رواية حلو الروح الفصل الثالث 3 بقلم نسمة نبيل
رواية حلو الروح الجزء الثالث
رواية حلو الروح البارت الثالث

رواية حلو الروح الحلقة الثالثة
جلست سميرة مع جميلة مرة أخرى بغرفتها للحديث ، فعلى الرغم من أن جميلة أصغر منها إلا إنها ترتاح للحديث معها والسماع لنصائحها بخصوص زواجها…
فوالدتها مثل باقي الأمهات المصرية الأصيلة التي لا تعرف للطلاق سبيلا ، دائما ما تسمعها نصائحها بالصبر وعدم معارضة زوجها وتلبية جميع طلباته حتى لو خالفت رغبتها…
كانت سميرة تتحمل ما لا تتحمله غيرها من الزوجات ، على الرغم من فرط يده فهو لا ينقص لبيته شيء ….. ولكن لا يصلي وغير مراعي لمشاعر زوجته الحميمية إطلاقا يفرغ رغبته بها وقتما يشاء وكيف يشاء غير مراعيا حتى لضعفها بين يديه ، رأيه هو الأهم … بل الأسوء تناوله الدائم للحشيش الذي جعله مع الوقت يفقد عقله أحيانا معها ، فيتهمها بخيانته….
جميلة ( بصدمة) / وإنتي هتسكتي على نفسك لحد إمتى يا سميرة ، دي وصلت إنه يتهمك بالخيانه ، ده الحشيش لحس دماغه.
سميرة ( بدموع) / ما إنتي عارفه أمك مش هتوافق ع الطلاق ، هي أصلا مبقتش بتسألني عن حالي زي ما تكون خايفه أجيبلها سيرة الطلاق.
جميلة / علشان ماما كل إللي شيفاه خيرات ربنا إللي ماليه بيتك وبس ، في نظرها إنك مرتاحه ومش ناقصك حاجه ، بس إنتي متفضليش ساكته إحكي لبابا وهو يتصرف وإنفدي بجلدك ، أنا خايفه يعمل فيكي حاجه.
سميرة / عندك حق ،أنا بقيت بخاف منه…. أنا هقوم أروح زمانه جاي… تصبحي على خير
جميلة ( محتضنة لها) / وإنتي من أهل الخير ، خلي بالك من نفسك.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بالمشفى الخيري…
تدور جميلة للإطمئنان على المرضى وهم على الأجهزة الخاصة بتمارين العلاج الطبيعي لتتابع مدى تقدمهم…
تقابل دائما بالإبتسامة المحببة منهم ، ولما لا فهي سبب من أسباب تحسنهم وتلقيهم للعلاج بالمجان ، فهي تساعد الجميع بقدر إستطاعتها ، حتى إنها سعت لجلب الكثير من الأجهزة الخاصة لقسم العلاج الطبيعي بالمشفى لخدمة المرضى بأحسن الوسائل…
تقف بجانبها إحدى الممرضات وصديقتها بالعمل أيضا ..
ناهد ( ناظرة للمرضى) / مفيش حد فيهم بيجي إلا ما يسأل عليكي ومبيبدأوش الجلسه غير لما بيعرفوا إنك جيتي علشان يفرحوكي بإللي وصلوله.
جميلة ( بإبتسامة مليئة بالحب) / أنا فعلا ببقى فرحانه بيهم ، مفيش حد يشوف نتيجة تعبه وميفرحش ، وكله بفضل ربنا سبحانه وتعالى ، إحنا مجرد أسباب.
ناهد / ربنا يخليكي يا دكتوره ، ويفرح قلبك يارب.
أخطأ مريض بإستخدام الجهاز الخاص به ، فتوجهت جميلة لمساعدته ، وتكملة عملها..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أمام الورشة…
يقف مازن أمام نور الممتعضة من حديثه معها…
نور / هو إنت كل ما تشوف خلقتي هتسمعني الكلمتين دول ، أنا غلطانه إني بطلب منك حاجه ، هروح أخد من عمي محمود ولا جميلة.
همت بالإنصراف ، ليتمسك مازن بيدها مانعها من المغادرة..
مازن ( بمهادنة) / يا نور أنا خايف عليكي طريقة لبسك متمشيش مع منطقتنا هنا ، وكل يوم والتاني تخرجي مع شلة البنات بتاعتك دي وبتروحوا نوادي وأماكن مش شبهنا خالص ، نفسي تسمعي الكلام وتحسي بيا.
نفضت نور يده بإمتعاض…
نور / بقولك إيه يا مازن هتديني الفلوس إللي محتجاها ولا أشوف حد غيرك ، بس ساعتها بقى مترجعش تقولي إعتبريني سندك وفي ضهرك وتحت أمرك ، مادام مش قد كلامك متعشمنيش.
مازن ( بإستسلام) / لاء طبعا هديكي إللي تطلبيه ، بس عشان خاطري فكري في كلامي مرة واحده ، صدقيني أنا خايف عليكي وعايز مصلحتك ، إنتي عارفه أنا بحبك قد إيه.
إبتسمت له نور بخبث إعتادت عليه معه ، ولما لا فهو بمثابة ماكينة النقود الخاصة بها ، هي تعلم جيدا مدى حبه لها ، ولكنها لم ولن تعطيه أملا بها ، هي تعلم جيدا أهدافها في الحياة ومازن ليس من ضمنها ، فما المانع من الإستفادة منه قليلا ، فبالأخير هو إبن عمتها ومن لها غير عائلتها لمساندتها وتنفيذ رغباتها….
وقفت بسمة بعيدا عنهم للحد الذي مكنها من سماع ما يدور بينهم ، لتسقط دمعاتها على وجنتيها ، داعية من الله أن ينور بصيرته ولو لمرة واحدة حتى يراها ، ويرى مدى عشقها له…
تعلم هي أن حبه من طرف واحد ولكنها لن تواجهه بما يرى الجميع من حوله ، حتى يتسنى له حفظ درس حياته جيدا ، ليستطيع بعدها تقدير قيمة الأشخاص من حوله ،فمهما كانت مرآة الحب كفيفة ، فمصيرها النور بيوم ما…
مسحت دمعاتها وتوجهت بإتجاههم ، فتراها نور لتأخذ ما جاءت لمازن من أجله وتذهب مسرعة ، فهي لا تريد إفساد يومها بالكلمات الساخرة التي تتفنن بها بسمة معها ، لا تعلم ما سبب مناحرتها لها في كل مرة وكأنها عدوتها ، ولا تريد معرفة السبب فهي لن تضع الأشخاص المحبطين لعزيمتها مثل بسمة بإعتبارها بالأساس…
بسمة ( بإبتسامة هادئة) / إزيك يا أبو علاء.
ضربها بخفة خلف رأسها…
مازن ( بإبتسامة) / يا بت بطلي لماضه.
بسمة ( بغضب طفولي) / إشمعنى أنا ما جميلة بتقولك يا أبو علاء ، ولا عشان غلبانه ومكسورة الجناح.
مازن ( بضحك) / قال غلبانه ومكسورة الجناح ، إمشي يا بسمة طريقك أخضر ، روحي شوفي رايحه فين ع الصبح.
بسمة ( بمداعبة) / طب ما تجيب حاجه لله .
مازن ( بسخرية) / الله يحنن.
بسمة ( بمرح) / حسنه قليله تمنع بلاوي كتيره ، وهنيالك يا فاعل الخير والثواب.
مازن ( بضحك) / علمناهم الشحاته سبقونا ع الابواب.
بسمة ( بتذمر طفولي) / إشمعنى السحليه دي ، هي جت عليا.
مازن ( بجدية) / بسمة.
بسمة ( بحزن جاهدت لإخفاؤه) / خلاص يا عم ، قلبك أبيض.
غادرت بسمة وغادر معها أملها مرة أخرى ، تحاول جاهدة في كل مرة بلفت نظره بمرحها معه وإزالة أي حواجز يمكن أن تمنعه من رؤيتها ولكنها تقابل بالصد كل مرة ، لا يعاملها إلا كمعاملته لجميلة ، كشقيقته ، كمسؤوليته ، كأي شيء غير كأنثى راغبة به……
لا تستطيع التخلي عن حقها به ، لا تملك حق التخلي حتى ، فهو قد حفر بقلبها منذ نعومة أظافرها ، ستنتظره إيمانا منها بشفاؤه من نور يوما ما ، ستنتظره إيمانا منها بأحقيتها له.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بشوارع مصر…
تقام الإحتفالات ، تدوي الصيحات المنادية بإسم مصر ، يتراقص الشباب مرفرفين بعلم مصر عاليا ، تتعالى الألعاب النارية بأضوائها في السماء ، تزداد الهتافات مصاحبة لأصوات أبواق السيارات بالميادين ، لقد حصل المنتخب المصري على كأس الأمم الأفريقية…
لم تسع الفرحة جميلة لتقوم بتوزيع المياة الغازية بأنحاء الحي ، وتزيد من فرحتها بإعطاء عمال الورشة مكافأة خاصة لكل منهم إحتفالا بالمنتخب الوطني…
فهي لا تعرف للفرحة طعما إلا من خلال وجوه الأخرين ، لا ترى إلا الخير بمن حولها ، لا تتعمد إنكار السوء ولكنها طبيعتها الطيبة التي تفرض عليها رؤية الجانب المضيء فقط ، قليلون هم من على شاكلتها ، من يحبون الخير للغير ، من يقف لمساعدتك بدون مقابل ، من ترى بعينه الحب والرحمة قبل أي شيء…
تقف جميلة بإبتسامتها المشرقة أمام الورشة ناظرة لإحتفالات الشباب بالطريق وكأنها هي من فازت بالكأس…
كباقي الفتيات هي ، تحلم بفتى أحلامها وفارسها ، لا ترى وزنها ولا طبيعتها المرحة عائقا لأحلامها ، هي فقط تؤمن بأن لكل إمريء نصيب ، وخاصتها لم يحن وقته بعد…
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بمنزل ياسين….
دلف ياسين لمنزله بعد عودته تاركا حقيبة سفره بعشوائية مناديا لأمه بكل لهفة ، لتأتي له فاتحة ذراعيها تتلقاه بداخل أحضانها باكية لفرحتها به وبنجاحه….
قبل رأسها وكفيها بكل حب ، داعيا من الله حفظها له…
لا تتمنى هي من الدنيا غير رؤية الفرح والسعادة بعين وحيدها طوال حياته ، وكأي أم مصرية تحلم برؤية نسخ صغيرة منه تتشبع بها في غيابه ، تدعو دوما له بالسعادة وراحة البال وإبنة الحلال التي تزيد له حياته حبا…
نام هو قرير العين ، بعد تعب عدة أسابيع تكللت أخيرا بالنجاح ، و أجازة قصيرة ليشحذ بها طاقته للعودة للتمرينات….
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بمنزل محمود…
يجلس التوأمان سيف وعلاء أمام شاشة التلفاز بتركيز ممسكين بأذرع الألعاب الإلكترونية المسماة بالبلاي ستيشن هاتفين بصخب…
تبتسم وتحرك جميلة رأسها بقلة حيلة ، دائما ما تسمح لهم بممارسة الألعاب التي يحبونها بأوقات فراغهم بمنزلها ، تعلم مشاجرات عمتها ومازن دائما معهم ليتفرغوا لمذاكرتهم فقط وعدم الذهاب لمراكز الألعاب الإلكترونية المسماة بالسايبر ، لذلك حرصت على شراء جهاز الألعاب والسماح لهم بإستخدامه بشرط أن يكون بأوقات محددة ثابتة لا تؤثر على تحصيلهم الجامعي وبوجودها…
صدح جرس الباب ، لتتفاجأ جميلة بزوج شقيقتها عبد الرحمن أمامها…
جميلة / إزيك يا عبد الرحمن.
دلف عبد الرحمن متخطي لها ، جالسا بأريحية كعادته …
عبد الرحمن / الحمد لله ، إنتوا عاملين إيه ؟
جميلة / في نعمه ، خير.
عبد الرحمن / أبوكي عايزني ، وعديت عليه في الورشه ملقتوش.
جميلة / هو مش موجود ، إستناه تحت على ما يجي.
عبد الرحمن / على إيه بقى الشحططه ، إتصلي بيه قوليله إني مستنيه هنا ، و إعمليلي كباية شاي على ما يجي.
جميلة ( بضيق) / حاضر.
دلفت جميلة للمطبخ بعدما هاتفت والدها وعلمت منه إنه برفقة مازن لشراء بعض الإحتياجات الخاصة بالورشة ، لتطلب منه الإسراع بالعوده ، فهي لا تحبذ وجود عبد الرحمن معها ، على الرغم من وجود سيف وعلاء إلا إنها لا تشعر بالراحة من وجوده ، ليس خوفا منه ولكن إستحياء ، فهو جريء جدا لا يفكر بكلماته قبل قولها ، لا يفرق بين أنثى أو رجل قبل قول ما يريد …
لم يفاجأها بالطبع لدلوفه للمطبخ والحديث معها بأريحية عاهدته بها….
عبد الرحمن / مش المفروض تكلمي أختك تعقليها يا جميلة بدل ما أكسرلها دماغها.
جميلة ( بحنق) / يا راجل مش عيب عليك ، ده إنت كرهت البت في عيشتها.
عبد الرحمن / ليكي حق ما إنتي متعرفيش حاجه… هقول إيه ولا إيه ، كفايه إني ببقى نايم معاها ، في السرير وفي حضني وتقول إسم راجل تاني ، إسكتي إنتي متعرفيش إللي فيها.
ظهر إحمرار وجهها خجلا وغضبا بنفس الوقت من حديثه ، لا تستوعب جرأته التي يتكلم بها مع إنها ليست بالجديدة عليه ، ولكنه يتحدث عن شقيقتها الوحيدة وعرضها ، أجن هذا ليتحدث عن علاقته الحميمية بزوجته أمامها ، هل سينطق هذه الكلمات أمام والدها ، هي تعلم براءة شقيقتها ، وتعلم جيدا أن ما يدور بعقله ما هي إلا تخيلات صنعتها المواد المخدرة التي يتناولها ، تدعو الله لسلامة شقيقتها منه …
جميلة / خد الشاي يا عبد الرحمن ، وانزل إستنى بابا في الورشه تحت ، علشان علاء وسيف هيطلعوا كمان شويه وماما مش موجوده.
تنفست الصعداء بمغادرته ، لن تتحمل جرأته أكثر من ذلك وبالأخص على شقيقتها ، تتمنى لو تتخلص شقيقتها من هذه العلاقة السامة بأقرب وقت ، على الرغم من إنه بمثابة شقيقها وعلى الرغم أيضا أنه شقيق بسمة ، إلا أنه لا يشبههم مطلقا.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حلو الروح)