روايات

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الفصل السابع عشر 17 بقلم مريم محمد غريب

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الفصل السابع عشر 17 بقلم مريم محمد غريب

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الجزء السابع عشر

رواية حتى اقتل بسمة تمردك البارت السابع عشر

حتى اقتل بسمة تمردك
حتى اقتل بسمة تمردك

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الحلقة السابعة عشر

نبرته الهادئة و المهددة في آن معا ملأت قلبها رعبا ، فيما إنحني علي الفراش و قبض علي يدها بأصابعه الفولاذية ثم أشعل صوته بفضب حارق و تابع قائلا:
-اتجرأتي عليا اوي يا داليا بس و ديني الحركة دي مش هتعدي بالساهل و لا ليلتك هتعدي علي خير.
حدقت فيه بثبات مرعب ثم نطقت أخيرا فقالت محتدة:
-علي فكرة حضرتك .. انا مش ندمانة نهائي علي اي حاجة عملتها اي واحدة مكاني لو كانت شافت جوزها في الوضع اللي كنت فيه كانت هتعمل اكتر من كده.
أطبق يديه علي كتفيها العاريتين و راح يهزها بلا رحمة و هو يزأر من بين أسنانه:
-بتهزأيني قدام ضيوفي و الموظفين بتوعي و كمان بتقولي مش ندمانة ! لأ و لحظة قولتي ايه ؟ جوزك ! ده بأمارة ايه ؟؟
شعرت بقلبها يكاد ينخلع من صدرها ، و جاهدت بقوة حتي لا تفر دمعة خوف من عينها ثم قالت بأنفاس متقطعة:
-بأمارة اننا متجوزين طبعا .. ماعتقدش حضرتك نسيت يعني.
إشتعلت عيناه كالنار و هو يحدجها بغضب عارم ، ثم أنزل يديه و قبض علي معصمها بقوة قائلا بنبرة زادتها رعبا:
-طيب .. استعدي بقي يا داليا .. انا نازل اكمل الحفلة مع الناس اللي تحت قدامك شوية وقت .. حاولي تستفيدي من وقتك ده لاني لو رجعت و قابلتيني بالرفض .. هتجبريني ساعتها اني اتعامل معاكي بطريقة مؤلمة مش هتتحمليها.
لم ينتظر ردها ، بل هب واقفا ثم غادر الغرفة تتآكله عصبيته ، بينما ظلت لفترة طويلة بعد ذهابه تحدق في أثار قبضته الحمراء حول رسغها و كأنها سوار عبودية طبعته علي لحمها أصابع سيد جبار !
الليلة سوف يطالبها بأن تلعب دور الزوجة المطيعة و الخالية من الروح ، لا مهرب لها من عقابه المحتوم ، يبدو أنها لا تستطيع إحتمال عذاب أكبر ، فحبها له هو العذاب الأليم بحد ذاته !
أخذت تفكر به مليا .. قاسٍ هو إلي أبعد الحدود ، و ربما غير آبه لأي شخص أو لأي شيء ، و لكن الأمر الأكيد ، أنه في غضبه يبدو أكثر جاذبية !
تلك الأفكار المجنونة أذهلتها ، فكيف تجده جذابا في لحظات كهذه ؟ كيف تحبه إلي هذه الدرجة و هو السبب بكل آلامها ؟ و كيف لا تحبه أيضا و هو أكبر لغز بالكون ؟
هو السيء العنيف القاس ، و لكنه الأفضل علي الإطلاق ، يملك جاذبية صارخة ، منذ قليل لم يكن وسيم الطلعة كعادته فملامحه كانت صلبة و قاسية إلي درجة أن وصفه بالرجل الوسيم فقط كان نعتا لا يفي بالمطلوب ، إذ أنه دائما سواء في هدوءه أو ثورته يمتلك نوعا من العنف الرقيق ، أكد لها أن حياته لم تكن حياة إنسان لاه مسترخٍ ، كان معتادا علي الرفاهية فعلا ، لكن الشخصية التي بانت من خلال ملامحه لم تخلق من مثل نمط الحياة هذه ..
كان قاسيا في مشاعره و سلوكه ، و لكنها وقعت بحبه سهوا ، أغرمت به إلي أقصي حد ، فهو من حرك مشاعرها لأول مرة ، هو من أوقظ تلك الأنثي بداخلها ، هو من أوقد تلك الشعلة الملتهبة بداخلها التي بثت لهيب حبه بكيانها و التي لن تنطفئ حتي يتوقف قلبها عن الخفقان ..
لم تعلم كم مر عليها من الوقت و هي جالسة تخوض صراع قوي بين عاطفتها و عقليتها ، لم تنتبه إلا عندما إنفتح باب الغرفة و دلف”عز الدين”بمنتهي الهدوء بعد أن أغلق الباب من خلفه ، بينما هبت من الفراش مذعورة حين رأته يتقدم صوبها ببطء و كأنه أسد متربص جاهز للإنقضاض علي فريسته ، فرت من أمامه راكضة حيث إلتصقت بالجدار في أخر الغرفة ، فيما ألقي بثقله علي الفراش متهالكا مما أدهشها و أثار حيرتها !
بينما تنهد بعمق مسندا رأسه إلي حائط الفراش ، و تمعن فيها بكسل متأملا خوفها الظاهر بوضوح في دموع عينيها و رعشات جسدها ، ثم همس بلهجة صارمة:
-تعالي هنا.
تجمدت”داليا”بمكانها ثم هزت رأسها بخوف قائلة:
-لأ .. ارجوك .. قول اللي انت عايزه انا سمعاك من هنا.
أعاد عبارته بلهجة حادة مرتفعة:
-تعالي هنا.
إنتفضت”داليا”و دمعت عيناها ، ثم هزت رأسها ببطء رافضة ، أمهلها عشر ثوان للعدول عن رأيها ثم فقد صبره ، فقفز واقفا علي قدميه بعنف شديد و تقدم صوبها بخطوات غاضبة حتي وصل إليها ، فطرح يديه علي كتفيها ثم شدد قبضته عليها قائلا بنعومة شرسة:
-انتي بتزودي عصبيتي يا داليا .. اسمعي الكلام احسنلك.
ثم غرز أصابعه في كتفيها غير آبه بمقاومتها الركيكة ، فهتفت تقول بإرتباك مجنون:
-انا عارفة اني غلطت .. بس بس ..
-غلطتي !!
قاطعها بقوة ، ثم تابع بصوت قاس ٍ و كأن الغضب يسحق الكلمات بين أسنانه:
-انا متاكد انك ماكنتيش في وعيك اساسا لما اتصرفتي معايا انا كده و قدام الناس كمان .. بس احب اقولك ان اللي عملتيه ده اتنسي خلاص و محدش هيجرؤ يفتكر اللي حصل اساسا .. عارفة ليه ؟ لان كل الناس اللي شوفتيهم دول بيخافوا مني و اكبرهم قبل اصغرهم بيعملي حساب الا انتي.
إبتلعت ريقها بصعوبة و كادت تتكلم فسارع إلي القول بحدة:
-هو الموقف ده فعلا اتنسي بالنسبة للناس .. لكن بالنسبة لي انا لسا ماتنساش و مش هيتنسي قبل ما ادفعك التمن يا داليا .. واضح اني كنت لطيف معاكي لدرجة صورتلك اني ضعيف لكن لأ يا داليا مش انا .. مش عز الدين نصار اللي تعمل فيه كده واحدة زيك .. انا شكلي فغلا كنت غلطان لكن خلاص مش هتمادي تاني في الغلط ،، بس الاول لازم اصلح غلطتي.
تسمر بصرها في عينيه المشتعلتين وسط وجهه الغاضب المخيف ثم قالت بصوت مبحوح:
-ابعد عني .. لو سمحت.
برقت عيناها بدموع الخوف و هي تتوسل إليه ثم تابعت:
-انا بعتذرلك .. انا اسفة .. سيبني بقي.
إبتسم بتهكم قائلا:
-اعتذارك مقبول يا داليا .. بس ده مش هيمنعني عن اللي في دماغي بردو.
ثم قربها إليه حتي ألصقها به فشعرت بصلابة جسده ، بينما وضع قبلة عميقة علي وجنتها فإرتعت علي أثرها ، ثم نزل بقبلاته التي إزدادت حرارة و قسوة إلي عنقها ، فيما يداه تتلمس بقوة و بطء كافة أجزاء جسدها في إكتشاف مثير لمعالمه الأنثوية .. :
-بس .. ارجوك .. كفاية ماتعملش فيا كده.
رجته بضعف ، بينما عاد ينظر إليها و قد سيطر علي أنفاسه اللاهثة ثم رفع حاجبيه بإندهاش مصطنع و قال:
-و انا بعمل فيكي ايه بس يا داليا ؟ انتي مراتي و بطالب بيكي .. ده حقي.
رمقها بحدة ، فإنهارت قواها تماما تحت إصراره العنيف فراحت تبكي بهوان قائلة:
-ارجوك .. بلاش دلوقتي.
كانت تعلم بأن كل توسلاتها لن تؤثر فيه مثقال ذرة إذ أدركت أنها أبعدته عنها ما فيه الكفاية ، و أنه قد وصل إلي نقطة اللاعودة في نفاذ صبره و غضبه ، بينما عيناه الجائعتان مشطتا جسدها الملتف بالثوب الأسود المثير الذي كشف عن معظم جسدها و أبرز منحنياتها و مرتفاعتها .. ثم فجأة تذكر أنها ظهرت أمام ضيوفه بهذا الشكل مما أوقد نيران الغضب بكيانه مرة أخري ، فحدق فيها بقسوة ثم إنحني برأسه و إلتهم شفتيها بعنف ، قبلها بوحشية فأحست و كأنه يمتص الحياة من بين شفتيها ، حاولت جاهدة أن تقاوم ، أن تهرب ، لكنه أخمد محاولاتها بعنف و إصرار بالغين ، حتي خارت قواها و إستسلمت لدفء جسده الغامر ..
و لكن فجأة قفزت برأسها صورته مع جومانة في مشهد الرقصة الحميمية ، فعادت إلي صوابها و أبعدت وجهها عنه بقوة صارخة:
-لأ .. لأ مافيش اي حاجة هتتم بإرادتي.
رمقها بغضب ثم رفعها بين ذراعيه مزمجرا:
-يبقي غصب عنك بقي.
و توجه بها نحو الفراش ثم ألقاها بعنف ، و قبل أن تفيق من صدمتها كان قد كبل حركتها بجسده الضخم حيث قتل لها كل أمل بالفرار منه ، ثم أطبق شفتيه علي شفتيها مسكتا صراخها بقبلة وحشية ، فأيقنت بمرارة أن
أي مقاومة لن تأت بنتيجة ، و أنها لن تنسي أبدا هذه الليلة طوال حياتها … !
*******************************************************************
في الصباح التالي ، إرتدت”ياسمين” ملابسها و جمعت أدواتها و أشيائها المهمة إستعدادا للذهاب إلي الجامعة ، و بينما كانت تهم علي مغادرة غرفتها سمعت صوت إرتطام الحصي بزجاج شرفتها ..
قطبت حاجبيها مستغربة ثم إتجهت نحو الشرفة و فتحتها ، لتكتشف أن الفاعل هو”عمر” .. إبتسمت بخفة و هي تطل من الشرفة و كأنها جوليت تستقبل روميو:
-صباح الخير يا دكتورة.
حياها”عمر”بإبتسامة مرحة ، و قد وقف تحت الشرفة بملابسه التي لم تخل من الأناقة ، بينما حيته”ياسمين”بدورها:
-صباح النور يا استاذ.
ثم تابعت متسائلة:
-يا تري اقدر اعرف ايه الحكاية ؟ و كنت بترمي ايه في البلكونة ؟؟
ضحك بخفة ثم أجابها متجاهلا جزء من سؤالها:
-بصراحة انا رايح الجامعة عشان اجيب جدول الامتحانات لعبير فقلت الحقك يعني.
رمقته بحيرة قائلة:
-تلحقني يعني ايه ؟!
-اقصد اوصلك في سكتي يعني ما انا بقولك رايح الجامعة.
قالت بشك:
-بس اللي اعرفه انك دلوقتي مرفود من الجامعة بسبب خناقتتا المشهورة .. هتدخل عادي كده ؟؟
إمتعض وجهه بإنزعاج مصطنع فقال:
-طيب بتفكريني ليه دلوقتي ؟ انتي شكلك مش عايزاني اوصلك صح ؟؟
نظرت إليه صامتة ، فأومأ رأسه قائلا:
-عموما انا حبيت اعرض عليكي مساعدتي بما اننا بدأنا صفحة جديدة زي ما انا فاكر يعني .. بس واضح ان الكلام ماكنش طالع من قلبك.
قهقهت”ياسمين”بقوة ثم عادت تنظر إليه قائلة:
-تعرف ان الطريقة دي من اقدم الطرق للإستدراج ! بس انا موافقة انك توصلني بمزاجي فاهم ؟ بمزاجي.
عض علي شفته بغيظ خالطه إعجاب دفين ، ثم تطلع إليها باسما و قال:
-ماشي يا دكتورة .. و انا مستنيكي.
و أختفت”ياسمين”من أمامه إلي الداخل ، ثم إلتقطت أشيائها قبل أن تلبي دعوة”عمر”بكل مرح ..
علي الطرف الأخر كان”عمر”ينتظر نزولها ، و عندما ظهرت أمامه أخذ يتأمل جمالها الشبيه بجمال الأزهار ، ثم إقتطف لها زهرة صفراء ذهبية تقبلتها بإبتسامة خجلة ، ثم إستقلا السيارة معا و إنطلقا خارج أسوار القصر بينما كان موكب الشمس يتهادي في الأفق ، و نسيم الصباح يهب بلسعة باردة منعشة ..
إستغرقا في الطريق نصف ساعة تقريبا حتي وصلا إلي الجامعة .. :
-طيب يا استاذ عمر .. شكرا علي التوصيلة.
شكرته”ياسمين”باسمة ، فإحتج ضاحكا:
-طيب ايه لزمتها يا استاذ عمر دي .. ناديني باسمي عادي انا مش لابس طربوش يعني.
ضحكت لتعبيره قائلة:
-ماشي يا عمر .. شكرا تاتي و سلام بقي.
و كادت تدفع باب السيارة لتخرج إلا أن صوته المتردد إستوقفها:
-تحبي ارجع اخدك بعد ما تخلصي محاضراتك ؟؟
إلتفتت إليه مجددا ثم قطبت حاجبيها قائلة:
-مش عايزة اتعبك انا عارفة السكة كويس.
-مافيش تعب يا ستي و الله صدقيني انا فاضي مابعملش حاجة.
إبتسمت بخفة ثم قالت:
-ماشي .. و طالما انت مُصر كده يبقي انا اللي هاجيب جدول امتحانات عبير و خليك انت ماتدخلش منعا للمشاكل.
أومأ رأسه باسما ثم سألها:
-طيب هتخلصي الساعة كام ؟؟
نظرت في ساعة يدها ثم أجابته:
-هخلص علي الساعة 1 و نص.
-تمام هجيلك من 1.
منحته بسمة جامدة مراوغه ، ثم ترجلت من سيارته …!
********************************************************************
إستيقظت”داليا”متأخرة نحو منتصف النهار ، فتحت عينيها ببطء لتجد نفسها وحيدة بالفراش بل بالغرفة بأكملها .. دمعت عيناها و هي تتحسس الوسادة و الغطاء حيث كان يرقد”عز الدين”قبل قليل ، ثم إستوت جالسة علي الفراش الذي شه نهاية عذريتها …
هزت رأسها بقوة و هي تبتسم بمرارة سرعان ما تحولت إلي بكاء مرير ، دفنت وجهها بالوسادة التي مازالت تعبق برائحته و أخذت تنشج بقوة متذكرة تفاصيل الليلة الماضية ، بقدر ما تاقت إلي تلك اللحظة بقدر ما كرهتها عندما وقعت ، فهو إستخدمها كوسيلة لإشباع رغباته و حاجاته فقط ، و كان غير آبه إلا بنفسه مما أشعرها بالذل و الهوان ، ربما لو كان لطيفا معها لكانت تغاضت عن أشياء كثيرة و بادلته بمشاعرها الحأشة ..
لأول مرة تعرف”داليا”الشعور بالقهر و الإذلال .. في النهاية و عندما بدأت تشعر بنفسها علي وشك الإنهيار التام ، سحبت نفسها من الفراش و دلفت إلي الحمام ، بعد أن أخذت حماما كاملا ، لفت جسدها بروب الإستحمام ثم خرجت إلي الغرفة ، توجهت صوب المرآة ، وقفت تتأمل نفسها لطالما دل مظهرها علي الضعف ، لطالما كانت نفسها هشة قابلة للكسر ، و لكنها تحملت الشقاق طوال عمرها ليأتي حبيب قلبها و بضربة واحدة يحولها فتاتا ..
ثم فجأة عادت إليها كل الأفكار و المشاعر التي ملأت نفسها و قلبها بعد رؤية”عز الدين”مع”جومانة”و تصورت أن ملابس تلك المرأة منثورة في كل مكان بهذه الغرفة مما جعلها تنفجر باكية ، فهي تحبه كثيرا .. تحبه و تريده لها هي فقط ليس لـ”جومانة”و لا لأي إمرأة ممن يحومن حوله كالنحل حول وعاء عسل !
يجب أن تفعل شيء .. و لكن ماذا عساها أن تفعل ؟؟
*******************************************************************
وصل إلي شركته باكرا ، إذ شعر بضيق رهيب يحتل نفسه ..
كان جالسا خلف مكتبه شارد الذهن ، مشوش الأفكار حين دلف”خالد”فجأة صائحا:
-و ربنا انت ناوي علي خراب بيتنا .. بقي انا بقالي يومين غايب عن شغلي و بيتي عشان اشوف مصالحنا و اجي انهاردة الاقي شيكات البنك لسا ماتمضتش ؟!
و لكنه لم يحرك ساكنا ، فقطب”خالد”حاجبيه ثم هتف بإسمه:
-عز الدين .. عز .. عز الديييين !!
إنتفض منتبها ثم حول نظره إلي”خالد”قائلا:
-ايه يا خالد في ايه ؟؟
-في ايه !!
ردد متهكما ثم تابع:
-انت اللي في ايه ؟ مالك ؟؟
هز رأسه عابسا ثم أجابه:
-مافيش حاجة.
-مافيش حاجة ازاي ! انت مابتسرحش كده الا لو كان عقلك مشغول بحاجة و حاجة كبيرة كمان .. قولي يا عز في ايه ؟؟
تأفف قائلا:
-قلتلك مافيش حاجة يا خالد.
ثم سأله:
-قولي انت كنت عايز ايه ؟؟
تنهد”خالد”و هو يرمقه بشك ، ثم جلس قبالته و قال:
-اولا في شيكات مهمة عايزة تتمضي.
-و ثانيا ؟؟
-ثانيا بقي عايزك في موضوع.
-خير موضوع ايه ؟؟
-عبير يا عز.
قطب حاجبيه متسائلا:
-مالها عبير ؟؟
-امتحاناتها الاسبوع الجاي.
هز كتفيه في هدوء قائلا:
-طيب !!
-طيب ايه بس انت مش قولتلي قرب امتحاناتها هتقولها علي ميعاد الفرح ؟؟
-انا قلتلك قرب ما تخلص امتحاناتها يا خالد.
قال”عز الدين”بصرامة ، فتأفف”خالد”قائلا:
-مش هتفرق يا عز.
-انت مالك مستعجل كده ليه ؟ ما هي موجودة هتروح فين يعني ؟؟
-يا اخي بحبها ده غير اني خللت خلاص بقالي سنين مستنيها و انت اللي كنت دايما بتأجل بحجة دراستها اديها هتخلص اهو جوزهالي بقي.
رمقه بضجر ثم قال:
-خلاص بقي يا خالد انت صدعتني بالموضوع ده.
-صدعتك ! بقي كده ؟؟
زفر”عز الدين”بقوة ثم قال:
-اسمع يا خالد .. انا اكتر واحد مستعجل علي جوازكوا بس كل حاجة لازم تكون في وقتها .. صحيح انا عايز ارتاح من
مسؤلية عبير و اطمن عليها لكن كمان هي اختي الوحيدة و ابويا وصاني عليها اكتر من عمر .. عشان كده عاملتها بمنتهي اللطف من و هي طفلة لحد دلوقتي راعيتها اوي.
-يعني انا اللي هعذبها يا عز ؟ بقولك بحبها .. بحبها.
-خلاص يا سيدي عرفت انك بتحبها.
ثم تنهد بثقل و قال:
-هبقي أفاتحها في الموضوع لما اروح و انت ابدأ في التجهيزات.
هب”خالد”واقفا و قد إنفرجت أساريره ثم قال:
-انت بتتكلم جد ؟؟
-ايوه يا سيدي.
قال”عز الدين”في ضيق ، فتعالت ضحكات”خالد”ثم تركه مهرولا إلي الخارج بينما ذهل”عز الدين”قائلا:
-لا حول و لا قوة إلا بالله !!
********************************************************************
كلما عزمت علي القيام بالأمر يصيبها الجُبن .. فتتساءل .. أين كان الجُبن و الخوف عندما وقعت في المحظور ؟ أين ؟
و لكن عليها بفعل ذلك ، فليس أمامها خيار أخر ، إما أن تنتهي دون مشاكل ، إما أن تبقي في مواجهة مصيرها البائس المجهول .. هكذا صور لها شيطان نفسها حياتها البائسة ، حتي إنسجمت في تخيلاتها و كادت تمزق شرايينها بتلك الآلة الحادة ، لولا دخول الخادمة في الوقت المناسب:
-ست عبير.
هتفت”فاطمة”بخفوت ، بينما إنتفضت”عبير”مذعورة ثم خبئت السلاح الحاد تحت وسادتها قائلة بغضب:
-مش تخبطي قبل ما تدخلي ؟ ازاي تدخلي عليا منغير اذن ؟؟
توترت”فاطمة”ثم أجابتها متلعثمة:
-انا اسفة يا ست عبير ماكنش قصدي.
زفرت”عبير”بحنق ثم سألتها بنبرة أقل حدة:
-عايزة ايه ؟؟
-عز الدين بيه عايزك.
-عز الدين !!
رددت مستغربة ثم سألتها:
-هو فين ؟؟
-مستنيكي تحت في الهول الكبير.
أومأت رأسها قائلة:
-طيب انا نازلة روحي انتي بقي.
أطاعتها”فاطمة”حيث إنسخبت في هدوء ، بينما تحاملت”عبير”علي نفسها و تهضت ، ثم إتجهت صوب خزانتها و أخرجت رداء أبيض رقيق لتلف به جسدها ، و لتدارِ أيضا موضع سكون طفلها الذي بدا عليه النمو ، ثم غادرت غرفتها متهالكة حتي وصلت إلي حيث ينتظرها أخيها ..
كان يجلس بهيبة و عنفوان كعادته علي أحد المقاعد الوثيرة ، و ما أن رأها حتي إبتسم بخفة ثم دعاها للجلوس قائلا:
-تعالي يا عبير .. تعالي اقعدي.
إبتسمت بشحوب ناظرة إليه بأعين ذابلة ظللها السواد ، فيما إسترعي ذلك إنتباهه فسألها:
-مالك يا عبير ؟ انتي تعبتي تاني و لا ايه ؟؟
– لأ يا حبيبي مش تعبانة انا بس لسا صاحية من النوم.
همهم قائلا:
-مش عارفة انا ايه حكايتك ؟ بقالك فترة مش مظبوطة !!
توترت أعصابها فسألته بإرتباك:
-مش مظبوطة ازاي يعني يا عز ؟؟
هز كتفيه قائلا:
-مش عارف ! حاسك مكتئبة كده بقيتي بتقعدي في البيت كتير و مابتخرجيش مع صحابك زي عادتك بطلتي تطلبي مني فلوس زي الاول بردو حتي طريقة لبسك اتغيرت.
لم تجد كلاما مناسبا للرد علي ملاحظاته الثاقبة فإعتصمت بالصمت فيما هز رأسه قائلا:
-خلينا في المهم دلوقتي .. انتي اكيد عايزة تعرفي انا عايز اكلمك في ايه ؟؟
أومأت رأسها دون كلام ، فقال بتمهل و هو يناولها مجلد أسود أنيق:
-خدي الكتالوج ده .. عايزك تختاري احلي حاجة و اغلي حاجة اللي يعجبك شوري عليه بس و انا عليا الباقي.
أخذت”عبير”المجلد من يده ثم فتحته و تصفحته ذاهلة ، ثم عادت تنظر إليه متسائلة:
-ايه ده يا عز ؟؟
-ايه يا عبير مش واضح و لا ايه ؟ ده كتالوج هتختاري منه فستان فرحك.
إبتلعت ريقها بصعوبة و قد شحب وجهها حتي البياض فقالت:
-فرحي ؟ .. فرحي ازاي يعني انا مش فاهمة حاجة ؟؟
-ما هو عشان ما ببقاش الموضوع مفاجأة بالنسبة لك قررت افاتحك فيه دلوقتي .. انا حددت ميعاد الفرح مع خالد بعد امتحاناتك في نص الشهر الجاي .. مبروك يا حبيبتي.
هزت رأسها بقوة ثم نهضت و رددت كلمة”لأ”بلا وعي حتي سقطت مغشيا عليها ..
فأطلقت”فاطمة”صرخة عالية عندما دخلت في تلك اللحظة حاملة كوبا من القهوة لـ”عز الدين”فإنفلت من بين يدها و سقط أرضا ، بينما هرع”عز الدين”علي شقيقته بفزع حيث جثي علي ركبتيه إلي جانبها و أمسك بوجهها بين كفيه قائلا:
-عبير .. عبير مالك ؟ عبير !!
-ايه اللي حصل ؟؟
هتفت”داليا”بذعر عندما شاهدت ما حدث لدي وصولها ، و قد جاءت مهرولة علي أثر صراخ”فاطمة” ..
رمقها”عز الدين”بإضطراب و قلق ثم قال بتوتر:
-عبير .. مش عارف .. مش عارف مالها !!
ثم أخرج هاتفهه و طلب الطبيب كي يحضر لفحص أخته ، ثم أنهي المكالمة و حمل”عبير”إلي غرفتها حيث مدد جسدها المتراخ فوق فراشها الوثير ..
مرت ساعة كاملة حتي آتي الطبيب ، و بعد أن فحصها إنسحب من غرفتها إلي الخارج فتتبعه”عز الدين”بينما”داليا”جالسة إلي جانبها و القلق يعصف بها هي أيضا .. :
-مالها يا دكتور ؟؟
سأل”عز الدين”الطبيب بقلق ، فإبتسم الطبيب ذا الشعر الثلجي قائلا:
-ماتقلقش يا عز الدين بيه دي كانت إغماءة بسيطة و هتفوق حالا ماتقلقش.
-سببها ايه الاغماءة دي يعني ؟؟
-و الله مافيش اي مشكلة عضوية ممكن تكون نفسيتها تعبانة او ممكن تكون بتفكر كتير و قلقانة من ميعادها.
-ميعادها ! .. مش فاهم !!
ضحك الطبيب بخفة ثم قال:
-هما الستات دايما كده بيخافوا من اول مرة بس بعد كده هتتعود.
-هتتعود علي ايه ؟ اختي مالها يا دكتور فيها ايه ؟؟
-معقول !!
-معقول ايه ؟؟
سأله”عز الدين”بنفاذ صبر فأجاب:
-معقول ماتعرفوش انها حامل ؟؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حتى اقتل بسمة تمردك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى