روايات

رواية دماء على اوراق الورود الفصل الخامس عشر 15 بقلم آثر توفيق

رواية دماء على اوراق الورود الفصل الخامس عشر 15 بقلم آثر توفيق

رواية دماء على اوراق الورود الجزء الخامس عشر

رواية دماء على اوراق الورود البارت الخامس عشر

دماء على اوراق الورود
دماء على اوراق الورود

رواية دماء على اوراق الورود الحلقة الخامسة عشر

اتصل قائد الشرطة العسكرية بحاتم بعد يومين طالبا لقاءه فذهب اليه حاتم على الفور
حاتم : خير يافندم
القائد : كل خير ان شاء الله انا فكرت كويس فى الموضوع ده ولقيت ان الافضل اننا نحتفظ بالناس دول كظهير شعبى لينا لو قدرنا نخفف احكامهم حيبقوا سند لينا وامان لاننا محتاجين تكاتف الجيش مع الشعب علشان نحمى البلد
حاتم : كلام جميل جدا وواقعى طيب نقدر نعمل ايه ؟
القائد : انا ما اقدرش طبعا اقفل الموضوع نهائى لكن المحاضر اتعملت ان كان فيه خناقه فى الكافيه بين حضرتك وبين بعض الاشخاص اخترت اسماؤهم من اللى ما عندهمش سوابق يعنى استبعدت محروس من الاخر وحتتحول للمحكمه وممكن حضرتك تروح تتنازل فى المحكمه
حاتم : وبكده يطلعوا براءه ؟
القائد : لا احنا بنديهم الفرصه لكن لازم نفضل ماسكينهم هم حيحتاجوا محامى شاطر علشان يقدر ياخد احكام بسيطه وغالبا حتبقى مع ايقاف التنفيذ وده يبقى سلاح ذو حدين اولا طلعناهم من مشكلتهم وثانيا لو عملوا مشكله تانيه وما كانوش فعلا ناويين يتصلحوا وعملوا اى غلطه تانيه حيتنفذ عليهم الحكم الجديد والقديم كمان
حاتم : انا حاشوف المحامى واتكفل بكل المصاريف وبعد خروجهم حادبر لهم شغل واتابعهم وحابقى ان شاء الله متابع مع سعادتك باستمرار
القائد : هو ده اللى احنا محتاجينه توفير فرص عمل لان البطاله والجهل هم اعدائنا اللى لازم نركز فى حربنا معاهم اولا وبعدها نقدر نواجه الاعداء الخارجيين بقوه
…………………
تم الافراج عن معظم المتهمين والابقاء على خمسة فقط منهم جابر حتى تقدم محامى للدفاع عنهم طالبا الافراج عنهم بكفالات لحين نظر الدعوى وتكفل حاتم بالكفالات وكل مصاريف التقاضى حتى الانتهاء تماما من القضية وقد كون صورة كاملة على ما ينوى فعله معهم بعد الافراج عليهم
اما الان فقد حان وقت الاهتمام بالعمل قليلا
بدا حاتم فى تصفية معظم اسهمه فى البورصة والتقليل قدر الامكان من خسائره فيها ثم بدا يعيد اتصالاته بالمجموعة الماليزية التى كانت قد ابلغته بالتوقف مؤقتا عن تنفيذ المشروع المشترك بسبب اضطراب الاحوال الامنية والاقتصادية بعد احداث يناير 2011 ودعاهم للحضور لمصر لمحاولة اقناعهم بالبدء فى الخطوات الفعلية للمشروع ووعدوه بالرد والزيارة فى اقرب فرصة
………………….
بعد عام من العزلة بدات داليا فى الخروج من منزلها للهروب من شبح الوحدة والاكتئاب
بدات اولا فى التنزه فى الشوارع المحيطة بالمنزل حتى عثرت قريبا من المنزل على حديقة واسعة بها بعض المقاعد الخشبية وتمتلئ باشجار الورود والنباتات العطرية كالريحان والفل فاصبحت تذهب للجلوس بها يوميا وفى نهاية اليوم تعود لمنزلها وقبل الصعود كان تمر على السوبر ماركت الموجود اسفل المنزل والذى يملكه الحاج منيع القحطانى صاحب المنزل لشراء لوازمها
دخلت للسوبر ماركت واشترت بعض اكياس المكسرات وقطع الشيكولاته وذهبت للكاشيير وقبل ان يحين دورها حضر الحاج منيع وصرف الكاشيير ووقف مكانه لمحاسبتها
منيع : اهلا اهلا يا ست الستات انتى نورتى المحل
داليا : اهلا بيك يا حاج شوف حساب دول كام ؟
منيع : ما تشغليش بالك خديهم وحسابهم وصل
داليا : ميرسى يا حاج معلش شوف حسابهم
منيع : خلاص اللى يريحك هاتى عشره ريال
داليا : ازاى يا حاج ؟ دول حاجات ييجوا بخمسين ريال
منيع : اه اه اصل يعنى علشان انتى من سكان العماره ليكى خصم مخصوص
داليا : والخصم ده لكل سكان العماره ؟
منيع : هاه ؟ اه اه طبعا بس مش كلهم نفس الخصم انتى بتيجى تنورى المحل وده كله مش من مقامك
داليا : طيب متشكره يا حاج كنت عاوزه اسالك على حاجه هو مافيش هنا اماكن اقدر اتمشى فيها اغير جو واشوف حاجات اشتريها ؟
منيع : اه طبعا فيه منطقة المولات اركبى اى تاكسى قوليله عاوزه اروح عند مول العالميه او الوطنيه حتلاقى خمس او ست مولات جنب بعض
داليا : متشكره جدا يا حاج
بدات داليا تذهب الى منطقة المولات حيث وجدت هناك فى بعض المولات كافيهات مخصصة للنساء فقط ممنوع تواجد الرجال فيها الا عامل ومدير غالبا من الهنود او البنجلاديش وبدات تعتاد على الذهاب لشرب القهوة والتسوق وشراء العباءات والاحذية والعطور والتجول بين المحلات لمشاهدة المعروضات لمجرد التغيير ولكنها بدات تلاحظ ان الحاج منيع قد وضع مقعدا امام السوبر ماركت يجلس عليه ليراها فى دخولها وخروجها كما لاحظت انه يتعمد لمس يدها حين تدفع مقابل ما تشتريه وانه دائما يحاسبها باسعار اقل كثيرا من الثمن المكتوب على السلع فقررت عدم الذهاب للسوبر ماركت مرة ثانية
…………………
خرج جابر ومن معه بكفالة لحين الفصل فى الدعوى وذهب بصحبة محروس فورا لمقابلة حاتم فى الكافيه بعد العصر
جابر : السلام عليكم يا حاتم باشا
حاتم : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حمد الله على السلامه يا رجاله اتفضلوا
جابر : ما يصحش يا باشا احنا جايين نشكرك على وقفتك جنبنا
حاتم : انا الحمد لله ربنا قدرنى احل المشكله اللى انا عملتها
جابر : العفو يا باشا المشكله احنا السبب فيها والغلط عندنا ولو كنا اتحبسنا كان يبقى جزاءنا
حاتم : مش عاوزين نتكلم كتير فى اللى فات ومين السبب احنا ننسى اللى فات ونبدا صفحه جديده واول سطر فى الصفحه دى تقعدوا علشان نتكلم فى المفيد
جلس جابر ومحروس وطلب لهما حاتم قهوة ثم قال
حاتم : قوللى يا جابر انت ورشتك محتاجه عده قد ايه علشان تشتغل ؟
جابر : محتاجه فلوس كتير يا بيه ومافيش منها قرش متوفر وحضرتك عارف ان الورشه فى المكان ده ايجارها بمبلغ حتى لو محل عادى وانا ممكن اشتغل اى شغل انا ومحروس
حاتم : يعنى تقفل ورشتك اللى تعبت فيها وتضيع اسمك وزبونك وتروح تدور على شغل تانى ؟ انا شايف ان ده مش حل عملى شوف يا جابر انا مستعد اديلك الفلوس اللى تحتاجها علشان تجيب العده وتشغل الورشه تانى وتبقى انت ومحروس فيها وممكن كمان تشغل معاك واحد او اتنين من الشباب اللى معاك والباقى انا بافكر لهم فى شغل كويس وقريب حاكلمك فيه
جابر : بس كده يا باشا حيبقى دين على الورشه وعليا حيتسد ازاى وامتى ؟
حاتم : لا مش مهم يتسد ازاى وامتى المهم ان الفلوس اللى حتيجى من الورشه حتفتح كام بيت ؟ الدين ده يخصنى ولو سديته بعد عشر سنين انا مش حاقول لا طول ما انا شايف الورشه مفتوحه والناس بتاكل عيش منها بالحلال اسمع يا جابر اللى باقوله ده كلام بالعقل يحل مشاكل ويفتح بيوت انما الكسوف والحيا مش حياكلوا العيال الصغيره انت قلتلى ان كان معاك صنايعيه تانيه فيهم حد بيشتغل فى السيارات برضه ؟
جابر : اه كان فيهم واحد كهربائى وواحد سروجى
حاتم : خلاص انا شايف المحل اللى جنب الورشه مقفول بقاله فتره طويله نشوف مين صاحبه ونأجره ويبقى مركز صيانه متعدد وتدوروا على واحد بتاع دوكو كمان معاكم وساعتها بقى تقدروا تعلموا خمسه سته من الشباب اللى معاكم والباقى سيبوهم على الله وعليا
محروس : كلام حضرتك صح يا حاتم باشا وعين العقل واحنا موافقين عليه وتحت امرك مش كده يا جابر ؟
جابر : خلاص يا باشا احنا حنقعد نكتب كل العده اللى محتاجاها الورشه ونشوف باقى زمايلنا وحضرتك موضوع المحل التانى حنسيبه على الله وعليك
حاتم : تمام شوفوا كل اللى محتاجينه وانا تحت امركم
………………….
اعتادت داليا على الخروج الى المولات يوميا وامتنعت تماما عن الذهاب للسوبر ماركت وكانت كل مساء تنتظر على لتصب عليه جام غضبها ومر عدة اشهر على هذا الحال حتى جاوزت العام والنصف وذات يوم حين دخولها الى الكافيه فى مول العالمية وجدت فى انتظارها مفاجاة اذهلتها !!!
وجدت حاتم جالسا على طاولة جانبية منعزلة تلاصق الحائط كانت تعتاد على الجلوس بها لمتابعة ما حولها فى صمت اثناء شرب القهوة لم تصدق عينيها اول الامر حاتم هنا ؟ وفى هذا المكان بالذات بعد ان تملك منها الياس ؟ لقد فقدت كل امل فى العودة لمصر ورؤيته مجددا ولكنها تراه الان امامها وفى هذا المكان بالذات هذه حقا معجزة !
اندفعت نحوه وكادت تحتضنه ولكنه اشار اليها بابتسامة لتجلس فى مواجهته متسائلة
داليا : انا مش مصدقه عينيا انت جيت هنا امتى وازاى ؟ وبعدين ازاى دخلت الكافيه وده مخصص للحريم بس ؟
حاتم : كان لازم اشوفك انتى وحشتينى جدا بقالك مده طويله
داليا : اااه يا حبيبى بقالى اكتر من سنه ونص انا كنت خلاص يئست
حاتم : انا جيت مخصوص علشان اقول لك حاجه مهمه جدا
داليا : هى ايه ؟
حاتم : بحبك
شعرت داليا ان جسدها كله يرتعش ولم تصدق اذنيها وهزت راسها كأنما لتفيق قائلة
داليا : انت قلت ايه ؟ انا زى ما اكون سمعت حاجه مش عارفه صح واللا غلط
حاتم : بحبك بحبك اكتر من روحى وكل اللى عاوزك تعرفيه انى باحبك وانى ندمان انى ما اعترفتش بحبى قبل السفر وندمان انى سافرت اصلا وسيبتك
داليا : ما تزعلش مش مهم كل اللى حصل مش مهم كل المهم انك اخيرا قلتلى الكلمه اللى كنت باعتبرها مستحيله وعاهدت نفسى ما اطلبهاش
حاتم : الكلمه دى كان لازم اقولها يوم ما اتقابلنا اول مره فى النادى فى حفل الربيع
حضر الجرسون ليسالها عن طلباتها فقالت لحاتم بدلال
داليا : حتعزمنى على ايه يا حبيبى ؟
حاتم : اطلبى انتى اللى يعجبك
داليا : ( للجرسون ) ادينا اتنين قهوه زياده بن محوج
نظر اليها الجرسون بدهشة وسال للتاكيد
الجرسون : اتنين يافندم ؟
داليا : ايوه وعاوزه قزازة ميه معدنيه كبيره وكبايتين
ثم نظرت لحاتم بعشق قائلة
داليا : عاوز حاجه تانيه يا حبيبى ؟
ابتسم حاتم بحب ولم يرد وانصرف الجرسون لياتيها بالطلبات ولكنه اتجه الى مدير الكافيه اولا قائلا
الجرسون : على فكره يافندم الست اللى على ترابيزه 7 مش طبيعيه بتكلم نفسها
المدير : خلى عينك عليها ولو لقيت اى قلق نادى الامن
فى ذلك الوقت كانت داليا تحدث حاتم قائلة
داليا : انا مش مهم عندى كل العذاب اللى شفته ومستعده اتحمل اكتر منه كفايه انك جنبى وصرحتلى بحبك
حاتم : ياريت اقدر اكون جنبك
داليا : انت جنبى دلوقت يا حبيبى
مدت يديها لتمسك يديه ولكنها لمحت نظرة حزينة فى عينيه وغابت الابتسامة عن وجهه وقبل ان تتلامس ايديهما اختفى فجاة فشعرت بالذعر وتلفتت حول نفسها تبحث عنه فلمحت نظرات الخوف والارتياب فى عيون الجالسات من حولها واحست بالحرج وادركت انها كانت تحلم وتكلم نفسها فلملمت اغراضها وانصرفت
…………………..
ذهب حاتم لتناول العشاء فى المطعم المفضل لها وحجز نفس المائدة وطلب وضع بعض الشموع عليها مع عشاء خفيف لم يكن راغبا فى الطعام بقدر رغبته فى استعادة بعض ذكرياتهما السعيدة معا
تلك الذكريات كانت اجمل ايام حياته التى اضاعها بتردده تذكر يوم حفل الربيع الذى كان اخر حفل يحضره فلم تعد لديه اى رغبة فى حضور الحفلات بل لم تعد لديه الرغبة فى الذهاب لاى مكان الا الاماكن التى جمعتهما معا
شرد قليلا مع ذكرياته وفجأة ظهرت امامه هل هى حلم ام حقيقة ؟ كيف جاءت هنا وهى مسافرة لا يعرف لها طريقا ؟ كان حلما بالتاكيد وكان يدرك ذلك فى قرارة نفسه ولكنه مع ذلك شعر بفرحة طاغية وبعد فترة من الصمت نطق اخيرا بكلمة واحدة
حاتم : بحبك
ابتسمت ابتسامة حزينة شعر معها انها تعانى وحدها وقالت باسى
داليا : استنيتك كتير قوى علشان تقولها
حاتم : اسف انا عارف انى غلطان خبيت مشاعرى واترددت كتير خفت يكون حبك وهم لكن حبك كان الحقيقه الوحيده فى حياتى انا مخلوق فى الدنيا علشان احبك بحبك وندمان انى ما قلتهاش قبل سفرى بحبك وندمان حتى على سفرى
داليا : مسامحاك يا حبيبى لكن تعبانه انا لوحدى وانت بعيد قوى عنى وحشتنى قوى
حاتم : انتى كمان وحشتينى قوى نفسى المسك واخدك فى حضنى واعوضك عن العذاب اللى شفتيه
داليا : وعرفت منين انى باتعذب ؟
حاتم : قلبى حاسس انك بتتعذبى لوحدك ومع الاسف مش قادر اوصل لمكانك علشان اخلصك من العذاب ده وافديكى بروحى وعمرى
داليا : اهلى ظلمونى كلهم ظلمونى
كانت تتكلم بحزن حتى انه شعر انها تبكى رغم انه لم يرى دموعها ولكنه شعر بها كجمرات من نار تكوى قلبه فقال باصرار
حاتم : وحياة حبك وده اغلى حاجه عندى لازم كل اللى ظلمك يشوف الويل على ايدى ولو كان انا اقسم بحياتك انى لازم اخلص تارك وارد لك كل حقوقك حتى لو كان التمن عمرى
داليا : عمرك وروحك اغلى عندى من الدنيا وما فيها ما يهمنيش حقوقى اللى راحت والظلم اللى شفته على ايديهم وما يهمنيش حتى العذاب اللى عايشاه دلوقت بسببهم كل اللى يهمنى انك تكون بخير وانى اشوفك تانى ولو بعد عمر طويل
حاتم : حنتقابل يا داليا حنتقابل وساعتها حنعوض اللى فاتنا ونعيش فى سعاده لاخر يوم فى عمرنا
عاودتها الابتسامة الحزينة وذهبت كما جاءت وكما ظهرت اختفت
………………….
عادت داليا الى منزلها ومشاعرها تتارجح بين الحزن والفرح لا تدرى اتحزن لحالها ام تفرح بزيارة طيف حبيبها التى بعثت فيها الامل والسعادة
هل قال انه يحبها ؟ نعم قالها وكررها مرارا واكدها ولكن هل كان طيفه وهما نسجه خيالها المشتاق ام انه رسول من حبيبها يبلغها رسالة تبث فيها الطمأنينة والامل ؟
اخرجها من خواطرها دخول على الذى وصل الى البيت وجلس فى الصالة متململا فتجاهلته لانها لم تكن ترغب فى رؤيته او توبيخه اليوم الا انه بعد قليل اقترب من حجرة المعيشة التى تجلس فيها ووقف على الباب قائلا
على : انا جايلى شغل تانى
داليا : شغل ايه ده ؟
على : شغل احسن وبعموله اكبر
داليا : ماشى روحه
على : بس المشكله انه مش هنا ده فى الجنوب فى بلد اسمها القنفذه
داليا : ايه ؟ دى فين دى ؟
على : دى فى الجنوب فى محافظة اسمها المظيلف وفيه سكن تبع الشركه برضه
داليا : انا لا رايحه جنوب ولا شمال انا مش حاتحرك من مكانى لحد ما ارجع
على : بس دى وظيفه احسن بكتير حرام تضيع مننا
داليا : ما تضيعهاش روح وتعالى فى الاجازات يعنى انت هنا عامل ايه ؟ على الاقل ترحم نفسك من ضرب الجزم كل يوم
على : لكن ده ممنوع ولو حد عرف حتبقى مشكله
داليا : لو حد عرف يبقى يحلها ربنا روح انت مالكش دعوه وغور من وشى ماليش نفس الطشلك
#دماء_على_اوراق_الورود
#الجزء_الاول
بدات الامور تستقر مع حاتم بعد انتهاء القضية وخروج الجميع وبعدها دعا حاتم لاجتماع فى الكافيه حضره كل رؤساء اتحادات العمارات فى المربع السكنى واقترح عليهم تشغيل الشباب كأفراد امن للمربع وتوفير زى موحد واكشاك فى مداخل الشوارع الداخلة للمربع السكنى على ان يتم اشهار اتحاد للشاغلين فى المربع وتحرير عقود عمل للعاملين تحدد التزامات وحقوق الافراد وكان يهدف الى امرين
اولا توفير الامن للمنطقة السكنية فى ظل الاضطراب الامنى
ثانيا توفير فرص عمل للشباب وغيرهم بعد ذلك برواتب معقولة
وبالفعل وافق الجميع على الاقتراح وتم ترشيح استاذ عبد الرحمن التربوى المتقاعد رئيسا لاتحاد الشاغلين ودكتور مصطفى امينا للصندوق وكان حاتم يشرف على عمل الافراد
كانت الخطوة التالية الناجحة فى مسيرة حاتم هى زيارة الوفد الماليزى لمصر حيث استضافهم لمدة اسبوعين اصطحبهم فى جولات سريعة الى القاهرة والاسكندرية والفيوم وبعد زيارة الارض المخصصة للمشروع فى برج العرب قدم تعهدات بضمان مساهمتهم فى المشروع وتم الاتفاق فى النهاية على البدء فى تنفيذ المشروع .
ومرت الايام وبعدها شهور حتى مر على غياب داليا قرابة العامين وحاتم لازال على محاولاته للعثور على اى معلومات عنها بلا جدوى ولكنه قرر الانخراط فى العمل وانجاح المشروع حتى تعود لتجده لازال صلبا قادرا على تعويضها عما اصابها فى الغربة
وفى صباح احد الايام استيقظ حاتم باكرا وابدل ملابسه استعدادا للخروج وكانت سعديه تمارس عملها فى الطابق الاسفل
حاتم : مش عاوزه حاجه منى يا سعديه قبل ما انزل ؟
سعديه : بعد اذنك يا استاذ حاتم بكره الخميس كنت عاوزه اخد اجازه واشتغل الاتنين بداله
حاتم : عادى يا سعديه براحتك انتى عندك حاجه مهمه ؟
سعديه : ايوه مهمه قوى اصل عقبال عندك بكره جاى لنا ناس يتقدموا لمديحه بنتى
حاتم : معقول مديحه الصغيره دى كبرت وبتتخطب ؟
سعديه : مين اللى صغيره يا بيه ؟ مديحه دلوقت عشرين سنه العمر بيجرى
حاتم : بسم الله ما شاء الله طيب انتى كان واجب تاخدى النهارده كمان اجازه علشان تلحقى توضبى بيتك يمكن قرايبك ييجوا بدرى تكونى جاهزه
سعديه : قرايب مين يا بيه ؟ احنا مالناش حد انا الصبح حاوضب البيت والناس حييجوا الساعه سته
حاتم : معقول ؟ يعنى ماحدش من اهلك جاى خالص ؟
سعديه : يا بيه مالناش غير ربنا وبعدين انا بمية راجل ما تخافش عليا
حاتم : طيب اسمعى يا سعديه الناس لما يلاقوا ست لوحدها ممكن ييجوا عليها فى الاتفاق بعد اذنك ممكن تعتبرينى ابنك واجى احضر القعده معاكى ؟
سعديه : انت بتتكلم جد يا بيه ؟ معقول حتيجى تقعد مع الناس ؟
حاتم : ده اذا سمحتيلى اكون ابنك واخو مديحه
سعديه : ده شرف كبير يا بيه دى زيارتك دى اغلى عندى من خطوبة مديحه
حاتم : لالالا اسمعى انا حاجى بس مش ضيف انا جاى بيتى وبيت امى واختى . اسمعى انتى اكيد حتحتاجى فلوس علشان مصاريف العزومه ياريت ما تقوليش لا
واخرج من جيبه مبلغا من المال اخذته منه قائلة
سعديه : انا مش قادره اقول لا المره دى لكن ياريت تعتبره سلفه
حاتم : لا انا حاعتبره هديه منى لمديحه واظن دى ما فيهاش حاجه
سكتت وهى تعرف انه محق وانها تحتاج للكثير جدا واودعت النقود فى حقيبتها دون ان تحصيها فقال حاتم
حاتم : انتى تقدرى تروحى دلوقت وانا حاجيلك بكره الساعه اتناشر الضهر علشان نتفق على الكلام اللى حنقوله
انصرف حاتم الى مكتبه وعاد اخر اليوم الى الكافيه لينادى عمرو الجرسون
حاتم : تعالى يا عمرو عاوزك
عمرو : تحت امرك يا حاتم بيه
حاتم : انت متجوز يا عمرو ؟
عمرو : ايوه يا باشا من سنه
حاتم : كويس كنت عاوز اخد فكره عن الاتفاقات فى المناطق الشعبى العريس بيجيب ايه والعروسه عليها ايه كده يعنى
…………………
فى اليوم التالى ذهب الى بيت سعديه مبكرا وقد كون فكرة جيدة عن اتفاقات الزواج ولم تكن سعديه موجودة بالمنزل واستقبلته مديحه بترحاب وادخلته الى الصالون
مديحه : منور بيتك يا استاذ حاتم الصراحه انا فرحت قوى لما امى قالت انك حتجيلنا النهارده علشان تقابل الناس معانا اهو كده بقالنا راجل نتسند عليه
حاتم : انا برقبتى يا مديحه هى امك حتغيب ؟
مديحه : لا هى قالت قبل اتناشر حتكون رجعت تحب تشرب قهوه ؟
حاتم : لو بتعرفى تعمليها زى امك ماشى بس قبل القهوه اقعدى عاوز اتكلم معاكى كلمتين قبل ما امك تيجى
جلست مديحه قائلة
مديحه : خير يا استاذ حاتم ؟ على فكره حتى لو امى موجوده انا عمرى ما خبيت عنها حاجه
حاتم : خبيتى ايه ؟ هو انا قلت مخبيه حاجه ؟ انا عاوز اسالك عن العريس
مديحه : ماله ؟ ده شاب من منطقتنا هنا راجل متدين واخلاقه كويسه واهله ناس طيبين بس ده كل اللى اعرفه عنه
حاتم : يعنى ما تعرفيهوش قبل كده ؟ ما اتكلمتوش مع بعض ؟
مديحه : لا والله يا استاذ حاتم عمرها ما حصلت لا هو ولا غيره هو انا بتاعة الكلام ده ؟
حاتم : انا مش قصدى حاجه يا مديحه انا اقصد يمكن طلب يكلمك علشان يعرف رايك قبل ما يتقدم
مديحه : ابدا والله دى واحده جارتنا كلمت امى وبعدها امه جت زارتنا واتفقت مع امى ان الرجاله حييجوا النهارده يتقدموا رسمى ده كل الموضوع
حاتم : مصدقك بس كنت عاوز اعرف انتى ايه رايك فى العريس ؟
مديحه : صراحه هو ما يتعيبش اخلاقه عاليه ومتدين ومحترم واهله ناس طيبين ووظيفته معقوله وكمان شكله كويس وسنه مناسب شاب لسه ما كملش التلاتين
حاتم : طيب يعنى انا شايف فيه قبول يبقى على خيرة الله قومى بقى اعملى القهوه
وصلت سعديه ورحبت بحاتم وسالها مباشرة
حاتم : قوليلى بقى انتى عامله حسابك على ايه ؟
سعديه : والله يا بيه انت عارف ظروفنا ومافيش حاجه مستخبيه عليك انا ما عنديش مقدره الا الحاجات اللى جبتها الهدوم وحاجة المطبخ
حاتم : بس فيه حاجات عليكى المفروض تيجى
سعديه : يا بيه دى امكانياتنا ان كانوا موافقين ويشيلوا الشيله ماشى مش موافقين ادى الله وادى حكمته
حاتم : طيب اسمعينى قبل ما تيجى مديحه انتى مش شايفه ان لما يشيلوا الشيله لوحدهم حترخصى بنتك ولو رفضوا حتميلى بختها ؟
سعديه : يعنى بايدى ايه اعمله اكتر من اللى عملته ؟
حاتم : طيب اسمعى بقى علشان ده وقت الجد زمان لما المرحوم عامر اتوفى رفضتى انى اعمل له معاش واساعدك وصممتى تشتغلى واخدتك عزة النفس وانا ايامها كنت لسه صغير وما قدرتش اقنعك وقلت ماشى خليها براحتها وخليتك تيجى شقتى علشان ما تتبهدليش وده الى قدرت عليه وقتها لكن دلوقت الوضع مختلف ده مستقبل بنتك وحياتها ومساعدتى ليكى ما تقللش ابدا منك . عم عامر الله يرحمه كان سواق المرحوم والدى سنين طويله وهو اللى علمنى السواقه ويعتبر مربينى وانا باعتبر نفسى زى ابنك انا باقول سعديه كده تعود انما ربنا العالم معزتك زى امى ومديحه دى اختى وانتم ليكم حقوق فى رقبتى
سعديه : حضرتك تقصد ايه يا بيه ؟
حاتم : اقصد ان اللى ناقص لمديحه انا حاكمله والتزم بيه وطالما الراجل اخلاقه كويسه وحيحافظ عليها يبقى على خيرة الله والكلام ده مش حاقبل تراجعينى فيه انا مصمم ومش حاقول اسيبك على راحتك
سعديه : انا اسفه يا بيه مش حاقدر اقبل صدقه من حد
قام حاتم وقال بحزن
حاتم : يبقى انتى كده بتطردينى ومش معتبرانى ابنك
سعديه : ماعاش اللى يطردك ده بيتك وكرامتك محفوظه وربنا العالم بمعزتك عندنا
حاتم : انا مش حاسس بكده ولا حاسس انه بيتى زى ما بتقولى
سعديه : طيب بس اقعد يا بيه حقك عليا انت عارف ان عامر الله يرحمه مات وسابلى بنتى عشر سنين تعبت وشقيت عليها علشان اربيها بعرقى ولا كان جنبى خال ولا عم ولا اى قريب يسندنى واتعودت اشيل الحمل لوحدى
حاتم : انا عارف ان عزة نفسك كبيره بس ده واجب عليا دى مش صدقه المرحوم عامر مات فى حادثه قضاء وقدر يعنى كان فى شغله وله حقوق على اصحاب الشغل غير انه فضل سواق والدى سنين طويله واى موظف من حقه معاش ومكافاة نهاية خدمه اعتبرى دى مكافاة نهاية الخدمه لعم عامر وجت فى وقتها بلاش كده النبى قبل الهديه اعتبرى دى هديتى لاختى وما تزعلينيش
سعديه : غلبتنى بذوقك يا استاذ حاتم اللى تشوفه صح ولمصلحة مديحه اعمله واحنا تحت جناحك
حاتم : ايوه كده علشان نفرح يبقى لو العريس كويس وجاهز نعجل بالفرح واللا ايه رايك ؟
سعديه : خلاص يا استاذ حاتم اعتبر نفسك راجلنا والراى كله ليك
……………….
#دماء_على_اوراق_الورود
#الجزء_الاول
الحلقة الخامسة عشر
عاد حاتم فى المساء قبل الموعد بنصف ساعة لاستقبال الضيوف الذين حضروا فى موعدهم وبعد الترحيب بدا الاب بالتعارف
حسين : احب اعرفك بنفسى انا اخوك حسين عبد العال ابو العريس وموظف فى السكه الحديد مفتش محطة سيدى جابر وده ابنى محمد اكبر اولادى موظف برضه فى السكه الحديد امين مخازن وده اخويا الحاج حسن عبد العال موظف فى ميناء اسكندريه ودى الحاجه زينب والدة العريس
حاتم : تشرفنا يا جماعه انا اخوكم حاتم فريد قريب العروسه من بعيد واعتبر اخوها من الرضاعه الحاجه سعديه وجوزها الحاج عامر الله يرحمه هم اللى مربييننى
حسين : اتشرفنا بيك يا استاذ حاتم احنا جايين طالبين القرب منكم وبنتمنى يكون لينا نصيب ناخد الانسه مديحه لابنى محمد ومستعدين لكل طلباتكم
حاتم : انا سمعت عنكم يا حاج حسين انكم ناس طيبين وولاد اصول ومحمد شاب محترم ومتدين وعلى خلق واحنا يشرفنا نسبكم
حسين : الشرف لينا احنا يا استاذ حاتم احنا جايين لان اخلاق الانسه مديحه فوق الوصف وسمعة الحاجه امها زى البرلنت والحاج عامر الله يرحمه كان من خيرة الناس فى المنطقه ومحمد عاوز يكمل نص دينه بواحده بنت حلال تصونه ومش حيلاقى احسن منها
حاتم : على خيرة الله يا حاج حسين تسمحولى اخد موافقة العروسه ؟
دخل حاتم مع سعديه الى المطبخ حيث كانت مديحه مع بنتين من الجيران فسالها عن رايها النهائى فوافقت وعادوا الى الصالون وبعد دقيقة دخلت مديحه الى الصالون تحمل صينية الشربات
حاتم : قدمى لعريسك يا عروستنا على خيرة الله يا حاج حسين الف مبروك يا محمد
انطلقت الزغاريد من المطبخ والشارع حيث كانت سعديه تسكن فى الطابق الارضى وبعض الجيران يتابعون من الشارع واشار حاتم لمديحه بالجلوس بجوار محمد الذى اخرج من جيبه علبة من القطيفة بها خاتم من الذهب قدمه لها كهدية وبعد قليل استاذنت مديحه وذهبت للمطبخ لاعداد العشاء
حسين : تحب يا استاذ حاتم الخميس الجاى نقرا الفاتحه ونلبس الدبل ؟
حاتم : على خيرة الله انت ايه رايك يا محمد ؟
محمد : انا جاهز لو حضرتك تحب من بكره لكن علشان كلمة والدى يبقى الخميس الجاى باذن الله
حاتم : وتحبوا نتكلم فى التفاصيل امتى ؟
حسين : الوقت اللى يعجبك حتى لو تحب دلوقت احنا جاهزين وانا افضل ان محمد هو اللى يتكلم عن نفسه لانى معوده من صغره يعتمد على نفسه
محمد : يا استاذ حاتم احنا جايين وشاريين وعارفين ظروف الجماعه احنا ولاد منطقه واحده ومش طالبين اى حاجه منهم
حاتم : يا محمد ظروف مديحه وامها مستوره وزى الفل وكل اللى مطلوب من اللى زيها حنجيبه واكتر فى خلال شهر وده عهد عليا انا ان اى حاجه مطلوبه مننا تكون جاهزه واللا ايه رايك يا حاجه ؟
سعديه : الراى رايك والكلمه كلمتك يا استاذ حاتم انت راجلنا واحنا مفوضينك
حاتم : انت عندك شقه يا محمد ؟
محمد : ايوه يا استاذ حاتم شقتى بعد شارعين من هنا هى صغيره اوضتين وريسبشن وانا وضبتها وجبت كل الاجهزه وباقى العفش تروح الانسه مديحه تنقى العفش اللى يعجبها وانا مستعد
حاتم : خلاص على خيرة الله انت مستعد تجيب ايه من العفش ؟
محمد : اللى تطلبه ان شالله كله
حاتم : خلاص يبقى عليك اوضة النوم والانتريه واحنا علينا الصالون والسفره واحنا عندنا حاجة المطبخ كامله مش باقى غير شوية رفايع والنجف والسجاد
محمد : اسمحلى النجف والسجاد دول عليا وانا حاشيل التنجيد هديه منى للعروسه
حاتم : هديتك مقبوله يبقى على خيرة الله بالنسبه للشبكه احنا عاوزين حاجه هديه منك على حسب مقدرتك دى منك للعروسه زى ما تجيب
محمد : والله انا عامل حسابى على عشره للشبكه وكنت عاوز اعمل سلفه من المرتب بعشره كمان فوقهم
حاتم : لالا سلفه لا انا مش موافق تبتدوا حياتكم بديون العشره كويسين واحنا قابلين بيهم ان شاء الله بعد قراية الفاتحه تنزل مع عروستك تختاروا شبكه على قد فلوسك من غير جنيه سلف اما المهر كفايه المهر الشرعى زى ما يقول المأذون والمؤخر حيكون زى اللى بيتكتب لاى بنت فى المنطقه
حسين : كتر خيرك يا استاذ حاتم ربنا يكتر من امثالك شكلك يا محمد ربنا راضى عنك ومسهل جوازتك على ايد استاذ حاتم
محمد : والله انا مش عارف اقول ايه استاذ حاتم ابن اصول وكلامه كله عقل وحكمه حضرتك يا استاذ حاتم شاب من سنى صحيح انما عقلك فيه حكمة رجاله كبار واسلوبك يخلى مقامك عالى وعلى راسنا
حاتم : كتر خيركم يا جماعه والله انا باعمل بالحديث الشريف 《ان جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه 》 وانت يا محمد محترم ومتدين ولازم الواحد يتساهل معاك لانك باين عليك التقوى والطيبه وانا واثق انك حتصونها وتحافظ عليها
محمد : اوعدك يا استاذ حاتم انى حاشيلها فى عينيا وعمرى ما ازعلها ابدا علشان خاطرك اولا وثانيا لانها تستاهل محترمه وبنت ناس طيبين
وفى الاسبوع التالى تمت قراءة الفاتحة ولبس الدبل وبعدها اصطحبهم حاتم للعشاء فى ابو قير وكان برفقة العريس ابن خالته وزوجته وطلب حاتم اعداد ست مقاعد وترك المقعد المجاور له خاليا وجلسوا جميعا حول المائدة ونظر الى المقعد الخالى فراى داليا بجواره على المقعد الخالى وقبل ان يتكلم اشارت له بالصمت وبعد قليل استاذن فى التنزه على الشاطئ قليلا فقامت معه وبعد ان ابتعد نظر اليها بسعادة
حاتم : وحشتينى كان نفسى تكونى معايا النهارده
داليا : انا كنت معاك ودايما حاكون معاك انا معاك على طول
حاتم : بحبك
داليا : انا كمان بحبك وحبك هو اللى بيصبرنى ويدينى الامل فى اللقاء راجعالك
حاتم : هو ده الامل اللى انا عايش عليه ترجعيلى انا مستنى اليوم ده بفارغ الصبر
داليا : حييجى بس انت اصبر وكل ما تعوز تشوفنى خليك فى وسط الناس اسعدهم تسعدنى ساعدهم تفرحنى توعدنى ؟
حاتم : اوعدك
عاد حاتم اليها وجلس وسطهم سعيدا وقال معتذرا
حاتم : معلش ما كنتش عاوز اخرج معاكم لوحدى بس الظروف بقى
مديحه : ان شاء الله يوم خطوبتك احنا اللى نرد لك الجميل
ابتسم حاتم وتاملهما طويلا وهما يتناجيان فى سعادة وبعد قليل قال
حاتم : الليله دى من اسعد الليالى فى حياتى انا سعيد جدا وحاسس انى فى فرح اختى
قامت مديحه واتجهت اليه وقبلت راسه قائلة
مديحه : ربنا يخليك ليا يا استاذ حاتم انت حسستنى النهارده ان ابويا عايش وجنبى فى الليله دى
…………………..
اعتادت داليا بعد سفر على على الخروج يوميا وقضاء اليوم بالكامل فى الخارج كانت تذهب الى المولات والحدائق العامة وتجلس فى الكافيهات لتجلس هناك وحيدة تناجى طيف حاتم الوحيد الذى كان يخفف عنها مرارة الوحدة حتى ولو كان حلما كانت تراه يجلس امامها تشكو اليها فيسمعها ويسرى عنها ويمازحها حتى تضحك ثم تقوم للتجول بين المعارض لمشاهدة المعروضات من ازياء وعطور وتشترى احيانا اشياء تعجبها او اشياء تشتريها لمجرد التغيير .
وخلال كل ذلك لم تلحظ داليا نظرات التوجس والقلق فى العيون كلما دخلت احد الكافيهات ولم تلحظ ان كل الموائد القريبة منها تخلو تماما وان الجرسون يقف دائما بالقرب منها وكذلك لم تلحظ ايضا انه من لحظة دخولها لمول العالمية حتى لحظة خروجها كان هناك احد افراد الامن يتبعها كظلها لم تلحظ شيئا من ذلك لانها كانت فى شغل شاغل عن كل ذلك بهمومها وما آلت اليه حياتها
ومع مرور الوقت حاولت داليا ان تتعرف على بعض النساء فى الكافيهات لكنها كانت تلقى صدا ونفورا لم تعرف سببه وفى النهاية كفت عن المحاولة واكتفت بالوحدة والعزلة وطيف حاتم حتى وهى تعرف انه كان وهما
دخلت داليا الى الكافيه فى مول العالمية وطلبت قهوتها المعتادة وبعد قليل وجدت طفلة فى الخامسة من العمر تقريبا تلهو بين الموائد هذه تلاطفها وتلك تلاعبها وكانت الطفلة جميلة الوجه بيضاء ذات ملامح متناسقة وشعر اسود حريرى عقد فى جديلتين تنسابان على جانبى وجهها وثياب زاهية جميلة وكانت امها تجلس مع احدى صديقاتها تتبادلان الحديث فاقتربت منها داليا ووقفت فى طريقها تريد ملاعبتها
داليا : بسم الله ما شاء الله ايه الجمال ده اسمك ايه يا قمر ؟
انثنت على ركبتيها وامسكت ذراعى الطفلة وقربتها منها فراتها ترتعد خوفا دون ان تنطق فقالت لتطمئنها
داليا : انتى خايفه ليه ؟ مالك ؟ ما تخافيش
وهمت بتقبيلها ولكن الطفلة باعدت راسها عنها صائحة بجزع
كاظمه : يا ماما الحقينى الست المجنونه عاوزه تموتنى
وفجاة امسكت يد حازمة بيد الطفلة وجذبتها بعيدا عن داليا التى رات امامها ام الطفلة تقول بغضب
خديجه : انتى مالك ومال بنتى ؟ عاوزه منها ايه ؟
وقفت داليا وقالت بتردد
داليا : انا كنت باسلم عليها وباسالها عن اسمها بس
خديجه : ما تقربيش من اولادى من فضلك
داليا : يا مدام ما حصلش حاجه انا كنت بس …
قاطعتها بحزم وصوت عالى
خديجه : مش حاستنى لما يحصل حاجه ومش حاحذرك تانى ما تقربيش من اولادى والا مش حيحصل خير
لم تكن داليا تخشى تهديد المراة ولكنها لم تفهم سببا لتلك المعاملة الجافة من الجميع وكذلك لم تكن تريد الاطالة فى جدال عقيم فاستدارت بعيدا عنها معتذرة
داليا : انا اسفه يا مدام
ذهبت الى مائدتها المنعزلة تجلس وحيدة ولكن بعد ثوانى حضر اليها مدير الكافيه
المدير : مدام انا اسف لكن من فضلك مش عاوزين مشاكل هنا
داليا : مافيش مشاكل ولا حاجه انا اعتذرت لها ورجعت
المدير : انا اسف بس بعد اذنك اتفضلى علشان الشوشره
داليا : شوشرة ايه ؟ هو ايه اللى حصل لكل ده ؟
المدير : ما حصلش حاجه بس بعد اذنك اعتبرى طلباتك على حساب الكافيه واتفضلى بهدوء والا حاضطر اطلب الامن
قامت داليا وهى تجاهد لحبس دموعها واخرجت من حقيبتها نقودا تزيد عن قيمة طلباتها القتها على المائدة باهمال ونظرت لكل النساء الجالسات اللاتى حبسن انفاسهن ووارين وجوههن منها حتى انصرفت وفى تلك المرة لاحظت فرد الامن الذى كان ينتظر عند باب الكافيه ليتابعها حتى خروجها
………………….
خرجت من المول تمشى على غير هدى وهى تقاوم رغبتها فى البكاء وشعرت باختناق شديد فدخلت الى مول اخر واتجهت الى الحمام وافرغت كل انفعالاتها وبكت حتى هدات وغسلت وجهها ثم توجهت الى الكافيه الموجود بالمول وطلبت قهوة وجلست وحيدة وهى تشعر بالصداع يفتك براسها وفى النهاية خرجت متجهة الى الحديقة العامة وبعدها اخذت تتجول فى الشوارع حتى انهكها التعب وعادت لمنزلها فاستلقت على فراشها ونامت على الفور .
رات داليا فى منامها انها تائهة فى صحراء مترامية لا ترى سوى الرمال فى كل اتجاه ثم ظهر لها شيطان جبار وخلفه عدد من اعوانه وكبلها فى الارض واشعل حولها طوقا من النار تطوقها على شكل دائرة وهى فى وسطها ثم اعطى عصا غريبة الشكل لاحد اعوانه ليحرسها ويبقى النيران مشتعلة ومن بعيد ظهر حاتم يبحث عنها دون جدوى وهى تناديه ولكنه لا يسمعها وكان يمر فى طريقه بالكثير من الناس ينادونه ويطلبون مساعدته ولكنه لا يلتفت اليهم لانشغاله بالبحث عنها وبعد فترة توقف امام رجل ملقى على الارض لا يستطيع الحركة فاعانه على النهوض واعطاه شربة ماء فافاق الرجل واخرج من ثيابه سيفا طويلا ناوله لحاتم وتبعه فى رحلة البحث ومروا على رجل مربوط فى شجرة لا يستطيع التحرر فحرره حاتم وفك وثاقه فذهب الرجل خلف الشجرة وعاد ومعه فرس قوى اهداه لحاتم وتبعه ثم مروا على امراة مربوطة من عنقها بحبل مشدود الى الجبل يكاد يقتلها خنقا فحررها حاتم وخلع رداءه وستر جسدها فارشدته الى الطريق وتبعته وصار كلما مر على محتاج او عاجز يعينه فيعطيه سلاحا ويتبعه حتى زاد اعوانه وزادت اسلحته وفى النهاية وصلوا الى مكان داليا ودارت بين حاتم ومن معه وبين الشيطان واعوانه معركة حامية ولكنها استيقظت قبل ان تنتهى المعركة وهى تحاول التفكير فيما يعنيه الحلم فلا يسعفها عقلها فى تفسيره
…………………..
انقطعت داليا عن الخروج عدة ايام وبعدها عادت للخروج مجددا وذهبت الى مول العالمية كعادتها وصعدت الى الكافيه وكانت قد نسيت تماما ما دار فى زيارتها الاخيرة ولكن بمجرد جلوسها حضر اليها مدير الكافيه
المدير : مدام ارجوكى انا اسف لكن وجودك هنا غير مستحب
داليا : يعنى ايه ؟
المدير : يعنى اتفضلى بهدوء من غير مشاكل
داليا : وايه السبب ؟ انا صدر منى حاجه ؟
المدير : من غير سبب ارجوكى علشان ما اضطرش اطلب الامن لان لو الامن فشل يخرجك حاضطر اطلب الشرطه
خرجت تشعر بصداع عنيف وترغب فى البحث عن اى مكان اخر لشرب القهوة واخيرا ذهبت الى مول صغير مجاور وصعدت مباشرة الى الكافيه وهى تحدث نفسها انها لابد ان تتحلى بالقوة لمواجهة قسوة الحياة من حولها
فى الكافيه طلبت القهوة وبعد قليل دخلت امراة ونظرت يمينا ويسارا ثم جلست على مائدة قريبة وتذكرت داليا انها رات تلك المراة كثيرا من قبل لم لا تحاول ؟
اقتربت منها قائلة بابتسامة لطيفة
داليا : صباح الخير
المراة : صباح الخير عاوزه حاجه ؟
داليا : اصلى شفتك كتير قبل كده وكنت عاوزه اتعرف عليكى
نظرت اليها المراة بحذر وقالت بعد تفكير
المراة : انا اسفه انا ما اعرفكيش وما عنديش رغبه اتعرف عليكى
اختفت الابتسامة من على وجه داليا وقالت بصوت مبحوح
داليا : انا صدر منى حاجه غلط لا سمح الله فى حقك ؟ يعنى فيه سبب ؟
صمتت المراة طويلا تفكر فى الرد وفى النهاية قالت
المراة : اسمعى الكل بيقولوا عليكى مجنونه وصراحه انا شفتك اكتر من مره فى اكتر من مكان بتكلمى نفسك وتضحكى احيانا واحيانا تبكى انا صراحه مش عارفه ان كنتى عاقله واللا مجنونه واللا حتى عندك ظروف لكن ده ما يهمنيش ومش عاوزه اعرف ومش عاوزه اتعرف على حد
ختمت المراة كلامها ثم نهضت لتلملم اغراضها وتنصرف تاركة داليا فى ذهول وحاولت ان تجلس قليلا ولكنها شعرت ان كل العيون تترصدها وان الكل يتهامس عليها .
الان فقط عرفت سر ابتعاد الكل عنها وعرفت سر خوف المراة على طفلتها نعم الان فقط ادركت ان الكل يراها مجنونة
#دماء_على_اوراق_الورود
#الجزء_الاول
اخر ايام احد الشهور والموافق يوم الخميس
نزل حاتم للطابق السفلى فوجد اثار التنظيف ولكنه لم يجد سعديه وكان فى عجلة من امره ولكنه يرغب فى منحها راتبها الشهرى قبل الانصراف جلس ينتظرها وهو يلومها فى سره على رفضها الدائم شراء هاتف محمول فهى من الجيل القديم الذى لا يحب التغيير .
حضرت بعد قليل ولم يطل انتظاره كثيرا
حاتم : انتى كنتى فين يا سعديه ؟ انا مستنى اقبضك
سعديه : مستنى مخصوص يا استاذ حاتم ؟ كان بكره واللا بعده هى الفلوس حتطير ؟ انا خلاص جوزت البت وما بقيتش مستعجله على حاجه
حاتم : انتى عارفه ما باحبش ااجل التزاماتى واحب اللى عليا اخلصه فى وقته
سعديه : عارفه معلش اصلى ما لقيتش صابون مواعين نزلت اشتريت
حاتم : وما بعتتيش سعيد ليه ؟
سعديه : والنبى سيب سعيد فى حاله ده مراته حتولد
ومحتاس من الصبح وانا طالعه كان رايح يجيب تاكسى من اول الشارع
حاتم : ايه وما قالش ليه الغبى ده ؟ خدى امسكى فلوسك
ناولها الظرف المغلق واخرج هاتفه يتصل بسعيد
حاتم : ايوه يا سعيد ارجع بسرعه ما تجيبش تاكسى انا حاوصلكم
سعيد : كتر خيرك يا باشا احنا مش عاوزين نتعبك
حاتم : اسمع الكلام يا سعيد انا حانزل استناك تحت ما تتاخرش
اسرع ينتظر امام العمارة وعاد سعيد مسرعا وتعانوا على اخراج زينه ووضعها فى السيارة من الخلف وبجوارها حقيبة بلوازمها وركب سعيد بجواره وانطلقوا .
ذهب حاتم الى مستشفى خاص قريب من المنزل وحضرت الطبيبة للكشف عليها وامرت بدخولها غرفة العمليات بينما ذهب حاتم لسداد المصروفات وعاد لينتظر مع سعيد
بعد ساعة خرجت الطبيبة لتبلغهم ان العملية تمت بخير وانجبت طفلة جميلة وان الام والمولودة بصحة جيدة فقام سعيد يرقص وهو يكاد يطير فرحا وبعد قليل اخبرتهم ممرضة ان زينه فى حجرتها فذهبوا اليها
سعيد : حمد الله على السلامه يا زينه الف حمد الله على سلامتك
حاتم : الف حمد الله على سلامتك يا ام احمد والف مبروك تتربى فى عزكم هى واحمد
زينه : الله يبارك فيك يا بيه البنت خدوها الحضانه وقلبى واكلنى عليها
حاتم : لالا ما تخافيش اصلهم هنا بيدخلوا كل المواليد الحضانات لحد ما الام تفوق بس حيجيبوها دلوقت علشان ترضعيها ما قلتوش ناويين تسموها ايه ؟
زينه : بس لما اشوفها الاول واتطمن عليها
بعد قليل دخلت احدى الممرضات تحمل الطفلة ملفوفة فى اردية خاصة بالاطفال وناولتها لامها فخرج حاتم وسعيد من الغرفة وبعد قليل نادتهم الممرضة فعادوا للغرفة واسرع سعيد يحمل طفلته ويقبلها ويكبر فى اذنها ثم ناولها لحاتم الذى قبل جبهتها وكبر فى اذنها وسمى عليها واودع فى لفافتها مبلغا ماليا وسالهم
حاتم : بسم الله ما شاء الله عليها زى القمر بسم الله الله اكبر خلاص اتطمنوا عليها ناويين تسموها ايه بقى ؟
تبادل سعيد وزوجته نظرات حرجة قبل ان تحسم زينه امرها قائلة
زينه : بصراحه يا بيه انا نادره اسميها على اسم الست داليا ربنا يجيبها بالسلامه
كان واضحا من عيونهم ان زينة ايضا على علم بامره هو وداليا الهذا الحد كان امرهما مكشوفا للجميع ؟ لم يعد هذا مهما الان ولكن المهم ان تعود بالسلامة وسيعلن عن حبه لها امام الجميع
حاتم : ربنا يرجعها بالسلامه يارب . داليا داليا سعيد اسم جميل قوى ولايق على بعضه ربنا يبارك فيها وتتربى فى عزكم ويفرحكم بيها انا حاستاذن وحاجيلكم بكره بعد الصلاه علشان اروحكم
خرج من المستشفى وركب سيارته واخرج هاتفه وفتح صورة داليا قائلا
حاتم : وحشتينى قوى يا حبيبتى الدنيا من غيرك مالهاش طعم يارب تكونى بخير واشوفك قريب كل سنه وانتى اغلى ما فى حياتى
كان هذا اليوم موافقا لعيد ميلادها الرابع والعشرين وقد مر اكثر من عامين على غيابها وهو لا يعرف عنها شيئا
…………………..
اطفات الانوار كلها واضاءت شمعة وحيدة الصقتها على الطاولة فى غرفة المعيشة وجلست على الارض واسندت مرفقيها على الطاولة تتامل الشمعة وهى تذوب شيئا فشيئا .
اليوم هو عيد ميلادها الرابع والعشرين وهو ثالث عيد ميلاد تقضيه وحيدة هنا فقد حضرت قبل عيد ميلادها الثانى والعشرين بشهرين وهاهى تقضى هذا اليوم وحيدة كالعادة فى بلد غريب اصبح كل من فيه يتهمها بالجنون حتى انها لا تجد من تشاطره الحديث وكادت تنسى الاحرف ومعانى الكلمات .
لقد اعتادت الوحدة منذ ثمانى اعوام منذ مات ابوها وتركها وحيدة حتى اصبحت تتمنى لو انها ماتت معه بدلا من بقائها فى عالم موحش مقبض كل من فيه يناصبها العداء الا حاتم
كان الوحيد الذى دخل دنياها وعرفت معه طعم السعادة لزمن قصير ولكن حتى هذه السعادة اصبحت من الماضى واصبحت عودتها لمصر ورؤية حاتم مرة اخرى حلما بعيد المنال ام ان حاتم نفسه كان حلما ؟
______________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية دماء على اوراق الورود)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى