روايات

رواية ذنوب على طاولة الغفران الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نورهان العشري

رواية ذنوب على طاولة الغفران الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نورهان العشري

رواية ذنوب على طاولة الغفران الجزء الثامن والعشرون

رواية ذنوب على طاولة الغفران البارت الثامن والعشرون

ذنوب على طاولة الغفران
ذنوب على طاولة الغفران

رواية ذنوب على طاولة الغفران الحلقة الثامنة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم
الإثم الثامن و العشرون ج١ ❤️‍🩹 بعنوان ” ذئاب لا ترحم”
لم أكُن يومًا شخصًا متقلبًا لا يعرف ماذا يُريد. لطالما كانت خطواتي دائمًا ثابتة و لكنه الخوف! منذ أن زارني هذا الشعور حتى استوطن جميع خلايا جسدي فصِرت أتخبط بكل شئ حولي لا أدري اى طريق يجب عليا أن اسلُك. أرهب الوحدة بشدة و اخاف الفقد كثيرًا؛ أخشى أن أرسو بسفينتي على شاطئ السراب فـ تبتلعني دوامات الغدر مرة أخرى فتكون النجاة أمرًا مستحيل. كل ما أرجوه أن أجِد وِجهة أمنه تُعيد لي ثباتي. تحتضن ثقوب روحي، وتُرمم ما فعلته عواصف الهوى بقلبى.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت هيام تخرج من غرفتها بعد لتتوجه إلى الأسفل ولكن تجمدت الحروف فوق شفتيها حين رأت ذلك الدخان المُنبعث من غرفة العروسين لتصرُخ بفزع
ـ يالهوي الحقوني.
هرع الجميع على صوتها لتكُن هي أول من يفتح باب الغرفة لتتفاجئ حين شاهدت غنى التي كانت ترتدي عباءة سمراء تقف أمام هذه النيران المُنبعثة من فستان زفافها الذي أكله اللهب لتضرب هيام على صدرها بصدمة
ـ يا مُري.
لم تلتفت إليها غنى التي كانت غائبة في عالم آخر وهي ترى جميع أحلام طفولتها و صباها تحترق مع كل خيط من هذا الفستان الذي لطالما حلمت بإرتدائه لحبيبها الوحيد الذي أزهق روحها اليوم، فأقسمت على إزهاق كل ذرة حب داخلها له.
ـ بت يا غنى. أنتِ اتجننتي!
هكذا هتفت هيام قبل أن تجذب غنى من يدها حتى لا تحرقها النيران، ولا تعلم أن النيران الشاعلة بقلبها اقوى بكثير، فقد كانت تنظر إلى الفستان المُحترق بتشفي، وكأنها تنتقم من كل ما يحدُث معها به، فلم تتشتت نظراتها عنه حتى حين علت أصوات الجميع، فقد هرول كُلًا من يزيد و جابر و روضة التي شهقت بصدمة حين وقعت انظارها على هذا المشهد المروع ولكن تدارك الرجال الموقف و قاموا بإطفاء الحريق الذي لم يكُن صعب السيطرة عليه ليقترب يزيد من غنى قائلًا بلهفة
ـ أنتِ كويسة ؟
هاله مظهرها حين التفتت تناظره، فقد بدت كصورة حية لامرأة أتت من الجحيم لتوها، فروت ملامحها هول ما رأت هُناك.
ـ أخرج يا يزيد. اخرجوا كلكوا سيبوني معاها.
هكذا هتفت هيام لتنال نظرة غاضبة من جابر الذي خرج كالإعصار لا ينوي خير و كذلك فعل الجميع لتقترب هيام من غنى قائلة بقلق
ـ في ايه يا غنى؟ حصل ايه ؟ و مال وشك كدا؟ و ايه اللي حرق الفستان ؟
ناظرتها غنى بجمود احتل معالمها و نبرتها حين قالت
ـ أنا اللي حرقته.
هيام بعدم فهم
ـ طب ليه عملتي كدا؟
اهتزت جفونها المُثقلة بالعبرات، و تهدجت نبرتها حين قالت
ـ أخوكي بيقولي اتجوزتك عشان كنا محتاجين خدامة، و ملقاش انسب مني.
شهقت هيام بصدمة تجلت في نبرتها حين هتفت
ـ بتقولي ايه؟
شوهت القسوة ملامحها و نبرتها حين قالت
ـ بس نسي أن انا غنى، ولا عاش ولا كان اللي يخليني خدامة عنده.
انفرط حبل العبرات من عيني هيام التي أخذت تنوح قائلة
ـ هو دا اللي كنت خايفة منه. هو دا اللي كنت عاملة حسابه. انا قولت متنفعوش لبعض. حبكوا دا هيموتكوا. انا كان قلبي حاسس.
تشنجت ملامحها حين أخذت تمضع أسنانها وهي تقول بنبرة مُحترقة
ـ حصل. هو موتني النهاردة. الدور عليا انا، و زي ما حرقت فرحتي بإيدي هحرق قلب اخوكي يا هيام، و متجيش تلوميني.
هيام بتحسُر
ـ مانتِ حرقتيه مرة يا غنى.
صرخت بنبرة مُلتاعة
ـ هحرق اللي باقي منه.
لكزتها هيام في كتفها وهي تهتف بألم
ـ اسكتي، وبطلي توجعي في روحك. هتقعي من طولك.
أنهت جملتها و جذبت غنى إلى أحضانها وكلتاهما تنوح وتبكي بحرقة تجلت في نبرة هيام حين هتفت
ـ بزياداكوا بقى توجعوا بعض و توجعونا معاكوا. ارحموا نفسكوا و ارحمونا.
شددت من عناق هيام وهي تهتف بلوعة
ـ داس على قلبي برجليه يا هيام. كسر ضهري.
استقرت جملتها في منتصف قلب ذلك الذي ما أن سمع ما حدث من فم أخيه حتى هرول كالملدوغ إليها لتنغمس كلماتها بصدره كالخناجر، فود في هذه اللحظة لو كانت روحه غادرته قبل أن يتفوه بتلك التُرهات.
ـ غنى.
صوته كان كالنشاذ على مسامعها لينتفض جسدها حين سمعته غضبًا وليس حبًا كما هي العادة لتتراجع عن عناق هيام التي حدجته بنبرة لائمة غاضبة قبل أن تتوجه إلى الخارج وهي تتوعد له بصمت ليقترب منها ما أن سمع باب الغرفة يُغلق، فإذا بحفنة من الوخزات المؤلمة تتفشى في سائر جسده بدايةً من قلبه حين رأى ذلك الجُرح في يدها ليقترب لا إراديًا منها وهو يهتف بلهفة
ـ إيدك.
ـ متقربش.
هكذا هتفت بشراسة وهى تتراجع إلى الخلف و هي ترفع كف يدها السليمة ليقف حائلًا بين تقدمه، وليكُن إنذار صارم بأنها ترفض اقترابه لتعود نوبة غضبه مرة آخرى تطفو على سطح معالمه و تتجلى في نبرته حين قال
ـ خليني اطمن على ايدك.
غنى بنبرة حادة صارمة
ـ لا.
ياسر بحدة وهو يقترب منها
ـ بطلي عند.
ـ متلمسنيش.
رفضها الواضح و حدتها في الصُراخ عليه أدوا إلى تفاقم الغضب بداخله ليهتف بحدة
ـ أنا أساسًا مكنتش ناوي ألمسك.
بقدر ما آلمتها جملته بقدر ما أيقظت الباقي من وحوش غضبها، فقررت أن ترفع راية العصيان و ترمي بوجهه هذا التحدي لتضعه في مواجهة أقوى مع كبريائه الملعون
ـ حلو، واللي يرجع في كلامه يبقى عيل.
لم يحتمل تحديها ولا كلماتها ليهتف بانفعال
ـ عاجبك اللي وصلتينا ليه؟
غنى بقسوة كانت جديدة كُليًا عليها
ـ عاجبني. دانا كمان عايزة اشكرك.
انكمشت ملامحه بحيرة لتُتابع في سحق ما تبقى من فُتات قلبه
ـ بسببك قدرت اتخلص من الشوكة اللي كانت في ضهري.
صمتت لثوان تناظره بقسوة قبل أن تُتابع بقسوة
ـ حُبك. دا كان نقطة الضعف الوحيدة عندي، و بفضلك اتخلصت منها. حرقته زي ما حرقت فرحتي بإيدي.
بحياته لم يتوقع أن يراها بهذا الشكل، ويسمع منها هذا الكلام، فأخذ يحاول تنظيم أنفاسه التي أبت الهدوء، فجاءت نبرته مُتهدجة حين قال
ـ غنى.
قاطعته بقسوة ممزوجة بصرامة جعلت جسده يتجمد من فرط الذهول
ـ غنى مش خدامة لحد، ولو اتكتب عليا ابقى خدامة فعلًا، فأتاكد انك آخر واحد في الدنيا ممكن تنول الشرف دا.
وصل الأمر إلى أبعد ما يُمكن أن يتوقع، والغريب في ذلك أن قلبه كان يلومه بشدة، و يخبره بأن هذه القوة نابعه من جُرح عظيم حفرته كلماته المسمومة لذا تصدع قناع الجمود الذي كان يرتديه و حل محله اليأس حين قال
ـ ماشي. بس خليكي فاكرة اني عملت كل اللي اقدر عليه عشان موجعكيش أو اقولك كلمة تجرحك هربت و بعدت عشان خوفت أأذيكي وانا في الحالة دي. لكن أنتِ مدتنيش فرصة، و فضلتي تستفزيني لحد ما خرجتيني على شعوري.
الداخل قلب ينتفض ألمًا و عشقًا وضعفًا و الخارج جبروت و قسوة و ملامح جامدة لم تتأثر بحرف مما يتفوه به حتى ولو كان به شيء من الصواب لتفاجئه حين قالت بجمود
ـ معلش.
نجحت في جعله يخلع ثوب العقل و يُلقيه جانبًا ليقترب منها و يهزها بعُنف وهو يصرُخ بصوت اهتزت له جدران الغرفة
ـ كفاية بقى. بطلي تستفزيني. قاعدة بتتباهي بضعفي قدامك من غير ما تفكري في كرامة الغبي اللي جالك يجري من كلمة واحدة و معملش اعتبار لا لكرامته ولا لأهله ولا لأي حاجه. للدرجادي شيفاني مش راجل هتتجوزي عشرين غيري وانا هفضل تحت رجليكي.
سقطت الكلمات فوق قلبها كالحصى التي ما تركت مكاناً إلا و به ندبه تُذكرها بخيبتها الأولى و الأخيرة
ـ ااه. قولتلي. زعلت من كلامي لروضة انك بتحبني! طب معلش تعالى على نفسك كدا و اقلب الموقف، و خليك انت يوم فرحك و جايلك واحد بيقولك أنه بيحبني و أنه مستكترني عليك. كنت هتقوله ايه؟
وصلت إجابته حين أشتدت يديه فوق كتفها و انغرست أناملة في لحمها حد الألم لتُتابع جلد ما تبقى من ثباته حين قالت
ـ اجاوبك انا؟ مكنتش هتتكلم. كنت قتلته أو حتى قطعت لسانه بس انا بقى مقدرش اعمل كدا. عارف ليه؟ عشان شهامتك و رجولتك هتخليك تيجي تبهدلني انا و تقولي حرام ليه عملتي كدا؟ زي ما وقفت قدامي و مردتش أروح لمها و اقولها عملتي فيا ليه كدا و كدبتي عليا ليه؟ خوفت على بيتها لا يتخرب و صعبت عليك بس احنا وبعد كل اللي جرالنا من تحت راسها مصعبناش عليك.
لم يستطِع ثباتها الصمود أمام هذا الكم الهائل من العبرات الذي غمرت وجهها و مقدمة صدرها و جعلت نبرتها تهتز حين قالت
ـ أنا حتى لو كنت قولت لروضة اني اتضحك عليا وانا مها كذبت وحكتلها على اللي حصلي. كنت بردو هترمي اللوم عليا وتقولي ليه قولتي؟ انا وحشة في كل الحالات، و مُلامة في نظرك مهما قولت .
دعست فوق جراحه النازفة و عرت تلك الندبات التي شوهت روحه، فبدا أمامها مُجردًا من كل شيء حتى كبريائه الذي لم يردع عبراته من الانهمار بغزارة أمام ناظريها ليهتف بنبرة مُتحشرجة
ـ كفاية يا غنى.
على عكس قلبها المُلتاع الذي عانده كبريائها لتهتف بقسوة
ـ حاضر من عنيا. بس قبل ما نقفل على كدا عايزة اقولك أن رسالتك وصلت. مش انت كنت عايز توصلي انك مش ضعيف قدامي وانك مش بتحبني زي الأول، واني مفرقلكش. تمام يا ريس. رسالتك وصلتني و بصمت بالعشرة على كدا. انا مفرقلكش. مبسوط وانت سامعها مني!
لم يعُد يستطِع احتمال صُراخها بهذه الجملة الذي ينفيها قلبه باستماتة ليهتف مُحذرًا
ـ اسكتي.
لم تأبه له ولا لتحذيره لتُتابع بقسوة
ـ لا خلي الناس كلها تسمع. انا مفرقلكش. انا مش فارقة معاك.
كان الأمر جنونيًا، فالآلام التي تُحيط بكليهما غيبت عنهم التعقُل للحد الذي جعلت عينيه تبرقان بشكل مُخيف وهو يختطف الحروف من فوق شفاهها بعُنف وكأنه يُعاقبها على كل ما تفوهت به، فقد عرت أوجاعه دفعه واحدة، و لم تكتفي بذلك بل غمست أُچاچ كلماتها في أعماق جراحه النازفة، فلم يعُد يستطِع الصمود، فقد كان قاب قوسين أو أدنى من الجنون الذي أخذ يمارسه فوق ضفتي التوت خاصتها في قبلة دامية يخالطها الكثير من العبرات التي تشاركا بها في هذه اللحظة المؤلمة والتي لم تدُم طويلًا ليتراجع عنها أخيرًا بأنفاس محترقه و صدر يعلو و يهبط و كأنه على وشك تحطيم ضلوعه من فرط ما ألم به من شعور، وقد كانت هي الأخرى كالتمثال لا تدري كيف حدث ذلك؟ وكيف لم تمنعه؟ لتأتي كلماته المُعذبة تخترق أعماق قلبها حين قال
ـ للأسف انا مبيفرقليش حد في الدنيا غيرك.
كلماته أيقظت حواسها التي تخدرت من قربه، وعادت جراحها تشدو بأنين موجع من جديد مما جعلها تقول بقسوة
ـ اوعى تقرب مني مرة تانية.
و كما حدث لها حدث له تنبه العقل ليُزمجر بشراسة
ـ متخلقتش الست اللي تؤمرني. انا اعمل اللي انا عايزه.
أرادت وضع حد قاطع لهذا القرب الذي سيجعلها أكثر عُرضة للضعف أمامه، فقررت بلحظة جنون أن تُلقي به في قعر الجحيم حين هتفت بقسوة
ـ كل ما تعوز تعمل حاجه زي دي افتكر انك مش اول…..
هذه المرة تخطت بحديثها جميع خطوته الحمراء ليمتد كتفه و يضعه بعُنف فوق شفتيها مما دفعها إلى الحائط خلفها وهو يهتف بغضب جنوني
ـ إياكي. كفاية تدبحي فيا اكتر من كدا. كفاااية.
قال كلمته الأخيرة صارخًا بشكل أفزعها، فتشقق قناع القوة التي ترتديها لترتبك الحروف فوق شفاهها حين قالت
ـ أنا. انا. مكنتش. عايزاك. تعمل حاجه. تعتبرها بعد كدا.ذنب و مفروض تكفر عنه.
تراجع عنها بأعيُن عكست مدى ألمه و عمق جراحه ليهتف بنبرة تعالى أنينها حتى وصل إلى اعماق قلبها
ـ حبك دا أكبر ذنب ارتكبته في حياتي، وللأسف لا قادر أنساه، ولا عارف أكفر عنه.
صمتت الحروف ولم تعُد قادرة على الحديث لتتولى الأعيُن ذلك قبل أن يتوجه إلى المرحاض ليجلب الأدوات الطبية لتضميد جرحها الذي لم تكُن تشعُر به من فرط الألم الذي يعصف داخلها لتنتهج الصمت طوال مدة عمله إلى أن انتهى لتخاصمه عينيها التي كانت تنظر إلى البعيد حتى عندما تحدث بجمود
ـ افطري و نامي عشان اهلك هيجولنا بالليل.
نصبت عودها الواهن و توجهت إلى خزانة الملابس لتجلب اي شيء ترتديه وهي تقول بجفاء دون أن تلتفت إليه
ـ استحالة تجمعنا أوضة واحدة. شوفلك مكان تاني لحد ما افضيلك مكانك.
ارتج قلبه وكأن صاعقة ضربته لينهض من مكانه وهو يقول بريبة
ـ تقصدي ايه بتفضيلي مكاني دي؟
اجابته بجفاء دون أن تلتفت إليه
ـ لحد ما أقرر اني اتطلق منك. وقتها تبقى ترجع اوضتك زي ماتحب. معلش بقى استفيد انا كمان من شهامتك يا ريس اشمعنى هما؟!
قالت جملتها الأخيرة بسخرية قبل أن تتوجه إلى الحمام دون أن تُعطيه فرصة للحديث ولا تدري أي نار اشعلتها بجوفه، فقط سمعت صوت ضربة قوية لا تعرف أي مسكين قد نالها بدلاً عنها.
أشهد الله أني انوي التوبة على ذنوبي ، وذلاتي ، و كل كبيرة تغضبه. اللهم اغفر لي ذنوبي ، و خطيئتي و اخرجني من الدنيا كما دخلتها بلا ذنوب ولا عيوب . ربي إن كان هذا آخر عهدي بالدنيا فأجعلني من التائبين ، اللهم اكتب لي لقائك و انا بدون ذنب و اجعل جنتك لي هي المأوي ♥️
★★★★★★★★★★
ـ أيوا يا آسيا. معاكي خالد الوتيدي.
هبت آسيا من مكانها وهي تقول بلهفة
ـ مستر خالد صباح الخير .
خالد بجفاء
ـ مش خير. عشان مطلعتيش قد ثقتي فيكِ.
فطنت إلى ما يقصده، فغمرها الخجل ولم تعرف ما الذي تقوله لذا تحمحمت بخفوت قبل أن تقول
ـ يا خالد بيه. أصل حضرتك متعرفش ايه حصل ؟
قاطعها بفظاظة
ـ و مش عايز اعرف. المهم ساعه و تكوني قدامي.
آسيا بتلعثُم
ـ ازاي؟ طيب هو حضرتك عايزني في اي؟
خالد باختصار
ـ لما تيجي هتعرفي!
كانت كلماته تطن بعقلها كالذُباب طوال رحلتها إلى الشركة، بعد أن طلبت من رؤوف إحضارها نكاية بأحدهم، وعلى الرغم من أنها تأنقت و تزينت بدرجة جعلتها خاطفة للأنفاس، ولكنها لم تكُن مُستعدة للقائه أو ربما يوجد داخل قلبها أمنيه برؤيته وهي تحاول قمعها بضراوة حتى تهرب من سطوة مشاعر لم تحسب لها حساب يوماً، ولكنها لم تكُن تدري بأنه في هذه اللحظة كان يتأمل صورتها الرائعة التي نشرتها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي من زفاف أمس، و قلبه يئن عليه مُتحسرًا كم بدت لطيفة؟ و كم كان جمالها مُشعًا وكأنها احتفظت بنصف جمال العالم بين عينيها الرائعة التي يتمنى الذوبان بها كما يتمنى أن تذوب هي بين ذراعيه. انتشى قلبه لمجرد التخيُل بأنها ستكون يومًا ما بين أحضانه يهمس لها بعبارات الحُب و يبثها مشاعره العاتية التي تؤرق ليله، و تُفسد نهاره.
ـ أبيه كمال. يا أبيه كمال.
اجفله صوت ميرهان القادم من الخارج وهي تفتح الباب لتهرول إليه قائلة بصياح
ـ يا أحلى أبيه كمال في الدنيا.
عانقته بقوة ليهتف باستفهام
ـ في ايه؟ مالك؟
ميرهان بسعادة عارمة
ـ مش مصدقة انك أخيرًا خدت القرار دا و نفذته.
كمال بنفاذ صبر
ـ ما تنجزي تقولي في ايه ؟ قرار إيه اللي خدته ونفذته؟
ميرهان بشماتة
ـ انك أخيرًا طردت البت اللي اسمها آسيا دي من الشركة. مع انك اتأخرت بس ماشي مش مشكلة المهم انها غارت من هنا. أصلًا الاشكال دي مكانها صفايح الزبالة.
ـ ميرهان.
اجفلها صراخه بوجهها بهذه الطريقة التي جعلتها تشهق بخوف ليُتابع بحدة
ـ تقريبًا كدا أنتِ محتاجة ترجعي بالزمن عشان تتعلمي من جديد الصح من الغلط لأنك بقيتي بتخبطي كتير وانا على أخري منك.
تجمعت العبرات في مقلتيها وهي تقول بخوف
ـ ليه يعني ؟ هو انا عملت ايه؟ مش أنت اللي طردتها!
كمال بتحذير
ـ أنا مطردتش حد، و بعدين مين قالك الكلام دا؟
ارتبكت، ولم تعُد تدري ماذا تخبره ليهتف من بين أسنانه
ـ مستني اسمع اجابتك.
تراجعت بذاكرتها إلى ما سمعته قبل قليل
ـ خليكي معايا يا آسيا هحولك على مستر خالد عشان عايز يكلمك.
هكذا هتفت سلمى وهي تحادث آسيا لتقترب منها أحد الفتيات من طاقم السكرتارية لتقول باستفهام
ـ هي مش آسيا دي اخت أشجان اللي كانت هنا ومشيت؟
سلمى باختصار
ـ أيوا هي.
ـ أنا بقالي فترة مشوفتهاش هي كمان في الشركة تكون مشيت ولا اي؟
سلمى بجفاء
ـ معرفش و ميخصناش.
تدخلت فتاة أخرى قائلة
ـ أنا سمعت أن كمال بيه هو اللي رفدها. تلاقيه شاف حاجة كدا ولا كدا عليها خلته يرفدها ماهي أصلها بت شايفه نفسها، وتنكه مفكرة أن محدش زيها.
سلمى بحدة
ـ كفاية كلام عن البنت بقى، و معتقدش ان مستر كمال رفدها عشان خالد بيه طلب مني أجهزلها شهادة خبرة. يبقى وارد أنها مشيت علشان لقت فرصة أحسن، و هتيجي النهاردة عشان تاخدها.
عادت إلى أرض الواقع وهي تهتف بخفوت
ـ دا كل اللي سمعته من البنات في مكتب أبيه خالد.
تحفزت جميع حواسه و انتشى قلبه من فكرة أنه قد يراها اليوم ليُقرر أن الأمر لم يمُر مرور الكِرام، ولكنه انتبه الى نظرات ميرهان المتفحصة ليقول بجفاء
ـ روحي على شغلك، وعلى فكرة الريبورت بتاعك سيء، وخالد لو عرف هتخسري شغلك هنا في الشركة للأبد، فركزي أحسن في مستقبلك.
اغضبها حديثه، ولكنها فضلت عدم الجدال معه لتتوجه إلى الخارج تاركه هذا الذئب الماكر لينخرط في التخطيط لما يُريده لتمر ساعة و تصل إلى الشركة، ولكن بوجه مُغبر، فلأول مرة لا تكون قادرة على السيطرة على دقات قلبها ولا على مشاعر الرهبة بداخلها حتى أنها لعنت ثباتها الذي تحاول استجدائه ولا يبالي لها، فتوقفت أمام المصعد تحاول تهدئة أنفاسها الثائرة لتتفاجئ بعطر نفاذ اخترق أنفها، فالتفتت إلى الخلف لتُصدم بكتلة من الجمال و الأنوثة تتقدم لتقف بجانبها بانتظار المصعد، فتشقق قناع الجمود الذي ترتديه، وداخلها يتسائل عن وجهة هذه المرأة الخارقة الجمال. لتستقل المصعد بجانبها و لدهشتها وجدتها تضغط على الطابق التاسع، وهو طابق المدراء ليتلوى قلبها بين ضلوعها من أن تكُن وجهتها هذا الذئب الذي يحتل احلامها في المنام واليقظة، و لسوء حظها فقد حصل ما تخشاه، فحين خرجت من المصعد تخشب جسدها وهي تراه يقف بكامل هيئته و وسامته التي ضاعفتها هذه الابتسامة الرائعة وهو ينظر إلى هذه المرأة بل و الأكثر من ذلك حين مد ذراعيه يعانقها بحبور تجلى في نبرته حين قال
ـ صوفيا الجميلة، و أخيرًا.
عانقته صوفيا بحب وكأنها مُعتادة على فعل ذلك وهي تهتف برقة مُتناهية
ـ عيون صوفيا. وحشتني اوي اوي اوي.
أحرقها هذا المشهد و سرى الحريق بأوردتها حتى انطبعت آثاره فوق وجنتيها و كذلك جفونها التي اهتزت بعبرات تحمل وجعها الخفي، ولكن لم يلِق الضعف أبدًا بها، فهي إمرأة لا تملك سوى كبريائها، و الذي ستُدافع عنه باستماتة، و لحسن حظها فقد ارتدت أكثر ملابسها أناقة ونعومة، فهذا الفستان الشيفون بلونه الزيتوني الذي يتماشى مع هذا الزمُرد الذي يتلألأ في عينيها بأغواء كما يفعل هذا الثوب الرائع وهو يعانق منحنياتها بنعومة ليصل إلى ركبتيها و قد أطلقت العنان لخصلاتها بالتمايل بإغواء خلف ظهرها، و ما أن مرت بهم حتى قامت بقلب شعرها في تجاههم و كأنها تخبره أنه صفحة قامت بطويها من كتاب حياتها، وقد جعلته هذه الفعلة يتجمد بمكانه وعينيه تراقبانها إلى أن أخذت اتجاه جانبي في طريقها إلى غرفة شقيقه، و قد لاحظت صوفيا نظراته التي تحترق لوعه و شوق تجاه هذه المرأة لتقول بنبرة تشتعل بها الغيرة
ـ مينفعش تبقى صوفيا جنبك و تشوف اي ست تانية يا كمال.
ضيق كمال عينيه بتخابُث
ـ نظرتي ليها غير نظرتي ليكي يا صوفي.
صوفيا بنبرة مازحة في محاولة لإخفاء غضبها
ـ دا اعتراف صريح منك انك شايفها.
قست عينيه و نبرته حين قال
ـ أنا أصلًا مش شايف غيرها.
باغتتها جملته ليُتابع بعملية
ـ يالا عشان نشوف شغلنا.
ـ لقيتي شغل ولا لسه؟
هكذا تحدث خالد بجمود إلى آسيا التي يلون الحرج معالمها و نبرتها حين قالت
ـ في الحقيقة أنا مدورتش أصلًا.
خالد بتهكم
ـ كمان! خيبتي نظرتي فيكِ للأسف.
هتفت آسيا باعتراض
ـ حضرتك عارف كل اللي مرينا بيه، وانا مش هروح اقدم في مكان واترفض. عشان اي شركة كبيرة عايزة شهدات خبرا، وانا…
أكمل خالد جملتها بدلًا عنها
ـ وأنتِ مخدتيش من شركتنا شهادة خبرة.
آسيا بخفوت
ـ بالظبط كدا.
خالد بنبرة خشنة وهو يضع ورقة أمامها
ـ دي شهادة الخبرا بتاعتك، و بعد كدا تدوري على حقك بنفسك عشان محدش هيدورلك عليه.
لم تُصدق نفسها حين رأت شهادة الخبرا و عليها إمضاءه شخصيًا لتهتف بسعادة
ـ مستر خالد انا بجد مش عارفة اشكرك ازاي؟
خالد بفظاظة
ـ متشكرنيش. محتاج منك خدمة.
تحمحمت آسيا بخفوت و قد أجفلتها صراحته ولكنها قالت بامتنان
ـ تحت امرك يا مستر خالد.
لأول مرة يحتار كيف يبدأ حديثه، ولكن الأمر شائك بالنسبة إليه، فهنا يقع قلبه في هوى امرأة هي و المستحيل سواء بالنسبة إليه، ولكنه لازال يحاول حتى ولو كلفه الأمر بأن يقضي نحبه وهو يفعل ذلك
ـ في سوء تفاهم حصل بيني وبين أشجان، وبين شخص تاني، وكنت عايزك تشرحيهولها.
انتبهت جميع حواسها إلى حديثه لتهتف باستفهام
ـ ممكن حضرتك توضح أكتر عشان انا مفهمتش تقصد ايه؟
زفر بحدة قبل أن يقول بجفاء
ـ في واحدة صاحبة مطعم مش بعيد عن هنا. الست دي كبيرة في السن، وبيربطني بيها علاقة صداقة من زمان، و بالصدفة أشجان اتعرفت عليها و قربت منها بس مكنتش تعرف انها تعرفني، ولما عرفت اتضايقت، و مردتش تسمعني ولا حتى تسمع منها
آسيا باستفهام
ـ تصرف غريب اوي. طب و أشجان تضايق ليه؟
تمتم حانقًا
ـ على أساس أن كل تصرفاتها مش غريبة يعني! جت على دا؟!
ـ مستر خالد حضرتك بتقول حاجه ؟
هكذا استفهمت آسيا ليتدارك ذلته ويقول بجفاء
ـ مفيش حاجه. عايزك تفهميها، وتقوليلها أن سوزان ملهاش ذنب في حاجة، و ياريت تحكم عقلها، و تتصرف بحكمة معاها.
آسيا بنفاذ صبر
ـ الحقيقة هي محتاجة تحكم عقلها في حاجات كتير اكبر من كدا.
استأثرت جملتها بانتباهه ليهتف باستفهام
ـ تقصدي ايه؟
تداركت آسيا ذاتها لتقول بلهفة
ـ لا مفيش حاجه.
لم يحتمل الصمت ولن يكتفي بغلق الموضوع هكذا لذا هتف يحثها على الحديث قائلًا
ـ آسيا لو في حاجه اقدر اساعد بيها اتأكدي اني مش هتأخر.
آسيا بملل
ـ للأسف مفيش حد هيساعدها لو هي مساعدتش نفسها. الموضوع كله في أيدها. بس هي معرفش ناوية على ايه؟
خالد باستفهام
ـ في جديد حصل في موضوع الزفت دا؟ اكيد عرفتي أن الهانم راحت اتنازلت عن البلاغ عشان يخرج
آسيا بحنق
ـ و خرج، و اللي حسبته لقيته.
اهتاجت جميع مشاعره دفعة واحدة و تسابق النبض في أوردته ليهتف بنبرة مُتحشرجة
ـ تقصدي ايه؟
ناظرته آسيا بتردد سرعان ما تغلبت عليها فهي رأت بعيني ذلك الرجل اهتمام و قلق كبيران على شقيقتها لذا هتفت بغضب
ـ الحيوان راح الشقة وهي هناك و قعد يعيطلها و يتحايل عليها انها تسامحه و قال ايه هيتغير، و هيعمل المستحيل عشان خاطرها بس ترجعله.
لم يعُد يحتمل ما يحدُث ليهب من مكانه كالملدوغ وهو يهتف بشراسة
ـ و كمان سمحتله يتكلم معاها! دا مجنون. ازاي آمنت على نفسها معاه ؟ ازاي وافقت أصلًا تسمعله؟
هالها مظهره و في هذه اللحظة أيقنت بأن الأمر لم يكن محض اعجاب لمسته من ناحيته نجاه شقيقتها بل الأمر فاق توقعاتها بمراحل لتجد نفسها تقول بتلعثُم
ـ و للأسف هي اتفقت معاه أنهم هيقعدوا في قاعدة رجالة عشان تشهد على اتفاقهم. انا لازم اشوف طريقة امنعها ترتكب جريمة بشعة زي دي في حق نفسها.
تصنم جسده، وكان أُصيب بطلق ناري اخترق أكثر المناطق خطرًا في جسده ليجعله غير قادر على النطق فقط انفاس تتشاجر بين ضلوعه، ودقات تصرخ بفزع من فرط الآلام التي تفشت في قلبه دفعة واحدة، فأغمض عينيه يحاول السيطرة على أوجاعه حتى لا تخونه قدماه ليتدخل العقل واضعًا جدًا فاصل بينه و بين الانهيار ليتحدث بقسوة افزعتها
ـ غلط. سيبيها هي تقرر مصيرها و تختار اللي شيفاه مناسب ليها.
آسيا باندفاع
ـ بس يا مستر خالد…
قاطعها خالد بجفاء
ـ الإنسان هو اللي بإيده بيغلي نفسه و بإيده هو اللي بيرخصها، و عشان كدا بقولك سبيها تختار هي أدرى باللي يناسبها.
ـ أيه يا أشجان يا بنتي. احنا تحت امرك. قولي طلباتك.
هكذا تحدث الشيخ رمزي أحد أعمام أمين الذي كان يجلس وعينيه مُسطلة على هذه الغزالة التي يرتجف بدنها من رؤية كل هؤلاء الشيوخ الذي جمعهم زوجها المزعوم ولكنها أخذت تُهديء من روعها و تبتهل إلى خالقها بدعاء ذا النون حتى يُخرجها مثلما أخرجه من الظلمات إلى النور
ـ لا إلا الا انت سبحانك إني كنت من الظالمين.
ـ اتكلمي يا اشجان مش أنتِ اللي طلبتي من أمين ييجي و يجيب الرجالة عشان تتفقوا؟ ساكتة ليه؟
كان هذا صوت عزام القاسي الذي اخترق مسامعها لتحاول استجماع كامل ثباتها قبل أن تقول بنبرة مُتحشرجة
ـ فعلًا انا طلبت دا من أمين وهو اتفق معايا أنه هينفذلي كل طلباتي، و عشان كدا طلبت أن يكون في ناس شاهدة على كلامنا.
هتف امين باندفاع
ـ أيوا فعلًا وانا مستعد اعمل كل اللي أنتِ عايزاه.
بللت حلقها و عينيها تطوف على جميع الموجودين و على رأسهم والدها الغاضب و أمين الذي كان الخُبث يلون ملامحه لتهتف بجمود
ـ وانا مش عايزة منك حاجة غير انك تطلقني.
تفجر بارود كلماتها في الأجواء، فعم صمت طويل و كأن الجميع يحاول استيعاب ما تفوهت به، ولكن سرعان ما قطعه أمين الذي هتف بانفعال
ـ نعم! بتقولي ايه؟ أنتِ اتجننتِ؟
على النقيض كان عزام لم يُصدق نفسه من الفرحة، وحين صرخ عليها هذا الحقير لم يستطِع الصمت ليهتف بحدة
ـ وطي صوتك وانت بتتكلم معاها. ايه هتزعقلها قدامي؟!
هتف أمين صارخًا
ـ بنتك بتضحك عليا و بتنيمني.
تدخل رمزي بحدة
ـ اسكت يا أمين خلينا نعرف نتكلم.
التفت ناظرًا إلى أشجان التي بشق الأنفُس استطاعت إخفاء خوفها من هذا الخبيث ليقول رمزي باستفهام
ـ أشجان يا بنتي. احنا كنا جايين و عاملين حسابنا أن في صُلح.
أشجان بجمود
ـ مين اللي قال لحضرتك كدا ؟
رمزي باختصار
ـ أمين..
صرخ أمين بانفعال
ـ دا بناءً على كلامها.
كانت فرصتها الأخيرة في الحياة أما النجاة أو الموت وهي تحاول لذا جمدت ملامحها و نبرتها حين قالت
ـ أنا مقولتش اني هرجع. انا قولت لازم يبقى في رجالة شاهدة على كلامنا لما قولتلي هنفذ اللي أنتِ عايزاه.
اصطكت أسنانه ببعضها البعض من شدة الغيظ، فهي قد خدعته حتى تظفر بالحرية من بين براثنه ولكنه لن يسمح بذلك ليسمع رمزي وهو يقول
ـ يا بنتي. جوزك شاريكي، وانتوا بينكوا ولاد، وخراب البيوت مش سهل.
أشجان بجفاء
ـ اللي حضرتك بتقوله دا انا اكتر واحدة عرفاه، و بردو انا مصممة على الطلاق.
هتف امين بشراسة
ـ يعني كنتِ بتضحكي عليا !
أشجان بحدة
ـ أنا مضحكتش عليك. مبقتش قادرة اكمل معاك، و انتهى الموضوع على كدا.
امين بوعيد
ـ منتهاش.
نهره رمزي قائلًا
ـ قولت اسكت يا أمين. قوليلي يا أشجان يا بنتي. ايه اللي مخليكي عايزة تطلقي كدا؟
أشجان باستهجان
ـ و ايه اللي يخليني افضل معاه؟ دا واحد خاني و ضربني وبهدلني وياما هاني.
رمزي في محاولة لتخفيف حدة أفعاله الدنيئة
ـ يا بنتي كل بني آدم خطاء، وربنا نفسه بيسامح، و الراجل جاي بيقول أنه اتغير، و مادد إيده بالخير. بدل ما تبقي سبب في توبته تردي ايديه. ميرضيش ربنا! و بعدين أن أبغض الحلال عند الله الطلاق.
برقت عينيها من حديث هذا الرجل الذي لا يعرف عن معاناتها شيء لتهتف بعُنف
ـ حلال ايه يا مولانا؟ الراجل دا كل حياته حرام في حرام.
هتف أمين من بين أسنانه
ـ أشجان.
لم تردعها نبرته المتوعدة و المُحذرة، فقد كان صراعًا للعيش بشرف ولو ليوم واحد وهي لا تحمل وصمة اسم هذا الرجل لتوجه ضربه عنيفة إلى كبريائه المريض حين قالت بتهكم غاضب
ـ دي هدومه اللي كان بيزني فيها لسه عندي و ناويه أحطها معاه في القبر وهو بيدفن.
صدمة خيمت على الجميع جراء جملتها المروعة، والتي رغم وقاحتها إلا أنها تحمل الكثير و الكثير مما جعل كل ثباته يتلاشى و ينقشع قناع الجمود الذي يرتديه و يهب من مكانه قاصدًا الإطاحة بها ولكن كان الجميع له بالمرصاد و أولهم والدها الذي هتف بشراسة
ـ هتضرب بنتي وانا واقف ؟ خلاص اتجننت!
ـ من سامعها بتقول ايه؟
تدخل رمزي يحاول ردع أمين الذي كان كالثور الهائج
ـ خلاص. هتضربها قدامنا. بدل الحياة استحالت يبقى تفارقوا بالمعروف. في عيلين في النص.
تدخل عزام يعمل بمبدأ قطع العرق و إسالة الدماء حسن هتف بانفعال
ـ دلوقتي يطلق بنتي. ميشرفنيش تبات ليلة تانيه وهي على ذمته.
امين بانفعال
ـ أنا اللي ميشرفنيش أنها تفضل مراتي.
ضيق عينيه بشراسة كمن يريد الفتك بها قبل أن يقول من بين أسنانه
ـ أنتِ طالق.
اللهم إني أسألك سلامًا ما بعده كدر، ورضًا ما بعده سخط، وفرحًا ما بعده حزن، اللهم املأ قلبي بكلّ ما فيه الخير لي”.♥️
★★★★★★★★★★
كان يعمل على حاسوبه، فإذا بهاتفه يرن ليقوم بالإجابة حين رآى رقم غير مُسجل على سجل الأسماء، فإذا به يتفاجأ حين سمع هذا الصوت الذي يعرفه جيدًا
ـ متقولش انك كنت نايم و صحيتك!
زفر رؤوف بملل
ـ جبتي رقمي منين ؟
ميرهان بدلال
ـ معقول يا رؤوف تسألني سؤال زي دا؟ أنت اكتر واحد عارف اني بوصل للي انا عايزاه من غير حتى ما اتعب نفسي.
لون الامتعاض ملامحه وهو يتذكر ذلك اللقاء الذي جمعه بها صباح اليوم حين أصرت عليه آسيا أن يأخذها إلى الشركة التي تحمل اسم عائلتهم
عودة إلى وقت سابق
ترجل من سيارته ليستند على مقدمتها وهو يلهو بهاتفه، فإذا به يستمع إلى صوت طرق حذاء يقترب منه ليرتفع بانظاره التي استقرت على هذه الفتاة التي يعرفها حق المعرفة و لكنه فضل ادعاء جهله بهويتها
ـ بقى معقول رؤوف عندنا في الشركة؟ ايه الشرف العظيم دا!
فطن إلى أنها أدركت هويته فلون الامتعاض ملامحه ولكنه حاول إخفاءه خلف قناع الجمود الذي شاب لهجته حين قال
ـ ازيك يا مريهان.
ميرهان بسخرية
ـ يعني عارفني!
رؤوف بجمود
ـ أكيد عارفك
ميرهان بعتب
ـ طب ليه لما اتقابلنا في الشركة أول مرة اتعاملت على أننا غرب؟
رؤوف بضجر
ـ لقيتك مش فكراني فمحبتش اوجع دماغك.
تعلم بأنه يكذب ولكنها تعمدت عدم الفهم لتقول بعتب
ـ زعلتني بجد! و تهون عليك العشرة!
رؤوف باستنكار
ـ عشرة!
ميرهان بتهكم
ـ مش عشرة بمعنى الكلمة لكن كل يوم كنا بنتقابل. بما انك كنت حامي الحما وكل يوم كنت بتيجي تاخد سندريلا تروحها عشان خايف عليها مننا احسن ناكلها.
ضاق ذرعًا بحديثها العقيم ليهتف بحدة
ـ فرصة سعيدة يا ميرهان. عن اذنك.
ميرهان بلهفة وهي تمسك بذراعه
ـ ايه دا انت زعلت!
ـ لا ..
ـ طيب ايه ما تيجي نشرب حاجه سوى. اكيد انت مستني السندريلا. اقصد آسيا. هي مش هتطول. متقلقش. هتاخد شهادة عشان تقدر تشتغل بيها في أي مكان تاني بعد ما استغنينا عن خدماتها.
اغضبه حديثها عن آسيا ليقرر رد الصاع صاعين حين قال
ـ تقصدي خسرتوها. أصل انتوا ملكوش في الطيب نصيب، و آسيا مكانها مع ناس بتفهم و بتقدر قيمة الكوادر اللي في ايديها. عن اذنك.
عودة للوقت الحالي
ـ اتفضلي يا ميرهان كنتِ متصله محتاجة حاجه؟
ميرهان بتخابُث و نبرة لينة
ـ بصراحة أه.
ـ اتفضلي
تعمدت الدلال و صبغ نبرتها بالرقة حين قالت
ـ كنت عيزاك متزعلش مني بسبب الكلام اللي قلته النهاردة عن آسيا. بس انت عارف أننا مبنتفقش.
زفر رؤوف بملل قبل أن يقول بجفاء
ـ حصل خير.
ميرهان بلهفة
ـ لا حصل خير دي متنفعش لازم تثبتلي.
ـ ازاي؟
تحدثت بنبرة لينة يشوبها التوسل
ـ تقبل دعوتي على الفطار بكرة، و مش هقبل اي اعتذار وإلا هفضل اتصل بيك كل شويه اقولك سامحني.
شعر بالفضول الكبير لمعرفة ماذا تُخفي، فإلحاحها عليه حتمًا ورائه شيء لذا قال بنفاذ صبر
ـ موافق.
ميرهان بسعادة
ـ خلاص يبقى نتقابل في كافيه(..) الساعة تسعة.
ـ اتفقنا.
أغلقت الهاتف و نظرت إلى هايدي التي كانت تُحجِم ضحكاتها بصعوبة لتهتف باندهاش
ـ يخربيت دماغك. عايزاه تعملي بيه ايه دا؟
ميرهان بتخابُث
ـ رؤوف دا السم اللي هموت بيه آسيا.
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”. ♥️♥️
★★★★★★★★★★
خرجت آسيا إلى الشرفة تحاول الوصول إلى شروق التي كان هاتفها مُغلق لتزفر بحنق وهي تقول
ـ يوووه بقى ما تردي أنتِ كمان.
أنهت جملتها و رفعت رأسها إلى الجهة الآخرى لتبرق عينيها حين رأت…..
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل القراءة عايزة كل قمرايه منكوا يعجبها مشهد تشاهده اسكرين و تنزله هنا عايزة اعرف ايه اكتر مشاهد حبتوها أو كلام أثر فيكوا ♥️🙈
الإثم الثامن و العشرون ج٢ ❤️‍🩹 بعنوان ” كبرياء هزمه العشق”
لم يكُن الأمر عادلًا أبدًا حين يتعلق أي شئ بك . تتبدل فيزيائية الأمور و تنحاز المُعطيات و الدوافع و المُبررات وفق إرادتك و إن خالفت كل حدود المنطق ، يختل ميزان النظريات العلمية فلا يعُد لكل فعل رد فعل بل لفعلك أنتِ ما يُناسبه و يليق بك . حتى و إن خرق ذلك مقاليد الكون والطبيعة ف رُوَاء وجودك يُكمم كل هتافات و احتجاجات العقل الذي أسلم رأيته هو الآخر أمام إغواء حضورك ..
فبات كان كل شئ يتهاون معك رغمًا عني و عن إرادتي فلم يعُد بُد من الانهزام و ما أشهاه بين حنايا صدرك..
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
خرجت آسيا إلى الشرفة تحاول الوصول إلى شروق التي كان هاتفها مُغلق لتزفر بحنق وهي تقول
ـ يوووه بقى ما تردي أنتِ كمان.
أنهت جملتها و رفعت رأسها إلى الجهة الآخرى لتبرق عينيها حين رأت سيارة فارهة تقف على أعتاب شارعهم، فضيقت عينيها وهي تُفكر لمن تعود هذه السيارة الباهظة الثمن، وفجأة تعالى رنين هاتفها لتُصدم حين ربط الخيوط ببعضها البعض لتُجيب بترقُب
ـ مستر خالد.
ـ خليها تطلع البلكونة. عايز أشوفها
هكذا تحدث خالد بنبرة مُتهدجة من فرط روعة الشعور الذي اجتاحه حين أرسلت له آسيا هذه الرسالة القصيرة والتي جلبت إلى قلبه سعادة العالم أجمع ليشعُر بأن لا طاقة له للبقاء بعيدًا عنها اشتهى رؤيتها ولو من بعيد حتى يختبر مدى روعة أن ينظر إليها بلا قيود ولا محاذير.
ـ حاضر.
هكذا تحدثت آسيا باختصار وهي تتوجه إلى الداخل لتجد أشجان التي كانت تجلس فوق مخدعها شاردة لا تُصدق ما حدث خلال الساعات الماضية، فهي أخيرًا تحررت من ذلك القيد الذي أحكم الطوق حول عنقها لعشر سنوات والآن هي حرة في مأمن من خوفه و غدره و قسوته، ولأول مرة ينهمر الدمع من بين مآقيها يتراقص فرحّا لتهمس بخفوت
ـ الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه.
ـ شوشو.
كان هذا صوت آسيا الذي أخرجها من شرودها لتنحيف عبراتها بكفوفها المُرتعشة وهي ترفع رأسها قائلة بخفوت
ـ نعم يا حبيبتي.
شعرت بأنها تود أن تعانق شقيقتها كثيرًا، فهي ترى الفرح و الراحة بعينيها ولكنها كما كانت تكبت حزنها بين طيات صدرها هاهي تحتفظ بفرحتها خوفاً من حدوث شيء يُفسد ما تشعر به لذا اقتربت وضعت قبلة حانية فوق جبهتها وهي تقول بحنو
ـ افرحي يا أشجان كابوسك انتهى.
أشجان بنبرة مُرتجفة
ـ خايفة.
آسيا بتحفيز
ـ اوعي تخافي. محدش هيقدر يأذيكي من هنا ورايح. تعالي معايا.
أنهت جملتها وهي تسحبها إلى الشرفة قائلة بحبور
ـ اقفي شويه في الهوا الأوضة هنا خنقة وانا هضحي وهعملك كوباية نسكافيه تظبط دماغك.
أشجان بهدوء
ـ ايه الرضا دا كله.
غمزت آسيا بمرح قبل أن تقول بتخابُث
ـ بمناسبة الرضا في حد نفسه يسمع صوتك خدي ردي.
تفاجئت أشجان من حديثها و هذا الهاتف الذي وضعته فوق أذنها لتستمع على هدير انفاس جعل رجفة قوية تضرب سائر جسدها، و تسارعت أنفاسها و كأنها مراهقة لم تبلغ الخامسة عشر من عمرها، ولكنها لا تدري انها بعينيه أجمل إمرأة خلقت على وجه الأرض للحد الذي يجعل النظر إليها و لو من بعيد نشوة خاصة يشعر بها قلبه للمرة الأولى في حياته
ـ بيقولوا أن الإنسان لما بيحب روحه بتتقسم و بيروح نصها مع حبيبه. بس ميعرفوش أنه لما بيعشق روحه و قلبه وحياته بتكون متعلقة بنظرة واحدة بس من عيون اللي بيعشقه. مش هترديلي روحي بقى؟!
كتائه ضل طريقه لسنوات في صحراء قاحلة جردت روحه من كل معالم الحياة، وفجأة ظهرت أمامه واحة خضراء تسُر الناظرين هكذا كان شعورها في هذه اللحظة التي غمرت قلبها فرحة عظيمة لم تشعر بها يومًا جعلت جسدها يرتجف بطريقة ملحوظة مما جعل الحروف تتراقص فوق شفتيها حين همست بخفوت
ـ خالد.
عذوبة حروف اسمه من بين شفتيها جعلت دقات قلبه تتناحر بداخله من فرط العشق الذي احتل قلبه تجاه هذه المرأة ليهتف بنبرة خشنة
ـ معقول مبقاش في حاجه واقفه بيني وبينك!
لأور مرة تسمح لقلبها بالتعبير عن مشاعره التي كان يُخفيها جيدًا في أعماقه ولكنها الآن تغلبت عليها لتُغمض عينيها بحالمية و ابتسامة خافتة ظللت شفتيها قبل أن يُعنفها عقلها الذي ذكرها بأنه لازال هُناك عائق زمني يحول بينها وبين هذه المشاعر لتتحدث بنبرة حاولت جعلها ثابته قدر الإمكان
ـ انت عارفه أن مينفعش تقول ..
قاطعها بهسيس خشن
ـ أنتِ اللي مينفعش تمنعيني اقول اللي في قلبي بعد كدا.
حاولت الصمود أمام إغواء عشقه الضاري لتهتف بلهفة
ـ أنت مش فاهم..
للمرة الثانية يقاطعها ولكن هذه المرة بتنهيدة قوية و نبرة محرورة
ـ مشكلتي اني فاهم. مش مقدرتش امنع نفسي اجي و املي عيني منك.
إصابتها جملته بصاعقة قوية جعلتها كالممسوسة تنظر حولها بلهفة تجلت في نبرتها حين قالت
ـ هاه. انت. انت فين؟
أعجبه ارتباكها و لهفتها ليقول بخشونة
ـ بصي وراكي
التفتت الى الخلف و سرعان ما تجمدت بمكانها حين رأته يترجل من سيارته و يقف أمامها و على الرغم من أن الضوء كان خافت ولكن قلبها رأى ملامحه الوسيمة و انتفض متأثرًا بها لتحاول العودة إلى أرض الواقع حين قالت بلهفة
ـ انت مجنون ايه اللي جابك هنا ؟
أجابها بصوتًا أجش دغدغ جميع حواسها
ـ هتصدقي لو قولتلك اني لأول مرة اتفق انا وقلبي على حاجه، وهي اني مكنتش هقدر انام النهاردة من غير ما أشوفك.
كان كل ما يحدُث كثيرًا عليها لتتحمله، فكل هذه المشاعر التي تشعر بها تجاهه والتي يغمرها بها شيئًا جديدًا عليها للحد الذي جعل الخوف يغزو أوردتها فحاولت الحديث بجدية
ـ خالد ممكن تسمعني ؟
غازلها بطريقة الخاصة حين قال
ـ ممكن! دانا مش هعمل حاجه بعد كدا غير أن انا اسمعك.
سارعت بإغلاق المجال أمام كليهم خوفًا من أن تكُن ممن استعجل شيئًا قبل أوانه فيُعاقب بحرمانه لذا هتفت قائلة
ـ ارجوك انا لسه مبقتش حرة. لسه فيه عدة.
تجعدت ملامحه حين ذكرته بهذا العائق الزمني الذي يفصل بينهم لتحتد لهجته قليلاً حين قال
ـ مش لازم تفكريني. بس خلينا نعتبر أن الثواني دي مش محسوبة من الزمن، وربنا يصبرني لحد ما التلت شهور دول يخلصوا.
شعرت بما يُخابره، ولكنها حتى لو اشفقت على كليهمَ لابد من أن تضع حدًا فاصلًا بين اي خطأ وارد الحدوث لذا قالت بهدوء
ـ هو ينفع اطلب منك طلب؟
خالد بنبرة تقطُر عشقًا
ـ أنتِ ينفع تطلبي عنيا مش هقولك لا.
ما بال هذا الرجل يتلاعب بدقات قلبها كعازف يضرب بأنامله فوق آلته الموسيقيه لتعزف اعذب الألحان، و على الرغم من هذه السعادة الفريدة من نوعها التي سكنت قلبها ولكنها أعادت الأمور إلى دفتها حين قالت بنبرة جادة
ـ ياريت من هنا لحد ما عدتي تخلص لا اشوفك ولا اكلمك. عايزة بعد ما الأيام دي تعدي افرح من قلبي من غير اي ذرة تأنيب ضمير.
كان يعلم ما تريده حتى قبل أن تتفوه به، و بالرغم غضبه الذي كان يجيش بصدره في هذه اللحظة إلا أنه يعلم بأن ما تقوله هو الصواب إذا قال بنبرة خشنة
ـ ينفع بس بشرط.
فاجأها حديثه و نبرته التي جعلت الخجل يعرف طريقه إلى وجنتيها لتهتف باندفاع
ـ ايه دا معلش ؟ انا مش هعمل اي حاجه خالص على فكرة.
ابتسم على عفويتها و خجلها الذي شعر به من ارتجافة نبرتها ليقول بنبرة عابثة
ـ حتى لو كانت حاجة صغننة أوي.
اجابته باندفاع
ـ مش عارفه.
وصلتها ضحكته التي ضاعفت من خجلها ليقول بنبرة مُطمئنه
ـ طيب متقلقيش هي حاجة بسيطة اوي.
لانت ملامحها قليلًا لتقول بخفوت
ـ ايه هي؟
خالد بنبرة خشنة مُشتاقة
ـ عايز اشوف ضحكتك قبل ما امشي.
رغمًا عنها ارتسمت ابتسامة رائعة فوق ثغرها جعلته يشعر و كأنه ملك الكون بأكمله ليقول بنبرة موقد بلهيب العشق
ـ انا كدا خدت اللي جيت عشانه.
اخفضت رأسها خجلًا قبل أن تقول بخفوت
ـ طب ممكن توعدني تنفذ اللي طلبته منك؟
خالد بابتسامة عاشقة
ـ اوعدك.
حاولت اخفاء بسمتها وهي تقول بخجل
ـ طب ممكن تمشي بقى.
خالد بوعيد
ـ همشي. بس خليكي فاكرة اني قلبي أسود ومبنساش حاجه.
أشجان بلهفة
ـ يعني ايه؟ مش فاهمة.
أجابها بتخابُث لم يخلو من الوقاحة
ـ يعني كله هيطلع عليك في الآخر يا حلو.
غمرها الخجل للحد الذي جعلها تهرول إلى الداخل و قلبها يكاد يخرج من بين ضلوعها من شدة خفقاته.
اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة والنجاة من النار.” ♥️
★★★★★★★★★★
نظرت إلى نفسها في المرآة و ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها، فمن يراها وهي بهذا الجمال لا يتخيل كم الدمار الذي يجتاح صدرها حتى بات التنفس مؤلمًا، فسحبت كمية كبيرة من الهواء داخلها وهي تحاول ابتلاع هذه الغصة الصدئة التي تمتد من القلب الى الحلق لكي تستطِع مواجهة الجميع برأس مرفوع، فلن تسمح لأحد بأن يُشفِق عليها أبدًا. أنهت زينتها المُتقنة بعد أن صبغت شفتيها بلون نبيذي جريء يتنافى مع براءة ملامحها و ارتدت فستان باللون الكحلي المزين بفصوص لامعه براقه أعطته مظهرًا رائعًا مما جعل الأنفاس تعلق بصدره حين دلف إلى داخل الغرفة لتقع عينيه عليها وهي بهذه الطلة المُبهرة، فقد كان تحول كبير بين طفلته الجميلة و بين هذه المرأة الفاتنة التي تنظر إليه بعينين جامدتين و كأنهم حجر ليهتف قلبه مؤنبًا
ـ كل هذا من صُنع يداك، فلا تتذمر.
تنحنح بخشونة قبل أن يقول بجمود
ـ خلصتي! الجماعه وصلوا تحت.
ـ خلصت.
كانت نبرتها جامدة و حديثها مُختصر لتبدأ شراره غضبه بالاتقاد، فجاءت لهجته جافة حين قال وعينيه مُسلطة فوق شفاهها المُغوية
ـ هو الروچ دا مش ممكن يتخفف شويه عن كدا!
غنى بجمود
ـ دا ثابت لا بيتخفف ولا بيتمسح.
استنكر حديثه ليهتف ساخطًا
ـ والله. ولما هو كدا بتحطيه ليه؟
غنى باختصار
ـ عجبني لونه.
التفتت تنوي الخروج من الغرفة لتوقفها يده التي اعتقلت كفها بعُنف تجلى في نبرته حين قال
ـ الطريقة دي مش هتنفع معايا خلي بالك.
ارتفع أحد حاجبيها باستنكار ليُتابع قائلًا بنبرة أهدأ
ـ القسوة دي مش طبعك، فمتحاوليش تتصنعيها عشان مش هتعرفي.
كانت عينيه تحمل اعتذارًا لم يتخطى حدود شفتيه و نبرته تحوي عتب استنكرته بشدة لتقول بجفاء
ـ القسوة دي زي ماهي صفة وراثية هي صفة مُكتسبة بردو، و أظن انك اكتر واحد عارف دا.
فطن إلى المغزى وراء حديثها، وقد أبدها قلبه الذي خاصمه لأجلها لذا تحدث بنبرة يتخللها الندم
ـ عارف، و عارف اني قسيت عليكِ. بس انا كنت موجوع اوي وقتها.
لم ترق ملامحها ولا نظراتها لحديثه لتُجيبه بتهكُم تعلم كم سيُثير غضبه
ـ سلامتك.
وصلت إلى مبتغاها وبدأ غضبه بالتصاعد ليهتف بتحذير
ـ غنى. بلاش الطريقة دي معايا.
أرادن ترسيم الحدود بينهم لتثأر منه على مهلها، فهتفت بنبرة جافة
ـ هو انت ليه متخيل أن عشان طريقتي دي مش عجباك اني هغيرها!
حديثها و نبرتها وملامحها و كل شيء يُحيط بها يوحي بأن غضبها لم يتلاشى بعد لذا تحدث بهدوء يخفي توسل بين طياته
ـ مش هتغيريها عشاني؟
قست نظراتها و نبرتها حين قالت
ـ لا، و مش هطالبك تتقبلني زي مانا. عشان احنا مش هنطول سوى.
خطت إلى حقل ألغام بدأ بالانفجار داخل صدره ليهتف بنبرة قاسية
ـ هو أنتِ متخيلة اني ممكن في يوم من الأيام اطلقك!
ارتج قلبها لهذه الكلمة، ولكنها نحته من منصبه بعد كل هذه الجراح التي نالت منه لتهتف بجفاء
ـ اه متخيلة. ليه متخيلش؟ من حقك تعيش حياتك مرتاح، و راحتك عمرها ما هتبقى معايا، ولا انا راحتي هتبقى معاك.
عاندها و استمسك قلبه بجميع الخيوط التي تربطهما ليهتف بحدة
ـ حتى لو كلامك صح. مش هطلقك لو على موتي. يا غنى.
جملته خدرت أوجاعها قليلاً ولكنها لم تفلح في محو هذه المرأة التي علقت بحلقها لتقول بتهكُم
ـ ايه دا؟ دي مش بس القسوة اللي طلعت صفة مُكتسبة دي الأنانية كمان!
ياسر بنبرة يتخللها نزعة تملُكية
ـ عندك حق. انا أناني و خصوصًا لو كان الموضوع يخصك.
على عكس المتوقع لم يبتهج قلبها بكلماته بل آنت جراحه دفعة واحدة لتقول بمرارة و كأن صبارًا نبت في جوفها
ـ كان نفسي افرح بكلامك والله بس يا خسارة الموضوع مش في ايدك لوحدك عشان مهما كنت أناني زي ما بتقول انا حياتي بقت في أيدي، وانا اللي هحدد وجهتها مش حد تاني.
اضناه التعب و مل من الحديث، فكم كان يود لو يندفع تجاهها يدفن آلامه بين ذراعيها ولكنه يرى بوضوح رفضها الواضح له. لذا حاول جعلها تعرف مدى عشقه الضاري لها حين قال
ـ ملهاش وجهة غيري يا غنى. لو مهما كنتِ غضبانه و زعلانه مني ولو مهما كنت موجوع منك ملناش مكان غير بعض.
شعرت بالتعب من هذا الجدال هي الأخرى لتقول باختصار
ـ هنشوف.
ـ استنيني ننزل سوى، ومش عايز حد يحس بحاجه باللي ما بينا.
هكذا تحدث بجفاء قابلته بالسخرية حين قالت
ـ دا بجد! على أساس انهم مشافوش بعنيهم اللي حصل الصبح؟
صحح حديثه قائلًا
ـ اقصد حد من اهلك.
واصلت سخريتها ولكن هذه المرة لامس المرارة في نبرتها حين قالت
ـ لا متقلقش. هعرف أمثل عليهم دور العروسة الفرحانه اللي غرقانه في العسل مع عريسها. اي أوامر تانيه؟
ضاق ذرعًا من حديثها الذي يجعل حوافر الذنب تنغرز بقلبه ليهتف بانفعال
ـ بلاش تصعبي كل حاجه علينا كدا.
غنى بحدة
ـ كل حاجه صعبة من البداية احنا اللي قاوحنا، و نستحق كل اللي بيجرالنا.
ياسر بتعب
ـ ماشي زي ما تحبي. بس خلينا متفقين أن احنا قدرنا نكون سوى حتى لو القرب دا فيه موتنا.
لم تُجيبه ليقوم بإلتقاط هاتفه و مفاتيحه و يتقدم تجاهها و كفه يحتضن كفها و يُشبك أصابعه في الفراغ بين أصابعها، وكأنه يؤكد على حديثه بالأفعال، و لأنها كانت في غنى عن أي استفهامات أو استنتاجات من قِبل والديها لم تجذب يدها من بين يديه لتهبط معه إلى الأسفل، فحين رأتهم هيام زار القلق قلبها، و احتارت في تفسير ما تراه ليلتفت يزيد إلى روضة التي لم تخلو نظراتها من الحسد و يقوم بوضع كفه أمام عينيها وهو يتلو المُعوذتين لتجذب كفه من أمامها وهي تقول بحنق
ـ بتعمل ايه يا زفت انت؟
يزيد بسخرية
ـ بحاول امنع عنك أعراض الذبحة القلبية.
روضة بحدة
ـ دمك سم.
يزيد بتقريع
ـ مش أسم من نظراتك. يا بت دا أنتِ شايفه المرار اللي كنا فيه الصبح. بدل ما يصعبوا عليكي بتبصيلهم كإنهم كلوا ورثك. ارحمي يا شيخة.
روضة بنبرة يتخللها الشعور بالذنب
ـ والله انا مقصدش أحقد على حد. بس غصب عني.
يزيد بتأثُر
ـ ايوا عارف دي بتبقى موهبة فطرية. خالتك اعتماد بردو ما شاء الله موهوبة اوي تلمح الواحد على اول الحارة تنقره العين يتقلب على ضهره على طول.
نجح في رسم ابتسامة كبيرة على شفتيها قبل أن يقول بتهكم
ـ أيوا كدا الله يسترك اضحكي كفاية علينا بوز هيام اختي و عبط غنى. مش هيبقى فقر روضة كمان. دا انتوا لو قاصدين تقطفوا زهرة شبابنا مش هتعملوا كدا.
★★★★★★★★★★
كان كالوحش المتعطش للأنتقام، فبدت ملامحه مُخيفة و نظراته حادة و عروق رقبته التي نفرت من كل هذا الغضب المقيت الذي يتقد في عينيه لتتراجع صافية إلى الخلف فزعًا حين اقتحم غرفتها بهذه الهيئة المُرعبة لتهتف بجزع
ـ مالك في اي؟
رماح بشراسة
ـ وكَمان ليكي عين تسألي مالي؟
تراجعت إلى الخلف وهي تقول بنبرة مُرتجفة
ـ حوصول ايه؟ و ليه بتكلمني اكده؟
قست عينيه و توعدت نبرته حين قال
ـ كل خير يا عروسة. بس النهاردة دخلتك اللي اتأچلت ليها سنين، و چه الوجت اللي هكسر فيها عين بنت الوتايدة، و ارميكي زي ما عِملت في أختك
انمحت نظرة الضعف من عينيها و حل محلها الغضب المُلغم بالانتقام لتقوم بجذب فازة الورد وهي تقول بعُنف
ـ ولا أنت ولا عشرة زييك يجدروا يكسِروا عين بنت الوتايدة، و خيتي اللي طالها غدركوا من وهي حتة لحمة حمرا اني اللي هچيب حجها يا اما هموت واني بحاول، و اظن انك خابر زين اني معيفرجش معايا موت من حيا أجله هرتاح من سحنتك الغبرة دي.
لطالما كانت شراستها أكثر صفة مُحببة إليه، ولكنه الآن لا يرى بها سوى غريمته خاصةً حين تذكر ما حدث ليلة البارحة
عودة إلى الليلة الماضية
كانت بدرية تقف من بعيد و عينيها تراقب ابنتها الوحيدة بفرح لم تستطِع مشاركتها إياه فما يحول بينهم شيطان مريد لن تجعلها تعلق بين براثنه لتختار أن تواجه طغيانه وحدها بعد أن اطمأنت على طفلتها، فلم يعد هُناك فرق بين الحياة أو الموت، فقد أوقعت نفسها في فخ هذا الشيطان و قد كانت تعلم أن النهاية ستكون مروعة
ـ مشي جدامي و اياكي تنطجي بحرف واحد.
تجمد جسد بدرية حين سمعت هذا الصوت المرعب بجانب أذنها و شعرت بانغراز شيء صلب في جنبها الأيمن والذي كان فوهه سلاح أحد رجال رماح لتُطيعه وهي تودع ابنتها بنظرات صامته و تتوجه معه إلى أحد السيارات و منه إلى مستودع يقع في منطقة معزولة علمت أنها ربنا ستكون مثواها الأخير.
دلفت إلى داخل المستودع المُظلم لتجد رماح يجلس أمامها وبيده كأس شراب و هناك إضاءة خافته تعكس جانب وجهه الذي تجعد من فرط الغضب لتشعُر بالتشفي حين رأت ذلك، ولكن سرعان ما ارتج جسدها للخلف حين سمعت صوته القاسي يقول
ـ چبتي الچرأة دي منين عشان تبعيني لابن الوتايدة يا مرا أنتِ؟!
كانت تقف في مواجهة الموت الذي لم تكُن تهابه بل كانت في انتظاره لتقول بجفاء
ـ لما الإنسان ميبجاش عِنديه حاچة يخاف عليها مبتفرجش معاه، و بعدين كيف بتسألني عن الچرأة و اني قضيت حياتي كلها معاك!
اومأ برأسه قبل أن يقول بوعيد
ـ في ديه عنديكي حج. اني اللي سكتلك كتير جوي و خليت عيارك يفلت.
صمت لثوان قبل أن ترى الكوب الزجاجي يتحطم بين يديه و بلمح البصر وجدته يقف أمامها و يده المجروحة تُحيط بعنقها و وجهه البشع قريب من وجهها كثيرًا ليقول بنبرة مُرعبة
ـ عِملتي أكده ليه يا بت الرفدي؟ بعتيله البت بكام ؟ انطوجي.
مدت يدها تحاول نزع طوق يده من حول عنقها وهي تقول بنبرة مختنقة
ـ مقابل أنه يحميها منك.
شدد يديه حول عنقها وهو يهتف بعُنف
ـ فكراني عبيط اياك هصدج الكلمتين دول. انطوجي اتفجتي على ايه وياه؟
كانت تشبهه كثيرًا، و بمرور السنوات تعلمت منه المكر والخداع لتقول وهي تنازع لتبقى على قيد الحياة
ـ متفجتش على حاچة، و بعد يدك عني. ده بدل ما تشكرني اني لحجت المُصيبة جبل ما تحصول.
استرعت جملتها انتباهه ليخفف قبضته حول عنقها قليلاً قبل أن يقول باستفهام
ـ تجصدي ايه؟
بدرية بتشفي
ـ البت اللي كت طمعان فيها دي تبجى بتك يا رماح.
برقت عينيه من هول الصدمة كما تصنم جسده لتستغل الفرصة و تبتعد عنه لتقول بغليل
ـ ايه؟ اتصدمت اياك؟
لم تكُن قد ابتعدت قدر الإمكان عن يديه التي جذبتها من أسفل عنقها ليحكم قبضته كالكماشة حول عنقها من جديد وهو يقول بشراسة
ـ بتلفي عليا تعابينك يا بدرية؟ عايزة تضحكي عليا! لاه يا بت الكلب. دا لا عشتي ولا كنتي لما تضحكي على رماح.
بدرية بلُهاث
ـ لاه مبكذبش. البت تبجى بتك من صلبك، و تجدر تتوكد بنفسك.
اهتاج كالثور يصرُخ بها
ـ بتجولي ايه يا وليه أنتِ؟ اني مليش عيال.
كانت على وشك مفارقة الحياة بين يديه لتهمس باختناق
ـ سيبني واني هحكيلك.
تركها دون أن يبتعد عنها لتحاول استرداد أنفاسها الهاربة أمام ناظريه ليهتف بوعيد
ـ جبل ما تتحدتي اعرِفي أن دي آخر فرصة ليكي، ولو مجولتيش الحجيجة أو حاولتي تكذبي هجطع خبرك و ارميكي في الخلا للكلاب تنهش في لحمك.
ظهر الخوف جليًا على ملامحها لتبدأ في سرد قصتها حين قالت بجفاء
ـ لم چبرتني انزل اللي في بطني كرهت حالي و كت ناويه اجتل نفسي و ارتاح منيك. من كتر قهرتي و انت مرحمتش لا حزني على ولدي ولا جلبي اللي بيتجطع من الحزن عليه، و بعد ما چتك السفرية مع الباشا الكبير لبلاد بره كنت مقرره اجتلك لما تعاود، واخد تار ولدي اللي چبرتني اجتله. بس ربنا كان رحيم بيا، و عرفت وانت هناك اني حبلة في الشهر الرابع، وجتها طرت من الفرحة و حلفت اني لازمن احافظ عاللي في بطني، ولما عرفت من زناتي انك راچع چريت عليه و جولتله اني حبله واني خايفه لا تسجطني، وجتها جعدنا نفكِر لحد ما نفيسة مرته جالتلي هنجوله اني حامل و انك تعبانه و زعلانه منيه و هتجعدي معانا شوي، و لما تولدي هجول أن اللي في بطنك ولدي لحد ما ياچي الوجت و تجدري تجوليله.
تذكر رماح هذه الفترة، فبحياته لن ينسى هذه الأيام التي نال بها مراده من الحياة ليستمع الى حديث بدرية التي قالت بنبرة مغلولة
ـ و ربنا عماك عني وعن بتي و اتشغلت مع ست الحسن والچمال، و عِملت عملتك السوده، و نسيت اني موچودة من أساسه، و چت نجاة، وكانت نچاتي من المُر اللي كت عايشة فيه، و شوف النهاردة بعد سبعتاشر سنه و في نفس الايام اللي خدت فيها بنت الوتايدة جنص من بين أهلها و ناسها. ابنهم النهاردة خد بتك، وخلاها مرته.
حديثها كان كالصاعقة على مسامعه ليتفاقم الغضب بداخله، فقد أخذت هذه العائلة ابنته مثلما فعل معهم ليغيب عقله في هذه اللحظة و يقوم برفع كفه الضخم و هوى فوق خد بدرية بصفعة قوية وهو يصرُخ بجنون
ـ يا كلبة يا بت الكلب. بتسلمي لحمي لابن الوتايدة؟
طرحتها الصفعة أرضًا لتهتف بدرية بألم
ـ زي ما سكينة باعتلك لحمهم زمان. الدنيا بتدور يا رماح. و اللي عملته زمان اني عملته معاك دلوك و مش ندمانه. اني حميت بتي من شرك.
رماح بصراخ وهو ينهال عليها بالضرب بوحشية
ـ أخرسي يا بت الكلب. مش هيتهنى ببتي ليله. اني هدفنه بالحيا زي ما دفنت اخوي بسببه.
أخذ يضربها بوحشية حتى فقدت الوعي ليهب من مكانه وهو يتواصل مع أحد رجاله صارخًا بهياج
ـ رحيم الوتيدي رايح عالبلد الليلة عايز على طلعة النهار يوصل خبره، و اوعى حد فيكوا يجرب من عروسته.
اندفع هو و رجاله إلى الطريق الصحراوي الذي ستمر منه سيارة رحيم التي لاحت لهم من بعيد، والتي كانت مُزينة بأشرطة من الستان الذي لمع من بعيد ليُعطي الأمر لرجاله بالاستعداد و ما هي دقائق حتى اندفعت الأعيرة النارية و حاوط السيارة بأربع سيارات دفع رباعي ليتوقف السائق في الحال و يتوجه الرجال للسيطرة على السائق الذي رفع يده مُستسلمًا بينما رماح اندفع بغل إلى المقعد الخلفي ينوي الإجهاز على رحيم ولكنه تفاجأ بخلو السيارة الا من صندوق صغير ملفوف بعناية ليبدو كهدية أنيقة فجذبه بانفعال وهو يقوم بفتحه كالمجنون لتتجمد الدماء بأوردته حين رأى هذه القماشة البيضاء المُلطخة بالدماء ليتوقف عقله أمام حقيقة مروعة وهو أن ذلك الوغد جعل ابنته زوجة فعليه له.
عودة للوقت الحالي
ـ عايزة تموتي يا صافية؟ حاضر من عيني. بس مش هتموتي غير لما اخد حجي منك وقتها هجتلك و ارميكي جدام سرايا الوتايدة.
هكذا تحدث بشراسه جعلتها تعلم بأنه هذه المرة عازمًا على تنفيذ مبتغاه فغزى الرعب أوردتها و انتفض عقلها رافضًا اقتربت هذا الدنيء منها وحين أوشك على الانقضاض عليها قامت بضرب الفازة بأحد الطاولات لتتهشم و يتبقى منها قطعة كبيرة مدببة كالسكين قامت بغرزها بمنتصف بطنها لتنبثق الدماء الغزيرة أمام عينيه التي خيم عليها الذهول من فعلتها، فلم يُعيده إلى رشده سوى جسدها الذي كان يتهاوى لتمتد يديه و تمسكها قبل أن تسقط على الأرض الصلبة وهو يصرُخ ملء فمه
ـ صافية..
اللهم ارزقنا راحة البال وسكينة النفس، وأبعد عنا الهموم والأحزان. اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء حزننا وذهاب همنا.♥️
★★★★★★★★★★
دلف الى داخل الغرفة وجدها تُمسِك ألبوم صور تبين أنه لوالدتها و يبدو عليها التأثر ليقترب منها وهو يقول بمزاح
ـ نفسي مرة ادخل عليكي الاقيكي بتعملي حاجه مفيدة.
رفعت رأسها تناظره فلمح العبرات التي كانت تتهادى فوق خديها لتقول بنبرة مُتحشرجة
ـ كنت بتفرج على صور ماما.
مد يده يلتقط أحد الصور يناظرها بإعجاب قبل أن يقول
ـ الله يرحمها عمتي كانت وتكة. معرفش مطلعتيش شبهها ليه؟ يا خسارة والله.
قال جملته الأخيرة يداعبها فلون التهكم محياها و نبرتها حين قالت
ـ و يا خسارة ليه أن شاء الله! ايه الحديث العظيم اللي فاتني!
لون العبث نظراته ونبرته حين قال
ـ مكنتش هحلك.
ارتجف قلبها تأثرًا بجملته لتحاول الثبات قائلة بتهكم
ـ طب الحمد لله اني مطلعتش شبهها.
وقعت عينيه على صورة أخرى قبل أن يفرق نظراته بينها وبين الصورة ليقول بتخابُث
ـ لا بس في شبه بردو.
أرادت تغيير دفة اللعب لصالحها لتقول بهدوء
ـ كمال كمان قال كدا. قالي عيونك و شعرك زي عيونها و شعرها.
نجحت في مسعاها فقد تجهمت ملامحه وهو يقول بجفاء
ـ محدش على فكرة بياخد لكمال على كلام في البيت دا.
شروق باندهاش
ـ معقول! مع أن كمال شخص عاقل جدًا و شخصيته متزنه.
تفاقم الأمر رغمًا عنه و شعر بالكدر من حديثها ليقول بتهكم غاضب
ـ لا والله ! و ايه كمان؟
استرسلت شروق في وصف كمال من وجهة نظرها لتقول بإعجاب
ـ شخص هادي و عاقل، و زين كدا في كلامه. له هيبة و وقار في نفس الوقت. صوته واطي بس نبرته مؤثرة.
تشعبت الغيرة في أوردته ليهتف بسخط
ـ من شايفه انك بتبالغي اوي خصوصا انك مشوفتيهوش غير مرة واحدة و مقعدتيش معاه غير ساعة واحدة.
شروق بنبرة مُدافعة عن وجهة نظرها
ـ على فكرة انا ليا نظرة في الناس وانا بقدر احكم عليهم من اول ما اتكلم معاهم، وعمري نظرتي ما خابت في حد.
هب من مكانه وهو يتوجه إلى الشاحن الكهربائي ليضع هاتفه به وهو يتمتم بحنق
ـ على أساس انك بتفهمي اوي.
لم تصل إلى أذنها كلماته لتقول باستفهام
ـ بتبرطم بتقول ايه مسمعتش!
عمر بجفاء
ـ أحسن بردو.
عند رؤيتها للهاتف حوت عينيها الخُبث وهي تقول بلهفة
ـ طب بقولك ايه ممكن تديلي رقمه ؟
التفت عمر ناظرًا إليها بصدمة
ـ نعم!
شروق بلهفة
ـ عايزة اتصل اشكره على البوم الصور اللي بعتهولي. بجد كانت لفته حلوة منه.
اهتاج غاضبًا
ـ دانا اللي هعمل منك لفتة أنتِ وهو لو متظبطيش.
شروق بصدمة
ـ انت بتقول ايه يا عمر.
اقترب منها إلى أن أصبح أمامها مُباشرةً لترفع رقبتها إلى الأعلى لرؤية ملامح هذا الضخم الغاضبة، فإذا به ينزل إلى مستواها و يجلس على ركبتيه وهو يقول بنبرة مُحذرة
ـ أنتِ مش شايفة انك مزوداها أوي!
حاولت البقاء ثابته أمام إغواء قربه منها بهذا الشكل لتقول بهدوء
ـ أنا اللي مزوداها !
هسهس بجفاء
ـ أيوا أنتِ.
شروق بنبرة جافة
ـ بصراحة اللي بقى غريب هو أنت!
فاجئها حين لم ينفي الأمر بل قال بجدية
ـ و دا مش بيوحيلك بحاجة ؟
تحمحمت بخفوت قبل أن تقول باستفهام
ـ حاجة زي ايه؟
باغتتها كلماته الحادة والتي توحي بنفاذ صبره
ـ أنا مش عاجبني وضعنا دا، وعايز اغيره.
ران صمت تام بينهم كانت هي تحاول استجداء كل ذرة ثبات لديها حتى تنجو من هذا الهجوم الضاري على مشاعرها التي وان تعرت أمام هذا الرجل، فستموت من فرط القهر لذا تحدثت بنبرة ثابتة نوعًا
ـ ماله وضعنا؟
ـ عايز نعيش سوى زي أي زوج و زوجة!
فجر بارود كلماته بوجهها الذي اعتلته الدهشة، فلم يُعطيها الوقت للتغلب عليها أو استيعاب حديثه ليهوي على ثغرها بضراوة افزعتها، فقد كان يتوق لفعل ذلك منذ أن جلس يمشط لها خصلات شعرها، وقد فاقت رغبته كل حدود العقل ليردعه رفضها الواضح لقربه، والآن هو لن ينتظر حتى يجد منها القبول، فمشاعره اصحبت ضاريه لا يُمكن السيطرة عليها، ولا الوقوف أمامها، فأطال في قبلته و يديه تحكمان الطوق حول عنقها ليجعل افتراقها عنه أمرًا مستحيل بينما هي كانت تحاول بضراوه الابتعاد عنه، ولكن الغلبة كانت لقلبها الذي خطه لسطوة الهوى الذي يسكبه فوق حبتي التوت خاصتها ليظل ينهل منهما بنهم أفقده صوابه، فبدأت يديه تأخذ منحنى جريء أكثر ليتنبه عقلها في اللحظة الحاسمة وتقوم بدفعه بعيدًا عنها لتقطع التحامهم وهي تناظره بصدمة و أثر عدوانه يظهر بوضوح على ملامحها بينما هو لا زال أسيرًا لهذا النبيذ المُذاب فوق شفتيها التان ضمتهم بغضب قبل أن تهتف بحدة
ـ اخرج بره يا عمر.
جاءت اللحظة الحاسمة بالنسبة إليه ليعاندها و كفيه يمسكان بكتفيها
ـ مش هخرج و لازم نتكلم.
شروق بانفعال
ـ انت كمان ليك عين تتكلم! انت مش وعدتني انك عمري ما هتكرر اللي عملته دا تاني.
عمر بحدة
ـ وعدتك بعد ما قعدتي تهري وتقولي اخويا وزفت، لكن أنا مش اخوكي انا جوزك، ودا حقي.
شروق بصدمة
ـ حق ايه اللي بتتكلم عنه ؟ عمر فوق.
ـ أنا فايق. فوقي أنتِ و شوفي اللي بيحصل بينا. بطلي تعاندي.
شروق بجفاء
ـ والله ! تمام. هبطل اعاند. كنت بتقول عايز ايه بقى ؟
ظن أنه سينال مأربه و هتف قلبه بأنين العشق ليتجاهله و يقول بنبرة موقدة بالرغبة
ـ عايز نعيش زي اي اتنين متجوزين.
باغتته حين قالت بجدية
ـ وانا موافقة.
صدمه حديثها حد توسع عينيه لتُكمل حديثها الذي وضعه في مواجهة ضارية من نفسه الأمارة بالسوء
ـ بس ياترى هتقدر تقول للناس كلها أن انا مراتك! ولا احنا هنكون زي اي اتنين متجوزين في أوضة النوم بس!
اللهم اني أعوذ بك من ملمات نوازل البلاء وأهوال عظائم الضراء فأعذني ربي من صرعة البأساء واحجبني عن سطوات البلاء ونجني من مفاجآت النقم واحرسني من زوال النعم ومن زلل القدم واجعلني اللهم ربي في حمى عزك وحياط حرزك من مباغتة الدوائر♥️
★★★★★★★★★★
توجهت بخطٍ واثقة إلى داخل الشركة وهي شبه واثقة من أنها ستفوز في هذه المقابلة، فمن تحمل شهادة خبرة من شركة بحجم شركة الوتيدي حتمًا لم يستطِع أحد التشكيك في قدراتها لذا جلست بكل ثقة وهي تضع رجلاً فوق الأخرى تنتظر دورها في المقابلة بعد أن سلمت السيرة الذاتية الخاصة بها إلى السكرتيرة لتتفاجيء بعد قليل أنها توجهت إليها وهي تقول بأسف
ـ للأسف يا آنسة حضرتك ملكيش شغل عندنا.
برقت عينيها بصدمة تجلت في نبرتها حين قالت
ـ نعم! ليه بتقولي كدا؟ هو انا ورقي في حاجة غلط؟
احتارت الفتاة بماذا تُجيبها لتُضيف آسيا بنبرة تقترب من البكاء
ـ لو سمحتي عرفيني لو في مشكلة.
شعرت الفتاة بالشفقة عليها لتقول
ـ بصراحة مش عارفه اقولك ايه؟ بس اللي حصل غريب انا بمجرد ما قدمت ورقك يدوب قرأوا الاسم وبعد كدا قالولي ابلغك أن ملكيش شغل هنا. معرفش اللي هقوله دا صح ولا لا؟ بس ممكن يكون حد موضي عليكِ أن محدش يشغلك.
هبت آسيا من مكانها وهي تزن الكلمات داخل عقلها لتهتف بحنق
ـ ممكن ! دا اكيد. هو مفيش غيره. ماشي يا كمال أما وريتك.
كان خطواتها تنقش اللهب على كل مكان تمر عليه إلى أن وصلت إلى مكتبه لتتجاهل نداءات الفتاة التي جلبها لتحل محلها و تقتحم غرفة مكتبة بوجه يحمل غاضب و عينين تُرسِل أعيرة نارية بدلًا عن النظرات، وما ان أوشكت الفتاة خلفها أن تخبره بأنها لم تستطِع ردعها أوقفها بيده و أشار لها بالخروج لتطيعه و تغلق الباب خلفها لتهتف آسيا بشراسة
ـ تصدق انا شوفت في حياتي ناس بجحة كتير مشوفتش أبجح منك.
نصب عوده وهو يتوجه إليها واضعًا يديه بجيوب بنطاله ليشملها بنظرة تلكأت على كل أنش بها حتى جعلت حفنة من وخزات الخجل تتفشى في سائر جسدها لتأتي نبرته المتوعدة و تضاعف غضبها حين قال
ـ تصدقي انا هكون مبسوط اوي وانا بقص لسانك.
اغتاظت من وقاحته و بروده لتهتف بانفعال
ـ كمان! هو انت اللي بيجري في عروقك دا دم ولا مية!
كمال بنبرة باردة كالثلج
ـ أنتِ ايه رأيك؟
أسيا بحنق
ـ رأيي أنه استحاله يكون دم. دا اكيد مية ساقعة متلجة. انت ازاي بارد كدا وانت بتدمر مستقبل الناس.
كمال بجمود
ـ اشرحيلي تقصدي ايه؟
أسيا بحدة
ـ أنت اللي منعتهم يشغلوني صح؟
ضيق عينيه بتفكير قبل أن يقول بلا مُبالاه
ـ اه. أنتِ تقصدي الشركة الخايبة اللي كنتِ راحة تقدمي فيها النهاردة! أيوا انا. بصراحة ماهو انا مقبلش انك بعد ما كنتِ بتشتغلي في شركة زي شركتنا تروحي تشتغلي في شركة اي كلام زي دي. كانت سمعة شركتنا ممكن تتضرر.
ناظرته بصدمة و كأنه نبت له قرنان، ولكن سرعان ما تبددت صدمتها لتتحول إلى انفجار مُريع حين صرخت قائلة
ـ الله يخربيت شركتكوا و اليوم اللي دخلتها فيه.
كمال بتحذير
ـ مش بقول لسانك عايز يتقص.
لون الحزن معالمها وهي تهتف بنبرة مُحترقة
ـ كله الا مستقبلي يا كمال بيه. مش هسمحلك تضيعه.
رقت نبرته حين استشعر حزنها و هتف بنبرة خافتة
ـ وانا عمري ما هقصد اضيع مستقبلك. بالعكس أنا مستعد افرشهولك بالدهب. بس ريحيني.
تبدد الحزن ليحتل محله الغضب حين هتفت بشراسة
ـ والله ! وعشان كدا عرضتني للموقف الزفت دا. عشان أنا اللي اجيلك برجليا أصل كمال بيه الوتيدي مينفعش يتنازل هو.
كمال بجمود
ـ يعني أنا لو كنت جيتلك كنتي قبلتي تتكلمي معايا؟
أسيا بصرامة
ـ لا.
كمال بجفاء
ـ حلو يبقى انا عملت الصح.
استفزها حديثه لتهتف باستنكار
ـ انت فاكر انك كدا بتضغ عليا! لعلمك انا اعند مما تتخيل، ولو فاكر اني ممكن بعد الإهانة اللي وجهتهالي دي اني ممكن اتعامل معاك تبقى غلطان.
لم يجد أمامه مفرًا من التنازل أمام هذا الشعور الطاغي الذي يكتنف قلبه تجاهها لذا قال بنفاذ صبر
ـ طيب ماشي. انا بعتذرلك عاللي حصل مني. بس أنتِ كمان لازم تعذريني.
دق قلبها لاعتذاره الذي صدمها لوهلة و لكنها تابعت بنبرتةمغترة
ـ ولا الف عذر يخلوك تعمل اللي عملته وتقول اللي قولته.
تصاعدت أبخرة الغضب إلى رأسه من عنادها ليهتف بانفعال
ـ كلامك دا معناه اني ظلمتك. طيب على الأقل اشرحيلي اللي حصل بدل مانا هتجنن كدا.
تغلب قلبها الذي أشفق عليه على شيطان العقل الذي يريد تعذيبه لتهتف بحدة
ـ تمام. عايز تعرف اللي حصل؟ هقولك. رؤوف دا ابن عمي و طلب يوصلني للشركة و ركبت معاه عادي فين المشكلة؟
لم يكن يتحمل أن تذكر اسم هذا الرجل أمامه، ولكنه قال على مضض.
ـ طيب ماشي هنعدي موضوع ابن عمك على الرغم اني مش بالعه اصلًا ليه اخدتي الورد من وائل؟
رقت لهجتها قليلًا حين قالت بتخابُث
ـ يومها كان عيد ميلادي و تقدر تتأكد من السي في بتاعي اللي عندكوا، ومستر وائل حب يفرحني.
قاطعها مزمجرًا بانفعال
ـ ويجبلك ورد احمر يوم عيد ميلادك ليه مفهمتش عاشقك في الضلمة ولا حاجه؟
تعمدت صبغ نبرتها بالدلال حين قالت
ـ انت عندك حق هو عاشقني فعلًا بس مش في الضلمة ولا حاجه. علشان يومها طلب ايدي للجواز.
توسعت حدقتيه من فرط الصدمة التي تحولت لغضب أسود جعل ملامحه تتجهم ليهتف بهسيس خشن؟
ـ و قولتيله ايه؟
التفتت الى الجهة الأخرى و قالت بخفوت
ـ قولتله هفكر.
اهتاجت النزعة الوحشية التي بداخله ليهتف بشراسة وهو يهزها من كتفيها بعُنف
ـ هتفكري! و زعلانه من اللي انا عملته يومها! دانا هطربق المكتب فوق دماغك.
ارتجف بدنها من مظهره المُرعب لتهتف باستفهام
ـ انا مش فاهمة حاجه انت اي مشكلتك ؟
أطلق العنان لمشاعره في الخروج على السطح ليصرخ بصوت جهوري غاضب
ـ مشكلتي اني بحبك، وأنتِ غبية مبتفهميش.
لم تكُن تتخيل هذا الاعتراف المرعب بالحب، ولا أن يتنازل و ينزع قناع الثبات الذي كان يتحلى به أمامها لتهتف بعدم تصديق
ـ ايه؟
قربها منه بطريقة اجفلتها وهو يقول بأنفاس متلاحقة و اعيُن يتجلى بها عشقًا اهوج لا يستطيع السيطرة عليه و بنبرة موقدة بلهيب العشق أجابها
ـ بحبك يا آسيا. عارفة يعني ايه بحبك؟
كانت لحظة اشتهتها بكل جوارحها ولكنها لم تتخيل هذا الشعور الذي اكتنفها حين سمعت تصريحه بعشقه لها لتتولد داخلها رغبة بالهرب بالتلاشي حتى لا تسقط في هذا الفخ الذي نصبته له ذات يوم فإذا بها تنتزع نفسها من بين يديه و تهرول إلى الخارج.
اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل.”
“اللهم يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين♥️
★★★★★★★★★
ـ طمنيني يا غنى. حصل حاجه امبارح؟
ابتسامة ساخرة أوشكت بالظهور على شفتيها قبل أن تقمعها وهي تقول بتحذير
ـ ماما. بلاش أسألتك دي.
صابرين بحدة
ـ يا بت طب ريحي قلبي. قوليلي. قولتيله ولا لسه؟
غنى بصرامة
ـ اقفلي على الموضوع دا يا ماما.
صابرين بغضب
ـ ماهو لو مقولتيش انا هقول. حرام عليكي نفسك وحرام عليكي هو. انا عارفة أن دي الحاجة الوحيدة اللي هتقف بينكوا..
غنى بنبرة يشوبها القهر
ـ لو بيحبني مفيش حاجه هتقف بينا. اسكتي بقى.
صابرين بعناد
ـ دا جوزك و من حقه يعرفي يا بنتي.
افزعهم ذلك الصوت القادم من الخلف
ـ هو ايه اللي من حقي اعرفه؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ذنوب على طاولة الغفران)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى