رواية حرب سقطت راءها الفصل الحادي عشر 11 بقلم نور زيزو
رواية حرب سقطت راءها الجزء الحادي عشر
رواية حرب سقطت راءها البارت الحادي عشر

رواية حرب سقطت راءها الحلقة الحادية عشر
بعنـــوان ” بوابة الجحيم ”
وصلت “قُدس” على المنزل تحمل فى يدها حقيبتها لترى “ليل” تقف فى الحديقة بعضب شديد تنتظر “قُدس” بعد ما سمعته من “عمران” ، ركضت لها بغضب وقالت:-
_ كُنتِ فين يا قُدس؟
دهشت “قُدس” من لهفة “ليل” وانفعالها فى الحديث لتقول:-
_ فى أى يا ليل؟ كنت فى الجامعة بحاول أقدم ورقي هنا عشان السنة متروحش عليا
_ جامعة ااااه
قالتها “ليل” بسخرية وهى تنظر حولها بقلق من أن يسمع أحد الحديث وعندما أطمئنت بدأت الحديث بغضب سافر بعد أن سحبت “قُدس” من ذراعها جانبًا تقول:-
_متكذبيش عليا يا قُدس ماشي، عمران شافك من ساعة وأنتِ فى المهندسين مع شوية شباب وحاجة أخر قرف
أتسعت عيني “قُدس” على مصراعيها بذهول من الحديث ثم نفضت ذراعها من يد “ليل” غاضبة من اتهامها التى لا تصدقه وقالت بسخرية:-
_ خطيبك مين الأعمى دا اللى شافنى و مهندسين أى وشباب اى اللى شافني معاهم، بقولك كنت فى الجامعة الأمريكية اللى فى التحرير ، اى اللى هيودينى المهندسين أنا، وبعدين شباب أى هو أنا أعرف حد هنا ولنفرض أنه شافنى من ساعة هلحق أجي من المهندسين لهنا فى ساعة ما تشغلى مخ البهايم اللى فى رأسك دا
كزت “ليل” على أسنانها بغيظ أكبر من إهانة “قُدس” لخطيبها وحديثها بالسب عليه فقالت :-
_ واي اللى هيخلى عمران يكذب يا هانم، مصلحته اي أنه يألف عليا
تأففت “قُدس” بملل شديد من هذا الحديث وقالت بعناد أكبر:-
_ بقولك أى يا ليل، حاسبي على كلامك إنتِ والمحروس بتاعك ، أنتوا واعين بتقوله أى وكلامكم دا معناه اى؟، روحي أعمليله نظارة نظر أحسن
تأففت “ليل” بضيق من هذا الحديث وتركتها “قُدس” ودلفت إلى العمارة ، وقفت أمام الدرج غاضبة وتمتم بغيظ:-
_ قال منهدسين قال
كانت تفتح باب الشقة بلا مبالاة وهى لا تعري أهتمام كبير للحديث فهو مجرد كذبة ، نزل “عماد” من الأعلى ودُهش عندما رآها تقف وتعطيه ظهرها ، وقف بغضب سافر يفكر وشيطانه يستحوذ عليه من الكره والحقد ، فكر فى دفعها عن الدرج ليتخلص من حملها ويقهر قلب “الجارحي” كما قهر قلبه بسرقة فتاته، أقترب أكثر منها بهدوء ورفع يده خلف ظهرها وقبل أن يفعل ، دلفت “ليل” من الباب غاضبة فأنزل يده سريعًا قبل أن يراه أحد…….
_____________________________
فى الغورية كان “الجارحي” واقفًا مع تاجر قماش يتحدث عن العمل وعقله مُنذ هجرها غاضبًا ولا يحمل كلمة لاحد ، طيلة الوقت مُنفعل ويصرخ بعنففى أى شخص دون أن يبالى بالعواقب أو الأذى الذي يسببه لأى، قال بخنق وطريقة مُشمئزة:-
_ يا عم الحج الواحد خلقه فى مناخيره لوحده مش ناقصك على الصبح، معاك ثمن البضاعة شيلها ولو معاكش اللى يشيل أخلى أى عيل من المحل يوصلها لحد باب محلك على رأسي، لكن مفيش فلوس يبقى مفيش بضاعة
تنحنح الرجل بضيق من إصرار “الجارحي”على كلامه ولا تملك رد على عناده وإصراره فكان صمته أكثر أستفزازًا لهذا الثور الهائج فتحدث بضيق من آففة الرجل:-
_ شوف هتعمل أى يا حج وأنا جوا
تركه ودلف للداخل، كان العمال يتهامسون عن غضبه وحدته اليوم، يصرخ بالجميع لأى سبب مهما كان صغير، قبل أن يصل إلى المكتب أتاه “يزيد” يقول:-
_ معلم جارحي
ألتف “الجارحي” إليه بضيق ثم قال:-
_ تعال يا يزيد؟
دلفوا للمكتب معًا فوقف “الجارحي” أمام ركن القهوة يصنع قهوته بنفسه وينفث غضبه بفنجان القهوة بينما “يزيد” يقول بجدية:-
_ أنا عملت زى ما طلبت، وصلت مدام قُدس على الجامعة وأشترينا الملف وقدمنا بعدين وصلتها للبيت لأنها كانت تعبانة شوية ، وطريقنا كان كويس مفيش أى حاجة من اللى حضرتك توقعتها
تحدث بقلق وهو يسكُب القهوة فى الفنجان بجدية:-
_ أتأكدت أن محدش كان ماشي وراكم أو بيراقبها ؟
_ متقلقش يا معلم وكمان مدام قُدس مكنتش عنيدة النهاردة ولا رفضت وجودي جنبها طول الوقت، كان باين عليها الأرهاق شوية أعتقد عشان كدة معارضتش وجودى
قالها بهدوء ، تبسم زوجها بسخرية على كلماته البسيطة ثم تحدث “الجارحي” بخفة قائلًا:-
_ أتعودت على وجود البودي جارد بتاعها لكن جوزها لا
لم يسمع “يزيد” تمتمته جيدًا فسأل بلطف:-
_ حضرتك قلت حاجة ؟!
هز “الجارحي” رأسه بـلا ورغم أطمئنان قلبه من سلامة زوجته لكن الأرهاق والمرض الذي تحدث عنهما “يزيد” زرعا الخوف بداخله عليه، ألتف ليقدم القهوة إلى “يزيد” وجلس على المكتب بهدوء وبدأ يهدأ غضبه رغم أنها ما زالت عنيدة وتهجره لكن عقله أطمئن قليلًا والخطر المحاط به لم يهدد صغيرته، فتح “يزيد” الهاتف وقدم صورة لـ “عادل” مع “عماد” وقال:-
_ اسمه عادل الخواجى ، الشق بتاع عماد فى الكباريهات والبارات وتقريبًا تخمين حضرتك صح بنسبة 99 % أن عماد اللى طلب منه يضربك بالنار، ودا بسبب وجود علاقة معرفة بينه وبين عماد الدين اخوك ، لكن غير وجود العلاقة دى أنا معنديش أى دليل أن عماد الدين هو اللى حضره على الجريمة، بس كمان فى نفس الوقت مفيش أى صلة بينه وبينك من قريب أو من بعيد عشان يفكر يأذيك
نزل الحديث على “الجارحي” كالصاعقة الكهربائية التى ألجمته ولأخر لحظة كان يتمنى ألا يقف أمام اخاه فى حرب مُميتة ونهايتها قتل واحد على يد الآخر، ظل يحملق بالصورة وكأنه يتمنى أن يكون “يزيد” أغفل عن شيء ليقول:-
_ عرفت ليه محدش كان بيراقب قُدس ، عشان الأفعى جوا بيتى
تنحنح “يزيد” بهدوء ومرر أصابعه بين خصلات شعره ثم قال بلطف:-
_ مطلوب منى حاجة ؟
هز “الجارحي” رأسه بلا وعاد بظهره للخلف من الحيرة ثم أشار إلى مساعده بأن يذهب من أمامه، غادر “يزيد” من المكان وترك خلف هذا الرجل يحاول ان يمكر لأخيه حتى يسترد حقه مقابل كل شيء فعله لأجله، قاطع تفكيره الخبيث رسالة وصلت على هاتفه ليلتقط الهاتف من فوق المكتب وكانت الرسالة من رقمها المُسجل بـ “صغيرتي” ، دُهش من رسالتها وهى تخلت عن كبريائها قليلًا وأرسلت له، فتح الرسالة بشغف ولهفة رغم القدر الكبير الذي يحمله من الغضب لأجلها ودُهش أكثر وأتسعت عينيه وفمه من رسالته ومحتواها الصغير ( _ عايزة أكل فسيخ )
ضحك بخفة على طلبها ثم تنحنح بغرور وكتب لها بمكر بارد:-
_ أطلبي من أهلك يجبولك، الغضبانة مبتطلبش من جوزها
كزت “قُدس” على أسنانها بغيظ شديد ثم كتبت بغلاظة أكبر:-
_ بس دى طلبات أبنك وأنت لما خدتني من أهلى مأخدتنيش بأبنك ، أبنك ملزوم منك
تبسم بخفة على حديثهم الحاد وترك صورة “عادل” من يده بدون أهتمام ومسك الهاتف بيديه الأثنين ثم أقترب للأمام بنصفه العلوي مُتهم بالحديث معها ، كتب بجدية صارمة:-
_ صح عندك حق، ابنى ملزوم منى بس مش لحد من كام يوم كان ابنك لوحدك
_ مش عايزة من خلقتك حاجة صحيح رجالة ميتوثقش فيها
أرسلتها بضيق ليبتسم بعفوية عليها وترك الهاتف ثم خرج من مكتبه وهو يخرج محفظته من جيب بنطلونه وينادي بجدية:-
_ عبدالعظيم
جاء رئيس العمال بتعجل من مناداته، فأعطته بعض النقود وقال بحزم:-
_ أبعت أى عيل من عندك يجيب أكلة فسيخ بحاجاتها بصل وكدة، ويكون نضيف ومن مكان كويس
تبسم “عبدالعظيم” على حديثه بحماس ومد يده يرجع النقود إلى “الجارحي” وقال بلطف مُبتسمٍ:-
_ أنا مراتي بتعمل فسيخ بيتى محترمة هتأكله وتدعيلي ، هكلمها تبعتلى مع الواد ابنى أكله فسيخ وخلى المرة دى علينا يا معلم
مد يده بالنقود من جديد وقال بلطف لأجل زوجته المُدللة:-
_ خليها تظبط الطبق ليمون وبصل وطحينة والحاجات الحلوة دى، وأكل العيش مفيهوش خلى المرة دى، دا رزق وأنا كدة كدة كنت هجيب من برا ومكنتش اعرف أن المدام بتعمل، أهم حاجة بالله عليك تنظفه كويس وتخليه أنا عايزه على الأكل على طول، ومطولش عشان ساعة كدة ولا حاجة همشي
أومأ إليه بنعم وذهب من أمامه يتصل بزوجته بينما عاد “الجارحي” إلى مكتبه…..
___________________________
( الإسكنـــدرية )
كانت “ياسمين” على وشك الأنفجار من الغضب بسبب هروب ابنتها وهكذا “فتحى” ليقول:-
_ أنا السبب، هى عنيدة مكنش لازم أعاندها أكتر ، كان لازم أروح معها ونعدي اليوم
_ ليان لو ضاعت منى هتبقي انت السبب
قالتها “ياسمين” بضيق من هروب ابنتها وخوفها من خسارتها، خرجت من الغرفة تحاول الأتصال بابنتها لكن الهاتف كان مُغلق و هذه الفتاة المتمردة لا تهتم لشيء سوى سعادتها وفعل ما ترد ، تنهدت “ياسمين” بقلق شديد وقالت :-
_ يارب أسترها معايا يا رب، ورجعلى بنتى بحق حبيبك المصطفى يا رب أنا ماليش غيرها، متعاقبنيش على اللى فات فيها ولا بيها
أتاها صوت زوجها بنبرة خافتة يقول:-
_ وهيعاقبك فيها ليه يا ياسمين؟ إحنا مسرقناش ليان من أهلها ، ليان أهلها ماتوا وأنتوا شوفتي شهادة وفاة امها بنفسك، إحنا ربنا هيجزينا خير على اللى عملنا معها ، ربناها وكبرناها عروسة محترمة ودكتورة وعلمناها ، عاملناها بما يرضي الله
ألتفت زوجته إليه وقالت بخوف من الماضي وأبوابه المُغلقة:-
_ كذبة كذبناها وصدقناها يا حج
تركته ودلفت إلى غرفتها هاربة من الحديث ليتأفف بضيق من هذا الشيء…
___________________________
جلست “ليل” مع “عمران” فى حديقة المنزل يتحدث كانت عابسة مُنذ أن جاء إلى المنزل فسأل بضيق:-
_ طب ممكن أفهم التكشيرة دى لزمتها أى؟
تحدث “ليل” بعنف غاضبة تقول:-
_ أنت متأكد إنك شوفت قُدس النهاردة يا عمران
أومأ إليها بنعم وقال بملل شديد:-
_ يعنى إنتِ قاعدة مكشرة فى وشي من ساعة ما جيت وضاربة بوز عشان كدة
تنحنحت بخفوت ثم قالت بحدة:-
_ أيوة، لأني مصدقتش وكلمت قُدس لما رجعت وأتخانقت معها وهى قالت أنها مرحتش المُهندسين خالص النهاردة
ضحك “عمران” بتهكم وحك لحيته بلطف ثم نظر إلى خطيبته الجميلة وقال بسخرية:-
_ حبيبتي يا روح قلبي، إنتِ فاكرة أنها هتقولك اه روحت ووقفت مع شباب عادى وهى متجوزة، دى مصيبة ولو كان جوزها راجل ودمه حامي هيبقي فيها قطع رقبة
نظرت “ليل” إلى “عمران” بشك من طريقته، عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور ثم تحدثت بنبرة أكثر حدة وثقة:-
_ بس قُدس مكنتش بتكذب، أنا عارفاها كويس، دى كانت بتتكلم بثقة جدًا ومش خايفة ولا حتى أتوترت لما قُلتلها
ضحك بسخرية وأخرج هاتفه من جيبه وفتحه على صورة “ليان” وهى تعانق صديقها وقال بسخرية:-
_ ودى مين؟ أمى يا ليل؟ ما هى قُدس أهو وحاضنة الواد
نظرت “ليل” إلى الصورة لتُصدم مما تراه وكانت “ليان” نسخة طبق الأصل من “قُدس” حتى نفس تفاصيل الجسد الضعيف، لم يكن بينهما فارق واحد حتى يظهر الحق من الباطل، تنحنحت بفزع وهى تبتلع لعابها ثم هتفت بتلعثم من هول الصدمة:-
_ قُدس ……
لم تكمل حديثها ليقاطع صدمتها يد تسحب الهاتف من يدها بقوة وحين رفعت رأسها صدمت بـ “هادى” لتقف بفزع قائلة:-
_ خالى
حملق بالصورة وأشتعلت نيران الغضب بداخله وأحمرت عينيه من الغضب الذي يتطاير من وجهه ورأسه التى أوشكت على الأنفجار من رؤية تصرف طفلته، أخذ الهاتف وأسرع للداخل لتركض “ليل” وراءه وهى تقول:-
_ يا خالى أستن بس
طرق باب الشقة لتفتح “هدير” بفزع من طريقته فى الطرق الذي أرعبت كل من بداخل الشقة وخرجت “وصيفة” من غرفتها على صوت الدق على الباب ، تحدث بلهجة قوية مُرعبة:-
_ هى فين؟
خرجت “قُدس” من غرفتها مُرتدية فستان قطني باللون الوردي قصير يصل لركبتيها وشعرها مرفوع للأعلى على شكل كعكة، رآها تخرج هى الأخر من طريقة الدق بلهفة فأسرع نحوها و”هدير” تسأل بقلق من حالة الغضب التى وصل إليها أخاها:-
_ فى أى يا هادى
وصل أمام طفلته وبمجرد وصله نزلت لطمة قوية على وجهها من يده الكبيرة كادت أن تسقط الصغيرة أرضًا ليفزع الجميع وشهقت “وصيفة” بقوة مما تراه، تحدث بقوة:-
_ أطلق، والنبى طلقني … عايزة تطلقي عشان تمشي على حل شعرك يا فـا جــرة
هرعت “هدير” إلى أخاها ووقفت بالمنتصف بينه وبين “قُدس” التى سقطت دموعها من قوة لطمته والألم الذي شل خلايا وجهها، كانت فى حالة من الذهول وتجهل تمامًا سبب ضربها وغضب والدها منها، تحدثت “هدير” بغضب وهى تدافع عن صغيرتها:-
_ أي دا إنت أتجننت يا هادى، بتضربها ليه؟ عملت أى؟ وأزاى تمد أيدك عليها
أقتربت “وصيفة” منهما وقالت بحدة صارمة:-
_ إياك تمد أيدك عليها تاني إنت فاهم
مد يده بغضب يأكل عقله وصدره ليسحب من شعرها لتصرخ بألم، سحبها بقوة من خلف “هدير” نحوه لتتألم وهى تصرخ بفزع قائلة:-
_ أنا عملت أى يا بابا؟ اااااه أنت بتوجعني
_ عملت أى؟ بصي شوفي عملتي أى؟ وأطلق وأعيش معاه ليه؟
قالها بقوة وهو يضع الهاتف بيده الأخرى أمام عينيها فنظرت إلى الصورة وأتسعت عينيها الباكية على مصراعيها وهى ترى نفسها فى صورة مع شاب لا تعرفه وهى واثقة أنها لم تراه من قبل فكيف جاءت إلى حضنه هكذا، فاقت من صدمتها على صفعة قوة نزلت على وجهها جعلت وجنتها تزرق من القوة ونزفت أنفها، أنسدل شعرها من سحبه لها وأصبحت الصغيرة فى حالة فوضوية لتقول “هدير” بهدوء:-
_ طب أهدئي بس وبطل ضرب فيها ، بنتك حامل وممكن يجرالها حاجة هى واللى فى بطنها ، خلينا نسمع منها
لم يبالى بخبر حملها ومن جديد لطم وجهها بقوة وسط صرخاتها ثم مسك “قُدس” من شعرها بقوة يجذبها نحوه من الغضب الذي تملكه ليقول:-
_ أخرتها كدة، دا أخر دلعي فيكِ يا قُدس
كانت تشهق بقوة وهى لا تصدق ما تسمعه وخصيصًا التهمة التى سقطت على كاهلها وهى لا تعرف عنها شيء، كنت تنتفض بقوة من الصدمة وكم الضرب المبرح الذي نالته الآن فتمتمت بخوف أكبر مما يحدث:-
_ والله ما عملت حاجة، أنت أزاى تصدق أنى أعمل كدة أصلا؟ والله ما أنا
جذبها بقوة من شعرها لتصرخ بوجع من شدته وكاد أن ينزع خصلات شعرها فى يده، تحدث بلهجة مُرعبة:-
_ والصور دى، ها والحمار اللى مرمية فى حضنه ها؟ صور أمي دى
لم تفهم شيء وكيف تبرر موقفها وتنفى الذنب عنها وهى بالفعل فى الصور، انهل عليها بالضرب كالمجنون وهى اخذت شرفه للوحل، اقترب “هدير” و”وصيفة” منه محاولين إنقاذ الصغيرة من قبضتيه المُرعبة وهو الآن يسعى لقتلها فقط، هربت منه مُستغلة الفرصة لنجاة نفسها من الموت، خرجت من الشقة ترتجف والدموع تسيل على وجهها بغزارة، وجهها أحمر كالدم من كثرة الضرب التى تعرضت له وشفتيها جُرحت، نزلت الدرجات الأمامية للعمارة لتصطدم بـ “الجارحي” يدخل مع جده، صُدم من شكل زوجته وأثر الضرب على وجهها ودماء شفتيها وأنفها، حدقت به بضعف وخوف تملك منها لتقول بتمتمة:-
_ جارحـــ……
لم تكمل اسمه لتسقط بين ذراعيه فاقدة للوعي فتشبث بها بفزع ولا يعرف ماذا حدث ومن أوصل زوجته لهذه الحالة وتجرأ على لمس فتاته الصغيرة فتحدث بضعف وهو يحملها على ذراعيه:-
_ قُدسي…….
_______________________________
( مخزن الصحراوي )
وصل “جلال” على المخزن ليفتح العامل الباب الحديدي الكبير فدلف بالسيارة إلى الداخل ثم ترجل “كريم” من مقعد السائق ثم ألتف ليفتح الباب الخلفى للسيارة وترجل منها “جلال” يرتدي بدلته الزرقاء فهندم سترته واغلق الزر ثم نظر إلى الأمام وكانوا رجاله يملؤا المكان فى كل زاوية هناك رجل معلق من قدميه فى الحبل والدماء تملأ وجهها ورأسه، أقترب “جلال” منه فأشار “كريم” إلى الرجال لينزلوا الرجال ، لبوا أمره فنظر “جلال” إلى الرجل وقال:-
_ بركة أن لسه فيك الروح
بدأ الرجل يسلع وقال بتلعثم وصوت مبحوح:-
_ مياه … عايز مياه
تجاهل “جلال” طلبه وجلس على المقعد الموجود ووضع قدم على الأخرى ثم سأله ببرود مُخيف يقشعر البدن:-
_ أنت عارف أنا مين؟
أكمل الرجل سعاله بتعب شديد يظهر فى ملامحه ليقول “جلال” بجحود:-
_ ما دام اتجرأت ورفعت سكين عليا وغدرت بيا يبقى تعرف أنا مين؟
_ جلال الصياد
قالها الرجل بتعب واضح فى ملامحه والرجال يمسكوه من ملابسه وذراعيه فرمقه “جلال” وهو يضع السيجارة فى فمه وأشعلها بقداحته الذهبية، ثم أنفث دخانه يرعبه أكثر وهتف بحدة مُرعبة:-
_ جلال الصياد صاحب شركة الصياد للحراسة دا اللى قدام الحكومة ، لكن فى الواقع أنا رئيس أكبر عصابة فى البلد والبلدان اللى حواليا، الصياد دا مش لقب العائلة لأن معنديش عائلة ، الصياد دا لقب الوظيفة، عارف ليه أخترت الصياد لأني بتأنى أوى فى أختيار فريستي وبصبر عليها أوى أوى بس لما بتقع فى أيدي بتبقي نهايتها، ملهاش نجاة من أيدي تاني
تنحنح الرجل بتعب سافر وجلس على ركبتيه يزحف إلى قدم “جلال” وتشبث بها بقوة ثم قال بترجي:-
_ والله حرمت يا بيه، أطلب اللى عايزه، هم اللى هددوني بمراتي وعيالي ، أنا كنت مُضطر عشان أنقذ عيالى ومراتي
نفث “جلال” دخان سيجارته فى وجه الرجل ببرود ثم قال:-
_ بس أنا مكنتش مُضطر ، أنا كنت مُستمتع
نظر الرجل إلى وجه “جلال” المخيف وأبتلع لعابه بتوتر ثم قال:-
_ يعنى أى؟
_ كريم، طمنوا على مراته وعياله
تحدث “كريم” بنبرة باردة جدًا وعينيه تحدق بالرجل قائلًا:-
_ لا، الحمد لله سالمين كل واحد فيهم قطعة واحدة
_ روحوا لمراته وعياله
قالها “جلال” وهو يقف من مكانه وقال بهدوء يكاد يقشعر البدن:-
_ دى مجرد قرصة ودن عشان تكون عبرة للى يصورله عقله أنه يقدر يظهر عادى كدة قصاد الصياد
غادر المكان ليطلق الرجال سراح الرجل الذي فر هاربًا بإعجوبة لا يُصدقها عقله، رغم تعبه ومرضه ركض فى الطريق ليعود إلى منزله ودلف وكان المنزل هادئًا جدًا ومرتب، بحث عن زوجته وأولاده الثلاثة ليُصدم بفزع عندما رأى زوجته الحامل فى الشهر التاسع وعلى وشك الولادة مذبوحة فى الأرض وقد نحر عنقها وأخذ جنينها من أحشائها ووضع فى صدرها بعد أن أخرجوه هؤلاء المجرمون من رحم امه وأطفاله الأثنين جثث هامدة بجوار والدتهم ليصرخ بذعر من هول المنظر المُرعب الذي يراه وركض يبحث عن طفله الثالث فوجده مع رجل مُلثم ويضع السكين على عنقه وفى أقل من ثواني نحر عنقه، وقف الرجل من مكانه وقبل أن يتحرك نحو المُلثم أخذ رصاص فى رأسه سقط قتيلًا بجوار عائلته وكان هذا تهديد “جلال” له، غادر الرجل من المكان وأرسل رسالة إلى “جلال” تحتوى على كلمات بسيطة :-
_ تم المهمة نظيفة بدون أدلة
تبسم “جلال” بمكر شديد وهو يجلس فى سيارته التى وصلت إلى فيلا فى مديتنى ولا يبالى بشيء من قذارة أفعاله ودون أن ترجف له عيني من بشاعة ما فعله لطالما كان يصفوا الجميع بـ رجل بلا قلب لا يعرف الرحمة لطفل أو امرأة، يقهر دون أن يبالي …..
____________________________
( عمارة أبو النور )
خرج الطبيب من غرفتها بعد أن فحصها وقال بلطف:-
_ دى الأدوية اللى هتمشي عليها
أومأت “هدير” بنعم ليغادر الطبيب بهدوء، نظر “الجارحي” إلى الصور الموجودة فى الهاتف بهدوء ليتحدث “عمران” بنبرة خافتة قائلًا:-
_ أنا مكنش قصدى حاجة بس ……
لم يكمل كلمته فقاطعه لكمة قوية على وجهه اسقطه “الجارحي” على الأريكة من قوته بسبب غضبه وما تعرضت له زوجته فى غيابه بسبب هذا الأحمق، فزع الجميع وكان “هادى” جالسًا بجوار ” وصيفة” و”حمدى” ليتحدث “الجارحي” بنبرة قوية غاضبة:-
_ مين اللى طلب منك تصورها، أو حتى تتكلم عنها؟
_ بدل ما تعاقبه هو ، روح عاقب السنيورة اللى ……
كان يتحدث “هادى” بغلاظة وصوت خشن ليقاطعه “الجارحي” بنبرة حادة:-
_ عمى ، أنا مراتي أشرف من الشرف ومحدش يجرُأ أنه يتكلم عنها كلمة واحدة، وبصريح العبارة أحمد ربنا أوى أنك عمي وأبوها لأن اللى حايشنى عنك أنك أبوها، لكن حتى لو كنت أبوها ميحقلكش أبدًا ترفع أيدك عليها ، بنتك على ذمتى وأنا ولي أمرها دلوقت
ضحك “هادى” بسخرية وقال:-
_ وإي كمان يا سبع الرجالة
ألقي بالهاتف فى وجه “عمران” غاضبٍ ثم قال بغضب مُرعب:-
_ أمشي غور أطلع برا وأنا عايز أسمع أنك جبت سيرة مراتي على لسانك مرة تاني وساعتها هقطعلك لسانك
غادر “عمران” من الشقة مرعوبٍ من “الجارحي” ففتح باب الغرفة وخرجت “قُدس” منها مُنهكة من التعب وجسدها لا يقوى على حملها من الصباح وهى مريضة وبعد الضرب المبرح الذي تعرضت له زاد أرهاقها وتعبها، تحدثت بنبرة مبحوحة وخوف من والدها:-
_ أنا معملتش حاجة يا بابا، والله ما عــ……
قاطعها “الجارحي” بنبرة حادة صارمة حادقٍ فى وجهها يقول:-
_ إنتِ بتبرري لمين وليه؟ أسمعوا كلكم أنا مراتي أشرف من أتخن واحدة على ضهر الكون واللى بيفكر فى الموت بس هو اللى يحاول يجيب سيرتي، مراتي ليها راجل أسمه الجارحي أبو النور ، وأقفله الموضوع دا
أقترب منها ونظر فى عينيها الباكية وترتجف بحزن خائفة، تنهد بهدوء يلومها على هجره والبُعد عنه، أنحنى ليجملها على ذراعيه برفق فتشبثت بعنقه بضعف والآن أمانها معه وحده، أوقفه “هادى” بغضب وهو يقول:-
_ أنت واخدها على فين؟ قُدس من هتتحرك من هنا غير لما أفهم أى القرف اللى شوفته دا؟
تأفف “الجارحي” بغضب وقال بضيق:-
_ يا عمى بقولك مش مراتي عايز تفهم أى؟ اى مسمعتش عن مصايب النت والتكنولوجيا فى الزمن دا
تنهد “هادى” بضيق ثم قال بنبرة خافتة:-
_ طب أنا هعمل نفسي مصدقك ومش هى؟ مين بقى اللى هيركب صور للمدام ولا عمران مصلحته اى فى أن يركب صور زى دى؟
نظر “الجارحي” إلى وجه زوجته المتورم من الضرب وشعر بغصة قوية بداخله مما عانت “قُدس” به، لا يحمل رؤيتها تتوجع بهذا القدر فقال بضيق:-
_ دى بس بتاعتي أنا، أنا هعرف مين اللى عملها ومصلحته وهدفعه التمن من دمه عشان دا شرفي وعرضي… عن أذنك بقى عشان مراتي تعبانة
صعد بها إلى شقته وكان هادئًا، وضعها بالفراش برفق ووضع الغطاء عليها فتحدثت بصعوبة من الألم الذي تشعر به فى وجهها المتورم قائلة:-
_ أنت مصدقني ؟
_ أكيد
قالها ببرود دون أن ينظر لها ثم ألتف لكى يغادر الغرفة وقال مُستديرًا:-
_ متنسيش دوائكِ وأبقي كُلى عشان صحتك
غادر الغرفة وصعدت “سنية” له بالأكل الذي وصل مع ابن “عبدالعظيم” وضعه على السفرة ثم دلف إلى الشرفة واتصل بـ “يزيد” فسأل بهدوء:-
_ أنت قُلتي قُدس كانت معاك النهاردة طول اليوم؟
_ اه يا معلم
تنهد تنهيدة مُعبأة بالحيرة والتوتر ثم قال:-
_ هبعتلك عنوان فى المهندسين، فى واحد متخلف بيقول أنه شاف قُدس النهاردة الساعة 3 فى هناك عايزاك تتأكد من كاميرات المراقبة
تعجب “يزيد” من هذا الحديث وأجاب بثقة من كلماته:-
_ أتأكد من كاميرات مراقبة أى؟ الساعة 3 أنا كنت على باب الجامعة مع مدام قُدس وأتحركنا الساعة 3 ونص تقريبًا بعد ما طلبت العصير على البيت على طول ، هتأكد من أى وهى كانت معايا وقتها ، أزاى هتكون فى المهندسين فى نفس الوقت
أومأ “الجارحي” بنعم ثم قال بجدية وهناك شيء لا يفهمه:-
_ أنا عارف بس مش فاهم أى اللى يخلى عمران يقول كلام زى دا ويصور فعايز أعرف المكر اللى بخطط له تجاه قُدس عشان أقدر أحميها
أومأ “يزيد” له بنعم ثم أنهى الأتصال تمامًا ودلف إلى الداخل ليرى الطعام كما هو فتنهد بهدوء ودلف إلى المطبخ يجهز الطعام ووضع الأطباق على الصينية لأجل صغيرته وأخذه لأجلها فولج إلى غرفتها ليُصدم عندما رأى “قُدس” تقف على حافة الشرفة وتحاول أنهاء حياتها ………..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حرب سقطت راءها)