روايات

رواية عودة الذئاب الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ميفو السلطان

رواية عودة الذئاب الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ميفو السلطان

رواية عودة الذئاب الجزء الثامن والعشرون

رواية عودة الذئاب البارت الثامن والعشرون

عودة الذئاب
عودة الذئاب

رواية عودة الذئاب الحلقة الثامنة والعشرون

كان الجميع واقفًا، وكأنّ على رؤوسهم الطير…أنفاسٌ تتعالى في توجّسٍ صامت، يترقّبون فاجعةً وشيكةً ستنقضّ عليهم كالصاعقة.
كانت الشاشة غارقة في ظلامٍ دامس، لا يُرى فيها سوى السواد الخانق.ثمّ بدأ الضباب ينساب ببطءٍ عبر الصورة، ليتشكّل أمامهم مشهدٌ غامض…
شخصٌ ما، يخرج من أعماق العتمة، بينما النور يتسلّل من خلفه كوميضٍ خافت، يزيد الغموض رهبة.
ظهرت هيئته الرجولية، واضحة الملامح في قوامه فقط، أمّا وجهه، فلم يبدُ منه شيء…
كأنّ الظلّ قد قرّر أن يحمي ملامحه عن عمد، ليتركهم أسرى التخمين والرهبة.
كان الرجل يرتدي “هودي” واسعًا، بغطاءٍ للرأس، لونه أسود قاتم،يظهر النور من خلفه كإضاءةٍ خلفيّة تُلقي في النفوس قشعريرةً لا تُفسَّر.
ساد الصمت…لحظات ثقيلة مرّت، تخلّلها صوت دقّات ساعةٍ تقرع بقوّة في قلب الشاشة،كأنها تدقّ داخل صدورهم، لا على جدران زمنٍ بعيد.
مال الشاب قليلًا إلى الأمام، ثمّ… بدأ يتكلم بصوت يعلوه العظمه …..
“كان نفسي أكون واجف قدّامكم دلوك، بصراحة…أملي عيني منكم، وأشوف القلم اللي نزل رزع على وشوشكم،واحدًا تلو التاني …وأتأمّل أثره فيكم، . كان نفسي أكون واجف…وأنا بتشفّى فيكم، وجلبي بيبرد وإنتو جاعدين متحسّرين على حالكم، زي اللي شاف نهايتُه بيده… وساكت.
شايفين المصايب اللي جرّيتوها على نفسكم،
وعاجزين تنطجو.”نفسي كنت أعد ضلوعكم وهي بتتكسر من جواوأسمع صوت وجعكم. واشمت بجلب فرحان”
ثم صمت برهة…ولم ينطق بكلمة. الصمت بتاعه كان أوجع من ألف جُملة.
بُهت الكل… تسمرت العيون، و احتبست الأنفاس ،ورجف قلب الجد لسماع صوته…
صمت تقيل، صمت يشبه السكاكين…
بيعدّي على رقبة كل واحد فيهم… يدبَح من غير قطرة دم.
وفجأة، صرخ جابر بصوت عالي، فيه خوف أكتر من غضب:”مين ده؟!”
لكن الصوت فالفيديو ما اتهزش شعره…
بالعكس، ابتدى يقوى…جهوري، وهادي، وبيقطع مثل نصل حاد يشق الصدور:
“سيبتكم تاخدوا نفسكم شوية…ماهو جابر بيه راجل كبير برضك،ويمكن يجرا له حاجه فجأة… ذبحة مثلاً؟موته تاخده وهو واجف، ولا إيه يا حاج عمران؟ ابنك الكبير بتخاف عليه برضك. ماهو أغلى ما فيك،وأكتر واحد عمل اللي يخلّيه يستاهل يشوف سُمّ فعله بيتشرب فيكم واحد واحد.”
سكت ثواني…ثم قالها بضحكة خافتة فيها غيظ الدنيا:
“بس متخافش يا حاج،لسّه اللي جاي… يخلّيكم تتمنّوا الذبحة تبقى رحمة.”
دمعت عين الجد…دموعه نزلت تقيلة، مِ الحرقة مش الندم.كان صوته هو اللي بيخلع القلب…صوت النديم، مزيج من وجع تربّى في الهدوء، وانتقام اتغذّى عالصبر.
اكمل الشاب، ونبرته زادت وجع وقهر:
“هتجولوا وتسألوا…مين اللي عمل فيكوا اكده؟مين اللي نصب؟مين اللي غرز وسحب وخلع؟مين يا عيلة أبو الدهب،اللي كفّه علّم على جلوبكم وسيب فيكم علامة ما هتروحش؟”
صمت لحظة، وبصّ في الكاميرا كإنه شايف عيونهم:
“هتجولوا… مالناش أعداء، صوح؟مش اكده يا جابر… يا أبو الدهب؟مالكش أعداء؟
ولا انت يا حج عمران… يا كبير العيلة ؟هاه… فكّروا،خدوا نفسكم… ما أنا ما ورايش حاجة غيركم.أنا عايش عشانكو… وهاعيش بيكو.”
شهق الجد شهقة مكتومة…كأن كل حرف بيسلخ في جلده.
اكمل النديم، وصوته يزداد عظمه… كل كلمة فيه تقيلة زي جبل راسخ:
“دوّروا في دفاتركو الجديمة…مش دفاتر حساب، لاه ،دفاتر نجسة،عار لبسينه وساكتين،ولا حاسين إنه خنجكم م اللي انتو عملتوه،
سنين بتكدّسوا السواد…وأهو جه اليوم اللي السواد نطج فيكم.”
فكّر…فكّر…فكّر زمان،لما كان الهمس ف ودنك فاكر كان بيجولك إيه؟فاكر العهد؟
فاكر الوعد؟ولا نسيت؟”فكّر كويس،وارجع بزمنك لورا شويّه…إيه؟
عمركو ما خطيتوا على حد؟ما وجعتوش حد؟ ما دهستوش جلب ما استاهلش؟هاه؟فكّر اكده…مين؟مين أول واحد صرخت روحه من ظلمكم؟مين؟”
سكت ثواني وبنبرة كأنها بتسحب روحهم بهدوء، قال:
“فكّر…أنا مش مستعجل،أنا جاعد…وفاتح معاك الدفاتر،وكل صفحة،بتنزف اسم… ووجع…وانا جنبك، بفكرك،علشان لما تجع، ما تجولش ماعرفتش.”
سالَت دموع عمران، انهارَا…وهمس بوجعٍ شقّ قلبه، وقطع نياط روحه:
“نسل الغالي…”
فأكمل الشاب بصوتٍ جهوري، ثابت كالسيف:
“هاه… افتكرت؟ولا الشيب خط… والنسيان حَلّ؟بسيطة…أفكّرك يا كبير العيلة،بفكّرك بكلمة…همستها بودنك في ليلة غَبْرا،
فاكر؟
(دم الغالي… جاي ياخد حِجّه من دم الرخيص).
شهق الجد، ووضع يده على صدره…
كأن القلب قد خان نبضه،وكأن الذنب القديم استيقظ على حين غرّة.
صرخ جابر، وقد اختلط صوته بالذهول والرعب:
“الرسالة التي كانت تصلني… لها ياما! !”
فأكمل الشاب، بصوتٍ جهوريّ كالرعد، لا يرتجف: صوته رجّ الأرض تحتهم:
“سنين…عايش عشان حاجة واحدة بس.
سنين يا عمران يا أبو الدهب…عايش عشان اللحظة دي، وبس.لحظة أَخْذ الحُجوج.
حِجّ موت…حِجّ ذُل وهوان…حِجّ بُعد… ونسيان…حِجّ مَرَار سنين… وجَهْر،…
حِجّ الغلبان… والغلبانة،
اللي ما كانش ليهم ذنب،ولا ليهم ضهر…
حِجّ الولاية…اللي اتحوّلوا لوحوش،
وعاشوا في جحيم،من فعلتكو وسكوتكو ودمكو اللي ما سالش… لما كان لازم يسيل!”
حِجّي…حِجّي إنّي… إنّي ما عشتش.
حِجّي إنّي ما شفتش يوم فرح بسببكو.
حِجّي إنّي انجلبت شيطان علشانكو.
حِجّ خواتي…اللي عاشوا الجَهر بسببي، وبسببكو.
حِجّي…
عارف حِجّ مين يا عمران يا أبو الدهب؟”
عمّ الصمت للحظاتٍ خطفت الأنفاس…
العيون اتسعت، والقلوب خفَقت، وكأن الزمن توقّف فجأة عن الدوران.
ثمّ هبّ الشاب واقفًا، وصاح بصوتٍ جهوري والوجع يظهر منه مزق السكون:
“حِجّ ابن الغَزِيَة…وابن الحَرَامِي!”
تجمّد الجميع…تصنّمت الوجوه، كأن الأرواح قد انسحبت من الأجساد،بينما الجد أجهش بالبكاء…بكاء العاجز، المفضوح، المكسور.
وصرخ جابر، كمن ذُبح من الوريد:
“ابن عامر!هو ابن عامر اللي عمل اكده…
ابن عامر!”
الانفجار وقع، والوجع انكشف…وقف الشاب، ورفع هامته عاليًا…كأنّه يزيح عن كتفيه ثقل السنين، ويعلن عن اسمه بين الصمت والدهشة.
قال بصوتٍ ثابتٍ كالصخر:
“أنا يا…”
ثم صمت لبرهة، كأنّه يمنحهم ثانية لالتقاط أنفاسهم قبل أن يُسقط عليهم الحقيقة:
“…يا جَدّي. نديم…نديم عمران أبو الدهب.
نديم ابن ابنك…نديم اللي موتوه وهو صغير،
واللي راجع النهارده عشان يتنفّس بأخدان حِجّة.
نديم…جولها يا جدي!جولها بصوتك…جرب اكده جايز تنفع معاك… نديم ابن ابني! إيه؟ما عندكش غير أسمر وبراء؟”
كأن الكلام نزل سيف على عنق الجد…
” هاه؟.. جولتها.. والا مانفعت ومافيش غير ولاد سلطان.. جديده صوح. أمال فينه ابن عمران؟ فينه يا ظالم؟
نديم جه… يا عيلة أبو الدهب،الضِّلع الشارد…الضِّلع المغدور! إيه؟ عايشين عادي اكده ؟ولا كأن ليكوا حد؟كأن الدم اللي سال مكنش منّكوا؟كأن كلب وراح؟ده لو كلب، يا راجل، كُنت زعلت عليه!
إيه يا جدي؟نسيت؟”ابنك؟كُنت جايبه من حرام؟طب ما تجولها مرّة وآحده !يبقى حرامي،وجوّز الغازيّة،وجايبه من حرام!”
سكت لحظة…
لكن صوته رجع أقسى، أهدى، وأنفذ:
“بس عارف يا جَدّي؟الحرام كله… هو إنتو.
عيشتكم كلها حرام.عيشة ما ترضيش ربنا!
الحرام اللي عملتوه يا جدي،هو اللي خلّاني أكبر اكده..نديم عامر أبو الدهب…سمعتوا عنه؟ده تقريبًا ابنكم.”.عايز أجعد كل شوية وأجول:
يا جدي…يمكن!!! ، يمكن حاجة في جلبي ترجف ليك،بدل الجهر…والغل اللي جوايا!”
جهر اني ماساويش.. ماشرفش واني ماليش ذنب. بتفتخر باحفادك وناسيني ليه عيبنا إيه جول.. هتجابل ربنا يسألك مالهم ولاد الغازيه مش تابت.. تابت يا ظالم…
ضحك…ضحكة ما فيهاش فرح،ضحكة فيها حنضل السنين، وقال:
“نديم رجع.. رجعت علشانكو…وبس.ليا سنين بكبّر الشركة،ليّا سنين بنحت في الصخر،من يوم ما خطيت عتبة داركو…آه، داركو، مش داري.من لسعه كرباجك يا جابر يابو الدهب.. من لحظه سكوتك يا عمران يابو الدهب.. سكوتك علي موت عيله.. ضرب وجلد وحرج.. اييييه يا ظلمه.. رحمه منزوعه من سلسالكو.
الزمن وجف بيا، زمن الجبروت…جبروت عيلة أبو الدهب،وجف زمني،واتحولت. بقيت مسخ.. بقيت شايخ،بقيت كدّك يا جَدّي،آه والله…في سنّك اكده.لا ليا أمل،ولا ليا فرح.”
محطّت…واتمسح بيا الأرض،عشان أُكبَر…
وأفتح عيني على حاجة واحدة بس:
عيلتكم المصونة!كبرت…وعملت شركة كبيرة…”
ضحك،ضحكة مرّة، عميقة…فيها وجع الانتصار اللي جه من وجع الانكسار:
“شركة النديم…نديم الديب،اللي إنت عملته ديب،يا جدي. شركة ليها صيت…ولها مركز.عارف؟عارف عملتها إزاي؟جبت فلوسها منين؟ وأبوي ما حيّلتوش…ما خدتش منه غير وجع واسم،واسمه كنتوا عايزين تدفنوه جبلي.”عارفين منين…
صرخ بصوت .. كالخناجر..
……….. “بمال الغزيّة.”
سكت لحظة…كأن الصاعقة نزلت في قلب العيلة،ثم أكمل بصوتٍ يقطع الهواء:
“شركة الغزيّة…ليها سنين بتعلّي،بتعلّي بعَرْجها وشَجاها،تابت لربنا،وسابت حِجّ…
حِجّ توبتها يجيبلي أنا حِجّي!
شركة الغزيّة…خدت حِجّها منيكم،يا ولاد أبو الدهب،وعلّمت عليكم،ونهشت جلوبكم.
شركة الغزيّة…العار اللي لطّخ سُمعة العيلة المصونة! الشركة دي… نطّت،وخدت جلبك يا ابن أبو الدهب،آه، خدت جلبك. لأنكم ما بتعرفوش غير الفلوس… والسلطة.
ودخلتلكم من حتّتكم اللي هتوجعكو! مش اكده يا جابر؟يا أبو الدهب؟!”
رفع يديه، ووقف…كأنّه بيحيّي نفسه، بيحيّي نديم اللي رجع حيّ من موت طويل. قال، وصوته فيه مزيج من التشفّي والمرارة:
“إيه رأيك في ابن أخوك، يا…يا عمّي؟فاكر لما جولتلك يا جَدّي:
(دم الغالي… هييجي ياخد دم الرخيص)؟
أهو جِه الغالي…جه، وكبش!جه الغالي…حطّ مداسه على رجبْتكم كلكم.حِلو الإحساس ده…إنك تحط رجلك ع اللي جدّامك!
ياااه…
إحساس راحة… بعد سنين!ما نِمتش… سنين!خدت اللي خدتُه…بس والله العظيم…يمين الله…ما عايزهم..لأنهم جُرْف…جَرْش متعاص بموت…ونَتشَة جلب!
بس عملت ده علشان أعرّفكم،إللي رميتوهُم زمان علشان المال ،أهوه…جُم، وخَدُوا، وكَبَشُوا.”
سكت النديم لحظة لفّ بعينيه على وشوشهم ، وشّ وش،كانه شايف وشّ خايف، وشّ مصدوم، وشّ بيترعش من وجع الحقيقة.
مدّ إيده ناحية صدره، وقال بهدوء يسم البدن:
“أنا ما رجعتش علشان آخد…رجعت علشان أفكّركم،إن الغلبان… اللي جلدتوه برجليكم كبر.ومَسَح الأرض بيكم.مش بالفلوس،ولا بالجاه،لكن بالحَج اللي بييجي مهما طال الغياب.
أنا نديم…نديم عامر عمران أبو الدهب،
اللي مِت وهو حي،وعاش علشان يطول:
اللي اتنسى… رجع،ورجع واجف.”
نظر النديم للجد، نبرة صوته فيها غصة مرة، وابتسامة باهتة على طرف شفته:
“حِلو التخطيط لاكده يا جدي…فرحان بحفيدك؟آه… افرح،ما تفرحش ليه؟
ما أناش زي اللي واجفين دول،نسبهم أحسن من نسبي،فيهم دم أبو الدهب…وأنِي ما فيّيش.
لاه…دلّوك بثبّت…إني زيّكُم.عملت العَيبة…
آه، أنا شايفها عَيبة.بس كان لازم أعملها…
لازم أبقى زيّكُم!”
القلم نزل رَزَع…اصلبوا طولكُم اكده! إيه رأيك في ابن أخوك الحرامي…يا عمّي؟!
ولسه…آه، والله لسه يا عمّي!لسه هعلّم عليك،بس التعليميّة الجاية…على وشّك،
برضك.
نديم أبو الدهب…لسه ما خدش حجّه منك.وجِه…العدل جه،وجِت الجصاص، يا عمّي!وهتيجي يوم…آه هتيجي،تتْرجّاني أرحمك،وساعتها؟لَسْعة الكرْباج…هتصيب الجلب.”
سايبكم تاخدوا نفسكم…إن كان لسه فيكُم نفس!وهَعاوِد…آه، هَعاوِد.
لسّه القَلَم التاني،يا جابر يا أبو الدهب.بس القَلَم التاني؟هيبقى على عينك يا تاجر!
استخبّي…استخبّي يا جابر،علشان اللي جاي…عار.جاي لك عار،من ابن الغزيّة،
وما هيبقى حدّ أحسن من حدّ!
افرح…افرح يا عمران يا أبو الدهب،بعيلتك المصونة،عيلة كلها بتنهش في بعض. عملك…بتجنيه.”
وعد الرجاله حضر.. …الضربة الجاية، هتعلم على اسمك .حاسب يا جابر…العار لسه ما ابتداش،”
ثم التفت النديم بخطاه الهادئة، كأنّه بيترك وراءه نار مشتعلة ولسّه ما قالش كل اللي جواه…قالها بنبرة باردة… تنخر:
“بإيدي…سايبكو تفكّروا…القَلَم الجاي شكله إيه!مِن جلب دارك يا جابر…هلبّسك عار،
ما حدّش لِبسه جبلك.
كان نفسي أجول… (سلام)،بس إحنا؟
ما بينّاش… أيوتها سلام.
أُغلِقت الصورة…وساد الصمت المكان،
لا نَفَس يُسمَع،سوى بكاء عمران،ينتحب بقهرٍ،كأنّ وجعه تكسّر في صَدره،
وعاد طفلًا يتيمًا وسط رجاله.
هنا…هبّ أسمر،مغلولًا،والغضب يشتعل في عينيه،وقد اتّضح كل شيء، كأن الغشاوة انزاحت فجأة:
“ده كان ملعوب…ملعوب من ابن عمّي!
وبعتلي مره… تضحك عليّا؟آخرتها؟يجو يسرجوا مننا،ويلهفوا بالغدر؟!”
صرخ جابر، يضرب كف بكف، والعجز يغمر صوته:
“يا مصيبتنا…يا مصيبتنا يا ناس!ابن الغزيّة!
سَرَج حالنا ومالنا!ابن الغزيّة يا عمران يا أبو الدهب…جِه يعيد نسل أبوه!”الحرامي.
هبّ عمران من مكانه، صوته مهزوز ما بين القهر والدفاع،عيونه بتدمع وهو بيصرخ:
“اخرس!اخرس بقه!انت إيه؟وَلدي مش حرامي!”
لكن أسمر ما سكتش،صوته طالع من وجع موجوع:
“أمال إيه؟هاه؟ جولي!جايب خلف عار…
يجي ينصُب علينا؟!المره قبل الراجل؟
باعتلي مَرَه تضحك علينا؟وتجف قدامي… تتبجّح؟!”**
كان محروقًا،مش من النديم بس،
من هي…من خطفت قلبه.. الشعور اللي في قلبه؟ماكانش بس صدمة،كان غرزة بتخرّق فؤاده.اتّسعت عيناه،صوته اتغير…اتكسر:
“بقت دي آخرتها؟أسمر أبو…أسمر أبو الدهب…ضحكت عليه مره؟!”
أسمر، صوته يقطر قهرًا، وحنجرة مبحوحة بالغِل:
“اسمر أبو الدهب…يلبس طَرحة من مرَه؟!”
صرخ جابر، يضرب كف في كف، وقد جنّ جنونه:
“مره إيه وطين إيه؟ده اللي همّك يا أسمر؟
ده اللي في دماغك؟فلوسنا! حالنا!هنعمل إيه؟!”
هنا…وقف أسمر،وعيناه تشعان نارًا لا تُطفأ،
نار مش بس من خيانة…نار من نفسه اللي ماستوعبتش إنها اتضحك عليها.
قالها وهو بيغلي:
“هنعمل؟دانا هجلب عليهم البلد!وأنهش جلوبهم،وأجيبهم متربطين…متربطين زي الحرامية،وحطّهم تحت جزمتي!”
قال الجد بقهر، وصوته ينزف وجع سنين:
“هتجيب واد عمّك متربّط يا أسمر؟!”
صرخ أسمر بحرقة، وكأن النار خارجة من صدره:
“أيوه!هجيبه متربّط،وأحُطّه تحت جزمتي!
يستاهل اللي هيجراله.إيه؟لسّاتك بتدافع؟
ما هو طلع حرامي زي أبوه!إيه الفضيحة دي؟
طالت الكل…وانت لسه بتتكلم؟!”
وقف، كأن النار بتشوي جوفه،كلامه بدأ يهتز من الغيظ، لكنه فضل ثابت، متوعد:
**”أمّا بقى الهانم…اللي لبّستني العَيبة،
أنا هربّيها…وعارف هربّيها كيف!مش ضربوني على وِشي؟أنا بقى…هضربهم على جلبهم،وانتِشها من مكانها!”
ثم استدار، وخرج…وقلبه يحترق من هيجان مشاعره،فالطعنة حين تأتي من المشاعر، تكون أشد من ألف كرباج…وخاصة لرجل عنيف بطبعه،عزيز بعائلته، لا يقبل الخُذلان.
جلس عمران، وضع يده على رأسه، كأنها أثقلته:
“بيجول…لسّه القَلَم التاني…يا مِرّي،يا مراري…يا ترى، هيطعن مين المرّة دي؟!”
صرخ جابر،صوته مليان خزي وندم:
“شُفت النسل؟شفت؟فرحان؟يا ريتني كنت جتلتُه…مش لسعتُه بالكرباج!”
نظر إليه أبوه،عيونه فيها حزن وجلد ذات:
“وأنت ما جتلتوش يا ولدي…ما جتلتوش!
أمّال بيعمل كل ده ليه؟عيّشتوه السواد…
وهو جاي يحدفه علينا،من يدك يا جابر.”
صرخ جابر، وفَقَد صوابه:
“طب…وبيدي دي…هَدفِنُه، وهتشوف…
يا أبوي!”
وتركه…وخرج،
خلَع جابر الباب خلفه،وترك خلفه رجالًا…
كانوا يظنون أن التاريخ لا يعود،ولا الذنب يُكتَب على الجباه.
لكن الحقيقة؟أن القلم لسه ما خلصش،
وفي دار “أبو الدهب”،ما عادت الأسماء كافية لستر الفضيحة،ولا الرجولة حيلة للهروب من العار…فالدم حين يُظلم،يرجع…بس ما بيرجعش لوحده.
يرجع بحق،ويجرّ وراه قصاص…وقصاص النديم،ناااار
ما كانتش لسه بدأت.وقد اشتعل الحريق في العائلة،
واقترب القَلَم التاني.
***********
عادت “وجد” إلى البيت ليلًا،السكون يلف المكان،لا ضحكة، لا صوت، لا حركة… استغربت، وذهبت مباشرة إلى جدّها.
“حبيبي يا جدو… وحشتني يا قلبي.”قالتها بابتسامة، واقتربت منه.
نظر إليها،والوهَنُ بادٍ في عينيه،كأن السنين ثقلت فوق كتفيه.
“وجد…”نطق اسمها كأنّه يخرج من قلبه لا من فمه.
اقتربت أكثر، واحتضنته:
“وحشتني موت… موت…مالك يا بطتي؟
إنت تعبان؟”
ابتسم، ابتسامة شاحبة كجناح مكسور،
وهو يراها جميلة، حانية، تنبض حياة:
“تعبان؟الله يعين الجلوب يا بتي…”
تنهد وتابع:”انبَسطي اهناك…”
اندفعت “وجد” تحكي عن مشروعها، عن فرحتها، عن كل لحظة حلوة عاشتها…
ثم قالت بحماس طفولي:
“وقريب خالص يا جدي…هتسمع عني أخبار حلوة قوي… موت!”
قَبّلته، وتركته جالسًا، مقهورًا بصمتٍ لا تراه،
وهو يتمتم بعد أن اختفت:
“حلو؟منين الحلو يا بتي…منين هييجي الحلو؟”
دخلت “وجد” حجرتها،وأغلقت الباب على قلبها قبل جسدها…لم تفكر في الذهاب لأبيها،فهو لا ينتبه، لا يهتم، لا يحتضن.
تنهدت:”ياااهالمز بتاعي وحشني. وحشتني يا ديمو قوي…أما أقوم أبعتله رسالة أحب فيه،
ما أنا بُتّ واقعة… واقعة بس،دا أنا بموت فيه… وعليه…بحبه قوي…يا رب، قرّبه مني،بعده بيوجعني.”
قامت، أمسكت بهاتفها،وابتسامة على شفتيها،وكتبت:
“ديمو حبيبي،وحشتني موت… يا قلب وجد.
أنا وصلت أهوه،انت عامل إيه يا عمري نفسي دلوقتي أكون معاك…خالص،أبقى في حضنك.”
أرسلت الرسالة،وجلست تنتظر،قامت لتبدّل ملابسها،ثم عادت وجلست على الفراش،
فتحت الهاتف…
قطّبت جبينها…الرسالة انفتحت… ولم تأتها أيّ كلمة.كشّرت، وهمست:
“لا والله!ما بتردّش؟يخربيت تقلك…”
وكتبت ثانية:
“ما بتردّش ليه يا رخم؟والله لأخاصمك…
وحشتني، ما وحشتكش؟”
مرة أخرى…انفتحت الرسالة،ولا رد.بدأ قلبها يدق بسرعة…فتحت الهاتف مجددًا،اتصلت به،لا رد.
أرسلت رسائل كثيرة،كلمات متلاحقة، خائفة، متوترة…
“هو فيه إيه؟هو ما بيردّش ليه؟”
اتصلت آلاف المرات،والهاتف لا يجيب.
نبضها يخبط في صدرها،صوتها يتحوّل إلى رجفة مكتومة:
“حبيبي…ما بتردّش ليه؟فيك إيه؟لو فيك حاجة، قول…أنا قلبي هيقف…انت مالك طيب؟ما بتردّش؟نديم…ردّ عليا…أنا… وجد…حبيبتك…مراتك.”
كل الرسائل؟تمت رؤيتها.لكن لا صوت يأتي.
صرخت عبر الهاتف، باكية:
“انت ما بتردّش عليا ليه؟!”
رفعت عينيها،ودفعت أصابعها إلى الأرقام،
تبحث عن رقم المكتب،تتصل وهي ترتعش.
وأخيرًا…ردّ الساعي:
“أيوه؟”
قالت بلهفة:
“عم شاكر…نديم فين؟!”
قال الرجل…
ـ نديم بيه… إيه يا ست وجد؟ ماعرفتيش؟
بهتت هي بخوف، والرجفة سكنت ملامحها:
ـ ماعرفتش؟! ماعرفتش إيه؟
قال الرجل بأسى، وصوته اتقل كإنه شايل وجع سنين:
ـ ماعتش فيه حد اسمه نديم يا بنتي… نديم الديب اختفى.
هوى قلبها برعب، شهقة خنقتها:
ـ اختفى؟! اختفى يعني إيه؟! إنت بتقول إيه؟!
قال الرجل، وعينيه مكسورة:
ـ شركة نديم اتصفّت… لأنها شركة وهم.
وهميّة… ونديم؟!ماحدّش يعرف عنه حاجة!
وفيه شركة تقريبًا… نديم نصب عليها وهرب.
الشخص ده؟شخص وهمي… بأوراق مزوّرة.
سقَط الفوت من إيدها،وإحساس خنقها إن قلبها هيتذبح،سهمت بذهول…ـ نديم؟! طلع وهمي؟!
همست وهي بتترنّح في مكانها، صوتها مكسور كطفلة اتسرق منها حضن أمّها:
ـ نديم… حبيبي أنا…نديم… نديم بتاعي…
حبيبي اللي اتجوزته… طلع مش نديم؟!
رفعت عنيها للسقف، والدمعة نزلت بصمت:
ـ أمال مين… نديم اللي اتجوزته؟!ساب الشركات…سهمت… كان نصّاب؟! نديم… ضحك عليّا أنا؟!
بدأت تتراجع، خطوة ورا خطوة، والرعب بيزحف على وشّها زي السواد اللي بيغطي النهار فجأة.
سقطت أرضًا، صوتها بيتهز من بين شهقاتها:
ـ لا… لا! ماينفعش… لا، لا، لا والله ماينفعش!
ضحك عليّا؟!ما بيردّش!
صرخت وهي بتضرب صدرها بيدها:
ـ يا فُضحتي… يا مصيبتي!جوزي… مش جوزي؟!
رفعت عينيها للفراغ، بتسأل الفراغ اللي حواليها:
ـ أمال إيه؟! أمال إيه؟!أروح فين؟!
لطمت على وجهها، والوجع طالع من أعماقها:
ـ جبت العار لعيلتي!أنا… وجد أبو الدهب… اتجوزت نَصّاب! بدأت ترتجف…واجتاحها رعب دفين،
الكلمات بتتلخبط في عقلها والدمعة واقفة في عيونها، مش عارفة تنزل ولا تتحبس أكتر من كده.
ـ اتجوّزت؟!نهار أسود… ليكون ما تجوّزنيش؟!نديم… حبيبي… نصّاب؟!ومـا تجوّزنيش؟!
صرخت، صوتها بيتشقق من الوجع:
ـ لا! لااا!نديم هييجي… هييجي ياخدني!
ـ آه… آه، اتجوّزني! مرتين!وعِشنا مع بعض، أمال إيه؟!
بدأت تضحك… تضحك بهستيريا فيها كسرة، وتهمس وهي بتخبط على صدرها:
ـ أيوه… حبيبي هو! نديم مش نصّاب…
لا! مش نصّاب… ده حبيبي، ونن عيوني!
نظرت حواليها بخوف، كأن الدنيا كلها عدوان، وهمست كأنها بتستغيث:
ـ أمال مين اللي هيحميني؟مين اللي هيسعدني؟مين… اللي هينجدني منهم؟!
وفجأة…قطعت صرخاتها لمحة من الماضي،
راحت في لحظة كانت هي وهو…
قاعدين سوا تحت نور خافت في الفندق، بيشربوا شاي وسايبين الدنيا على جنب.
ضحكها وقتها كان دافي، وصوته وهو بيقول:
ـ يا رب أعيش واموت وأنا شايف الضحكة دي…إنتِ دنيتي يا وجد، وأنا من غيرك ما اسواش قرش.
ابتسمت ليه، وحطّت إيدها على وشّه وقالت:ـ وأنا بحبك…بحبك قوي يا نديم.
رجعت للحظة، للواقع اللي بيعضّها،
شهقة طالعة من قلبها،ـ كدّاب؟!إزاي؟! ده قال إني دنيته!ده لمسني بحنية ما شفتهاش في حد!
صوت صراخها بقى أوضح،دموعها سالت على خدها وهي بتخبط الأرض بإيدها:
ـ خدني… خدني بالحضن وهو بيخدعني؟
اتجوّزني بضمير مرتاح وهو شايفني لعبه؟
أنا مش لعبة… أنا مش لعبة يا نديم!! لا بيحبني والله.. آه..
أسرعت لتليفونها،تمسك به بقهر…تضغط على الأزرار بإيد بتترعش، وصوتها بيقطر وجع:
ـ حبيبي… أنا وجد.كلّمت عم شاكر…شركة إيه اللي سيبتها؟! ونصب إيه؟!إنت بيك إيه؟!
إنت في أزمة… صح؟قولّي… أجيلك، يا قلب وجد.
ـ نديم؟إنت… ما بتردّش عليا ليه؟نديم، أنا وجد… مراتك، صح؟إحنا متجوزين… صح؟!
كانت الإشارات بتفتح…بس هي؟ كانت بتقفل.بتقفل جواها، على قلب بيصرخ، وعقل مش قادر يصدق.
تحس بقلبها بيخرج من أضلاعها…يتلوى بداخلها ،لتبدأ في الأنين…وكتمت فمها بقهر، علشان ما يسمعهاش حد، علشان ما تفضحش وجعها…
ـ آااه… آه! هموووت!حبيبي غدر بيا…آاااه… آاااه…فيه؟! فيه إيه؟!حبيبي… حبيبي… نديم!ليه؟!
ـ ليه يا نديم… ليه؟!إشمعنّي أنا؟!دا أنا غلبانة قوي…دا أنا… ما ليش غيرك، يا نديم.
إنت روحي…روح وجد!
ليه؟!دا أنا… حبيتك.إيه الغدر ده؟!
ـ عملتلك إيه؟!طيب، ما عملتش…أنا حتى ما بعرفش أعمل حاجة في حد ليّه يا قلب وجد…قلب مين؟دا ماعادش فيه قلب!دا راح…غدر…وغرز غرزته…وراح!
بس ليه؟!عملتلك إيه؟تفضحني؟!يا نديم…
إنت عارف إنهم هيقتلوني!
للدرجادي…؟!أنا ما أساويش عندك؟!ليه؟! ليه، طيب؟!عملت إيه؟قلبي حرام عليك!
أنا كنت حاسّة… إني لقيت روحي.
ليه؟ تقتلني كده؟!إيه الغدر ده؟!إيه سكينتك دي…؟!
روح… روح، منك لله!لو عدى عليّا عمر، لو عدى اللي عدى،هفضل أدعي عليك بحرقة…منك لله… منك لله!
لتقفل التليفون، وتبدأ في لطم وجهها:
ـ يا مَرَك يا وِجد!يا سواد أيامك يا بنت جابر!
يا فضيحتك بين الناس… هتتفضحي!
عمل عملته وسابك… بقيتي متجوزة من غير جواز؟وسابك؟!هيقتلوك!
ظلت جالسة، مذعورة…لا تعلم ماذا تفعل.
قفلت على روحها، تحس إنها هتموت،
ولا كانت تعرف إيه اللي بيدور برّه من الأساس…
قامت تدور بتوهان…تترنّح، تقوم وتقع…
كان الهلع وصل مداه.
مر وقت، وهي تايهة…دخل عليها أبوها، غاضب، عينه بتولّع نار:
ـ جيتي ميّتة؟ مش تجولي؟
كانت لا تنطق، ولا تقوى على النطق…
قال بحدة، والنار طالعة من صوته:
ـ جدّت أمور…حضّري نفسك، في أجرب وجِت، هتتجوزي براء… ابن عمّك!
نظرت إليه برعب…أحسّت إنها هتموت، همست بوجع:
ـ بس… بس يا بابا، أنا مش عايزة براء، أنا…
قابلها بصفعة على وجهها، وجعها كإنه شق قلبها نصين:
ـ إنتِ عارفة إني مش ناجصك، هاه؟
جوايا نار!لو فتحتي خاشمك…هموّتك بيدي، فاهمة؟
ـ إني هروّح أتكلم معاهم وأخلّص، فاهمة؟
ـ وإنتِ… تجعدي زي الجزمة، ما تتكلميش.
وتركها وخرج.
جلست هي… ساهمة.تشعر إنها ماتت حيّة.
كيف ستتزوج؟كيف؟! نظرت لتليفونها…واسم نديم ظاهر قدامها.
ـ إزاي؟ وده جوزي؟ ولا مش جوزي؟
جوزي مش جاي؟ ولا مش جوزي… ومش جاي برضه؟
دخلت في حالة توهان غير عاديّة.ظلت جالسة، منكمشة… لا تعلم لمتى.
أتى الليل… بسواده يدوس على قلبها.
سهمت… وسهمت… وتاهت…فضيحه.. عار.. موت وذبح..
وفجأة، كأنها مغيّبة.. تملك منها الشيطان نخر عقلها فلم يعد هناك قلب ينخره .اتّجهت إلى الحمّام.
ووجِدت أحد جراكن الجاز في أدوات النظافة…مسكته، واحتضنته… كأنه خلاصها.رفعت يدها، وفضّته على رأسها.
وكان شريط علاقتها بيعدّي قدّام عينيها:
ـ “بعشقك يا وِجد…أنا أمانك…ماحدش هيقدر ياخدك مني…ماحدش هيأذيكي…”
سقط الجركن.ووقفت هي ساهمة،والمحلول يحرق جلدها مثلما حرقت من الداخل.
مسكت أحد الولّاعات،ورفعتها…تريد أن تخلّص عائلتها من عارها.رفعت الولّاعة …النار كانت قريبة.بس مافيش أقرب من الوجع اللي جواها.عينها في السقف، والسكينة في صدرها.كل كلمة نديم قالها، كانت بتتردّد جواها كطعنة:
“أنا أمانك…”ماحدش هيأذيكي…””بعشقك يا وجد…”
ضحكت، ضحكة صغيرة… مش ضحكة، دي وجع يشق من صدرها همست لنفسها بصوت مبحوح:
ـ حتى الكدب بتاعه كان حنين…
سحبت نفس طويل.. وصلت للحافة.خافه جرف تنهال من عليه ..رفعت يدها و…..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عودة الذئاب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى