رواية دماء على اوراق الورود الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم آثر توفيق
رواية دماء على اوراق الورود الجزء الرابع والثلاثون
رواية دماء على اوراق الورود البارت الرابع والثلاثون

رواية دماء على اوراق الورود الحلقة الرابعة والثلاثون
#الجزء_الثانى
الحلقة السابعة
طريق طويل قطعه سيرا على الاقدام لاكثر من ساعتين فى الحر والتراب لعن غباءه فى لحظات على قراره وندم على عدم تناول اى طعام منذ اليوم السابق حينما كاد يسقط مغشيا عليه بسبب التعب والجوع ولكنه تنبه الى ان المشقة التى يعانيها فى هذا المشوار اقل كثيرا مما ينتظره فى الايام القادمة .
دخل الى القرية اخيرا وقد اصابه الاعياء والشحوب وتحامل على نفسه حتى وصل الى المقهى الصغير القريب من احد مداخل القرية الثلاث فاستلقى على مقعد خشبى وهو متقطع الانفاس واسرع اليه بعض الجالسين فطلب بضعف كوبا من الماء احضره احدهم فجرعه بسرعة حتى اغرق صدره وجلبابه واعتدل على المقعد يلتقط انفاسه وبعد قليل وصل احد رجال حامد
شنوانى : انت رجعت من مصر يا واد يا مصطفى ؟
مصطفى : ايوه .. ايوه يا ريس ….. شنوانى
شنوانى : ومالك يا واد عامل كده ليه ؟
مصطفى : اعمل ايه بس … يا ريس شنوانى … انا جاى من البندر ماشى وبقالى يومين … ما دقتش لقمه ناشفه … انا كنت حاقع من طولى فى السكه ….. لولا جيت على نفسى لحد ما وصلت
شنوانى : هو انت مش كنت نازل مصر تشتغل ؟
مصطفى : اشتغل ؟ هاهاها يا حسره على الشغل …. كانت سفرية الندامه لقيت الشغلانه نصب اخدوا منى ميتين جنيه علشان اشتغل بواب وفص ملح وداب واتمرمطت ما بين قهوه ومعصره واسرح بكارو ابيع خضار وبيكيا واشتغل فى جاراج واشقى بملاليم ويوم اشتغل وعشره لا لحد ما ولاد الحلال شحتونى اجرة السكه علشان ارجع البلد وتوبه اسافر تانى ولو حاموت من الجوع
شنوانى : عديت على حامد بيه تقول انك رجعت ؟
مصطفى : انا لسه داخل البلد دلوقت حتى ما رحتش البيت وواقع من طولى اخد نفسى بس واروح اشوف اى لقمه تسندنى واروح لسيد البلد
اقترب عادل صديقه منه وهو يحمل رغيفا وقطعة جبن قائلا
عادل : خد يا مصطفى يا اخويا خد اسند نفسك باللقمه دى لحد ما تروح
تلقفها منه مصطفى والتهمها بسرعة وجوع شديد حتى انتهى فزجره شنوانى
شنوانى : خلاص سندت طولك ؟ قوم علشان تروح لحامد بيه
وقف مصطفى ناظرا للارض بانكسار وسار خلف شنوانى بلا اعتراض حتى وصلوا الى بيت حامد الهوارى ودخل خلفه للمضيفة حيث كان جالسا يدخن الشيشة فاقترب منه مصطفى وامسك يده يقبلها فانتزعها منه بعنف قائلا
حامد : ايه القرف ده يا ابن الكلب ؟ انت مش شايف نفسك عرقان توسخ ايدى ؟
مصطفى : حقك عليا يا سيد البلد انا كنت حاروح اكل لقمه واتشطف واشوف اى حاجه البسها بدل الجلابيه الوسخه دى لكن الريس شنوانى صمم نيجى الاول يا سيد البلد انا اتبهدلت واتمرمطت فى مصر وجاى واقع فى عرضك
نظر نحوه حامد بسخرية وهو ينفث دخان الشيشة فى الهواء
حامد : وكان ايه اللى خلاك تسافر طالما مش قد مصر واهل مصر واللى فيها ؟
مصطفى. : قلت اجرى على اكل عيشى علشان العيال والبلد ما فيهاش شغل طيب اعمل ايه ؟ ابوس رجلك يا سيد البلد خدنى راجل من رجالتك انا مخى نور واعجبك
هب حامد منزعجا وهتف بغضب
حامد : بتقول ايه يا ابن الكلب ؟ راجل من رجالتى يعنى ايه ؟ ايش عرفك بشغلى ؟ شنوانى
وعلى الفور اسرع شنوانى يلوى ذراع مصطفى ويجبره على الركوع على ركبتيه ووقف حامد امامه ممسكا بشعره بقسوة قائلا
حامد : انت حد مسلطك عليا يا ابن الكلب ؟
مصطفى : حد مين ؟ ابدا والله يا سيد البلد انا تعبت واتمرمطت وجاى طمعان فى كرمك ابوس رجلك انا مش عاوز اكتر من انى اوكل العيال
اشار الى شنوانى فاطلق ذراعه ودفعه ليلقيه ارضا بينما اسرع حامد يدوس بحذائه على عنق مصطفى بقوة حتى كاد يزهق روحه وهو يقول بغضب
حامد : انت فاكر نفسك تقدر تضحك على سيدك حامد الهوارى يا كلب ؟ انطق مين اللى مسلطك عليا وقال ايه عاوز تبقى راجل من رجالتى مش لما تبقى راجل الاول ؟ انت راجل اصلا ؟
مصطفى : اللى تشوفه يا سيد البلد … اااه انا خدامك انا فى عرضك رقبتى
شدد حامد الضغط على عنق مصطفى حتى كاد يكسره وصاح
حامد : مش عاوز تنطق يا كلب ؟
مصطفى : ابوس رجلك يا سيد البلد فى عرضك والله جاى من قلة الحيله اتوقع فى عرضك تشغلنى واكون خدامك وتحت جزمتك
فكر قليلا ثم رفع قدمه من فوق عنق مصطفى وعاد ليجلس مكانه واضعا ساقا فوق اخرى وقال
حامد : طيب يا واد يا مصطفى انا حاصدقك وعلشان تعرف ان سيد البلد كلها قلبه كبير انا حاشغلك عندى هنا مرمطون فى البيت لحد ما اشوف تعالى هنا يا ولا
واشار الى حذائه فزحف مصطفى حتى اصبح تحت قدمه وانكب عليها تقبيلا حتى ركله حامد بقدمه قائلا
حامد : خلاص يا ابن الكلب قلت مصدقك امشى روح على بيتكم وبكره الصبح تكون هنا
وبعد انصرافه اقترب شنوانى من حامد متسائلا
شنوانى : انت حتشغله فى السرايه يا كبير ؟
حامد : لازم يبقى تحت عينى لحد ما ينطق خلوا عينيكم عليه ليل ونهار ما تغفلوش اما انا ليا ترتيب تانى معاه حاخليه ينطق والجزمه فوق رقبته
…………………
اما فى عزبة الباشا بعد انصراف الجميع بقى حاتم مع الحاج مهاب واولاده فى المضيفة حيث قص عليهم كل ما دار بينه وبين على واخبرهم انه ارسل مصطفى لتقصى اخبار حامد الهوارى استعدادا لابلاغ تلك المعلومات لخاله القيادى الكبير فى وزارة الداخلية
حاتم : المشكله دلوقت يا حاج فى اخت مصطفى اللى حامد حابسها فى بيت بنته فى المركز علشان ما يفتحوش بقهم ودى بالذات غلبانه اتظلمت كتير والله اعلم بيحصل معاها ايه تانى هناك وكمان زى ما مصطفى قاللى جوزها عضو مجلس الشعب والبيت عليه حراسه شديده ولما كلمت خالى قاللى مش حيقدروا يعملوا حاجه فى الموضوع ده علشان معاه حصانه غير ان حامد ليه عيون فى المديريه حتبلغه باى تحرك لانقاذ الست دى اما بالنسبه لعلى ده كلب جبان وانا حاعرف ازاى اخليه يندم على كل اللى عمله ولو انى بصراحه بقيت باحس باحتقار لنفسى من اللى باعمله فيه
مهاب : موضوع الست بتاعة الاقصر دى مشكله كبيره فعلا بس انا حاعمل محاوله وربنا يسهل يمكن نقدر نخرجها من البيت ده من غير حكومه اما بالنسبه للكلب ده يابنى انا عاوزك تجيبه عندى وانا حاعرف ازاى اخليه يطلقها اللى حاعمله فيه حيخليك تشوف نفسك ملاك انا عمرى ما كنت شرانى لكن لو حد يمس ضفر حد من عيالى حاكون قادر اعمل حاجات ما تتخيلهاش وحامد نفسه يخاف يفكر فيها
محسن : معلش يا حاج بس ياريت نخلى على ده عند حاتم يومين تلاته كمان
محسن : ليه طيب يا محسن ؟ فهمنى اللى فى دماغك احنا عاوزين نخلص بنت عمك
محسن : يا حاج داليا دلوقت فرحانه وسعيده وبتنسى الهم من امبارح من ساعة ما جت خليها شويه كده نفسيتها ترتاح حنجيب على نفكرها بهمومها ؟ نستنى يومين تلاته ترتاح فيهم وبعدها صدقنى انا مستعد علشان خاطرها اضربه بالنار بنفسى واخلصها منه
نادر : وانا رايى من راى محسن يا حاج نسيبها ترتاح شويه وتنسى الهم دى بقالها تلات سنين عايشه فى جحيم
مهاب : خلاص نخليه يومين تلاته ووقت الجد نعرف نجيبه اهو تحت ايدينا
حاتم : خلاص وانا ما عنديش اى مشكله على يفضل عندى اسبوع او شهر حتى
مهاب : المهم يا ولاد انا عاوز اخد رايكم فى حاجه وانت معاهم يا حاتم
محسن : قول يا حاج تحت امرك
مهاب : انتوا عارفين انى عديت السبعين والعمر خلاص ما فاضلش فيه قد اللى راح وخايف بكره اقابل وجه كريم واسيب داليا اختكم ما عندهاش حاجه تامنها من غدر الدنيا هى وبنتها وطبعا هى قانونا مالهاش ورث فيا رغم انها بنت قلبى لكن هو ده القانون . انا فكرت اكتب لها حتة ارض امان من غدر الدنيا بس لازم توافقوا لانكم ولادى وانتوا اللى تورثونى ولازم تكون نيتكم مسامحه
نادر : معقول الكلام اللى انت بتقوله ده يا حاج ؟ داليا دى تاخد عينينا مش خساره انا عن نفسى لو حتكتب لها الارض كلها وانا اشتغل عندها بلقمتى موافق وفرحان كمان ومش حاقول علشان ده مالك وانت حر على حياة عينك تتصرف فيه زى ما يعجبك ولو ان ده حقك لكن حاقول علشان دى اختنا ونوارتنا ولو ما كنتش انت تعمل كده كنا انا ومحسن بعد عمر طويل حنديها نصيب زينا احنا طول عمرنا عايشين وحاسسين انها اختنا الغاليه دلوعتنا اللى بنحبها ومستعدين نموت علشانها مش كده يا محسن ؟
ابتسم محسن ولم يرد فساله مهاب
مهاب : مالك يا محسن ما بتردش ليه ؟ انت زعلان ؟
محسن : لالا طبعا يا حاج معقول ازعل علشان حاجه تفرح داليا ؟ مش ممكن طبعا وربنا عالم ان انا نفسى …..
واطبق شفتيه وانتظر مهاب ان يستكمل ولكنه اطرق براسه ارضا ولزم الصمت
مهاب : نفسك فى ايه يابنى ؟ ما تقول وتريحنى
فتح محسن فمه لينطق ثم عاد ليطبقه ثانية فقال مهاب بعصبية
مهاب : واد يا محسن ما تزهقنيش يا تنطق يا تقوم من قدامى بلاش عله
محسن : اصل يا حاج انا قصدى اقول ان داليا …. لا قصدى يعنى آيه …..
زفر مهاب بضيق وقال بغضب حقيقى
مهاب : ما تتكلم يا محسن ان كنت حتتكلم ايه اللى بتقوله ده ؟
صمت محسن ونظر لنادر مترددا فتنحنح قبل ان يقول
نادر : يا حاج محسن قصده ان آيه محتاجه اب يربيها
ابتسم الحاج ابتسامة سريعة ولكن اخفاها بسرعة ونظر لمحسن قائلا
مهاب : معناه ايه الكلام ده يا محسن ؟ ما تتكلم يابنى
حاول محسن ان يتكلم ولكنه تردد ووقف وبقى صامتا فقال حاتم ضاحكا
حاتم : الكلام واضح يا حاج محسن عاوز يتجوز داليا
مهاب : صح الكلام ده يا محسن ؟
نظر محسن لابيه واطرق براسه وصمت فقال مهاب
مهاب : انا لا يمكن اوافق على الجوازه دى
نظر محسن لابيه بدهشة وكذلك نادر الذى قال مبهوتا
نادر : ليه يا حاج ؟ هى داليا يعيبها حاجه لا سمح الله ؟
مهاب : قطع لسان اللى يقول فى بنتى عيب انما انا بنتى محتاجه راجل قوى وشجاع يحميها ويعوضها اللى شافته مش واحد جبان خايف يتكلم
محسن : انا مش جبان يا حاج انا من يوم ما دخلت البيت وهى عندها خمس سنين باحبها انا باحبها وانا لسه عيل فى اعدادى ما اعرفش يعنى ايه حب كل الحكايه انى خجول شويه ما عنديش تجارب هى تجربتى الوحيده وهى املى الوحيد فى الحياه عشت طول عمرى اتمنى تكون ليا ومن غيرها الدنيا كلها مش لازمانى
مهاب : وما قلتش ليه كده من زمان ؟
محسن : استنيت تخلص دراسه لكن غيرى سبق وخطبها وهى لسه بتدرس كنت عاوزنى اعمل ايه ؟ اقف فى طريق سعادتها ؟
مهاب : كان ممكن انت تكون طريقها وسعادتها تبقى معاك
محسن : النصيب والله يرحمه عبد الله كان راجل محترم وما يتعيبش
مهاب : الله يرحمه ويحسن اليه انت اتكلمت معاها ؟
محسن : ازاى يا حاج ؟ انا كل ما اقف قدامها لسانى يتربط وجسمى يتلبش وابقى مش عارف اتلم على بعضى حاولت كتير لكن مش قادر افاتحها لحد النهارده الصبح
مهاب : ولحد امتى حتفضل كده ؟ اسمع انت حتقدر على مهر بنتى ؟ تقدر على مهر بنت الحاج مهاب شركس ؟ دى مش اى حد دى ست البنات
محسن : لو مهرها عمرى حادفعه ولو ملايين حادفعهم
مهاب : ملايينك دى مش لازمانى مهر بنتى انك تجمد قلبك وتروح تفاتحها ولو ما فاتحتهاش يبقى خلاص مافيش جواز مش حابقى متطمن على بنتى مع واحد جبان
محسن : لا يا حاج انا مش جبان وحتشوف
#دماء_على_اوراق_الورود
#الجزء_الثانى
خرج حاتم من منزل الحاج مهاب مبكرا للعودة الى الاسكندرية وكانت داليا محسن واقفة على باب شرفتها خلف الستار تطل عليه محاذرة ان يراها ودموعها تنساب على خديها فلم تشعر بباب غرفتها يفتح ولا بتلك الخطوات القادمة نحوها ولم تشعر الا بتلك اليد الحانية التى امسكت بذراعيها وتلك القبلة الحانية على كتفها مع صوت اختها تقول
داليا ط : وبعدهالك يا بنت امى لحد امتى تعذبى نفسك ؟
داليا م : مش قادره يا داليا باحبه ومش قادره اقرب منه
داليا ط : هو كمان بيحبك يبقى ليه العذاب والحرمان ؟
داليا م : مش حاقدر اوسخه بعارى ولا حاقدر اعترف له بخطيئتى ولا اقدر اخبى عليه
كان حاتم عندها قد ادار وجهه متطلعا الى شرفتها ثم تنهد بياس وركب سيارته وانطلق فاستدارت لتلقى نفسها فى حضن اختها وتفتح مقلتيها للدموع فمسحت على شعرها بحنان قائلة
داليا ط : يا حبيبتى ان الله غفور رحيم انتى غلطتى ؟ طيب وماله انتى تبتى توبه صادقه من قلبك وربنا يغفر لك ومين فينا مالوش ذنب ؟ لو ربنا ما غفرش ذنبك ازاى تلاقى الناس بتحبك كده ؟ مش ده برضه دليل على رضا ربنا عليكى ورحمته بيكى ؟ مش انتى كنتى بتقولى كده امبارح ؟
داليا م : تفتكرى هو حيسامحنى ؟
داليا ط : ما تزعليش منى هو مش ملاك هو برضه غلط كتير طيب يمكن انتى غلطتى مره وتبتى ده يبقى اولى انك انتى اللى تسامحيه بلاش يا حبيبتى تعذبى نفسك اكتر من اللازم كفايه تانيب الضمير
ثم التقطت انفاسها ونظرت عبر الشرفة الى الصباح المشرق وقالت
داليا ط : ايه رايك الجو النهارده جميل تيجى ناخد الكارته ونطلع ؟ اصلى عاوزه اخد رايك فى موضوع مهم ايه رايك نروح جنينة الموز نتكلم على راحتنا
داليا م : طيب مين حيشدلنا الكارته مافيش حد صحى لسه
داليا ط : انا اللى حاشدها هو انتى فاكرانى جايه من هونولولو ؟ انا متربيه فى العزبه بس حتساعدينى واعلمك
وفى حديقة الموز افترشت الاختان ملاءة واقتطفتا بعض الفاكهة الطازجة وجلستا ارضا
داليا م : غريبه ان اسمها جنينة الموز رغم ان كلهم اربع شجرات موز وفيها ييجى خمسين شجرة مانجة غير الجوافه والبرقوق وكفايه النخل اللى محاوطها داير ما يدور
داليا ط : هو انتى مش فاكره ليه سموها جنينة الموز ؟
داليا م : لا مش فاكره
داليا ط : اصل يا ستى وانتى صغيره كنتى بتحبى الموز قوى وكانوا بيجيبوكى هنا ويشيلوكى علشان تقطفى الموز من الشجر وكنتى كل شويه تقولى عاوزه اروح جنينة الموز عمك مهاب قال طالما دوللى قالت اسمها جنينة الموز تبقى جنينة الموز المهم سيبك من الموضوع ده انتى فكيتى خلاص ؟
داليا م : خلاص فيه ايه ؟
داليا ط : فيه موضوع كده عاوزه احكيلك عليه واخد رايك
داليا م : قولى بس يارب يكون موضوع حلو
ابتسمت داليا طلال بحياء وتحاشت النظر الى اختها وقالت
داليا ط : بصى يا ستى بقى لما بابا مات … قصدى بابا طلال ماما اتجوزت الدكتور محسن اللى هو بقى بابا محسن ليه ؟ علشان انا كنت طفله صغيره محتاجه اب يربينى . اه اصل اى طفله صغيره عندها خمس سنين بتبقى محتاجه اب يربيها . وبعدين لما ماما ماتت وبابا محسن ما قدرش ياخدنى عنده عمل ايه ؟ جابنى عند الحاج مهاب والحاجه عاليه وبقوا بابا مهاب وماما عاليه ليه بقى ؟ علشان برضه كنت طفله صغنتوته محتاجه اب يربيها قصدى اب وام مع بعض اصل اى طفله صغنتوته بتبقى محتاجه اب وام مع بعض يربوها
نظرت لها داليا محسن بخبث وابتسمت وقالت ساخرة
داليا م : حلوه حدوتة قبل النوم دى اما حكايه هيه وبعدين
داليا ط : ما تتريقيش عليا انا قصدى اقول … يعنى … ان ايه عندها خمس سنين .. وعبد الله مات مش عبد الله مات ؟
داليا م : والله ؟ اسمعى يا بت اتكلمى على طول فيه حد عاوز يربى ايه واللا ايه ؟
ضربتها داليا طلال فى كتفها برفق قائلة
داليا ط : يا بت ما انا باقول اهه بس واحده واحده انتى مش فاهمه اللى انا قلته ؟
داليا م : لا انا حماره
داليا ط : طيب اسمعى واحده واحده انا دلوقت عندى بنت عندها خمس سنين محتاجه اب يربيها معايا وكمان انا لسه تلاتين سنه يعنى صغيره وقمر اهه
داليا م : من ناحية قمر اه قمر حاكذب يعنى ؟
داليا ط : ربنا يخليكى يبقى فاضل ايه ؟
داليا م : يبقى فاضل ابن الحلال
داليا ط : ابن الحلال بجم مش عاوز ينطق رغم ان اللى فى قلبه باين فى عينيه
استدارت داليا محسن ناحية مدخل الحديقة وقالت بمرح
داليا م : اهه ابن الحلال جه على السيره
داليا ط : محسن ؟
قالتها لا شعوريا وهى تستدير ناحية المدخل ولكنها لم تجد احدا ووجدت اختها تنفجر فى الضحك فعرفت انها تمازحها فقامت غاضبة ولكن داليا محسن امسكت بيدها تصالحها قائلة
داليا م : خلاص ما تزعليش اكيد حينطق
داليا ط : امتى بس
محسن : دلوقت
كان قد دخل الحديقة من الخلف ونجح فى مفاجئتها واصبح خلفها تماما فقامت داليا محسن من جلستها لتنسحب بهدوء لتقف بعيدا عنهما لتفسح لهما المجال بينما داليا طلال ترتجف من التوتر والاثارة ووجهها احمر من الخجل
محسن : كفايه ضيعت اجمل سنين عمرى محروم منك بسبب خجلى وترددى مش حاتردد تانى لازم الحق الباقى من عمرى
ابتلعت ريقها بصعوبة واحمر وجهها اكثر خجلا وفرحة وفوجئت به يركع امامها على ركبة واحدة غير عابئ بالطين الذى لوث بنطلونه واخرج من جيبه علبة من القطيفة فتحها واخرج منها خاتما ذهبيا ثمينا قديم الطراز قائلا
محسن : الخاتم ده اشتريته وانا فى الجامعه كنت عاوز اخطبك بيه اول ما تخلصى لكن النصيب . تقبلى تتجوزينى ؟
فتحت فمها لتتكلم فخرج صوتها مضطربا مبحوحا
داليا ط : ما اقدرش اتجوزك يا محسن
شعر ان قلبه قد توقف وغاض لونه وجحظت عيناه هلعا وهم بالحديث ولكنه لم يستطع قول اى شيء وحاول النهوض ولكنه شعر ان جسده بالكامل تجمد مكانه واصبح يتمنى لو مات لحينه او ان الارض تنشق لتبتلعه حتى قالت اخيرا
داليا ط : الا لما تتقدم لابويا الاول
عادت اليه الحياة ثانية وهتف بمزيج من الفرحة والرجاء والاسترحام
محسن : كلمته والله كلمته واساليه واسالى نادر وحاتم بس هو اشترط عليا لازم اجى واعترف لك بحبى
امسك يديها بحب وقال
محسن : بحبك من يوم ما شفتك اول مره وانا لسه عيل فى اعدادى ما اعرفش يعنى ايه حب بحبك . بحبك لا من قبلها من اول ما امى ولدتنى وعيونى لسه ما فتحتش على الدنيا قلبى فتح على حبك واتكتب على قلبى يحبك بحبك لا من قبلها من يوم ما ربنا كتب عنده مقادير الخلق وكتب عليا انه يخلقنى كتب عليا انى احبك بحبك وحاعيش عمرى كله احبك واموت وانا بحبك ولو ما عملتش حاجه فى حياتى غير انى احبك كفايه وحافضل احبك
قبل يديها برجاء مستعطفا ونظر اليها بلهفة وشوق فقالت
داليا ط : يعنى بقالك سنين ساكت ودلوقت حتفضل تتكلم من غير ما تلبسنى الخاتم ؟
اسرع يمسك بيدها يمطرها بالقبلات واخرج الخاتم من العلبة ووضعه فى اصبعها وقبل الخاتم بحب صافى احست به داليا كتيار خفيف لذيذ ينساب فى عروقها عبر خاتمه الذى استدار مطوقا اصبعها فقالت بدلال
داليا ط : محسن انا عاوزه ….
محسن : جاهز طبعا هو انا اقدر اجى من غيرها ؟
وضع يده فى جيبه ليخرج لها باكو شيكولاتة من النوع الذى تحبه
…………………..
وصل مصطفى مبكرا الى بيت حامد الهوارى فوجد فى انتظاره مهران ذراع حامد الايمن واقرب رجاله اليه الذى امره بعجرفة ان يدخل لتنظيف المضيفة فدخل مصطفى واخذ ينظف بهمة ويجمع الاوراق المهملة الملقاة على الارض حتى لمح جزءا مقطوعا من اسفل فرش احد المقاعد فمد يده يزيد من القطع واخرج الهاتف الذى كان يخبئه بين فخذيه ملصقا بشريط مطاطى عريض ( استك ) بعد ان جعله على وضع الطيران وبدا تشغيل التسجيل وبعد ان انتهى عاد الى مهران الذى قال
مهران : عاوزك دلوقت تغسل الكارته وتحمى الحصان وبعدها تبقى تغسل عربية الحاج الكبيره عاوزهم يبرقوا والا حادعك بوزك فى البلاط عاوزك تلحس الكاوتش بتاع العربيه بلسانك فاهم يا لطخ
مصطفى : تحت امرك يا ريس مهران وامر سيدى الحاج
انطلق مصطفى ينفذ ما طلب منه بهمة وجدية حتى انتهى ووجد ان حامد قد استيقظ ونزل الى المضيفة وطلب احضار الشيشة فاسرع مصطفى باحضارها ووضعها امامه وجلس على الارض يخدم حامد ويبدى له كل ما يستطيع من الخضوع والطاعة
بعد قليل قام حامد وخرج الجميع خلفه ومعهم مصطفى وركب حامد الكارتة وامر مصطفى ان يتبعه ماشيا ودارا على بعض الحقول حتى جلسا تحت تكعيبة فى احد الحقول واعد احد الرجال الشاى وحامد يتابع الحصاد وبعد قليل قام ليركب الكارتة مجددا ليستعد للانصراف وقبل ان يتحرك نظر الى الفلاحين فى الحقل وكان عددهم كبيرا بسبب موسم الحصاد فرفع صوته قائلا
حامد : واد يا مصطفى تعالى وطى امسحلى الجزمه يا حمار
اقترب مصطفى وهو يحاول الا يبدو عليه الغضب وانحنى يمسح حذاء حامد قائلا
مصطفى : خدامك يا سيد البلد
حامد : اعمل حسابك يا حمار بكره الصبح من بدرى تجيب الحريم اللى عندك فى البيت ينضفوا السرايه فاهم يا لطخ ؟
ضغط على فكه حتى كاد يكسره ولكنه قال محاولا ابداء طاعته واخفاء غضبه
مصطفى : فاهم يا سيد البلد ….. تحت امرك
عادوا الى السرايا وكان مصطفى يهرول خلفهم لاهثا وهناك وجدوا سيارة بانتظارهم فقال مهران
مهران : ده الريس عمران وصل يا كبير
حامد : خلى الرجاله يدوروا حوالين السور من بره واوعى حد يقرب
مهران : طيب والواد اللطخ ده امشيه ؟
حامد : لا لا يا مهران الواد ده لازم يدخل بس تخلى شنوانى يسيب كل اللى فى ايده ويخلى عينه عليه ما يبربشش حتى
مهران : بس يا كبير ….
حامد : اعمل اللى باقول عليه يا مهران الواد ده لازمله طعم يزغلل عينه علشان يكشف نفسه بس اهم حاجه عينيكم ما تغفلش بالذات شنوانى
ادخلوا مصطفى وامروه باحضار الشاى فذهب الى المطبخ وطلب من الخادمة اعداد الشاى وخرج سريعا الى الحديقة يحاول استراق السمع من اسفل شباك المضيفة فسمع حامد يقول بغضب
حامد : جرالك ايه يا عمران ركز معايا الخميس الجاى مش اللى بعده انا ميعادى مع الخواجه يوم السبت فى شرم الشيخ
شنوانى : بتعمل ايه عندك يا واد يا مصطفى
فوجئ مصطفى بشنوانى فاسرع يقول
مصطفى : باقطف نعناع علشان الشاى يا ريس شنوانى
شنوانى : مش لاقى نعناع غير هنا ؟
مصطفى : اول حوض شفته لما خرجت الجنينه انا خلاص اهه الحق اروح اغسلهم
انصرف الى المطبخ وحمل صينية الشاى وذهب الى المضيفة وطرق الباب ودخل
مصطفى : الشاى يا سيد البلد
حامد : تعالى حطه هنا واخفى
وضع الصينية وخرج عائدا الى المطبخ وبعد الغذاء رحل الضيوف وخرج حامد لتوديعهم وبعدها صعد لاعلى ودخل مصطفى المضيفة لتنظيفها واخراج الهاتف من مكمنه ولكنه خاف ان يفتشوه بعدما راه شنوانى يحاول استراق السمع ففكر قليلا وراى مزهرية على شوفينيرة بقرب الباب بها بعض الورود فعلق الهاتف بالشريط المطاطى واسقطه داخل المزهرية وخرج ليجد شنوانى ومهران فى انتظاره
مهران : تعالى هنا يا واد يا مصطفى تعالى معانا الحاج عاوزك .
اصطحباه الى غرفة صغيرة وحين دخلا صفعه مهران بقوة قائلا
مهران : كنت بتعمل ايه تحت الشباك يا ابن الكلب ؟
مصطفى : شباك ايه والله ما اعرف
مهران : شباك المضيفه يا جعر انت حتستعبط انطق قول كنت بتعمل ايه ؟
مصطفى : والله كنت باجيب نعناع حتى اسال الريس شنوانى انا اخدت نعناع من الحوض ومشيت على طول
مهران : اشمعنى الحوض ده بالذات ؟
مصطفى : اول حوض شفته لما خرجت ادور مش عارف مزروع فين اول حوض شفته والله وما اخدتش دقيقه ولا اعرف شباك ايه
مهران : فتشه يا شنوانى
قام شنوانى بتفتيش كل جيوب مصطفى ولكنه لم يجد فيها اى شيء فقال هازئا
شنوانى : اومال عاملين جيوب فى الجلابيه ليه يا ابن الكلب ؟ علشان تسيبها فاضيه ؟
مصطفى : وانت مستنى تلاقى ايه فى جيوبى فلوس ؟ هاها منين يا حسره اذا كنت راجع من مصر الهى ما اوعى ارجعها تانى شاحت اجرة السكه من اهل الخير وراجع حتى من البندر ماشى ربنا يسهل وتتملى من خير سيد الناس
مهران : طيب اجرى يا حمار سيدك طالع اوضته يرتاح اطلع علشان تقلعه الجزمه يا ابن الجزمه
وصفعه على قفاه ودفعه للخارج ومصطفى يحاول ان يضحك متظاهرا بعدم الاهتمام
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية دماء على اوراق الورود)