روايات

رواية زهراء الفصل السابع 7 بقلم هنا عادل

رواية زهراء الفصل السابع 7 بقلم هنا عادل

رواية زهراء الجزء السابع

رواية زهراء البارت السابع

زهراء
زهراء

رواية زهراء الحلقة السابعة

طلعت اختي فى الوقت ده وندهت عليا:
– وجدي، يا وجدي تعالى امك تعبانة.
سيبتها وجريت على امي اشوف في ايه، بس بصراحة برغم خوفي على امي وفجعتي دي، الا ان الست دي قدرت تسرق عقلي، نزلت مع فكرية اختي اطمنت على امي اللى كانت حرارتها عالية وسهرنا عليها كمادات من الليل لطلعة النهار لحد ما بقيت كويسة وقولت انام شوية، الاوضة بتاعتنا كانت اوضتين داخل بعض الاوضة اللى جوة بتاعت امي واختي ولها ستارة مقفولة عليهم وانا برة على الكنبة جنب باب الاوضة، قفلت شبابيك الاوضة وكنت قافل الباب من غير القفل، كده كده مستحيل حد يدخل من غير ما يخبط يعني، غمضت عيني ومروحتش فى النوم، كان بالي كله فى اللى الست اتكلمت معايا فيه، مين اللى ظلم زهراء؟ مين اللى اذاها؟ الوحيدة اللى زعلتها هي كاترين والبنت حاولت تستسمحها فى الغلط اللى غلطته، حتى لو غلطت فعلا فى حقها…برضو فيه ربنا اللى هيحاسبنا مش احنا اللى هنحاسب بعض، وشغلني اكتر واكتر ان زهراء مكانتش مريضة واتوهمت بالمرض، طيب مين له يد فى وهمها ده؟ وايه اللى يخلي حد يوهمها بحاجة زي دي؟ وايه اللى حصل اصلا يدي فرصة لأى حد انه يعيش حد على وش الدنيا على انه مريض؟ افكار كتير بقى بتلف فى عقلي، منمتش دقيقة على بعضها من التفكير، ومن شكل الست اللى مش غايب عن بالي، وفى وسط كل تفكيري ده وانا مفتح عيني لقيتها ظهرت قدام عيني على باب الاوضة اللى انا نايم ووشي ناحيته ورأسي ناحية اوضة امي واختي، واقفة بصالي وبتقولي بهدوء:
– هتفكر كتير؟ مش هتوصل لحاجة الا لو انا اللى جاوبتك.
قومت قعدت مكاني وانا لسه باصص لها، على قد ما كنت فاكر نفسي اتجننت، لكن سألتها وانا مقتنع انها فعلا واقفة قدامي:
– جاوبيني، فهميني كل حاجة.
قالت ليا:
– مصدق وجودي؟
رديت:
– مصدق، والا مكنتش سألتك ورديت عليكي.
هنا ابتسمت الست دي ابتسامة وقفت ليا شعر جسمي كله، وفى اقل من لحظة لقيت وشها اتحول من ملامح ست عجوزة مريبة…لملامح زهراء اللى حبيتها، لكن مكانتش زهراء اللى وصفتهالك فى البداية، كانت زهراء بسمار لونها لكن مش بجسمها الضعيف، مش بملامحها الطفولية، كانت زهراء بعيون جميلة واسعة كحيلة، شعر اسود لون الليل نازل زي الحرير على خدودها اللى بنفس غمازاتها، جسمها ملفوف وكأنها عايشة تتغذى على السمنة البلدي والقشطة طول عمرها، شفايفها كانت عاملة زي الفراولة، كانت ملامح زهراء لكن على ست كاملة متكاملة النضج، وعلى شعرها حبات لؤلؤ صغيرة بتبرق وكأن القمر على خصلات شعرها الحرير، بقيت مبرق عيني وبفرك فيها ومش قادر اصدق اللى انا شايفه، لقيتها اتكلمت بنفس صوتها اللى انا حفظته:
– وحشتك؟
هو صوتها، ضحكتها، حتى نظرة عنيها ليا، اه اللى قدامي كأنها ست فى التلاتين لكن زهراء…زهراء اللى اعرفها، لقيت نفسي اتنفضت من مكاني وقومت بسرعة قربت منها وانا بقولها:
– وحشتيني بس؟! ده انتي خدتي روحي وقلبي معاكي.
لقيتها ضحكت وهي بتقول:
– ورجعت لأني مشبعتش من احساسي بيك ومعاك.
ضحكت وقلبي كان بيخرج من مكانه، لقيتها قالت:
– تعالى نطلع من هنا، خلينا نروح على المكان بتاعنا.
كانت الضحكة مش مفارقة شفايفي، لاء شفايفي ايه؟ الضحكة كانت من قلبي، فكرة ان حبيبتي قدامي ومماتتش دي كانت بفرحة الدنيا بحالها عندي، اتحركت وراها زي العبيط، طلعت هي على السطح وطلعت وراها، راحت قعدت فى نفس المكان اللى كنت قاعد فيه وقعدت قصادها، النهار طلع وشايفها، شايف تفاصيلها وملامحها وعنيها وابتسامتها الحلوة، اتكلمت وقالت:
– خايف مني؟
رديت بسرعة ومن غير تفكير:
– انا بتمنى الوقت يقف ومتغيبيش عن عيني.
قالت:
– محتار انت ومش عارف ايه اللى بيحصل!
رديت عليها، برضو من غير تفكير:
– المهم انك قصادي، حتى لو فى بالي حيرة الدنيا والاخرة، برضو المهم اني شايفك.
لقيتها بتقول:
– محتار فى مين ظلمني؟! محتار ليه عيشت مريضة وانا مش مريضة؟! محتار من كل اللى سمعته!! مش مصدق ان فيه عفاريت!!
بصراحة فى اللحظة دي كان لازم ارد بجد:
– اه يا زهراء كل حاجة محيراني، وموضوع العفاريت ده انا مش بصدقه.
ضحكت زهراء وقالت:
– انت لو عايش فى البيت ده من زمان كنت عرفت هو في ايه، وتحته ايه، وايه اللى غيرك عاشه مع سُكّان تحت الارض.
قشعرت:
– وماله البيت باللي بيحصل؟
ردت زهراء…عفريتها اقصد:
– البيت ده باللي تحته كانوا هما الونس ليا فى وحدتي، هما اللى كبروني معاهم، هما اللى خلوني اتحمل كل اللى كنت بعيشه، كل كلمة كانوا بيتريقوا بيها عليا، كل مرة قضيت فيه عيد لواحدي، كل عيد ام فات عليا وانا من غير ام، كل ليلة كنت خايفة فيها لما الكهربا انقطعت وانا قاعدة فى اوضتي لواحدي علشان ابويا واخواتي فى اشغالهم، العفاريت دي كانوا هما الونس بتاعي، هما اللى خلوني محسش بالخوف اللى كنت بحس بيه طول الوقت.
رديت وقولت:
– طيب والمرض؟ فهميني كل حاجة.
لقيتها بتضحك وهي بتقول:
– هفهمك، بس مش دلوقتي، فى الليل، الليل صاحبنا، الليل بتاعنا، وقتنا كله سوا هيكون فى الليل، انا بس جيتلك اريح بالك شوية علشان تقدر تنام، ارتاح وبعد يومك ما يخلص هيبدأ يومنا سوا.
حسيت انها هتمشي وتسيبي، قولت:
– انا موراييش حاجة، خليكي معايا.
ضحكت وهي بتقول:
– النهار مش بتاعي، هبقى معاك فى الليل، متفكرش فى حاجة لحد ما نتقابل واحكيلك.
اختفيت من قصادي، سابتني وانا الضحكة مش مفارقاني، حسيت ان روحي رجعتلي، يمكن لأنها كانت مش مجرد انسانة عادية كانت درجة تعلقي بيها بالشكل الغريب ده؟! قعدت شوية مع نفسي بضحك لواحدي، سمعت صوت جاي من على مسافة بيقول:
– بقى كده تشخط فيا بليل وانا عايزة اطمن عليك؟!
بصيت ناحية الصوت لقيتها كاترين، برطمت فى سري:
– ما تحلي عن نفوخي بقى، انتي مبتزهقيش ولا ايه؟
لكن هي مهتمتش بعدم ردي عليها وقالت:
– انت ليه شخطت فيا كده بليل؟ ده يعني غلطي اني بطمن عليك؟
رديت عليها علشان اخلص وانا اصلا مش فاكر اني شخطت ولا رديت عليها اصلا، بس مش بعيد تكون زهراء…عفريتها هي اللى رديت مكاني:
– ياست كاترين، خليكي فى حالك وسيبيني فى حالي، انا بخير ومش محتاج اللى يطمن عليا.
كاترين بإصرار:
– مش عارفة انا انت بتتقل عليا ليه؟ مش عاجباك انا؟
انفعلت عليها بصراحة:
– هو انتي بتفهمي ازاي يا ست انتي؟ بقولك انا مش بتاع اللف والدوران بتاعك، اللى انتي عايزاه مش هتلاقيه عندي.
وقبل ما تتكلم سيبتها ونزلت على اوضتي ورميت نفسي على الكنبة وروحت فى النوم صحيت اخر النهار…نزلت روحت الدكان وكنت مستني الليل يدخل وارجع البيت، كان الوقت بيطير بس لاني مستنيه يخلص كنت حاسس انه تقيل، فعلا خلصت الشغل وقفلت الدكان مع الصبيان ورجعت على البيت بعد ما روحت حلقت دقني اللى كانت كبرت من يوم موت زهراء…لاء من يوم غيابها احسن بلاش موتها دي، ورجعت البيت بقى وانا حالق ومروق نفسي وريحتي كولونيا، دخلت على امي واختي اكلت معاهم لقمة واطمنت على امي اللى كانت زي الفل واتأكدت انهم هيناموا خلاص…وطلعت على السطح، لقيتها مستنياني، مستنياني وكأنها عروسة، لابسة فستان ابيض طويل وكأنه فستان فرح، شعرها نازل على ضهرها اسود ليل، وبشرتها السمرا بتلمع وكأنها بشرة مولود ناعمة زي الحرير، مبتسمة وبتقول:
– انا مستنياك من اول ستاير الليل مانزلت.
طلعت السلمتين وقربت منها وانا عيني هتطلع عليها:
– خلصت كل اللى ورايا وفضيت نفسي وجيتلك.
بصيت ليا بتركيز:
– شكلك حلو.
رديت عليها:
– انتي اللى بدر البدور.
لقيتها بتقول:
– عندك استعداد تيجي معايا؟
مسألتش، رديت:
– معاكي لو لأخر الدنيا.
فى غمضة عين لقيت نفسي فى عالم تاني، جنينة، بحر، جنينة على البحر، المهم ان الجو وريحة الجو والمنظر كانوا يسحروا، القمر فى نص السما وهي واقفة قصادي جمالها خاطف عيني لدرجة اني مشغلتش عقلي بالمكان اللى احنا فيه، اتكلمت وقالت:
– من يوم ما ماتت امي وانا لواحدي، كنت لسه صغيرة، عيلة بضفاير، بس محدش حد من اللى حواليا صدق اني لسه عيلة، ابويا واخواتي كل همهم التجارة والشغل، عاملوني على اني انا ست البيت بعد امي، كان مطلوب مني اطبخ واغسل وانضف وكمان اتسوق وانا مكملتش السبع سنين، انت عارف يعني ايه اشيل الهم ده وانا فى السن ده؟
صعبت عليا ونسيت انها مجرد خيال اصلا، رديت عليها:
– وابوكي واخواتك قبلوا تشيلي الهم ده؟
ضحكت وقالت:
– اه، هما عارفين ان البت شغلتها البيت، مفيش حاجة اسمها صغيرة، ومفيش قدامهم حل غيري، اصل مرات عمي مش هتيجي تخدم ابويا يعني.
رديت عليها بحزن:
– صغيرة على الهم ده يا زهراء.
ردت قالتلي:
– مع عياطي من التعب كل ليلة كنت انام واشوف واحدة قدامي…كانت بتقول انها امي، انا مش فاكرة شكل امي، لكن في يوم لقيتها بتقولي وهي بتطبطب عليا:
– لو مقولتيش لحد اني باجي ازورك انا هساعدك فى كل اللى بيتعبك، بس يبقى سر بيني وبينك.
كنت عيلة صغيرة، مش فاهمة ولا عارفة ايه اللى بيحصل، ضحكت وفرحت وانا بقولها:
– يعني مش هغسل ولا اعمل الاكل؟ انا ضهري بيوجعني اوي، ورجلي مش بقدر اقف عليها، حتي ايدي بتكون ساقعة زى التلج.
سألتها:
– وقالت ايه لما قولتي كده؟
ضحكت زهراء وقالت:
– فى كل حاجة هتلاقيني معاكي وجنبك، بس يفضل سر بيني وبينك.
سألتها:
– وعملت اللى قالت عليه؟
رديت زهراء:
– كل حاجة..عملت كل حاجة كانت بتحتاج تتعمل فى البيت، اكل ونضافة وغسيل وكل حاجة لدرجة اني نسيت اللى كنت بعرف اعمله من الاساس، كنت مرتاحة وكأني هانم عايشة تتخدم وبس، كانت امي بجد…لكن بعد فترة طويلة لقيتها فى يوم ظهرتلي وقالت:
– مش هينفع اظهرلك بالنهار من تاني، انتي كبرتي دلوقتي وتقدري تتعلمي، وانا هخلي حد غيري يساعدك طول ما انا مش معاكي.
سألتها:
– هترجعي للتعب تاني؟
ردت زهراء:
– مكانش مهم عندي التعب، انا كبرت، اتعلمت منها حاجات كتير، الفكرة اللى زعلتني هي ان امي تفارقني من تاني بعد ما كانت شغلت كل حياتي الفاضية، اتعودت على انها بتسندني، مكنتش بضطر اطلع من اوضتي، مكنتش بحتاج ونس، كانت بتفضل جنبي لحد ما اغمض عيني واروح فى النوم، وهي جنبي مفيش مرة حسيت بالخوف، لحد ما قررت تختفي على الاقل طول النهار، وغيابها ده خلاني اكلم نفسي…ابقى وسط الناس واحس اني سامعه صوتها، وابتديت ارد عليها وانسى وجودي حوالين الناس، وفكروا اني اتجننت، لحد ما في يوم ظهرت قصادي فجأة فى الحمام ووقعت من طولي من الفجعة…واليوم ده بقى كان…..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زهراء)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى