رواية رماد لا ينطفئ الفصل الثالث 3 بقلم رميسة
رواية رماد لا ينطفئ الجزء الثالث
رواية رماد لا ينطفئ البارت الثالث

رواية رماد لا ينطفئ الحلقة الثالثة
الغربة… بلد تانية… شوارع مليانة ناس، بس هو حاسس إنه لوحده…
جمال قاعد في أوضة ضلمة، الشباك مفتوح والهوى بيدخل يعصف الستارة… قدامه صورة صغيرة، فيها آسية، نرجس، وضحكتهم اللي كانت ماليه الدنيا… الصورة مهزوزة من دموعه اللي مش قادر يمسكها…
“أنا آسف يا آسية… والله مش بإيدي… العيشة خنقتني… الظروف حكمتني…
يبكي، يحط الصورة في جيبه، ويقوم يلف في الأوضة… يحس الدنيا ضلمة، حتى لو فيها نور… يحس نفسه عايش بجسمه، بس قلبه هناك معاهم.
آسية واقفة قدّام زجاج الحضانة، عينها ما بتفارقش البيبي، ابنها مراد… صغير جدًا، وضعيف، بس جميل… ملامحه فيها شبه من جمال، والدمعة محبوسة في عينها.
نرجس واقفة جمبها، صغيرة بريئة، عينيها مبلولة وهي تبص على أخوها.
حنان وقفت جمبها، حضنتها بخفة:
حنان:
“قومي يا بنتي… لازم تقوي… عيالك محتاجينك… مراد هيبقى كويس، ونرجس برضو… ربنا كبير…”
آسية أخدت نفس عميق، دموعها بتترقرق بس مسكت نفسها، بصت على مراد بعيون مليانة خوف وأمل…
بعد شوية…
الدكتورة طلعت من جوة، ندهت على آسية:
الدكتورة:
“مدام آسية… تعالي معايا لو سمحتي…”
دخلت معاها المكتب، إيديها بتترعش… الدكتورة فتحت الملف وبصت عليها بهدوء:
الدكتورة:
“ابنك مراد الحمد لله حالته اتحسنت… ممكن يخرج النهاردة… بس محتاج رعاية تامة… وأنبوبة أكسجين صغيرة، هتستعمليها كل مرة يحس فيها بضيق تنفس… لازم تنتبهي كويس…”
آسية كانت حاسة إنها بتسمع في حلم… بس حاولت تهز راسها، وتبتسم بالعافية:
آسية:
“الحمد لله… شكراً يا دكتورة…”
في المساء
الشمس طالعة، بس نورها مش دافي… كأنها شاهدة على تعب الأيام دي…
آسية قاعدة في الكرسي الخلفي للتاكسي، شايلة مراد في حضنها، ملفوف في بطانية صغيرة، نرجس جنبها، ملامحها بريئة وعينيها واسعة بس مليانة خوف وأسئلة…
السواق مشغل الراديو، فيه أغنية حزينة طالعة خفيفة في الخلفية، وكأنها جزء من القصة…
آسية تبص لوش مراد، تحس إن قلبها بيتقطع… صغير، ضعيف، لونه شاحب، وكل نفس بياخده كأنه بيحارب علشان يفضل عايش…
حنان قاعدة جمبها، تمدّ إيدها وتلمس على كتفها:
حنان:
“هتعدي يا آسيه، والله هتعدي… إنتي قوية، ربنا مش هيكسفك…”
آسية ترد، صوتها مكسور، مش قادرة تتحكم في دموعها:
آسية:
“أنا خايفة عليه يا حنان… صغير ومسكين… ونرجس… وإحنا لوحدنا… جمال… سابنا…
تصمت حنان بأسف وحزن .
وصلوا الحارة… صوت الناس، ضحك، عيال بيلعبوا… بس فيه وشوش بتبص، همس بيرن في ودانها:
واحدة من الجيران:
“هو فين جوزها؟ سايبها لوحدها كده؟”
راجل:
“إزاي سايبها في الحالة دي؟”
آسية سمعت الكلام، قلبها اتقبض، بس رفعت راسها، تجاهلتهم، دخلت بيتها…
كل ركن بيفكرها بجمال… الحيطان، الكنب، ريحة الذكريات… صوت ضحكته وهو بيزين البيت، يوم ما جاب نرجس من المستشفى، وفرحتهم…
فلاش باك…
جمال بيضحك وهو بيحط زينة بسيطة:
جمال:
“البنت دي هتنوّر دنيتنا… نرجس قمر… وإنتي أحلى أم…”
“يا سلام بقى لما نرجس تكبر ونحكي لها اليوم ده… أنا وأنتي عملنا كل حاجة بإيدينا، الدنيا هتبقى حلوة يا آسية…”
آسية بتضحك وهي تعبانة، بس فرحانة ومش حاسة بالوجع …
نهاية الفلاش باك…
رجعت للواقع… دموعها نزِلت، مسحتها بسرعة، وحطت مراد على السرير الصغير، غطته، ونرجس نايمة جنبها، ملامحها بريئة
حنان:
“أنا ماشية دلوقتي… خلي بالك من نفسك، و ماتشيليش هم حاجة ، اللي راح ييجي أحسن بإذن الله…”
آسية شكرت حنان، قفلت الباب… الليل سكن البيت، بس قلبها ما ارتحش…
آسية كانت قاعدة على طرف السرير، تعبانة من الولادة، بتحاول تهدّى مراد اللي نايم جنبها، وأنبوبة الأكسجين الصغيرة محطوطة قريب، عينها مش قادرة تبعد عن طفلها الصغير، قلبها مليان خوف
هدوء البيت، بس جواه صوت الوجع، نرجس داخلة الأوضة، ماسكة دبدوبها، شعرها منكوش وعيونها مليانة دموع مش مفهومة.
عنيها مليانة علامات استفهام، وبراءة…
قربت من مامتها، بصوت صغير ومرعوب:
نرجس:
“ماما… بابا فين؟ ليه مش بييجي؟
آسية قلبها وقع، اتشدت للحظة، قلبها بينكسر مع كل كلمة، حاولت تبقى قوية، ضمتها في حضنها وقالت بهدوء:
آسية:
“بابا… مسافر بعيد يا روحي… بعيد أوي…”
نرجس (بعفوية ودموع):
“يعني مش هيرجع؟ إحنا زعلناه ولا إيه؟”
آسية حسّت الكلام زي سهم في قلبها، خدت نفس طويل تحبس فيه وجعها، لمّت بنتها في حضنها:
آسية:
“إحنا عمرنا ما نقدر نزعل بابا… هو سافر غصب عنه… الدنيا ساعات بتكبر علينا، يا نرجس… بتجبرنا نسيب حاجات غالية، بس بابا بيحبك… بيحبك أوي…”
نرجس:
“طب إحنا ليه ما رحناش معاه؟ أنا وحشني بابا اوي…”
آسية عيونها غرقت بالدموع، حاولت ما تنهزش قدام بنتها:
آسية (بصوت متكسر):
“أنا كمان وحشني… بس بابا… ظروفه صعبة… بس يوم، يوم هيرجع… هيرجع لنا مهما طال البُعد…”
نرجس دمعت عيونها، حضنت مامتها بقوة:
نرجس:
“عايزة أنام في حضنك… و قوليلو يرجع بسرعة يا ماما…”
آسية ضمتها وهي مخبية دموعها بين خصلات شعرها:
آسية:
“حاضر يا قلب ماما… هقوله…”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رماد لا ينطفئ)