رواية حتى اقتل بسمة تمردك الفصل الخامس 5 بقلم مريم محمد غريب
رواية حتى اقتل بسمة تمردك الجزء الخامس
رواية حتى اقتل بسمة تمردك البارت الخامس

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الحلقة الخامسة
حملق فيها غير مصدق ثم قال في صدمة:
-انتي ! انتي دخلتي لحد هنا ازاي ؟ مين اللي دخلك اصلا ؟؟
سارت نحو فراشه ببطء ثم قالت متعلثمة:
– أ ا انا .. حضرتك بقالك 3 ايام مش بتيجي الشركة و كان في ورق مهم جدا بتاع الـ 3 شحنات اللي جايين من باريس لسا ماتضماش و كان ضروري يعني يتمضي انهاردة و لما كلمت استاذ خالد اداني عنوان البيت هنا و قالي لازم اجي امضي حضرتك بسرعة عشان ارجع ابعت نسخة من توقيعك لفرع الشركة .. و بس حضرتك.
إرتفع”عز الدين”بجزعه و إرتكز علي مرفقه ساندا ظهره إلي وسادته فسقطت الأغطية حتي وسطه حيث بدا صدره العاري ، ثم قال بوهن جامد:
-انا نسيت خالص الموضوع ده . مش عارف ايه اللي جرالي !
ثم تابع بقسوته المعتادة:
-كانت فكرة كويسة انك تيجي و معاكي الورق عشان امضيه .. لكن ازاي تسمحي لنفسك انك تدخلي اوضتي بدون اسئذان يا انسة داليا ؟؟
عضت”داليا”علي شفتها ثم قالت متعلثمة:
-حضرتك .. انا خبطت كتير قبل ما ادخل لكن مالاقتش رد فإضطريت اني ادخل علطول عشان اخلص مهمتي بسرعة و امشي.
ثم تابعت بجمود متوتر:
-و بعدين حضرتك انا اترددت كتير جدا قبل ما اخطي خطوة واحدة في بيتك ده كله اصلا لكن مجرد ما كنت بفتكر الكارثة اللي كانت هتحصل للشركة كنت باجي علي نفسي و اقول مشوار مش هياخد كتير ده غير اني فكرت ابعت الورق مع اي موظف استقبال لكن افتكرت اني امينة علي اسرار الشركة و الورق المهم و علي اي حال.
قالت ذلك ثم همت بفتح حقيبة يدها و أخرجت ملف يحتوي علي بعض الأوراق ثم رفعت بصرها اليه و قالت في جدية بالغة:
-اتفضل حضرتك ده الورق امضيه بقي عشان لازم ارجع الشركة بسرعة.
حملق فيها في هدوء ساخرا كعادته فتوردت وجنتاها ، كم تكره تلك النظرة الساخرة و تلك البسمة المتمردة التي تشعرها بكونها فتاة صغيرة و لبس إمرأة تشع فتنة و دلال ، توترت”داليا”كثيرا كثيرا جراء نظراته و صمته و عندما قارنت إضطرابها بفرط هدوئه و ثقته الزائدة بنفسه أدركت حدود طاقتها علي مواجهته فأسرعت تقول في حزم:
-ياريت اخد امضيتك بسرعة يافندم عشان الحق ارجع الشركة و ابعت منها نسخة و …
-شششش .. اسكتي شوية.
لم تستطع مواصلة كلامها إذ قاطعها فجأة و هو يحدق فيها و عيناه تلمعان كعيني أسد متربص رغم مرضه ، ثم إنزلق بجسده و ترك الفراش فرأت قامته الفارعة تنتصب و هالها منظره الجذاب فأشاحت بوجهها عنه و بخطوات مضطربة سارت نحو الباب قائلة:
-أ ا انا انا هستني حضرتك برا.
-استني.
هتف بحزم فتجمدت بمكانها ثم قال بعد لحظات:
-تعالي يا انسة.
إلتفتت في بطء ثم رفعت نظرها إليه بروية ، رأت أنه قد إرتدي رداءً منزليا من الحرير الكحلي بينما لاحظت أنه يسعل بقوة فيما قال و هو يترنح بضعف نتيجة للحمي الذي تعرض لها:
-هاتي الورق.
كانت قد إقتربت منه و كاد أن يسقط لولا أنها إندفعت نحوه بدون تفكير و أحاطته بذراعها حتي يستند إليها و قالت بقلق صادق:
-حضرتك كويس ؟ لازم ترجع لسريرك ماكنش ينفع تقوم ابدا لازم تستريح.
فقال بصوت جاف:
-انا مش تعبان للدرجة دي.
ثم إتكأ عليها بينما قادته إلي الفراش حيث كانت الملاءة غير مرتبة ، فساعدته علي الجلوس في مقعد بجوار الفراش ريثما تصلح الملاءة و الأغطية فلم يعترض ، إنتهت”داليا”من ترتيب الفراش ثم ساعدته علي الوقوف إلا أن جسده المنهار قلب كيانها و أثقلها ، و لما عاوده السعال بقوة مرة أخري زلت قدمها فوقعا معا علي الفراش ..
إضطربت”داليا”كثيرا و حاولت أن تنهض و لكنها لم تفلح فقد كان جسده عليها يحبس أنفاسها ، بينما نظر إلي عينيها الخضراوين المذهولتين بإمعان ، كادت أن تتكلم و لكنه لم يعطها الفرصة حين قال:
-اصبري.
ثم وضع يديه قرب رأسها ليرفع نفسه عن صدرها فأسرعت تدفعه بجهد كبير و هي تشعر بصلابة عضلات صدره تحت كفيها حتي أعتدل و أستلقي جيدا ، وقفت”داليا”تتنفس بصعوبة و هي تجمع شتات نفسها ، كانت مضطربة أشد الإضطراب فأخذت تهدأ من روعها بينما شرع هو في إشعال سيكارة فإنتبهت إليه و جذبتها من فمه قائلة:
-ماينفعش خالص يافندم .. ماينفعش تدخن و انت في الحالة دي .. بالطريقة دي مش هتخف ابدا و هتفضل عيان و ممكن حالتك تسوء كمان.
رمقها”عز الدين”بحدة فتذكرت أنه رجل عنيف لا يقبل الإعتراض لكنه لم يفعل ، لم يعترض بل هز كتفيه متنهدا فيما جلبت إليه الأوراق ثم إقتربت منه قائلة:
-اتفضل الورق.
تنهد بثقل ثم مد يده و أخذ الأوراق من يدها ، أمسك بالقلم و بدأ يوقع ، بينما تألمت”داليا”كثيرا لأن سعاله إزداد حدة و وجهه إزداد شحوبا ، أرادت أن تقول شيئا أي شيء لتظهر له أنها مهتمة بأمره و بما حدث له بغض النظر عن فكرته عنها و سائر بنات جنسها ، و لكنها خافت من رد فعل عنيف فظلت صامتة حتي إنتهي من التوقيع ..
أومأت رأسها قائلة:
-ماشي .. كده تمام يدوب بقي الحق ارجع الشركة و ابعت نسخة من التوقيع.
ثم تابعت متسائلة:
-حضرتك عايز مني اي حاجة قبل ما امشي ؟؟
حدق فيها لبرهة بينما نظرت إليه في تساؤل و إذا بالباب يفتح لتدخل شقيقته التي راحت ترمق”داليا”بإعتلاء مقطبة حاجبيها:
-ايه يا عز .. عامل ايه دلوقتي يا حبيبي ؟؟
قالت”عبير”ذلك و هي تجلس علي الفراش بجانب شقيقها بينما تجاهل سؤالها قائلا:
-اومال فين خالد ؟؟
فأجابته:
-وصلني و مشي.
فسألها:
-مشي علي فين ؟؟
هزت كتفيها قائلة:
-معرفش !
رمقها أخيها بغضب فضغطت علي شفتيها في توتر بينما قالت”داليا”و هي تجمع حوائجها:
-طيب عن اذن حضرتك بقي.
-استني.
هتف”عز الدين”آمرا ثم تناول هاتفههو أجري الإتصال بـ”خالد”:
-ايوه يا خالد .. انت فين ؟ .. طيب ارجع .. مش بتقول هتروح علي الشركة ؟
.. طيب ارجع عشان تاخد معاك داليا .. يلا بسرعة.
ثم أغلق الخط معه و نظر إليها ثم قال بحزم:
-خالد هيرجع عشان ياخدك معاه في سكته .. هو مابعدش كتير مسافة ما تنزلي قدام البيت هتلاقيه قدامك.
أومأت”داليا”رأسها وشكرته ثم غادرت غرفة نومه مسرعة و هي تتنفس بعمق ، خيل إليها أنها إنعزلت عن العالم بأسره دهرا كاملا عندما إنفردت به في تلك الغرفة ..
خرجت”داليا”إلي باحة القصر و فعلا إلتقت”خالد”مباشرة فتوجهت نحوه فدعاها إلي الدخول بسيارته فعلت ذلك في هدوء:
-انا مش عارف اقولك ايه يا داليا ؟ بس بجد انتي انقذتينا انهاردة و عموما انا بشكرك علي المساعدة و بعتذرلك لو كنا تعبناكي معانا.
نظرت”داليا”إلي”خالد”ثم إبتسمت في هدوء قائلة:
-مافيش داعي للشكر او الاعتذار حضرتك .. المهم ان الشغل مشي تمام.
نظر لها”خالد”بإمتنان و شكرها مرة أخري ثم إدار عجلة القيادة و إنطلق سريعا إلي الشركة … !
*******************************************************************
مرت أيام أخري علي”داليا”في العمل و قد تعافي”عز الدين”تماما و عاد بقسوته و غطرسته مرة أخري ، لدي”داليا”إعتقاد راسخ بأنه لو تغير العالم بأكمله لن تتغير شعره واحدة من رأس”عز الدين”كم هو صارم متسلط ..
في يوم العطلة جلست”داليا”بغرفتها تفكر ، ظلت تسترجع تفاصيل ما حدث لها بمنزل”عز الدين”راحت تجاهد كي تبتعد بتفكيرها عنه لكن صورته بقيت تلح عليها ، كانت شاردة فيه لدرجة أنها لم تشعر بشقيقتها حين دلفت إليها:
-لأ و ربنا كده كتير.
قالت”ياسمين”ذلك و هي تجلس بجوار شقيقتها ثم راحت تنقل عينيها علي وجهها قائلة:
-ايه يا داليا ! من ساعة ما بدأتي شغل في الشركة الظريفة دي و الواحد مبقاش عارف يتلم عليكي.
قهقهت”داليا”بخفة قائلة:
-معلش يا ياسمين الشغل عايز كده هعمل ايه يعني.
فقال”ياسمين”بضجر:
-شغل ايه بس ده اللي يستغلك كده .. يا بنتي انتي بتنتحري في الشغل لدرجة انك بتجيبيه معاكي هنا و الكبيرة بقي انك ساعات بتروحي تشتغلي يوم اجازتك.
-يا حبيبتي مديري صعب شوية هو راجل بيحب شغله يكون مظبوط و من واجبي بقي اني اثبتله شطارتي عشان اكسب ثقته و احافظ علي وظيفتي.
علت علامات العجب و الدهشة وجه”ياسمين”التي صاحت:
-ما تقوليلي بالمرة انك بتفكري تشتغليله داده ! جري ايه يا داليا ماينفعش كده هو ماشتراكيش من سوق العبيد كل شيء بالعقل و انتي لازم تشتغلي علي اد وقتك محدش بيعمل عمايلك دي.
قهقهت”داليا”عاليا ثم قالت:
-حبيبتي و الله انا عارفة انك بتخافي عليا بس صدقيني كل حاجة كويسة انتي بس عشان مش واخدة علي اني انشغل عنك و اسيبك كل يوم فبتعملي كده.
ثم فجأة صاحت”ياسمين”بحنق:
-مافيش فايدة ماشي انتي حرة اضعفي كمان و كمان.
ثم غادرت غرفة شقيقتها و هي تتمتم في غيظ:
-اه لو اشوف البيه ده.
بينما تعالت ضحكات”داليا”في مرح ..
*******************************************************************
-مافيش حل غير انك تفاتح عز الدين بنفسك احسن انا خلاص زهقت من البني ادم اللي لازقلي ده.
قالت”عبير”ذلك عندما كانت تجلس في سيارتها بجانب حبيبها”حسام”الذي توتر فورا فقال:
-انتي بتقولي ايه بس يا عبير ؟ بقي عايزاني انا اروح اطلب ايدك من اخوكي كده عادي ! طب هقوله ايه ؟؟
-قوله الحقيقة.
-انتي اتجننتي و لا ايه ؟؟
هتف بدهشة ثم تابع:
-يعني عايزاني اروح مثلا و اقوله عز الدين بيه .. انا طالب ايد اخت حضرتك اصلنا بنحب بعض اوي لأ و علاقتنا كمان متطورة اوي تقريبا متجوزين .. عايزاني اروح اقوله كده ؟ ده يقتلني !
-لأ.
صاحت بغضب ثم تابعت:
-لأ مش عايزاك تقوله كده .. عايزاك تقوله انك بتحبني .. بتحبني و بس و ساعتها انا هيبقالي رأي .. افهم يا حسام الموضوع ماينفعش يجي من ناحيتي هيشك اننا علي علاقة من زمان ده بيشك في الهوا اللي حواليه و انا زهقت بقي .. زهقت منه و من خالد و منهم كلهم انا نفسي اعرف انت مش بتضايق لما بتكلمني و بقولك قاعدة او خارجة معاه !
إرتبك”حسام”قليلا فإبتسم و قد باتت نبرته أكثر حده حين قال:
-بيرو .. اهدي يا حبيبتي .. اهدي و حاولي تفهميني .. زي ما قلتلك قبل كده انا مجرد موظف صغير عند اخوكي .. اخوكي عز الدين نصار بجلالة قدره يعني انا فين و انتوا فين الموقف هيبقي صعب جدا عليا لما اروح اطلب ايدك منه متخيلة هيقولي ايه ؟ اكيد اول و ابسط حاجة هيعملها انه يطردني من الشركة.
تأففت”عبير”قائلة:
-طب لحد امتي هنفضل كده يعني ؟؟
-عبير .. خليكي فاكرة اني ماغصبتكيش علي حاجة كله كان بمزاجك لأ و خلينا نقول كمان و بتشجيعك ليا.
نظرت إليه في صدمة قائلة:
-يعني قصدك ان انا اللي غلطانة ؟ في الاخر بقيت انا اللي غلطانة يا حسام ؟؟
زفر بضيق بينما أومأت رأسها بأسي قائلة:
-عارف .. عندك حق .. فعلا انا اللي غلطانة .. غلطانة عشان حبيتك و عشان افتكرت انك بتحبني.
أغمض عيناه بشدة ثم حول نظره إليها و قال بلطف مصطنع:
-حبيبتي .. اهدي .. اهدي كده و اوعدك هنشوف حل بس خلاص بقي كفاية كلام اوي لحد كده عشان مانزعلش من بعض نبقي نتناقش بعدين .. اتفقنا ؟؟
هزت رأسها بالموافقة بينما إصطنع إبتسامة و هو يقول في نفسه”قال اطلب ايدها قال” … !
*******************************************************************
كانت تقف إلي جانبه ، تراقبه و هو جالس وراء مكتبه منكبا علي بعض الأوراق يتصفحها بتركيز بالغ و كم بدا جذاب ، حتي إنتهي تماما فرفع بصره عن الأوراق واضعا كفيه علي وجهه بتعب ثم أستند بظهره إلي مقعده و قد بدا مرهق منهك القوي ..
تطلعت إليه”داليا”بإشفاق ثم قالت:
-انت اجهدت نفسك اوي في الشغل اليومين دول يافندم.
ثم تابعت متسائلة:
-تحب اعملك قهوة ؟؟
وجه نظره إليها ثم قطب حاجبيه بشكل جذاب أقلق”داليا”فيما رف جانب فمه بإستسلام فعبرت تلك الحركة عن ضيق صدره الواسع فقال:
-ماشي.
منحته”داليا”إبتسامة رقيقة ثم إتجهت نحو ذاك الركن المنفرد بحجرة المكتب و الذي يحتوي علي طالولة و براد صغير ، أمسكت”داليا”بالإبريق الذي ملأته للتو ثم أوصلته بالكهرباء:
-مبسوطة في الشغل معايا يا داليا ؟؟
كان هذا صوت”عز الدين”الذي وجدته فجأة يقف خلفها ، شهقت بإضطراب جراء المفاجأة ثم أجابته باسمة:
-اه يافندم طبعا مبسوطة.
-و ياتري كونتي صداقات هنا بقي ؟؟
طغت السخرية علي صوته و ألهبت نظراته وجنتها فقالت:
-ايوه طبعا .. الناس اللي هنا كلهم كويسين و تقريبا كلهم اصدقائي !
-ممم .. طب يا تري مافيش صداقات خاصة بقي ؟؟
-انا مش فاهمة حضرتك تقصد ايه ؟؟
غمغمت و هي مدركة تماما لقصده بينما هز كتفيه بلا إكتراث قائلا:
-انا ماقصدش اتدخل في حياتك الخاصة لكن مجرد فضول مش اكتر .. اصل بصراحة شخصيتك محيراني شوية بمعني اوضح شداني.
رمشت بحيرة و رمقته بإرتباك و شك ، فرأته يبتسم و يمعن في جرأته ، إنها حتما أقدم لعب الإصطياد في العالم !
فسرت الأمر بأنها فتاة بسيطة من الطبقة المتوسطة ذات عادات و تقاليد صارمة أثارت إهتمامه فأراد التودد لها كي بنال منها مآربه و إلا لماذا يهبط رجل مثله لمستوي منخض كهذا ؟
-بيتهيئلي ان مشاعرك باردة شوية يا داليا ؟!
قال ذلك متسائلا فتوردت وجنتاها ثم عضت علي شفتها قائلة:
-باردة ازاي يعني مش فاهمة !
-لأ انتي فاهمة كويس.
قال ذلك ثم تأملها بخبث و قال:
-انا ممكن اعرف بنفسي اذا كنتي باردة و لا لأ لكن جايز اسلوبي مايعجبكيش.
إزداد محياها إشتعلا و تأكدت من نواياه تماما فأشاحت بوجهه عنه و قالت:
-اعتقد ان ده مكان شغل حضرتك و مايصحش ابدا الكلام في الامور دي هنا او في اي مكان تاني .. مايصحش.
-ليه يا داليا ؟ بتخافي ؟؟
عاد يسخر مرة أخري و هو يتفرص فيها بعينين وقحتين ، كانت متوقعة أنها حظت بالقليل من إحترامه و لكنها كانت مخطئة ، فسوف يبقي هو كما هو لن يتغير أبدا ..
فكرت أن تغادر مكتبه الأن يكفيها ذلك ، و لكنه وقف أمامها مباشرة يسد عليها الطريق و كأنه حزر رغبتها في الهرب ثم قال بتكاسل:
-شخصيتك .. شخصيتك يا داليا هي اللي حيرتني فيكي و شدتني ليكي .. اول حاجة رفضتي المبلغ اللي قدمتهولك لما جيتي عشان تشتغلي .. و تاني حاجة تصرفاتك .. تصرفاتك لما كنتي عندي في البيت و تحديدا .. في اوضتي.
أخذت تبتعد عنه فقبض علي خصرها و قهقه عاليا ثم قال:
-مش عارف انتي فيكي ايه ! بصراحة غريبة عليا جدا مش عارف اذا كنتي بتصطنعي البراءة و لا ذكية جدا و لا بتخططي لـ ايه مش عارف بجد مش عارف .. ماتقوليلي يا داليا انتي ايه في دول بالظبط ؟!
-انا و لا حاجة من اللي حضرتك قلت عليهم انا مجرد موظفة بحاول اشتغل بجهد و اخلاص و امانة .. و بس.
هتفت بغضب عاجز و هي تحاول الإفلات من أصابعه القاسية بينما قال:
-و لو انك نسيتي تضيفي حاجات تانية بس مش مشكلة .. كله هيبان مع الايام.
توقفت عن المقاومة إذ شعرت بضعفها أمام قوته إلي جانب شعورها بأنه كان مستلذا بمقاومتها ، مؤكد ذلك فلابد أنه لم يلقي مقاومة من أي إمرأة تعرف إليها في حياته و بالنسبة له هي نوع جديد و هوإشتاق للهو ..
لكنها تملصت بعنف شديد من قبضته ثم قالت محاولة الدفاع عن هشاشتها:
-لو سمحت .. سيبني يافندم .. مايصحش كده.
لم يآبه بتوسلاتها بل إحتجزها فجأة بين الحائط و ببنه فأعتراها إرتجاف أرخي مفاصلها ثم ردد و عيناه تفترشان محياها الشاحب:
-اظن دلوقتي انا لازم اعرف اذا كانت مشاعرك باردة و لالأ.
كانت”داليا”تننفس بعمق عندما ضمها”عز الدين”بقسوة و غيبها في عناق طويل ، حاولت أن تحافظ علي تقلص جسدها لكن دون جدوي ، تسربت قوتها بشكل أذهلها أي سحر ذاك الذي جعلها مستكينة بأحضانه هكذا ؟ و كأنها مصممة علي بعثرة بقايا مقاومتها فيما إرتفعت يداها تحاولان دفعه عنها فلم تصلا إلي أبعد من صدره حيث بدد ملمس عضلات صدره القوية كل صمود و تعقل ، دمعت عيناها لضعفها هذا، فبدأت تتنفس بثقل و أحست بما تملكه يده من خبرة في منعطفات الإثارة ، ثم فجأة أفاقت من غفوتها و عادت إلي رشدها حيث إستجمعت قواها و دفعته عنها بعنف جاهدة في التخلص منه ، و لوهلة رفض إطلاق سراحها ثم أفلتها فتراجعت إلي الوراء بسرعة و إستدارت بعيدا فشعرت فجأة بيديه القويتين تقبضان علي ذراعيها و تديرانها نحوه:
-محدش بيدور ضهره ليا.
غمغم بعنف ثم تابع:
-و خصوصا الستات.
إرتعشت بفعل قبضته الفولاذية و نظراته الغاضبة بينما قال متهكما:
-و بالأخص بردو الستات اللي زيك.
لمعت عيناها كالنار فلم تشعر بنفسها إلا حين رفعت يدها و سددت له صفعة مدوية سمعت دويها في أذنيها عاليا ..
بقيا صامتين كتمثالين ، وجه”داليا”مكفهر و ملوت و وجه”عز الدين”واضح خال من التعابير .. و في وسط كل ذلك تصاعد رنين هاتفها فإتجهت سريعا إلي حقيبتها و أخرجته لتجد المتصل شقيقتها فأجابت بصوت مرتجف دامعة العينين:
-ايوه يا ياسمين.
ثم هتفت في صدمة:
-ايه ؟ بتقولي ايه ؟؟
و لأول مرة في حياتها سقطت مغشيا عليها … !!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حتى اقتل بسمة تمردك)