روايات

رواية بيت القاسم الفصل الثالث عشر 13 بقلم ريهام محمود

رواية بيت القاسم الفصل الثالث عشر 13 بقلم ريهام محمود

رواية بيت القاسم البارت الثالث عشر

رواية بيت القاسم الجزء الثالث عشر

رواية بيت القاسم
رواية بيت القاسم

رواية بيت القاسم الحلقة الثالثة عشر

•••التفاصيل كما هي.. باختلاف الأشخاص والطرقات وعبق الذكريات..
…. الجو صيفي بامتياز، وشمس العصاري تفرض اشعتها ..
كانت حنين تجلس علي كرسي خشبي علي سطح البيت المضلل ب ألواح خشبيه مضلعة بتوازي صنعها قاسم
ودهنها بنفسه، تنظر للحمام أمامها بذهن شارد وملامح باهتة،
تجلس بأريحية بفستان ربيعي طويل يكشف نصف الذراعين بلون العسل يتماشى مع لون عينيها.. تمسك بكوب عصير ساقع دون أن ترتشف منه..
غافلة عن من يقف ورائها، يراقب كل حركة تقوم بها..
كم مرة تنهدت.. كم مرة لعبت بخصلاتها .. اهتمامها الظاهري بحماماته يتمني أن تهتم به أيضاً مثلهم حتي وإن كان زائف.. والاهتمام الزائف بالوقت سيتحول لاهتمام حقيقي…
حزينة.. ملامحها حزينة وحتي جلستها حزينة.. ولا يعلم السبب..
سحب شهيقاً طويلاً لصدره.. وقد قرر أن يقطع خلوتها..
هتف بصوت أجش ..
ـ الحلو سرحان ف ايه؟!
أجفلت.. اعتدلت بجلستها تحت نظراته الفاحصة ، ردت بملل
ـ ولا حاجة.. بتفرج ع الزغاليل بتاعتي
مش انت بردو قولت انها بتاعتي
ـ كل اللي أودامك بتاعك
قالها بصدق يشير لما حولها بما فيهم هو دون أن ينطق بها.. الكون كله ملكها لو فقط تمنحه الرضا..
يدقق بعينيها وكأنه يقرأها ، توترت وزاغت نظراتها.. تبحث عن طريقة تخبره بها أنها لاتحبه.. كلا..
هي تحبه ولكن كأخ.. كم تمنت أن يعاملها ك نيرة أو يفهمها ك يارا.. ولكنه يأتي عندها ويتبدل..
… تذكر ذات مرة وهي في سن أصغر سألته لما لا يعاملها مثل البقية.. وكانت اجابته مختصرة دون عناء “بـ أنها ليست مثلهم”
هو يقصد شئ وهي فهمت شئ آخر .. دائماً الشئ وعكسه..هو الثورة وهي الهدوء..هو الفعل المباشر وهي المراوغة..
.. كادت أن تنطق بها صريحةً ولكنها تراجعت..
توهان نظرتها وحيرة معالمها جعلته يسأل..
ـ عايزه تقولي ايه..؟
زفرت بيأس
ـ مفيش..
يستجوبها وقد مال واقترب بجزعه منها نظراته مطمأنة عكس نبرته..
ـ مخبيه عليا حاجة!!
وان كان يسأل بشك.. فقد تأكد فور أن رأي توترها.. حركة حلقها المتشنج وهي تبتلع ريقها بصعوبه أمامه.. تجذب خصلاتها بعشوائيه بحركة اعتادت فعلتها منذ صغرها حينما تكذب أو تخفي أمر ما وهو يحفظها كـ اسمه .. بـ حلقٍ جاف تمتمت..
ـ لأ مفيش حاجه أصلا ً عشان أخبيها…
يحذرها بجمود مخيف وقد تعكر المزاج.. وبداخله هاجت نبضاته واهتز ثباته..
ـ ياريت يااحنين.. ياريت ميكونش فيه حاجة
عشان انتي مش أد شري لو عرفت انك مخبية عليا حاجة..
…………….
. ـ ايوة ياحاج.. صدقني اللي حصل ده هو الصح..
هتفت بها والدة زياد عبر الهاتف.. حيث أن تلك المكالمة الأسبوعية المعتادة منها.. مكالمة بالعادة تكون باردة مثلها.. “رباب” ابنة القاسم بـ أوائل الخمسينات من عمرها مستقرة بـ ألمانيا وقد نالت شهادتها أيضاً من هناك بسن متأخر نسبياً بسبب زواجها والذي أسفر عن زياد وتأجيل دراستها وما أن أنجبت يارا حتي عاودها حلم اكمال الدراسة والأبحاث وكم كانت ذكية والجميع يشهد بأنها كانت ستحل مكانة علمية مرموقة ، وهي الآن تُدرس باحدى الجامعات هناك.. ومن وجودها وعشرتها الدائمة للألمان اكتسبت برودهم وحلولهم العملية لكل شئ..
صدم القاسم من حديثها قال بشئ من الحدة..
ـ خراب بيت ابنك وحفيدتي يارباب صح؟ هو ايه الصح في كده.؟
تفند الأسباب أمامه.. تقنعه بعملية تمارسها..
ـ يابابا الاتنين مش شبه بعض.. متقنعنيش ان نيرة كانت تليق بزياد
احتدت نبرته وخرجت زاعقة..
ـ ولما هما مش لايقين علي بعض وافقتي يتجوزو ليه؟
ـ محدش فينا وافق يابابا.. انت قررت وعشان ترضيها غصبت علي زياد يتجوزها..
ـ أنا مغصبتش ع زياد يارباب.. زياد بيحبها..
هتفت بتأكيد وكأنها تخاطب إحدى طلابها..
مستحيل يكون بيحبها،هي غلطة وجه وقت تصليحها..إبني عايز واحده يتباهي بيها اودام الناس.. مش ست بيت تستناه كل ليله عشان تغسله رجله..!!
جُفل وكأن شئ بداخله قد كُسر.. ارتعش صوته وبان الوهن جلياً.. رمش عدة مرات ثم همس..
ـ هي دي قيمة نيرة في نظرك؟ واضح يارباب انك مش عارفة ابنك عايز إيه .. لأن إبنك متمسك بيها ومش راضي يطلق..
وبالنسبة ليارا ياترى بتسألي عنها ولا حالها حال زياد..!!
ردت بتكلف تنهي الموضوع لصالحها..
ـ ازاي يابابا أكيد بكلمها.. داحنا حتي متفقين ان الويك اند هتيجي تقضيها معايا.. بس البركة فيك بردو يابابا..
تنهد بمرارة غلفت حلقه..
ـ اكيد البركة فيا.. مانا بجوزكو عشان تخلفو عيال وترموهم
اذا كنتي انتي ولا عماد فانتو قلبكو أقسي من الحجر.. ربنا يهديكو..
ومن دون انتظار ردها كان قد أغلق الهاتف .. يتكأ علي الجدار المجاور ، مكالماتها كانت كفيلة باشعال فتيل احساس الوحدة الذي بات يزوره مؤخراً.. رغم وجود فاطمة والأحفاد من حوله .. يخشي أن يموت دون أن يراها هي وشقيقها وما يحزنه ويغص قلبه أنها لن تهتم بموته من الأساس.. واللعنة كل اللعنة على عقوق الأبناء وجفائهم……
……………….
.. أوقف عاصم سيارته السوداء بمكانها المخصص بمرآب الشركة وقبل أن يغادر.. قابله زياد بسيارته محدثاً جلبة في المكان، مما استدعي انتباه حارس الأمن ولكنه اكتفى بنظرة وعاود عمله.. ترجل زياد من سيارته يغلق بابها بعصبية ليبحلق به عاصم بدهشة وحاجب مرفوع.. فهو يعلم كم هو ولّهاً بسيارته بأحاديثهم يطلق عليها المدلله.. يعلم بأن حبه لها تخطى حبه للنساء والجونلات الضيقة..
اقترب منه وقد استشعر القلق من هيئته وذقنه المهملة.. سأله بحذر..
ـ هي مراتك لسه مرجعتش..؟
وكأنه ضغط على زر الاشتعال.. رد بعصبيه يلوح بكفه بالهواء بانفعال..
ـ لأ.. الهانم مصرة على الطلاق..
ـ حقها…
همسة بسيطة، مجرد همسة ولكنها وصلت لمسامع المشتعل..
فحدجه بغيظ يضغط على أسنانه..
ـ حق مين.. دي مكبرة الموضوع أووي..
ـ متبقاش بجح يازياد…
هتف بنبرة خطرة وقد طفح الكيل من تلك الصفة التي التصقت به رغماً عنه..
ـ صدقو بالله اللي هيقولي يابجح تاني هديه بضهر ايدي ع وشه أعوره..
رفع عاصم كفيه مستسلماً بشقاوة.. يحدثه وهو يتحرك بخطى سريعة الى المصعد..
ـ لأ وع ايه الطيب أحسن.. بس انت ناوي تعمل إيه؟!!
وقف بجواره بانتظار المصعد.. أكتافه متهدلة باحباط ونبرته مكتومة..
ـ مش عارف.. هي مش مدياني فرصة حتى نتكلم وتسمعني..!
.. ومع وصول المصعد دخلا معاً.. يرتكن زياد بظهره في إحدى زواياه بارهاق يضع كفيه بجيبي سرواله الضيق.. ووقف عاصم أمام المرآه الموجودة به يعدل من هيئته قميصه البني يتناسب مع سرواله البيج فنظر لحاله برضا، يمسد بأنامله خصلاته البنية القصيرة وحاجب مرفوع بعجرفة رجل يعلم جيداً أنه وسيم .. يراقب احباط صديقه من خلال انعكاسه بالمرآه.. فقال ببساطة وكأنه يتكلم عن الطقس..
ـ اخطفها…
ـ اخطفها؟!!
ـ آه اخطفها، هو انت هتخطف حد غريب دي مراتك..!
وقد استدعى جم تركيزه فاستقام بوقفته.. واقترب منه وقد نالت الفكرة استحسانه..
ـ اخطفها ازاي؟!
ـ عادي استناها عند بيت جدك وأول ماتخرج اخطفها زي الأفلام..
ابتسم زياد كالأبله واتسعت ابتسامته فأصبحت ضحكة هبلاء،
وقد فغر فاهه واتسعت حدقتيه باعجاب للفكرة.. فسأل..
ـ وبعد مااخطفها أعمل ايه..؟
مال عاصم بجسده يشاكسه وقد ادعى جدية زائفة..
ـ هو ايه اللي تعمل إيه ؟ انت تمام يالاه؟!
هز رأسه بخفة وقد تبدلت حالته..
ـ تمام!!.. ايش حال لو مكنتش ممسوك خيانة..
ربت عاصم على كتفه بقوة..
ـ خلاص الباقي عليك بقي ياعم..
.. وأمام مكتبه يرافقه زياد.. ترمقهم أماني السكرتيرة بنظرة ممعتضة ونصيب الأسد من نظراتها كان زياد..
ـ قهوتي بسرعة ياأماني.. عندي صداع..
وقبل أن يغلق بابه بوجهها.. اقتربت منه بملامح غاضبة ونظارة ذات اطار سميك أعلى أنفها جعلتها أكثر شراً.. تشدّد علي حروفها..
ً ـ ياريت يامستر عاصم نحافظ على الألقاب
اسمي مدام أماني..
وولته ظهرها بكبرياء وكأنها من العائلة الملكية ، وقد اعتاد هو وسلّم أمره لله.. أما زياد فضرب كف على الآخر..
ـ مدام أماني لو بتقبضك أخر الشهر مش هتسكتلها كده..
جلس على كرسيه بأريحية.. وجلس زياد بالمقابل..
ـ واحدة شاطره وشيفالي شغلي صح.. مش هيجرى حاجة لو فوتيلها..
ثم أمسك بهاتفه.. يتصفح بتركيز ، يدقق باهتمام إلى أن ارتسمت على ثغره بسمة رائقة.. جذبت انتباه زياد.. ليغمز بمكر وقد فهم..
ـ ااااه.. الله يسهلو ياعم..
ـ اهو نبر أهلك ده.. هو اللي مخلي الموضوع مش سالك..
ـ ليه.. هي لسه مجتش..
اتسعت ابتسامته ولمعت عيناه ببريق عابث..
ـ لأ لسه.. بس هتيجي كله بالحنية بيفك..
وساد العبث وطغى على النبرة..
ـ وريهاني..
صمت عاصم لثوانٍ دون رد.. برغم من أنه يمتلك لهما سوياً عدد لابأس به من الصور السيلفي .. إلا أنه نفى ولا يعلم سبب نكرانه.. ولكنه لايريد أن يعرفها..
ـ مش معايا صور ليها..
رفع زياد حاجبه بمشاكسة.. سأله بتوجس..
ـ ممممم.. متأكد انها مصلحة وهتعدي..
ملامحه أصبحت مبهمة سرعان ماانقلبت لانعقاد حاحبين.. ونبرة غريبه لا تحمل أي انفعال..
ـ زيّها زي غيرها………….
………………….
.. مطبخ واسع ، مائدة مستطيلة تتوسطه.. رخامة طويلة بنية اللون يتماشى لونها مع لون سيراميك المطبخ بتدرجاته البيج والبرتقالي.. موقد حديث تقف ريم أمامه تضع أصابع البطاطس بالزيت المغلي ، تدندن لحن قديم بنعومة مع تمايل طفيف لخصرها وخصىلاتها .. ورائها علي المائدة يجلس مراد وعلي فخذيه يجلس زين الصغير يهدهده يتناولان من طبق بطاطس قد وضعته ريم أمامهما منذ دقائق..
يقف منذ مدة يراقبها عن كثب دون ملل أو كلل وقد أوجعه ضميره لما فعله معها،بالأخير هي لاتستحق
.. يستمع لدندنتها وصوتها يدغدغ شعوره كرجل قد قرر أخذ هدنة ، ونسيان ماسمعه أو تجاوزه..
خصلاتها ثائرة كطباعها تركتها منسدلة بحرية على ظهرها، ترتدي قميص صيفي والحمدلله كان طويل يصىل للكاحل بنصف ظهر مكشوف وكأنها تعوض عن طوله ، يظهر نعومة بشرتها.. قبض على كفيه تلقائياً عند تذكره لملمس بشرتها حينما كانت بين يديه..
زفر طويلاً وقد يأس من تنبيها مراراً بشأن ملابسها أمام الأولاد.. وأمامه أيضاً قبلهم.. والأخيرة هتف بها ساخراً بداخله..
واللعنة عليها تضرب بكلامه عرض الحائط ، وكأنها تتعمد ذلك..
حمحم بخشونة نبرته وقرر قطع مراقبته للوضع أمامه..
ـ ريم محتاج مساعدتك..
لم تنتفض أو تلتفت.. كانت بالأساس تعرف بوجوده.. ولم تهتم ولن تهتم.. وقد قررت تجااهله ككل شئ حدث ضد ارادتها..
.. لحظات طويلة دون رد منها ، وصبر منه.. أمسكت بملعقة خشبية تقلب البطاطس بها ثم سحبتها ووضعتها بطبق.. أغلقت الموقد بهدوء يتنافي مع ما يحدث بداخلها..
ثم استدارت اليه تتحاشى النظر اليه.. خطوة خطوتان .. وثلاث.. وكانت تقف علي مقربة منه..
ـ خييير!!
ـ تعالي ورايا..
قالها بنبرة طبيعية وقد عاد كمال القديم.. وولاها ظهره واتجه لغرفته والمطلوب منها اتباعه.. اغتاظت من بروده زفرت ناراً من غيظها.. ولكنها تغاضت وذهبت خلفه..
ودون استئذان كانت بمنتصف غرفته أمام المرآه عاقدة ذراعيها أسفل صدرها .. تتابع مايفعله حيث كان يقف أمام دولاب ملابسه في حيرة ينتقي ثياب ويضعها بشكل عشوائي علي الفراش..
قطع هو الصمت وقد لاحظ تأففها..
ـ ورايا فرح مهم بالليل.. ومش عارف ألبس ايه.. ممكن تساعديني؟!
.. وكأن شيء لم يكن ، فكت ذراعيها وسارت للفراش تقف أمام ملابسه تنتقي وتختار وقد نجح فيما اراده.. ابتعد عنها قليلاً يلاحظ تركيزها.. كم ستكون الحياة معها رائعة وكم ستنعم بالدفئ وهي معهم كأسرة حقيقية ،
مسد جسر أنفه بتعب قبل أن يقول متنهداً بتوتر..؟
ـ أنا عارف إن الوضع كله مش سهل عليكي.. ولا عليا..
استدارت بجسدها توليه اهتمامها.. وقد أصاب “صعوبة الوضع”
ترفع حاجب وتحني الآخر ف انتظار باقي الحديث..
ليقترب هو وقد هدأ قليلاً وخف توتره.. فتابع بصوت أجش يعانق نظرتها بعينيه..
ـ كنت ع الأقل اتكلم معاكي قبل كتب الكتاب.. أشوفك مرتاحة ولا لأ.. أعرف ناقصك إيه ..
زفر بضيق وقد قرر المواجهة من أجل بداية نظيفة
ـ أعرف ع الأقل كنتي بتحبي حد اصلاً ولا لأ..
وقد توقع الانكار .. وبانكارها ستنتهي الأزمة ولكنها فاجئته ككل مرة تفاجئه بها..
رفعة حاجبيها تتحداه.. نظرتها بها شئ غريب وكأنه تشّفي؟!!
ـ ولو كنت عرفت إني بحب حد كنت هتسيبني.؟
ارادت رد الصاع صاعين.. كما أهانها ستهينه..
احتدت نبرته وبريق عيناه ازاداد سواداً..
ـ كنتي بتحبي مين؟
ضحكت بخفوت.. وأجابت ببرود تجيده..
ـ مش ملاحظ ان السؤال متأخر اوي ياكمال..
وبرودها أشعل النيران بقلبه.. رمقها بنظرات حارقة..
ـ احنا فيها.. عايز اعرف مين.. واخرك كان ايه..
هزت رأسها اعتراضاً من تلميحه.. استطالت قليلاً حتي توازيه طولاً، ترفع سبابتها بوجهه تحذره وقد انفعلت..
ـ كمال.. الزم حدودك أنا مسمحلكش..
ليمسك بسبابتها يثنيها بأصابعه الغليظة.. كان قاب قوسين أو أدني من كسره.. يحرقها بنظراته الغاضبة وقد احتدت قسماته.. وبأسوأ خيالاتها لم تكن تريد أن ترى هيئته تلك..تأوهت متوجعة وهي تحاول تخليص اصبعها من بين أصابعه ، ودت الاعتذار والركض من أمامه خوفاً.. إلا أنه نفضها عنه وگأنها خرقة بالية يرمقها باشمئزاز ، يهز رأسه بغضب وأخيراً نالت الاذن بالهروب فور أن سمعته آمراً..
ـ اطلعي برة…
………….
. “بيت شهريار” وليس قصر.. فـ شهريار هنا رجل عادي يقطن باحدى المجمعات السكنية الراقية، حيث أن معظم سكانه ذات طبقته الاجتماعية..
شقة واسعة بحديقة خارجية واضح اهتمامه بها ، نظام أشبه بفيلا صغيرة..
كانت الثامنة مساءً وقت أن تطلع على ساعته، وقبل أن يرفع بصره كان جرس الباب يعلن عن وصول المنتظرة..
بلهفة تحرك من مكانه وقف أمام مرآه طويلة بجوار الباب يعدل من هيئته.. يتأكد بأن كل شئ به وحوله مظبوط لا ينقصه شئ..
وبابتسامة رجولية تميزه هو فقط فتح لها.. يستقبلها بحفاوة..
اقترب منها يصافحها بحرارة.. وهي أيضاً بابتسامتها اللطيفة ونظرتها البريئة.. لها نظرة بريئة عكس ماتدعيه من جرأة أمامه..!
تعلقت نظرتها به باعجاب لم يخفى عليه وهي بالأساس لم تسعى لاخفاؤه.. قميص أبيض مفتوح أزاراره العلوية لتكشف عن صدر قوي وبنطال كلاسيك أسود وكأنه سيأخذها لحفلة ما.. وساعته الثمينة تزين ساعده
خطوات معدودة وكانت بداخل عرينه.. تقف بمنتصف الصالة تتطلع إلى منزله بانبهار وأعين حالمة تلمعان ببريق الذهب ، أول ماجذب نظرها كان المطبخ المصمم على النظام الأمريكي يفصله عن الصالة الواسعة بار محاوط بكراسي طويلة من المعدن ، وماكينة قهوة حديثة ..
قطع تأملها يقول بلهفة بانت بنبرته وقد نال بعد أن صبر..
ـ وأخيراً نورتيني….
وانتبه لما تحمله بين ذراعيها.. باقة من الورود الحمراء قدمتها هي له علي استحياء.. ليأخذها منها يسأل باستغراب..
ـ ورد.. جاية تزوري راجل عازب ف بيته جيباله ورد؟!
قوست حاجبيها.. وتوجست.. هتفت بنبرة طفلة اخطأت التصرف..
ـ طب كنت المفروض أجيب ايه.. معرفش والله..!!
ورده كان تهكم وهو يضع الباقة جانباً.. يتذكر آخر تذكار جاؤه من صديقة ألمانية زارته عدة مرات وبكل مرة قميص نوم مختلف..!!
ـ ورد.. المفروض تجيبي ورد..
التفتت حولها تدور بعينيها هنا وهناك.. ثم هتفت بعفوية
ـ بيتك حلو اووي… ماشاءالله يعني..
ضحك بانطلاق.. وبالفعل كان مسرور بوجودها ببيته.. تأملها ملياً.. يحب النظر بعينيها وكأنها تعيده أعوام كثيرة للوراء ، خصلاتها متجمعة بجديلة فرنسية علي كتفها الأيسر ببراءة لا تناسب الوضع ولا خيالاته.. وفستانها رقيق من الدانتيل الزهري يتجاوز الركبة بانشات قليلة ، كانت لطيفة ، حلوة تشبه حلوى القطن الوردية باحمرار وجنتيها.. هتف بالمقابل بمشاكسة يقلدها ،عيناه تسير علي كل انشً بجسدها و التمهل عند المنحنيات ..
ـ انتي اللي حلوة اووي.. ماشاء الله يعني..
ورغم مكر النبرة إلا انها ضحكت فضحك هو الاخر ملئ شدقيه.. ثم أمسك بكفها الصغير يحتويه بكفه يسحبها بلطف الي مائدة الطعام.. لتقف أمامها وقد سحب كرسياً لها وبمنتهى اللطافة أجلسها ثم سحب كرسي بالمقابل وجلس عليه..
عديد من الأطباق الإيطالية، ولم تندهش فمن خلال مراقبتها له علمت بحبه للمؤكلات الايطالية.. وكأس بجوارها به مشروب أبيض.. أزاحته هي جانباً.. ليقول وقد ارتدي قناع اللطف..
ـً دي فوديكا متخافيش ملهاش تأثير..
واجابتها بسيطة حد اللاحد..
ـ مبشربش الحاجات دي.. ممكن لو ف عصير فريش يبقي احسن..
.. ابتسم على مضض.. وبالفعل نهض ودخل مطبخه.. يضع عصّارة برتقال يدوية على الرخامة وبعض من حبات البرتقال قد أحضرها من المبرد بسرعة وبايدي خفيفة يعصره لها تحت أنظارها المعجبة الغبية ثم وضعه بكوب وقدمه لها…
والجلسة كانت خفيفة لطيفة تستهويها وقد شعرت بالأمان واطمئنت كثيراً رغم القلق الذي انتابها وهي تراه ينهي كأس ويصب آخر…
أحاديث بسيطة وثناء عن الأكل وشكر على اعداده ولتعلم كم هي غاليه فهو الذي أعده بنفسه لها..
… وعند الانتهاء وقفت حائرة.. لاتعلم ماذا تفعل..
قطع خجلها وحيرتها وهو يسحبها لكنبة عريضة بالصالة الأخرى أمامها شاشة عالية الوضوح..
ـ نكمل السهرة هنا بقى واحنا بنتفرج علي movie ..
ـ بس أنا كده أخاف أتأخر..
ونبرتها كانت قلقة وبالفعل هي تأخرت.. وكانت تنوي زيارة عادية تثبت أنها تثق به وتحبه.. جلست واستسلمت فجلس هو بدوره يجاورها غير ملتصق..
والفيلم بدايته هادئة رومانسية وبطل مافيا ونوع من الأفلام الذي تحبه ولكنها لم تسمع به.. قليلاً والرومانسي اصبح أكثر جرأة والتصنيف تحت بند “اباحي” ..
اشتعلت بشرة وجهها وانكمشت على نفسها بجلستها تضم ساقيها وقد التصق بها، ثارت أنفاسها والمشهد بات أكثر سخونة ولا يناسبها..
يراقب انفعالاتها وتغيرها بعين فهدٍ تلمع بـ شر .. وما شربه من فوديكا جعله يفسر خجلها بشكلٍ خاطئ..
وضع كفه على ركبتها يتلمسها بنعومة ، اختض جسدها اثر لمسته واقترابه بهذا الشكل..
فانتفضت واقفة وقد نوت المغادرة بعد أن تسلل الخوف لقلبها..
ـ أنا همشي…
نهض بالمقابل يمسك بذراعها..
ـ تمشي ايه.. دي لسه السهرة في أولها..
ـ لأ قولت همشي..
جذبت ذراعها منه بقوة دون أن تنتبه على عضلاته المستنفرة ولا ملامحه التي سادها الغضب..
.. وبالفعل خطوات وكانت قريبة من الباب.. ولكنه بخطى هائجة لحق بها يجذبها اليه بعنف.. يصرخ بها منفعلاً…
ـ اومال انتي مفكرة هتجيلي البيت نعمل ايه.. نلعب كوتشينة…
ـ خلاص أنا غلطانة.. مش هعمل كدة تاني سيبني أمشي..
وقد علا صوت نحيبها .. تتوسله وقد شعرت بأن الخطر قريب منها بل تأكدت بأن عاصم هو الخطر ذاته..
أتاها صوته لاهثاً هاتفاً بجنون تلبسه..
ـ أنا صبرت عليكي كتير وخلاص مش قادر أصبر أكتر من كدة..
.. ترجته من بين شهقاتها ببكاء عنيف بأن يتركها ولكنه لم يستجيب وقد حضر شيطانه وأنتصر ،
ألقاها بعنف على الكنبة واعتلاها غير مكترث ببكائها او دفعاتها الواهنة له.. قرر شئ وسيكمله للأخير..
قبلاته محمومة حارة تحرق بشرتها يوزعها بأي مكان يطاله بسبب رفضها وتشنجها ، وبالرغم من أنه الأقوى الا انها كانت تقاومه ولن تيأس ابتعدت بعينيها تبحث عن أي شئ يساعدها
إلى أن وجدت مزهرية من الفخار الملون على طاولة جانبية قريبة منها.. أمسكت بها وقد تأوهت من ثقلها وثانية واحدة وكانت مهشمة فوق رأسه بكل قوة وغل.. حتي أن شظاياها طالتها وجرحت بشرتها، تصلب جسده وهو فوقها وقد اتسعت حدقتاه ثم مال بجسده ببطء حتى وقع أرضاً فاقداً للوعي والنفس، وسائل أحمر تسلل من أعلى رأسه يغطي السجادة الفاتحة بلونٍ قاني……

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت القاسم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!