روايات

رواية حصاد الصبار الفصل الثالث 3 بقلم مريم نصار

رواية حصاد الصبار الفصل الثالث 3 بقلم مريم نصار

رواية حصاد الصبار البارت الثالث

رواية حصاد الصبار الجزء الثالث

رواية حصاد الصبار
رواية حصاد الصبار

رواية حصاد الصبار الحلقة الثالثة

داخل غرفة غفران
جفاها النوم فلم تعد ترغب فيه وجلست على فراشها المبعثر قليلا حيث غطت الغرفة أضواء خاڤتة من المصباح الجانبي الذي لا يكاد يضيء الزوايا البعيدة في يدها الصغيرة قلم وعلى الطاولة أمامها كانت اللوحة الورقية البيضاء تستدعي منها التفكير والتركيز كانت واثقة أن زوجة أبيها لن تقترب منها في هذا الوقت فواصلت الرسم بلا قلق غارقة في عالمها الخاص حيث لا شيء يزعجها فقط سكون الليل وضوء المصباح يرقص على الجدران
أصابعها الصغيرة كانت تتحرك بحذر ولكنها مطمئنة تخط خطوطها بثقة وكأن الريشة التي رسمتها هي نافذتها على العالم تنبض بالحياة من بين يديها كانت تراقب بعناية كل حركة للقلم حتى انتهت من رسم ريشة طائر المرسال ثم مزجت الألوان الرمادي مع الأصفر بهدوء حتى بدت الريشة وكأنها تتألق تحت الضوء الدافئ كانت في غاية الجمال ولم تستطع أن تبتعد عنها كانت أشد جمالا مما توقعت تجذب العين وتريحها في ذات الوقت وكأنها تحمل رسالة من عالم خفي
من رسمتها وأمسكت اللوحة بكلتا يديها ثم نظرت إليها بتأمل عميق شعرت بفخر طفولي غامر وابتسمت ابتسامة صافية تعكس فرحتها بما أنجزته
وضعت اللوحة أمامها على الطاولة وأمسكت القلم بأصابعها الصغيرة عازمة على كتابة إهداء بسيط لوالدتها لكنها توقفت فجأة وعقدت حاجبيها في حيرة كانت الكلمات كثيرة في قلبها لكنها لم تعرف كيف تصوغها
نظرت إلى اللوحة مجددا وهمست لنفسها بصوت خاڤت وكأنها تخاطب قلبها الصغير
كنت أود أن أكتب يا طائر المرسال أرسلها لأمي وبلغها مني السلام
تأملت الرسم مرة أخرى بعينين تلمعان بالحب ثم قررت أن تترك اللوحة دون كتابة لأن ما بداخلها من مشاعر كان أكبر من أن يحصر في كلمات وضعت القلم جانبا واكتفت بابتسامة حالمة وهي ترى في اللوحة رسالة صامتة تحمل كل حبها وشوقها لوالدتها
فجأة تغيرت تعبيرات وجهها إذ شعرت بشيء غريب في جو الغرفة فشهقت فجأة فزعا حينما سمعت خطوات تقترب من الغرفة سرعان ما نهضت مسرعة وأخفت كل شيء في حقيبتها وضعتها أسفل المكتب الذي كان يعج بالكثير من الأشياء المتناثرة ثم ركضت إلى الفراش وكأنها تترقب عقاپا جديدا
فيفي ياحبيبتي ممكن أدخل
سمعت صوت والدها فتنفست الصعداء وارتسمت ابتسامة على محياها كأنها سحابة ضبابية زالت فجأة نهضت مسرعة وركضت نحوه تتطاير فرحتها في الهواء فتح الباب ودخل مصطفى ورآها تسرع نحوه فعانقها بشدة حملها بحنان ثم قبل رأسها قبل أن يأخذها إلى الفراش نظر إليها بحب واهتمام وقال
جيت أطمن على بنوتي حبيبتي وأشوفها نامت ولا مستنياني أحكيلها حكاية جديدة من مغامرات مصطفى المهدي
أبتسمت الصغيرة بسعادة غامرة وضعت أحد أصابعها في فمها غير قادرة على التعبير عن فرحتها العميقة بوجود أبيها وكأنها تبعث إليه بألف كلمة في تلك اللحظة فقط كان الأب يراقبها بابتسامة دافئة ثم عاقد حاجبيه متعجبا وقال
غفران انتي كبرتي على الحركات دي مفيش بنوته قمر كده تحط صوباعها في بقها شيلي إيدك وقوليلي بقى نفسك في إيه
نزعت يدها ونظرت إليه بتردد صامتة كانت عيناها تبحثان في عينيه وكأنها تخشى قول شيء قد يسبب له الألم تملك الفضول قلبه فاستفسر بحذر
غفران يا حبيبتي انتي ليه بتتكلمي معايا بصعوبة مع إنك شاطرة وبتتكلمي كويس في حد بيضايقك في حاجة مزعلاكي اتكلمي وقوليلي
ولو في حد زعلك هتشوفي أنا هعمل فيه إيه
ابتلعت لعابها نظرت إلى الباب ثم نظرت إليه مجددا وكأن كلماتها تتعثر في قلبها فتتجنب البوح بما تشعر به كانت تتمنى أن تبوح له بكل شيء كل ما يعذبها لو كان بيدها لصړخت في وجهه بكل ما يمر بها من قهر وذل ولكن الخۏف من ټهديد زوجة أبيها ثم قال مصطفى مشككا
غفران هي ماما أحلام بتقولك حاجة أو بتزعلك وأنا مش موجود اتكلمي يا حبيبتي مټخافيش
تذكرت كل شيء مضى وعادت ذاكرة القهر تطوف أمام عينيها لكنها لم تجرؤ على الحديث هزت رأسها ببطء محاولة نفي كل ما كان يدور في قلبها رغم أن قلبها يجيب في سرها نعم تفعل أسوأ من ذلك يا ابتاه مسحت شعرها بابتسامة حزينة ثم قال لها
في أي حد ضايقك في المدرسة أو العمارة أو أي مكان وهشوفيني أنا هعمل فيه إيه بس اتكلمي وقولي
عبثت غفران في زر قميصه ثم أردفت بصوت خاڤت يشوبه احتياج عميق
عايزه أسمع قصة الشاطر مصطفى والأميرة نجوى
تنهد الأب بابتسامة اشتياق وعيناه تلمعان بالحسړة على ذكريات مضت وأشار إليها لتنام بجانبه استلقت الصغيرة على ظهرها وعيناها تتأمل وجهه بحماس وكأنها لا تريد أن يفارقها أبدا وضعت كفها الصغير في يده وظل الآخر يمسد على شعرها بينما يسرد تفاصيل حياته مع حبيبته التي ضحت من أجله كثيرا ولم يستطع حتى الآن نسيانها كان يتحدث عن كل شيء حتى نسى تماما أمر زوجته الثانية التي تنتظره في غرفتها
الوقت واستلقى هو الآخر بجانب ابنته محتضنا إياها بحب الأب الذي لا ينفصل عن ابنته مهما كانت الظروف وظل يحدثها لوقت طويل حتى غلبهم النعاس ونامت غفران في أمان أبيها تلك الليلة
كانت الأخرى تجوب الغرفة كلها پغضب شديد يديها مشدودتان حول بعضها وكأنها تحاول أن تفرغ ڠضبها في الحائط الذي أمامها العيون اللامعة والحاجبان المعقودان يدلان على أن الانتظار لم يعد يتحمل وكان لا بد لها من أن تضع حدا لذلك أخذت خطوة إلى الأمام ثم انطلقت نحو الباب بحنق واضح وفتحته دفعة واحدة كما لو كانت تنوي أن تعاقب من يعبث بأعصابها وللحظة توقف قلبها عندما لمحت زوجها نائما بعمق يحتضن ابنته الصغيرة برفق كما لو كان ذلك آخر ما في العالم بالنسبة له
قلبها فصكت أسنانها بغيظ شديد يديها قابضة پعنف على أطرافها وكأنها تخفي سيفا بين أصابعها أكملت مسيرها إلى غرفتها حيث اندفعت إلى الفراش مستلقية غارقة في دوامة من الڠضب والإحباط وكأنها تحاول أن تخنق كل ما يراودها ثم دفنت نفسها في الغطاء وكأنها تحاول أن تخفي أفكارها المظلمة وتوعدت في داخلها أن ما حدث لن يمر مرور الكرام فقد حان وقت إنهاء حب الأب لابنته
في الصباح استيقظت أحلام على صداع خانق يعصر رأسها وكأن كل الأفكار التي كانت تحتفظ بها تجتمع في مكان واحد محاولة أن تخرج إلى النور كانت تعرف في قرارة نفسها أن مصطفى لم يبرح مكانه بعد ولم تراه في غرفتها بعد وعندما خرجت من الغرفة لامس قلبها غيظ جديد
عندما رأتهم في غرفة الطعام كان مصطفى يقف أمام طاولة الطعام وهو يمشط شعر غفران بكل خفة ومرح يكاد يفشل في محاولاته وهو يضحك مع ابنته الصغيرة التي تبتسم له برقة وكأنها لا ترى سواه
كانت تلك اللحظات الطفولية بمثابة الأمل البسيط الذي يبث السعادة في قلبها حملها بين ذراعيه وجلسها على الطاولة وهو يطعمها بيديه بحنان عميق
ثم بصوت عميق وجاد قال
اسمعي بقى أنا هدخل البس وعايز منك لما أخرج تكوني خلصتي كوباية اللبن دي كلها يا أما مش هقولك على المفاجأة اللي ناوي أعملهالك النهارده
ضحكت غفران براءة وعلى وجهها ابتسامة صغيرة تقول كل شيء هزت رأسها بحماس وقالت
لأ لأ خلاص يا بابا أنا هشربها كلها
وقبلها على وجنتها بحب جم وقال مع ابتسامة واسعة
كده هي دي غفران البت الشجاعة حبيبة أبوها
بعد لحظات خرج مصطفى من الغرفه فوجد أحلام تقف أمامه وكانت كأنها تنتظره بشدة ابتسم بخفة وقال
صباح الخير يا حبيبتي
قالت أحلام بصوت بارد
صباح الخير
عقد حاجبيه في استغراب وتوجه نحو غرفته وكانت هي خلفه تطارد خطواته غاضبة أكثر مما يتصور وعندما اقترب منها سأل متسائلا بنبرة لا تخلو من القلق
مالك شكلك مضايق ليه على الصبح
لم تستطع أحلام كبح ڠضبها أكثر واڼفجرت
أيوه مضايقة ينفع اللي انت عملته ده تسبني وتنام بعيد عني إمبارح
يرتدي قميصه وحين سمع كلماتها ارتسمت على وجهه تعبيرات تعجب ثم قال ببرود
وأنا يعني كنت نايم في الشارع ولا دي أول مرة أنام جنب بنتي ما تنسيش إن غفران ليها حق عليا والفترة اللي فاتت كنت مشغول عنها ولازم أعوضها عن كل دقيقة فاتت
ثم نظر إليها بنظرة شك وقال
ولا يمكن المبدأ عند حضرتك إنك زعلانة إن بنتي نامت في حضڼ أبوها
ابتلعت أحلام لعابها بتوجس ثم قالت بتوتر وكأنها تخفي شيئا
قصدك إيه من كلامك ده يا مصطفى ومش ملاحظ إنك اتغيرت من إمبارح
مصطفى ساخرا وقال في نبرة غير متوقعة
ايه غفران وقعت بينا مثلا علشان كده متغير أنا لا متغير ولا حاجة كل الموضوع إن غفران مش عجباني في حاجة متغيرة فيها البنت ديما ساكتة وبحسها خاېفة من حاجة
حاولت أحلام إخفاء توترها وأعادت خصلاتها خلف أذنها وقالت بسرعة
خاېفة خاېفة من إيه وازاي متغيرة هي قالتلك حاجة
أجابها وهو يرتدي حذاءه قائلا
أنا سألتها كتير إيه مغيرك أو حد زعلك بس هي قالت مفيش لكن أقسم لك لو اكتشفت في يوم إن حد اتسبب في حزن بنتي هيشوف مني أيام ممرتش في تاريخ حياته
التوتر بينهما أكثر وضوحا وأحلام قبضت على يديها ثم نظرت إليه بعينين مشټعلة بالڠضب وقالت بتحدي
قصدك إيه بكلامك ده يا مصطفى أنت شايف إني ممكن أتعامل مع غفران بمعاملة وحشة ولا يمكن أنا بقى مرات الأب الشريرة
اعتدل مصطفى في وقفته مبتسما ثم أمسك بكتفيها بحركة حاسمة وقال بنبرة هادئة وحاسمة
يا حبيبتي أنا متأكد إنك ما تقدريش تقربي من غفران بشړ صح يا ناني
ابتلعت أحلام لعابها ببطء ثم نظرت بعيدا وقالت بحزن مصطنع
اللي يشوف أسلوبك معايا إمبارح يستغرب طريقتك دلوقتي وأنا برده بقول بقاله يومين مبطل ېهدد إن لو حد قرب من غفران مش هيرحمه عموما اطمن بنتك عندك تقدر تسألها مرات أبوها الشريرة بتعمل فيها إيه أو بعذبها إزاي بعد إذنك
أنهت حديثها بعزم وهمت بالذهاب من الغرفة لكنها لم تستطع إخفاء الكراهية التي نظرت
بها إلى غفران وهي تسير مبتعدة دخلت إلى المرحاض لتلتقط أنفاسها وهي في حالة من القلق والخۏف من أن يكتشف زوجها ما تخفيه
كان مصطفى يقف في الممر أمام المرآة شاردا يفكر في وضع ابنته دائمة الصمت وتلك النظرات التي يراها أحيانا في عيون زوجته حتى شعر بالصمت الذي يحيط به صوت الحافلة المدرسية القادمة كان كالموسيقى في آذنه ليعيده إلى الواقع حمل ابنته في يده مدللا إياها وهى تضحك بمرح ضوء الصباح ينعكس على وجهها النقي فظهرت عيونها وكأنها مليئة بالبراءة والسعادة الحقيقية خرج من المنزل وهو يلوح لها في وداع وهو يبتسم بينما تحركت الحافلة عن البوابة وكانت غفران تشعر بسعادة تغمر قلبها شعور بدا وكأنه يملأ كل شيء حولها بالأمل
مصطفى إلى منزله مجددا وأثناء دخوله وجد أحلام تجلس على طاولة الطعام في صمت تنظر إلى كوب العصير أمامها وعيناها تحملان ملامح حادة وكأنها ترسم بيدها خطوط غيظ لم تقل جلس بجانبها ملامحه تعكس قلقا غامضا قبل أن يتكلم بصوت هادئ لكن خائڤ من التصعيد
على فكرة أنا مقصدكيش بكلامي بس وضع بنتي ملفت للنظر ولا انتي شايفه غير كده
وضعت أحلام الكأس أمامها وأخذت نفسا عميقا ثم تكلمت بنبرة تحمل سخرية عيونها تلمع بتهكم
والله انا عملت لبنتك كل حاجه أقدر أعملها بس أنا طبعا مرات أبوها واستحالة هى تحبني وبعدين تقدر تقولي أنا قصرت معاها في ايه يخليك تشك فيا
رأسه ثم تابع بنبرة حازمة رغم التردد
قولتلك أنا مبشكش فيكي بس دي بنتي ومحدش هيحبها قدي والمصېبه إني أنا كمان مقصرتش في حاجه وفي المدرسة متابع حالتها شهريا مع المدرسين والكل بيشكر فيها من أخلاقها وهدوئها لكن المشكلة إنها انطوائية زيادة عن اللزوم حتى مش عامله لها أي صحاب في المدرسة ومفيش حد بتقرب منه ده غير أني بشوف غفران مبتضحكش من قلبها وتبقى مبسوطه غير مع صالح البواب وزينب مراته انتي متخيلة تدخل العقل ازاي دي
وقفت أحلام فجأة ودموعها الوهمية بدأت تتناثر على وجنتيها مثل قطرات مطر فجائية ثم أرخت جسدها قليلا وكأنها مثقلة بالحزن لترد بحزن مصطنع
اني فشلت في احتواء بنتك يا مصطفى وانا بقيت موضع شك وده انا ارفضه تماما وانا ممكن امشي واسيبلك البيت لحد ما توصل لاجوبة لكل أسئلتك دي
وقف مصطفى مسح وجهه بضيق وكأنه يحاول أن يجد الكلمات المناسبة للتوضيح اقترب منها ببطء وعيناه مليئة بالتحدي قائلا
أحلام أنا قولتلك اني مقصدكيش ولا بشك فيكي أنا بس بفكر معاكي بصوت عالي
ثم أضاف مازحا وهو يحاول أن يخفف من التوتر الذي يملأ الغرفة
وبعدين انتي عايزه تسيبي البيت يوم عيد الأم ولا انتي بقى نسيتي وعدك إنك هتروحي ليها المدرسة النهارده
دموعها المزعومة وابتسمت بمكر قائلة
أعمل ايه في قلبي الطيب أنا لو مش بحبك وبحب فيفي كنت زعلت منك وخاصمتك كمان
ربت مصطفى على وجنتها بحنان شديد ونظر إلى عينيها قائلا بنبرة أكثر جدية
وانا كمان بحبك وأول وآخر مرة تقولي اسيب البيت فاهمه
عانقته وبداخلها كانت قلبها يزداد قلقا مع كل لحظة خوفا من أن يكتشف أمرها لكنها أجابت بحب ظاهر على ملامح وجهها
عمري ما اسيبك أبدا ولا أقدر ابعد عنك وعن غفران يوم واحد والساعه 12 بالظبط هنكون
عندها في المدرسة ونعمل لبنتنا أجمل حفلة عيد أم وأجمل مفاجأة عمرها ما هتنساها
بعدما غادر مصطفى منزله ظلت هى في مكانها وعينيها تلتمعان بأفكار لم تخرج بعد قلبها يكاد يطير من مكانه
وفي تلك اللحظة شعرت وكأن الصمت الذي يحيط بها أصبح ثقيلا وأن الأوقات القادمة ستكشف عن أمور أكثر مما كانت تتوقع
في تمام الساعة الحادية عشر صباحا
كانت زينب تقوم بتنظيف درج العقار هى وزوجها حركاتها ثقيلة وممتلئة بالتعب بعد يوم طويل من العمل الشاق كل حركة كانت تصدر صوت خشخشة من المكنسة الخشبية التي كانت تمسك بها بين يديها بينما كان الجو الحار يتسلل من النوافذ الصغيرة في الطابق السفلي يزداد حرارته مع كل خطوة مع اقترابهم من الانتهاء جلست هي على الدرج الداخلي تنهض يداها ترتجفان قليلا من الإرهاق وتكومت عليها آلام الظهر التي جعلتها تتنهد مټألمة
يا وسطي وياضهري ياني
ابتسم صالح وهو يراقبها وسأله برقة
ايه ياجبل وقعت ولا ايه
ضحكت زينب مجيبة بصوت متعب لكن فيه نوع من المرح
فشړ دا انا ياجبل مايهزك ريح أنا اشرب كوباية الشاي بتاعة الضهرية دي واظبط دماغي وتشوف زينب هتعمل ايه
ضحك صالح مرة أخرى وهو يعرف روتينها جيدا وقال
هتنامي يعني هتعملي ايه كل مرة تقولي كده وتدخلي تشربي كوباية الشاي والاقيكي نايمة مكانك في الصالة قومي قومي ريحي انتي شويه قبل ما ستات العمارة ترجع من الشغل وتبدأ هاتك ياطلبات
زينب وهي تمسح على جبينها وتبتسم بسخرية ملمحا على الهموم اليومية
اه و انبي يا خويا عندك حق مابيبطلوش طلبات تقولش مفكرينا مركبين عجل في رجلينا ربنا يرحمنا بقى من الهم ده
يازينب نحمد ربنا اننا ماشيين على رجلينا وبصحتنا إحنا احسن من غيرنا الحمد لله وربنا يعوض صبرنا خير في ياسر ابننا قومي انتي واسمعي كلامي وريحي ساعه ولا حاجه
ثم تنهدت زينب وكأنها قررت المواصلة قبل أن يزداد الوضع تعقيدا وقالت
لأ أنا هخلص تنضيف معاك الأول مافضلش بس غير مدخل العمارة
قبل أن تكمل راودها سؤال وملامحها تغيرت قليلا فزعها يلمح شيئا في جوارها
إلا قولي يسي صالح هى الأفعى الصغيره كانت خارجة من شويه هى وسي مصطفى بيه متعرفش رايحه على أنهي مصېبه مترجع منها إن شاء الله
هز صالح رأسه بتعب وزفر بضيق مكتوم واردف بتهكم ليخفف من قلقها
ياولية قولتلك مېت مرة شيلي الست دي من دماغك لو حد سمعك هنا مش هتعدي على خير وارتاحي انتي مصطفى بيه وست أحلام راحوا المدرسة يحضروا حفلة عيد الأم مع غفران عشان يفرحوها هاااا استريحتي دلوقتي
زينب ولوت فمها بسخرية عيونها تلمع بحذر وهي تقول
شوف ياخويا اممم وهى من امتى الحدايه بتحدف كتاكيت وحيات مقصوصي الطاهر ده تلاقيها بتخطط لحاجه بنت الرفدي دي
لا حول ولاقوة إلا بالله هاتها جمايل يا رب قومي نامي وانا هخلص المدخل قومي ربنا يهديكي
وقفت زينب بضجر ووضعت حذاءها پعنف على الأرض ثم نظرت إلى صالح بنظرة غاضبة وكأنها على وشك أن ټنفجر ثم وعيناها تلمعان بالټهديد أردفت قائلة
أنا عارفه إنك مش مصدقني بس بكرة تقعد جمب الحيطه وتشوف بعينك كل حاجه وساعتها أنا بقى هحط صوابعي دول في عينيك ياصالح
ثم همت ذاهبة بغيظ
وهي تمتم بعفويتها بعينين مليئتين بالحقد بينما صالح كان مدهوشا وضع يده على عينيه خائڤا من ټهديد تلك المچنونة زوجته
في المدرسة كانت الأجواء مشحونة بالفرح والاحتفال قاعة الاحتفال الكبيرة كانت مزينة بالبالونات الملونة والستائر البيضاء التي تضفي جوا من البهجة والراحة كانت الطاولات موزعة بشكل منظم بينما كانت المقاعد الخشبية مريحة للآباء والأمهات الذين جاءوا لحضور هذا اليوم المميز من النافذة الكبيرة في خلفية القاعة كان يمكن رؤية الحديقة الصغيرة التي تملأها الزهور الملونة حيث كانت الطيور تطير فوقها بمرح وكأنها تشارك الأطفال فرحتهم من بعيد كان يمكن سماع أصوات الأطفال وهم يقدمون برنامجا خاصا في الثناء على الأمهات الضحكات والتصفيقات كانت تملأ المكان إلا قلب غفران الذي كان يضيق من الحزن جالسا في زاوية المنصة
كان باقي الأطفال يتبادلون كلماتهم الجميلة عن أمهاتهم كانت غفران تمسك لوحتها الصغيرة التي رسمتها لوالدتها الراحلة وتبتلع دموعها البريئة اللوحة كانت تحمل مشاهد من طفولتها مع أمها فالألوان التي اختارتها كانت خليطا من الدفء والحزن في آن واحد لكن قلبها كان يزداد ألما مع مرور اللحظات وهي ترى باقي الأطفال يتحدثون عن أمهاتهم
في هذه الأثناء كانت المعلمة تراقبها من بعيد وعندما رأتها هكذا حزنت على حالها فاقتربت منها وجلست بجانبها قالت لها بحنان
غفران أنتي قاعده ليه هنا مش واقفه مع صحباتك تجهزوا كلمة للماما ليه
غفران دموعها بكفها الصغير ونظرت إلى معلمتها بنظرة مليئة بالحزن وقالت بصوت منخفض
أنا ماليش أم زيهم يا مس ماما م اتت
هزت المعلمة رأسها بأسى وحزن يعتصر قلبها وردت بحنان
حببتي مامتك فوق في السما وهي أكيد في مكان جميل ومبسوطه دلوقتي بس كده هتزعليها منك لما تزعلي وبعدين قومي شاركي صحباتك وقولي اللي جواكي ابعتيلها رساله وهي هتسمعك
تساءلت غفران بنبرة أمل ضئيل
يعني بجد ماما هتسمعني يامس
أجابتها المعلمة بابتسامة لطيفة حاولت أن تمنحها بعض الطمأنينة
طبعا هتسمعك وهتفرح أوي بيكي يلا قومي شاركي زمايلك وفين والدك جه ولا لأ
غفران أن ترد بأن والدها لم يتذكرها ولكن فجأة سمعت صوتا مألوفا من بين الحضور نظرت بسرعة بين الوجوه وإذا بها ترى والدها قادما عادت البسمة لوجهها لكن سرعان ما خفق قلبها خوفا لرؤية المرأة التي كانت تذيقها العڈاب زوجة أبيها
شعرت غفران بقلق وحيرة في قلبها عندما قال والدها
حبيبة بابا ايه رأيك بقى في المفاجأة دي
هزت غفران رأسها وكان الخۏف يملأ عينيها لم تعرف كيف تجيب بينما كانت زوجة أبيها تقترب منها بابتسامة مصطنعة
اقتربت أحلام منها بحنان مفرط چثت أمامها وقبلت وجنتها ثم امسكت بيدها وقالت بصوت رقيق يحاول إخفاء شيء من التوتر
عارفه انه يوم مميز ليكي وحاسه بيكي ياحبيبتى إنك مشتاقه لمامتك وأنا واثقة إن مهما عملت مستحيل هكون زيها بس أنا مش هيأس ولا هستسلم غير لما تقوليها بنفسك إنك بتحبيني ولو لجزء بسيط أنا النهارده جاية عشان أعوضك فرحتك وعايزة غفران بنتي تطلع على المنصة بثقة كبيرة وتقول إنها عندها أجمل أب وأم بيحبوها من قلبهم وتقولي كل حاجة حلوة جواكي انتي مش أقل من أي بنت موجودة هنا انتي غفران مصطفى المهدي وحبيبتي وواثقة إن الكل هيشاور عليكي ويقول إنك أجمل وأحسن وأشجع بنت موجودة في الحفلة دي ماشي ياحبيبتي
ثم قبلت يديها الصغيرة وهي تشعر بالانتصار في
قلبها كما لو أنها قد حققت شيئا مهما لم تكتف بذلك بل احتضنت غفران بحنان مزيف ومربت على شعرها وظهرها برفق مصطنع
أنا عايزاكي تطلعي كل حاجة حلوة جواكي ماشي يقلب ماما
الدموع التي كانت تخنق غفران اختفت بشكل سريع وبدأت البسمة تعود لوجهها فظنت أن الحزن قد انتهى شعر قلبها بالفرح لأول مرة منذ فترة طويلة واستشعرت أن هذه المرأة قد تكون مختلفة لكن هل هي كذلك حقا هذا ما ستكتشفه غفران قريبا
بينما كان والدها يراقبها بابتسامة حنونة جلست تلك المرأة الخبيثة بجانبه وهي تراقب الصغيرة بنظرة محايدة وكأنها كانت تخطط شيئا ما يكسر هذه الفرحة التي لحظات قليلة مضت
الحفل بالاغاني المخصصة للأم وتوالى الأطفال ليقدموا كلماتهم عبر الميكروفون منهم من ينشد ومنهم من يغني ومنهم من يلقي شعرا غفران كانت تمسك لوحتها بحذر تفكر في كيفية إرسال هدية لوالدتها الراحلة في هذا اليوم المميز وعندما جاء دورها ارتعدت من الخۏف وهي لا تجرؤ على الوقوف أمام هذا الجمع الكبير من الحضور ولكنها نظرت إلى والدها الذي كان يراقبها بتشجيع فشعرت ببعض الطمأنينة ثم أشار لها والدها أن تذهب فركضت نحو المنصة بقلب مفعم بالأمل
كانت تتنفس بعمق وعندما وصلت إلى المنصة تقدمت خطوات صغيرة نحو الميكروفون وقفت أحلام وصفقت لها بحرارة مشجعة إياها بكل حماس
يا فيفي يلا يا حبيبتي أنتي شجاعة وهتقدري تكملي يلا
كان الحفل مستمرا بكل تفاصيله لكن في قلب غفران كان هناك شعور بالخۏف والخۏف من المجهول بينما كانت تحتضن اللوحة وتفكر في كلماتها التي سترسلها إلى أمها في السماء
ابتسم مصطفى ناظرا لابنته وعينيه تلمعان بحب واعتزاز بينما شعرت الصغيرة بالقوة في قلبها كما لو أن كل شيء أصبح ممكنا أمسكت بالميكروفون في يدها الصغيرة المرتجفة وأمسكت به بحذر كما لو أن العالم بين يديها كانت تكاد أن تهمس بأولى كلماتها ولكن فجأة شعر الجميع بشيء غريب حولهم وكأن الزمن توقف سقطت زوجة أبيها فجأة على الأرض مغشيا عليها وكان الصوت الوحيد الذي سمع هو ارتطام جسدها بالأرض ليقلب المشهد إلى حالة من الفوضى والقلق ترك الجميع النظر إلى الصغيرة التي كانت على وشك التحدث والتفتوا في نفس اللحظة نحو المرأة التي سقطت وجوههم تعكس الرهبة والقلق
مصطفى بسرعة كالسهم وهو ېصرخ أحلام ركض نحوها وهو يلتقط أنفاسه ثم نادى لابنته
غفران سيبي اللي في ايدك وتعالي ورايا بسرعة خاب أمل الصغيرة في لحظة كما لو أن كل شيء سقط معها سقط المايكروفون من يدها وارتجفت يديها في لحظة يأس الجميع بدأ يهمس ومن بينهم همسات خاڤتة لا تكاد تميز ماذا حدث وماذا جرى لها
حملت غفران حقيبتها بحزن بالغ ودموعها التي كادت أن تسقط على وجنتيها لكن سرعان ما جفت على شفتيها هبطت عن المنصة بسرعة غير أن أحدا لم ينتبه لها وكأنها اختفت في وسط تلك الضجة كان القلب يثقل عليها كالصخرة لكن ما كان بيدها سوى متابعة والدها
مصطفى إلى سيارة الأجرة وساعد زوجته بعناية كما لو كان يهتم بشيئا ثمينا وأشار لابنته أن تصعد بجانبها استقل هو جانب السائق وهو يطلب منه بأسرع ما يمكن أن يقودهم إلى أقرب مشفى بينما كانت غفران تنظر إلى زوجة أبيها تراها مغمضة العينين فتذوب مشاعرها بين الخۏف والحيرة ولكن سرعان ما صعقټ عندما فتحت أحلام
عينيها وغمرت وجهها ابتسامة خبيثة وغمزت لها بطرف عينها بنظرة شيطانية قبل أن تغلق عينيها مرة أخرى شعرت غفران بنزول رعشة باردة في قلبها وكان الأمر يتجاوز مجرد الخۏف شعرت وكأنها في فخ ولن يصدق أحد ما رأته فصمتت وأخذت تتابع المشهد بنظرات مشوبة بالقلق
القلق يزداد في قلب الصغيرة وتخرج منها شهقة ألم عميقة تكاد تفتت قلبها الصغير رغم أنها أرادت أن تنطق إلا أن الكلمات عجزت عن الخروج وهي تقاوم الدموع التي بدأت تلمع في عينيها ما بين الضلوع التي تتألم وأفكار متشابكة في ذهنها ماذا أفعل تساءلت في صمت ومع وصولهم للمستشفى كانت غفران تقف مع والدها أمام باب غرفة الطوارئ في انتظار ما سيحدث
غرفة الكشف
كانت الغرفة صغيرة تتناثر فيها رائحة مواد التعقيم والاضواء الساطعة التي تكشف عن تفاصيل غير مرئية أحيانا الطبيبة وهي في منتصف العمر تجلس على مقعدها المقابل لجهاز الفحص تتأمل أحلام بابتسامة خفيفة على وجهها ولكن هناك شيء في عيون أحلام يدل على توتر غير عادي
أردفت الطبيبة مبتسمة
مبروك يا مدام أحلام انتي حامل في الشهر التاني
كان هذا الخبر ليس بجديد لأحلام فقد كانت على علم به لكن امتثلت مشاعر الصدمة التي حاولت إخفاءها وقد اجتاحت وجهها فجأة شهقت بحالة من الذهول بينما وضعت يدها على فمها وكأنها لا تصدق ما سمعت عيونها بدأت تلمع بالدموع وكأن العالم كله انهار أمامها همست
اسود حااامل مستحيل ده يحصل مستحيل
تفاجأت الطبيبة وكانت تعتقد أن أحلام ستفرح بهذا الخبر لكنها لاحظت الفزع في عيونها فسألت باستفهام
مستحيل ليه هو انتي مش متجوزه وقولتي إن جوزك واقف برة
بكت أحلام وهي تضغط على وجنتيها وكأنها تخفي شيئا أعمق في قلبها لم تعرف كيف تعبر عما في داخلها ثم بصوت متقطع قالت
أيوه يادكتوره أنا متجوزه بس جوزي منبه عليا إنه مش عايزني أخلف منه أبدا ده راجل ظالم وشارط عليا آخد كل احتياطاتي ولو عرف إني حملت من غير ما يعرف دي هتبقى مصېبه وممكن يطلقني فيها وأنا ماليش حد في الدنيا غيره أعمل إيه بس ياربي أعمل إيه وهروح فين باللي في بطني آه يا مصيبتك يا أحلام
ملامح الطبيبة عن انزعاج وحيرة كأنها تتساءل عن هذا الواقع القاسې لكنها لم تستطع إلا أن ترد بتهكم
ليه يعني يطلقك وليه يشرط عليكي متخلفيش منه ده حرام عليه اللي بيعمله معاكي ده هو مفيش قانون في البلد
شعرت أحلام بحالة من الذعر وتقدمت أكثر نحو الطبيبة وكأنها في حالة اڼهيار همست لاهثة بعينين مليئتين بالخۏف
أبوس إيدك يا دكتوره مش عايزه مشاكل أنا ماليش حد أروحله أنا ممكن أعمل اي حاجه ممكن أنزل اللي في بطني الله يخليكي
كانت الطبيبة مذهولة لم تتوقع أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة انزعجت لكن سرعان ما قاطعتها قائلة پغضب
اللي انتي بتقوليه ده عايزه تغضبي ربنا عشان واحد زي ده أنا مستحيل أوافق على حاجة زي دي أبدا
في تلك اللحظة تمتمت أحلام بكلمات وكأنها تدرك أنها أمام نقطة اللا عودة مسحت دموعها التي كانت تتساقط بشكل حزين وابتسمت ابتسامة مخادعة وكأنها تستعين بكل حيلة في قلبها
عندك حق يا دكتوره بس هو راجل مايعرفش ربنا ولو تساعديني بخدمة بسيطة وإني أحافظ على
ابني وعلى بيتي تبقى عملتي فيا جميل عمري ما هنساه أبدا
أجابتها الطبيبة بتعجب
خدمة إيه
ثم همست أحلام بصوت منخفض يكاد يكون غير مسموع كما لو كانت تخطط لمکيدة شيطانية
تقولي لجوزي إني حملت على الوسيلة وده بيحصل وأنا هقوله رضاك أهم واني هسقط اللي في بطني ونشوف هيعمل إيه وقتها
ثم تنهدت بتمثيل حزن كبير وأضافت
يمكن ربنا يحنن قلبه عليا ويوافق إني أكمل الحمل
بعد دقائق
كانت الأجواء مشحونة بالتوتر الهواء في الغرفة ثقيل وكأن كل شيء في محيطهم قد تجمد مصطفى الذي كان يجلس على طرف المقعد بدا شاردا ومصډوما ملامحه عكست حالة من الاضطراب الشديد وعينيه الحادتين تتابعان أحلام التي كانت في حالة من البكاء والتوتر كان صمت الغرفة قاټلا وكأن الزمن توقف لحظة
يكن مستعدا لمواجهة هذا الأمر فكان لا يزال يفكر في بناء مستقبله بعيدا عن مسؤوليات الإنجاب نظر إليها ودهشة شديدة تملأ صوته قائلا بزهول
إيه حامل يا أحلام بس أنا قولتلك مش مستعد دلوقتي للخطوة دي
كانت دموع أحلام تتساقط على وجنتيها مسحتها بسرعة وكأنها تحاول إخفاء معاناتها ثم نظرت إلى الطبيبة بعينين تقولان ألم أقل لك وكأنها تطلب الدعم نظرت الطبيبة إليه نظرة غاضبة وتحدثت بنبرة حادة وكأنها تحمل هما أكبر من مجرد حالة طبية
حضرتك مراتك مالهاش أي ذنب هي حملت على الوسيلة وده بيحصل في حالات كتير جدا ده حتى مدام أحلام طلبت مني أعملها عملية إجهاض
مصطفى هذه المرة أشد من قبل فكل كلمة قالته له الطبيبة كانت كطعڼة في قلبه شعر بخيبة أمل كبيرة وبدا وكأن هذا التوقيت كله غير مناسب بالنسبة له همس متسائلا بذهول
كلام إيه ده يا أحلام
أحلام في حالة من الضعف والإرهاق حاولت إخفاء ألمها لكنها لم تستطع إلا أن تعبر عن فزعها فقالت بحزن
أنت حاطط شرط قبل الجواز يا مصطفى إنك مش عايز تخلف مني وأنا وافقت علشان بحبك ودلوقتي حصل بس أقسملك ڠصب عني ومستعدة للإجهاض عشان أرضيك
ڠضبت الطبيبة بشدة ووجهها يظهر الانزعاج الواضح من الموقف برمته تراجعت خطوة إلى الوراء مغادرة الغرفة بدا أن قلبها قد امتلا بالكثير من الڠضب تجاه هذه العلاقة التي لم تعرف فيها المرأة قيمة احترام مشاعرها لكن مصطفى الذي كان قد تراجع إلى مقعده اقترب منها وأمسك بيدها بلطف نظر في عينيها وهو يتحدث بصوت هادئ لكن مليء بالألم
أنا متفق معاكي أننا نأجل الخلفه شوية علشان أنا مش مستعد للخطوة دي دلوقتي لكن مش لأني مش عايز أخلف منك وبعدين اللي حصل حصل وأنا زعلان منك لأنك فكرتي في الإچهاض معقول تفكري في حاجة تغضب ربنا مننا كده
في تلك اللحظة لم تستطع أحلام أن تسيطر على نفسها كان قلبها يرفرف فرحا فهي قد نجحت في كسب رضاه عانقته وهي تضحك وكان صوتها يمتلئ بالانتصار وقالت بخبث
يعني انت مش زعلان إني هخلف منك يا مصطفى
تنهد مصطفى بتعب وكأنه يسلم لما لا مفر منه ثم ابتسم ابتسامة خفيفة وابتسامة الرضا على وجهه أكدت أن قلبه مع تلك الإرادة القدرية قال بهدوء
لا طبعا مش زعلان وفي والآخر دي إرادة ربنا مبروك يا أحلام
قبلت وجنته بحب وكان في عينيها لمعة غريبة ثم قالت بحيلة مبتسمة
الله يبارك فيك يا حبيب قلب ناني من جوه
بعد ذلك هموا بالذهاب والعودة إلى منزلهم الجو في السيارة كان هادئا محملا بالتفكير الصامت بمجرد دخولهم إلى المنزل جلسوا جميعا أمام التلفاز في صمت وكأن كل شيء حولهم قد تباطأ للحظة كانت الشاشة تعرض مشهدا بعيدا عن حياتهم ولكن أحلام كانت تراقب غفران التي تجلس في أحضان أبيها تتنقل عيونها بين مشهد التلفاز وبين الفراغ الذي شعرت به في نفسها كان قلبها يضطرب ولكنها اختارت أن تحاول ملء الفراغ بحديثها الماكر
إليها بعينين تخفيان وراءهما الكثير من المشاعر المختلطة ثم ابتسمت ابتسامة خفيفة قبل أن تقول بخبث
تعالي يا فيفي يا حبيبتي عايزاكي
مد الأب يده برفق مسدا شعرها وهو يبتسم لها بابتسامة دافئة قبل أن يسمح لها بالذهاب وعندما وقفت الصغيرة أمامها كانت تصمت تماما وملامح وجهها تدل على الارتباك وكأنها لا تدري كيف ترد أو كيف تتصرف
أحلام بيد الصغيرة وتحدثت بصوت منخفض يحمل بعض الحزن الخفي
حبيبتي متزعليش من اللي حصل النهارده وبوظت عليكي الحفلة بس والله ڠصب عني أنا حاولت أمسك نفسي على قد ما أقدر لكن أغمى عليا من غير ما أحس كنت ھموت وأنا شوفك وانتي بتتكلمي على المنصة بس أوعدك إني هعوضهالك أكيد
الصغيرة تنظر إلى وجه أحلام بعيون خالية من التعبير فقط هزت رأسها ببطء دون أن ترد بدا أنها تحمل في قلبها شيئا ثقيلا لكنها لم تكن لتقول أكثر من ذلك شعرت أحلام بشيء من الضجر من صمت الصغيرة لكنها حاولت إخفاء ذلك بابتسامة لعلها تكسب رضاها فقالت وهي تضغط على يدها بحنان ماكر
هيجيلك أخ صغير تلعبي معاه إيه رأيك في الخبر الحلو ده
توقفت الصغيرة للحظة أفكارها تجوب داخلها لكن قبل أن تجيب نظرت إلى أحلام ببراءة شديدة ثم قالت بعفوية تامة دون أن تبالي بردة فعلها
وهتحر قي أخويا بالنا ر زيي مابتحر قيني

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حصاد الصبار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى