رواية صغيره أوقعتني في حبها الفصل الأول 1 بقلم رنا تامر
رواية صغيره أوقعتني في حبها الجزء الأول
رواية صغيره أوقعتني في حبها البارت الأول
رواية صغيره أوقعتني في حبها الحلقة الأولى
كان اليوم يبدو عاديًا بالنسبة لـ”مي”، لكنها كانت غارقة في عالمها الذي يفيض بالتوتر والقلق. مي، الفتاة ذات الثامنة عشرة عامًا، تمتلك جمالًا بسيطًا، شعر بني طويل وعينين واسعتين تحملان حزنًا دفينًا. رغم أنها أنهت الثانوية العامة بتفوق، إلا أن فرحتها لم تكتمل بسبب الأجواء المشتعلة في المنزل.
كل صباح كان يبدأ بنفس الطريقة: والدتها تصرخ بسبب أي شيء بسيط، ووالدها يرد عليها بصوت أعلى. أصوات الشجار التي كانت في البداية تزعجها أصبحت مألوفة لدرجة أنها لم تعد تهتم بها، لكنها في نفس الوقت، أثقلت روحها.
في هذا الصباح، بينما كانت جالسة على طرف سريرها تحاول ألا تبكي، سمعت والدها يصرخ قائلاً:
“أنا زهقت! البيت ده بقى زي الجحيم!”
كان هذا كافيًا لدفعها للهرب من البيت. ارتدت ملابسها سريعًا، وضعت سماعات أذنها لتغرق في موسيقى هادئة، وغادرت دون أن تتحدث مع أحد.
الشارع والبحث عن هدوء
كانت شوارع المدينة مزدحمة كعادتها، لكن هذا لم يكن يزعج مي. كانت تسير بخطوات سريعة، وكأنها تهرب من شيء يطاردها. وجدت نفسها أمام كافيه صغير لم تزره من قبل. كان المكان يبدو هادئًا، مضاءً بإضاءة خافتة، مع موسيقى كلاسيكية خفيفة تتسلل من الداخل.
“يمكن ألاقي شوية هدوء هنا”، قالت لنفسها وهي تدخل الكافيه وتختار طاولة في الزاوية، بعيدة عن الجميع.
طلبت كوب قهوة وجلست تحدق في النافذة. تفكر في حياتها، أحلامها، وكيف أصبحت وحيدة في كل شيء. منذ صغرها، كانت تحلم بعائلة متماسكة، مليئة بالحب، لكنها وجدت نفسها تعيش في بيت ينهار أمامها.
«مي عبدالله كانت في الـ18 من عمرها، عيونها زرقاء زي البحر في يوم صافي، وكان شعرها دهبي طويل ولامع زي خيوط الشمس. بشرتها كانت بيضاء ناعمة، مع ملامح رقيقة، لكنها مش دايمًا كانت حاسة إنها مرتاحة. حياتها كانت مليانة توتر بسبب المشاكل المستمرة بينها وبين أهلها. مشاكل في البيت، وضغوط من كل ناحية، خلتها تحس إنها مش قادرة تلاقي طريقها وسط كل الفوضى دي. كانت عايزة شخص يحس بيها، يحبها من قلبه ويحتويها، شخص يبقى جنبها وقت ما تحتاجه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في نفس الوقت، كان “آدم” يجلس على طاولة قريبة، منشغلًا بجهاز الكمبيوتر المحمول وأوراق مبعثرة أمامه. آدم، الرجل ذو الثلاثين عامًا، كان يتمتع بملامح هادئة لكنها جادة. بشعره الأسود القصير وعينيه العميقتين، كان يبدو كرجل اعتاد تحمل المسؤولية.
آدم كان يعمل في شركة كبيرة، يدير فريق عمل ويعيش حياة مليئة بالالتزامات. كان ناجحًا في عمله، لكنه فقد شيئًا مهمًا في حياته الشخصية: البساطة، والعفوية، والإحساس بأن هناك شيئًا يجلب السعادة الحقيقية.
بينما كان يركز على شاشته، لاحظ وجود مي. كانت تبدو مختلفة عن أي شخص آخر في المكان. عيناها كانت تحملان حزنًا كبيرًا، لكنها حاولت إخفاءه بوضع سماعاتها والتظاهر بعدم الاكتراث.
“غريبة…”، قال لنفسه، لكنه تجاهل الأمر وعاد إلى عمله.
ادم نصران« فكان في الـ30 من عمره، شعره بني مدي على الدهبي وكان دايمًا مرتب وأنيق، وعنده دقن خفيفة بتميزه. عيونه الزرقاء كانت بتعكس شخصيته الجادة، وكان دايمًا بيهتم بشغله أكتر من أي حاجة تانية. ادم جاي من عائلة غنية جدًا، ومن عيلة محترمة، لكن رغم الرفاهية اللي كان عايش فيها، كان دايمًا حاسس إنه في حاجة ناقصة. كان عنده حياة منظمة جدًا، لكن من جوا كان محتاج لحد يفهمه، حد يقدر يعبر عن نفسه معاه».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بعد أقل من ساعة، قررت مي أن تغادر. شعرت أنها استراحت قليلاً، لكنها لم تكن تريد البقاء طويلاً. وبينما كانت تخرج، اصطدمت حقيبتها بطاولة آدم عن طريق الخطأ، مما تسبب في سقوط كوب القهوة الخاص به على أوراقه.
“آسفة جدًا!” قالت بسرعة وهي تحاول تنظيف الفوضى التي أحدثتها.
رفع آدم عينيه، للحظة كان يبدو غاضبًا، لكنه سرعان ما قال بهدوء:
“ولا يهمك… حصل خير.”
“بجد آسفة، أنا… ما كنتش مركزة”، قالت مي، وعيناها مليئتان بالحرج.
ابتسم آدم ابتسامة خفيفة وقال:
“مافيش داعي، الموضوع بسيط. بس خلي بالك المرة الجاية.”
نظرت إليه مي للحظة. لم تكن تعرف لماذا شعرت براحة غريبة من طريقة حديثه. قالت بخجل:
“شكرًا… عن إذنك.”
غادرت الكافيه سريعًا، لكن هذا الموقف ظل عالقًا في ذهنها طوال اليوم. شعرت أن هناك شيئًا مختلفًا فيه، شيئًا لم تستطع وصفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بعدما غادرت مي الكافيه، عاد آدم إلى عمله، لكنه لم يستطع منع نفسه من التفكير في تلك الفتاة. لم تكن مجرد فتاة صغيرة مرت في حياته؛ كان هناك شيء غريب في طريقتها، نظرتها، وحتى أسلوب اعتذارها. رغم محاولته لإقناع نفسه بأن الأمر مجرد مصادفة عابرة، إلا أن ملامحها بقيت عالقة في ذهنه طوال اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
على الجانب الآخر، مي كانت تسير في الشارع غارقة في التفكير. لقاءها بآدم جعلها تشعر بشيء مختلف، نوع من الارتياح غير المبرر. لأول مرة منذ فترة طويلة شعرت وكأن أحدًا فهمها حتى لو لم تنطق بكلمة عن حياتها أو معاناتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
في الأيام التالية، حاولت مي أن تخرج من روتينها المعتاد بالهروب من المنزل عند اشتداد الخلافات. كانت تعود لنفس الكافيه الذي وجدت فيه الهدوء، على أمل أن تستعيد شعورها بالراحة ولو للحظات.
وفي إحدى تلك الزيارات، وبينما كانت تجلس في نفس الزاوية الهادئة التي أصبحت مألوفة لها، فوجئت بآدم يدخل الكافيه مرة أخرى. جلس على نفس الطاولة التي كان يجلس عليها في المرة السابقة، وبدأ ينشغل بجهاز الكمبيوتر وأوراقه كالعادة.
لم تكن مي تعرف لماذا شعرت بشيء من السعادة لرؤيته. كانت تفكر في أن تذهب وتعتذر له مجددًا عن الحادثة السابقة، لكنها ترددت.
“أكيد مش فاكرني… ولو فاكرني هيقول عليّا غريبة!” فكرت في نفسها وهي تحاول التركيز على الكتاب الذي تحمله بين يديها.
لكن آدم لاحظ وجودها، وابتسم في نفسه وهو يفكر: “هي تاني؟ غريبة… بس شكلها مش صدفة.”
بعد دقائق من التردد، قررت مي أن تتحلى بالشجاعة وذهبت إليه.
“السلام عليكم… فاكرني؟” قالت بصوت منخفض، لكنها بدت مترددة.
رفع آدم عينيه من جهاز الكمبيوتر، وابتسم وقال:
“طبعًا فاكر… إنتِ اللي وقعتِ قهوتي.”
ضحكت مي بخجل وقالت:
“كنت عايزة أعتذر تاني عن اللي حصل… ماكنش قصدي.”
قال آدم بلطف:
“ولا يهمك، الموضوع خلص من زمان… لكن واضح إن الكافيه ده بقى مكانك المفضل.”
أومأت مي برأسها وقالت:
“بصراحة، أه. بحب الهدوء هنا… وأحيانًا بحتاج مكان بعيد أرتاح فيه.”
كانت كلماتها تبدو عادية، لكن آدم شعر بأنها تحمل شيئًا أعمق من مجرد حب للهدوء. قال بنبرة مهتمة:
“الهدوء مطلوب فعلًا… لكن واضح إنك بتدوري على أكتر من مجرد مكان هادي.”
توقفت مي عن الكلام للحظة، وكأنها تفكر في الرد. لم تكن معتادة على أن يقرأ أحد مشاعرها بهذه السهولة. قالت بعد تردد:
“ممكن يكون عندك حق… أحيانًا الواحد بيحتاج حد يسمعه أكتر من مجرد مكان يهرب له.”
ابتسم آدم وقال:
“ده حقيقي. ولو محتاجة حد يسمعك، أنا موجود.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ✦
بدأت مي تحكي لآدم بشكل بسيط عن حياتها، عن توتر العلاقة بين والديها، وعن شعورها بالوحدة وسط كل هذه الفوضى. ورغم أنها كانت تروي الأمور بطريقة خفيفة، إلا أن آدم كان يشعر بثقل الكلمات التي تخرج منها.
آدم لم يكن شخصًا عاطفيًا بطبعه، لكنه وجد نفسه مهتمًا بسماع مي، ليس بدافع الفضول فقط، بل لأنه شعر بأنها تستحق أن يكون لديها شخص تعتمد عليه. ومع ذلك، كان هناك شيء داخله يهمس له: “فرق السن كبير… مش المفروض أسمح لنفسي أقرب منها أكتر.”
لكن تلك الفكرة لم تمنعه من محاولة دعمها. قال لها:
“المشاكل اللي بتحكي عنها مش سهلة، لكن المهم إنك ما تخليشها تأثر على طموحاتك أو حياتك. إنتِ تستحقي تكوني سعيدة، حتى لو الظروف حواليكي صعبة.”
شعرت مي براحة كبيرة في كلامه، وكأنها لأول مرة تجد شخصًا يرى قيمتها. قالت بابتسامة خفيفة:
“شكرًا… كلامك خلاني أحس إن لسه فيه أمل.”
منذ ذلك اليوم، أصبحت لقاءات مي وآدم في الكافيه شبه يومية. لم تكن مخططة، لكنها كانت تحدث بشكل طبيعي. وبمرور الوقت، بدأت العلاقة بينهما تأخذ شكلًا مختلفًا.
مي كانت ترى في آدم الشخص الذي حلمت به دائمًا؛ شخصًا ناضجًا، يدعمها، ويمنحها الأمان الذي فقدته في بيتها. أما آدم، فكان يرى في مي براءة وشغفًا للحياة، أشياء افتقدها بسبب جدية حياته وروتين عمله القاتل
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية صغيره أوقعتني في حبها)