روايات

رواية شياطين الانس الفصل السادس 6 بقلم سلمى سمير

رواية شياطين الانس الفصل السادس 6 بقلم سلمى سمير

رواية شياطين الانس الجزء السادس

رواية شياطين الانس البارت السادس

شياطين الانس
شياطين الانس

رواية شياطين الانس الحلقة السادسة

#اسكريبت
#شياطين_ألانس
#براءة_خادعه ج٢
#الحكاية_الثالثه
******
دلف رجب إلى الشقة التي يسكنها مع أخته المطلقة عبير، وصوته يصدح في أرجاء المكان، ينادي عليها بإلحاح:
“عبير! عبير! إنتِ فين؟”
خرجت عبير من المطبخ وهي تمسح يديها في طرف ملابسها، وقد ارتسمت على وجهها علامات الدهشة. لطالما اعتادت على عودته متأخراً، فهو يقضي لياليه في السهر منذ طلاقها وعودتها للعيش معه. بدا لها أمر عودته مبكراً غريباً، خاصة أنه بالكاد يلقي لها بالاً طوال اليوم. سألته بنبرة ممزوجة بالاستغراب والشكوى:
“مش معقول! رجعت بدري! وحسيت بأختك الغلبانة اللي سايبها طول اليوم مقطوعة؟! منك لله يا رجب، كنت راضية بحياتي مع طليقي، على الأقل كنت باكل معاه لقمة مش سايبني طول اليوم زي قرد قطا!”
ابتلع رجب ريقه بتوتر، ثم قال بتردد واضح:
“طيب يلا، علشان ترجعي لجوزك وترتاحي مني.”
تطلعَت إليه عبير بريبة، ثم اقتربت منه ووضعت يدها على جبينه كأنها تتحقق مما إذا كان محموماً، وسألته بدهشة:
“أرجع له؟ إزاي؟ لا طبعاً! استحالة أرجعله غير لما يعرف قيمتي. مش هقدر أنكر إني لسه بحبه، لكن وجعني لما طلقني على حاجة مليش ذنب فيها، وباع عشرتي.
انسى يا رجب، أنا مش هرجعله غير لو جه بنفسه ندمان وطلب مني السماح.”
أمسك رجب بيدها فجأة، وجذبها بعنف نحو باب الشقة، وقد بدا جسده مرهقاً وملامحه يكسوها اضطراب غريب. قال بنبرة متوترة ومندفعة:
“بطلي دلع! جوزك عمل حادثة، وناس ولاد حلال خدوه عندهم، لكنه رافض يروح المستشفى قبل ما يشوفك.ومتنسيش، إنتِ لسه في شهور العدة يعني لسه مراته.”
لم تشعر عبير بنفسها وهي تهرع إلى الخارج مسرعة، دون أن تنتبه إلى أن ثيابها كانت ضيقة وتُظهر تفاصيل جسدها. لحقها رجب، ودخل غرفتها بسرعة، وأخذ عباءة سوداء كانت معلقة، ثم ألقاها لها قائلاً بحزم:
“خدي استري جسمك بالعباية دي، مفيش وقت تغيّري هدومك. لازم نلحقه قبل ما تسوء حالته.”
ترددت عبير للحظة، لكن ملامح شقيقها القلقة ولهفته جعلتها ترتدي العباءة على مضض. لم تلحظ ارتباكه ونظراته المذعورة التي تهرب من عينيها، ولا شعوره بالذنب الذي كاد ينكشف. وافقت على الذهاب معه طائعة، وهي لا تفكر سوى في زوجها السابق وما حل به.
أوقف رجب سيارة أجرة، واستقلها معها حتى وصلا إلى العمارة التي تقطنها نجوان، المرأة التي طالما وصفها بـ”الأفعى”. دلف الاثنان إلى المصعد وصعدا به إلى الشقة التي أخبرها عنها. ما إن ضغط رجب على الجرس، حتى فتح لهما الباب رجل غريب، تطاير من عينيه نظرات مشجعة خبيثة. رحب بهما بابتسامة باردة وكلمات أشعلت التوتر في قلب عبير دون أن تفهم سببها.
وقف رجب متجمداً للحظة، بينما كانت عبير تنظر حولها بشك متزايد، كأنها تستشعر شيئاً مريباً في الأجواء.
ضحك الرجل بصوت عالٍ وهو ينادي:
“رجب جاب أخته! يا ملكة، اتفضلوا… اتفضلوا، الشقة نورت!”
دخل رجب ومعه عبير، ممسكًا بيدها بقوة كأنما يحاول حمايتها من الكارثة التي ستدركها قريبًا. عيناه كانتا مليئتين بالقلق والخوف، كأنه يخشى اللحظة التي ستعرف فيها أخته الحقيقة المريرة. كيف يمكنه مواجهتها بعد أن جعلها فريسة لرغباته القذرة؟
كانت نجوان تنتظر علي نار حضورهم، اتت مسرعا واقتربت ببطء منهم وهي ترمق عبير بنظرات ماكرة، ثم قالت بنبرة مفعمة بالخُبث:
“ما شاء الله، لا بجد… انتِ تستحقي اللي هيدفع فيكي. ادخلي، خدي نصيبك، وياريت تفكري تبقي واحدة من البنات اللي بيشتغلوا معايا. والله هتكسبِ دهب.”
حدقت فيها عبير بدهشة وذعر، ثم التفتت نحو رجب وسألته بصوت مرتعش:
“هي الست دي بتقول إيه؟ مين اللي هيدفع فيا؟ ونصيب إيه؟ مش إنت قلت إن حافظ هنا؟!”
رجب غمغم متوترًا وهو يبتلع ريقه ويحاول التهرب من نظراتها:
“لا… مش قصدها. شكلها بس فاهمة غلط. أنا هفهمها.”
ابتعد رجب عن عبير بخطوات مرتبكة وجذب نجوان من ذراعها بعيدًا عنها، وهو يهمس لها بغضب مكبوت:
“اسكتي بقى، هتفضحينا! أنا قلتلها إن جوزها هنا مصاب علشان تجي معايا. خلصيني، هاتي الجرعة. جسمي واجعني، ومش قادر أتحمل أكتر.”
جذبت نجوان ذراعها منه بقسوة، ونظرت إليه نظرة تحمل كل خبثها، وقالت بصوت خافت لكنه حاد:
“اصبر لما الزبون يستلمها. لازم أتاكد إنه نالها، هو اللي هيدفعلك تمن البودرة اللي نفسك فيها.”
ثم ألقت نظرة ازدراء على عبير، وهي تضيف:
“وإنت مالقيتش غير العباية السودة دي تلبسها لها؟! هدخلها عليه كده ازاي؟ خَلّيها تغير هدومها قبل ما تدخل. وأنا هروح أجهز الأوضة اللي تستقبل دخلتهم.”
كان كلام نجوان كالمطرقة التي تضرب على رأس رجب، لكنه كان أضعف من أن يعترض أو يغير مسار ما يجري. مشى مترددًا، غير قادر على النظر في عيني أخته، التي بدأت ترتجف من الشعور بالخطر الداهم.
ضحكت نجوان بشراسة وخبث وهي تترك رجب وتذهب إلى الرجل الثري الذي لجأ إليها، طالبًا الحصول على عبير بعدما فشلت محاولاته لإغداقها بالمال وجعلها عشيقته منذ علم بطلاقها قبل شهر. ذلك الرجل لم يتوقف عند حدود الرفض، وحين عرف أن رجب هو أحد رجالات نجوان الذين يؤمنون وكرها، قرر استغلاله. طلب منها أن تأتيه بأخته، بعد أن وعدها بدفع مبلغ خرافي مقابل ليلة واحدة يقضيها معها.
لهذا وضعت نجوان خطه محكمة للسيطرة علي أخيها، باستغلال رجب. عندما بدأت تُغرقه بجرعات متفاوتة من الكوكايين حتى أصبح مدمنًا، عبدًا لرغباتها وأوامرها. الآن، جاء الوقت لتحصيل الثمن الذي كانت تخطط له منذ البداية:
شرف أخته البريئة، التي ستتحول إلى لعبة بين يدي الثري الذي رغب فيها دون أن يكترث لعشقها لزوجها السابق أو نقاء قلبها.
اقتربت نجوان من الرجل الذي كان يجلس في ركن السامر. لمحت ابتسامته تتسع فور أن أشار إليها، ثم استقام واقفًا بحماس، وقال بلهجة تفيض بالوقاحة:
“يا بنت الإيه… عملتيها ازاي، المهم طمني قلبي الليلة ليلتي ولا إيه؟”
غمزته بعينها بدلال زائف أثار اشمئزازه أكثر مما أثار إعجابه، ثم قالت بابتسامة مقززة:
“إيدك على الشيك يا باشا. وأحلى أوضة ليك وليها، وخد منها كل اللي نفسك فيه، بس اديني دقيقتين أظبطهالك. البت عفيا ومش هتستسلم بسهولة.”
هزّ الرجل رأسه موافقًا، وأخرج شيكًا أمهره بمبلغ لم تكن نجوان تتخيل يومًا أنها ستناله مقابل ليلة واحدة. أخذته بسرعة ووضعت الورقة في صدرها، كأنها أغلى كنز حصلت عليه، ثم ذهبت بخطوات ثابتة نحو المطبخ.
خرجت بعد قليل تحمل كوبًا من العصير، وتقدمت نحو عبير، التي كانت تجلس مضطربة لا تفهم ما يدور حولها. قالت لها بابتسامة زائفة:
“حقك عليا يا شاطرة، افتكرتك جاية تشتغلي معانا. معلش لو كنت قلقتك. خدي العصير ده لحد ما الدكتور يخرج يطمنا على جوزك.”
مدّت الكوب نحوها، ثم أضافت وهي تتفحص عباءتها السوداء:
“ياريت تقلعي العباية دي. أنا هجيبلك حاجة تفتح النفس تلبسيها علشان لما يشوفك جوزك يفرح برؤيتك.”
عبير، التي كانت تتعلق بأمل زائف، أخذت الكوب بيدين مرتعشتين دون أن تدري أن وراء الكلمات المزخرفة مصيرًا مظلمًا ينتظرها.
رفضت عبير بعناد تغيير ثيابها، معتبرة أن هذا ليس وقتًا لذلك. لكن إصرار نجوان لم يهدأ، بينما ألقى رجب بنفسه في حالة من الاستسلام البائس، وقد بدأ الألم يُنهش جسده جراء حاجته المُلحة إلى جرعة جديدة.
قال لها بلهجة خالية من أي تعاطف:
“اقلعي العباية وخلاص! بطّلي شغل الكسوف ده… انت داخلة على جوزك.”
قبل أن تجيب، جذب العباية من فوقها عنوة، كاشفًا عن ثيابها المنزلية التي بدت مثيرة أكثر مما يمكن أن تكون عليه أي قطعة مغرية من الملابس. حاولت عبير أن تستر نفسها بيديها المرتعشتين، لكن نجوان بادرتها بكوب العصير، وهي تقول بمكر:
“خدي اشربي ده… هيهدي أعصابك علشان تعرفي تصبّريه، يلا!”
تناولت الكوب بتردد وبدأت تحتسيه على استحياء، محاولة تجاهل إحساسها المتصاعد بالريبة. وما أن انتهت، حتى جاء أحد الرجال ليُخبر نجوان بأن الغرفة قد تم تجهيزها، وأن “الزبون” ينتظر بالداخل.
نجوان لم تستطع أن تُخفي ابتسامتها المشحونة بالتشفي، فهي لم تكن تكره عبير إلا لكونها شريفة وعفيفة، عكسها تمامًا. اقتربت منها وربتت على كتفها بخبث واضح، قائلة:
“الحمد لله، الدكتور قال إنه فاق. يلا، روحي له… ربنا يعينك وتسعديه.”
دفعتها نحو الباب وفتحته، لتجد عبير نفسها تُدفع داخله دون أن تتمكن من استيعاب ما يجري. قبل أن تُدرك عدم وجود طليقها في الداخل، أُغلق الباب بالمفتاح خلفها، وصوت نجوان يتردد في أذنيها، كخنجر مسموم:
“مافيش خروج يا حلوة. انتِ وقعتي في المصيدة. أرضي الباشا عشان تاخدي نصيبك بدل ما تخسري شرفك ومالك… ليلة سعيدة يا قطة.”
صرخت عبير بقوة، مستغيثة بأخيها الذي ساقها إلى هذا المستنقع. لكن رجب لم يرد. كان قد اسرته نجوان في أحضانها، وهمست له بصوت مفعم بالمكر:
“اصبر، كلها دقايق وهتهدى وترضّي الزبون. وأنا كمان هرضّيك وهديك للكيف اللي بتدور عليه… وأدلّعك بليلة حمرا معايا.”
رجب وضع يديه على أذنيه، محاولًا حجب صرخات أخته، التي كانت تُشقّ عنان الهواء، بينما الرجل الثري قبض على خصرها، مستغلًا ذهولها وضعفها، وأخذ يُقبّل رقبتها بعنف، قائلاً:
“أخيرًا… أخيرًا يا قمر. أنا بموت عليك من أول ما شوفتك! حاولت كتير أكلمك، لكنك كنتِ بترفضيني. حتى بعد طلاقك، فضلتِ تتهربي. بس خلاص… الليلة دي أنتِ ليا، ولو سمعتِ الكلام هخليكي عشيقتي على طول.”
صرخت عبير برجاء يائس، دموعها تنهمر، وكلماتها تتوسل إليه بشدة:
“أبوس إيدك، بلاش تلمسني. أنا هرجع لجوزي… حلمنا اتحقق خلاص. بلاش تكون السكينة اللي تذبحني زي ما أخويا غدر بيا وقتلني.”
لكن كلماتها زادت من جموحه. نظر إليها بعينين اشتعلتا برغبة مختلطة بحقد دفين، حملها عنوة وألقاها على الفراش. مزّق ثيابها بشراهة وقال، بنبرة يملؤها الإصرار والجنون:
“أوبس… إيه ده! طلعتِ مزه! جسمك طلع صاروخ… وأنا اللي هدمره الليلة.”
حاولت عبير بكل قوتها الإفلات من قبضته، لكنها شعرت بجسدها يتراخى شيئًا فشيئًا مع سيطرة المخدر الذي وضعته لها نجوان. استسلمت لضعفها وغابت عن الوعي، متمنية ألا تستيقظ أبدًا، حتى لا تضطر إلى مواجهة أخيها الذي باع شرفها بثمن بخس، ولا ذلك الرجل الحقير الذي دنس جسدها.
وفي الخارج، ما إن سكت صوتها حتى انفجرت نجوان بضحكة خبيثة وقالت لـرجب، الذي كان مستسلمًا بين أحضانها:
“كده أقولك مبروك عليك… تعالَ ورايا، خد مزاجك وليلتك معايا زي ما وعدتك يا وحش.”
قادته إلى غرفتها وأعطته جرعة كبيرة من المخدر. قَضَت معه ليلة ساخنة، تُرضي بها نفسها المريضة التي كانت تستمتع بتدنيس شرف فتاة بريئة.
استسلم رجب للكيف والرغبة، وغفا منهكًا بعد ليلته معها. لكنه استيقظ فجأة على صوت أحد رجال نجوان، يهمس لها بقلق:
“البنت شكلها بتموت… لما دخلنا عليها لقيناها بتنزف، والزبون هرب بعد ما خلص عليها وشوه جسمها.”
انتفض رجب كالمجنون ونهض من الفراش، يلبس ثيابه على عجل، ثم دفع الجميع جانبًا وركض نحو الغرفة التي تحتجز فيها أخته. ما إن فتح الباب حتى رأى عبير غارقة في بركة من دمائها.
أخذ يهزها بجنون ويصرخ:
“عبير… ردي عليّا! عبير… أنا عملت فيكِ كده إزاي؟ منها لله الأفعي… منها لله هي السبب!”
جذب الغطاء وغطى جسدها المنتهك، ثم حملها بنفسه وهرع بها إلى المستشفى، يلاحقه شعور مرير بالذنب والخزي.
في المستشفى، تصادف وجود أحد جيران عبير، الذي كان يعمل ممرضًا هناك، فاقترب منه بقلق وسأله:
“إيه اللي حصل لمدام عبير؟ مالها يا أستاذ رجب؟”
ابتلع رجب دموعه وهو يحاول التماسك قائلاً:
“مش عارف… وقعت من على السلم وهي بتمسحه، ولقيتها بتنزف. أرجوك ساعدني، وخليك معايا… متسبنيش.”
تم نقلها بسرعة إلى غرفة العمليات لإنقاذها. وبعد دقائق طويلة خرج الطبيب وقال بحزن:
“للأسف، المدام أجهضت الجنين. كانت في الأسبوع السادس من الحمل. هنعمل كل اللي نقدر عليه عشان نوقف النزيف، لكن هي في حالة خطيرة جدًا. الانتهاك اللي اتعرضت له أثر على الرحم، ومع الضغط العالي حالتها تدهورت.”
اخترقت كلمات الطبيب قلب رجب كالسكاكين، لكنه لم يكن الوحيد الذي شعر بذلك. في اللحظة ذاتها، كان حافظ، زوج عبير السابق، قد وصل إلى المستشفى بعد أن أبلغه جاره بما حدث. وقف خلف الطبيب، يسمع كلماته بألم وغضب.
صرخ بحرقة:
“عبير كانت حامل…يعني كده ضاع حلمنا اللي طلقتها علشانه. أنا ندل وجبان… كانت مستحملاني طول عمرها، ولما ربنا رزقنا بالولد اللي كانت بتحلم بيه، أنا اللي كسرت قلبها وسبتها. أنا ندل وجبان… عشان كده ربنا حرمني منه.”
جلس حافظ على الأرض وهو يبكي بحرقة، يدعو الله أن ينقذ عبير، التي كانت بين الحياة والموت، بسبب طمع وخيانة أقرب الناس لها.
نهض حافظ فجأة، دنا من رجب الذي كان يقف بذهول وصدمة، عاجزًا عن استيعاب الكارثة التي صنعها بيديه. أمسك به من كتفيه وهزه بقوة، وعيناه مليئتان بالدموع والندم، ثم قال له برجاء:
“سامحني يا رجب… أنا غلطت كتير، بس والله هصلح كل حاجة. ارجوك وافق أرجعها، اوعدك اني هعمل المستحيل عشان تعيش سعيدة وتسامحني.
باذن الله ربنا هيعوضنا بطفل تاني، بس أهم حاجة تعيش وتسامحني.”
قبل أن يكمل حديثه، خرج الطبيب من غرفة العمليات مكفهر الوجه وقال بصوت مثقل بالأسى:
“للأسف… النزيف مش راضي يوقف، وحالتها خطيرة جدًا. هنضطر نستأصل الرحم لإنقاذ حياتها. محتاج توقيع حد منكم على الإقرار.”
كانت الكلمات كالصاعقة على حافظ، الذي انهار وأمسك بيد الطبيب مستعطفًا:
“أرجوك يا دكتور، حاول مرة كمان… ما تشيلش الرحم، دي أمنية حياتها تكون أم! كده هتحرمها طول عمرها من الأمومة… وأنا السبب. أرجوك، حاول بأي طريقة… أنا مش هقدر أعيش بذنبها وذنب حرمانها من الأمومة.”
هز الطبيب رأسه بأسف عميق وقال بحزم:
“مفيش فرصة، يا أستاذ. الحالة حرجة جدًا، والنزيف لو ما توقفش حالًا، حياتها هتكون في خطر. بعد سقوط الجنين، الأولوية للحفاظ على حياتها. اتفضل امضي بسرعة، ما عندناش وقت.”
مد رجب يده إلى الإقرار بأيدٍ مرتجفة ووقعه دون أن ينظر إليه، ثم قال بصوت مختنق بالدموع:
“أنقذها يا دكتور… أما أنا، فذنبي كبير قوي، وعمري ما هسامح نفسي. أنا اللي كان المفروض أحميها، أصونها… لكن أنا اللي سلمتها للضياع. أرجوك لما تفوق، اطلب منها تسامحني. أنا ما استاهلش أكون أخ لها.”
تركهم وخرج يجري كالمجنون، عاجزًا عن مواجهة حقيقة ما فعله.
أما حافظ، فجلس على الأرض خارج غرفة العمليات، يضع رأسه بين يديه ويعض على أصابع الندم، متذكرًا لحظات ظلمه لها. دموعه انهمرت وهو يردد:
“كنت فاكرها السبب في حرماننا من الأطفال، طلقتها وجرحتها… وهي اللي كانت مستحملاني وصابرة. دلوقتي، أنا السبب في كل حاجة… حلمها بالأمومة ضاع بسببي، وأنا كنت أعمى عن حبها وتضحيتها. سامحيني يا عبير… سامحيني.”
في تلك اللحظة، كانت غرفة العمليات مسرحًا لمعركة بين الحياة والموت، بينما الخارج كان غارقًا في صمت ثقيل يُخفي داخله قلوبًا محطمة وندمًا لا شفاء له.
***********

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شياطين الانس)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى