رواية شط بحر الهوى الفصل الأربعون 40 بقلم سوما العربي
رواية شط بحر الهوى الجزء الأربعون
رواية شط بحر الهوى البارت الأربعون

رواية شط بحر الهوى الحلقة الأربعون
تقدم منها بغضب و هى تعود للخلف تشهر إصبع سبابتها فى وجهه محذره : أنت اتجننت يا هارون ، أعقل أحسن لك .
تحدث من بين أسنانه بغيظ : و أنتى خليتى فيا عقل ؟ من يوم ما عرفتك و أنتى مجننه أهلى و سحلانى وراكى فى كل مكان و لا فيش أى حاجة نافعة معاكى.
ظلت تتراجع و قد تمكن الخوف منها قليلاً بسبب قتامة عيناه ثم رددت ببعض الدبلوماسية لكن الخوف يفوح من نبرة صوتها : بلاش يا هارون ، بلاش تعمل حاجه نندم عليها العمر كله.
ليصدح من خلفها صوت أشجان التى أخذت تصفق بكلتا كفيا معاً مردده بصوت عالى : سبيييه .. شكله نسى نفسه و نسى ربطتة جوا على السرير زى الخروف .
اغمضت غنوة عيناها وعضت على شفتها السفلى من شدة الغضب ، أشجان الغبية أثارت غضبه .
فتكلمت هى: أهدى أنتى بس يا أشجان ، خروف إيه بس إلى بتتكلمى عنه .
زجرتها أشجان بغضب و عنف و هى تقول : أنتى مالك كده يا بت خايفه كده ليه ؟ لا تكونى فكراه هينفذ إلى بيقول عليه بجد.
إلتف لها هارون و قال : و مين بقا إلى هيمنعنى ؟ أنتى مثلاً ؟
إبتمست له أشجان بسماجه ثم قالت بهدوء: تؤ مش أنا .. ده ..
و على الفور صدح صوتها يهز أرجاء المكان و تعدى حدود المنزل و ملئ الشارع كله : يالهووووووى .. غيتونا يا نااااس ، غيتونا يا خلق ، بيتهجم علينا ، على الولايا .
إحقاقاً للحق لقد تفاجئ كثيرا ، لم يكن يتوقع أن تفعلها بالفعل ، ظنه مجرد تهديد لأ أكثر.
لكنها فعلت و ما أن فعلت و لا ترى عينك سوى النور ، عدد لا حصر له ، و كأنه مولد و غاب صاحبه .
الحاره كلها نساء و رجال حتى الأطفال كانت متجمهرة فى صالة بيت غنوة تسأل ماذا هناك ، تريد القبض على ذلك الحقير .
و بسرعة البرق ضغط غنوة على كتفى هارون تأمره : أنزل تحت… و أهرب من بين الرجول
نهرها بغضب: أنتى اتجننتى هارون الص..
قاطعه بغضب: أخلص هتاكل علقه سوده.
بالفعل غطس فورا كمن يغطس فى الماء و خرج من بين الأرجل ، يسأل كيف تجمع كل هؤلاء على صرخه واحده من تلك الشرسه !
و بشق الأنفس إستطاع الفرار و وصل إلى سيارته ليجد شاب يأتى مهرولا يسأل : فى ايه يا كبير ايه صوت الصويت ده ؟
فجاوبه سريعاً: اه شكله جاى من البيت ده واحده بتقول الحقونى .
فقال الشاب و هو موقن بشده : أكيد عيل شمال و شمام أتهجم عليها .
صرخ فيه هارون بغضب : ما تحترم نفسك يا جدع انت .
نظر له الشاب بإستغراب و سأل : أنت تعرف الأشكال دى يا باشا .. دى عيال بنت و…
قاطعه هارون بغضب و ما عاد بإستطاعته إستكمال ذلك الحوار الرائع فقال و هو يفتح باب سيارته : أنا همشى قبل ما أرتكب جنايه .
غادر سريعاً و الغضب يعصف به ، كلما تخيل منظره و هو يتحرك تحت أرجل نساء و رجال الحى ، تلك العقربه صاحبة اللسان السليط سيلقنها درساً قاسياً بالتأكيد ، يغلى الدم برأسه كلما تذكر ما فعلته به و كيف كان على وشك نيل زوجته لتقضى هى مجددا على كل آماله .
وصل بيته أخيرا و ترجل من السياره ليجد سيارة أخرى قد أصطفت أمام الباب الداخلى للبيت .
جعد ما بين حاجبيه يفكر لمن تلك السيارة و دلف للداخل سريعاً ليعرف .
و ما أن ولج للداخل حتى تفاجئ تماماً بوجود رجل عريض المنكبين ضخم الجثه يجلس على أحد مقاعد الصالون يرتشف من فنجان القهوه ، ظل ينظر له و هو مستغرب كثيرا يسأل من هذا الضخم ؟
إلى شعر ذلك الجالس بوقوف أحدهم خلفه فوق و أستدار يفتح له ذراعيه مردداً: بقا كده يا راجل ، بقالى ساعة مستنى جنابك ، كنت فين يا كبير .
تقدم منه هارون يردد بذهول : ده انت إلى كبير و الله ، إيه المفاجئة الحلوه دي يا يوسف ؟ جيت أمتى ؟
جاوبه يوسف ببعض الضيق : انا تقريباً هنا بقالى ساعه ، دى تالت قهوه أشربها يا بيه و أنا قاعد مستنى جنابك ، ماكنتش اعرف أنى عشان اقابلك لازمنى توصية من المحافظ ، أتغيرت أوى و أنا مسافر ، هو أنا طولت أوى كده برا ؟
اقترب هارون يحتضنه مردداً : طّولت ، و طولت و أعرضيت أكتر و أكتر ، ايه ده ؟ صدرك ينفع معديه بين كوبريين .
لوح له يوسف بكفه قائلا : هتحسدنى و لا ايه ، حد قالك تلهى نفسك بالنسوان ، مش تحافظ على صحتك زى ابن خالتك ، أهو احنا سنه بسنه مع بعض في مدرسة واحدة شوف انا بقيت فين و أنت فين ؟
صك هارون أسنانه بغضب مرددا: أنت هتعيش يالا ، ماكنوش كلمتين قلتهم لك مجامله ، انا الى بقالى فترة هامل الجيم فعلاً.
غمز له يوسف ثم ردد : يا هارون يا حبيبي ، الستات نعمه بس زيها زى اى حاجه كترها وحش ، بالعقل يا باشا مش كده صحتك.
التوى ثغر هارون ساخرا يردد : ستااات ! هما فين دول .
شهق يوسف و ردد بقلق حقيقى : هما فين دول! و مين اللي بيقول كده ؟ هارون الصواف ؟ إيه الى جرى فى البلد ، بقا أنا أسيبها كام شهر أرجع الاقى الحال كده ، إيه هى الدنيا أتقل خيرها و لا إيه ؟!
جلس هارون و قال: لأ كل حاجه زى ما هى أنا إلى باينى أتعقدت .
جلس أخيراً يوسف براحه يردد : أيوه كده طمنتنى ، ده انا كنت هرجع تانى على أول طياره راجعه لندن ، ما أنت عارفنى يا ابن خالتى ، إلى بيجرى فى جوايا ده مش دم لأ ، ده نسواان ، دمى كله نسوان يا عم الشيخ هارون.
تنهد هارون و قال: منك لله ، اللهى ربنا يبعت لك الى تجيبك على بوزك .
غمز له يوسف و قال بمكر : دى من دى ؟ لسه ما اتخلقتش و حياتك ، أنت فاكرنى دغوف زيك …. ههههه سمعت إنك وقعت و غرقان لشوشتك كمان.
زفر هارون بضيق و نفاذ صبر و أكمل يوسف : و خير اللهم اجعله خير كده سمعت إنك اتجوزت ، بصراحة ما صدقتش نفسى ، بقا هارون يتجوز و يسيب كل الحريم دى لمين طيب ، رد عليا أنت قولى لمين .
ضيق عيناه بإتهام واضح و أشار عليه بسبابته مرددا: ذنب النسوان دى كلها فى رقبتك يا أبن الصواف .
قلب هارون عيناه بملل و قال : خلصت ؟
حمحم يوسف مجيباً : أيوه ، قولى بجد أنت أتجوزت ؟
هارون: أيوه.
زم يوسف شفتيه بإستغراب و هو ينظر فى الإرجاء ثم قال : طب و هى فين أنا هنا داخل فى ساعه و نص أهو مافيش كلب جه سلم عليا .
تنهد هارون و قال: أنت يا أبنى ايه ، دائماً هلس كده ؟
يوسف : طالما خرجت برا باب الشغل ببقى هلس .. قولى فين مراتك ، عايز اشوف مين دى الى وقعت هارون الرشيد .
سحابة حزن مرت على عيناه ،أغمضهم متنهداً ثم قال: ده موضوع يطول شرحه .
يوسف: و أنا مش ماشى غير لما أعرف ، أبات معاك النهاردة كده كده ماحدش يعرف أنى جاى من السفر أصلاً ، أبقى أروح بكره و أعملها لهم مفاجأة.. و كمان عايز أشوف ماجد ، وحشانى سفالته .. كلمنى من فتره و قالى أنه واقع هو كمان بس ما عرفتش تفاصيل .
ارتخى فى جلسته كثيرا و وضع ساق فوق أخرى ثم ردد بزهو : كلوا كده وقع إلا يوسف محى إدريس ، لسه صاغ سليم .
نظر لها هارون مطولاً ثم قال بتريث :تعرف يا يوسف إن أنت بالذات هتبقى وقعتك وحشه أوى ، أنا متأكد إنك أكتر واحد هتتمرمط فينا إحنا التلاته ، عشان انت أكبر هلاس فينا .
ضحك يوسف منتشياً و قال بفخر واعتزاز: و لا عمره هيحصل و حياتك ، طب تعرف أنا عمرى ما حبيت خالص .. مع أنى مش ممانع و الله ، بس مش بحب ما أعرفش ليه .
هارون: هقول ايه ، جبله.
زم يوسف شفتيه بشبه إقتناع و ردد : تقريباً كده ، المهم إحكى لى .
سحب هارون نفس عميق ثم بدأ بسرد كل قصته مع غنوة لصديقه و إبن خالته .
_____________________
فى مكان جديد .
بفيلا راقيه و هادئه تتقدمها حدائق ممتلئه بمختلف ألوان و أشكال الورود مع مسبح بمساحه ضخمه و أرجوحه تحفها مظله ، و مع السير مقدما تجد جلسه هادئه مكونه من مقاعد خشبيه مستديرة و طاوله بحجم متوسط وضع عليها القهوه الساخنه التى بدأ محى إدريس ( والد يوسف) يرتشفها و هو يتحدث إلى صديقه مرددا : إخص عليك يا عبد العزيز ، كل ده حاصل معاك و لا تقوليش ، يعنى لولا سكن زينب ما كنتش عرفت أنك تعبان و مسافر و الله عيب عليك.
اغمض عبد العزيز يتنهد بتعب و حزن ثم قال : ماحبتش أشيلك همى يا محى يا اخويا كل واحد فيه إلى مكفيه ، لولا موضوع السكن بتاع زينب ماكنتش هقول فعلاً .
نهره محى بحده: أنت تسكت خالص ، مش عايز أسمع منك و لا كلمة ، بقا يا واطى جايلى أتوسط لك في أى سكن طالبات يقبل بنتك ؟ ليه عدمتنى مثلاً و لا مالكش صحاب .
تحدث عبد العزيز سريعاً : لأ لأ يا محى ، أنا مسافر و مش عارف إيه إلى هيحصل معايا و أخويا الوحيد عايش برا طول عمره ، ما اضمنش بكره فيه إيه ، و البت لازم تروح جامعتها ، لولا إن كليتها عملى كنت دبرت أمرى و أخدتها معايا .
محى : و حتى لو مش عملى و هى فاضيه ما ينفعش تسافر معاك ، دى لسه صغيره و ماعندهاش خبره ، هتسافر بيك ازاى و تشيل مسؤليتك و لا تبقى لوحدها بيك ، الصح أنها تفضل هنا و أنا هبعت معاك مرافق يلازمك فى كل خطواتك و ده رد جزء بسيط من دينك الى فى رقبتى ، أنا مانساش أبدا إلى عملته معايا زمان ايام ما كنت مش لاقى أكل ، ده يوسف مولود على إيدك.
تنهد عبد العزيز و قال بإذعان : ده المتوقع منك يا محى ، طول عمرك إبن أصول ، كمل جميلك معايا و شوفلى واسطه أدخل بيها البت للمدينه الجامعيه ، بيقولوا أى طالب مالوش غير رغبه واحده يا مدينة جامعيه يا تحويل و أنا كان لازم أحول لها من جامعة الوادى الجديد و أجيبها هنا ، دى ماصدقت جابت تقدير حلو أول سنه عشان تعرف تحول .
نظر له محى بغضب ثم قال : أنا ساكت من الصبح عشان مراعى تعبك بس بصراحه بقا مش قادر ، مدينه جامعيه ايه و سكن طالبات إيه هما أى واحده فى دول هيبقوا أمن عليها من بيتى ؟ ده البيت كله بنات و أنا مش عندى غير يوسف و مسافر و أنت عارف.
هز عبد العزيز رأسه برفض فقال محى : خلصت يا عبد العزيز و إلا قسماً غظماً أقاطعك فيها .. أنت طيارتك إمتى ؟
تنهد عبد العزيز و قال: النهاردة الفجر .
محى : تروح و تيجى بالسلامه أنا هعمل كام إتصال دلوقتي و هناك أول ما توصل هتلاقى كل حاجه مترتبه بأذن الله و بنتك هنا فى عينى و زى بناتى ، ما أنت عارف أنا عندى إلى زيها و إلى أصغر منها كمان .
هز عبد العزيز رأسه و قال : أنا عارف و الله يا محى ، و هو ده العشم بردو.. خلى بالك من زينب.
أبتسم له محى و قال: فى عينى و الله ،خلى أنت بالك من صحتك ، عايزك تروح و ترجع بالسلامه ، أنت صاحب عمرى ، أمانه عليك ما تسيبنى لوحدى يا صاحبى .. مين هيجوز يوسف غيرك
أبتسم عبد العزيز و قال: هروح و هرجع بأذن الله .. بس حكاية إنى أنا إلى أجوز يوسف بنفسى دى ماعلش أعفيني .
محى : ليه بس يا عبد العزيز .
عبد العزيز : أنا راجل بخاف ربنا ، طب انت يرضيك ؟ يرضيك أذى بنات الناس معايا و ألبسهم يوسف إبنك العربيد النوسونجى ، ده كبير الهلاسين .
محى : يرضيني أه.
رفع عبد العزيز يداه و قال : انا إلى ما ارضهوش على زينب بنتى ما أراضهوش لبنات الناس ، جوزوا بعيد عنى و من غير ما أشترك فى الجريمه دى .
ضحك محى و ظل هو و عبد العزيز يتذكران عدد المرات التى قبضوا فيها على يوسف متلبساً بجرائم عده.
بعد فتره تقدمت نور إبنة محى و إلى جوارها تسير فتاه أشبه للملائكه فى الملامح و الطله ، و هاله من النور تحيط بها ، تبتسم بحفه فتظهر غمازتها لتزيد من جمالها و إشراق وجهها الأبيض المستدير و شعرها البندقى القصير يحيط وجهها مضيفا عليه وهج خاص زادها جمال و حلاوه .
صدح صوت محى يسأل : ها يا زوزو ، عجبك البيت ؟
أبتسمت برقه ثم قالت بحرج: جميله اوي يا عمو.
تطوعت نور و قالت سريعاً : كدابه يا بابا ، دى اتكسفت تتفرج عليها شافت أوضتى بس.
محى : لأ لأ أنا عايزك تاخدى على البيت كله كده و تاخدى راحتك فيه لأن خلاص ده هيبقى بيتك لحد ما بابا يرجع من السفر
رفعت زينب وجهها سريعاً متفاجئة تسأل والدها بصمت فهز عبد العزيز رأسه إيجاباً و قال: أيوه يا زوزو ، بيت عمك محى أمن ليكى و أن شاء الله تتبسطى معاهم و أنا مش هطول عليكى
صرخت نور من الفرحه و قالت : واو ، أخيراً هلاقى حد يسلينى و يروح معايا الجامعه .. أنتى كلية إيه يا زوزو .
تنهدت زوزو بحزن على ما يحدث معها هى و والدها دون سابق إنذار و قد أنقلبت حياتهما و أصبحت ضيفه فى بيت غير بيتها .
حاولت إغتصاب بسمه رقيقه على وجهها و جاوبت نور: علاج طبيعي.
صرح محى : اللله .. أنا كنت محتاج حد يعالج لى الخشونه .
ضربت زينب على وجهها لاطمه حالها حال أى طالب فى طب علاج طبيعى مما يراه من أسرته و الجيران .
______________________
أنفض الحضور أخيراً ، فقد تولت من جمعتهم أمر صرفهم و جلست هى على طرف الفراش تغمض عيناها تتذكر لحظاتها معه و هى بأحضانه .
سامحها الله لمى ، هى من ذكرتها ببساطه بكل أوقاتهم معا .
رجفه لذيذه سرت بجسدها تضم جسدها بين ذراعيها تحتضن نفسها تتمنى قربه الأن .
كم شخص يتمنى لو كانت الظروف غير الظروف و الوضع غير الوضع ، لو خلق و وجد بمكان غير المكان.
كم شخص يقيده الماضى و عقباته عن ما يريد .
لولا قصة هارون مع والدها لكانت الآن هانئه بين ذراعيه و ربما هى من تطلب وصله و ليس هنا .
دمعه ساخنه فرت على خدها و هى تسأل لما هو من بين كل رجال الأرض الذى أعجبها ، ولما أيضاً والدها من بين الخلق الذى أخذ قلبه كى يحيى هو و يموت والدها ، كيف يمكنها تخطى كل ذلك ؟! كيف تعيش معه و تنسى ما حدث لوالدها .
انتبهت على صوت اشجان التى تصرخ بحده : بتعيطى ليه يا بت.. إلى ما يتسمى ده قالك حاجه ضايقك بيها ؟
مسحت غنوة عيناها على الفور و هزت رأسها نفياً فقالت أشجان بعدما جلست لجوارها : هممم ، أنتى حلك الجواز ، عشان تنسى إبن الرفدى ده .
تحدثت غنوة بصوت مختنق : ما تشتميهوش ، أنا بس اشتمه أنتى لأ.
وقفت أشجان من جلستها بحده مرده: لااا.. ده الموضوع كبر و وسع أوى ، أنا هروح اغرف الأكل و اجيب معايا لستة العرسان.
تنهدت غنوة بصمت ثم أخرجت هاتفها تحسب ما لديها من مال .
ثم تنظر لأشجان التي عادت محمله بالطعام من جديد تسأل: بتعملى ايه ؟
غنوة : اقولك ايه ما هو كل واحد غرقان فى دنيته ، أنتى بتدوريلى على عريس و أنا بحسب معايا ايه و فاضل كام .
وضعت كسره من الخبز محمله بالبطاطس ثم قالت : صرفت كتير على شغلى ، و هما طالبين منى مليون دولار ، أعمل ايه .. مش هقدر أروح شغل لمى ، أنا عارفه انها ناويه تسحلنى ، و أنا لسه عايزه اوقف شغلى على رجله ، أنا صرفت عليه كتير أوى.
لكنها توقفت عن الإسترسال فى حديثها على صوت شهقة أشجان : نعم نعم ؟ مليون إيه ؟ مليون عفريت لما يبقى ينططها ، طب و دينى و أيمانى لأكون رايحه لها بكره و مفرجه عليها امة محمد .
تنهدت غنوة مردده : أستهدى بالله بس ، دى مش هارو هتفرشى له الملايه ، دى حاجة تانيه خالص غيره ، عايزه تصرف بحكمه و عقل لأنها حطانى فى دماغها .
لكت أشجان الطعام فى فمها و هى تتحدث فى نفس الوقت : صراحه ، حقها.
سحبت غنوة نفس عميق و قالت بحزن: عارفه .
صمتت قليلا و بداخلها ترفض الاستسلام ثم قالت : انا كده هشتغل عشرين ساعه فى اليوم.
صدمت أشجان و قالت بخوف : كده تموتى يا بنتى .
اغمضت غنوة عيناها و قالت: و لو ما حققتش ذاتى هموت بردو ، أنا مش هضيع من كل النواحى .
أبتعلت غصه مؤلمه بحلقها و أردفت : كفايه إلى ضاع عليا غصب عني.
صمتت أشجان تتفهم مقصدها و بداخلها يزداد إصرارها على التوصل لعريس مناسب .
___________________
وقفت تنظر له ببهوت تسأل كيف لم يتعرف عليها و هى تعرفه ، رجفه من الحزن استحوذت على كامل جسدها و هى تتذكر أنه دوماً كان رافض رفض تام رؤيتها ، قاطع أى طريقه قد تصل بينهما ، أغرورقت عيناها بدموع القهر و هى تتذكر رفضه فتح الكاميرا بيوم كتب كتابهما .
تدعو و تبتهل بل تتوسل دموعها بألا تخونها و تنسدل الآن أمامه هو و رفقائه .
بنظره سريعه شملت عدد لا بأس به من الفتيات منهن الشقراء و الصهباء ، كلهن ذوات جمال غربى صارخ ، بجسد ممشوق بل نحيل جداً
عذرته ، فمن سيترك جسد عارضات الأزياء و ينظر لجسدها الممتلئ .
خرجت من شرودها مجفله على صوت أحدهم قد توقف عن كرسيه يلتف من حولها بلا حياء او تردد مصفرا بإعجاب : طول عمرى و أنا أسمع عن الزبده البلدى بس لأول مرة أشوفها .
صدح صوت نادين على الفور تردد : أبعد عنها يا رائف أحسن لك.
ألتفت تنظر إلى ضياء الذى مازال ينظر لها بإعجاب يكاد أن ينطق وحده و قالت له بتلاعب : قول لصاحبك يبعد عنها يا ضياء .
ردد ضياء و عيناه مسحوره بتقى : بس تعرفينى بيها الأول.
أبتسمت نادين بظفر ثم وقفت لجوار تقى مردده : دى جيجى ثابت ، صاحبتى.
أتسعت عينا تقى و قالت لها بخفوت : جيجى مين ؟
لكزتها نادين خفيه و قالت من بين أسنانها : ايوه انتى جيجى انتى إيش عرفك أنتى.
رمشت تقى بأهدابها ثم صمتت تاركه نادين تتحدث عنها.
ثم سحبتها لتجلس معهم على الطاوله وسط نظرات ضياء الثابته عليها لا يخفى عليها نظرات الفتيات من حوله و لا تلك التى تتكئ بذراعها على كتفه كأنها تعلن ملكيتها له تناظرها ما بين الحقد و الإستهزاء .
و ضياء يجلس سلطان زمانه يملئ مركزه لا يتحدث كثيرا فقط يشير او يرد بكلمات مقتضبه إن لزم الأمر و تلك الفتاه تتغنج عليه غنج مائع .
إلى أن قالت نادين : أطلب لك يا جيجى الكوفى بتاعك
ثم ألتفت لهم تقول : أصل جيجى لسه صاحيه من النوم ، إمبارح كان فى حفله تحفه و سهرنا و هى يا دوب صحيت دلوقتي.
أعتدل ضياء فى جلسته و عيناه مرتكزه على تقى بوقاحة مربكه ثم ردد : و هى جيجى مش بتتكلم عن نفسها ليه .. حتى نسمع صوتها
إبتسمت له نادين تدارى غيظها ثم قالت: دى برنسيس ، اتربت على كده ،حتى أهلها بيعاملوها كده ،عمرك شوفت برنسيس كلامها كتير ، أكيد لأ.
تحدثت تلك الفتاه الملتصقة بضياء مردده : يعنى ده معناه إنك الوصيفه بتاعتها ؟
ردت هنا تقى و قالت : لأ ، نادين ماى بيست فرند .
أبتسمت لها نادين و قالت : بالظبط كده ، انتى قولتى لى إسمك إيه ؟ حماره ؟
ضحك ضياء ثم انتبه بهيام و إعجاب على تقى التى إبتسمت للتو على مل تفعله نادين بينما ردت تلك الفتاه بغيظ: كلارا .. كلارا حبيبتى.
هزت نادين رأسها و قالت : اااااه .. كلارا.. ماعلش حبيبتى كنت نسيت.. بس براڤو عليكى بتعرفى مصرى كويس .
زادت كلارا من ضم ضياء لها ثم قالت بفخر : ضياء حبيبى علمنى مصرى ، اتعلمت منه كل حاجه.
لمحة حزن مرت بأعين تقى و غصة مريره أستقرت بحلقها لتقول نادين : و يا ترى بقا اتعلمتى أهم حاجة ، الرقص المصرى .
ضحك ضياء ساخراً ثم قال بيأس : نوووو.
رفعت نادين كتفيها و قالت بكيد واضح : لاا ، أنا هخلى جيجى تعلمك ، دى عليها رقص ما…
صمتت فجأة على صوت تقى : ايه الى بتقوليه ده ؟
ضياء : أخيرا سمعت صوتك.
بينما قال رائف : أنا مش مصدق ، أخيراً شوفت واحده بترقص .. لازم نشوف
وقفت تقى محتجه و غادرت على الفور و ضياء يتابعها بإعجاب واضح.
بعد دقائق وقفت على الناحيه الاخرى من السفينه يطيح الهواء بشعرها الطويل خلفها.
تقدم من خلفها يرمق كل جزء من جسدها بإعجاب ، كانت ممتلئة إمتلاء محبب بل يسيل له اللعاب .
شعرها أسود طويل و بشرتها لينه ، تتكئ بكفيها على سور السفينه رافعة رأسها للاعلى مغمضه عيناها كأنها تشعر بحريتها و إنطلاقها ، كان مظهر خلاب سرق قلبه دون إستئذان .
تقدم حتى توقف خلفها يقول : فعلا الجو هنا أحسن كتير .
ألتفت له مصدومه و قد زادت دقات قلبها و هى تراه بجوارها ، قد جاء هو إليها بقدميه يقول : عجبنى أوى موقفك و شخصيتك.
ضحك دون صوت ثم قال : مش شخصيتك بس عشان اكون صريح و ….
توقف عن الحديث على صوت نادين التى جاءت من خلفه تقول : ضياء حبيبى ، كلارا بتنادى عليك.
زم ضياء شفتيه و قال لها : سيبك منها.
هم لإستكمال حديثه لكن أحبطت نادين محاولته مردده : جيجى نو يا ضياء ، بلاش أحسن لك ، لأن جيجى مليكه خاصة .
أستغربت تقى ما فعلته نادين بينما ضياء يشعر بضيق شديد قد تمكن منه لما سمع .
_______________
كانت غارقه فى نومها بتلك الغرفه التى أصبحت لها منذ حضرت لهنا ، أسيقظت و هى تشعر بقبلات أحدهم تسير على وجهها كله يغرقها بها .
فتحت عيناها بتشوش لتبصر ماجد هو من يميل عليها يقبلها مرددا : وحشتينى .. وحشتينى أوى يا حبيبتي.
أعتدلت مبتعده عنه تردد : أنت بتعمل ايه هنا.
ماجد : جيت لك عشان أصحيكى .. ده الوقت المناسب بس لاقيتك نايمه قولت أستغل الفرصه ، ما قدرتش بصراحه أنتى وحشانى أوى.
صرخا فيه بغضب : أنت بتقول ايه ، إياك تقرب منى تانى أنت فاهم ، و لا فاكر الى عملته ده هيعدى عادى.
اغمض ماجد عيناه يقول : حقك ، بس ممكن نأجل أى حاجة دلوقتي و تعالى معايا ، انا مرتب كل حاجه ، نص ساعه و هنبقى فى الطياره إلى هترجع بينا مصر .
ما أن قال ذلك حتى انتفضت من الفراش كى تذهب معه لكنه صرخ بها : انتى اتجننتى ،رايحه فين كده ،هاتى حاجه على جسمك .
هزت رأسها بجنون ، لقد نست من الفرحه ، جذبت سريعاً شئ تستر به نفسها ثم شبكت يدها بيده كى تهرب معه ….
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شط بحر الهوى)