روايات

رواية ظننتك قلبي الفصل الثامن عشر 18 بقلم قوت القلوب

رواية ظننتك قلبي الفصل الثامن عشر 18 بقلم قوت القلوب

رواية ظننتك قلبي الجزء الثامن عشر

رواية ظننتك قلبي البارت الثامن عشر

ظننتك قلبي
ظننتك قلبي

رواية ظننتك قلبي الحلقة الثامنة عشر

عندما يثقل القلب والفكر بالخبايا والأسرار يأتي الوقت الذى تنفذ عنده طاقة التحمل ويبقى حل واحد أخير … الإنفجار …
لقد خبأت كل أسراري بداخل بئر عميق لم أدرى أنا نفسي نهايته ، لكن هذا البئر قد إمتلأ ولم يعد بالإمكان الكتمان لأكثر من ذلك ..
فلابد من الإعتراف ، لكن من يتحمل مشقة هذا الحِمل المُنهك معي ؟!! ، من أستطيع أن أثق به لأسكب إليه كل ما خبأته بداخلي ؟!! ، ليس سوى أشقاء القمر ، من يحمل همي وحزني و …دمي …
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
❈-❈-❈
أُهدل ستار الليل لكن مازالت العيون مستيقظة و القلوب حائرة ..
بيت النجار …
إنتفضت “راويه” من وقفتها بصوت أمها الخشن يناديها من داخل الشقة عندما كانت تقف بالشرفة تتطلع نحو بنات عمها أثناء عودتهم من عملهم …
لوت فمها بنفور ثم أجابتها بأعين ساخطة ..
– أيوه حاضر …
دلفت “راويه” نحو الداخل تطالع والدتها بضيق ثم سألتها …
– خير …. عاوزه إيه ؟!! .. هو إنتِ يعني جايه على الحبة إللي بقف فيهم أخذ شويه نَفَس في البلكونة و لازم تناديلي وتعكنني عليا !!!!!
رفعت “صباح” ساقيها بصعوبة وهي تثنيهما أسفلها قائله ….
– بتهببي إيه يا آخر صبري …؟؟! … تعالي أقعدي هنا أهو قدامي عايزه أقولك حاجة ..
جلست “راويه” بتأفف تنتظر أن تَغدق والدتها عليها بالحديث الذي لا تطيقه الآن …
– أهو .. قعدت …
لم تعطي “صباح” بالًا بتأفف “راويه” ، فهي تفكر بما هو أبعد من ذلك ، لقد أحضرتها الآن لأمر آخر ….
– مش راضية برضه بالعريس إللي جابته “حنين” ..؟!!!
زمجرت “راويه” بغضب وإتسعت عيناها ببريق مخيف ألجم والدتها بموضعها لتهتف برفض تام …
– وربنا لو فتحتي السيرة دي تاني ما حيحصل كويس … آخر مرة تجيبي لي سيرة المخفي ده هو والست “حنين” بتاعته ….
إضطرت “صباح” للرضوخ لرفضها لتردف قائله …
– طيب … بس برضة ما ينفعش بنات الخدامة يتجوزوا وإنتِ تفضلي قاعده لي كده !!!
– يعني أنا حعمل إيه .. !!! هو بإيدي ..؟!!
زفرت “صباح” بقوة فلم يعد لديها سوى حلها الأخير والذي سينهي هذا الأمر تمامًا …
– بصي بقى … أنا لقيت حل للخدامة وبناتها …
– حل … حل إيه ؟!!! حنعمل لهم إيه يعنى !!!
إستكملت “صباح” بزهو لفكرتها التي ستنهي أمر “زكيه” وبناتها تمامًا ولن تفكر بهم مرة أخرى …
– نعمل لهم إيه … نعمل لهم عَمَل …. أنا أعرف واحد شيخ حيجيب من الآخر …
بذهول شديد نظرت “راويه” وقد فغرت فاها بلا تصديق لما تتفوه به والدتها لتشهق بصوت مرتفع …
– عَمَل !!!!!!!!
زجرتها “صباح” وهي تلكزها بقوة في ساعدها لتخفض من صوتها حتى لا ينتبه إليها زوجها الذى دلف للنوم منذ قليل ….
– اششش وطي صوتك إنتِ عايزة تفضحينا …!!!
زاغت عينا “راويه” بصدمة وقد إتسعت عن آخرهما لتحاول إجابتها بنبرة خفيضة …
– إنتِ بتقولي إيه يا ماما …؟!! على آخر الزمن حنعمل لهم عَمَل ..!!!
بإستهزاء شديد وهي تقلب نظراتها تجاه إبنتها من أعلى لأسفل ….
– أيوه يا أختي عَمَل … أمال نسيبهم لحد ما الفاس تقع في الراس … لازم من دلوقتِ نوقف كل حاجة …
ضمت “راويه” شفتيها بإمتعاض وهي تنصت لما سوف تقوم به والدتها …
– إنتِ عايزه تعملي إيه بالظبط …؟؟!
إستطردت “صباح” قائله بذات النبرة الخفيضة …..
– إحنا لازم نشوف حل نهائي في القصة دي … إنتِ حتطلعي لـ”زكيه” تجيبي قطرهم .. وأنا حوديه “للشيخ كرامه” …
شهقت “راويه” مرة أخرى بفزع فهي ذات طبيعة متخوفة لا تقوى على تلك الأفعال …
– أنا … ؟!!!!!!! وأنا مالي … !!! إطلعي إنتِ هاتيه …
لكزتها أمها بقسوة وهي ترمقها بنظرة غاضبة نكست لها “راويه” عيناها بتخوف ….
– بس يا بت …!! ما هو لو ما جبتيش القطر بتاعهم حسابك عندي أنا … هو أنا بعمل كده عشان مين .. ؟!! ما عشانك يا بوز الفقر … يعني عايزاهم يتجوزوا وتعنسي إنتِ ..!!!!
ضمت “راويه” شفتيها المرتجفتان بغضب تكظم غيظها من نهر والدتها القاسي لها لتردف بإنصياع …
– ماشي …
عادت تكرر “صباح” الأمر على مسامعها بتأكيد حتى لا تتغاضى عنه بتخوفها …
– بكرة الصبح أول ما تصحي من النوم تطلعي تجيبيه على طول …
حركت “راويه” رأسها إيجابًا رغم إستهجانها للأمر ، لكن من هذا الذي يرفض لـ”صباح” أمر …
❈-❈-❈
بيت المستشار خالد دويدار …
حينما يأتي المساء يكون وقعِه ببيت دويدار لأمر مختلف تمامًا فهذا وقت تجمع العائلة بدفئها وترابطها ، وقت يتمناه الجميع …
ككل بيت يحمل أوجاعه و مشاكله و أوقاته السارة ، كان كذلك بيت هذه العائلة لكن ما يخفف وطأة العقبات بحياتهم هو ترابطهم ووحدتهم وبالأخص صراحتهم فما يميزهم جميعًا أنهم بغاية الوضوح حتى بمشاعرهم …
دارت “منار” بعيونها نحو أصناف الطعام التي أعدت لمساء اليوم مع مساعدتها “أم مجدي” …
تلك السيدة النحيلة الهادئة والتي تشبه طباعهم بشكل كبير ، كم توافد عليها مساعدات كُثر لم تتفق معهم “منار” بمثل ما إتفقت مع تلك السيدة التي إعتادت على طباعهم و إعتادوا على وجودها منذ ما يقرب من العام …
تسائلت “منار” بنبرة مازحة …
– إوعي تكوني لسه ما خلصتيش الأكل … شكلهم حياكلوني بره …
أجابتها “أم مجدي” بإبتسامة لمُزاحها …
– وده كلام … كله جاهز وآخر تمام ..
بتقدير لمجهود تلك السيدة معهم ..
– والله أنا مش عارفه من غيرك كنت عملت إيه يا “أم مجدي” .. إنتِ طالعه نازله طول النهار … شويه عندنا وشويه عند “غدير” كتر خيرك تعبينك معانا …
بإمتنان شديد أجابتها “أم مجدي” ….
– وده إسمه كلام … ده الواحد يخدمكم بعنيه والله …
ربتت “منار” برفق بكتف تلك السيدة ثم انتبهت قائله …
– إيه ده … مش ده صوت الباب ..؟! الظاهر “رؤوف” راجع بدري النهارده .. أما أروح أشوفه وأسالهم لو عايزين يتعشوا …
خرجت “منار” من المطبخ ظنًا منها أن “رؤوف” هو من عاد من الخارج فزوجها و”عيسى” و”غدير” يجلسون بغرفة المعيشة منذ بعض الوقت …
مفاجأة سارة دبت بقلبها حينما وقعت عيناها على ولدها الغائب “معتصم” لم يكن عليها سوى نطق إسمه فقط بهذا الحماس ليخرج الجميع لمقابلته بعد غياب دام لشهور طويلة …
– “معتصم” …!!!
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
لم يشعر “معتصم” بطول الطريق بقدر إشتياقه لأسرته ووالديه ، تلك العائلة التى كان لها الأولوية القصوى لرؤيتهم عند عودته بعد غياب بمهماته التى أبعدته عن الوطن لعدة شهور …
رؤيته لوالدته كان كفيلًا بإشعارِه بأنه أخيرًا عاد لأرض الوطن …
على الفور ترك “معتصم” حقيبته عن يده ليخطو خطوات متعجلة نحو والدته وقد رُسمت بسمة شقت ملامحه بسعادة لإشتياقه لها …
– وحشتيني يا ماما ..
مهما علا شأنه وقوته إلا أنه يظل ولدها الصغير بعينيها مما كَبُر وزاد طولًا وقوة ، سيظل بقلب أمه لن يتغير أبدًا ، تلقته بين ذراعيها بحنان تلتمس الراحة والسكينة التي غابت عنها لشهور عدة لغيابه ..
– حمد لله على السلامة يا حبيبي ..
إثر ندائها فقط خرج “خالد” و”عيسى” بينما تشدقت “غدير” من خلفهم فهم يفوقونها طولًا ليحجبوا رؤية “معتصم” عنها …
رغم إشتياق “خالد” لولده إلا أنه وقف برزانة ينتظر قدومه إليه فهو ليس معتادًا بإظهار مشاعره خاصة تلك اللينة التي تُظهر ضعف قلوبهم …
لم يخب ظنه حينما تقدم “معتصم” بإبتسامته الخفيفة نحو والده ينظر له بترقب فتلك المشاعر الفياضة لا تليق بكلاهما ، فهما أقوى و أَحَد من لين المشاعر والقلوب ، لكن لكل قاعدة إستثناء فبلحظة غلب الحنين القوة ليسمح “خالد” بعناق خفيف بينه وبين “معتصم” الذى سعد به قلبه …
– حمد الله على السلامة يا حضره الظابط …
بينما كان تقابل الأخوة كان أقل حِدة وتفكيرًا لم يلبث “عيسى” إلا ورفع ذراعه يصافح أخيه بقوة ليرد “معتصم” بالقوة نفسها قبل أن يسحبه بعناق أخوي تظهر به جسارتهم وعنفوانهم …
– لك وحشه يا “عيسى” ..
بالكاد ظهرت “غدير” وهي تقفز من خلفهم قفزات مستمرة بمزاحها اللطيف ليُستَمع لصوتها فقط من خلف “عيسى” …
– إنتوا يا جماعة وسعوا شوية … إعملوا حساب القصيرين عايزة أتفرج …
ضحكوا جميعًا لخفة ظلها فحتى بتلك اللحظات المؤثرة إستطاعت وضع بصمتها الطريفة بينهم ليجيبها “معتصم” …
– والله وحشتني شقاوتك يا “غدير” …
أعلت من صوتها وهي تضع كفها خلف أذنها كمن صَعِبَ عليها الإستماع لبُعدها عنه ..
– بتقول حاجة يا “معتصم” … معلش أصل الصوت مش واصل عندي …
ضحكات أخرى ملأت أرجاء البيت لطرافتها وحيويتها ، وها هم قد إكتمل شملهم أخيرًا لم يبقى سوى حضور “رؤوف” لتغلق دائرة العائلة أخيرًا ..
تلك اللحظات الحميمة لم تُغفِله عما حدث بمهمته الأخيرة ، لكن الإعتراف هنا بأن شيء ما تحرك بداخله هو إعتراف يكمن بداخل نفسه فقط …
❈-❈-❈
رؤوف ونيره …
الإعتراف بالخطأ ليس خطيئة ، لكن التهرب منه هو جريمة بحد ذاتها ، الصادق هو من يعترف بخطئه دون إلقاء باللوم على الطرف الآخر فسياسة قلب الأمور لا تجدي نفعًا ولا تُقيم حياة …
لاذت “نيره” بالصمت خلال الطريق بمرافقة “رؤوف” بعد تهجمها مكتب رئيسته بالعمل ..
إدراكها لخطأها الجسيم جعلها تتفكر بصمت بأن عليها أن تتهرب من اللوم الذى بالتأكيد سيلقيه عليها الآن وعليها إستباق ذلك بوضعه هو بخانة المخطئ حتى تتساوى الرؤوس او على الأقل تتهرب من إلقائه اللوم عليها …
بطبعه الودود بدأ “رؤوف” يكسر الجمود بينه وبين “نيره” قائلًا …
– حنروح على فين …؟!!
أدارت “نيره” كتفها معترضه طريقته بالحديث كما لو أن شيئًا لم يكن وفضلت الصمت …
خطف “رؤوف” نظرة بجانب عيناه تجاه “نيره” التى لم تبالى بحديثه أثناء قيادته للسيارة ليكملها بإلتفاته كاملة وهو يتعجب من ضيقها الواضح والذى من المفترض أن يكون هو صاحب هذا الضيق وليس هى ..
– فيه إيه يا “نيره” …؟!!
رفعت “نيره” حاجبها بإستنكار وهى تناظره بإستعلاء وتحقير قبل أن تجيبه …
– إنت بتتكلم بجد ولا بتستعبط .. ؟!!
بعدم فهم لمقصدها قضب “رؤوف” بين حاجبيه بقوة ..
– جد إيه .. وبستعبط إيه … هو مين إللي المفروض يزعل … إنتِ بتقلبي الآية …!!!!!
إستدارت نحوه بجذعها كاملًا وهي تردف بحدة وإنفعال لتأكيد خطأه …
– أنا …!! ولا إنت إللي غاوى تحرجني مع أصحابي … ؟؟؟
– مش فاهم …!!
سحبت نفسًا طويلًا قبل أن تستكمل تأنيبها له …
– والله …!!! إنت غريب جدًا … !! مش أنا قلت لك على الأدوية إللي “إسراء” عاوزاها … فين بقى … مجبتهاش ليه … إنت كدة عاوز تحرجني مع أصحابي …!!!
إتسعت عينا “رؤوف” للغاية بإندهاش ليردف موضحًا …
– أحرجك …!!! إنتِ بتقولي إيه .. ؟؟! أولًا الأدوية إللي هي عاوزاها مش تبع الشركة عندنا ومش عارف أجيبهالك منين … ثانيًا بقى .. إحنا ناس مستورين يا “نيره” … أنا وأهلي نعتبر عايشين بمرتباتنا …لا إحنا وارثين ولا أغنياء … وأنا بعمل جُهدي عشان أكوّن نفسي وأتجوز … أنا بجتهد عشان أجيبلك كل إللي إنتِ بتحلمي بيه … مقدرش كل وقت والتانى أتكلف هدايا ومجاملات لأصحابك بالشكل المُكلف أوى ده …
ها قد وصلت لما يوقعه بالخطأ الذى تترقبه لتشهق بقوة قائله بإستنكار شديد …
– إيه ده … أنا مكنتش أعرف إنك بخيل أوى كدة ..!!! مش بتحب تاكل فى المطاعم ولا بتحب تجيب هدايا بسيطة زى دى لأصحابي وبتحرجني معاهم … إنت أكيد مش طبيعي … أيوة … البخل ده مرض … إنت محتاج دكتور نفسي .. مش معقول كدة …!!!
بذهول تام ردد “رؤوف” مستنكرًا …
– دكتور نفسي …!!!! للدرجة دى … كل ده عشان بقولك كفاية تكلفة وهدايا … أنا بحاول أرضيكِ بأى شكل … وبرضه مش بيعجبك …؟!!
رفعت “نيره” رأسها بخيلاء وهي تطرف بعينيها بإستعلاء فقد وصلت لمبتغاها وها هو سيحاول إرضائها …
– أنا كدة أخاف يا “رؤوف” من حياتنا مع بعض … أخاف تكون بخيل وأتعب معاك …
زفر “رؤوف” بقوة محاولًا إسترجاع هدوئه النفسي ليصلح هذه العقبة أيضًا من طريق حياتهما معًا ..
– خلاص يا قلبي … أنا محبش زعلك … حجيب لك الأدوية بتاعة صاحبتك … وكمان حناكل بره … مبسوطة …؟!!
بضحكة جانبية خفيفة لشعورها بالإنتصار أجابته “نيره” …
– أيوة مبسوطة …
أكملا جولتهما بالبحث عن الأثاث وهي تشعر بالزهو لسيطرتها ، أما هو فيتكلف السعادة التى تغيب تمامًا عن حياته لكنه يحاول جاهدًا الوصول إليها لكنه يبدو أنه يضل طريقها ولم يصل إليها بعد …
❈-❈-❈
بيت المستشار خالد دويدار …
يتمتع رجال هذا البيت بقوة ورزانة حتى بحديثهم ومزاحهم ، منبع للجاذبية والغموض بذات الوقت ..
قضى “معتصم” ساعات برفقة أبيه وأخيه دون الإفصاح عن طبيعة مهماته الخطرة كما أن “عيسى” لم يتطرق لقضاياه ودواخلها ، إنصات “غدير” و”منار” لحديثهم الشيق وتجمعهم المسائى كان مبهج للغاية …
تمت راحتهم بقدوم “رؤوف” بعد تأخر دام لبعض الوقت لإنشغاله مع “نيره” …
تفاجئ “رؤوف” بعودة أخيه ليتلهف مظهرًا مشاعره صريحة دون إخفاء مهللًا حين وقعت عيناه عليه …
– مش معقول …. “عصووووم” … حبيبي … حمد الله على السلامة …
أسرع بخطواته يعانق أخيه بمحبة بادلها له “معتصم” على الفور …
– “رؤوف” … عامل إيه ..؟!!
إبتعد “رؤوف” قليلًا عن “معتصم” قائلًا بلطافته …
– من غيرك البيت ولا يسوي يا “عصوووم” … شايف … شايف الدنيا نورت إزاى لما جيت …
إبتسم “معتصم” لليونة أخيه وطريقة حديثه اللطيفة …
– لسه نحنوح زى ما إنت … أخبارك إيه … وخطيبتك عاملة إيه …؟!!
– حلوين أوى يا “عصوم” … كلنا حلوين …
طرف “معتصم” عيناه بثقل تجاه “عيسى” مستنكرًا بمزاح لين “رؤوف” المختلف تمامًا عن طريقتهم الجافة …
– شايف أخوك … مش عارف بيتكلم كدة إزاى ده … !!! الواحد بيضرب طوب فى كلامه …
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
ضحك “عيسى” بخفة تعقيبًا على “معتصم” بينما قفزت “غدير” بخطواتها بخفة قائله بحماس وهي توسع من حدقتيها بطرافة …
– فيه كيك برتقال فى المطبخ … أجيبلكوا معايا …؟!!
بقهقة خفيفة أجابوا جميعًا …
– يا ريت …
لحقتها “منار” قائله …
– خديني معاكِ أحضر الشاى …
مدت “غدير” كفها تتأبط ذراع “منار” مردفة بخفة ومزاح …
– أحسن برضه … يلا بينا من القاعدة الناشفة دى ..
إستأذنهم “خالد” فقد حان موعد نومه المعتاد ..
– خليكوا على راحتكم … أنا داخل أنام … تصبحوا على خير …
كانت جملته إعلانًا لحديث أكثر أريحية بين الأخوة …
– وحضرتك من أهل الخير …
كان تفكير “معتصم” الشاغل هو كيف يتعامل مع الجنس الآخر ، فعليه مُهمة غاية في الصعوبة بإرضاء متوحشته بالغد ليسأل “عيسى” بغموضه المعتاد …
– ظريفة “غدير” … إلا قولي يا “عيسى” … إنتوا مش بتزعلوا سوا … يعنى أنا شايف إنكم ما شاء الله متفاهمين أوى …؟!؟
أجابه “عيسى” بهدوء …
– هو فيه بيت بيخلى … بس الحمد لله الأمور بينا بسيطة أوى … ومسافة ما بزعل أو هي تزعل بيكون التراضى بينا سهل أوى … هُم كدة … تبقى حنين معاهم يبقوا لطاف أوى …
تذكر “رؤوف” خلافه اليوم مع “نيره” والتى قلبت الأمور معه تمامًا ليلتزم الصمت المستنكر فياليت “نيره” بقلب صاف مثل “غدير” لكانت حياته معها أسهل بكثير …
بينما كان بعقل “معتصم” طيف آخر ظنًا منه أنه بسهولة ترضى النساء وأن خِلافه مع “عهد” سينتهي بسهولة كما ينتهي خِلاف “عيسى” و “غدير” ، لقد لعب بعقله الظن والتفاؤل ، لكنه نسي أن بعض الظن إثم وأن ليس العقول والقلوب مشابهة لبعضها البعض …
❈-❈-❈
عطارة النجار ….
نهاية يوم إعتيادي بتجارتهم ليتم إغلاق المحل بحلول الليل وذهاب كل عامل لمنزله ، كذلك “فخري” وأبنائه كلٍ إتجه صوب منزله لكن “مأمون” كان آخرهم ليتأخر عنهم قليلًا قبل ذهابه …
لم تكن شقته بالبعيدة عن تجارتهم لهذا يتخذ طريقه سيرًا على الأقدام كل ليلة مارًا من أمام بيت العائلة بطريقه المعتاد …
صدح هاتفه برنين ليقف بالزاوية مخرجًا إياه من جيب سترته ليجيب المتصل ، إسم تكرر لعدة مرات متخذًا قراره بالنهاية بالإجابة …
– ألو … أيوة يا “ريهام” …
الكثير والكثير من الحديث والإيماءات لم ينتبه “مأمون” لتلك العيون التى تتابعه بشغف أثناء توقفه لتحدثه بالهاتف ، فقد إستغرق للغاية بحديثه مع من كانت زوجته …
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
بيت النجار …
عيون واسعه كدائرة القمر تدور بمحجريها كسواد الليل الصافي ، تطلعت نحو “مأمون” بأعينها التى ملأت بالشوق والعشق الذى أنساها من يكون وأين تكون …
هامت ببحور قلبها الولِه بهذا الرجل الذي لم ترى بمثل جسارته ومروءته ، إنه إبن عمها الذى نزع قلبها بين يديه دون إرادتها فقد فتحت عيناها على عشق يخلل قلبها تجاهه …
وقفت “نغم” بشرفة شقتهم تهيم بـ”مأمون” متناسية كل ما يحيط لها فقد رأته أخيرًا لتُملأ عيونها برؤيته فقلبها مشتاق إليه بقوة …
هو فقط من إستطاع رسم تلك البسمة فوق شفاهها عند رؤيته ، هو من أضاء عَتمة ليلها ، لكن حظها العسر أوقعها بحب إبن عمها المتزوج …
وليس ذلك فقط بل لا يمكن أن تجمعهما بريق عشق متبادل فلا عمها وزوجته سيرتضوا بها ولا والدتها ستقبل بذلك بخلاف زواجه ، لم هي بالخصوص من تقع بهذا المأزق ، لِمَ كُتب على عشقها بالموت من قبل أن تُكتب له الحياة ، ستكتفي به حلمًا قواقعه ليس لها …
عيون تراقب عيون ، وعيون تغفل عمن تلاحظ ، إتسعت عينا “شجن” بإندهاش لرؤيتها لتلك الحالة المسيطرة على أختها بالشرفة ، حالة من الهيام والضياع لا تنطبق إلا على حالة واحدة فقط … العشق ….
فغرت فاها لهذا الإستنتاج الكريه ، نعم تتمنى لأختها السعادة وأن يُحلق قلبها بالغرام ويجمعها رباط المحبة مع من يستحقها لكن ليس بهذا الشخص خاصة ، فكل ما به يحُول دون ذلك …
همست “شجن” وهي تنظر تجاه الزاوية بصدمة وذهول …
– “مأمون” ….!!!!!
كيف وقعت “نغم” بشباك الهوى مع إبن عمها ، إبن “فخري” و “صباح” ..!! كيف يعقل أن تندرج لتلك الهاوية مع شخص متزوج وله أطفال ، حتى لو كان زواجه يحتضر على المحك إلا أنه مهما كان لا يستحق قلبها البرئ الطيب …
وقفت “شجن” خِلسة تحاول السيطرة على رد فعلها الذى كاد يكون عنيفًا مع تلك السطحية التى تتعامل بتلقائية رغم ما يعيشون به من مهانة بسبب عائلة هذا الشخص …
لم سمحت لمشاعرها بالإنسياق خلف سراب …؟!!
تداركت “شجن” نفسها قبل أن تنقض كقطة برية على أختها فيجب أن تتعامل مع الأمر بحنكة وذكاء …
زفرت ببطء لتهدئ من نفسها قبل أن تَرسُم بسمتها العريضة على شفاهها قائله …
– بتعملي إيه يا “نغم” لوحدك فى البلكونة …؟!!
تداركت “نغم” وقفتها الهائمة بحبيبها لتعتدل بإرتباك …
– “شجن” …!!! إنتِ هنا من إمتى …؟؟!
نظرت لها “شجن” بعينان كاشفتان لأمرها لكنها أخفت ما فهمته قائله ..
– لسه جايه … واقفه لوحدك ليه … مش تناديني أقف معاكِ …؟؟؟
تطلعت “نغم” سريعًا نحو “مأمون” الذى أنهى مكالمته وإلتف للمغادرة لتهدر فرصتها لرؤيته برحيله ، ثم أجابت أختها ببعض الإرتباك …
– لا .. ده أنا بشوف “عشري” السمكري قفل ولا لأ … أصله كان عامل دوشة …
قلبت “شجن” عيناها الكاشفة بأختها الكاذبة تتمنى لو أن ما فهمته يكون خاطئًا ولا تقع بتلك الهاوية ثم أردفت ببعض الحزم ..
– طيب سيبك لا سمكري ولا غيره … يلا ننام … عندنا شغل الصبح …
أومأت “نغم” عدة مرات كطفلة أمسكت بجرم ما لتلحق بأختها للداخل لينتهى هذا اليوم الطويل …
عاد “مأمون” لشقته ليأتي بحقيبة سفره الصغيرة فعليه اللحاق بقطار الحادية عشرة للسفر لبورسعيد لإنهاء معاملات وصول شحنة العطارة والبخور بالميناء والتى تأخرت لأيام عن موعدها …
❈-❈-❈
سكون يليه سكون ربما هذا الصمت هو الصديق الوفي الذى يصاحبها طيلة الوقت ، صديق لا يتغير ولا يجرح ولا يخون …
قضت “عهد” ليلتها بنوم متقطع ونفس ضائقة ، تتمنى لو ترجع “عهد” القديمة التى لا تمتلك قلبًا ينبض ويتألم ، إدراكها لوجوده مؤلمًا للغاية ، لكنها يجب أن تكون غير ذلك ، فحتى إعترافها لنفسها عليها أن تنساه ، عليها إكمال حياتها كما تعرفها وليس كما إكتشفتها مؤخرًا …
حل الصباح بعد ساعات طويلة ليبدأ يوم غير إعتيادي ، يوم ستتجلى به لقاءات يتجنبها الجميع …
تجهزت “نغم” و “شجن” للذهاب لعملهم دون تغيير يذكر بإرتدائهم نفس ملابس الأمس فليس لديهم رفاهية التبديل العديدة لخياراتهم المحدودة …
مرت الفتاتان ببطء من أمام شقة عمهما نزولًا نحو أسفل الدرج ليمرا بـ”حنين” التى مازالت تفتح باب شقتها تتابع المغادر والوارد على البيت بطبيعتها المتلصصة …
تابعت أيضًا “صباح” خروجهن بهدوء تلك المرة ، فقد كانت تترقب خروجهن فإثارة المشاكل معهما الآن ليس بذات الأهمية لما تُخطط له …
فور إدراكها برحيل بنات “زكيه” إتجهت على الفور بخطوات متعجلة لم تدنو من كونها سريعة بالمرة بل كانت كـ دُب يتحرك بثنياته الثقيلة بين أرجاء الأثاث الضخم منعدم الذوق والوجاهة …
أسرعت نحو إبنتها تسحبها من ساعدها قبل أن تهمس بتشدق …
– يلا يلا … بنات الخدامة نزلوا …
قضمت “راويه” شفتيها بإستياء لما هى مجبرة عليه لتردف بتساؤل تدرك جيدًا الإجابة عنه مسبقًا …
– إنتِ لسه مصممة …؟!!
توسطت “صباح” خصرها بكفوفها الغليظة لتصدر أساروها صوت ضجيجها المحبب لتتحدث بصوتها الخشن …
– نعم يا أختى …؟!!!!! إنتِ لسه بتسألي … غوري يلا على فوق … وعلى الله ترجعي من غير القَطر بتاعهم كلهم … يا ويلك مني يا بت “فخري” لو مجيبتيهوش …
لوت “راويه” فمها جانبيًا قبل أن تدب الأرض بقدميها الثقيلتان …
– حاضر حغير هدومي وأطلع لهم ..
❈-❈-❈
سكون يليه سكون ربما هذا الصمت هو الصديق الوفي الذى يصاحبها طيلة الوقت ، صديق لا يتغير ولا يجرح ولا يخون …
قضت “عهد” ليلتها بنوم متقطع ونفس ضائقة ، تتمنى لو ترجع “عهد” القديمة التى لا تمتلك قلبًا ينبض ويتألم ، إدراكها لوجوده مؤلمًا للغاية ، لكنها يجب أن تكون غير ذلك ، فحتى إعترافها لنفسها عليها أن تنساه ، عليها إكمال حياتها كما تعرفها وليس كما إكتشفتها مؤخرًا …
حل الصباح بعد ساعات طويلة ليبدأ يوم غير إعتيادي ، يوم ستتجلى به لقاءات يتجنبها الجميع …
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
تجهزت “نغم” و “شجن” للذهاب لعملهم دون تغيير يذكر يإرتدائهم نفس ملابس الأمس فليس لديهم رفاهية التبديل العديدة لخياراتهم المحدودة …
مرت الفتاتان ببطء من أمام شقة عمهما نزولًا نحو أسفل الدرج ليمرا بـ”حنين” التى مازالت تفتح باب شقتها تتابع المغادر والوارد على البيت بطبيعتها المتلصصة …
تابعت أيضًا “صباح” خروجهن بهدوء تلك المرة ، فقد كانت تترقب خروجهن الآن فإثارة المشاكل معهما الآن ليس بذات الأهمية لما تخطط له …
فور إدراكها برحيل بنات “زكيه” إتجهت على الفور بخطوات متعجلة لم تدنو من كونها سريعة بالمرة بل كانت كـ دب يتحرك بثنياته الثقيلة بين أرجاء الأثاث الضخم منعدم الذوق والوجاهة …
أسرعت نحو إبنتها تسحبها من ساعدها قبل أن تهمس بتشدق …
– يلا يلا … بنات الخدامة نزلوا …
قضمت “راويه” شفتيها بإستياء لما هى مجبرة عليه لتردف بتساؤل تدرك جيدًا الإجابة عنه مسبقًا …
– إنتِ لسه مصممة …؟!!
توسطت “صباح” خصرها بكفوفها الغليظة لتصدر أساروها صوت ضجيجها المحبب لتتحدث بصوتها الخشن …
– نعم يا أختى …؟!!!!! إنتِ لسه بتسألي … غوري يلا على فوق … وعلى الله ترجعي من غير القطر بتاعهم كلهم … يا ويلك مني يا بت “فخري” لو مجيبتيهوش …
لوت “راويه” فمها جانبيًا قبل أن تدب الأرض بقدميها الثقيلتان …
– حاضر حغير هدومي وأطلع لهم ..
تطلعت بها “صباح” بدونية قبل أن تردف بحنق …
– وحيفرق إيه عن اللي إنتِ متهببه ولابساه …!!!
قضبت “راويه” وجهها الغاضب ثم ألقت عليها نظرة مختنقة من طريقة والدتها معها ، نعم هي تدرك أنها ليست جميلة بل دميمة قبيحة المظهر والمعشر أيضًا ، لكن لم لا تنفك والدتها بتذكيرها بذلك ، دائمًا ما تشعر منها بالنفور أليست إبنتها والتى يجب أن تُشعرها بأنها أفضل من الجميع ، ألا يقولون هذا بالأمثال الشعبية ( القرد في عين أمه غزال ) ، لم لا تراها غزالًا ولا حتى عنزة !! بل كل ما تفعله هو أن تحقر منها ومن دمامتها وعنوستها طيلة الوقت ، أجابت والدتها بنفس ضائقة …
– طالعه أهو وأمري لله … ولو إن أنا مبحبش أروح عندها …
ألقت “صباح” حديثها السام بوجهها قائله …
– أهو عشانك من عشاني يا بايرة .. ياللي مش لاقيه حد يعبرك …
إتخذت “راويه” خطواتها البطيئة وهي تغمغم بحنق …
– والله لو جالي صرصار لأوافق عليه و أخلص منكوا كلكوا …
وضعت قدمها بدرجات السلم التى لم تصعد إليه منذ سنوات طويلة للغاية قد مضت …
وقفت أمام باب شقة “زكيه” لبعض الوقت بعينان متوترتان وقلب خافق فتلك أول مرة تقدم على فعل مثل هذا لكنها بالنهاية إتخذت قرارها الحاسم ودقت الباب …
زكيه ..
بعد مغادرة بناتها وإنشغالها بأعمال المنزل تفاجئت بطرقات تدق بابها ، إضطرب قلبها الضعيف ونظرت نحو الباب بتخوف فمن هذا الذى يدق بابها فلم يأتها زائر منذ وقت طويل للغاية ، زاد تفاجؤها حينما وجدت “راويه” تقف ببابها لتتسع حدقتيها بذهول قائله …
– “راويه” …!!!!
تكلفت “راويه” بإبتسامة مزيفة هزيلة للغاية قبل أن تردف …
– صباح الخير يا مرات عمي ..
– صباح الخير …
قالتها “زكيه” بتوجس من حضورها لكنها إنتظرت أن تبرر “روايه” مجيئها لزيارتها الغريبة وبهذا الوقت من الصباح …
– أنا .. ااا … كنت جايه أقعد معاكِ شوية … أنا أصلي عايزة أسألك على حاجة …
أشارت لها “زكيه” بطيب خاطر رغم توجسها نحو الداخل تدعوها للدخول …
– إتفضلي يا “راويه” … إدخلي …
تقدمت “راويه” بخطواتها وهى تدور بعينيها بأرجاء تلك الشقة القديمة المتهالكة وقد تعجبت من تقبلهم للبقاء بهذا المكان المهترئ الذى يضيق بالنفس ، الجدران القديمة وآثار اللون الإسمنتي الرمادي يرمم تلك التشققات بصورة كئيبة للغاية ، لكن كل شئ مازال بموضعه كما كان عمها على قيد الحياة …
جلست بهذا المقعد الذى تذكرته على الفور وهي تستدير تجاه تلك البسيطة متحلية بنبرة كاذبة صدقتها “زكيه” بسهولة …
– شوفي يا مرات عمي … أنا مش زي أمي … أنا زهقت من كتر المشاكل بينك وبينها … عشان كدة إستنيت وهي نايمة وجيت أقولك أنا ماليش دعوة باللي هي بتعمله … أنا مش زيها ….
ساذجة لينه القلب حتى مع كِبَر عمرها وخبرتها بالحياة إلا أنها تظل سطحية ، لها قلب طيب رقيق يصدق بسهولة ، هتفت “زكيه” بصدق وصفاء قلب …
– عفا الله عما سلف … إنتِ برضه زي “شجن” و “نغم” … ومهما حصل الظفر ميطلعش من اللحم …
دهشة “روايه” كانت أعظم بكثير من طيبة قلب تلك السيدة ، فغرت فاها ببعض الصدمة فهل بهذه السهولة تسامح وتعفو ..؟؟!! ، إنها لم تعتاد تلك النفوس الصافية ولا الحنو الظاهر بملامح “زكيه” ، نظرت “روايه” ببعض الشك فليس هناك من يسامح بهذا اليسر لتردف بإرتياب …
– هو إنتِ سامحتيني بجد …؟؟!! بسهولة كدة …؟؟!
بتأكيد شديد أجابتها “زكيه” ..
– طبعًا يا حبيبتي … الدنيا مش مستاهلة إن الأهل يخبطوا في بعض … ربنا يهدى الجميع …
دارت عينا “راويه” بإندهاش لكن رغم ما تراه بتلك الطيبة إلا أن عليها مهمة يجب إتمامها ، لانت نبرة “راويه” كثيرًا وهي تترجي “زكيه” …
– طب ممكن تستسمحي بنات عمي على اللي حصل مننا … كفاية مشاكل بقى …
– طبعًا يا حبيبتي … وهم كمان أكيد حيسامحوا ….
ضيقت “راويه” بين حاجبيها بإستغراب من ثقة “زكيه” فهل تتحدث جديًا أم أن هناك خدعة بالأمر ، نعم بالتأكيد هي تخدعها وتسايرها بالحديث لمعرفة غرضها من الزيارة ، لابد أنها إرتابت بها فليس هناك من يتحلى بطيبة لهذه الدرجة …
دق هاتف “زكيه” لتطالع شاشته بوجه قلق ثم أردفت ..
– معلش حبيبتي إنتِ مش غريبة … دقيقة واحدة … حرد على التليفون ده …
– أه طبعًا … طبعًا … إتفضلي …
قالتها “راويه” لتسنح لها الفرصة للوصول لغايتها لعمل السحر لهن ، بينما دلفت “زكيه” نحو الداخل لإجابة المتصل ….
– السلام عليكم … إزيك يا “وعد” …
– وعليكم السلام … إزيك يا خالتي …
كعادة نبرتها الحزينة تنهدت لها “زكيه” متسائلة بإشفاق …
– مالك بس يا حبيبتي ….إنتِ لسه زعلانه …؟!!
لملمت “وعد” شفاهها المرتجفة تتماسك حتى لا تنجرف بالبكاء لتجيبها بإختناق …
– أعمل إيه بس … قلبي مخنوق … تعبت أوى يا خالتي …
بيقين بأن فرج الله قريب لتلك المسكينة …
– فرجه قريب … بلاش تعملي كدة …
سحبت “وعد” نفسًا طويلًا مضطربًا ثم عقبت …
– يا رب يا خالتي … يا رب ….بقولك يا خالتي … هي “عهد” ما إتصلتش بيكِ … أنا بقالي فترة مش عارفه أكلمها … تليفونها على طول مقفول …
– يمكن مشغولة ولا حاجة يا بنتي …
تقوست شفتي “وعد” وهي تنطق حروفها بحشرجة ..
– أنا عارفة إنها أكيد قافلة التليفون عشان مش عايزة تكلمني … أنا عارفة إنها زعلانه مني …
حاولت “زكيه” تلطيف الأمر …
– لا يا حبيبتي … هي أكيد مشغولة ولا وراها شغل … حاولي تاني … كلميها يا حبيبتي … إنتوا مالكوش غير بعض …
أومأت “وعد” عدة مرات بتفهم لذلك …
– عندك حق … إحنا مالناش غير بعض … أنا حكلمها تاني … أنا كنت بسألك بس هي كلمتك ولا لأ …
– لا والله حبيبتي .. متكلمناش بقالنا فترة …
أنهت “وعد” محادثتها لتستعد أولًا للإتصال بـ”عهد” فلن تتواني عن قُربها وسندها لها ، لكن عليها أولًا أن تهدأ قليلًا فلا داعي للبكاء …
عادت “زكيه” لـ”راويه” التى كانت تلملم ردائها إستعدادًا للمغادرة …
– إيه ده … إنتِ نازله ولا إيه ..؟؟!
إصطنعت “راويه” بسمة وسط إرتباكها الشديد …
– أه … أنا خايفة أمي تكون صحيت متلاقينيش وتعمل مشكلة …
ألحت عليها “زكيه” بالبقاء بكرمها الغير محدود الغير متوافق مع إمكانياتها المادية إطلاقًا …
– من غير حتي ما تشربي حاجة … لا والله لازم تقعدي …
– معلش يا مرات عمي … خليها مرة تانية …
أنهت “راويه” عبارتها لتتجه مسرعة نحو باب الشقة لتغادر تحت أعين “زكيه” المندهشة …
دقائق تمر كساعات وسط تخبط وتوتر “صباح” أثناء إنتظارها عودة إبنتها ، وقت تخيلت به بأحلامها القميئة مثلها بما سيحدث بعد أن تتم السحر لـ”زكيه” وبناتها وما سيطالهم من أذى …
قطع أحلام يقظتها قدوم “راويه” حين فتحت الباب وهي تتلفت خلفها للتأكد بأنه ليس هناك من يتبعها أو يلاحظها …
أسرعت “صباح” بتلهف …
– ها … عملتي إيه .. ؟؟!!
أخرجت “راويه” خبيئتها من ردائها لتمد به يدها تجاه والدتها بحقيبة بلاستيكية سوداء قائله بإمتعاض …
– دول إللي عرفت أجيبهم …
لمعت عينا “صباح” بوهج ماكر ثم هتفت بسعادة …
– بت أمك بصحيح … هو ده الكلام … من بكرة أروح للشيخ “كرامه” … هو إللي حيخلص كل حاجة …
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
❈-❈-❈
شقة عهد …
بللت شعرها الأسود بالماء وهي تمسح بكفيها فوق خصلاته الناعمة الملساء فوق رأسها قبل أن تطالع وجهها المستكين بالمرآة ، مظهر طالما خصت به نفسها فقط …
عادت للجلوس فوق المقعد تدور بعينيها الناعستين باحثة عن سبب يجعلها تتغيب اليوم ولأول مرة عن عملها …
هى تخشى من مواجهة ربما تحدث ، وربما أيضًا لا تتقابل الوجوه مرة أخرى ، لكنها يجب بكلتا الحالتين أن تكون على أهبة الإستعداد …
لم يكذب من قال أن الألم ثمن القوة ، وعليها تحمل الألم وحدها كما تحملته طيلة عمرها …
وكما تمنت تمامًا بإختلاق عذر لنفسها للغياب دق رنين هاتفها الذى لم تسمع دقاته منذ سفرها ..
نظرت بتملل تجاه شاشته حين ظهر إسم أختها “وعد” يتلألأ بالشاشة ، كما لو كانت تعلم أنها بحاجتها لأن تكون إلى جوارها ، أن تستمع فقط لصوتها الرقيق لتشعر بأنها ليست بمفردها ، حتى لو لم تقدر بضعفها وخنوعها أن تكون سندًا لها ، إلا أن شعورها أنها إلى جوارها يكفيها …
تنهدت بقوة أولًا قبل أن تردف بفظاظة تدعى بها القوة وعدم الإهتمام …
– ألو ….
تلقت صوت “وعد” الهادئ الناعم بالطرف الآخر كوسادة ناعمة تلقى عليها إنهاكها والآمها ..
– “عهد” حبيبتي .. وحشتيني أوى … كنتِ فين …؟!! إتصلت بيكِ كتير أوى تليفونك كان مقفول …؟!!
عيون حزينة وقلب مفعم بالإنكسار لكن صوتها أعلن خلاف ذلك لتردف بخشونة …
– كان عندي شغل …
– لم تبالي “وعد” بخشونة “عهد” فقد إعتادتها ولن يمنعها إسلوبها الجاف من محبتها لها لتردف بحنو ..
– ربنا يقويكِ حبيبتي … وحشتيني يا “عهد” …
أرادت لو تجيبها بنفس هادئة ونبرة لينه حانية مثلها ، لكنها وجدت نفسها تستكمل بجفاء …
– أيوة … وبعدين يعني …؟!!!
شعرت “وعد” بأن “عهد” مازالت متضايقة منها لتردف بطلبها بنبرة مرتجفة متوجسة ..
– عاوزة أشوفك … عاوزة أجيلك أقعد معاكِ وأتكلم معاكِ … ( ثم أنهتها بعبارة مترجية ) … وحشني الكلام معاكِ نفسي أقولك كل إللي جوه قلبي ..
بعد صمت دام للحظات وجدت “عهد” نفسها تردف بهدوء لم تعتاده ..
– ماشي يا “وعد” …
تهللت “وعد” بموافقة أختها لتردف بسعادة لما تسمعه بأذنيها …
– بجد … بجد يا “عهد” آجيلك … بجد والله …؟!!
لم تصدق سماحها لها برؤيتها بعد كل هذا الغياب لتؤكد “عهد” ذلك ..
– أيوة … تعالي …
– حالًا … حالًا … جيالك يا أختى … جيالك …
أنهت مكالمتها لتجد “عهد” سببًا أخيرًا لتغيبها اليوم عن العمل ، فسوف تقضيه مع أختها التى لم ترها منذ شهور مضت …
❈-❈-❈
بيت المستشار خالد دويدار …
غلبه الحماس اليوم كما لو كان يبدأ مغامرة من بدايتها ، مغامرة تحمل طبع آخر وتحدى بداخل نفسه …
بحُلة رسمية زادت من وسامته وغموض عيناه القاتمتان تجهز “معتصم” للذهاب نحو مقر المخابرات العامة (الجهاز) بأول يوم عمل بعد عودته من مهمته الطويلة بسويسرا …
رغم جاهزيته لمقابلة السيد “نظمي” وإطلاعه على تفاصيل المهمة كاملة إلا أن حماسه كان يكمن بإتجاه مغاير ، فاليوم سيلتقى معها كزميل عمل لا يمكنها الهروب من واقع يجمعهما معًا من جديد …
تأنق للغاية ليغادر منزل والديه متجهًا لمبني المخابرات العامة بحزم وقوة …
❈-❈-❈
مبني المخابرات العامة (الجهاز) …
دقت خطواته القوية بأرضية الممر معلنة وصول قائدها المغوار الذى لانت له الصعاب وتحدى العراقيل حتى تمام مهمته ، ليست مهمة واحدة بل العديد والعديد من المهمات الخطرة والصعبة التى لا يمكن لسواه إقتناص النجاح من بين أغوار المخاطر …
دلف “معتصم” بشموخ لداخل مكتب السيد “نظمي” ، شخصيته الفريدة المتمردة جعلته رغم تقديره لرئيسه بالعمل إلا أنه يتعامل بذات القوة التى يتعامل بها مع الآخرون لهذا كان لـ”معتصم” وضع فريد وخاص للغاية …
بثقة تامة وكلمات قليلة بدأ “معتصم” لقائه مع نظمي” …
– صباح الخير يا فندم …
تهلل وجه “نظمي” برؤيته لقناص المهمات وورقته الرابحة …
– “معتصم” … حمد الله على السلامه … تعالي أقعد …
جلس “معتصم” بالمقعد المقابل لـ”نظمي” وهو يضم شفتيه الممتلئتان بغرور …
– وصلك الجهاز يا “نظمي” بيه …؟؟
أعاد “نظمي” جذعه للخلف بأريحية و فخر ليظهر بقية جسده الممتلئ …
– أكيد … طبعًا ما أنا عارف أنا بعت مين يخلص المهمة دى …
إطراء أسعد “معتصم” لكنه معتاد عليه ، رفع “معتصم” عنيناه المتجولتان بزهو مال للغرور بعض الشيء …
– شكرًا يا “نظمي” بيه … أظن كدة أنا أتميت المهمة خارج مصر …
تذكر “نظمي” وعده لـ”معتصم” قبل سفره الأخير والذى طال كثيرًا بأنه سيُكلفه فيما بعد بمهمات بداخل الوطن وليس بخارجه ، إبتسم “نظمي” بخفة قائلًا …
– وأنا عند وعدي … من النهارده شغلك كله جوه مصر … إختار المجموعة إللي تناسبك من الجهاز وإبدأ .. إحنا محتاجين هنا برضه حد زيك يا “معتصم” …
لاح طيفها أمام أعينه ليميل برأسه قليلًا بخيلاء فهي بالتأكيد العضو الأول الذى سيضمه لمجموعته القادمة …
– تمام يا “نظمي” بيه … أنا حجهز قايمه بأفراد المجموعة وأعرضها على سعادتك … هو ممكن لحد دلوقتِ أضم الضابط “عهد” … كانت ممتازة جدًا فى المهمة الأخيرة …
بترحيب شديد فهو لن يرفض لـ”معتصم” طلب …
– تمام .. تمام … إعتبرها معاك .. وأى حد تختاره أنا معنديش مشكلة …
قطع حديثهم طرقات بباب مكتب “نظمي” ليتتوق “معتصم” للدالف فربما تكون هي ، لكن خُيبَ ظنه حين رأى شاب حديث العهد بالجهاز لم يره من قبل …
– صباح الخير …
أشار “نظمي” له بالدخول وهو يأشر عليه معرفًا “معتصم” به …
– إتفضل يا “طه” … ده بقى يا سيدي واحد من الكوادر الجداد … أظن ممكن يفيدك جدًا يا “معتصم” …
أثار إسم “معتصم” إنتباه “طه” ليهتف بحماس و إنبهار بشخصية “معتصم” …
– “معتصم” …!!! “معتصم دويدار” … أنا مش مصدق إني قابلتك أخيرًا يا “معتصم” باشا … ده إنت أيقونة والله …
بثقة وغرور فهذا طبعه المعتاد ليجيبه بإيمائه خفيفه وخيلاء …
– شكرًا يا “طه” …
تقدم “طه” نحو “معتصم” قائلًا بتعظيم لما سمعه عن قدرات هذا الضابط الهائلة ..
– لا حقيقي … أنا كان نفسي أقابلك بجد …
ضحك “معتصم” ضحكته الرزينة …
– بس كدة … أدينا إتقابلنا … ده إحنا ممكن نشتغل مع بعض كمان …
إتسعت عينا “طه” الضيقتان بتفاجئ …
– ده يبقى شرف ليا يا فندم …
عقب “نظمي” برضا …
– بشاير المجموعة بدأت تبان أهى …
لاح تساؤل “طه” الذى جاء لأجله ليلقى بسؤاله الذى إسترعى إنتباه “معتصم” الكامل حين نطق “طه” إسم خاطفة قلبه …
– هي “عهد” مجتش لسه ولا إيه … ؟؟! أنا قلبت الجهاز كلها عليها …
ضرب “نظمي” مكتبه بخفة ضاحكًا …
– يا أخي غلبتنا بالست “عهد” بتاعتك دي … حتلاقيها زمانها جايه … هي إللي زى دى بتغيب أبدًا …
لم يبالي “معتصم” بشئ سوى بكلمة “نظمي” ( بتاعتك) ، كلمة جعلته مرتابًا بالأمر لكنه لم يظهر أى من ظنه إليهم ، وقف “معتصم” يدنو قليلًا من “طه” متسائلًا بهدوء …
– هو إنت و “عهد” بتشتغلوا مع بعض …؟!!
أجابه “طه” بحماس وقد لمعت عيناه ببريق أدركه “معتصم” على الفور …
– لأ … شغل إيه … أنا مش بتكلم على الشغل خالص … إحنا حنتجوز إن شاء الله …
صاعقة ضربت قلبه بمقتل ، لم يظن أن “عهد” يربطها علاقة من أى نوع بآخر ، لماذا ظن أنها متاحة ولا ينشغل قلبها بغيره ؟؟!!! ، لحظات من الصدمة لم تظهر لمن يتطلعوا به بل إكتفى بحبسها بداخل نفسه ، فغموضه يجعل ملاحظة ما بداخل نفسه لأمر مستحيل للغاية …
شعور غريب تملكه ، إحساس لم يراوده من قبل ، شعور مؤلم لنفسه وقلبه … إنها الغيرة …
صمت “معتصم” قليلًا قبل أن يردف بنبرة جادة إضطرب إثرها “طه” فقد كان مبتسمًا ممازحًا منذ قليل …
– تمام يا حضرة الضابط …
قالها “معتصم” وهو يتطلع تجاه “طه” بنظرة غريبة لم يفهمها الأخير ثم إستطرد بجدية تامة …
– ترتيب أفراد المجموعة حتكون على مكتب سيادتك يا “نظمي” بيه بكرة الصبح …
إتخذ خطوة تجاه باب المكتب للمغادرة قبل أن يلتفت بجانب وجهه فقط تجاه “طه” المحدق به موجهًا له حديثه المقتضب …
– إنت حتكون معايا … و … أكيد حضرة الضابط “عهد” ….
أنهى عبارته مغادرًا وقد تخبط بمشاعره لأول مرة بحياته ، شعر بالضيق والإنقباض لقد ظن أنه سيستعيدها ويخبرها بما تحرك داخله تجاهها ، لكنها لم تكن له إنها لسواه …
ستعطي مشاعرها وحبها لغيره ، لقد ظن أن قلبيهما تلاقا لينتفض الساكن بين ضلوعهما لكن يبدو أن ظنه لم يكن صحيحًا …
غصة علقت بقلبه حين علم بأمر زواجها من “طه” معلنًا ضياع فرصته بقربه منها وإصلاح ما أفسده بسيويسرا …
لقد لعبت الظنون برأسه ونسي أن بعض الظن إثم …
❈-❈-❈
شقة عهد …
وقفت وحدي بأوقات لا يتجاوزها المرء إلا جماعة ، إعتدت وحدتي حتى أصبحت هي رفيقتي وسندي ، لكن اليوم على البوح بما كمن بقلبي ، لم أعد أقوى على الكتمان فسوچف أعترف بكل شيء …
تلهف قلبها لرؤية أختها التى غابت عنها لشهور طويلة ، لأيام عدة قاست بها حنينها وشوقها إليها متحملة بُعدها عنها فربما تشعر بخطأها وتتراجع عما سوف تُججلقى به نفسها ..
صاحب طرقات باب شقتها دقات قلبها التى هتفت معلنة شوقها لأختها لكنها أظهرت قناع البرود والتجاهل خاصتها لتجيب الطارق بوجه جامد صامت …
فتحت الباب لتجد “وعد” تقف قبالتها بتلك الإبتسامة العريضة والأعين الدامعة ، كانت تود لو تقابلها بنفس المشاعر المرهفة التى تتجلى بملامحها بسهولة لكن الأمر على “عهد” كان صعبًا للغاية …
لم تعطها “وعد” فرصة لإتخاذ قرار الخطوة الأولى لتلقى بنفسها بأحضان أختها تطوقانها بذراعيها بشوق وإحتياج لقربها وحنانها …
لم تقاوم “عهد” عناق أختها فقد كانت تحتاجه أكثر منها حتى ولم تظهر ذلك …
همست “وعد” بنبرتها الرقيقة …
– وحشتيني أوى أوى …
تنهدت “عهد” بصمت كما لو أن تنفسها المنتظم براحة وسكينة هو إجابة عن إشتياقها هي أيضًا لها …
بعض لحظات من الحنين قضبت “عهد” حاجبيها بإستغراب وهو تنظر للفراغ من خلف “وعد” لتتسائل بتعجب ..
– فين “زين” …؟؟!
ضغطت “وعد” بأسنانها فوق شفتها السفلية ثم قوست حاجبيها بتأثر قائله …
– وديته عند خالتي “زكيه” …
تراجعت “عهد” لخطوة إلي الخلف تطالع وجه أختها بتفحص تود كشف ما تخفيه تلك الضعيفة ..
– ليه …؟!! مجبتيش إبنك ليه يا “وعد” …؟!!!
سحبت “وعد” نفسًا متألمًا إنتهى بانتفاضة جسدها كمحاولة فاشلة للتحلى ببعض القوة لهذا اللقاء …
– عشان عاوزاكِ لوحدنا … مش عايزة أى حد معانا …
مدت “عهد” ذراعها لتغلق الباب الذى مازال مفتوحًا قبل أن تردف بجدية وإرتياب بما تخفيه “وعد” …
– هي إيه الحكاية …؟! إدخلي …
تقدمت “وعد” تجاه الداخل فكل شئ حولها مرتب بعناية كما كانت والدتهم تفعل تمامًا ، لم يتغير بالبيت شئ ، وربما ذلك أمر بعث الراحة بداخلها فإحساس الأمان مفقود تمامًا تتمنى أن تتشبث بأى شئ يشعرها به …
إلتفت “وعد” تجاه “عهد” التى لحقت بها لتبدأ تهاوى قوتها الضعيفة …
– متزعليش مني يا أختى … غصب عني …
يا ليتها لم تنطقها ، فـ”عهد” كانت على وشك الإنفجار وضعف “وعد” حقق لها غايتها ، لتنهال بإنفعالها و حِطدتها على تلك السلبية …
– غصب عنك …؟؟!! ليه … ليه بتعملي فى نفسك وفينا كدة …؟!! ليه بتعيدي حياة كرهناها … ليه ضعيفة وخايبة بالشكل ده … ما إنتِ عارفة كويس الضُعاف بيجري لهم إيه …؟؟!
أشارت “عهد” بطول ذراعها نحو الفراغ وهي تنتفض بغضب إشتد له حمرة وجهها لإنفعالها الشديد فقد وقعت إحداهما بالهاوية …
– مش شايفة إللي حصل لأمك … ولا لخالتك “زكيه” …؟!! مش شايفة قدام عينك ضعفهم عمل فيهم إيه … إنتِ ليه غبية كدة ….؟؟! ليييييه …؟!!؟
تهدج صدر “وعد” بقوة لتنهار بنشيج وبكاء حاولت ألا تنساق خلفه لكنها لم تقدر على الإطلاق …
– قلبي خاني يا “عهد” … غصب عني كنت بدأت أحب “عاطف” … كنت عايزة حياتنا تمشي … كان نفسي يبقى ليا زوج بيحبني ويخاف عليا … كان نفسي فى بيت إتحرمت منه …..!!!!!!
صوتها المتهدج وإحساسها بالتحسر والندم جعل “عهد” ولأول مرة تشعر بمعنى ضعفها ، لقد فهمت أخيرًا ما معني أن ينساق قلبك رغمًا عنك ، أن يحب من لا يحبك ، لقد أدركت أن النسيان ليس بتلك السهولة …
لأول مرة تعاطفت مع أختها فقد مرت بمرارة التجربة ، لكن …. إحساسها بالضعف ليس من شيمها ، فلن تستسلم ولن تترك أختها تتخبط بتلك المتاهة ، بل عليها الأخذ بيدها والعبور بها لبر الأمان …
رفعت “عهد” عنقها للأعلى بشموخ فلن يكسرهما رجل لتعقب بقوة أرادت بثها بـ”وعد” …
– كان لازم تختارى نفسك … فوقى من إللي إنتِ فيه .. و إللي إنتِ ناوية عليه … لازم تكوني قوية وأنا معاكِ … متخافيش … هاتي إبنك وتعالي هنا … أنا حاحميكِ متخافيش …
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
زادت شهقاتها وبكائها وهي تحرك رأسها نفيًا حتى أن “عهد” لم تفهم لم ترفض ذلك …
– مش حينفع … مقدرش … مقدرش …
إحتدت “عهد” بقسوة لتفيق أختها من خنوعها …
– هو إيه اللي متقدريش … سيبي لهم البيت … تعالي هنا … وقعتي مرة … مش لازم تقعي كل مرة … فوقي يا “وعد” فوقي …
رفعت “وعد” عيناها المغرغرة بالدموع نحو الأعلى قبل أن تردف بإنفعال …
– إنتِ مش فاهمة حاجة …. مش فاهمة حاجة خالص …!!!
أجابتها “عهد” بحدة ..
– فهميني …!!
إرتجف جسد “وعد” بشدة وهي تصرخ معترفة بما لم تستطع كتمانه لأكثر من ذلك …
– أنا مينفعش أسيب البيت هناك … مينفعش … أنا … أنا ….
– إنتِ إيه … ؟؟! ما تنطقي …!!!
بنبرة قوية مهتزة كنفسها الهشة تمامًا …
– أنا إللي قتلت “عاطف” يا “عهد” … أنا قتلته …!!!!!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ظننتك قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى