رواية دماء على اوراق الورود الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم آثر توفيق
رواية دماء على اوراق الورود الجزء الثالث والعشرون
رواية دماء على اوراق الورود البارت الثالث والعشرون

رواية دماء على اوراق الورود الحلقة الثالثة والعشرون
وصل حاتم الى عزبة الباشا صباحا وهو لم يستقر بعد ماذا سيفعل مع الحاج مهاب ؟ ربما كان افضل شيء هو مواجهته مباشرة ولكن لابد من المواجهة
تطوع احد الفلاحين لتوصيله الى الحقل الذى يجلس فيه الحاج مهاب وحين وصل وجد رجلا كهلا يجلس على اريكة خشبية ويرتدى جلبابا وعباءة وبصحبته شاب حسن المظهر والملبس يجلس على كرسى خشبى بجواره
القروى :: ضيوف بيسالوا عليك يا حاج مهاب ؟
مهاب :: يا اهلا وسهلا يشرفوا
قام ومعه الشاب لاستقبال حاتم الذى نزل من سيارته قائلا
حاتم :: حضرتك الحاج مهاب شركس ؟
مهاب :: ايوه يا استاذ انا مهاب شركس اتفضل _ الشاى يا عليوة
دعاه للجلوس على المقعد الخشبى وجلس على الاريكة والشاب بجواره وحضر الشاى وناوله الغفير لحاتم قبل ان يساله الحاج مهاب
مهاب :: خير يا استاذ اى خدمه ؟
حاتم :: الحقيقه مش خير يا حاج انا جاى بخصوص ميراث بنت اخوك الانسه داليا
انفرجت اسارير مهاب وقال بلهفة غير متوقعة
مهاب :: انت تعرفها شكلك المحامى بتاعها انت تعرف مكانها
حاتم :: الحقيقه لا انا لا اعرف مكانها ولا المحامى بتاعها انا جارها وجاى علشان احل الموضوع ده معاك
مهاب :: بصفتك ايه ؟
ارتج حاتم ولم يدر بماذا يجيب وفى النهاية قال
حاتم :: انا فاعل خير يا حاج عاوز ارد الحق لاصحابه . الحق اللى انت اكلته ظلم
انتفض الشاب الذى عرف حاتم انه نادر ابن الحاج مهاب
نادر :: عيب كده يا استاذ اتكلم مع الحاج بادب
حاتم :: هى مش دى الحقيقه ؟ مش انت زورت عقود واكلت حقها فى الارض ؟
نادر :: احترم نفسك انت مش عارف بتتكلم مع مين ؟
مهاب :: اسكت يا نادر
ثم استدار الى حاتم وقال بهدوء
مهاب :: انت سالت عنى قبل ما تيجى هنا فى بلدى وتغلط فيا ؟
حاتم :: سالت عنك كتير
مهاب :: ومع ذلك مش خايف وجاى وقلبك جامد وانا ابنى ده اكبر منك وعندى واحد اكبر منه يعنى بيتهيالى لو مش خايف تيجى تهدد وتغلط فى كبير عيلة شركس وايتاى البارود كلها على الاقل احترم واحد من سن ابوك
اطرق حاتم براسه ارضا وقال باسف
حاتم :: انا عمرى ما خفت من مخلوق ما اخافش غير من اللى خالقنى اما بالنسبه للاحترام وفرق السن عندك حق انا اسف
مهاب :: شكلك ابن ناس ومحترم تسمح بقى تقوللى ايه صفتك علشان تتكلم فى حاجات عائلية ؟ ايه علاقتك ببنت اخويا والاول انت اسمك ايه ؟
حاتم :: حاتم فريد جار داليا من صغرنا احنا مولودين فى نفس الشارع
ضيق الحاج مهاب عينيه وقال مفكرا
مهاب :: حاتم فريد ؟ حاتم فريد زهران هو انت ؟ اسمع يا ابن الناس احنا نروح عندى البيت علشان الكلام ما ينفعش كده فى الشارع احنا هنا نعتبر فى الشارع وتحكيلى كل حاجه
حاتم :: مالوش لزوم البيت احنا قاعدين لوحدنا
مهاب :: ما تخافش يابنى اللى يدخل بيت الشراكسه يبقى فى امان لو عاوز اعمل معاك الغلط مستحيل اعمله فى بيتى حتى لو انت غلطت اتحمل علشان ضيفى احنا نروح نتغدى مع بعض علشان العيش والملح وتتكلم على راحتك
#دماء_على_اوراق_الورود
#الجزء_الاول
فى مضيفة الحاج مهاب استقبلهم شاب اكبر عمرا من نادر عرف حاتم انه محسن الابن الاكبر للحاح مهاب وبعد ان حضر الشاى سال الحاج حاتم قائلا
مهاب : هو انت ابن المستشار فريد زهران ؟
حاتم : حضرتك تعرف والدى ؟
مهاب : الله يرحمه كان راجل فاضل وكان صديق للمرحوم محسن اخويا وكنت كل ما ازور اخويا لازم ازوره واقعد معاه قوللى بقى انت ايه علاقتك بداليا بنت اخويا ؟
ارتبك حاتم قليلا قبل ان يقول
حاتم : زى ما قلت لحضرتك يا حاج احنا جيران ونعرف بعض من طفولتنا وانا جاى واسطة خير
مهاب : يابنى ريحنى واتكلم معايا بصراحه . اسمع انت تقول اللى عاوز تقوله ولو كلامك دخل دماغى واقتنعت بيه حاحكيلك كل حاجه من الالف للياء واخليك انت تحكم اما لو كلامك ما دخلش دماغى يبقى تاخد واجبك وتتوكل على الله
اطرق حاتم مفكرا قبل ان يحسم امره قائلا
حاتم : صلى على النبى يا حاج
الجميع : الهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد
حاتم : انا وداليا مولودين فى نفس الشارع واعرفها من وهى طفلة كانت هى النور اللى بينور الدنيا حواليا ورغم انى كنت شايف الدنيا بنورها لكن ما كنتش شايف اهم حاجه وهى داليا لكن من يوم ما …. قصدى اقول من يوم ما ابتدينا نتعامل مع بعض ونتكلم مع بعض لقيت نفسى بدون ما اشعر باقرب منها يوم ورا يوم لحد ما بقت اهم حاجه فى حياتى وما بقيتش احس باى مشاعر لو يوم عدى عليا من غير ما اشوفها لحد ما اضطريت اسافر سفرية كنت مرتبط بيها وما قدرتش الغيها لكن بمجرد ما ركبت الطيارة وطلعت فى الجو حسيت انى سايب روحى معاها وانى ….. انا اسف يا حاج عاوز اقول انى اتاكدت انى باحبها ورغم انى كنت مقرر اسافر شهر لكن ما قدرتش ورجعت بعد عشر ايام ولما رجعت لقيتها اختفت ومن وقتها حسيت انى عايش فى ظلام لا شايف الدنيا ولا حاسس بروحى وعايش على امل وحيد انها ترجع واشوفها تانى
لم يتمالك حاتم نفسه ولم يستطع كبت دموعه فبكى وهو الذى قارب السابعة والعشرين من عمره ولا يذكر انه بكى بتلك الطريقة قبلا حتى ان الحاج مهاب ربت على كتفيه مواسيا وهو يقول
مهاب : حترجع يابنى باذن الله حترجع وتنور دنيتنا لكن انا عاوز اسالك على حاجه وتجاوبنى بصراحه انت …. حصل بينك وبينها حاجه ؟
انتفض حاتم واعطى ظهره للحاج مهاب وقال بحدة وغضب بينما هو فى الواقع كان غاضبا من نفسه ويشعر بالخجل
حاتم : داليا اشرف بنت فى الدنيا
مهاب : انا عارف يابنى دى بنت اخويا لكن كلام الملعونه رجاء هو اللى قلقنى وحبيت اتطمن خصوصا انها كانت وحيدة ماحدش جنبها يعرفها الصح من الغلط عموما خلص خير قوللى انتوا خرجتوا مع بعض كتير ؟
حاتم : مش حاكدب عليك يا حاج احنا من اول تعارفنا وانا حسيت ان داليا وحيدة وبتعانى من الوحدة وكنا بنتقابل كل يوم وكنت باذاكر معاها لحد ما خلصت وبعدها عرضت عليها تشتغل معايا وكنت باقابلها كل يوم اعلمها الشغل ونفضل مع بعض طول اليوم داليا يا حاج كانت عايشه فى وحدة قاتلة وكانت دايما بتشتكى من اهمال امها وقسوة خالها وما تآخذنيش اشتكتلى منك انك طمعت فى ورثها واتخليت عنها لكن اكتر حاجة مستغرب لها امها معقول يا حاج فيه ام تهمل بنتها بالشكل ده ؟
مهاب : دى مش امها
شعر حاتم بصدمة وهز راسه كأنما ليفيق قبل ان يتساءل بدهشة
حاتم : بتقول ايه يا حاج ؟ انا مش فاهم
ابتسم مهاب قائلا
مهاب : انا يابنى ارتحتلك وحاحكيلك كل حاجه من الاول للاخر واخليك انت تحكم بس الاول قوم نتغدى وبعدها نقعد مع بعض
وبعد الغذاء جلسوا فى المضيفة العربية على الارض وحضر الشاى وقال مهاب
مهاب : عاوزك تاخد راحتك على الاخر لان قعدتنا حتطول اصل علشان تفهم كل حاجه لازم احكيلك من الاول خالص من قبل حتى ما يتولد اخويا محسن علشان تعرف انا عملت ايه معاه وهو عمل ايه معايا ومين صاحب الحق الاول سمعونا الصلاة على النبى
الجميع : الهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد
وبدا الحاج مهاب يستعيد شريط الذكريات
Flash back
كان الحاج ممتاز رجلا مهيبا بهى الطلعة قوى الشخصية وكان متزوجا من ابنة العمدة وله منها ابن وحيد فى الثامنة من عمره هو مهاب حين دخل الحاج مهاب الى غرفته بينما زوجته سميحه تستذكر لولدها
ممتاز : مهاب تعالى يا حبيبى اطلع ذاكر بره وسيبنى انا وماما لوحدنا شويه
خرج مهاب بينما التفت ممتاز لزوجته بحرج قائلا
ممتاز : باقول ايه يا سميحه انا عندى موضوع عاوز اكلمك فيه بس مش عاوزك تزعلى
سميحه : خير يا ممتاز قول هو انا عمرى زعلت منك ؟
ممتاز : اصل الموضوع ده بالذات يزعل
ثم زاغ بصره وهو يقول
ممتاز : انتى عارفه ان المرحوم عمى نشأت بيك مات وساب بنت وحيده ومالهاش حد فى الدنيا ومع الاسف ما سابلهاش حاجه تستاهل والبنت ضعفانه يعنى مش بصحتها يعنى قصدى ان اتقدم لها اكتر من واحد وما حصلش نصيب بسبب ضعفها هى مش مريضه ولا عندها حاجه معديه لكن ضعيفه ودى بنت عمى ومالهاش بعد ربنا غيرى وانا فكرت اجيبها تعيش معانا هنا
سميحه : وماله يا ممتاز ربنا يقدرك على فعل الخير
ممتاز : ايوه بس انتى عارفه كلام الناس
سميحه : هو فيه حد يقدر يجيب سيرتك بالشر ؟ انت الناس كلها بتحلف بحياتك طول عمرك خيرك على الكبير قبل الصغير والناس كلها عارفه انت مين وابن مين واصلك وفعلك ايه
ممتاز : ايوه بس برضه الامر ما يسلمش
سميحه : عاوز تقول ايه يا ممتاز ؟ قول يا حبيبى وانا عمرى ما حازعل منك ولا يمكن افهمك غلط ابدا انا عارفه انك بتحبنى لكن برضه عارفه ان شرع ربنا يحلل لك تتجوز اتنين وتلاته واربعه
نظر لها ممتاز بدهشة وادرك انها قرات ما يجول بخاطره فاضافت
سميحه : اعمل اللى انت شايفه صح وانا مش زعلانه وحاعاملها زى اختى شفت بقى انى اعرف اقرا الكلام فى عينيك ؟
ممتاز : انا اسف يا سميحه انا مش عارف افكر فى حل تانى
اقتربت سميحه منه وربتت بيديها على ذراعيه قائلة بحب
سميحه : يا حبيبى انا فاهمه انك حتتجوزها لله علشان تصون لحمك ومش زعلانه انا واثقه ان مافيش فى قلبك غيرى ده احنا عشرة عمر انت جوزى و حبيبى وابو ابنى يعنى لازم افهمك من نظره واكون جنبك وفى ضهرك فى اى حاجه عاوز تعملها طالما لوجه الله روح يا حبيبى ولو عاوزنى انا اروح اخطبهالك انا مستعده اروح من بكره
قبل ممتاز راسها ويديها واحتضنها قائلا
ممتاز : مش عارف من غيرك كنت عملت ايه ربنا يخليكى ليا انا باحبك قوى يا سميحه
احست بالرغبة فى البكاء ولكنها منعت نفسها ان تبكى امامه وقالت
سميحه : ياللا بقى يا ممتاز يا حبيبى روح دلوقت علشان ماما سميحه عاوزه تفرح بيك
قبل ممتاز يدها ثانية وانصرف واغلق الباب خلفه فاجهشت سميحه بالبكاء
……………….
كانت شاهيناز ضعيفة الجسم فعلا ولكنها كانت حميلة ذات وجه صبوح وابتسامة عذبة كانت كالفراشة حين تخطو حتى انك تخشى ان تلمسها حتى لا تجرحها وكانت روحها اجمل ما فيها وفوق كل ذلك كانت ذكية تعرف كيف تكتسب محبة من حولها .
حين دخلت بيت الحاج ممتاز اول مرة نادى زوجته سميحه ليعرفهما ببعضهما فاقبلت سميحه واضعة على شفتيها ابتسامة شاحبة رسمتها رسما ومدت يدها ترحب بها فانحنت شاهيناز تقبل يدها فاحتضنتها سميحه لتمنعها قائلة
سميحه : ايه يا عروسه ؟ عيب تعملى كده
شاهى : عيب ليه يا ست الستات ؟ انتى ست البيت وانا ليا الشرف لما ابوس ايدك واعيش خدامه تحت رجليكى
سميحه : لالالا عيب يا عروسه انتى دلوقت مراة الحاج ممتاز شركس كبير عيلة شركس وايتاى كلها يعنى ست والخدامين يخدموكى انتى هنا راسك براسى وحقك زى حقى واحترامك واجب على الكبير قبل الصغير فى العزبه واولهم ابنى مهاب
ثم التفتت الى مهاب صغيرها وقالت
سميحه : تعالى يا مهاب سلم على ماما شاهيناز وبوس ايدها
اقترب مهاب منها وسلم عليها وقبل يدها فاحتضنته قائلة
شاهى : بسم الله ما شاء الله ايه القمر ده ؟ اخيرا ربنا كرمنى بابن
سميحه : وان شاء الله ربنا يكرمك ويكرمنى باخ ليه
شاهى : ما بيتهيأليش يا ابله سميحه
ابتسمت سميحه وقالت مازحة
سميحه : ابله ايه ابله دى ؟ انتى شايفانى عجزت يا بت ؟ انا اصبى منك
شاهى : انتى اصبى واحلى واحن كمان يا ست الكل
سميحه : لالا باقول ايه علشان ما نزعلش مع بعض انا اسمى سميحه .. سميحه وبس ياللا بقى ادخلى ارتاحى انتى جايه من السفر واكيد تعبانه
دخلت شاهيناز الى غرفتها وبعدها دخلت سميحه ايضا الى غرفتها وهى تبكى الما وهى لا تدرى ما القادم
………………….
وحملت شاهيناز !
كانت الحياة تمضى هادئة مستقرة بفضل حكمة سميحه وروحها الطاهرة وايضا بفضل ذكاء شاهيناز وصفاء نفسها حتى جاء يوم سقطت شاهيناز فاقدة الوعى وحضر الطبيب ليخبرهم بحملها وطلب اجراء بعض الفحوص والاشعة ومضى .
لم تخبره امه ابدا عن شعورها لحظة سماعها بخبر حمل شاهيناز ولكنها حكت له ان شاهيناز لزمت غرفتها وقتا طويلا تبكى ليل نهار دون ان تتكلم وقد حايلها ممتاز كثيرا لمعرفة سبب حزنها ولكنه لم يخرج منها بطائل حتى انه اعتزلها فترة وظن بها الظنون وشكا لسميحه التى اسرعت اليها بغرفتها وعلى وجهها الصبوح ابتسامتها العذبة
سميحه : الف مبروك يا شاهى اخيرا حنخاوى مهاب
نظرت لها شاهيناز بحزن وبكت بحرارة فاسرعت سميحه تجلس بجوارها على طرف الفراش وتحتضنها قائلة
سميحه : الله الله الله فيه ايه ؟ فيه واحده تعيط لما تسمع خبر زى ده ؟ مالك بقالك كام يوم حابسه نفسك وما بتخرجيش من اوضتك احكيلى اخص عليكى ده يوم المنى وانتى المفروض تفرحى
شاهى : افرح ؟ ازاى عاوزانى افرح وانا حاخلف عيل يتكتب عليه اليتم من صغره ؟
سميحه : ليه يا حبيبتى بتقولى كده ؟
شاهى : سميحه انا اصلى … عندى تعب فى القلب والمجهود خطر عليا يعنى الحمل ده خطر عليا وحاموت وانا باولد
سميحه : كلام ايه ده انتى حتخرفى ؟ الاعمار بيد الله هو حد عارف حيموت امتى ؟
شاهى : اصل ماما كانت مريضه بنفس العله وماتت وهى بتولدنى وانا عشت طول عمرى يتيمه ربتنى الدادات وبابا كان بيحبها قوى وكان شايف انى السبب فى موتها وبعد موتها غرق نفسه فى الخمره لحد ما ضيع كل فلوسه على الخمره والستات انا مش مهم عندى الفلوس لكن تفتكرى ممتاز حيشوف ابنى او بنتى باى عين ؟ ومين اللى حيربيه ؟
سميحه : انتى طبعا اللى حتربيه ان شاء الله يا بنت يا هابله الاعمار بيد الله 《 وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس باى ارض تموت 》
شاهى : صدق الله العظيم استغفر الله بس انا عارفه نفسى والدكتور حياكد الكلام ده لما اعمل الاشعه اصلى كشفت قبل كده وعارفه وقلت لممتاز ويمكن علشان كده اتجوزنى لان اللى زيى ماحدش يرضى بيها
سميحه : اللى زيك ايه ؟ ايه الهبل ده ؟ انتى اللى زيك مليون واحد يتمناها
شاهى : كتر خيرك انتى دايما بتجبرى بخاطرى يا سميحه لكن بكره نشوف ومش عارفه ساعتها ممكن اعمل ايه
سميحه : العمل عمل ربنا يا حبيبتى وافرضى كلامك صح وبعد الشر وانتى بتولدى حصل لك حاجه انا رحت فين ؟
نظرت اليها شاهيناز والدموع تغرق عينيها وقالت برجاء
شاهى : يعنى انتى اللى حتربى ابنى لو ربنا افتكرنى ؟
سميحه : ربنا يطول فى عمرك وتربى الاتنين هم الاتنين ولادك لكن لو حصل بعد الشر انا امه وحاربيه
شاهى : توعدينى يا سميحه انك ما تفرقيش بينه وبين اخوه ؟
سميحه : اخص عليكى هو انتى لسه حتعرفينى النهارده ؟ انا برضه ممكن افرق بين مهاب واخوه ؟ طيب ده يوم المنى لما يكون له اخ من صلبه يشيل الحمل معاه ويبقى كتفه فى كتفه انتى عارفه انى وانا باولد مهاب شالولى الرحم ومش حاخلف تانى وانتى بقالك معايا سنه عمرى ما خليت مهاب يقول لك غير يا ماما لالا يا شاهيناز مالكيش حق انا كنت فاكره ان العشره اللى بيننا خلتك تعرفينى كويس وتعرفى ان ابنك او بنتك حيكونوا ولادى وفى عينيا حتى وانتى عايشه
شاهى : عارفه يا سميحه ومتاكده بس نفسى اسمعها منك صريحه اوعدينى
سميحه : اوعدك . اوعدك يا شاهيناز ان الاتنين حيكونوا ولادى فى حياتك او بعد الشر لو حصل لك حاجه وانى اربيهم احسن تربيه ولو ربنا كرمك بولد حاخلى الاتنين رجاله تفرحى بيهم ولو جالك بنت حاخليها ست البنات
نظرت لها شاهيناز بامتنان وقالت
شاهى : سميحه عاوزه اطلب منك طلب
سميحه : طلب واحد ؟ مليون طلب انتى تؤمرى وانا انفذ
شاهى : خدينى فى حضنك
ابتسمت سميحه واحتضنتها قائلة
سميحه : بس كده تعالى يا حبيبتى فى حضنى
شاهى : عارفه يا سميحه ماما ماتت وهى بتولدنى وعشت طول عمرى يتيمه وما حسيتش بحنان الام الا لما دخلت بيتك
سميحه : بيتى لوحدى ؟ انتى ليكى فى البيت ده زى ما ليا بالظبط ده بيت الحاج ممتاز شركس وعيلته انا وانتى لينا فيه ومش البيت وبس ومهاب كمان ليكى فيه زى ما ليا واللى فى بطنك سواء ولد او بنت انا ليا فيه زى ما ليكى من يوم ما دخلتى البيت يا حبيبتى وانا معتبراكى اختى وباتعامل معاكى بنيه صافيه وعمرى ما حسيت انك بالنسبالى ضره ولا عمرى حسستك بكده
تعلقت شاهيناز بيد سميحه تقبلها قائلة
شاهى : باحبك قوى يا سميحه يا اختى يا امى يا ست الكل يا احن انسانه خلقها ربنا
…………………..
بقيت شاهيناز مريضة لفترة طويلة وسميحه تلازمها وتقوم على خدمتها وبعد ان تعافت اصطحبوها لاجراء التحاليل والاشعة التى لم تكن نتيجتها فى تلك الايام البعيدة تظهر سريعا وبعد ظهور النتائج ذهب بها ممتاز للطبيب واصرت سميحه على مرافقته وقد صدقت ظنون شاهيناز وصارحهم الطبيب بالامر فاسقط فى يد ممتاز
ممتاز : والحل يا دكتور نعمل ايه ؟
الطبيب : العمل عمل ربنا انتوا اتاخرتوا فى الاشعه واحنا دلوقت فى نهاية الرابع
ممتاز : طيب ننزل الجنين ؟
سميحه : يا لهوى دى تموت فيها
الطبيب : فعلا هى تموت فيها يا مدام بس مش من الزعل انما الحقيقه ان صعوبة التخلص من الحنين دلوقت زى صعوبة الولاده بالظبط
سميحه : يعنى ايه يا دكتور ؟
الطبيب : يعنى مجهود الولاده زى مجهود الاجهاض بالظبط يعنى ما ينفعش كده كده حتموت الا لو ربنا شاء ينقذها وتبقى معجزه هو انت كنت عارف بمرضها يا حاج ممتاز ؟
ممتاز : ايوه يا دكتور كنت عارف
الطبيب : ما كانش لازم تحمل من الاصل كده نحاول نخليها مرتاحه على قد ما نقدر ونستنى رحمة ربنا بيها فى السادس والسابع بس اعملوا حسابكم ان بنسبة 90% ان المولود ده حيكون يتيم
ضربت سميحه على صدرها بقوة مشيرة لنفسها قائلة
سميحه : امه موجوده يا دكتور وعمره ما حيكون يتيم ابدا
#دماء_على_اوراق_الورود
#الجزء_الاول
دخلت سميحه غرفة شاهيناز بعد ان تمالكت نفسها ورسمت على وجهها ابتسامتها العذبة وخلفها احدى الشغالات تحمل مرتبة فرشتها على الارض وانصرفت
شاهى : ايه دى يا سميحه ؟
سميحه : دى مرتبه اصلى نويت افضل معاكى من هنا ورايح مش حاسيبك لحد ما تولدى
شاهى : هو انا حالتى صعبه للدرجادى ؟
سميحه : لا صعبه ولا حاجه انما الحمل كده كده محتاج رعايه
شاهى : طيب ما تخلى واحده من الشغالات تبات معايا
سميحه : يا سلام وانا ما اباتش معاكى واراعيكى ليه ؟ مش اتفقنا اللى فى بطنك ده حيبقى ابنى انا كمان ؟
ابتسمت شاهيناز واشارت لها ان تاتى بجوارها
شاهى : خليكى صريحه معايا يا سميحه الدكتور قال انى حاموت ؟
سميحه : بعد الشر عنك الاعمار بيد الله والدكتور ما دخلش فى علم الغيب
شاهى : بس اكيد شايف ان فيه خطوره على حياتى صارحينى
سميحه : فعلا يا شاهى فيه خطوره على حياتك وما عادش ينفع ننزل الجنين خلاص لازم تعدى الشهور اللى جايه وانتى نايمه علشان ربنا يكرمك وتولدى وتقومى بالسلامه تربى ولادك زى ما اللى جاى محتاجلك مهاب برضه محتاج لك انا يعنى علامى على قدى وانتى اللى حتذاكرى للعيال
ابتسمت شاهيناز بحزن ودمعت عيناها وقالت
شاهى : ربنا يخليكى ليهم لو انتى مش موجوده كنت صممت انزله علشان ما يترباش يتيم انما اللى ليه ام زيك يا بخته عمره ما يحس باليتم ابدا انا حاسيب ولادى امانه فى رقبة امهم وامى انا كمان
سميحه : مين قال بس حتسيبيهم ؟ خلى عشمك فى ربنا كبير وربنا حيسلمها ان شاء الله
شاهى : انا عمرى ما ضحكت على نفسى وما احبش حد يضحك عليا انا عارفه انى مش حاعيش لحد ما اربيهم بس فرحانه انى اسيبلكم ذكرى تفتكرونى بيها
بكت شاهيناز فاحتضنتها سميحه وبكت معها قائلة
سميحه : يا حبيبتى انا عمرى ما حانساكى ابدا انتى اختى وبنتى وصاحبتى كمان
…………………
وضعت شاهيناز حملها وكتب الله لها النجاة
كانوا قد نقلوها الى مستشفى خاص بالاسكندرية فى الايام الاخيرة للحمل ورافقتها سميحه حتى وضعت حملها وانجبت ولدا جميلا حمدوا الله انه ورث قوة عائلة ابيه ولم يرث ضعف امه وان ورث جمال ملامحها واطلقوا عليه اسم محسن .
كانت حالة شاهيناز الصحية حرجة ودخلت العناية المركزة لفترة ولكنها تحسنت وعادت الى العزبة اخيرا ومع قدوم وليدها زاد تعلقها بمهاب على عكس ما يحدث غالبا فقد كانت تراه السند القوى لوليدها الذى جاء الى الدنيا بمعجزة كما قال الاطباء واستمرت على هذا الحال عام كامل تمرض اياما وتتحسن لايام حتى زاد المرض عليها كثيرا وادركت انه مرض الوفاة وانها ستلقى ربها فى القريب العاجل فكانت ليل نهار توصى سميحه برعاية الطفلين وتوصى مهاب برعاية اخيه وتوصى ممتاز ان يذكرها بالخير بينما كانت سميحه تصلى ليل نهار وتدعو الله ان يمن على شاهيناز بالشفاء عقب كل صلاة ولكن لكل اجل كتاب .
استيقظت شاهى صباح احد الايام وهى عاجزة ان ترفع راسها عن الوسادة وشعرت انه يوم الوداع فنادت سميحه التى كانت دوما موجودة وطلبت منها شربة ماء فاسرعت اليها بالاناء ورفعت راسها عن الوسادة وسقتها ثم اضطجعت بجوارها واسندت راسها على صدرها فقالت شاهى بضعف
شاهى : خلاص يا سميحه النهارده ان شاء الله اسلم الامانه
سميحه : بعد الشر عليكى ربنا يطول فى عمرك
شاهى : الموت مش شر يا حبيبتى الموت راحه وانا الحمد لله ما عملتش حاجه وحشه فى حد وماشيه وحاسسه ان ماحدش زعلان منى
سميحه : ماحدش فى الدنيا ممكن يزعل منك
شاهى : سميحه اوعدينى ما تفرقيش بين الولدين
سميحه : تانى يا شاهى ؟ انتى تفكرى انى ممكن افرق بينهم ؟
شاهى : لا مش ممكن انا واثقه انك حتكونى احن عليهم منى لكن لما باسمعها منك قلبى بيتطمن
سميحه : اوعدك لحد ما اموت حيفضلوا الاتنين ولادى وعمرى ما افرق بينهم ابدا واربيهم احسن تربيه واعلمهم قبل اى حاجه انهم يحبوا بعض ويخافوا على بعض
شاهى : باحبك قوى يا سميحه
قبلتها وابتلعت ريقها بضعف وقالت
شاهى : اومال فين ممتاز
سميحه : قاعد بره انادى عليه ؟
شاهى : خلينى اسلم عليه قبل ما اروح
اسرعت سميحه تنادى ممتاز الذى دخل عليها باسما ولكن عيناه المحمرتان اعلنتا بوضوح انه كان يبكيها وهى لا تزال حية بعد وانه يشعر انها النهاية
شاهى : ما تزعلش عليا يا ممتاز انا عشت احلى ايامى وانا فى بيتك ومش عاوزه اشوف دموعك وانا ماشيه تعالى جنبى علشان تحضننى وتسلم عليا انا خلاص حاسلم الامانه لصاحبها
اقترب منها واحتضنها وقبل راسها قائلا
ممتاز : ربنا يغفر لك ويرحمك ويسامحك ويرزقك الحنه بغير حساب ولا سابقة عذاب
شاهى : ايوه كده ادعيلى انت طول عمرك طيب وحنين ومؤمن وربنا يستجيب لدعاءك دلوقت هاتولى محسن ومهاب اشوفهم اخر مره بس اعدلينى يا سميحه
رفعتها سميحه لاعلى وعدلت الوسادة خلف ظهرها واسرعت تحمل محسن من سريره بينما خرج ممتاز ليجلب مهاب من الخارج فحملت محسن بين يديها وقبلته واحتضنته ثم نادت على مهاب الذى اقترب منها وهو دامع العينين
شاهى : تعالى هنا جنبى والنبى بلاش دموع انت دموعك دى غاليه عندى قوى
مهاب : انتى اللى اغلى من كل الدموع يا ماما شاهى بس خلاص انا مش حاعيط
مسح دموعه بكفيه فقربته منها تقبله قائلة
شاهى : ايوه كده شاطر ابنى حبيبى راجل وبيسمع كلام ماما شاهى مش انت بتحبنى يا حبيبى ؟
مهاب : باحبك قوى يا ماما
شاهى : الله كلمة ماما جميله قوى عمرى ما كنت حاسمعها لو ما كنتش انت موجود الحمد لله انى سمعتها منك دلوقت بقى عاوزه اوصيك على اخوك الصغير تاخد بالك منه وتحبه
مهاب : اوعدك انى حاكون ليه اخ واب وابن وصاحب وعمر ما حد حيكون عندى اغلى منه
قبلت راسه واحتضنته واحتضنت محسن ثم سكن جسدها فجاة وهما فى حضنها ونادى عليها ممتاز فلم ترد وتحسست سميحه نبضها ثم نادت عليها بفزع فقال ممتاز
سميحه : خلاص يا سميحه ربنا اخد امانته انا لله وانا اليه راجعون
ماتت شاهيناز ولم يشعر محسن بذلك ولكن مهاب حزن عليها حزنا شديدا وكذلك ممتاز اما سميحه فقد ارتدت عليها السواد لعام كامل وحتى بعد ان خلعت السواد بقيت ذكرى شاهيناز حية فى قلبها وكانت دوما تذكرها بانها كانت اجمل وردة عطرت بيت الحاج ممتاز وانها كانت لها اختا وابنة وصديقة ولم تكن يوما ضرتها
…………………
مرت اعوام وكبر الولدان ونجح مهاب فى الثانوية العامة بمجموع كبير وعمت الفرحة البيت والعزبة واطلقت سميحه الزغاريد وذبح ممتاز الذبائح ووزع العطايا والهبات على كل اهل العزبه وبعض القرى المجاورة .
وبعد عدة ايام جلس ممتاز مع مهاب فى المضيفة وحدهما
ممتاز : يابنى انت بقيت راجل دلوقت وانا عاوز اكلمك فى موضوع مهم
مهاب : تحت امرك يا حاج
ممتاز : انا عارف انك كان نفسك تدخل كلية الهندسه لكن انا باقول كفايه تعليم لحد كده وتساعدنى وتشيل الحمل معايا
مهاب : لكن يا حاج … انا قصدى حضرتك عارف ان دى امنيتى من زمان انا تعبت كتير فى المذاكره علشان احقق حلمى
ممتاز : وحلمى انا كمان يابنى لكن على عينى الظروف حكمت عليك انك تكون الكبير اللى يحل محلى لما اقابل وجه كريم طول عمرى نفسى اشوفك مهندس قد الدنيا بس انا حاسس ان اجلى قرب وتعبت ومافيش غيرك يشيل الحمل من بعدى
مهاب : ربنا يطول فى عمرك يا حاج ليه حضرتك بتقول كده احنا من غيرك ما نعرفش نعيش
ممتاز : حتعرفوا تعيشوا طول ما انا سايب ورايا راجل اسمه مهاب شركس يا حبيبى انت طول عمرك راجل وقد المسئوليه وانا واثق انك حتراعى مصالح امك واخوك احسن منى وباتمنى ييجى اليوم اللى تسامحنى فيه على القرار ده بس حاقول لك لو انت شايف ان مستقبلك فى التعليم روح وانا موافق لكن انا رايى ان مستقبلك فى ارضك
نكس مهاب راسه ودارى دمعة سقطت رغما عنه وقال
مهاب : مافيش راى بعد رايك يا حاج انا تحت امرك
وبعد عدة ايام توفى الحاج ممتاز بسبب جلطة قوية فى القلب وحين حضر الطبيب ابلغهم ان تلك الجلطة لم تكن الاولى
………………..
ارتدى مهاب جلبابا ووضع عباءة ابيه على كتفيه وذهب الى المقابر لدفن ابيه وكان يحمل احد اذرع النعش باحدى يديه وباليد الاخرى يمسك بيد اخيه البالغ من العمر ثمان سنوات وبعدها عادا الى المنزل ووقف مهاب يتفقد اعمال الفراشة فى سرادق العزاء وافتقد اخاه فدخل البيت يبحث عنه فوجده فى حجرة الحاجه سميحه وهو جالس يبكى فى حجرها فامسك بيده بحزم قائلا
مهاب : تعالى معايا يا محسن
خرج الصغير خلفه فى صمت حتى دخلا الى غرفته واغلق الباب وجلس امام اخيه ناظرا الى عينيه بغضب
مهاب : ايه اللى انا شايفه فى عينيك ده ؟ انت بتعيط ؟
محسن : اعمل ايه وابويا لسه دافنينه اى حد مكانى لازم يعيط بدل الدموع دم
محسن : انت مش اى حد انت محسن شركس ابن ممتاز شركس يعنى مولود راجل . اسمع يا محسن احنا بالليل حناخد العزا وناس كتير حييجوا يعزوا مش عاوزك تدمع عاوزك واقف جنبى راجل وشديد زى الجبل وابقى مسنود ع?
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية دماء على اوراق الورود)