روايات

رواية شط بحر الهوى الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سوما العربي

رواية شط بحر الهوى الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سوما العربي

رواية شط بحر الهوى الجزء الثاني والثلاثون

رواية شط بحر الهوى البارت الثاني والثلاثون

شط بحر الهوى
شط بحر الهوى

رواية شط بحر الهوى الحلقة الثانية والثلاثون

فى غرفه قديمه الطراز ذات أثاث عتيق و على فراش من خشب الزان الأحمر عليه حشو من القطن يسمى ب ( مرتبه )
و مرأة زينه تقريباً لا تحوى عليها شئ ، بجوارها مشجب معلق عليه جلابيب رجاليه من ألوان قاتمه.
و ستاره من الشيفون الابيض معلقه على نافذه قريبه من الشارع .
رمش بأهدابه عدت مرات و هو يشعر بتخدر نسبى فى مناطق متفرقه من أوصاله .. يشعر أنه لا يستطيع التحرك … كما لو كان مقيد.
فتح عيناه بتشوش يرى اين هو .. فذاك المكان غير مألوف بالنسبة له .
لتتسع عيناه من فوره و هو يتذكر أحداث الساعات المارقه.
يدرك أنه الآن فى بيت غنوة… زوجته …
فقد قدم ليتزوجها اليوم… سابه نابيه خرجت من بين أسنانه و شفتيه و هو يفكر هل نام بليلة عرسه.
يردد بصوت مسموع عليه أثر النوم : نمت يوم فرحك يا أسد.
بحركه لا إراديه هم بضرب مقدمة جبهته لكن صدم بكونه مقيد بشئ ما.
اتسعت عيناه بإستغراب شديد و ذهول و ارتفع بنصف جسده يحاول أن يرى ماذا هناك.
لتزداد دهشته و هو يجد يداه و قدماه مقيدتان فى اساور من حديد موصله بأغلال مربوطه فى طرف الفراش.
حاول أن يتحرك كى يخلص نفسه و هو على مشارف الجنان يسأل ما الأمر و ما هذا العبث و اين غنوة و من قيده هكذا… صدره يؤلمه و عقله يعمل فى كل الاتجاهات فهل من يحاول قتله هو من قيده هكذا و أخذ غنوة كى ينتقم منه … هل أدركوا أن قتله غير كافى فقررو أن يقتلوه ببطء.. إيذاء غنوة لهو أشد أثراً عليه من قتله.
عند هذه النقطة هاج فى مكانه و أصبح كمصارع روماني يتصارع مع اغلال.
إلى أن شعر بريحها الهادئ الذي يعرفه عن ظهر قلب قادم من خلفه ينبئ بقدومها.
لكنه لم يهدأ و يثبت فى مكانه إلا بعدما رأها هى كلها.. أمامه سليمه لم يصبها سوء .
هنا هدأ قليلا و قال : ايه يا حبيبتى التكتيفه دى
صمت و قد شرد عقله جهة الشمال المحببه و المقربه لفكره و تكونت على زوايا فمه إبتسامة عابثه يرافقها غمزه من إحدى عينيه ثم ردد : مش تقولى إن ليكى ف الجو ده يا بنت اللذينا أنتى.
لكن بالمقابل كانت ملامح وجهها ثابته جامده ، و بنفس الجمود و الثبات نطقت بوضوح : نفسك في ايه قبل ما تموت.
ضحك و قال : اوووه لا و واثق من نفسك… شرس شرس يعنى..قشطه أنا بحب كده.
يبدو أنه للان لم يستوعب للأسف.. و ظل ينظر لها بجوع و رغبه يردد : إيه بقا… هتفضلى بعيد كده مش هتقربى أو فكينى حتى…. ده أنا هموت عليكى من أول يوم شوفتك فيه… فاكره.
ابتسمت بسخرية و قالت : إزاى أنسى يوم زى ده.
حمى الدم بعروقه و قال لها بتهور و مجون : بت.. فكينى بقا انا مش قادر بجد.. نفسى احضنك حتى و أحس بيكى.
ظلت بمكانها ثابته … شعر بوجود خطب ما و شئ غير صحيح خصوصاً بجمود ملامحها هذه.
فقال : إيه يا غنوة فى ايه… تعالى فكى البتاع ده… لسه قدامنا ليله طويله و محضرلك مفاجأت كتير .
لكنها مازالت ثابته بعد.
فهتف هارون : غنوة.. يالا بجد… كفايه هزار.
غنوة : لسه فاكره هزار يا أبن الصواف ؟
نبرة صوتها كانت مغايره… توشى بالكثير.. كأنها تتحدث بجديه .
هارون : هو فى ايه.. و بعدين… أنتى أصلا ازاى عرفتى تعملى كده و أنا ما حستش.. اصلا ازاى نمت؟
اتسعت عيناه و قد صعقه ما اهتدى له و هى زادته تأكيد بعدما أخذت تهز رأسها مردده : خدرتك.
استلقى على الفراش يتسطح بظهره و قد الجمته صدمة الإستيعاب و قال : إيه.. طب ليه.. عملتى كده ليه ؟ أنا مش فاهم و مش قادر استوعب.
عاطفه جامحه تحكمت بها للحظه لكنها وئدتها سريعاً وبللت شفتيها ثم قالت : مش قادر تستوعب إيه بالظبط ها.. قولى كده و أنا أجاوبك.
هارون : غنوة.. انتى بتتكلمى بجد كده ليه.. ده زى ما تكونى قاصده فعلاً كل حاجه بتعمليها .. ليه كده بجد… انتى المفروض إنك بتحبينى.
عادت لتبتسم نفس الابتسامه التى يراها لثانى مره فقط منذ عرفها ثم قالت : و انت ؟ بتحبنى ؟
لم يتخذ حتى وقت للتفكير و أخذ يردد بكل جوارحه : أوى.. بحبك اووى يا غنوة.
ضحكت بسخرية و ألم ثم قالت : صح.. بدليل إنك كنت عايز تتجوزنى عرفى و لا بدليل إنك كنت بتقول عليا لصاحبك انى أخرى ليله .
أتسعت عيناه بصدمه.. مين أين عرفت كل ذلك.. فقد قاله بالفعل لماجد.
انتبه لها و هى تكمل : و أنى لو عصلجت هترميلى مليون جنيه و أن ده تمامى عندك و كتير عليا كمان مش هتدفع فيا أكتر من كده… و لا لما قولت له أنى بمثل عليك دور الشريفه العفيفه.
بهت وجه هارون لما تسرده على مسامعه و ابتلع رمقه بصعوبه يحاول أن يشرح لها : حبيبتي.. ادينى فرصة أشرح لك انا…
قاطعته هى بغضب تقول له : تشرحلى؟! تشرحلى إيه بالظبط… فاكر لما قولت له إنك هتجبنى يعنى هتجبنى… و عارف إزاى توقعنى كمان… و هتخلينى زى اللعبه فى إيدك.
ابتعدت خطوه تشير بيديها مردده بتحقير : بس الحقيقة إنك من أول الحكايه و انت إلى لعبه فى أيدى… أنا بطلة الحكايه كلها و انت مجرد شخص فى حكاية غنوة.. حكايتى أنا … لوحدى أنا إلى بدأتها و كتبتها و إنت يا غلبان فاكر نفسك بطلها.
ابتعدت خطوه أخرى ثم قالت : فاكر أول مره شوفتك.. كل ده كان متخطط له.. حتى انى أنا الى وديتك هناك… فاكر؟
ضحكت بسخرية و جاوبت : عشان تجيب بدلتك إلى اتغيرت فى ثانيه بسبب غلطه من شركة تنظيم الحفلات .. الغلطه دى بفعل فاعل و الى هو حضرتى ، بعد ما انضميت للشركه دى بالخصوص و سبت شغلى رغم ان مرتبى فيه كان أعلى… و أول حاجه عملتها أنى اخترت تنظيم خطوبة لمى بنت الوزير .. و روحت الفرح و أنا عارفه إنك هناك و اتعرفت على لمى إلى سبحان الله اخدتنى اشتغل عندها..
هزت كتفها ضاحكه تردد : كأنها متيسره.
تنهدت لثوانى تمنع عبره غالبت قوتها و زحفت عن عيناها ثم أكملت : بعدها كل شيء بدأ يمشى بصوره اسرع حتى من ما أنا اتخيلت.
كان يستمع لها و هو يشعر بالبرده… كان قلبه حقا يؤلمه… لأول مرة يعلم أن كلمة وجع القلب لها إحساس و ليست مجرد كلمه.. القلب يتوجع احيانا بالفعل.. أنه لشعور مؤلم حقا.
و بنفس مرتعش و قد ادمعت عيناه بدأ يهز رأسه يمينا ويسارا برفض تام.. كأنه يرفض الواقع و ما يسمعه.. هى كاذبه رغم أنها تعترف.. سيكذبها و يكذب لسانها الذى نطقت به و سيكذب عيناه التى تبصرها و حتى أذنيه التى سمعتها و فقط سيصدق قلبه .. قلبه ذاك الذى يؤلمه الآن .. لكنه يخبره أنها كاذبه.
و بدأ يردد : لأ… لأ.. انتى أكيد بتكذبى عليا.. ده مجرد هزار منك.. و..
صمت يحاول مد يده المقيده يمسح بها أنفه و أعمل عقله بسرعه ثم عاود بعض من الهدوء لقبله و ردد : طب.. طب عملتى كل ده ليه و ليه الشحططه دى.. تبقى.. تبقى أكيد بتحبينى..أأيوه.. عشان كده عملتى كل حاجه ممكن تقربك منى… صح.. انا ازاى ما أخدتش بالى .
تهلل وجهه و ردد بصوت يملؤه العشق : يا حبيبتي يا غنوة.. للدرجه دى بتحبيني.. لردجة تعملى خطط عشان تحاولى توصلى لى و نتقابل.
اقتربت منه و مالت على أذنه تهمس بها : لأ… ده عشان كل محاولاتى لقتلك فشلت.
جحظت عيناه و هو ينظر لها بصدمه رافض حتى محاولة الاستيعاب لكنها أجبرته حين أخذت تهز رأسها تومئ مؤكده .
رددت بتأكيد : أيوه يا هارون يا صواف انا الى كنت ورا كل محاولات قتلك .. و تقريباً بقالى أكتر من سنه بحاول أعمل كده و ياما أجرت ناس و دفعت فلوس… تقريباً كل فلوسى رايحه على قتلك و بس ، و كلها بتفشل.. و لما تعبت و يأست قررت أعملها أنا، و بأيدى..
___________ سوما العربي __________
ما كان ليستطيع التحمل أكثر.. مرت عليه ساعات الليل ببطئ شديد و هو جالس بانتظارها.
المسافه من قاره لقاره ليست بقليله مطلاقا ، لكنه أنتظر.
تقدم بخطى ثابتة و واثقه نحو الغرفه التى أشاروا له عليها وقف بالخارج و نظر إلى سيده أربعينية كانت تقف على الباب تنظر أرضا بإجلال ثم قال بهدوء منافى للمعركه القائمه داخله : هذه هى الغرفه؟
ردت السيدة باحترام : نعم سيدى.
هز رأسه بفتور ثم أمرها ببرود : إذا إنصرفى.
دون أن ترفع رأسها اعترضت قائله : و لكن يا سيدى…
قاطعها مجدداً : قولت إنصرفى.
غادرت السيده سريعاً و دلف هو للداخل سريعاً يغلق الباب خلفه.
يرى تلك الفتاه التي أسرته من صوره عبر شاشه و هى فى قارتها السمراء و هو بأقصى الشمال.
اقترب ببطئ يشبع عيناه منها حتى اقترب و بات قريب منها يستنشق انفاسها الذكيه.
سمح لنفسه بإزاحة حجابها قليلا يمرر كفه على عنقها المرمرى و هو يردد : جميلة انتى.. اين كنتى تختبئين عن ناظرى و من اين خرجتى لى ؟ !
اخذت ترمش بعيناها مره بعد مره.. تستمع لصوت يخترق عقلها فيوقظ غفوتها.
فتحت عينيها لتبهره بجمالهما و جمال لون الرماد .
فصمت و لم تسعفه الكلمات و هى انتفضت من مكانه تردد بتخبط و تعثر : انت مين يا جدع انت و بتعمل ايه هنا… و لا… و لا أنا الى بعمل إيه هنا و أنا فين.
كان مازال على صمته يستمتع بردات فعلها يراقب تحولاتها.
فصرخت بجنون : أنت مين و انا فين ؟!
هز رأسه و هو يردد بصوت مسموع بلكنته : ألا تتحدثين الانجليزيه ؟
جملات قليله تعملها و ما نطقها كانت جزء منها لذا استطاعت أن تفهم عليه و جاوبت : لا.. بعض الجمل فقط.
هز كتفيه و ردد : هممم.. حسنا أذا أنا مضطر لأن أتحدث أنا العربيه و لو انى لأ احبذ التحدث بها.
فيروز : انت بتقول ايه أنا مش فاهمه منك حاجه.
وقف من مكانه و اقترب منها يضع إصبعه بقوه على مكان دم مجلط أثر تعنيف ماجد لها .
و على أثر ضغطة إصبعه القويه المقصوده عن عمد صرخت متألمه فقال بلهجه مصريه متكسره : مين عمل فيك كده .
وضعت يدها تتأوه بألم : أااه.. بتتكلم مصرى أهو.. انت مين طيب و أنا فين و جيت هنا إزاى ؟
لا يهتم سوى بما يريد و عاد يكرر : مين عمل فيك كده.
و هى الأخرى عاندت : أنا فين
لم يجيب. فسألت بيأس : طب انت مين.. مين جابنى هنا.. عايزه أرجع لأهلى… أنا هنا ليه ؟
إلتف بتمل شديد ثم طالعها و ردد ببرود : عايزه تعرفي.. أوكى.. انا فلاديمير و أنتى هنا ببيتى… مش هترجعى لأهلك و أنتى هنا لأن عجبانى .. و أنا قررت تبقى ( الجيرل فرند بتاعتى )
لم يكن ينتظر ردها و إنما تركها مشدوهه و خرج ببرود لكن قبلما يخرج التف يقول : فى فستان هيكون عندك بعد دقايق انا بنتظرك تحت.. كونى مطيعه.
نجح فى استحضار شياطينها… بعمرها لم يعاملها أحد هكذا.. و شياطينها ليست عاديه مطلقاً.
لذا على الفور مدت يدها إلى إحدى مطفئات الطبغ المصنوعه من الكريستال و فورا قذفتها فى منتصف الهدف و هو رأسه من الخلف جعلت الدماء تسيل من رأسه .
استدار يتأوه بألم يضع يده مكان جرحه النازف ، ينظر لها بذهول لا يصدق حقا أن هذا قد حدث و معه هو..
رغم إظهارها الشجاعه لكنها بداخلها ترتعد تفطن من نظرته لها أن القادم جحيم .
____________ سوما العربي ________
جلس ماجد على عقبيه أرضاً يضع يداه على رأسه و الندم يأكله.. هو من وصل بها لتلك النهايه.
هو من شك بها و بسلوكها و قد نجح ذالك الرخيص فى تلفيق تهمته و إستغفاله .
لم يكن يدرى بما يفعل.. حبه لها أكبر من أى شعور قد مرء عليه بحياته و على قد حبه كانت غيرته .. فلم يستطع التحمل و لم يدع لعقله الفرصه برهة من الوقت كى يفكر.. و بمنتهى الغباء إبتلع الطعم و فعل ما حطم علاقته بها بعدما بدأت تميل له و قد اقترب منها كثيرا.
لم يتركه الواقفين حوله و شأنه بل باشر الجد بالصراخ عليه : فى إيه يا ماجد… مين إلى كان بيكلمك ده و أختك فين؟
صمته و عدم جوابه كانت تزيد الأمر سوءاً فيزداد القلق و يصرخ محمود : ما ترد يا ابنى … فيروز فين ؟
ما من جواب لديه قد يجيبهم به … فهو أيضاً السبب فيما حدث معها… تهوره و تصرعه هم من قادوه كى يتعامل مع تلك الفئة من البشر.. لو صبر قليلا.. لو ترك الأمور تسير بيسر و لم يدفعه تعجله للإستعانه بمختار و علاقاته لما خسر هارون و ما وصل لهنا و اصبح متورط فى مجموعة من الشبوهات هو لا ناقة له و لا جمل فيها.. فيأتى مسك الختام بأن اختطفت حبيبته من قبل تلك الجماعات .
عاود محمود تكرار سؤاله بصوره أكثر إلحاحاً : رد علينا يا أبنى فين أختك ؟ انت مش بترد ليه ؟ فى ايه؟؟ فيروز حصل لها حاجه؟
هنا همت فريال بضرب مجموعة عصافير بحجر واحد و قالت بلؤم : انت عملت فيها إيه يا ماجد.
إلتف لها محمود و سأل : هيكون عمل ايه يعنى؟ و ليه أصلاً ؟! هو فى ايه بالظبط ؟!!!
التمعت أعين ماجد ببريق شر خافت … و رفع رأسه شيئا فشيئا ناحية فريال يناظرها بتفحص ولد الارتباك على علامات وجهها .
لكنها لم تتحاشى النظر له بل وضعت عينها بعيناه تتحداه.. و الرساله واضحه لاثنتيهم تذكره بأخر شجار حدث بينهما بسبب فيروز و كيف تحداها بوضوح.
ليدرك وسط كل بلاويه الآن أن لفريال يد فيما حدث… لكن ما هو تحديدا لا يعلم و لا يهم الآن كثيرا فالأهم هو العوده بفيروزته قرب قلبه بين الشريان و الوريد يطمئن عليها و يعيد غلق قلبه و هى بإمان داخله و من بعدها يعود لصراعه و مواجهة خصومه .
وقف عن مكانه بسرعه و قوة دبت داخله بفعل الادرينالين الذى تولد داخله طالما الأمر يتعلق بحبيبته لن يصمت ابدا و لن يجلس مكتوف الأيدى ينتظر .
صرخ مصطفى و هو يرى ماجد يقف على قدميه من جديد و يتجاوزهم مرددا : انت يا أبنى .. ما تقف تفهمنا ايه إلى بيحصل و فيروز فين .
لكن ماجد كان مازال يتحرك سريعاً ناحية الباب ليخرج.
مصطفى : ماجد… أقف عندك.. جدك بيكلمك يا ولد .
وقف ماجد و هو يوليهم ظهره و يده على مقبض الباب .
مطصفى : رايح فين؟! و مكالمة إيه الى حولتك كده و فين فيروز ؟!
إلتف ماجد برأسه و قال : ما تقلقش أنا رايح أجيبها و مش هرجع البيت هنا غير بيها.
محمود : ليه هى فين و لا ايه الى حصل.
لكن ماجد ما من جواب لديه ليقوله حالياً فنظر له و لم يجيب و خرج تاركاً خلفه محمود و مصطفى يهتفان بإسمه و هو لا ينظر للخلف.. مستمر في السعى لديه هدف .
__________ سوما العربي ___________
خرجت سريعاً من المطار .. حتى لو أضاعت طائرتها لا يهم ستستقل التاليه لكن يجب أن تذهب و تحذر غنوة التى لا تجيب على هاتفها.
لن تتركها فريسه لمخططات أمهم التى لا ترى نصب عيناها سوى أهدفها .
استقلت أول سيارة أجرة تطلب من السائق ان يذهب لها لحى الغوريه فينصاع لها سريعاً.
غادرت سيارة الأجرة المطار تقطع الطريق تقف فى إحدى إشارات المرور جهة طريق العوده من المطار للحاره
و على الناحيه الأخرى من الطريق فى اتجاه الذهاب من الحاره للمطار فى نفس إشارة المرور لكن بالإتجاه المعاكس.
جلس حسن فى سيارته ينظر لساعته مره و لإشارة المرور الحمراء مره يدرك كم تأخر جداً … يضرب تارة القيادة و هو يتذكر تلك الرسالة التي أرسلتها نغم لشقيقتها غنوة تخبرها أنها ستسافر اليوم على متن طائرة السابعه و النصف المتجهه إلى برلين .
أخذ نفس عميق و هو يرى أخيراً الضوء الأخضر لإشارة المرور فيتحرك سريعا يشق الطريق ناحية المطار
يعلم لا وقت.. ما تبقى سوى دقائق يتمنى لو استطاع اللحاق بها و بوقتها لن يتناقش او حتى يرجوها .. بل سيرغمها لا سبيل لما هو دون ذلك .
ظل يرقد تجاه صالة الركاب ليمنعه أحد الضباط مرددا : رايح فين يا استاذ.. ممنوع .
حسن : انا عارف انه ممنوع بس لازم الحق خطيبتى قبل ما تركب طيارة برلين.
نظر الضابط بإشفاق وقع له قلب حسن و زاد الأمر حين زم الضابط شفتيه و قال بأسف : للأسف طيارة برلين فى السما من عشر دقايق.
هوى قلبه أكثر و تخدلت يداه و بقى واقف لدقائق بتيبس يدرك ضياعها منه.
ليخرج بصعوبه من المطار يرفض الذهاب للبيت او الحاره التى جمعته بها.. خرج يقف على شط النيل يتذكر حين جاء بها لهنا و من يومها أصبحت نزهتها المفضله.
__________ سوما العربي ___________
كان مازال إمامها على الفراش مقيد اليدين والقدمين و هى تقف أمامه ترى لمعة من الدمع بعيناه .
غالبت عاطفتها ناحيته و استدعت الجحود من جديد و قالت له : إيه.. شايفه الدموع في عينيك.. لأ ما تصدمنيش و تقولى إن عندك إحساس زينا.
اغمض عينه يقضم شفته السفلى بغيظ مكظوم ثم عاد و فتحهما من جديد ينظر لها و قال بنبره قادمه من أعماق الجحيم : كل إلى قولتيه له حساب .. حساب لوحده.. لكن الاهم دلوقتي بالنسبه لي انتى عرفتى منين كل الكلام قولتيه ده.. ده كان بينى و بين ماجد بس ..و لا انتى على علاقه بيه يا هانم يا محترمه ؟
التوى جانب فمها بابتسامة مستهزءه ثم قالت له : إيه.. تكونش غيران عليا ؟!
صرخ فيها : انطقى أحسن لك.
غنوة : أحسن لى؟! إيه مش هتبطل بقا النافخه الكدابه بتاعتك دى.. فوق يا هاورن يا صواف انت متكلبش فوق سريرى فى قلب بيتى.
صك شفتيه خفيه و قال بغضب مكبوت : هو انتى فاكره انى هفضل متربط كده كتير و لا إنك هتقدرى تعملى فيا حاجه أصلاً ؟! أنا هارون الصواف ماروحش بلاش ابدا و عمر موتى ما هيكون بالسهولة دى و أنتى أضعف من إنك تعملى لى حاجه أصلاً… كده و لا كده هقوم لك و ساعتها الحساب يجمع.
عاد يتحدث من بين أنيابه مرددا : سؤال واحد سألته و عايز إجابته دلوقتي … عرفتى الكلام الى اتقال ده منين ؟
هتفت بغضب متناسيه أهدافها : يعنى بتعترف انك قولته.
أبتسم بمكر.. عادت غنوة التى يعرفها من جديد لتوها و ما يفرق معها هو أنه قال عليها هذا حقا.
فرد بتبجح : اه قولت .
غنوة : يا بجاحتك و مش هامك.
هارون: انتى بتسميها بجاحه بس انا بسميها قوه… مش خايف اجاوب على أى سؤال بتسأليه .. أنا مش زيك .
نجح في إستفزازها و إثارة غيظها فردت بسرعه : لأ إور اوى.
ضحكت بسخرية و قالت بشماته : ده انا بحتة لينك أد كده ركبت موبايلك من اكتر من سنه و أنت و لا انت هنا.. زى المقطف بالظبط .
و أخيراً أسبل جفناه يتنهد براحه.. كلماتها نزلت على أذنيه أثلجت قلبه و أطفئت نار كانت تتأجج فى صدره.. هدأ كثيرا من تلك الناحية و الآن حان وقت الحساب.
حاول ان يستقيم قليلا فى مكانه رغم تقيد أوصاله و قال : مقطف ؟ أنتى واخده حباية شجاعه و لا ايه ؟
غنوة : ما تستعجلش على رزقك … هو انت لسه شوفت شجاعه
زم شفتيه و قال : مافيش فى الى عملتيه أى شجاعه… انتى مجرد واحده كدابه و خداعه.. كل ده ليه.. خطط و مؤامرات ليه… كل ده عشان الفلوس .. يلعن ابو الفلوس اللي تخلى واحده تعمل فى نفسها كده .. أنا فعلاً نظرتى ليكى كانت فى محلها.
آلمها بكلماته و حفرت داخل زوايا عقلها و مخها أيضاً لكن تصنعت اللامبالاة ببراعه و قالت بعدما قلبت شفتها السفلى ببرود : تفتكر رأيك فيا يفرق معايا مثلا ؟
ولته ظهرها تستدير عن ناظريه بعدما فشلت فى السيطره على مشاعرها و فلتت دمعه من عيناها بعد كلماته الاخيره.
فصرخ فيها عاليا يردد بوجع : ليييه ؟ عملتى كل ده ليه.. ده انا حبيتك.. حبيتك أوى يا غنوة .. أنتى بقيتى كل عيلتى.. لو كنتى طلبتى كل فلوس الدنيا كنت جبتها لك تحت رجلك مقابل انك تبقى معايا… أنا لاقيت فيكى ابويا و أمى.. ليه عملتى كده .. دفعولك كام عشان تعملى كده.
إلتفت تنظر له و قد هزمتها دموعها .. فأتسعت عيناه و هو يرى دموعها مغرقه وجهها .. توجع قلبه و ردد بألم : ليه ؟! ليه يا غنوة كل ده ؟! أنا بحبك و هحميكى… أنا عارف إن إلى مسلطينك عليا أقوى منك و يمكن تكونى مجبره و خايفه منهم … ماتخافيش أنا مش هسيبك… و لا حبى ليكى حتى هيتغير.. انتى عملتى كل ده غصب عنك و عندك ألف عذر و ماكنتيش عارفه إنك هتحبينى و لا أنا هحبك.. و الله مش فارق معايا و عايز اعرف هما مين عشان أحميكى منهم مش أكتر.
أغمضت عيناها بألم مجددا.. فقد قاده عقله للتفكير فى إتجاه آخر.. لم يكن عقله تحديدا و إنما هو قلبه لو أرادنا الصدق.
عاد يردد بتمهل : قولى.. قولى يا غنوة و أنا و رحمة أبويا و أمى مش هتخلى عنك.
فتحت عيناها و قالت بثبات : أنت فاكر إن حد مأجرنى أقتلك ؟!
رد بلا أى ذرة شك : ايوه.. انا متأكد كمان.
غنوة : و لو قولت لك إن مافيش حد و أن أنا الى بعمل كده .
هارون : مستحيل أصدق .
غنوة : ده انا بقولك كده بنفسى اهو.
هارون : عشان خايفه منى لكن أنا بطمنك .. إطمنى يا حبيبتي مش هسيبهم يأذوكى .
غنوة : لو حد مأجرنى مش هيصبر عليا سنه و كان غيرنى و شاف غيرى و كنت هبقى بصرف من فلوسه مش ابقى قربت أفلس بسبب الفلوس اللي بصرفها على تأخير ناس تقتلك.
صدم هارون و قال بوجع قلب ظاهر على نبرة صوته : إيه ؟! طب ليه.. ليه يا غنوة .. ليه ؟
وقفت أمامع تنظر له بأعين باكيه .. مسحت دموعها بكفيها ثم قالت و هى تضحك بوجع و ألم : ليه؟ ههههههه تصدق أنا كمان بقالى خمس سنين نفسى اجيبك و اربط قدامى كده زى الكبش و أخد حقى منك بس قبلها أسألك بردو ليه… ليه قولى ليه.
كان يشعر بها متألمه .. من ماذا ؟! لا يعلم .. لكنها موجوعه و بشده هو متيقن من ذلك.
أقتربت منه و قالت : قولى ليه قتلت أبويا… عملك إيه عشان تقتله و تعيش و لا كأن حاجه حصلت …..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شط بحر الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى