رواية ظننتك قلبي الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم قوت القلوب
رواية ظننتك قلبي الجزء السابع والثلاثون
رواية ظننتك قلبي البارت السابع والثلاثون
رواية ظننتك قلبي الحلقة السابعة والثلاثون
« تحت التهديد ..»
للخوف أهل ونحن لا أهل له ، فقد خلقت لنا الجسارة والقوة ، تعد لنا العدد وتحسم بنا الأمور ، فالإنتصار أن نغلب الهوى ونقف على أعتاب دروسنا بصبر ، لن نهزم ولن ننحني سنحمل رؤوسنا فوق كفوفنا فكما يقال عنا الفدائيين ، لن نتراجع أو نتهاون ولو كانت حياتنا تحت التهديد …
مقر غرفة العمليات (صفر)..
بعد مكالمة “عمر” وظنه ؛ تناسى “معتصم” حياته الشخصية ليصب جم إهتمامه على تلك المهمة التى يبدو أنها ليست سهلة على الإطلاق ، وبرغم توتر بقية المجموعة لحِدة “معتصم” الجديدة كليًا إلا أن “عهد” إستنبطت بذكائها أن هناك أمر ما أقلق “معتصم” حتى يستكمل عملهم بهذا الإنفعال المتواري خلف حِدة غير مبررة بعد مكالمته للضابط “عمر” …
ما كان على بقية المجموعة إلا العمل بصمت وتركيز شديد على التوصل للمحادثات بين الأفراد الذين توصلوا لأرقام هواتفهم برصد أي معلومة أو تحرك جديد …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
وضعت “عهد” بعض الأوراق أمام “معتصم” المنغمس بالتوجيه …
– المعلومة دي وصلت لها لما إخترقت موبايل “عامر” دلوقتِ ، أظن إنك لازم تشوفها ضروري …
رفع “معتصم” وجهه متعمقًا بملامحها الجادة إنها تتعامل بحرفية شديدة حتى أنها تغاضت عما حدث منذ قليل عند مجيئها ، نظر نحوها كما لو كان يستمد منها القوة ، بتلك اللحظة شعرت “عهد” بأنه حقًا بحاجة إليها فعيناه تحدثت دون أن تنطق بها شفتيه ، ذلك الإحساس الذى لم تنفر منه كالعادة ، بل كانت بالفعل تود لو أن تخبره أنها إلى جواره ولا يهمها أي ظنونًا أخرى ومهما حدث ستظل قوة صامدة يستطيع أن يعتمد عليها معه مهما كلفها الأمر ….
إحساس متصل بين كلاهما كما لو كانت عيونهما تتحدث رغم صمت الأفواه ، هناك قلق وإضطراب بداخله منذ أن أخبره “عمر” بشكوكه بأن هذا الرجل ذو السُلطة هو المجهول الخفي وراء هذا التشكيل الإرهابي ويبدو أن الأمر أكبر من مجرد بعض التفكير التطرفي …
أجفلت “عهد” بجفنيها بإيمائة لم تُلاحظ من خِفتها تؤكد عليه أنها معه حتى لو لم يتبقى سواهما بهذه المهمة ، تقبل “معتصم” مساندتها بذات الإيمائة لينشرح صدره ببعض الراحة فهو لا يتذكر منذ متى كان يستطيع الوثوق بأحد لتلك الدرجة …
بدأ بالإستفسار عن فحوى الرسالة …
– مالها الرسالة دي ؟!!
أشارت بإصبعها الطويل على أحد الأسطر دون النطق لعدم لفت الإنتباه لهما …
زاغت عيناه بتشتت مع حركة يدها فلها يد ناعمة بالرغم من تلك الخشونة التى تحاول إظهارها ، بسمة سرعان ما إختفت عن ثغره حين دقق النظر بتلك الصفحة المطبوعة لرسائل واردة لهذا الشخص …
– [ التقابل في الموقع (ج) الساعة الثامنة مساء ، الهدف سيكون في المرمي ] …
رسالة غامضة لم يفهم منها الكثير ليتسائل بنبرة منخفضة ..
– ومقدرتيش تعرفي فين (ج) ، أو إسم الهدف ؟؟!
مالت بثغرها جانبيًا وهي تحرك رأسها بالنفي ..
– لأ ، لسه …
إستطرد واثقًا بقوة بقدراتها ومهارتها للوصول لتلك المعلومات …
– حتعرفي ، زي ما قدرتي تخترقي الجهاز حتوصلي ، وأول ما توصلي لحاجة أنا مستنيكِ …
لم يؤمن أحد بقدراتها من قبل بل كانت دومًا تُعامل كما لو كانت عِمالة زائدة أو ينقصها الحنكة والذكاء ، لكنه تعامل معها بحرفية واثقًا بما تستطيع بذله في العمل مُنحيًا حالة التخبط التى وضعته بها من قبل ..
بقلم رشا روميه قوت القلوب
عادت لموضعها بإحساس جديد تملكها لأول مرة بحياتها؛ أن تشعر بالقوة وأن تكون مصدر ثقة وإعتماد ، عانت بعملها هذا لفترة طويلة دون كلمة شكر واحدة ، وها هي تتلقاها منه هو بالخصوص ليصبح لها مذاق فريد من نوع خاص …
بتركيز تام وحرفية لمهاراتها التقنية أخذت تتابع عملها تحت أنظار هذا الولِه الذى رغم قدرته على التعامل بحزم وصرامة إلا أنه يسترق نحوها النظر بين الحين والآخر أثناء إنشغالها وتناسا كلاهما أمر تلك العائشة التى حاولت الإصطياد بالماء العكر …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ـ
بيت محفوظ الأسمر (شقة وعد) …
تلك الصرخة التى أطلقتها “وعد” جذبت إنتباه كل من بالبيت ، لكن ما تلى تلك الصرخة هو ما إسترعى إنتباه “عتاب” ، فقد حل الصمت التام بعد تلك الصرخة …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
لم يلبث القليل إلا وقد صعد “محب” تلحقه “عتاب” نحو شقة “وعد” ، أسرع مهرولًا يفتح الباب قبل أن يدلف للداخل بنفسٍ قلقة و أعين زائغة باحثًا عن زوجته …
دار هنا وهناك حتى وقف متيبسًا عن الحراك تمامًا وهو يناظر “وعد” التى أُلقت كقطعة قماش بالية إلى جوار ولدها الصغير ؛ الذي أخذ يضرب بكفه الرقيق فوق وجنتها …
– ماما ، ماما …
نظرات مندهشة حتى الصدمة كانت تحتل أعين “محب” حتى لحقته “عتاب” لتقف من خلفه قائله بتساؤل أجوف دون تأثر وهي تخفض من نبرتها للغاية لتهمس …
– إيه إللي حصل ؟!
جثي “محب” على ركبته يتحسس الهواء الخارج من أنفها بينما أطلقت “عتاب” سؤالها بنفس النبرة الهامسة ..
– هي ماتت ولا إيه ؟؟؟
إستدار “محب” نحوها بأعين متسعة ينهرها عن التفوه بشيء …
– إششش ، بس إسكتي خالص ، كله من أفكارك الهباب …
لوت فمها بإمتعاض لتستكمل دون تأثر …
– حروح أكلم الدكتورة بتاعة ماما تيجي تشوفها …
لم يعط “محب” بالًا لـ”عتاب” ليمد ذراعه ليحمل “وعد” بخفة متجهًا نحو غرفة النوم ليضعها بحرص شديد فوق الفراش وهو يعدل من وضع رقبتها ورأسها برفق شديد ، تنهد قليلًا ليزيح خصلات شعرها عن وجهها لتظهر ملامحها بوضوح ليهيم بحُسنها الناعم قائلًا …
– “وعد” ، فوقي يا “وعد” …
لكنها كانت في غياهب أخرى لا تدرى عن الواقع شيء ، أحضر زجاجة عطر وأخذ يُدنيها من أنفها لتستنشق رحيقها لكنها كانت جامدة بشكل غريب ليعيد ندائه لها بأنفاس متقطعة …
– فوقي يا “وعد” ، فوقي متقلقنيش عليكِ …
ظل “محب” على هذا الوضع لبعض الوقت لكن “وعد” كانت متيبسة هادئة بشكل مريب …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ـ
عطارة النجار …
ربما لم يكن بالصرح العظيم أو الوكالة التى تُدر الملايين من المال ، لكنها بعيني “فريد” كانت ذات قيمة عالية بداخله ، دومًا ما كان يتمنى أن تُصبح له سُلطة على العمل بها وإدارة أموالها ومكاسبها …
لكن رغبته طالما قوبلت برفض وتهرب شديد من والده ، الذى يعلم جيدًا أنه يفضل أخيه “مأمون” عليه لقوته وذكائه الذى لا يتمتع هو به …
وقف “فريد” يطالع اللافته التى كتب عليها إسم عائلته بخزي مما كان سَيُقدم على فعله بتحريض من “حنين” ، التى ظن أنها تسعى لمصلحته ، نكس رأسه السمين خجلًا من نفسه ليدلف نحو الداخل باحثًا عن والده الذى أتى اليوم خصيصًا لمقابلته لكن ليس ككل مرة يسعى لتملقه لتحقيق أغراض “حنين” ، بل جاء ولد لوالده يملؤه الندم و .. المحبة …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
تقدم نحو داخل الوكالة وعيناه مسلطتان على والده الذى جلس خلف مكتبه الخشبي يشعر بالحنين الذى قد تناساه منذ زمن بعيد ، كما لو كان بدأ يرى الدنيا بأعين جديدة وأزيلت الغشاوة عنها …
رفع “فخري” رأسه ليتلاقى بالصدفة بأعين ولده الذى تركزت نظراته نحوه ليتملل بداخله …
– ( وده إيه إللي جابه دلوقتِ !!! مش عارف ليه بيفكرني بأمه وغلطتي السودا في حياتي ) …
زفر “فخري” نَفَسه دفعة واحدة حين إقترب “فريد” منه …
– صباح الخير يا حاج …
أجابه “فخري” بدون تقبل …
– صباح الخير ، خير يا “فريد” جاي ليه ، فيه حاجة في المخازن ؟!!
سؤال جاف للغاية ، لكن “فريد” تغاضى عن ذلك ليستكمل بنفس هادئة دون التفكير بحديث مُلقن ككل مرة …
– كنت محتاج لك ضروري يا بابا …
إنتبه “فخري” لبعض التغير بإسلوبه ، بل كان يتحدث بصدق شعر به حقيقة ، ليتعدل بجلسته مردفًا بشك …
– ليه ، فيه مشكلة ولا حاجة ؟!!
جلس “فريد” بالمقعد المقابل ليتحدث بنبرة يملؤها الندم ..
– حقك عليا يا حاج ، أنا محقوق لك وإعمل فيا إللي إنت عايزة ، أنا غلطت وجيت لك أقولك على إللي عملته …
شعر “فخري” بأن هناك أمر عظيم للغاية يخفيه “فريد” عنه ..
– عملت إيه ، وهببت إيه على الصبح ؟؟!
نكس “فريد” رأسه وهو يقص عليه من البداية نواياه ودفع “حنين” له ، وماذا فعل من قبل ، ثم أخبره بعد تردد عن إتفاقه مع “حامد” ليزيح الثقل عن قلبه ويشعر بميلاد جديد قد تخلص فيه من كل ذنوبه التى إقترفها من خلف ظهر والده …
تطلع “فخري” به بصدمة ليهتف بإنفعال ..
– الله يـ*** **** ، إنت ومراتك ، بقى كدة ، ده جزاتي يا ناقص ، تعملوا فيا كدة وتخربوا بيتي ، عايزني أتسجن أنا وأخوك …
أهدل “فريد” ملامحه متوسلًا إليه أن يسامحه ..
– حقك عليا يا بابا ، السكينة كانت سرقاني ، وأديني جيت لحد عندك وإللي تأمر بيه حعمله ..
بقلم رشا روميه قوت القلوب
زفر “فخري” بقوة فرغم كرهه لوالدته إلا أن مجيئه إليه نادمًا وطلاقه لـ”حنين” جعله يشفق عليه ليردف ببعض التقبل …
– خلاص يا “فريد” ، بس بقولك إيه ، الواد ده لازم نحرص منه أحسن يغدر بينا ويودينا في داهية …
قالها “فخري” محذرًا لتتسع عينا “فريد” الضيقتين بذكاء محدود …
– يعني نعمل إيه يا حاج ؟؟!
كما لو أنه لا يمكنه التصرف بمفرده وسيظل تابعًا كما إعتاد فتلك طبيعة شخصيته الضعيفة ، بتفكر في الأمر أردف “فخري” …
– الواد ده لازم نبلغ عنه قبل ما يحط لنا بلوة من بلاويه ونروح إحنا فيها …
بإنصياع تام هتف “فريد” إرضاءًا لوالده …
– زي ما تحب يا حاج ، أنا من إيدك دي لإيدك دي …
وضح له “فخري” ما عليه فعله حتى يوقع “حامد” بشر أعماله ويتقي أذيته بإبلاغ الشرطة عنه …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ـ
مكانة الأشخاص لا تهدم إلا بأيديهم ولو شئنا لأنزلنا بهم عقابنا لكن الله يبدع في إنتقامه هو العزيز ذو الإنتقام ، فهو إن أراد يهد الجبال ويلين له الحديد فقط حينما نكون بولايته ..
أخذت “حنين” تزيد من إرتداء الملابس ذات الأكمام الطويلة للغاية وتلفلف رأسها وعنقها لتخفي تلك التقرحات التى تزداد بشكل بشع حتى هي نفسها أصبحت لا تطيق مظهرها كما لو كانت تحول إلى مسخ دميم …
سحبت أحد القفازات لتخفي بها كفوفها قبل أن تخرج من بيت والديها ذاهبة نحو أحد الأطباء لفحصها فربما يصف لهذا المرض علاج فالأمر يتفاقم بين يوم وليلة بقوة …
على الفور إتجهت للطبيب دون علم أحد فقط للإطمئنان أن الوضع ما هو إلا مرض عابر سيتم علاجه بأبسط الطرق ، لكن بعد فحص الطبيب لها جلس لوهلة قبل أن يخبرها ..
– الصراحة يا مدام إنتِ إتأخرتي أوي عقبال ما جيتي ، واضح إن العدوى دي بقالها فترة معاكِ …
بالإيجاب حركت رأسها وهي توضح …
– يعني يا دكتور ، شوية مشاغل بس ، إلا هو إيه ده إللي عندي …؟!!
بمهنية شديدة أجابها دون تنميق …
– إنتِ عندك مرض جلدي نادر يشبه الجذام بس للأسف إختلط بمرض مناعي كمان فبقى العلاج بتاعة صعب جدًا ، كان ممكن يتلحق في الأول بس دلوقتِ حنحاول بس مفيش نتيجة أكيده قدامي ، ده غير إن المرض ده مُعدي ولازم تاخدي حرصك وإنتِ بتتعاملي مع إللي حواليكِ …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
بهتت “حنين” وهي تستمع لتشخيص الطبيب لحالتها لتردف بصدمة …
– يعني حفضل طول عمري زي الجربانين كدة ؟!!!!
بإبتسامة باهتة أجابها الطبيب …
– إحنا حنحاول بالعلاج والكريمات الملطفة ، بس النتيجة مش مضمونة أوي وحتى بعد العلاج لو قدر يأثر ، حيكون فيه تصبغات وبقع في أماكن التقرحات دي …
عقدت أنفها بإستنكار لتهتف به بحدة كما لو كان هو السبب بما أصابها …
– يعني حبقى مشوهة طول عمري !!!!!!!!
إلتزم الطبيب الصمت ردًا على سؤالها الإستنكاري ، بينما لاح بها الغضب وعدم التصديق لتنهال بغضبها على شفتيها تقضمهم بقوة وهي تستمع لتوجيهات الطبيب الأخيرة وتوصياته ببعض الأدوية والمراهم التى تحتاجها …
لم تدري هل هذا عقاب خيانتها لـ”فريد” ، أم لسواد قلبها لوالدته وأخته وأيضًا بنات عمه ، هل ينزل عقابها بها وحدها ؟!!!
إنها لم تخطئ بمفردها فقد كان “حودة” مخطئ معها ، لم ينزل العقاب بها فقط …؟!!!
وبتفكيرها الأسود وسوادها المظلم بداخل قلبها قررت الإنتقام منه أيضًا ، ألم يقل الطبيب أن هذا المرض معدٍ !! إذن عليها الإنتقام من “حودة” كما تركها و تنفر منها بعد أن أحبته و جلبت له كل المال الذى يعطيه إياها “فريد” ، فكما دفعت له من قبل عليه تسديد دينه أيضًا ، فليست “حنين” من يتم إستغلالها وتتقبل ذلك بصدر رحب …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ـ
فيلا الأيوبي …
إن تكلمت عن الحظوظ فيبدو أنني قد حظيت بها ، فمن يدرك أن ينبثق النور من طعنة خنجر ، هكذا هي الحياة رغم قسوتها إلا أنها تربت على قلوبنا أحيانًا …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
لكن رغم ذلك تتجلى وساوس الشياطين وتفرقك بهموم الظن لتُفسد علينا سعادتنا ، كل مساعيه تحبط حينما ندرك أن بعض الظن إثم …
تأخرت “شجن” بغرفتها اليوم فمنذ الصباح الباكر وهي تهندم ملابسها بصورة مبالغ بها ، تشعر بأن هناك وميض من السعادة يخصها بوجود “رحيم” ، نظرت لإنعكاس صورتها بالمرآة قائله بإبتسامة معجبة …
– وربنا حلوة ، بس مين يقدَّر ، الواد “رحيم” ده بس لو يتلحلح شوية وهو على نياته أوي كدة …
ثم بتعجب شديد لتدابير القدر أكملت …
– بس سبحان الله ، ربنا يشاء مشكلة ماما و”نغم” والمفترية “صباح” تحصل عشان أسيب البيت وأجي هنا وأقابل “رحيم” …
ليبدأ الشيطان إفساده للحظة سعادتها لتقتضب مهمومة …
– يا ترى عملوا إيه ؟! تكون “نغم” إتجوزت “مأمون” دلوقتِ ؟!!! يا ترى فرحانين ولا زعلانين ؟؟! بس لأ ، مش حكلمهم ، لازم يعرفوا إن إللي بيعملوه ده أكبر غلط …
عادت للنظر لنفسها بخيلاء ..
– خليني أنا في نصيبي إللي جالي لحد عندي ، وأهو لما أشوف حيعمل إيه سي “رحيم” النهاردة ، لازم ينطق بقى …
ليدخل لها الشيطان من جانب جديد يفسد سعادتها بالظنون ..
– بس يا ترى كان واقف عند أوضة عم “أيوب” بيعمل إيه ؟!! لا يكون حرامي وعامل نفسه سواق و غريب عن هنا عشان يسرق الراجل !!!
إستدرات بفزع من الفكرة لتتسارع دقات قلبها لتقع بحيِرة بين أمرين ، فلو كان لص كل ما يهمه مال هذا الرجل فسوف يتحطم قلبها الذى تعلق به لكن وقتها عليها الدفاع عن حق العم “أيوب” ، أو لو أن كل هذا ما هو إلا ظنون ، وإذا عاملته بحذر فربما تخسر فرصتها بالفوز بقلب محب عطوف كقلب “رحيم” …
ما كان عليها سوى الحرص والحذر وأيضًا الإنتباه لـ”رحيم” أكثر من ذلك حتى تتأكد عما يخبئ هذا الشاب الذى تحيط به هالة من الغموض وعدم الوضوح ..
مرت أولًا بغرفة “أيوب” الذى كان يستلقى بوهن فوق فراشه فتشخيص الطبيب له كان ينذر بفشل كلوي ظهر مؤخرًا مما سبب له كل تلك الآلام ..
كما لو كان “أيوب” متتوق لمرورها به ، وفور أن ظهر وجهها المبتسم حتى إعتدل قليلًا قائلًا …
– إتأخرتي عليا النهاردة يا “شجن” …
دلفت نحو الداخل بروحها المتفائلة ..
– مش كتير يا عم “أيوب” ، أصلي صحيت متأخر شوية …
بنظرة متوجسة أشار نحو الباب بعينيه وهو يستكمل بغرابة …
– إقفلي الباب ، عايزك في موضوع مهم …
رغم عدم إدراكها لم تلك الجدية إلا أنها أغلقت الباب ثم إستدارت نحوه متسائلة بفضول …
– هي إيه الحكاية ؟!!
بقلم رشا روميه قوت القلوب
أشار مرة أخرى تجاه الشرفة بقلب عطوف …
– طلعي الأول الزرع ده في البلكونة ، كفاية أنا محبوس هنا ، حيبقى أنا والزرع كمان …
بإيمائة خفيفة إستجابت “شجن” لطلب “أيوب” لتحمل أصيص الزرع واحدًا تلو الآخر لتضعهم بالشرفة تسطع الشمس فوق أوراقهم التى على وشك الذبول …
عادت للغرفة ومازال بداخلها هذا الشعور بالفضول فهناك أمر ما يخفيه “أيوب” …
– أديني طلعت الزرع ، وقفلت الباب ، إيه الحكاية بقى ؟!!
أشار لها “أيوب” بوهن …
– أقعدي عاوز أقولك حاجة مهمة أوي …
جلست “شجن” بترقب لما سيخبرها به ليستطرد “أيوب” مرة أخرى …
– أنا كل يوم غير التاني ، حاسس إن دي النهاية خلاص ، عشان كدة ملقتش غيرك أستأمنك على حاجة مهمة أوي …
إقتضبت ملامحها بتأثر ..
– بعد الشر عنك ، ربنا يديك الصحة ويقومك بالسلامة …
برضا وقناعة بأمر الله لحق بها “أيوب” مستكملًا …
– ده أمر الله ، هو إحنا حنعترض ، المهم دلوقتِ ، فيه ورق مهم أوي عايز أديهولك ، شايفة الدرج ده إفتحيه وهاتي الملف إللي جواه …
مالت “شجن” لدرج الكومود لتفتحه وتسحب ملف به بعض الأوراق..
– ده يا عم “أيوب”…؟؟!!
– أيوه ، هو ده ، إسمعيني كويس ، عارفة أنا كنت ليه في مصر وقت ما عملت الحادثة ؟!!!
نفت “شجن” بحركة رأسها …
– لأ ، إنت مقولتليش يا عم “أيوب” …
– أنا كنت بدور على إبني …
إتسعت عيناها بإندهاش حقيقي لتردف بتفاجئ …
– إبنك !!! إنت مش بتقول ملكش ولاد ؟!!
بتوضيح أكثر إستطرد “أيوب” …
– مكنتش أعرف إن ليا ولد ، طول السنين دي وأنا مش عارف ، لحد ما عرفت يوم بالصدفة ، إن “نعمة” ساعت ما طلقتها كانت حامل ومن زعلها مني مرضتش تقولي …
إنتبهت “شجن” متسائلة لتتأكد ..
– “نعمة” دي إللي هي مراتك الأولانية ، بنت خالك ، صح ؟!!
– أيوه …
ثم أكمل ببعض التوجع …
– رحت لها بيت العيلة في مصر بس للأسف ملقتهاش ، ومعرفتش أوصل لها ولا لإبني أو بنتي ، أنا مش عارف هو ولد ولا بنت ، وقتها نزلت متضايق أوي ، وحصلت الحادثة ،ومن ساعتها معرفتش أنزل مصر تاني …
– يعني إنت لا شفت إبنك أو بنتك ولا تعرف عنهم حاجة ؟!!
أومأ بالنفي وقد سيطر عليه اليأس …
– لا يا بنتي ، معرفتش ، وخوفي تكون بنت مش ولد خلاني جبت المحامي وكتبت كل ما أملكه بيع وشراء له أو لها ، أنا خايف من عيال عمي لو جرى لي حاجة ، إبني مياخدش حقه ، دول نفسهم أموت النهاردة قبل بكره عشان يورثوني وياخدوا فلوسي …
تجهمت بقوة لتردف بإستياء …
– يا ستار يا رب ، هو حتى إنت يا عم “أيوب” عيال عمك طمعانين فيك …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
بقلة حيلة أجابها …
– أيوه يا بنتي ، دول بيتمنوا موتي من زمان ، ولو عرفوا بموضوع إبني ده ممكن يأذوه عشان الفلوس ، أنا عايزك تاخدي كل الأوراق دي تكون أمانة عندك ، مش عايز حد يعرف بيها أبدًا ، ولو معرفتش أوصل لإبني ، إنتِ لازم توصلي له وتديه حقه …
رغم إشفاقها عليه وتمنيها أن يسترد عافيته ، إلا أنها أجابته بصدق …
– متقلقش يا عم “أيوب” ، حق إبنك في رقبتي ، أنا حرجع له حقه …
إستكان براحة ليردف بهدوء …
– الحمد لله لك يا رب ، أهو كدة أنا إستريحت ، قومي بقى خبي الورق ده قبل ما حد يعرف إنه معاكِ ، أكيد أكيد عيال عمي لهم جواسيس هنا في البيت عشان لو جرى لي حاجة يعرفوا وينهبوا كل إللي أملكه …
طرأ بذهنها مراقبة “رحيم” له بالليلة الماضية لتبدأ ظنونها تتخذ منحى آخر قائله بنفسها …
-( معقول يكون هو الجاسوس ده ؟؟ معقول إنت يا “رحيم” تكون جاي تبلغ أخبار عم “أيوب” للناس دول ؟!!)
صوت “أيوب” أفاقها من شرودها ..
– رحتي فين يا بنتي ، قومي قبل ما حد ياخد باله …
إنتبهت لذلك لتنهض بحرص …
– أيوه صح ، أنا حروح أخبي الورق ده قبل ما حد ياخد باله …
خرجت “شجن” من الغرفة وهي تتلفت متسللة حتى لا يلاحظها أحد ثم إتجهت نحو غرفتها مرة أخرى ، خطواتها المتسللة أثارت ريبة “رحيم” الذى كان يقف بنهاية الدرج ولم تلاحظه “شجن” بالمرة …
لعبت الظنون برأس “رحيم” قائلًا لنفسه …
– ( البنت دي مخبية حاجة أكيد ، ويا ترى إيه الورق إللي معاها ده ؟!! )
أخرج “رحيم” هاتفه ليتحدث به بنبرة خفيضة للغاية وهو يتوارى عن الأعين ليستكمل مكالمته بأريحية …
وبين عواصف من الظنون هنا وهناك يشعر كلًا منهما أنه تحت التهديد وأن عليه الحرص والحذر من الآخر بالوقت الحالي …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ـ
بيت النجار …
ترقبت “صباح” بنفس شغوفة مجيء المدعو “صاصا” ليخبرها بالجديد من المعلومات عن “فخري” ، علت طرقات بباب الشقة لتسرع نحو الباب …
لكنها عندما فتحت الباب لم تجد من كان تتوقع بل أندهشت تمامًا لتردف بنبرة متعجرفة مستنكرة …
– إنت !!! خير يا سي “عشري” ، جاي ليه الساعة دي ؟!!
بقلم رشا روميه قوت القلوب
رغم إمتعاضه من مقابلتها الجافة والمتعجرفة إلا أن غايته تتحتم عليه إبتلاع كلماتها بل ويقابلها بوجه بشوش أيضًا ..
– صباح الخير الأول يا ست “أم فريد” …
أعلت من صوتها الخشن تستهزئ به ..
– وحيجي منين الخير بعد ما شفت وشك العِكِر …
تمتم بضيق بصوت لم يمكنها من سماعه ..
– اللهم طولك يا روح (ثم أكمل بصوت واضح كما لو كانت لم تستهزئ به للتو ) ، أنا جاي لكم يا ست “أم فريد” عشان ناخد منكم معاد آجي أنا و أبويا وأمي …
شهقت “صباح” ساخرة منه ومن والديه …
– والعيلة الكريمة تيجي هنا بمناسبة إيه إسم الله !!! هو الواحد ناقص فقر …
أجابها “عشري” مباشرة …
– يا ست “أم فريد” إحنا عايزين نيجي نقابل الحاج “فخري” عشان نطلب إيد الأبله “راويه” ليا …
إنفعلت “صباح” تمامًا فزواجه من “راويه” من المستحيلات ، أليس هو من كان يساعد “زكيه” وبناتها ، ألم ينقذ “نغم” من قبل من براثن يديها ، ألم يأتي لـ”شجن” بعملها الأخير بالمستوصف لتهتف بحدة برفض قاطع …
– مين مين ، مين مين !!!! معدش باقي غير إنت يا ميكانيكي الهم تيجي تتجوز بنتي ، بقولك إيه ، رجلك دي تتقطع من هنا ولا أشوف وشك هنا تاني ، أحسن وربنا أقطع خبرك من الدنيا كلها ، غور من هنا أحسن ما خليك تسيب الحتة كلها وبفضيحة كمان …
غمغم “عشري” بسخط من تطاول تلك السيدة لينصرف غاضبًا من تعاليها وإستهزائها به ..
– أستغفر الله العظيم …
لم تتركه “صباح” يهنأ برحيله بهدوء لتستكمل بوابل من السباب أثناء مغادرته وهي تعلي من صوتها ليصل لمسامعه حتى إبتعد تمامًا …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ـ
مقر غرفة العمليات ….
تبادل الجميع أوقات الراحة حتى لا تترك الملاحظة للحظة بينما لم يتخذ “معتصم” ولو لدقيقة راحة واحدة بل ظل يعمل معهم يحلل ويدقق ويتابع …
حل وقت راحة “عهد” لتنزوي بأحد الأركان مبتعدة عن المجموعة لتهاتف أحد المحامين الذى دق بهاتفها منذ ما يقرب من الساعة …
– ألو ، أيوه يا متر ، إيه الأخبار ؟!!
أجابها المحامي بتوضيح …
– أنا كنت عاوز أقولك إني حروح القسم النهاردة ، موضوع خالتك ممكن ينتهي لكفاية الأدلة ، ونحاول نخرجها بكفالة لحد معاد المحاكمة …
بإستيضاح أكثر عقبت “عهد” …
– يعني هي لسه متهمة ، لكن حتطلع لعدم كفاية الأدلة ، طب إزاي ؟!!
أوضح لها المحامي الأمر …
– لأ هي كدة كدة متهمة ، وأنا حوضح إنها مفيش أي أدلة تأكد إنها هي إللي قتلت ، وساعتها حطلب تطلع بكفالة لحين إثبات الواقعة أو نفيها في المحاكمة …
– اه ، فهمت ، طب هي ممكن تطلع إمتى ؟!
– يعني كام يوم كدة ، لسه بكره حروح النيابة وأوضح لهم الكلام ده وإن شاء الله خير …
زفرت “عهد” بضيق …
– طيب …
أنهت محادثتها مع المحامي لتتصل بـ”نغم” تلك البلهاء الصغيرة التى لا تدري بمصلحتها …
– أيوة يا “نغم” ، أخبارك ؟!!
أجابتها “نغم” بإحباط …
– زي ما أنا ، مفيش جديد …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
ربما هي تعشق وحدتها ولا تريد مرافقة أحدهم مهما تطلب الأمر ، لكن هذا الوضع مختلفًا كليًا الآن …
– طيب ، أنا كلمت محامي ، وفيه إحتمال إن خالتي تطلع بس قدامها كام يوم كدة ، تعالي أقعدي معايا ، بلاش قعدتك لوحدك دي …
رفضت “نغم” تمامًا ذلك لتشبثها ببقائها مع “مأمون” ، فهي تعلم أن “عهد” لن تختلف فى الرأي عن “شجن” لتردف بإصرار …
– لا لأ ، مالوش لزوم ، كمان أنا و”مأمون” حنتمم جوازنا يوم الجمعة ، يعني مش حبقى لوحدي …
هتفت “عهد” بحدة من تفكيرها المحدود …
– بطلي غباء بقى ، سيبك من الجوازة السوداء دي ، بدل ما حتطربق على دماغك …
قذفها للكلمات إسلوب معروف عن “عهد” التى تلفظ بالحديث دون وعي لقسواته وتراشقه بهم ..
– لا يا “عهد” ، خليني على راحتي ، مش كمان بتقولي ماما ممكن تطلع قريب ، خلاص بقى …
لوت “عهد” فمها بإمتعاض لتردف بجمود …
– إنتِ حره ، إولعي ، مفيش أخبار عن أختك ؟!!
– لأ …
تمتمت “عهد” بتهكم …
– راحت في أنهي داهيه دي كمان ، بس ربنا نجدها من غبائكم …
– خلاص بقى يا “عهد” ، متزوديهاش علينا …
– طيب ، طيب ، يلا سلام ، عندي شغل …
أنهت مكالمتها لتعود مستأنفة عملها في حين دق هاتف “معتصم” بمكالمة من رقم غريب لتتحول ملامحه لصدمة على الفور وهو ينتفض من جلسته بأعين متسعة …
– إيه !!! إزاي ده ؟!! طب بلغني أول بأول …
كانت كلماته المندهشة محط أنظار بقية المجموعة فقد كانت عيونهم تتسائل قبل أن يتفوه بها ألسنهم ليلقي “معتصم” الخبر الصادم لهم …
– الضابط “عمر” و”عبد الرحمن” عملوا حادثة بالعربية ونقلوهم في حالة خطيرة على المستشفى …
شهقات صادمة لتلك الفجيعة ، لكن ما بقي بفكر “معتصم” هو ألا تكون تلك مجرد حادثة عابرة ، بل أمر مُدبر للتخلص منه بعد رسائل التهديد التى قد وردته وأخبره بها ، لكنه فضل الصمت دون إيضاح هذا الأمر حتى لا يفزع المجموعة ، فعليه تحمل الأمر بمفرده ، فهو لن يخبرهم بالمعلومات التى توصل إليها “عمر” وأخبره بها حتى لا يعرضهم للخطر ذاته …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ـ
بيت محفوظ الأسمر …
مازالت “وعد” غائبة تمامًا عن الوعي ، إلتف حول فراشها “محب” و “عتاب” وبرفقتهم الطبيبة التى تعالج والدتهم ، بينما ظل “زين” بغرفة المعيشة حتى الإطمئنان على والدته …
أخرجت الطبيبة إحدى الحقن لتبدأ بوخز “وعد” بها لتساعدها على الإفاقة ، بينما كانت هناك نظرات متبادلة بين “محب” و”عتاب” غير مفهومة …
فبين قلق وتخوف تمكنوا من أعين “محب” ولا مبالاة سيطرت على “عتاب” إنتظر كلاهما بصمت تشخيص الطبيبة لـ”وعد” …
بقلم رشا روميه قوت القلوب
بدأت الطبيبة حديثها المطمئن …
– متقلقوش يا جماعة ، دلوقتِ مفعول الإبرة حيشتغل وتفوق وتبقى تمام …
عقب “محب” بقلق …
– بس دي طولت أوي وهي مغمى عليها ، مش دي حاجة تقلق برضه ؟!!
تطلعت الطبيبة بوجه “وعد” أولًا ثم أجابته بدبلوماسية …
– إن شاء الله خير ، دلوقتِ تفوق ونطمن عليها …
عبرت “عتاب” الغرفة تجاه المقعد الخاص بالتسريحة لتجلس بإمتعاض …
– طيب ، أدي قاعدة لما نشوف أخرتها ، أنا تعبت كل ده واقفه …
بدأت الطبيبة بالإستفسار عن حالة “وعد” خاصة بعد سماعها لتلك الصرخة وهي إلى جوار “قسمت” …
– هي كانت بتصرخ ليه ؟!!
زاغت عينا “محب” بتهرب ليردف بالنهاية …
– تلاقيها شافت حاجة خضتها ولا حاجة ، أصل قلبها رهيف أوي ومش بتستحمل الخضة …
أومأت الطبيبة بغير إقتناع ، فهي بعد قليل سترى ما سبب لها هذا الإغماء الطويل …
بدأت “وعد” تتملل بنومتها دلالة على الإستفاقة لينتبه ثلاثتهم لها ، فتحت عيناها وهي تتسند لتنهض من تلك النومة لكن تعبيراتها كانت هادئة للغاية ، بل كانت فاقدة لأى تعبير كما لو كانت تمثال لا أكثر …
إعتدلت جالسة وقد ثبتت مقلتيها دون حراك ناظرة نحو الأمام بفراغ تام ، ظلت على هذا الوضع لحظات قليلة قبل أن تردف بنبرة هادئة …
– “زين” ، “زين” ، يا “زون” ، إنت فين ؟؟! ( ثم تمللت قليلًا تحدث نفسها ) ، هو النور مقطوع ولا إيه ، زمان “زين” مخضوض لوحده ، يا “زيـــــــــــــن” …
بُهت “محب” ليجلس إلى جوارها فيبدو أنها لا تراهم ليهتف بها بقلب مضطرب …
– أحنا هنا يا “وعد” ، إنتِ مش شايفانا ولا إيه ؟!!!
لكنها لم تجبه بالمرة بل إنتفضت بجلستها حين شعرت بأن أحدهم إلى قُربها لتتسائل بتخوف …
– إنت جيت يا “زين” ، ما ترد على ماما ، مش سامعاك ليه ؟!!
نظر “محب” بأعين مصدومة تجاه الطبيبة هاتفًا بدهشة …
– هي كمان مش سامعاني ؟!!!!
تعجبت الطبيبة لأمر “وعد” لتدنو منها وهي تشير بكفها أمام عينيها ..
– مدام “وعد” ، شايفاني ، يا مدام …
لكن “وعد” لم تستجب مطلقًا ، بينما أخذ “محب” يهتف إلى جوار أذنها حتى تسمعه …
– “وعـــــــــــــــــــد” ، سامعـــــــــــاني ، يا “وعد” …
لكن يبدو أنها لا تسمع ولا ترى أحد منهم ، نهض “محب” بإندهاش بالغ يحدث الطبيبة …
– يعنى إيه ده بقى ؟!
رفعت الطبيبة كتفيها وأهدلتهما بتوتر …
– لو هي زي ما بتقول بتتأثر بكل حاجة بزيادة ، يمكن حصلت حاجة زعلتها وخلتها تهرب من الواقع بالإنسحاب ، يعني لا عايزة تشوف ولا تسمع إللي بيحصل لها ده …
ألقى نظرة يملؤها الحقد تجاه “عتاب” التى تجلت إبتسامة راضية فوق ثغرها ليعيد بصره نحو الطبيبة يسألها …
– طب والحل ..؟!!
تنفست الطبيبة بشكل مطول قبل أن تجيبه …
– دي حالة نفسية ، ومحتاجة أكيد علاج نفسي …
رفع كفيه بيأس تام فوق رأسه فقد زادت مشاكله وهمومه بشكل أكثر تعقيد ليهتف بإحباط …
– يعني مش كفاية أمي ، حتبقى “وعد” كمان …
حل الصمت لبعض الوقت ليهدل “محب” ذراعيه من فوق رأسه قائلًا …
– إتفضلي إنزلي إنتِ تحت يا دكتورة وإحنا حنيجي وراكِ …
غادرت الطبيبة بتفهم ، في حين وجه “محب” حديثه لـ”عتاب” …
– مش حينفع “وعد” تقعد هنا لوحدها بالشكل ده ، لازم تنزل تقعد تحت معاكم ، كمان عشان الدكتورة تساعدها …
رفعت “عتاب” حاجبيها بإستهزاء ..
– لا يا شيخ ، إوعى تكون فاكرني مصدقة إنك متأثر بجد ، ما إحنا دافنينه سوا ، قُصره ، هات المحروسة وإبنها يقعدوا في أوضتك ، بس يكون في علمك أنا مبخدمش حد ، من بكرة تجيب لها حد يقعد بيها وبإبنها ، فاهم !!!
أجابها “محب” بضيق …
– طيب ، طيب ، يلا قدامي ، خدي “زين” وأنا حجيب “وعد” وجاي وراكِ …
نهضت “عتاب” بتملل لتغادر الغرفة مصطحبة الصغير معها نحو شقتهم بالدور الأول ، بينما جلس “محب” يداعب وجه “وعد” بخفة بلمساته المحفوظة التى تخصه وحده لتنتبه له “وعد” …
– “محب” ، إنت هنا ، تعالى ، شكل النور مقطوع …
نظرة عشق خالصة ممزوجة بإشفاق غريب طغت بعينيه تجاهها ثم مد كفه يمسك بكفها لتتحرك معه …
رغم عدم سماعها له لكنها ظنت أنه يصطحبها لمكان ما خلال الظلام فتبعته دون تفكير ليهبطا درجات السلم برفق شديد …
خشي “محب” أن تتعثر بخطواتها فمال بجذعه قليلًا ليحملها بخفة فوق ذراعيه القويتين ليهبط بها نحو شقة والديه بإستسلام تام منها وثقة بهذا المحب …
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ظننتك قلبي)