت ريقها وهي تتأمل قسمات وجهه الرجولية الوسيمة….وهيئته الجذابة وهو نائم هكذآ مسالم
للحياة بما فيها…..
لاحت بسمة خجل على محياها وسط تاملها الهائم بهذا الرجل الوسيم…..ماذا فعل بها ليلاً….كان مراوغ عابث ماهر فيما يفعله…..وكأنها يعرف نقاط ضعف المرأة ويلعب عليها باحترافية ليجعلها تنساق خلفه كالمنومة مغناطيسياً !…….
تلاشت البسمة بتدريج وهي تتذكر انها ليست الأولى ولن تكون الاخيرة في حياته !……
أدارت وجهها للناحية الآخرى فسمعت طرقات باب غرفتهما من جديد……نظرت حولها لعلها تجد شيءٍ
يسترها كي تفتح للطارق لكن الشيء الذي كان قريب من بين يداها قميصة الأبيض الخاص بحلة العرس…
اخذته بدون تفكير وارتدت إياه و زررت الازرار
وهي تنظر لعز الدين الذي مزال نائم في ملكوت
آخر……..لاحت تلك البسمة النادرة على شفتيها
وهي تقترب منه لترفع الغطاء عليه أكثر…..
ثم اتجهت للطارق وهي ترفع شعرها للأعلى قليلاً…..
فتحت الباب ووجدت المسئولة عن الخدم السيدة
(نرمين)والتي اخفضت جفنيها بحرج حينما ابصرتها وقالت……
“اسف ياهانم اني صحيتك من النوم…..بس افتكرت انكم صاحيين فاجبتلكم الفطار….تحبي ادخله ولا اطلعه كمان شوية……”
توردت وجنتي حنين باستحياء وهي تلتفت كي
تنظر لعز الدين النائم ثم للسيدة الواقفه امامها…..
“لا خلاص هاتيه……احنا صاحيين…..شكراً….”اخذت منها حنين العربة الانيقة التي تحمل طعام الإفطار والمشروبات الساخنة…….
اغلقت حنين الباب برفق ووضعت العربة جانباً ثم تقدمت من عز الدين بحرج وهي تنادي عليه برفق…
“عز……عز…….قوم يلا…….”
فتح جفنيه بانزعاج فظهرت تلك العيون العسلية الضاريه القاتلة لاي ثبات بداخلها…….تردد صوتها
وهي تضع يدها على كتفه بحنان…..
“يلا قوم الفطار طلع…….”
اعتدل في جلسته ودعك في عيناه وهو يسألها
بنبرة ناعسة….
“صباح الخير ياحنين……هي الساعة كام دلوقتي…..”
نظرت للمنبة الموضوع على المنضدة المجاورة
لهما فقالت بفتور….
“صباح النور……….. الساعة عشرة…….”
نظر لها عز الدين جيداً فوجدها ترتدي قميصه
الذي يصل لقبل ركبتيها بقليل…..
“انتي لبسه كدا ليه…….. في فستانك……”
“فستاني…..اا…….”اشتعلت وجنتيها وهي تنظر للجهة الأخرى ولم تجاوبه……عبثت عيناه وتحركت شفتيه في زاوية واحده وهو يسالها بمرواغه….
“هو اي اللي حصل امبارح بظبط…..”
كانت ستنهض من مكانها بحنق من أسلوبه الماكر
معها…
“انت مش فاكر يعني…..”مسكها من يدها واجلسها على فخذيه الممدده في لحظة فشهقت بدهشة
وكتم الشاهقة بشفتيه التي القت عليها قبلة
الصباح المنعشة……
أبعد شفتيه عنها وتعمق بجمال لوزتين عينيها
الشهية وهو يقول بعبث…..
“راحه فين احنا مش بنتكلم……”
نظرت له بخجل وقالت بضيق شهي امام عيناه…
“راحه اخد شاور……وبعدين بنتكلم في إيه….دي قلة آدب…..”
مالى عليها ووزع عدت قبلات حانية على عنقها
وهو يقول ببراءة…..
“اخص عليكي ياحنيني…….انا قليل الأدب برضو…..”
“عز…….بس….. بقه…..”دفعته بخجل وهي تحاول النهوض……..كبل خصرها وجعلها تستلقي بجواره
ضحكت بصدمة بها لمحة من المرح الانثوي
المكنون بداخلها……..
“عز سبني……………مينفعش كده…..”
طل عليها بهيئته الرجولية التي تزعزع ثباتها….
“هسيبك تقومي بس لم تحكيلي حصل اي إمبارح…”
نظرت للناحية الاخرى بخجل صارخ….
“معرفش……….مش فاكره…..”
“يبقى لازم افكرك……..”كتم اعتراضها بقبلاته الجائعة
أغمضت عينيها بتمتع من هذا الإحساس الجميل الدافئ التي تستشعره كلما اقترب منها….وفي غمرة ضياعها سمعت انشقاق قميصه عليها وصوت تمزيقه
يدوي في الغرفة بأكمله……ومن بعدها وجدت نفسها ترتمي على أقرب موجه عالية سحبتها برفق وتمهل ….
خرجت من الحمام بقميص أبيض أنيق يلتف
على جسدها بحياء قصير قليلاً…. كان أيضاً شعرها
مبلل ووجهها ناضر براق عن اي يوم راها فيه… وشفتيها حمراء… حمرة صارخة ارتسمت على
شفتيها بعد اقتحامه الشديد لها منذ لحظات….
بلع ريقه وهو يتاملها على الاريكة الجالس عليه منتظرها على وجبة الإفطار بعد ان أخذ حماما
دافئا وارتدى طاقم مريح وصفف شعره
الاشقر للخلف……
اتت حنين وجلست بجواره بنفس الخجل والحياء برغم كل ما حدث بينهما……
تنحنح عز الدين حتى يقتل هذا الصمت
الغريب بينهما……
” مش هتفطري ياحنين…… ”
هزت حنين رأسها بنعم ولم تاخذ إلا كوب الماء الموضوع على الطاولة….
ابتسم تلك البسمة العابثة من أحد زوايا شفتيه
وقال هازئا…..
“هو الفطار بنسبالك كوباية مايه…..”
وضعت الكوب بحرج وقالت….
“لا………….. انا هفطر اهوه…….”
سالها بلؤم….
“انتي مكسوفه…….مش معقول بعد كل ده……”
رمقته بوجه محتقن…..ضحك وهو ياخذ قطعه من خبز التوست فرد عليها الجبنة ووضع قطعتين
من الزيتون وقدمها لها…..
“طب خدي طيب……..وبلاش البصه دي…”
اخذت منه اللقمه وقطمت منها بتمهل وحرج…..
وبدأ هو أيضاً بالاكل…..توقف في منتصف الطعام وسالها وهو يسكب القليل من الشاي لها…..
“كام معلقة سكر ياحنين….”
ردت بحرج….
“من غير سكر…………لو ينفع…..”
رفع راسه وارتفع حاجبه قليلا وهو يداعبها
بكلمات…
“بيجيلك قلب ازاي تشربيه كده…..”
اخبرته بخفوت…
“انا بحبه كده من غير سكر……”
غازلها بنبرة عميقة……
“هو كدا كدا هيتحلى مسافة ما تشربيه…”
توردت وجنتيها وهي تاخذ منه الكوب معقبة…
“بتعرف تعاكس وتقول كلام حلو…..”
اخبرها بوقاحة……
“بعرف اعمل حاجات كتير واديكي شوفتي منها
جزء امبارح…… وصبح……”
قالت حنين بانزعاج ملموس….
“عز انا مبحبش اتكلم في الحاجات دي…..”
برم شفتيه بخبث…..
“مم جايز عشان لسه في الاول…. بكره تاخدي
على كده……”
“يا ربي…….”زفرة وهي تشيح وجهها المشتعل منه…
ضحك عز الدين بقوة بعد تلك الكلمة ثم توقف
عن ضحكاته بتدريج واخبرها بهدوء…..
“خلينا في المهم….احنا هنسافر كمان ساعة…. جهزي نفسك على كده….”
عقدت حاجبيها بتعجب وتساءلت..
“هنسافر !……… هنسافر فين……”
اخبرها عز الدين بفتور….
“عندي فيلا على البحر في الغردقة……هنروح نقضي فيها شهر العسل…….ها اي رأيك….”
حركت كتفيها باستسلام….
“اللي انت شايفه…..”
اوما براسه بعد ان اخذ رشفة من الشاي…..
“خلاص جهزي نفسك بعد الفطار….وانا هطلع حد من الخدم يحضرلنا الشُنط……”
امتنعت وهي تقول….
“مش لازم انا هحضرهم بنفسي…..”
صمتت قليلاً ثم سالته بتردد بعد ان انزلت كوب الشاي من على فمها……
“هو…………مفيش حد في الفيلا هنا غيرنا……”
رمقها بشك…..
“بتسالي عن مين…….”
تابعت بتردد……
“اية هانم وابنها…….و جوزها…….خالد….هو مش عايش معاكم هنا…….”
جن جنونه في لحظة ولفظ بصدمة…
“خالد……”سحبها بقوة في جلستها المجاورة له لتكن ملتصقه به في لحظة ولاحت بوادر الخوف على وجهها منه….
“بتاع اي تسالي عنه…………. انطقي…..”
ارتعد جسدها فتراجعت بخوف….
“انا مش قصدي حاجة….انا فكرت بس انه ساكن معاكم هنا…….مـ…..”
هدر عز الدين بجزع من بين اسنانه المطبق عليهم….
“اول وآخر مرة تتكرر ياحنين……فاهمه…”ترك ذراعها بغضب مكبوت….ثم نهض من مكانه الى شرفة الغرفة
قربت يدها منها وعضت عليها بقوة وهي تنعت نفسها بالغباء……. لماذا سالته عن خالد….. هي لا تهتم بأمره
حتى…….. هل اضطرابها بقربه جعلها تخرج اسئله خرقاء تعرف انها ستحرق فتيل صبره في لحظة
عليها…. فهو على علم بكل شيء حدث من خالد
وهو كان حاضر كل شيءٍ لذلك تقابلان…..
نهضت من مكانها وارتدت مئزر طويل وخرجت للشرفة الذي كان يقف عندها يستند بكفيه على حاجزها بملامح واجمه…وبرغم من شعوره بوجودها
إلا انه لم يعقب وظل صامتاً…..
تجرأت ووضعت يدها على يده الممسكه بسور…
اضطرب جسده من تلك اللمسة المباغته منها فرفع عيناه الغاضبه عليه….ابتسمت معتذرة وهي تقول
بنبرة مختلفة عليه كلياًّ….
“انا اسفه ياعز…..صدقني مكنتش اقصد حاجة من اللي وصلتلك………كان سؤال عادي……”
اخبرها بحزم غير متهاون….
“لا مش عادي وانتي عارفه ليه….ميتكررش تاني ياحنين……….مفهوم…..”
اومات براسها بطاعة….
“مفهوم……..انا اسفه….”تقدمت منه وطبعة قبلة على وجنته ثم ابتعدت ورفعت راسها إليه تنظر اليه ببراءة واعتذار كقطه تتدلل على صاحبها كي
يرضى عنها…..
“خلاص بقه ياعز…..”
زمجر بضيق….
“مش خلاص ياحنين…..”سحب راسها بقوة وانحنى عليها منقض على شفتيها من جديد بغضب…. تلك المرة بادلته بكل خبره امتلكتها على يده هو ، كنوع من الإعتذار له ، فجن جنونه وسحبها من جديد الى فراشهما…..
وقفت امام المرآة تهندم ياقة قميصها الابيض المطرز بخطوط باللون السماوي….وترتدي اسفله بنطال جينز انيق مماثل للون……اما شعرها فقد تركته يناسب
على كتفيها وظهرها……..وضعت بعض الزينة البسيطة على حد علمها بتلك المساحيق التجميلية… فهي لم تكن خبيره يوماً بها….عكس سمر التي كانت تثرثر معها كثيراً عن تلك الأنواع المناسب وضعها نهاراً والمفترض وضعه ليلاً عند الخروج….كانت لا تعطي اهتمام لتلك المسائل…..لكن يبدوا انها اتت بفائدة فهي ساعدتها قليلاً لوضع زينة تلائم نهار اليوم….
رفعت عيناها عبر المرآة فوجدته يقف خلفها….. اضطربة هذا الاضطرلب المجنون وهي تساله
بتردد…..
” في حاجة ياعز….. ”
“خلصتي….. ”
اومات براسها فوجدته يشير لها بان تتقدم… بالفعل تقدمت ووقفت أمامه وجدته يمسك يدها اليسرى ويلبسها خاتم انيق براق….. وكانه من الالماس الخالص……..
نظرت للخاتم ثم عادت عيناها إليه متسائلة فوجدته يخبرها بفتور…
“دي شبكتك…. مجتش فرصة اقدمهالك…..”
اومات وهي تنظر له ثم سالته بحرج….
“شكله غالي اوي……..هو انا لازم افضل لبساه…اصله ممكن يوقع……”
ابتسم برفق وهو يخبرها…
“متقليش مش هيقع….انتي حسى ان واسع في صبعك….”
رفعت كفها ونظرت اليه وهي تخبره بسعادة عنوة عنها….”لا دا جاي بظبط……..”
“مبروك عليكي…..”مالى عليها وطبع قبلة على جبهتها اغمضت عينيها بتاثر وبد قلبها يزيد
خفقاته….
ابتعد عز الدين ونظر لها مليا ثم سألها بهدوء….
” خلصتي كده ولا لسه….. ”
سحبت حقيبتها الغالية وهي تخبره بسرعة بعد اضطرابها الملحوظ من قربه…..
“آآه خلصت……”
“استني ياحنين….”
اوقفها قبل ان تتحرك……. تقدم منها ونظر للقميص الأبيض الانيق عليها و ازراره المغلقه باستثناء أول
ثلاث أزرار منه……
شعرت به يمد يدها نحو ياقة قميصها….. توترت
وهي تمتنع بخجل واهي….
“عز….. احنا اتاخرنا…… ومش هينفع….”
أغلق اول أزرار القميص وهو ينظر لعينيها بملامح جامدة التعبير ثم سالها بخشونة ممثل البراءة….
“هو اي ده اللي مش هينفع؟……”
أدركت ان ما يفعله عكس ما تفكر هي به….
فشحب وجهها واطرقت برأسها وهي
تتلعثم بارتباك…..
“مش هينفع نتاخر….. اتاخرنا كتير….. كتير اوي…”
رفع حاجبه مندهش بمكر….
“اي ده بجد اتاخرنا اوي كده…..”
زاد التلعثم بعد نظراته…
“آآه……. ممم… إيه… اا…. مش هنمشي…..”
اوما لها وعيناه تلمع بانتشاء غريب نحوها….
وقال بمزاح وقح……
“آآه هنمشي…. بس لو في حاجة في دماغك
تانيه قوليلي……احب اسمعها وقول رايي برضو فيها……. ”
ابتعدت عنه بحياء أكبر…..
“لا…………..مفيش حاجة في دماغي أصلا…..”
“طب تعالي ياحنين عشان نطلع سوا هتخرجي لوحدك……”تقدمت منه فأحاط خصرها بذراعه
وسار بها للخارج حيثُ سلالم الفيلا ومنها إلا الحديقة حيثُ السيارة التي تنتظرهما بسائقها للرحيل معاً لقضاء شهر عسل في احد المناطق الساحرة على البحر…..
………………………………………………………………
بدأت تهدهد بصغير وعلى جبينه قماشة مطويه
باردة كي تخفض بها حرارته…..
صرخ (علي) باكياً وهو يردد( ماما) وهو ينظر اليها باعين حمراء ووجهه أحمر من شدة السخونية…
نزلت دموعها وهي لا تعرف ماذا تفعل…. منذ ساعتين
وهو على تلك الحالة اعطت له خافض للحرارة…. وبدأت بعمل كمدات باردة له وسط صراخه الموجع لقلبها…… و وجهه الصغير المتعب……
شعرت ان صبرها نفذ مع تلك الكمدات والعلاج الذي لم يتجاوب مع جسده حتى الآن……
رفعت آية هاتفها على اذنها بتشتت وهو أول من اتى في عقلها بعد بعادها عن اخيها وخصامها معه……
فتح الخط من الناحية الأخرى وهتف خالد ذاهلا
من اتصالها به ليلاً في وقتا متأخر كهذا….
“آية……….مالك في إيه…..”
صاحت آية من الناحية الأخرى بنبرة باكية….
“خالد ينفع تيجي تاخدني لاقرب دكتور….علي تعبان وسخن اوي وانا مش عارفه اعمل إيه…..”
لاح القلق والخوف على وجه خالد وهو يقف في شارع امام سيارته…….اخبرها سريعاً….
“خلاص يا آية متخفيش انا هاجي اخدك دلوقتي…”
اتى صوت انثوي اثناء محادثته وصل لاية جيداً
“مش ناوي تروح ولا اي يا خالد….”
نظر لها خالد واخبرها باشارة من يده ان تنتظر….
“آية انتي لسه معايا على الخط…..”
بلعت آية غصة حادة في جوفها…..ثم نظرت امامها ونزلت دموعها لا تعرف اكنت الدموع خوفا على ابنها
المريض ام حزنا على حبها المذلّ لكرامتها المهانة الان أمامها……….قالت بنبرة باهته…..
“خليك ياخالد شكلك مش فاضي…….اسفه اني ازعجتك…….”
صاح بقوة قبل ان تغلق…..
“استني هو اي اللي اسفه…..هو مش ابني زي ماهو ابنك………انا هاجي استنيني قدام الفيلا….”
اخبرته بنبرة واهية…
“بس انا مش في الفيلا….”
تسرب الرعب عليهما فسألها بصدمة….
“إيه………..امال انتوا فين يا آية…….”
اخبرته بنبرة فاترة…
“في شقة الزمالك القديمة…..هستناك تحت العمارة……بس متتأخرش علينا.. ”
دخل سيارته سريعاً وهو يسالها باهتمام….
“مش هتأخر…..انا هطلع بالعربية….بس قوليلي سبتي الفيلا ليه….انتي زعلانه مع عز……”
غامت عينيها العسلية بشجن وتجاهلت سؤاله
وهي تنهي المكالمة بهدوء……
“براحه وانت سايق ياخالد…….انا هلبس انا وعلي وهننزل على طول……”اغلقت الخط بعدها وهي تدخل مع ابنها الغرفة…….
وقفت تنتظره بالاسفل وهي تضم ابنها لاحضانها بقلق ورعب الأم……
وضعت آية يدها على صدرها وهي تستشعر بثقل كبير يجتاح صدرها ولا تعرف التنفس منه وهذا
بسبب ذكرى مؤالمه مزالت تستنزف منها الكثير…….
توسعت عينيها وهي تنظر له بدهشة…
( انت بتقول اي ياخالد عايزني اسيب شغلي….. مستحيل طبعاً انت بتحلم…..)
اخبرها بغضب اعمى به لمحة من التملك…..
(ليه بحلم انا حاسس ان شغلك واخدك مني…. وطول الوقت مشغولة بيه……. ولا كانك متجوزه..)
صاحت بعصبية امام وجهه……
(انت بتتحجج وخلاص عشان اسيبه….. مش هقولك الشغل ده حياتي لان حياتي عبارة عنك انت…. لكن هقولك انه كياني ياخالد…. يعني انا…. مش معقول
هدمر نفسي ياخالد….. مش معقول…..)
سحبها من ذراعها لتقع على صدره وهو يزمجر
بوجه مكفهر…..
(اي الشعارات الفارغه دي يا آية انا عايزك ليا لوحدي……… عايزك معايا…..)
اخبرته امام عيناه بحزن وكانها تعاتبه من إهماله الدائم لها……
(انا معاك ياخالد…. والله معاك….. بس المشكلة مش فيا ولا في شغلي المشكلة فيك انت… انت اللي مش معايا….. ومش عايز تكون معايا……)
تركها وهو يبتعد بتشنج…..
(يعني الغلط عندي مش عندك…. والتقصير ده كله من عندي…….. مش كده….انا الغلطان صح)
اتجهت اليه ووقفت امامه تساله بصدمة….
(انت شايفني مقصره معاك ياخالد…..)
اجابها خالد بحدة……
(ايوا مقصره يا اية… لم تكوني طول الوقت في
شغلك واهتمامك كله ليه تبقي مقصرة…..)
رفعت حاجبها بعدم تصديق….
(وانا مش بديك جزء من يومي…..)
سحبها من كتفيها بقوة المتها وهو يصيح امام
وجهها بقوة……
(انا مش عايز جزء انا عايزك كلك يا آية…..كلك..)
هتفت باستهجان….
(انت اناني…..)
تركها من جديد وهو يسالها ذاهلاً…..
(اناني اني عايزك ليا….. مش عايز حاجة تكون
في حياتك غيري……)
برمت شفتيها هاكمة وهي تقول بحنق…
(وانا ليا بقه مطلبتش منك كده….. ليه مصممتش تقعد من شغلك وتفضل معايا…. علشان مفيش
حاجة تشغلك عني…..)
اخبرها بجمود…
(عايزه تقعديني في البيت معاكي….. انا راجل و..)
قاطعته بقساوة وانفعال….
(وانا ست ومن حقي يكون ليا character بتاعي……..من غير ما اعتمد على حد فيكم….)
لمعة عيناه بالقسوة وتساءل بشك…..
(يعني إيه……مش ناويه تسيبي شغلك…..)
هزت راسها امام عيناه وقالت بقوة…
(لا طبعاً مفيش سبب مقنع يخليني اسيبه…)
عقد حاجبيه واردف بصلابة…..
(لدرجادي………وان خيارتك بيني وبين شغلك….)
اجابته ببرود…..
(هختار شغلي ياخالد……)
لوى شفتيه ببسمة ساخرة وتشدق…..
(يسلام……..امال فين الحب اللي كنت بتكلميني عنه…)
لمعة عيناها العسلية بومض جميل من الثقة وهي تخبره بكبرياء…….
(أحبك حاجة……… واني اجي على نفسي عشان
خاطرك دي حاجة تانيه……ومعتقدش انها ليها علاقة بالحب….. لو قدرت أحب نفسي وتكون عزيزة عليا هكون انسانه سويه مع كل اللي حوليا حتى في
حبي ليك… وانا بحب نفسي وبحترمها.. ومش معنى اني بحبك اني اضحي بكل حاجة لمجرد انها مش عجباك………لو بتحبني كنت هتحب الحاجة اللي
بحبها وهتقف جمبي وهتدعمني في اي خطوة بخدها في حياتي…..لكن للاسف انت محبتنيش
انت حبيت حبي ليك وشايف اني علشان بحبك
هكون جاريه عندك… واي حاجة هتطلبها هتتنفذ من غير كلام كتير…..انا مش كده ياخالد ومستحيل اكون كده…..)
لم يهتم بما قالته بل نظر للناحية الاخرى بسأم
وهو يعقب…..
(شكلك عايزه حياتنا تفضل كده كلها مشاكل وقرف…)
وضعت يدها في خصرها وفغرت شفتيها بدهشة ناظره له وهي تقول بسخط…
(قرف !…حياتك دلوقتي بقت معايا قرف…تمام لو زهقت اوي كده طلقني وكل واحد يروح لحاله…)
اخبرها بعصبية شديدة….
(انا فعلاً زهقت………وعايز اطلقك…..)
وكانه لكمها في معدتها بقوة مؤالمه…..وجعل قلبها وقتها عليل بالجراح لا يشفى منها أبداً…وقتها
تتذكر جيداً انها رفعت وجهها رغم الدموع التي انهمرت بضعف أمامه……..
(تمام ياخالد يبقى نمشي في إجراءات الطلاق…
و ربنا يسعدك…..)
وبعد طلاقهما بايام سمعت خبر زواجه بأخرى فاصبح الجرح غائر بعمق لا يمكن مداوته…..وقتها علمت ان كل ما فعله كي تطلب هي منه الطلاق وبعدها
يتزوج غيرها كما حدث…وظنت بعدها انها
ستتناسى وتتعايش بعد تجربة الطلاق القاسية
عليها لياتي( علي)في لحظة يائس ليكن عوض لها عن غايب والده وقساوة قلبه وأصبح بنسبة لها أحد مصادر الحياة للعيش فقد اعادها للحياة بعد ان تزعزعت ثقتها بنفسها ويئست من كل شيء…
فكيف لا تتألم حينما تجده مريض هكذا في احضانها يتمتم باسمها وهو يلعب بخصلات شعرها بوجها مُتعب وكانه يعافر حتى يخبرها انه بخير ولا تحزن لأجله ….
قبلة وجنته بحنان وضمته الى صدرها اكثر
ونزلت دموعها وهي تقول بحنو…..
“هتبقى كويس ياعلي…… هتبقى كويس ياحبيب ماما……..”
سمعت بوق سيارة فرفعت عينيها لتجد خالد يقترب منهما بسيارة…..
خرج خالد بعد ان اوقف السيارة امامها… تقدم منها وهو يحمل ابنه بقلق أبوي…….
“علي……..مالك ياحبيبي.. ” وضع يده على وجهه فوجد حرارته مرتفعه جداً……
وضع الصغير بين يداها من جديد ثم اتجه للسيارة وفتح الباب إليها…..وقال بعجله وهلع على الصغير…
“يلا يا اية على العربية….. انا كلمت دكتور صاحبي هو في العيادة دلوقتي هنطلع عليه علطول….”
اومات له وهي تستلقي السيارة اغلق الباب وجلس عند مقعد القيادة وانطلق بها…..
بعد مدة من الفحص الطبي…. اعطى الطبيب إبرة طبية للصغير كي تنزل حرارته وكتب له بعد الأدوية
حتى تساعد في شفاء الصغير من تلك النزلة التي تصيب معظم الاطفال في هذا السن……..
أخيراً تنهدت براحة وهي تنظر للطريق امامها وكانت تستلقي بجوار خالد بسيارة عند العودة…. نظرت لابنها النائم في احضانها براحة فقد ارتاح الصغير
بعد ان اخذ الإبرة الطبيه.. وقد بدات الحرارة
بنزول سريعاً……
تساءل خالد…
“الحرارة نزلت ؟…..” نظر لها خالد بنفس الاهتمام والقلق……
اخبرته وهي تمرر يدها على جبهة الصغير مجدداً
كي تتأكد اكثر…..
“آآه نزلت شويه….. الابرة دي نجدتنا……”
تمتم بحمد وهو ينظر للطريق……
“الحمدلله……… مقولتليش اي اللي خلاكي تسيبي
الفيلا…. وعز ازاي سابك تيجي تعيشي هنا….” رمقها بنظرة متفحصة ردت فعلها التي اتت سريعاً
ببساطة مطصنعه وهي تقول….
“عادي…… انا اللي طلبت اغير جوا شوية هنا………وقريب هرجع تاني ..”
سألها بتشكيك من ردها…
“وهو ينفع برضو تقعدي لوحدك في مكان زي ده…”
حركت كتفيها وقالت بنبرة واهية…..
“اي اللي هيحصل يعني……. انا وسط ناس مش لوحدي…..”
اخبرها خالد بعفوية مشاعر مكنونة نحوها….
“برضو يا اية وجودك مع عز الدين كان مطمني عليكي…… دلوقتي هنام ازاي وانا مش مطمن…”
لم تجد رد لكلماته فقررت الصمت بتجاهل وهي
تنظر للنافذة المجاورة لها….بعد مدة وصلا امام العمارة القانطه بها حالياً……قال خالد بعد ان اوقف السيارة
“آية…… اطلعي لمي هدومك انتي وعلي… وتعالي قعدي مع خالك في الفيلا….. ومتقلقيش انا مش هبات معاكم…. هبات برا عشان تعرفي تاخدي
راحتك اكتر في بيت خالك…..”
هزت راسها بامتناع بدون ان تنظر له….
“مش هينفع ياخالد…. انا مرتاحه هنا….”
استنكر خالد ردها وتشدق بتصميم حازم….
“إزاي مرتاحه هنا…. انتي وعلي مينفعش تبقوا لوحدكم…. اسمعي الكلام يا اية.. وطلعي لمي هدومك……..”
هزت راسها بنفي وهي تقول بتصميم على رأيها…
“قولتلك مش هينفع…… انا كدا كدا يومين وهرجع الفيلا تاني…..”
“انا مش هسالك تاني اي اللي حصل بينكم… بس انا متأكد انكم زعلانين مع بعض……” اخرج تنهيدة
غيظ من اخيها وتابع….
“بس لو حتى زعلانين من بعض…. ازاي يجيله قلب يسيبك تخرجي من البيت وتقعدي في شقه لوحدك
أخ إزاي ده…..”
نظرت اليه بحنق وحذرته بنبرة
حانقه….
“خالد حاسب على كلامك لو سمحت……”
زفر وهو يبرر الامر بانزعاج….
“مش قصدي حاجة بس انا مضايق اوي منه….”
نظرت اليه بتعجب وتساءلت…
“ومضايق منه اوي كدا ليه؟….”
عاد لعينيها واخبرها بتشنج وغيظ……
“عشان مينفعش يسيبك كده……لو بيخاف عليكي مش هيسيبك……”
ضحكت باستنكار وهي تنظر للنافذة المجاورة لها..
وقالت بنبرة متعبه باهته…..
“بطلت اقول( لو) كان مكنش عمل…. بصراحه الواحد المفروض يبطل يقول لو دي عشان العشم وحش
اوي………. وبيوجع اوي لم منلقهوش……”
شعر بانها تصفعه بتهذيب فالكلام يحمل لمحات سوداء من الماضي الموجع بينهما……. نظر لها من جديد وصمم بهدوء..
“آية اسمعي كلامي…. وتعالي لمي هدومك ويلا بينا……”
امتنعت باسلوب راقي…..
“ردي وصلك ياخالد مرتين…. انا مرتاحه كده
ومش مستاهله اني اعيش مع حد او اكون تحت حمى حد لاني مش صغيره……ومتخفش على
علي هو كويس معايا…وهبقى اطمنك عليه في
التلفون…….”فتحت الباب وكادت ان تخرج لكنه اوقفها بيده التي اطبقت على يدها بقوة….
رفعت اية عينيها بتعجب نحوه فوجدته يسحب يده من عليها ويخبرها وهو يرفع شعره للاعلى بتردد…
“آية كنت عايز اقولك….ان الصوت اللي سمعتي ده كان صوت ريتاج مرات نضال….صاحبي انتي عرفاهم كنت سهران عندهم النهاردة…..”
عقدت حاجبيها بغرابة وهي تسأله باستهانه….
“لي بتقولي كل ده انا مسالتكش…..”
اخبرها بجدية امام عينيها…..
“مش لازم تسالي بالسانك…..عينك سألتني كذا
مرة….”
لوت شفتيها ساخره من جملته التي اتت بتأثير
قوي على قلبها الابلة….لكن عقلها استحقرها جداً…
“ممم……تمام……..ابقى سلملي عليهم…….”
اخبرها بهدوء وهو ينهال من جمال عينيها
العسلية الخلابة……
“آية….. ريتاج ونضال سالوني عنك…..ولم عرفوا
اني بكلمك في التلفون بلغوني اني اعزمك على
عيد جوازهم……..وهو هيبقى كمان أسبوعين كده…..ريتاج هتكلمك انا ادتها رقمك لما طلبته…..
مني ابقي اعتذرلهم لو مش هتيجي………”
اومات له وهي تقول بنبرة فاترة….
“تمام ياخالد لم ريتاج تكلمني هشوف…..هعرف
اجي ولا لا…….. في حاجة تانية…. ”
هز راسه وهو يقول باهتمام ملموس….
“لا…… بس ابقي طمنيني عليكي…. هكلمك اول ما وصل…..”
رفضت مكالمته بتهذيب….لكن بداخلها كان تود قطع اي شيء ممكن ان يجمعهما من جديد…..
“معتقدش اني هرد عليك ياخالد….. انا محتاج انام وارتاح جمب علي انا تعبت اوي معاه النهاردة وكاني انا اللي كنت تعبانه فعلاً مش هو…..” مالت على الصغير وقبلته…..
بلع خالد رفضها الملموسه له فقال بوجوم…..
“تمام هبقى اطمن عليه الصبح…. خدي بالك من نفسك……. ومن علي…..”
اومات له وهي تترجل من السيارة ومنها الى العمارة
ثم المصعد……. ولم يتحرك من مكانه إلا بعد ان اتصل بها و اطمأنّ انها بداخل الشقة وقد اغلقت الابواب جيداً عليها وعلى ابنها…….
انطلق بسيارة بعدها وقلبه يشتعل من تركها هكذا بدون ونيس او سند معاها هي وابنه… مجرد ان تكون مع اخيها في بيتها وسط الحرس
والخدم يبث الطمأنينة في قلبه… لكن الآن وجودها هكذا وحيدة في تلك الشقة ينتابه المخاوف والرعب عليها وعلى ابنه…..
ضرب على عجلة القيادة بغضب فهو فشل في اقناعها بالانتقال لبيت خالها على الاقل في تلك الفترة التي ستقضيها وحيدة بين حوائط
الشقة الفارغه عليها….
تمتم خالد وهو يشدد السرعة بكبت من
المشاعر الثائره بداخله….
“طول عمرك عنيدة يا اية وتعباني معاكي….”
………………………………………………………….
سارت في رواق الضيق وهي لا تصدق ما سمعته من والدته….. التي أتصلت بها وهي في حالة هستيرية من البكاء والنحيب القوي…….
(الحقي ابراهيم ياسمر….. إبراهيم اتمسك في كمين بيقوله لقوا معاه مخدرات…… إبراهيم معيملش كده… جاب المخدرات منين…. دا اخرى سجارة والله اخره سجارة…)
لم تشعر بنفسها الا وهي تسالها عن اسم القسم المحتجز به…. وبعدها استلقت أول سيارة قابلتها
في شارع……..
نظرت للأمام بعينين مذعورتين ووجه شاحب وجسد من هول الصدمة لا تعرف كيف يتحرك معها هكذا….
انها تسير حتى على قدميها بمعجزة……
سارت في رواق الضيق وهي لا تصدق ما سمعته من والدته….. التي أتصلت بها وهي في حالة هستيرية من البكاء والنحيب القوي…….
(الحقي ابراهيم ياسمر….. إبراهيم اتمسك في كمين بيقوله لقوا معاه مخدرات…… إبراهيم معيملش كده… جاب المخدرات منين…. دا اخرى سجارة والله اخره سجارة…)
لم تشعر بنفسها الا وهي تسالها عن اسم القسم المحتجز به…. وبعدها استلقت أول سيارة قابلتها
في شارع……..
نظرت للأمام بعينين مذعورتين ووجه شاحب وجسد من هول الصدمة لا تعرف كيف يتحرك معها هكذا….
انها تسير حتى على قدميها بمعجزة……
ابصرت إياه يقف بجوار أحد الابواب المغلقة وجواره عسكري يقيده بكلبش في يده وكانه مجرم فعلاً !…
وكأنت هموم العالم كلها فوق ظهره….منحني الكتفين
ينظر للامام بوجوم وشرود مقلق…….واقف مكانه كالجبل الشامخ لكن بداخله إنهيار قوي يكاد يحطم
هذا المبنى بما فيه…..
تعرفه وتعرف غضبه…..حينما يغضب يكن رجل وحشي لا يهاب أحد…..
وقفت مكانها للحظه تنظر إليه متأملة شموخ زائف
اوجع قلبها عليه استشعرت في تلك اللحظات
وجع قوي ينحر بقلبها فوضعت يدها على
صدرها وتاوهت بخفوت…….
لتجده يرفع عيناه عليها وكانه سمعها…. او شعر بوجودها !……
نادها بنبرة باهته…..
“سمر…….”
تقدمت منه وقد انهمرت دموعها المحتجزة بعد نداءه……
حينما تقدمت وضعت يدها على يده المتحرره وهي تلفظ اسمه بوجع….
“ابراهيم………انت كويس…..”
اوما لها ابراهيم وهو يسالها بخشونة….
“اي اللي جابك هنا ياسمر…….وعرفتي منين……”
اخبرته وهي تنظر اليه بلهفة وقلق….
“امك اتصلت بيا وقالتلي….اي اللي حصل يابراهيم ومخدرات اي اللي كانت معاك…….”
اخبرها بخشونة و بوجها جامد التعابير…
“معرفش….معرفش حاجة…..قبلت كمين في السكه وقفني ونزلني انا وعبود وفتش التريله بذات ناحية كبينة السواقه……ولقوا فرش حشيش تحت الكرسي بتاعي……..وجبوني على هنا…..”
وضعت يدها على فمها بصدمة وهي تلفظ متسائلة
“حشيش ! وجه منين ده……”
نظر لها واستنكر السؤال هازئاً….
“اي لازمة السؤال دا ياسمر…..انتي شكه اني ممكن اكون بتاجر فيه او بشربه……”
هزت راسها سريعاً وهي توضح سؤالها أكثر….
“لا يابراهيم انت متعملش كده… بس هيكون مين اللي حاطه ليك……”
نظر لها ثم نظر للأعلى بحيرة وسأم مصطنع….
“مش عارف……… الله اعلم……”
رمقته سمر بتشكيك… وعقدت حاجبيها وهي
تسأله بارتياب…..
“انت مخبي عني حاجة يابراهيم…..”
هرب بعيناه منها وهو يقول بسأم….
“هكون مخبي عنك اي مفيش حاجة….”إدارت
وجهه بيدها بدون ان تهتم بالمحيطين حولها…..
“أبراهيم انت عارف مين اللي عمل كده……”
ابعد يدها عنه وهو يخبرها بنبرة مبهمة…..
“قولتلك معرفش مين……….الله اعلم….”
نظرت للأرض من حولها ذاهلة وهي تشعر بمرارة كالعلقم في جوفها…..ولفظت بتأكيد….
“ماهر……. ماهر اللي عمل كده انا متأكده….”
لم تهتز ملامح إبراهيم ولم يرف له جفن وهي
تطلع عليه بغير استيعاب…….سالته من جديد
بنشيج وجع….
“هو اللي عمل كده يابراهيم….هو صح…..هو… ”
مسك ابراهيم يدها محاول لملمت شتاتها الانفعالي
قدر المستطاع……
“اهدي ياسمر………اللي عايزه ربنا هو اللي هيكون…”
انتحبت وانهمرت دموعها اكثر بصدمة والم وهي تلقي على نفسها اللوم بقوة….
“انا السبب في كل ده…..انا اللي وصلتك لهنا…..
يارتني مـ……”
“هشششش…..”قاطعها وهو يكمم فمها بيده المتحررة ناظراً لها بقسوة وتحذير ان تابعت هذا الهذيان امامه…
“اياكي تكمليها…….واياكي تندمي في يوم انك قابلتيني……..فاااهمه اياكي ياسمر…..”
بللت دموعها كفه وهي توما براسها بعينين حزينتين مطعونتين بالالم الباتر لروحها وقلبها العاشق إليه….
تألم لأجل انهيارها ودموعها التي تنحر بقلبه نحراً….
مالى على العسكري وطلب منه بخفوت….
“معلش ياعم اسماعيل فكلي الكلبشات دي عايز اقول
لمراتي كلمتين ….”
امتنع العسكري وهو ينظر حوله….
“مينفعش يابراهيم الظابط لو خرج وملقاش في ايدك الكلبشات هيعملي مشكلة…..”
ترجاه ابراهيم بصوتٍ عميق متعب….
“دقيقتين بس ياعم اسماعيل مش ههرب مانا واقف جمبك اهوه…..”
زفر الرجل بحنق وهو يحل الاسوار الحديدي من
بين يده الأخرى ثم أبتعد عنهم خطوتين سامح لهما
بتحدث براحه اكثر….
“دقيقتين بس يابراهيم…..”
نظر ابراهيم اليها ثم مد يداه ومسك ذراعيها وهو يحدثها بثبات رخم الانفعال الظاهر بعيناه…..
“سمر انا عايزك تهدي وتجمدي كده… انا ان شاء الله هطلع براءة منها… المحامي جوا وابويا معاه وهو طمني قبل ما يدخل….. انا معملتش حاجة ومعرفش حاجة عن فرش الحشيش ده….. الموضوع كله
متلفق ليا……….وان شاء الله براءتي هتظهر….ومش هتوصل للمحكمه…..”
زاد نحيبها وهي تنظر إليه فرفع راسه للاعلى بقلة حيلة ثم عاد لعينيها مجدداً بعينان تترقرق
بدموع تأبى الاستجابة لتلك الانتكاسة التي
تحيط بهما !..أخبرها ابراهيم بقلة صبر…….
“كفايه عياط ياسمر متزودهاش عليا…..”
اخرجت شهقاتها المتقطعه وهي تلقي لوم كالنيران يحرقه قبل ان يحرقها…
“انا السبب يابراهيم…. بسببي جيت هنا…. انا هروح لماهر هترجاه يخرجك….. هترجاه وهبوس رجله كمان بس يخرجك……”
صرخ في وجهها وقد انفجر كل ما بداخله عليها…
“انتي اتجننتي…….. اياكي تروحي عنده اياكي رجلك تهوب ناحية هناك …….سمعتي ياسمر….. سمعتي.. ”
مسك ذراعيها وهزها وقربها منه كذلك بقسوة
صاحت هي أيضاً بتشنج عليه ومازلت تنتحب….
“ملهاش حل غير كده يابراهيم… ولا عايزني اسيبك تتسجن زي ماهو عايز…….”
أحمر وجهه من شدة الانفعالات وبرزت عيناه بشكلا مرعب وهو يخبرها بنبرة قاتمة….
“اتسجن ولا اروح في ستين داهيه… المهم متقربيش منه……. انا مش جمبك ياسمر انا محبوس في زفت
ده… ويعالم هخرج منه امته…. اياكي تروحيله… ياسمر…..دا ابن حرام…. والله اعلم ناوي على اي تاني…..”
تأمل صمتها بقلق أكبر فهي لم تبدي قبول او حتى رفض…… عاد من جديد صوته يهدأ وهو يترجاها
بكل ذرة صبر متبقية لديه….
” عشان خاطري ياسمر ابعدي عن ماهر……ابعدي عنه خالص….. واصبري أكيد ربنا هيفك كربي قريب… ادعيلي انتي بس……. وسبيها على ربنا….. ”
هزت رأسها بعيون حمراء و وجه يماثلها
احمرارا….
“حاضر……….. هدعيلك………..”
همس لها بنبرة تتألم رغم الصمود الملموس بها…
“سمر لو غالي عندك وبتحبيني…. اسمعي كلامي..”
هتفت سمر من بين دموعها بعذاب حقيقي…
“انا خايفه عليك يابراهيم…. انا ممكن يجرالي حاجة
لو مقدرتش تطلع من هنا…… انا مش هقدر اسامح نفسي بعدها…..مش هقدر يابراهيم…..مش هقدر… ” سندت جبينها على صدره وبكت كما لو لم تبكي يوماً في أحضان أحد….انتحبت أكثر وزادت شهقاتها الموجعة للقلب…
ربت على كتفها وهو يخبرها بخفوت…..
“هتعدي ياسمر….. وانا مؤمن بقضاء ربنا… وعسى ان تكرهوا شيءٍ وهو خيراً لكم…..”
رفعت وجهها الأحمر عليه وهي تنفعل بغضب…
“اي الخير في اننا نبعد عن بعض… اي الخير في الوقعه اللي انت وقعها دي….. احنا آذينا مين عشان نتآذي كده…… آذينا مين يابراهيم……. اذينا مين….”
حاول تهدئة انفعالها قدر المستطاع……
“خير ياسمر……. هتعدي ان شاء الله ادعيلي
بس انتي…..”
خرج والده والمحامي فتساءلت سمر سريعاً….
“خير ياعمي ابراهيم هيخرج….”
اجابها المحامي بعملية…
“مقدرناش نخرجه….. الظابط عمل المحضر وثبت فيه فرش الحشيش اللي لقاه مع ابراهيم وبناءاً
عليه هيبات النهاردة في الحجز وبكرة هيتحول للنيابة عشان يتحقق معاه وبعدها هنشوف هيعملوا معانا إيه…..”
سأله ابراهيم بنبرة باهته….
“في أمل اني اخرج ياصبري ولا لا……”
أخبره المحامي بقلة حيلة ويئس….
“مش هضحك عليك يابراهيم….. في حد مواصي عليك اوي جوا وقافل علينا كل البابان اللي ممكن باب فيهم يحسن صورتك في القضية….”
صاحت سمر بتشنج بين دموعها..
“هي بقت قضية خلاص…ابراهيم معملش حاجة….”
نظر لها إبراهيم بتحفظ…..
“اهدي ياسمر…….خد ياباا سمر ومشي وبكرة نتقابل في النيابة……” اوما له والده بالموافقة……
هتفت سمر باعتراض وهي تنظر إليه….
“انا مش هسيبك يابراهيم….”
أصبح الوجع بقلبه أصعب بسبب انهيارها وبكاءها امامه……اخبرها من بين اسنانه بنفاذ صبر وهو يرمقها بقوة….
“سمر اعقلي وسمعي الكلام وزي ما تفقنا على البيت ياسمر متروحيش في حته……. سمعاني…..”
اومات له بضعف وهي تبكي بحسرة عليه….
“خد بالك من نفسك يابراهيم……”
هز راسه وهو يخبرها بنبرة باهته…..
“متقلقيش….. خدي بالك انتي من نفسك…. وبقي بصي على امي وطمنيني عليها ياسمر…….”
اومات له لترى العسكري يضع الكلبشات في يده ويسحبه للناحية الأخرى….. استدار لها إبراهيم وودعها بعيناه بنظرة مطعونة بالالم…..
مسكها راضي من كفتها وهو يقول بحزن وتعب كذلك……
“يلا ياسمر يابنتي وبكرة من النجمة هنبقى
عنده…….. يلا يا بنتي…..”
طاطاة سمر براسها وهي تسير مع والده ودموعها تنهمر بكثرة على وجنتيها وياليتها تريح قلبها الموجوع قليلاً عليه بل انهُ انفطر اكثر وأكثر بعد
تلك المقابلة….
وقفت خارج القسم ثم نظرت لوالده وقالت
بصوتٍ واهٍ…….
“معلشي ياعمي… حصلني انت وانا جايه وراك…”
سألها راضي بحيرة…..
“راحه فين يابنتي دلوقتي…..”
نظرت للأمام عازمه الأمر ثم اجابت بصوت
اجوف…
“مشوار ياعمي……… مشوار مهم ولازم اروحوا….”
……………………………………………………………
دخل الحجز المظلم ذو الرائحة العفنة الكريهة…..
وجد المكان ضيق وهناك من يفترش أرضا وهناك من يقف واجما مكانه……ومنهم الجالس واضع يده على
خده بقلة حيلة…….
وقف ابراهيم في احد الأركان المظلمة قليلاً والذي يدخل منها بصيص النهار من احد النوافذ المرتفعه
المغلقة بسلوك حديديه……
بداخل الحجز معه رجلان عيناهم عليه من بداية دخولة وحينما وقف مكانه بصمت وشرود لكز
هذا الرجل صديقة وهو يقول بهمس…
“هو ده اللي عليا العين…..صح.. ”
رمق صديقه الهاتف في الخفى وكان يحتوي على صورة ابراهيم…..
“ايوا هو….دا مدفوع فيا يامه….وصاحبه موصي
عليه جامد……”
لكزه صديقه من تاني وقال بنبرة ضارية حاسمة..
“طب يلا بينا نخلص المصلحه دي وناخد بقيت فلوسنا….”
اتجه الرجلان نحو ابراهيم ورفع احدهم سجارته في فمه وهو يخبط ابراهيم في كتفه بقوة وساله بخشونة…
“معاك ولاعه ياخ……”
نظر ابراهيم لكتفه مكان الخبطه ثم اليهم بصمت اخبره ابراهيم بهدوء خرج بمعجزة….
“لا مش معايا…..”
سأله الرجل الاخر بمكر….
“اي مبدخنش…….هو انت منهم……”
“هما مين دول…..”ساله ابراهيم وهو يرفع حاجبه للأعلى ناظرا لهم بغضب وتأهب….
ضحك الرجل الذي اخرج القداحه ببساطة من جيبه واشعل سجارته وهو يجيبه….
“اللي بيتاجروا في سم الهاري ومبيدقهوش….هو انت برضو مش ممسوك ولمؤخذه بحشيش… ”
صاح الثاني بتعجب لصديقه ورد عليه….
“ايووو ياصاحبي حشيش مره واحده…..ويترى كان كيف ولا توزيع….”
اعتدل ابراهيم في وقفته اكثر وهو يسالهم بشك…
“انتوا عايزين اي بظبط….. الدخله دي مش ببلاش..
فضوا اللي عندكم وقولولي عايزين إيه مني….”
اخذ الرجل نفس اخر من السجارة ثم القاها أرضا ودعس عليها ناظراً الى ابراهيم بشر….
“الله مانت طلعت مفتح وصايع زينا اهوه…. على العموم ياسيدي عايزين نعمل معاك الواجب….. بما انك لسه مشرف عندنا هنا……”
“ومالوا….. وعشان جديد خلي الواجب دا عليا…” لكمه ابراهيم بقوة في فكه على اثارها وقع الرجل أرضا…….
لكم رجلا آخر ابراهيم في بطنه بقوة… كبح ابراهيم الالم وهو يباغته بلكمة اسفل عيناه ثم عجله بركله اسفل الحزام فصرخ الآخر متاوه بقوة…..
نهض الذي افترش الارض من أول لكمة ثم رفع المدية في وجه ابراهيم(مطوه) ولوح بها قائلاً
بنبرة شيطانية…..
“خوفنا ولا إيه…. تعلالي ياحلو……. هعلم عليك علامة للذكرى عشان كل ما تبص في المرايه تفتكرني……” لوح الرجل بالمدية بقوة نحو ابراهيم الذي تفادى اياها باعجوبة…. اقترب الرجل منه بتصميم على ان يصيبه في وجهه لكن ابراهيم تفادى
الضربة مجدداً وفي اخر لحظة لمح دلو بلاستيكي قديم مسك إياه والقى ما به على وجه الرحل فصرخ الأخر بهلع وتقزز ووقعت المديه من يداه…..
دخلوا العساكر عليهم ومسكوا كلا منهم وسحبوهم الى الضابط…….
في المكتب صاح الضابط بقوة عليهم…
“مين اللي عمل فيكم كده….. انت اللي ضربتهم يابراهيم…….”
رد ابراهيم بنبرة مبهمة وهو ينظر اليهم باستهانه…..
” اسألهم ياباشا هما اللي عرفين مين اللي شلفطهم كده…… ”
صاح الرجل بنفي والذي كان يلوح بالمدية على
وجه إبراهيم……
“محصلش حاجه ياباشا… دا احنا وقعنا وتقعبلنا…”
نظر لهم الضابط بدهشة من رده
“انتوا الاتنين….. اتقعبلتو فين بظبط….”
رد الآخر بخوف….
“في الحجز…… اللي حصل ياباشا…. سامحنا…”
نظر لهم الضابط بتقزز وهو ينادي العساكر كي ياخذوهم للحجز من جديد…… فقد خشى الإثنين
الاعتراف حتى لا يتحرر محضر جديد عليهم….
عندما دخلوا الحجز واغلق الباب على الجميع
سحب ابراهيم احدهم من ياقة قميصه ثم
هسهس امام وجهه بنبرة خطرة سوداء..
“مين اللي زقك عليا ياض انت وهو…..”
تمتم الرجل امام عيناه بخوف…
“معرفش انت…. بتسأل عن إيه… معرفش…..”
اتكا ابراهيم على ياقة قميصه وهو يهسهس بنبرة مخيفة وعيناه بركتين من النيران المشتعلة بالغضب……
“انت هتستعبط ياروح امك…. مين اللي زقك عليا ياض انطق…. لحسان وقسما بالله اعلم انا عليك العلامة الناهيه…. ومش هتبقا في وشك هتبقى في حته تانيه………. انطق يالا….. مين اللي سلطك عليا……..” هزه ابراهيم بقوة فهتف الاخر برعب…
“واحد اسمه تامر…… هو ده كل اللي اعرفه…..”
عقد حاجبيه وسأله….
“تامر………….. ولا ماهر…..”
رد الاخر بقلق من هجوم هذا العملاق عليه مجددا
“لا اسمه تامر……… هو ده كل اللي اعرفه والله…”
القاه ابراهيم أرضا وهو يشتم باقذع الكلمات ثم غمغم مع نفسه حائرا….. “مين تامر دا كمان؟….”
……………………………………………………………
ترجلت من سيارة الاجرة ونظرت امامها الى هذا الصرح الكبير المرموق الخاص بـ(ماهر المحمدي)
اتجهت للداخل بسرعة لكنها توقفت بعد ان
منع دخولها الأمن……
“انتي مين وعايزه إيه…..”
اجابتهم بوجوم….
“عايزه اقبل صاحب الشركة دي……ماهر المحمدي…”
سالها الآخر بخشونة….
“في معاد ليكي يعني جوا معاه…..”
اجابته بثقه رغم انكسر مشاعرها….
“لا بس هو مستنيني أديلو بس خبر ان انا هنا….”
“اسمك إيه….”
ردت بنبرة باهته…..
“سمر…… سمر جمال…….. هو عرفني كويس….”
مسك الرجل الجهاز الاسلكي وابلغ عن اسمها كي توصله السكرتيرة إليه وبالفعل بعد لحظات قصيرة اصطحبها الأمن إليه في الاعلى الى مكتبه الباهظ المكلف الكبير الذي لا يقل ثمن عن كل ما بتلك الشركة الغالية والمنمقة بعناية والتي من بداية
رؤيتها تكتشف حجمك الحقيقي وسط هذا الثراء
العارم…..
فتح باب مكتبه لها فدخلت واغلق الرجل الباب خلفه……..
نظرت سمر للباب المغلق ثم استدارت ونظرت
للإمام لتجد ماهر يجلس خلف مكتبه الكبير والذي كان على بعد أمتار منها في تلك الغرفة الشاسعة الانيقة…… والتي كل قطعة أثاث وضعت بها كانت
فقط استعرض من صاحب المكتب لامواله
الذي لا تحصد للجميع……..
اتى صوت ماهر بترحيب خبيث….
“شرفتيني ياسنيوريتا……”
عادت عينيها اليه بعد ان لمحة المكتب لمحة سريعة….. تقدمت منه بخطوات سريعة لتقف امامه في لحظة وتبصر حالته…. كان مجبر الذراع وعلى وجهه اثار ضربات عنيفة…. قد اختفى معظمها وشفى منها لكنها مزالت تترك آثر وكان صاحب تلك الضربات كان اعنف من ان يتهاون في حقه !…. وكانه
كان يسترد حقه في كل لكمة ينهال عليه بها……
علمت هوايته جيداً.. وتذكرت اليوم الذي اتى به متاخراً وعلامات الضرب على وجهه…. وعيناه التي كانت ثائره في نظرات نحوها وكانه كان يود ان يخبرها انه نال منه واخذ جزاءه على ما فعله
معاها طوال الثلاث سنوات السابقة…….
ابتسم ماهر ببشاعة وهو يخبرها بخبث…
“كويس انك جيتي كنت مستنيكي…ياسنيوريتا…”
ضربت سطح المكتب في لحظة اجفلته وهي تقول بغضب هائل……
“ليه عملت كده…….. تلبسه تهمه زي دي عشان تبعده عني…. انت اي اتجننت…. هو اللي خلقني مخلقش غيري…….. مبحبكش ياخي افهم بقه… وكفاية جنان……… انا بحبه هو وهتجوزه هو…..”
نهض من مكانه واقترب منها في لحظة وهو يقول هازئا من جملتها…..
“هتتجوزيه امته بقه لم يخرج من السجن بعد كام سنة…. انتي متعرفيش ان جرايم المخدرات دلوقتي بقت بتوصل لمؤبد واعدام كمان…. اي ناويه تستني كل ده……”
برقت عينيها وصرخت في وجهه بغضب سائد…
“هستناه عمري كله…. دا ميخصكش يخصني انا وهو…… انت قتلت فرحتنا بجنانك ده…. حرام عليك……”
اخبرها بنبرة صارمة….
“فرحتك معايا انا….انا باحبك ياسمر….
باحبك…..وانتي عارفه ده من زمان…..”
صرخت وهي تجزم بحبها امام عينا ماهر
الغاضبة….
“اللي بيحب حد عمره ما بيفكر يأذيه….دا مش حب دا مرض…..انت مش مصدق اني رفضتك مش قادر تقتنع اني حبيت ابراهيم راضي.. الاسطا ابراهيم…..
وجعتك دي اوي ياماهر صح……ازاي سمر ترفضك وتجوزه هو……مجاش في بالك ان فلوسك وثروتك كلها ميساووش عندي حاجة قصاد نظرة واحده ليا من ابراهيم…….”
تهور ماهر وقبض على عنقها ودفعها في الحائط خلفها بقوة وهو يهدر بغضب وغيرة….
“عملك اي عشان تحبيه كل ده….اداكي إيه انا بايدي اجبهولك…..شاوري وانا جبلك النجوم ياسمر بس تنسيه وتقفلي الصفحة دي…. وتفضلي معايا….وانا هسامحك على خيانتك ليا…. ”
مسكت يده وحاولت ابعاده عنها فهو يشدد على عنقها بقوة مميته…..وصرخت باختناق…
“كفاااايه بقه………… سبني ياماااهر….. سبني……”
صاح معترف بحبها بهوس….
“باحبك ياسمر…. انا عمري مافي واحده استعصت عليا ويوم ما تيجي يكون قلبي بين ايديها….ليه عملتي كده لي….. ”
ضربت يده وهي تحاول التخلص منه صارخة
بتحدي وتقزز منه….
“كلامك دا كله عمره ما دخل دماغي بمليم…. لا قبل ابراهيم ولا بعده… انت عايز تعملني نسخة من رزان
نسخة منها………. تشتريني بفلوسك واول ما تزهق ترميني…او تخليني ووقت ما تعوزني تلاقيني…مش هو ده اللي عملته في رزان وكنت ناوي تعمله
معايا.. “
قبض على عنقها اكثر بجنون وهو يقول بسرعة
اجفلت حواسها للحظات بخوفٍ منه…..
“مش هيحصل ياسمر…. انتي مش زيها.. انتي غيرها ياسمر….. انا محبتش غيرك ومش بتمنى غيرك….انا باحبك….. باحبك اوي ياسمر…… ”
حاولت التملص من بين يده المقبضة على عنقها وتكاد تختنق من هذا الجنون فهو يبرهن بالحب
وهو يكاد يزهق روحها بين يداه !…
“كفاية خنقتني حرام عليك………….سبني… ”
لم تجد استجابة منه وهو يقبض على عنقها أكثر لم تشعر بنفسها الا وهي تلكمه بذراعه المجبر…..
صرخ ماهر وهو يتركها بوجع…..
نظرت له سمر بشراسة متشفيه بتلك الاهات المكتومة…….
رفع ماهر عيناه الحمراء عليها وهو يقول بطريقة مريضة…
“اعملي ما بدالك ياسمر….. برضو هتيجي وتتذللي ليا عشان أخرجه…… وبرضو مش هخرجه غير لم تمضي على قسيمة جوزنا………”
هدرت بنبرة مزرية منه وهي تمرر يدها على
عنقها الأحمر اثار قبضته……..
“انت بتحلم……. دا لو اي باالذي حصل… عمري ما همضي على عقد سجني مع واحد مجنون زيك…..” قذفت ما بفمها عليه وهي تقول بشمئزاز….
“كنت فاكره انك بنادم زينا وعندك احساس… بس حقيقي انت طلعت حيوان… دا حتى الحيوان بيحس بغيره اكتر منك…. منك لله…. حسبي الله ونعم وكيل فيك……. ربنا يتولنا برحمته…….ولا الذله لعبده…..”
خرجت من المكتب فصاح ماهر من خلفها بمكر….
“ابعدي عن ابراهيم ياسمر…. وسبيه ياخد جزاءه…
مش معقول تربطي اسمك باسم واحد بيتاجر في المخدرات…….”
لم ترد عليه سمر بل تابعت سيرها للخارج بخطوات سريعة…..
خرجت من الشركة وهي تبكي بضياع ناظرة للطريق امامها بتشتت….. ماذا عليها ان تفعل الآن… الى من ستلجأ…. الحقير لم يتأثر ببكاءها ولا بصراخها عليه
ولا باعترفها بحب رجلا غيره……. انه كاد ان يزهق روحها وهو يخبرها بحبه المشئوم !…
ماذا تفعل معه ومن قادر على ايقاف شره الشبية بسم الافاعى المميت الذي ينتشر ببطء في جسد الانسان اذا أصابه ….
وقفت مكانها بعد تفكير مشتت….وقالت من بين دموعها المنهمرة على وجهها…..
“مفيش غيرها…………… مدام رزان………احتمال تساعدني لو حكيتلها……. ”
وصلت امام شقة رزان واطرقت على الباب بوجه متعب وشاحب وعيون حمراء كالدماء اثار بكاءها طوال تلك الساعات…….
فُتح الباب وطلت رزان بقميص أحمر ناري وعقدت حاجبيها سريعاً وهي تنظر لسمر بدهشة ممزوجة بالغل…
“سمر………….اي اللي جابك…..”
توسلت اليها سمر بحزن…..
“مش هاخد من وقتك يامدام كتير…هما عشر دقايق بس…..الله يخليكي انا وقعه في عرضك….”
تركت رزان الباب مفتوح وهي تخبرها بتعالي….
“ادخلي……. وقفلي الباب وراكي…..”
نفذت سمر الأوامر وهي تقترب منها برأس منحني…
تمددت رزان على الاريكة بصلف وهي تشعل
سجارتها ببرود……
“قولي اللي عندك وخلصيني عشان مش فاضيه…”
تلعثمت سمر بحرج….
“بصراحة يامدام انا كنت عايزه….”
قاطعتها رزان بتعالي مهين…
“مش معايا فلوس فكه دلوقتي ياسمر… عدي عليا بكرة هشوفلك اللي في النصيب…..”
رفعت سمر عينيها عليها وهي تخبرها بنفي…
“انا مش عايزه فلوس… كتر خيرك… انا بس عايزاكي تساعديني في حاجة تانية….”
تشدقت رزان بجفاء….
“اساعدك في اي بظبط…..”
اقتربت منها وجلست على أحد المقاعد المقبلة
عليها وقالت بسرعة……
“ابراهيم خطيبي…. محبوس في قضية ظلم…. اتمسك في كمين وهو معاه فرش حشيش… بس والله ما بتاعو ولا يعرف عنه حاجة…..”
لم تهتم رزان وهي تتشدق ببرود…..
“وايه هو بقه المطلوب مني….”
هتفت سمر بأمل وهي تخبرها…..
“تكلمي ماهر بيه… يكلم حد من معارفه يخرجه…ابراهيم مظلوم والله ومعملش حاجة…”
رفعت رزان حاجبيها وسالتها بخبث
“ومروحتيش ليه طلبتي من ماهر الطلب ده جيالي انا ليه…..”
اخبرتها سمر سريعاً ببصيص أمل بسيط ينبع بداخلها…….
“حضرتك مراته وليكي دلال عليه….. وتقدري تاثري عليه في طلب زي ده…..”
التوى ثغر رزان بابتسامة ساخرة وهي تعقب….
“وانتي متقدريش تأثري عليه ياسمر….”
عقدت سمر حاجبيها بحيرة….
“قصدك اي يامدام…..”
هزت راسها بخبث وهي تجيب عليها….
“ولا حاجة ياسمر…. على العموم انا اطلقت من ماهر من فترة…. ومبقاش ليا دلال عليه زي ما بتقولي..” انهت رزان جملتها بضحكة ساخرة من تلك الحرباية التي تتلون امامها وتتشكل كما يجب ان تكون
دوما….
انطفى الأمل في صوت سمر وهي تسالها بصدمة…..
“اطلقتوا………… امته…..”
اخبرتها رزان ببراءة…..
“معقول………. متعرفيش اننا اطلقنا…..”
“لا معرفش هعرف منين…. انا….” توقفت سمر عن الحديث وهي ترى شاب مراهق يخرج من غرفة رزان يغلق ازرار قميصه وبين يده مبلغ مالي…. رفع عيناه عليهن فابتسم لرزان وهو يلقي عليها قبلة في الهواء قائلا….
“اشوفك بكرة يا روحي……”
ابتسمت رزان وهي تلوح له بضياع أمرأه اصبحت
لا تمتلك من الحياة إلا ارتكاب الذنوب والخطايا……
بعد ان ابصرت سمر هذا المشهد نهضت من
مكانها بسرعة وهي تقول بارتعاد….
“عن اذنك يامدام……. انا همشي عشان اتأخرت.. واسفه لو ازعجتك وجتلك من غير معاد…..”
لوت رزان شفتيها هاكمة وهي ترد عليها بخبث…
“ولا يهمك ياسمر البيت بيتك…. ابقي سلميلي على ماهر لما تشوفيه……”
استدرت اليها سمر بدهشة فوجدت رزان تنظر لها بغل وحقد وتكاد بتلك النظرات تدفنها حيه
مكانها……
داهم الخوف امعائها ففتحت الباب بسرعة وخرجت من الشقة ومنها على السلالم بقوة….. وحينما أستقبلها هواء الليل البارد شعرت ببوادر الراحة
من خروجها سليمة من هنا……وهناك !…..
يبدوا ان ابراهيم كان محق حينما منعها من
الذهاب …..
……………………………………………………………..
في الصباح الباكر كانت تقف امام المرآة تمشط شعرها المموج بعجلة وهي تنظر لصورتها الباهته في المرآة لتلاحظ تلك الكدمات التي تحتل جانب عنقها…
انزلت ياقة السترة قليلاً لترى آثار أصابع الوغد مرسومة على جيدها بوضوح…..
زفرة وهي تنظر لعيناها الحزينه وغمغمت بقلق…
“لو ابراهيم شاف العلامات دي احتمال يكمل اللي ماهر معرفش يكمله……. وتبقا القضية قضيتين….”
اتجهت لخزانة ملابسها وسحبة وشاح شتوي منها برغم ان الجو صيفي والحرارة شديدة في تلك الأيام……..
سمعت أمها تهتف من خلفها بلوعة عليها وحزن
على ما اصاب ابراهيم الذي بمثابة ابن لديها…
“رايحه برضو ياسمر…..”
اومات لامها بحزن وهي تعقد الوشاح….
“ايوا يامااا…..اكيد مش هسيبه وهو في الظروف دي…”
اخبرتها والدتها بحذر به لمحة من الاعتراض….
“انا مقولتش تسبيه…بس مرواحك الاقسام ووقفتك في الأماكن اللي زي دي متنفعش يا سمر مهم كان انتي واحده ست يابنتي خلي المشاوير دي للرجالة…….”
اخبرتها سمر وهي تنظر لصورتها عبر المرآة بضيق…
“انا راحه انا وعمي راضي والمحامي…..مش لوحدي وبعدين عايزاني قعد هنا على نار وانا مش عارفة اي اللي بيحصل معاه……..”
دخل أحمد في تلك الأوقات وهو يقول بعجلة…
“يلا ياسمر عشان نلحق…..”
استدارت اليه سمر بتعجب وهي تسأله بعد ان راته يرتدي ملابس خروج…….
“انت رايح فين ياحمد…..”
رد وهو ينظر اليها بجدية….
“هروح معاكي نشوف ابراهيم ونطمن عليه….”
هتفت سمر باعتراض وهي تتقدم منه…
“لا…… ياحمد انا مش عيزاك تدخل اقسام لا……”
اخبرها أحمد بتصميم قوي…..
“هو اي اللي لا…… مانا مش هسيبك تروحي لوحدك
رجلي على رجلك…. ومش هسيبك غير قدام البيت لم نرجع ان شاءالله ويكون ابراهيم خرج معانا…”
على اثار كلماته الاخيرة نزلت دموعها من جديد
وهي تدعي بأمل….
“يا رب يا احمد………… يا رب يطلع معانا…..”
ربت أحمد على كتفها بشفقة عليها….
“ان شاء الله هيطلع معانا…بس كفاية عياط عشان خاطري….”جذبها أحمد لاحضانه فبكت على صدره
بشهقات متقطعه كانت كل شهقة تخرج منها عبارة عن شق غائر ينحر في صدره وصدر امها التي بكت عليها وتحسرة على حالها وحالة ابراهيم الذي وقع في مكيدة حتى الان لا أحد يعرف من مدبرها؟….
وقد كان من المفترض ان يكون اليوم (الحنة)وتليها كتب الكتاب ودخله كما أتفق معاهم ابراهيم بتعجلا ولهفة على اتمم زواجه منها !…..
لكن الفرحة انسابة من بين الايدي في لحظة غدر
وبقى الجميع يقف مصدوم يشاهد ما يحدث بغير استيعاب والشعور بالعجز يجتاح عقول الجميع غير قادرين على مساعدته كما يجب ان يكون…..
ابعدها أحمد عن احضانه ومسح دموعها بيده بحنان اخوي…. وهو يقول بنبرة نشجة بالحزن…..
“يلا ياسمر………اغسلي وشك ويلا بينا…..”
اومات له وهي تدلف للحمام بعجز وضياع…..
نظرت زينب الى ابنها بقلة حيلة وهي تسأله
بتشتت…
“هنعمل اي يا أحمد……….اختك هضيع مننا….”
اخبرها أحمد بوجوم وعدم استيعاب مما يحدث
حولهم…….
“العمل عمل ربنا يامااا…..اللي بيحصل معاهم مش شوية…..دي حاجة تطير العقل من النفوخ….انا مش عارف مين اللي لي يد في الوقعه السودة دي…ومين دا اللي ممكن يحط ابراهيم في دماغه ويعمل في
كل ده………..”
ضربت امه يداها ببعضهما بحسرة…..
“الله اعلم يابني…..احنا كلنا مش مصدقين اللي بيحصل…….”
صدح هاتف أحمد فابتعد عن امه للشرفة
وهو يرد عليها…..
“أيوا يا حبيبة………..برضو لسه بتعيطي…..”
نزلت دموع حبيبة من الجهة الاخرى وهي تترجاه بحزن…..
“أحمد بالله عليك لم تروح خلينا اكلم ابراهيم…انا عايزه اطمن عليه…..”
اخبرها باعتراض وحنق…..
“مش هينفع ياحبيبة تكلميه ازاي من على
تلفوني………… انتي اتجننتي…..”
هزت راسها بتصميم وهي تنتحب….
“مليش دعوة انا عايزه اسمع صوته وطمن عليه…”
تنهد بكبت وهو يخفف حنقه قليلاً معها…..
“حبيبة انا رايح وهطمنك عليه والله…… بس اهدي وبطلي عياط…..”
هتفت حبيبة بانكسار حزين وهي تبكي…..
“ابطل عياط ازاي دا ابراهيم يا أحمد…….دا مش بس ابن عمي دا اخويا الكبير وابويا التاني اللي شلني على كتافه ورباني…..دا عمره ما زعلني وكان دايما بيدافع عني قدام اي حد………..مفيش في حنيته ولا في جدعنته………..انا مش مصدقه ان بات امبارح في الحجز…….دي كانت حنته النهاردة يا أحمد…..ازاي حصل كل ده……. ازاي…….”
برغم من تسلل الغضب والغيرة الى قلبه بعد حديثها وبكاءها على إبراهيم إلا انه بلع اي اعتراض على مشاعرها النقية نحو ابن عمها الأكبر
واخبرها بتفهم وهدوء…….
“أهدي يا حبيبة ودعيله وان شاء الله هيخرج منها على خير………. ويمكن يطلع معانا انهاردة….”
لاحت اللهفة في صوتها وهي تسأله…..
“بجد يا احمد…… ممكن يطلع معاكم……”
تألم لتلك الفرحة المكسورة في صوتها وياليته قادر
على فعل شيءً ….
“ادعيله يا حبيبة مفيش حاجة بعيدة عن ربنا…”
اومات بحزن وهي تقول بخفوت….
“ونعمة بالله…….”
……………………………………………………….
“س/ ماهي اقوالك في التهمه المنسوبه اليك…انه
تم ضبطك وبحيازتك فرش حشيش بداخل كبينة سيارتك……”استجوبة وكيل النيابة وهو يجلس خلف مكتبه…
اخبره ابراهيم الواقف امامه وبين يداه
الكلبشات…
“معرفش حاجة عن الفرش ده ياباشا…”
أشار وكيل النيابة للرجل الذي يكتب الاقوال
بجواره……
“اكتب يابني….س/في حد بيسوق العربية دي غيرك…..”
أجابه ابراهيم بنبرة هادئة ثابته…
“لا ياباشا التريله دي بتاعتي……ومحدش بيسوقها غيري……”
نظر وكيل النيابة إليه وساله بجدية…
“تفتكر مين اللي ليه مصلحه يحطلك حاجة زي دي……خصوصاً ان التحريات اللي عملناها عنك كلها في صلحك…….. ”
حرك ابراهيم كتفه وهو يقول بحيرة….
“الله اعلم ياباشا…….. معرفش…..”
اوما وكيل النيابة براسه بوجوم….
“اكتب يابني….يتم حجز المتهم….. اكتب اسمه
وسنه……… اربع ايام على ذمة التحقيق…..”
خرج ابراهيم وبين يداه الكلبشات ويمسك ذراعه احد العساكر بقوة وكانه مجرم…..
اتت عليه سمر بلهفة وهي تبكي…
“ابراهيم عملت إيه… هتخرج صح….”
نظر ابراهيم اليه بحنق….
“اي اللي جابك هنا ياسمر….. تاني وقفتك في الأقسام……مخلتكيش في البيت ليه وكان ابويا هيطمنك…. ”
لم تهتم سمر بما يقوله وسالته بنبرة تنشج
حزن…
“طمني انت يابراهيم عملت إيه…..”
اخبرها باستخفاف وهو يلوي شفتيه في بسمة
باردة……..
“ولا حاجة اربع ايام على ذمة التحقيق….”
تحدث أحمد وهو يربت على كتف ابراهيم…
“شدة وتزول يابراهيم…… ان شاء الله براءة….”
ربت ابراهيم على يد أحمد الموضوعه على كتفه
ثم وصاه بجد وهو ينظر لسمر……
“احمد… مش هوصيك على سمر خد بالك منها…. وياريت تاخدها وتروح وقفتها هنا ملهاش لازمة…”
تحدث راضي بحزن على ابنة…
“انا هوصي عليك امين الشرطة يدخلك أكل…. انا مكلتش من امبارح…..”
امتنع وهو ينظر لوالده بحزن…..
“مش عايز ياباااا متتعبش نفسك…… طمني بس
على امي هي كويسة…..”
نزلت دموع راضي وهو يخبره بضعف وحزن على ابنه و زوجته التي انفطر قلبها حزنا على ابنها…
“كويسة…. بتدعيلك يابراهيم…. قعدت طول اليل تصلي وتدعيلك…. ان ربنا يرجعك ليها بسلامة…”
ترقرقت الدموع بعينا ابراهيم فانحنى على والده وقبل مقدمة رأسه وهو يترجاه بحزن….
“خد بالك منها يابااا عشان خاطري…. واجمد كده ياحاج….. مين اللي المفروض يصبرني على الابتلاء ده غيرك…….”
بكى والده وهو يعانقه فنزلت دموع ابراهيم وهو يحاول رفع يده على كتف والده لكنه كان مقيد الايدي ولم يقدر إلا على تقبيل رأس والده وهو
يذرف الدموع معه…….
وضعت يداها على وجهها وهي تبكي بقوة وكره لنفسها وما فعلته بهم ، ياليتها لم تدخل حياته انها دمرته ودمرت عائلته و ادخلت الخراب اليهم …..
حينما زاد بكاءها الموجع للقلب سحبها أحمد لاحضانه من جديد وربت عليها وهو يحاول ان يواسيها بكل الطرق……
صاح العسكري بملل وحنق….
“يلا يامتهم قدامي…. وكفاية عطله…..”
نظر ابراهيم لوالده ثم لسمر وقال بنبرة باهته
وهو يسير مع العسكري………
“سلام……….
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)