رواية شط بحر الهوى الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سوما العربي
رواية شط بحر الهوى الجزء الحادي والأربعون
رواية شط بحر الهوى البارت الحادي والأربعون

رواية شط بحر الهوى الحلقة الحادية والأربعون
بدأ يهبط الدرج و هو يسحبها خلفه بهدوء رغم علمه بخلو المكان حالياً لكنه كان محطاط لدرجه كبيره فى كل خطوه يخطوها فحياتها لم تكن الوحيدة المعرضه للخطر هنالك ما هو أهم من ذلك ، حياة فيروزته ، و التى هى بإختصار حياته .
هى أهم من كل شيء ، نجح أخيراً بإجتياز الرواق المؤدى للباب الكبير ثم منه ألى الحديقه حيث توقفت سياره سوداء فارهه تبدو مستعدة للتحرك فى أى وقت .
بالفعل بعدما فتح باب السيارة لها و جلست أستدار سريعاً لجوارها أمراً السائق بالتحرك .
لكن توقفت أمام الباب الالكتروني الضخم ، ظلوا لمدة نصف دقيقة و على ما يبدو انه ينتظر شخص ما و قد أتى بالفعل.
شهقت فيروز بصدمه ، إنه أحد حراس فلاديمير الأوفياء و كان دائم التواجد معه فى كل مكان منذ حضرت إلى هنا.
نظر لها ماجد و قد تكونت على إحدى زوايا فهمه إبتسامة متهكمه تحمل معنى واحد لا يحتاج للنطق كى تفطنه ( المال يتحدث) .
وضع ذلك الرجل كارت صغير فى الأله الموصله بالبوابة ففتحت على الفور .
مد ماجد يده من نافذة السيارة محمله برزمه من المال و أعطاها للرجل الذي ظل صامت و لم يرف له جفن .
إنطلقت السياره أخيراً مبتعده عن قصر فلاديمير الضخم .
ظل ماجد مترقب لكل شيء بعيد عن فيروز ، متأهب لكل حركه .
و بعد نصف ساعة من القياده و جدته يخرج تنهيده حاره مردداً : أووووف … أخيراً خرجنا برا حدود سيطرته .
فهمت ما يقصده ، حديثه يعنى أنهما الان فى أمان و بعيد عن سلطة يده.
أتسعت عيناها بصدمه و هى تشعر به قد حاوط خصرها بيديه كل كف منهما فى ناحيه يميناً و يساراً ثم ضمها له يشتم رائحتها مردداً: وحشتينى.. وحشتينى أوى يا فيروزتى ، أخيراً بقيتى معايا و حضنى.
صكت أسنانها بعنف و غضب و هى تبعد كفيه عنها مردده : أبعد ايدك دى عنى ، إنت هتعملى فيها أخويا و لا ايه ؟
مرر أنفه على وجنتها و هو مازال محتضنها له بعدما أحبط محاولاتها فى إلابتعاد عنه قائلاً : و مين قال كده انتى عارفه و أنا عارف أننا مش أخوات و إنك حبيبتى ،حبيبتى إلى ما أقدرش استغنى عنها .
حديثه و قربه لم يؤثرا بها إيجاباً لصالحه بل سلباً تذكرت ما فعله بها و تلك اليد التي تحتضنها الان كانت تضربها من أيام فقط .
و ذلك اللسان الذى يقطر عسلا سبها و نعتها بأقذر أنواع الصفات يومها.
نجحت فى إبعاد يداه عنه و قالت : لو ما بعدتش عنى هفتح الباب و ارمى نفسى من العربيه مش هستنى حتى لما أرجع مصر .
أطبق جفناه بحزن كبير ، كان يعلم و متوقع رد فعلها هذه لما بات يعرفه عنها ، عن صفاتها و شخصيتها .
حبيبته ذات قلب أسود يناقض بشرتها القريبه من القشده ، لا تنسى ابدا من أساء إليها و من أحسن ، تمتلك ذاكره فولاذيه و تترك حقها ابداً ، قد تصمت و تنتظر إلى أن تأتى الفرصه لكن لا تنسى أو حتى تعفو .
بالفعل بدأت تتحدث و تسرد عليه كل ما أرتكبه بحقها بذاك اليوم المشؤوم تسأل : أنا بستعجب عليك بجد ، أنت ازاى قادر بنفس الأيد الى ضربتنى و كسرت البيت كله فوق دماغى تيجى بيها هى هى تلمسنى و تحضنى ، إزاى بنفس اللسان إلى شتمنى جاى تنطق تقول حبيبتى إزاى ، ده إيه البجاحه دى .
إبلتع رمقه بصعوبه و قال : أعذرينى يا حبيبتي و الله من غيرتى عليكى ، أنا بغير عليكى أوى ، بغير من الهوى ، بتجنن لو عرفت ان حد قرب منك ، أنتى بتاعتى أنا و بس.. أنا… أنا لما شوفت الحاجات دى اتجننت ، كنت زى المجنون مش شايف قدامى .
رمقته بإزدراء و قالت نافره : يبقى روح إتعالج بعيد عنى ، و لازم تبقى عارف انى لا دلوقتي و لا بعدين هعرف أنسى الى عملته أو حتى أسامح فيه و لو كنت طاوعتك و بتتكلم و أرد ف ده لأنك الأمل الوحيد ليا عشان أرجع مصر ، من الآخر كده بستغلك ، أصل أنا وصوليه و إستغلاليه أوى
كان يستمع لها بألم يتمنى فرصه جديده و أبتسم على نهاية حديثها فهو على علم بما كانت تفعله ، لكن تفاجئ بصراحتها ، فحبيبته و كما يعلمها هى ملكة اللف والدوران ، تجيد التلاعب و التلون .
لكنها تتحدث معه بما تشعر و فعلت مباشرة الآن مما جعله يبتسم و يغمض عيناه يعض على شفتيه منها و من جنونه بها ، لا يعلم كيف سيعشقها أكثر مما هو عليه.
أبتسم أكثر و هو يستمع لها تكمل متوعده : ماشى ، أضحك براحتك ، أوصل بلدى بس و بعدها قسماً بالله لأوريك نار جهنم على الأرض ، هخليك تتكوى بالنار كل دقيقه و لما أبقى أشبع و اتشفى فيك همشى .
فتح عيناه و إلتف برأسه يقول لها بحالميه : على بيتنا الجديد إلى هنتجوز فيه .
أحمر وجهها من الغضب ، إن كانت هى ملكة اللف والدوران فهو ملك الإستفزاز ، يجيده حقا ، هى بالأساس تستغربه .
و قالت : يا اخى يخربيت الإستفزاز ، تصدق… أنا ساعات بحتار فى أمرك ، أوقات تبقى عصبى و بتتخانق مع دبان وشك و أوقات تانيه بتبقى بارد و مستفز .
أعتدل فى جلسته و غافلها بضمه لها يقول: لأ هو أنا فى العادى و الطبيعي بارد و مستفز .
صمت و قد أقترب بأنفه يلصقه بأنفها ثم تحدث بأنفاس ساخنه : مش بقلب كده و لا أتعصب غير من غيرتى عليكى ، لما تبقى الحاجه تخصك أنتى من قريب أو من بعيد .
لن تكابر ، لقد أرتبكت ، زلزلتها نبرة صوته و كلماته التى دغدغت كل حواسها و علت وتيرة أنفاسها .
ظلت تنظر لعيناه كما يفعل هو بعدما تاه فى عيناها التى يعشقها و يعشق لونهما الرمادى .
و لم يخرجه من حالته تلك سوى انتباهه على توقف السيارة ليدرك أنهم قد وصلوا للمكان الذى تنتظرهم فيه الطائره الخاصه التى قام بإستجارها بمبلغ ليس بهين كى توصلهما إلى مصر .
ترجل من السياره سريعاً و هو مازال على درجة عالية من الحيطة والحذر ، مد لها يده كى تترجل هى الأخرى من السياره ثم سحبها خلفها مجددا كى يصلا للطائره.
جلست و هو ظل على وضعه متأهب غير مطمئن.. إلى أن زفر بتعب و قد أقلعت الطائرة أخيراً.
وقتها تنهد بتعب يشعر بزوال صخره ضخمه من على صدره ، مد يده كى يقربها منه و يأخذها بأحضانه لكنها أبعدت يده بحده.
فقال و هو يمد يداه لها يستجديها : تعالى ،عايز أخضك فى حضنى و أنام .
نظرت له بغيظ و إزدراء و ولته ظهرها تنظر من النافذه على المدينه و هى تحلق عالياً.
زم شفتيه بيأس و تمطأ بكسل يأخذ راحته فى كرسيه أكثر يستمتع بمشاهدتها و هى أخيراً معه و أمامه عائده الى بيته كى تظل تحت عيناه و قريباً جداً فى أحضانه .
_____________________
_ صباح الخير
قالها يوسف بسماجه لهارون الذى توقف عن السير و أستدار له قائلا : صباح النور .
شمله بنظره سريعه و هو يراه قد بدل ثياب النوم لأخرى كأنه مستعد للخروج فسأله : شكلك خارج .
جاوبه يوسف على الفور : أيوه ، جاى معاك .
نظر له هارون بحاجب مرفوع و ردد: جاى معايا ؟ جاى معايا فين ؟
يوسف : المكان الى أنت رايحه .
هارون : يعني أصلا مش عارف أنا رايح فين بس لابس و هتيجى ! جاى فى أى حاجة يعنى ؟
هز يوسف رأسه إيجاباً و قال : أيوه ، ما انت أكيد رايح تشوف الحته بتاعتك .
نهره هارون بغضب: ايه حته دى ما تلم نفسك.
اشاح له يوسف بيده و قال ببرود : المداام يا عم ، الجماعه ، ها حلو كده ، خدنى بقا معاك عشان أشوف مين دى الى وقعت هارون الرشيد.
صك هارون أسنانه بغيظ ثم أشهر اصبع سبابته فى وجه يوسف يردد بتحذير شديد : و لاااا ، أوعى تقول قدامها هارون الرشيدي دى أنت سامع ؟
هلل يوسف مرددا: اوبااا .. أنت بقيت بتخاف زى كل المتجوزين ، الفاتحه على الرجاله .
رمش هارون بأهدابه من الحرج و حاول إستدعاء ثباته سريعاً ثم قال : ولا ، اتلم ، أخاف ايه وزفت إيه على دماغك ، كل الحكايه أن الأمور بايظه بنا خالص الفتره دى فمش ناقصه خالص .
هز يوسف رأسه بجديه و كأنه مقتنع يردد : عندك حق.
و مالبث أن انفجر ضاحكا يردد : ده انت مش خايف منها ، أنت مرعوب ..ههههههه.
اغتاظ هارون كثيراً و لكمه فى صدره مرددا : ده انت سخيف سخافه ، ربنا يبتليك بالى أنا فيه و أكتر .
رفع يوسف رأسه بزهو يردد : لا عاشت و لا كانت و لا اتخلقت أصلاً ، ده انا يوسف محى إدريس ، مفكرنى زيك أنت و التانى إلى إسمه ماجد .. تعالى ورايا .
سار هارون خلفه حتى صعد كل منهما سيارة هارون الذى قال : عايز أقولك إن أنا و ماجد كنا بنقول زيك كده .
يوسف : أنا حاجة تانيه ، شعارى فى الحياه امرأه واحده لا تكفي ، و بعدين سيبك من كل ده و تعالى لى هنا ، مش شايف أنك ظلمت ماجد و المفروض تصالحه .
أبتلع هارون رمقه بصعوبه فور تذكره ما فعله بماجد لكنه قال: ممكن اكون ظلمته فى انه هو السبب فى كل الى بيحصل لى بس أكيد ما ظلمتوش فى إنه حاول يوقعنى و يغرقنى فى السوق .
يوسف : و أنت كنت سمعته و لا عرفت أسبابه ؟
رد هارون بعصبيه : هو ما أنكرش و من بجاحته قال أه أنا عملت كده .
هز يوسف رأسه بعدم تصديق و قال: أنت يا ابنى مصدق نفسك و لا بتتلكك عشان تطلعه غلطان ، هو الشغل الى أخده منك كان يوقع بجد ؟ ما انا و انت ولاد سوق و عارفين ، خسرت اه بس مش كتير يعنى ، و هو أكيد عنده أسبابه و إلا كان لف و دار و أنكر .
سحب هارون نفس عميق يفكر بما يقوله يوسف و بدأ بتحريك السياره يخرج بها من البيت كله قاصداً هدفه الذى لم يكن سوى باخره فى منتصف النيل كما نظمت غنوة بالضبط.
جلست لمى و هى بداخلها تقر و تعترف ، تلك الفتاه ماهره جدا .
جلس هارون مقابلها يخلع عنه نظارته الشمسيه و هو هو مستمتع جدا بالأجواء ، و كذلك يوسف الذى قال : فكرة هايله بصراحة ، شمس و مايه و مش أى ماية ، دى مية النيل .
زم هارون شفتيه و قال : فعلاً براڤو يا لمى فكره ممتازه .
أبتسمت لمى بشماته و قالت : و تفتكر إن دى فكرتى أو إختصاصى ، دى فكرة غنوة ، أصلها دردشت شويه مع كام واحد من الشركا الجداد و بنت اللذينا فهمت دماغهم فى وقت قصير ، حتى نظمت برنامج اليوم على هواهم .
حمحم يوسف بحرج ، يعلم حالة صديقه الآن دون الحاجة للنظر إليه ، بالتأكيد يغلى .
و هو كذلك بالضبط كان هارون يغلى دمه من الغضب و سأل : دردشت معاهم ؟ و هى فين دلوقتي ؟
زمت لمى شفتيها و قالت : مش عارفه.
صمت قليلا ثم قالت مدعيه الا مبالاة : ممكن تكون واقفه مع حد منهم ، أصلى مش قادره اقولك بقوا صحاب أد ايه ، مش بقولك بنت هايله .
شحنته عليها بنجاح و قد تخطى مرحلة الغليان و فار دمه حتى أحمر وجهه و هم بالتحرك بهميجيه و إندفاع إلا أن يوسف حاول التشبث به كى يوقفه و يمنعه مرددا: أهدى يا وحش مش عايزين مشاكل ده إحنا فى عرض المايه.
حاول هارون التملص منه يردد من بين أسنانه: أوعى بقولك ، دى زودتها اوى.
وقفت لمى مردده : هارون ، لو سمحت أنا مش عايزه مشاكل هنا ، الشغل ده أنا بقالى كتير بخطط له و مش عندى أى أستعداد اخسره عشان أى حد خصوصاً يعنى لو الحد ده معاليك ، فلو سمحت تلتزم الهدوء لآخر اليوم ، طالما مش قادر تسيطر علي المدام كده .
قالت الأخيرة بسخرية لاذعه زادت غضبه و عصبيته و حاول التملص من يوسف بقوه أكبر .
فقال لها يوسف بغضب : إنتى إيه يا شيخه ، ايه يا شيخه ، إيه كلامك إلى ينطق الحجر ده ، عايزاه يرتكب جناية هنا و لا ايه ؟
تحدثت لمى سريعاً : عايزاه يا يفضل هنا بهدوء يا ممكن أى فلوكه صغيره تاخده للبر ، أنا مش عايزه مشاكل هنا خصوصاً أن أنا بصراحة مش عارفه هو إيه الى جايبه النهاردة لأ و كمان جايب معاه صاحبه على أساس أننا رايحين دريم بارك يعنى و لا إيه مش عارفه ، لو كنت نسيت الشغل و نسيت ضوابطه و إلتزماته يا هارون باشا يا ريت ترجع بيتك لحد ما تفتكره .
تركه يوسف و قال : تصدقى أنا مش هحوشه عنك ، و أنتى تستاهلى أصلاً .
ثم ترك هارون الذى تقدم منها قائلاً بحده و غلظه : أولا أنا هنا عشان على الورق شريكك أنتى و أبوكى فى أى مشروع تدخليه و لا أنتى ناسيه ؟ و أجى و اجيب أى حد يخصنى كمان .
اغتاظت لمى قليلا فزادت من حدة حديثها و قالت بعجرفه : كل ده ما يبررش تصرفاتك الغير مسؤوله دى و لا ركنتك فى البيت و جريك ورا الست هانم نسوك الشغل ؟
أقترب منها هارون و قال ببرود ينافى ما بداخله: أصلى بحبها و أه انا مش بتصرف دلوقتي ب ( بزنس وايز) عشان أنا مش زى أبوكى ، إلى بتتكلمى عنها دى مراتى يعنى شرفى و عرضى ف ماعلش يعنى لو لاقتينى مش عارف أكبر دماغى و أطنش عشان الشغل يمشى .
صرخت فيه بغضب عاصف : أنت زودتها أوى يا أبن الصواف .
تقدمت على صوتهم غنوة التى وثفت تكتف ذراعيها حول صدرها و قالت ببرود : تؤ تؤ تؤ ، ايه الصوت العالى ده بس يا جماعه فرجتوا علينا الناس .
لم يستطع يوسف التوقف و تقدم منها مصفراً يردد بإعجاب : يا حلاوة عيون البقر ، أنا نقطة ضعفى العيون الواسعه.
مد يده بإعجاب يردد : يوسف محى إدريس ، مين القمر.
سلمت عليه مردده: غنوة .
نفض يده من يدها على الفور كما لو كانت سلك كهربائي عارى و صعقه يقول : سلام قول من رب رحيم .
لم يكد ينتهى من جملته حتى حدث ما خشاه و شعر بهارون يقبض على عنقه من الخلف يردد : أنت شكلك مش خايف على عمرك مش كده ؟
إلتف له يوسف يقول بصعوبه : أقسم بالله ما كنت أعرف أنها هى و أنت عارفنى ما بقدرش أسكت ، أصل أنا أحب الجمال و أقدره أوى.
نظر له هارون بغضب ثم قال : خلينى اعبر لك أنا كمان عن تقديرى .
ثم أختتم حديثه بلكمه قويه صرخ يوسف على أثرها .
تقدم هارون من سبب كل بلاويه و سحبها خلفه بينما يوسف يسرخ فيه : إيدك تقلت أوى على فكره ، تستاهل إلى أنت فيه .
صار بها رغماً عنها إلى أن وصل للناحية الأخرى من المركب و وقف امامها يصرخ فيها : ايه ، و بعدين معاكى ، عايزه توصلى لحد فين ؟ عايزه تجننينى ، طيب أدينى أتجننت و خلاص ، و لا لأ لأ ، أنتى عايزه تموتينى عشان تاخدى قلب أبوكى مش كده .
نفضت يده عنها و قالت من بين أسنانها : انا و لا عايزه أجننك و لا عايزه أشوفك من اصله ، انا بعمل الى حضرتك سعيت ليه بنفسك يا هارون باشا ، مش ده إلى اتحدت مع لمى عشانه ، مش هو ده شغلى ، أشرب بقا .
كاد أن يلامس السماء بيديه من شدة غضبه و جنونه ، غنوة تعلمه الأدب بلا أى مجهود منها .
فهو بالفعل السبب بكل ما يجرى و هو من سعى إليه .
تواجدها اليوم تنفيذاً لما يتطلبه العمل بشركة لمى بعدما تلاعبوا فى رقم الشرط الجزائي المدون فى العقد بناء على إقتراح منه ليتلقى هو الصفعه على وجهه بدلا من وجهها هى.
هو من أوصل نفسه لهنا .
نظرت له بضيق شديد و شعور بالإغماء و الدوار يلف رأسها و معدتها منذ أن صعدت على سطح المركب ة هى تقاومه .
حاولت الظهور بمظهر الثبات و القوه تقاوم رغبتها الملحة بالقئ ثم قالت : شكلك كده بيقول أنك كنت صاحب إقتراح المليون دولار مش كده ؟
صمت و لم يجيب لكن على ملامحه إجابة وافيه .
عم الصمت للحظات قبلما يصرخ فيها و هو رافض الإقرار بخطأه : و هو مين السبب فى كل ده ، مش أنتى ، مش كان زمانا دلوقتي بنلف الدنيا كلها فى شهر العسل ، أنتى إلى مصممه على وجع القلب ، لأ و كمان الاقي الوليه الحيزبونه الى عايشة معاكى عايزه تجوزك ، تجوزك و انتى مراتى.
كتفت ذراعيها حول صدرها تحاول مجددا السيطره على الدوار الذى تشعر به ، تتحدث بقدر من الثبات : أمال انت مفكرنى هفضل طول عمرى كده ، ما أنا زيى زى أى بنت ، مسيرى للجواز .
تقدم منها أكثر و قال بفحيح من بين أسنانه: أنتى عارفه إنك لو عملتى كده بجد أنا ممكن أسجنك بالعقد إلى معايا .
هتفت بحده: ده عقد عرفى يعنى مش شرعى.
إبتسم لها بخبث و أردف: بس قانونى ، و إلى عليه إمضتك بخبير بصمات سهل أوى نثبت كده ، كل ده و انتى مسجونة على ذمة القضيه ، و أنا نفسى طويل أوى خلى بالك.
شحب وجهها و هى تتخيل الحفره التى حفرتها هى لنفسها و مع التفكير لم تستطع السيطرة على الدوار الذى يداهمها كل كم دقيقه لكن هذه المرة لم تستطع السيطرة عليه و التفت سريعاً تستند لحافة المركب و تميل عليه كى تلبى نداء معدتها بالتقئ .
أقترب منها سريعاً بلهفه يضمها له و هو يخرج منديل ورقى من جيبه ينظف لها فمها و هى تحاول الإبتعاد عنه بسبب رائحة القئ التى بالتأكيد أصبحت ملاصقة لها .
و رددت بتعب واضح : أبعد عنى ريحتى كلها ترجيع .
هز رأسها منها و مما تظنه ، لو تعلم كيف يذوب بها عشقاً و يتقبلها على كل الحالات لما قالت ما قالت.
زاد من ضمها له يلصقها به و بدأ بهدوء و عنايه يمسح لها فمها ثم قال: أجيب لك مايه ؟
هزت رأسها نفياً و هو الآخر رأسه من عنادها الواضح ثم قال : أسندى عليا و تعالى ريحى جوا
بالفعل أتأكت عليه ، لم يكن لديها الجهد الكافى كى تجادله و سارت معه لأحد الغرف الصغيره و ساعدها فى التمدد عليها .
مال عليها يتحسس جبينها و قال: حرارتك كويسه شويه ، انتى حاسه بأيه.
جاوبته بتشوش و هى تجاهد لفتح عيناها : حاسه ب .. بدوخه و.. و مش عارفه أصلب طولى و.. رجلى .. رجلى مش شيلانى .. و عايزه أرجع تانى .
بعد قليل
وقفت لمى و هى تصرخ عالياً بغضب لكن بأصوات غير واضحه لهارون الذى أتخذ فلوكه صغيره فى الماء له و لغنوة ينفصل بها عن المركب عائداً للبر .
_____________________
وقفت و هى لا تفقه شيئاً تنظر لصديقتها فى المرأة التي خلفها و قالت : ممكن أفهم قولتى و عملتى كده ليه ؟ مين جيجى دى أصلاً ؟
وقفت نادين عن الفراش بهدوء تردد: تؤ تؤ ، هو انتى رجعتى تنسى تانى يا جيجى يا حبيبتي ، جيجى هى أنتى و انتى هى جيجى.
التفت تقى و صرخت فى وجهها مردده : إنتى عايزه تجننينى ، انا أسمى تقى كاظم الصواف.
هزت لها نادين رأسها بيرود و قالت : لأ غلطانه ، انتى جيجى حتى شوفى.
سارعت بإخراج بطاقه شخصيه تحمل ذات الإسم مع صورة تقى .
ذهلت تقى مما ترى و قالت : إمتى و إزاى ؟
نادين: من بدرى ، جدك و خالك خالفين لا يربوا الوريث .
هنا و إلى حد ما قد فهمت ما يجرى ، لكن ما لبست أن سألت : طب و ليه قولتى أنى ملكيه خاصه ؟ كده ممكن يبعد .
أبتسمت نادين ترفع إحدى حاجبيها بمكر ثم سألت بخبث : أفهم من كده يا توتو عايزاه يقرب ؟
ردت تقى على الفور و قالت: طبعا عايزاه يقرب و ألففه السبع لفات و بعدها بقا أبقى أقوله أمك فى العش و لا طارت .
ضحكت نادين عليها و قالت : بقيتى شريره اوى يا توتو .
شردت تقى فى الفراغ تقول : أصلك أنتى مش عارفه ، ضياء ده عقدة حياتى إلى كانت بتزيد يوم عن يوم ، عايزه انا الى أرفضه يا نادين يمكن ساعتها ترجعلى ثقتى بنفس .
تنهدت نادين و قالت: أنا عارفه ، و رغم أن إلى أنتى بتقوليه عكس إتفاقى مع جدك و خالك بس أنا هحاول أوصل معاكى ليه و ساعتها بقى نبقى نشوف نحن عليه و لا لأ.
صرخت فيها تقى: لأ ، مش هنحن على حد ده ما يستحقش غير الكره
نادين: بلاش نسبق الأحداث .. ده ربك بيهدى فى غمضة عين.
زفرت تقى بلا إقتناع ثم سألت : بردو ما قولتيش ليه قولتى له انى ملكيه خاصه .
ضحكت نادين بثقه و قالت : دى قاعده مشهوره فى علم النفس ،عايزه تزيدى من تعلق حد بيكى حسسيه أنك لحد تانى و ما ينفعش كده من أولها يفكر فيكى اصلا ، العكس هو إلى بيحصل و بيبقى كأن الكون فضى من حواليه و هى دى بقا و مش شايف غيرها ، و أنتى بنفسك شوفتى.. ضياء حواليه كتير و عرف بنات بعدد شعر راسه .
أكملت تقى : و لسه هيعرف.
قاطعتها نادين بثقه: مش هيحصل ، بعد الكلمه إلى أنا قولتها له دى مش هيحصل و هتشوفى ، أنتى قبل الجمله دى كنتى مجرد بنت معجب بيها بس فى زيها كتير ، لكن بعد الجمله دى بقيتى لا قبلك و لا بعدك و هتشوفى دلوقتي… انتى خلصتى لبس ؟
نظرت تقى لنفسها فى المرأه و قالت : لسه. . مش عارفه ألبس إيه.
فكرت نادين قليلاً ثم قالت : الفستان الأسود ، هيبقى تحفه عليكى يا زبادو .. حمار و بياض .
ضحكت هى و تقى التى قالت : وأسيب شعرى عشان أجلطه .
غمزت لها نادين و قالت : بقيتى خبيثه ، تربيتى .. بس لأ شافك الصبح بيه ، بالليل ترفعيه عشان تبينى رقبتك البيضا الطويله حتى هيبقى لايق أكتر من رقبة الفستان.
استمعت تقى لكل ما تقوله صديقتها و نفذته و التى ما أن انتهت حتى أصدرت نادين صافره عاليه تقول : ده انتى هتجلطيه لأ.. ده هيجيله شلل رباعي .. يالا بينا .
ضحكت تقى و خرجت مع صديقتها و وصلا للقاعه التى سيسهر بها الجميع .
كان ضياء يجلس وسط اصدقائه على يساره كلارا و على يمينه رائف و بجوارهما شابين و عدد لا بأس به من الفتيات الحسنوات .
كان ضياء كأسد الغابه بينهم يجلس فى شموخ يضحك فقط و لا يتكلم كثيرا يستمتمع بمشروبه فقط
وقفت من بعيد تنظر له بتمعن لو لم يكن ضياء ، لو كانت الظروف غير الظروف لتمنته حبيباً و زوجاً ، لكن هو السبب فى كل ما تحمله له بقلبها الآن.
لاحظ توقف عيناه عليها و كيف تحولت نظراته ينزل الكأس من يده رويداً رويداً من شدة انتباهه لها هى فقط .
فحولت عيناها سريعاً تنظر فى أى مكان عداه كأنها غير مهتمه و لا تراه .
بينما إلتف بقية الجلوس ينظرون لما يخطف تركيز ضياء فأحتقن وجه كلارا من الغضب و كذلك ضياء الذى شعر بصديقه يقف سريعاً و ذهب إليها يستقبلها و هى تبتسم له متجاوبه .
وقف على الفور و جذب نادين من يدها بحده حتى وقفا فى مكان بعيد نسبيا.
تألمت نادين من ضغط يده على معصمها تقول و هى تفركه : فى إيه يا ضياء أيدى.
لم يأبه لا ألمها و لا لما تقوله و قال من بين أسنانه : أنا عايز اعرف دلوقتي إيه معنى الكلام الى قولتيه الصبح.
جعدت ما بين حاجبيها و سألت بجهل شديد: كلام ؟ كلام إيه ؟
صرخ فيها بضيق و نفاذ صبر : نادييين ، مش قولتى الصبح إن جيجى مليكه خاصة ؟ يعنى ايه ؟ و خاصه بمين ؟
ضحكت نادين و قالت مستخفه : يااا يا ضياء ، أنت لسه فاكر يا أخى ، أنت بتدقق فى حاجات غريبه أوى ، ما تاخدش فى بالك و تعالى.. تعالى نكمل السهره كلارا بتبص عليك .
هتف بحده : سيبك منها و ردى عليا زى ما بكلمك ، جيجى مليكه خاصة ازاى و بمين .
أبتسمت بخبث و قالت : أصلها يا سيدى مكتوب كتابها .
شحب وجهه لدقيقه ثم سأل : كتب كتاب بس ؟
تنهدت نادين و قالت : و هى هتفرق فى ايه ؟
التمعت عيناه بفرحه و قال بتصميم بينما عيناه مرتكزه على تلك القشدة التى ترتدى فستان أسود يردد : لا تفرق .. تفرق كتير اوى.
____________________
توقف يوسف بسيارته امام الباب الداخلى لبيته ، و هو مشتاق كثيرا لوالده و أخواته يسب و يلعن هارون الذى أختفى فجأة و أضطره للعوده لبيت والده فى وقت متأخر كهذا ، بالتأكيد الكل نيام آلان .
ترجل من سيارته و ينتوى اخذ حمام منعش ثم النوم بعمق و فى الصباح يصنع لهم مفاجأته .
بينما بالغرفه التى سكنتها زينب و هى تستعد للنوم فتحت نور الباب و قالت : زوزو تعالى ، تعالى معايا الاوضه بسرعه.
تثائبت زينب بتعب و قالت : انا مش قادره اتحرك بنام على نفسى ، بكره بكره.
تقدمت نور بسرعه و جذبتها من ذراعها مردده : الموضوع لا يحتمل ، بقولك هكرت صفحتها خلاص ، تعالى معايا شوفى الفصايح قبل ما تكتشف هى و تغير الباسو و أطلع.
ذهبت معها زينب سريعاً لترى ماذا تقصد و قد تمكن منها هى الأخرى الفضول .
بعد دقائق
دلف للبيت بمفتاحه القديم ليجده غارق في الظلام فتأكد من نوم الجميع الآن لذا قصد غرفته بصمت حتى الصباح.
أنتهى من صعود السلم و أجتاز الرواق متجهاً ناحية غرفته القديمه .
فتح الباب و الكهرباء ليبتسم و هو يراها نظيفه و مرتبه كما كانت تخبره نور دوماً أنها مهتمه بها و هو لم يكن مصدق … يبدو أنها كانت صادقه.
وضع حقيبته جانباً و ذهب سريعاً لأخذ الحمام المنعش الذى وعد نفسه به .
و بعد دقائق عادت زينب للغرفه من جديد لتستغرب من إشتعال الضوء و تسأل بجنون : هو انا مش طفيته و أنا خارجه ، سلام قول من رب رحيم ، البيت ده مسكون و لا ايه.
تقدمت من الفراش المرتب سريعاً تبعد الغطاء الخفيف كى تتدثر به مردده : لأ أنتى نسيتى يا زينب ، أو ممكن من التعب ، النهاردة بردو كان يوم صعب كفايه مشوار المطار لوحده ، أنا أنام و أكيد الصبح هبقى كويسه .
افترشت السرير سريعاً و لم تمر دقيقتان إلا و غرقت فى النوم من شدة الإنهاك .
خرج بوقتها يوسف من المرحاض عارى الصدر يلف جزعه السفلى بفوطه بيضاء حول خصره يجفف شعره
توقف بزهول و هو يجد فتاه جميله أصبحت بقدرة قادر فوق فراشه .
تهلل وجهه و قال : الله نسوان ، يكونش أبويا عرف انى جيت و حب يوجب معايا ؟
تقدم منها و هو يسأل ضاحكاً : انتى مين يا حلوه ؟ هى السما فى مصر بقت بتمطر نسوان و أنا غايب و لا ايه ؟
تقدم أكثر ليزيح شعراتها البندقية التي كانت تخفيها عنه ، ليبصر ذلك الوجه الملائكى و يردد بذهول و دقات خفيفه : لأ دى مش نسوان ، دى بنوته حلوه اوي ، مين دى ؟
مد يده يهزها برفق: أنتى يا … أسمك إيه طيب ، أكيد قمر ، او جميله ، و لا لأ ملاك أكيد ملاك.
استيقظت زينب بوقتها لتبصر بصدمه رجل ضخم الجثه بل و عارى فى نفس الوقت يميل عليها بجزعه و يلمسها أيضاً ، لم تستطع إبداء أى رد فعل سوى الصراخ عاليا بأقصى طبقة صوت قد تصل إليها فى يوم .
فى نفس التوقيت هبطتت الطائره الخاصه التى تحمل على متنها ماجد و حبيبته ، و أخيراً إستطاع كل منهما سحب أنفاسه براحه .
تقدم ماجد منها يقول بفرحه شديده: اخيرا يا حبيبتي وصلنا مصر ، حمد لله على السلامه.
لكن جاءه الجواب من غرفة جانبيه فتح بابها الآن فقط .
شهق كل من ماجد و فيروز على صوت و جسد فلاديمير الذى يجلس يضع قدم فوق الأخرى و جاوب : الله يسلمك حبيبى ، أكيد كنتوا عاملينها لى مفاجأة و ماحبتوش تقولو لى مش كده .
لم يستطع ماجد و لا حتى فيروز الرد من الصدمه و هو ينظر لهما بغرور و ثبات .
و على طريق الساحل كان هارون يقود سيارته برواق شديد و بين لحظه و أخرى ينظر لغنوة الغافيه تماماً على المقعد المجاور له و بداخله ينتوى الكثير .
.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شط بحر الهوى)