روايات

رواية شبكة العنكبوت الفصل الأربعون 40 بقلم آيات الصبان

رواية شبكة العنكبوت الفصل الأربعون 40 بقلم آيات الصبان

رواية شبكة العنكبوت الجزء الأربعون

رواية شبكة العنكبوت البارت الأربعون

رواية شبكة العنكبوت
رواية شبكة العنكبوت

رواية شبكة العنكبوت الحلقة الأربعون

( المواجهة الأخيرة )
كانت »ريم« تشعر في داخل أعماقها بأنها قد فقدت حب زوجها منذ زمن طويل ، كانت تشعر أن كل محاولاتها المستميتة للحفاظ عليه هي مجرد محاولات لاستعادة الروح في جســد ميت ، لا تدري لماذا أو ماذا حدث بالتحديد أدى لهذا الفشــل ، كانت لا ترى سوى أنها أسرفت فى العطاء لدرجة أفســدت العلاقة ، كانت دائما الطرف المضحي والطرف الذي يبذل الغالي والنفيس بينما الطرف الآخر قد مل من فرط التدليل ،
فـ « علي « تعود على النجاح وعلى أن يحصل على ما يريد بدون أن ينظر إلى ما يريده الآخــرون ، وقد ارتضت هي أن تعيش فى ظله وأن تعطيه حبها بل وتبالغ فى إظهار هذا الحب حتى أصبح حبها حصارًا يخنقه ، كانت تعتقد أن إبراز صورة الزوجة المحبة والعائلة الســعيدة المثالية ســيحميهم من الســقوط حتى وهي مدركة في أعماقها أنها قد فقدت
حبه وشغفه بها ، كانت تعالج نفوره منها بالمزيد من جرعات الحب، و تحاول تكبيله بتلك الجمايل والمشاعر بوعي أو بدون وعي حتى تجعل أي قرار يتخذه بالابتعاد عنها في غاية الصعوبة ، إلى أن اكتشفت خيانته وقررت أن تجعله يدفع ثمن كل تضحياتها التي قدمتها للاحتفاظ به.
بعد مرور زوجها بهذه التجربة الســيئة تصورت أنه سيعود إليها
راكعًا ، تصورت أنه ســيقول لها كل ما كانت تتمنى أن تسمعه، وأنه ســيحيطها بكل الحب الذي تتمناه ، كانت تريد عودته ذليلًا كما كانت هي ، منكسرًا وضعيفًا ومسلمًا قلبه بلا أي شروط لها.
ولكن لم تأتِ الرياح بما تشــتهي »ريم«، فـ«علي « تأثر بما لا يدع
مجالا للشــك بهذه التجربة ، فقد أنضجت الصدمة مشاعره وأيقظت ضميره ، لكن حينما حدث له هذا التحول اكتشف أن مشاعره قد انتهت تجاه »ريم« منذ زمن ، وأنه لم يظلمها وحدها بتردده ، ونفاقه وخياناته المتعددة بل ظلم نفســه هو الآخر ، تفتح وعيه وأدرك أن الحياة أقصر من أن يكملها بهذا الشكل، بات يشعر أن وجود »ريم« في حياته أصبح مرهقًا، مؤلمًا ، رؤيته لحبها وتفانيها في ظل تغير مشاعره تجاهها يزرع
في عقله عقد ذنب لا تنتهي، أصبح مدركًا لضرورة أن يغلق تلك الصفحة وأن يبدأ صفحة جديدة، كان يرى أن كليهما يســتحق أن يعيش مرة أخرى سعيدًا.
كانت »ريم« هي الأخرى قــد وصلت إلى قرارها بإنهاء ذلك العذاب الأبدي الذي سجنت نفسها فيه ، قررت أن تعبر أسوار الخوف وأن تبحث عن الســعادة، أن تبحث عن »ريم« التي فقدتها في تلك الرحلة الطويلة من الألم ، ربما كان كلام »مايسة« قاسيًا بعض الشيء ولكنه أنار لها ما كان مظلمًا داخلها، استطاعت أن تعترف لنفسها أن محركها لاستعادة »عـلـى « لم يكن الحب قدر ما كان الكبرياء ، كانت تشــعر بأن كرامتها
كأنثى مهدرة ، ودخلت في صراع مع أنثى أخرى للانتصار عليها لا صراع للحفاظ على حبيب ، كانت أســلحتها في هــذه المعركة هي تضحياتها ، عمرها الذي أعطته طوعًا ، الأسرة والأبناء والمستقبل ، والضغط على عقد الذنــب لديه لتضمن اختياره لها ، كانت تشــعر أنها قد امتلكته تماما وأنها حتى وإن كانت تعيش معه رغمًا عنه ورغمًا عنها فإن هذه الحياة
يجب أن تســتمر حتى النهاية، ولكن الآن بعد أن رفعت الغشاوة عن عينيها و أبصرت من جديد ، رأت الشخص الوحيد الذى لم تكن تراه من قبل والشخص الذى أساءت له كثيرا ولم ترحمه، كان هذا الشخص هو »ريم« نفسها.
وقررت أن تواجه »على « قبل أن تتركه ، وأن تتحمل مســؤولية أى قرار ستفيض إليه هذه المواجهة :
»ريم«:
– أنا شايفة إن إحنا حياتنا كل يوم عن يوم بتسوء ومن الواضح إن مبقاش فيه أمل إننا نحسنها .
نظر »على « إليها في دهشة ممتزجة بالكثير من الراحة لأخذها زمام المبادرة ، وقال:
– كويس إنك فتحتى الموضوع ده يا »ريم« لأن احنا فعلا لازم نتكلم فيه.
– أنا عارفة يا »على « من زمان أوى إنك حابب تتكلم فيه وعارفة إنك مكنتش حابب تتكلم إلا لما أنا أفتحه .
– مكنتش حابب إنى أكون الســبب فى جرحك وكنت حاسس إن لو انتى قررتى حاجة زي كده فأكيد هتكونــي مفكرة كويس ومرتاحة للقرار .
– أنا عايزة أسألك سؤال يا »على « ، إنت إمتى بطلت تحبنى ؟
– مين قالك إنى بطلت أحبك؟ أنا بحبك بس بشكل مختلف .
– يعنى ايه بتحبنى بشكل مختلف، بتحبنى زي أختك مثلا ؟
– بحبك زي شــخص اتعودت عليه في حياتي، شــخص شاركنى حاجات كتير أوي ، شــخص حلمت معاه بحاجات أكتر ، فرحنا ســوا وزعلنا سوا واتشاركنا الحلو والوحش ، كل دي حاجات مقدرش أنكرها بس مش كفاية علشــان نكمل اننا نفتكر اللي بيننا ، لازم نكون قادرين نعمل ذكريات جديدة ، نحلم تاني مــع بعض ، نفرح تاني مع بعض ، محدش بيقدر يعيش ســنينه الجاية بس على أطلال الماضي ، مع الوقت وشوية شوية ابتديت أكتشف إننا مختلفين فى حاجات كتير .
– مختلفين فى حاجات كتير ؟ احنا فضلنا نحب بعض أربع سنين قبل الجواز مكتشفتش اختلافاتنا وقتها ؟
– احنا كنا صغيرين أوي وكنا لســه في بداية حياتنا، اربعتاشر سنة من عمر الواحد مش قليلين عشــان أفكاره تتغير ويفهم هو محتاج إيه بالظبط ، انتى كمان اتغيرتي أوي.
– اتغيرت إزاي؟ بقيت ست مبهدلة مثلا عشان عندى عيال ولا بقيت بجري من تمرين المدرسة لمجلس آباء لشغل البيت؟ اتغيرت إزاي؟
– بــس مفيش داعي إن احنا نتكلم في أي حاجة ممكن تجرحنا أنا أو انتى خلينا نتكلم زي ناس كبار وعاقلين وبيخدوا قرار عارفين هما الاتنين إنه القرار الصح .
– تمام ، بما إنك انت بقيت بتحبنى زى أختك هتعامل أختك إزاي بقا لما تيجي تتطلق ؟
– متقلقيش يا »ريم« أنا مش هابهدل ولادي وأم ولادي خالص ، وأنا عارف إنك مستحيل تخرجي من بيتك .
– فنويت تعمل معانا إيه ؟
– أنــا أخدت بيت تاني قريب من هنا وهأنقل نفسي فيه وأســيبلك البيت ده انتى والولاد ، مصاريف مدارســهم كلها أنا طبعا متكفل بيها و مصروفكم الشهري هيجيلكوا لحد عندكوا ، وهبقى آخد الولاد كل ويك إند أو آخدهم يباتوا عندى يوم فى وســط الأسبوع لأني أكيد لازم أبقى موجود فى حياتهم .
– آه ياريت تكون موجود فى حياتهم بعد الطلاق لأنك مكنتش موجود فى حياتهم قبله .
– »ريم«، انتى بتحاوىل تجرينا لمشاكل ملهاش لازمة ، قلت لك احنا الاتنين كبار كفاية عشان نحدد احنا عايزين إيه .
– بما إننــا في اللحظة دي بنتصارح ، مفيش حاجة عايز تصارحنى بيها؟.
– أصارحك بإيه، عايزة تعرفي إيه ؟
– إنت طول الفترة دى كنت مخلص ليا ولا شكوكى كانت فى محلها ؟
– معتقدش إن دى حاجــة محتاجين نتكلم فيهــا دلوقتى ، مش هتضيف حاجة للي احنا بنتكلم فيه .
– يمكن مش هتضيف حاجة من وجهــة نظرك لكن على الأقل أنا هأعرف إن النار اللي كنت عايشة فيها كانت فعلا ليها أصل .
– أدينا بنتكلم علشان نعيش بشكل أحسن ، أنا مش عايزك تعيشي في نار لأنك ما تستاهليش تعيشي كدة ، من قلبي باقولك الكلام ده .
– ممكن أعرف انت ليه جيت أنقذتنى ودفعت فدية ؟
– عشان انتى أم عيالي وأكيد مكنتش هاسيبك فى الموقف ده .
– بس كده ، يعني انت جيت عشاني ؟
– أومال جيت ليه ؟
– معرفش أنا بسألك.
– طب ما تجيبى اللي عندك يا »ريم« لــو كان عندك أي معلومات وحابة تسألينى فيها ما تســألينى على طول ، عمالة تلفي وتدوري ليه يا »ريم«؟
– من حقي أفهم ، أعرف واحد مش بيحبني إزاي يروح يدفع اتنين مليون جنيه عشان ينقذني وكمان ميرضاش يبلغ البوليس بعدها؟
– أظن أيًا كان اللي فى دماغك أو أيًا كان اللي عرفتيه فأوانه انتهى ، أنا كمان بقيت إنسان جديد وبطلت أعيش شخصيتين وقررت إني لا أزيف مشاعري ولا أخضع لابتزاز عاطفي ، وبدل ما أبقى بوشين فممكن أبقى إنســان بوش واحد ، ولما أحس إنى خلاص مش قادر أدي فمن الأمانة إنى أقول للشخص ده إني مش قادر أدى ، وأنا النهارده يا بنت الناس مش قادر أدي في العلاقة دي ، وكمــان بقولك إن أنا مش هاظلمك ولا هاظلم ولادي ولا هاعمل أي شيء يضرك ، احنا هنســيب بعض واحنا كويسين لأننا بشر ، احنا بني أدمين مش مكن ، وممكن أوي قلوبنا تتغير ، المهم منظلمش بعض ومنجيش على حق بعض.
أنا آسف لو كنت أذيتك وأذيت مشــاعرك وأنا معترف بأى خطأ عملته فى حقك ، بس صدقينى أي خطأ عملته فى حقك أنا عملته فى حق نفسي قبلك ، إوعي تفتكري إن الواحد لما بيعيش حياته يتخبط شمال ويمين ولا لما بيحاول يقنع عقله
ويدي لنفسه ألف مبرر عشان خاطر يستمر في علاقة هو عارف كويس جدا إنه مش قادر يعيشها إن ده بيبقى سهل ، لأ ، ده بيبقى صعب جدا لكن للأسف احنا في مجتمع بيكون الأسهل فيه إننا نلف وندور حوالين فشــلنا ونخش فى علاقات ونجرح بعض عشان نكمل الصورة للآخر ، ونمثل إننا مبسوطين لو اقتضي الأمر ، أنا كمان كنت واقع تحت التأثير ده ، الرجالة كمان بتخاف من الطلاق يا »ريم« صدقيني ، كنت شــايفه غول كبير أوي بيهدد حبة أمان مزيفين خايف أخسرهم ، كنت شــايف إني ممكن أتفاداه وأعيش حياتــى طول وعرض وأحرمك من حياتك ، بس أنا فوقت ولقيت إن أنا لازم أكون إنسان صادق مع نفسي وصادق معاكــي حتى لو كنت هاوجعك ، أنا آســف إذا كنت مقدرتش أكمل فى حبك زي ما كنت بتمنى ، أنا آسف إن مشاعري اتغيرت ، أرجوكي حاولي تقبلي أسفي ، وأنا من ناحيتي مسامحك على أي حاجة .
– يعنى إيه مسامحنى على أي حاجة ؟
– أي حاجة تكون حصلت بينا واتســببتى انتى بيها في إيذائى، زى ما أنا بطلب منك تسامحينى أنا كمان هاسامحك وأتمنى إن احنا نفضل أصدقاء عشان خاطر ولادنا.
– مضمنش صراحة إن احنا نفضل أصدقــاء ، صعب الحب يبقى صداقة ، مش دايمًا بيقولوا كده؟
– لسه عايزة تعيشي وســط اللي بيقولوه ؟ اللي اتعلمناه كله غلط يا »ريم« ، احنا ممكن نكون أسعد من كدة لو فهمنا أن حياتنا ممكن تبقى أحسن واحنا بعيد.
– أنا عايــزة علاقة طيبة فيما يخص الأولاد بس ، لا حب ولا صداقة تعنيني ، وربنا يوفقك.
– خلاص زي ما تحبي ، مش هيكون فيــه علاقة غير فيما يخص الولاد ، وأنا كمان أتمنالك إنك تعيشي سعيدة وراضية.
– أنا كمان وصلت إن ده أفضل قرار بالنســبة لنا ، وهارجع أشتغل وأقف على رجلي تاني وهأبني نفسي من أول وجديد.
– دي أحســن حاجة تعمليها فعلا ، وأنــا بعتذرلك إنى كنت أنانى وقعدتك فى البيت الفترة دي كلها ، وأكيد هتلاقى خمسين شركة تتمناكى.
– معرفش اعتذارك بعد عشر ســنني قاعدة فى البيت هيفيدني بإيه لكن شكرا ، أنا عارفة أن صعب ألاقي شغل بعد الوقت ده كله في البيت لكن هأدور ومش هيأس .
– ماشي يــا »ريم« أنا هلم حاجتى وأمشي آخر الأســبوع ، بس من النهارده أنا مش هأبات فى البيــت ، هأوضب المكان الجديد وآجي آخد باقي حاجتي لو ميضايقكيش .
– لا ميضايقنيش .
– متشكر يا »ريم« على السنين دي كلها وآسف تاني.
– أنا اللي آسفة، آسفة لنفسي وآسفة ليك وآسفة لولادي ، آسفة لإني لسه هابتدى أدور على نفسي بعد السنين دي كلها.
نظر »على « إليها نظرة أخيرة تحمل الكثير من الألم والتفهم لحزنها ، وتقول وداعًا إلى الأبد ومضى في طريقه وأغلق وراءه الباب في هدوء.
( تمت )

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبكة العنكبوت)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!