روايات

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الفصل الثاني 2 بقلم مريم محمد غريب

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الفصل الثاني 2 بقلم مريم محمد غريب

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الجزء الثاني

رواية حتى اقتل بسمة تمردك البارت الثاني

حتى اقتل بسمة تمردك
حتى اقتل بسمة تمردك

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الحلقة الثانية

يا انسة .. ممنوع تسيبي اي سؤال فاضي حتي لو عن شيء صغير او حاجة مش في الـ CV بتاعك.
كان هذا صوت موظفة الإستقبال التي هتفت لتنبه”داليا”بينما سارعت”داليا”و نظرت إلي تلك الإستمارة ، وجدت أن خانات الأسئلة لا تزال فارغة ، ثم فجأة تذكرت كلام”فاتن”زميلتها في العمل السابق عن أن قليل من الكذب لا يضر و إنما يجمل ، لم يكن هذا رأيها و برغم أن بعض الأسئلة حيرتها كثيرا لكنها قررت أن تقول الصدق و ليساعدها الله ..
ملأت الإستمارة بتمهل و هي تراقب بين الحين و الأخر الفتيات و هن يدخلن و يخرجن .. جاءت فتاتان بعدها فأحست براحة لذلك ، فهي لا تحب أن تكون أخر من جاء .. أعادت الإستمارة للفتاة المسؤولة عن الإستقبال ثم عادت إلي مكانها مرة أخري و تساءلت في نفسها ، هل يقرءون تلك الإستمارات فعلا ؟
و بعد قليل بدأت”داليا”توتر .. كانت ماهرة في عملها السابق حيث كانت تعمل لدي مكتب صرافة و لكنها لم تكن متحدثة لبقة و لهذا تم إستبعادها من الوظيفة ، تمنت في تلك اللحظة أن يكون هناك إختبار للقدرات في هذا المكان و عندها سيتحدث عنها عملها ، أما هي فلن تستطيع التحدث عن نفسها ..
فكرت”داليا”في أن تسأل إحدي الفتيات عند خروجها من المقابلة ، لكنهن كن يذهبن خارج المكان بمجرد خروجهن من الحجرة المخصصة للمقابلة الشخصية
كانت تحتاج إلي العمل ، لكنها لم تكن واثقة من الحصول عليه تماما و لكنها أيضا لم ترد أن تفقد الأمل .. توقعت أن دورها سيحين علي الفور لكن هذا لم يحدث فقد أخذت كل فتاة وقتا طويلا جدا في إجراء المقابلة مما زاد من توترها ، فشعرت بالعرق يملأ راحتي يديها فأخرجت منديلا قطنيا و فردته في هدوء ثم جففت به يديها في بطء و عادت تطويه و تضعه في حقيبة يدها
مرت دقائق أخري خالتها”داليا”دهرا ،و في هذه اللحظة إقتربت منها موظفة أخري نحيلة ذات مظهر طيب و طبيعة حسنة ترتدي زي العمل الرسمي ثم قالت لها:
-اتفضلي معايا يا انسة دور حضرتك.
نهضت”داليا”و هي تشعر بعدم الثقة بنفسها رغم أنها كانت تبتسم مما ضاعف عصبيتها و إرتباكها ، كانت تعلم قدرتها علي العمل ، لكنها شكت في قدرتها علي توصيل ذلك لهم .. و لكنها أخيرا أخذت نفسا عميقا ثم تبعت الموظفة عبر الممر الطويل المغطاة أرضه بالسجاد الأحمر
كانت أعصابها مشدودة كالوتر و لم تكن تعرف ماذا تتوقع فهي علي بعد خطوات من حجرة المقابلة حيث يجلس رب العمل ، فتحت الموظفة أبوابا بيضاء مزدوجة و أشارت لها بالدخول .. دخلت”داليا”إلي الحجرة المخصصة للمقابلة الشخصية ، حدقت إلي تلك السجادة السميكة ذات اللون الرمادي التي وضعت علي أرض بيضاء رخامية و إلي ذلك الأثاث الفاخر .. شعرت و كأنها خارج نفسها بصورة يائسة ، تفحصت المكان في ذهول لم يحدث لها أن رأت مثل ذلك الترف في حياتها أبدا ، مقاعد بيضاء جلدية و ستائر قرمزية ، حشب أسوجي و طاولات تكسوها مفروشات حريرية .. وقفت في ملابسها المتواضعة البسيطة و كأنها بمكتب ملكي و ليس مكتب عادي لإجراء مقابلة عمل إتضح لها أن تلك المقابلات كانت تتم هنا ، بمكتب رب العمل ..
أفاقت من تآملاتها و خيلاتها علي صوت الموظفة:
-يا انسة .. ده مستر عز الدين نصار صاحب الشركة و رئيس مجلس الإدارة.
سرت بأوصالها قشعريرة خفيفة فيما كان يجلس”عز الدين”خلف مكتبه بهدوء محدقا فيها ، ألتقتت نظراتهما للحظة وجيزة قبل أن يتوجه بالحديث إلي الموظفة:
-تقدري تتفضلي انتي يا انجي .. مش جبتي إستمارة الأسئلة إللي مليتها الانسة ؟؟
-ايوه يافندم الاستمارة و الـ CV اهم الاتنين.
قالت الموظفة ذلك و هي تضع الملفات علي المكتب بينما أذن لها”عز الدين”بالإنصراف فأنسحبت بهدوء ..
ثم حول نظره إلي”داليا”و قبل أن يتفوه بكلمة تناول علبة بلاتين أنيقة و أخرج سيكارا وضعه بين أسنانه و أشعله .. شعرت”داليا”في تلك اللحظة كإنما ركبتاها ستبدآن بطرق الواحدة الأخري ، فيما كانت عيناه تتفحصانها بجرآة ساخرة إلي أن نطق أخيرا حيث قال بهدوء آمر مشيرا إليها بالجلوس في أحد المقاعد الجلدية قرب مكتبه:
-اتفضلي اقعدي يا انسة.
تقدمت”داليا”و جلست ببطء في المقعد قبالة المكتب ، كانت خجولة من مواجهته وجها لوجه فأخذت تحدق بالأرض حتي إنتفضت لدي سماعها صوته:
-انتي خريجة ايه يا انسة ؟؟
كان يحدق فيها من خلال نصف عينيه المقفلتين حيث بدا غير مبالي بها فتعلثمت و هي تقول:
-تجارة انجلش حضرتك .. و بعدين كل المعلومات اللي هتعوز تعرفها عن مؤهلاتي موجودة في الاستمارة اللي مليتها قبل ما ادخل.
رفع حاجبه و هو يهز رأسه ساخرا ثم قال:
-بس اعلان الوظيفة طالب موظفة دارسة ادارة اعمال يا انسة .. لان بجانب ب
وظيفة تخصصك هتكوني سكيرتيرة عام للشركة.
أجابت”داليا”في إنزعاج أمام نظرته المتهكمة الثاقبة:
-انا عارفة حضرتك الاعلان طالب ايه و جاهزة للوظبفة و الا ماكنتش جيت .. انا بعد ما خلصت كليتي عملت دراسات علية في ادارة الاعمال و الكمبيوتر ده غير اني بعرف انجليزي و فرنساوي و اسباني.
هز رأسه مرارا بسخرية ثم تناول إستمارتها بينما جفلت عيناها بتوتر ، فيما كان يقرأ بلا إكتراث و سيكاره يميل علي جانب فمه ، عينيه تستشعران أثر الدخان كجسدها المتوتر ..
إنتهي من القراءة سريعا ثم ألقي بالأوراق علي المكتب ثم نظر إليها بإمعان قبل أن يقول:
-إيدك .. كانت بتترعش و إنتي بتكتبي !
لم تجب .. فقط صمتت و هي تعض بقوة علي شفتها بينما تنهد و هو يطفيء سيكارته بعد أن أمتص عبقها الأخير بعمق ، كم يستلذ بذلك النفس الأخير منها ثم تناول الـ CV و تصفحه سريعا ثم ألقاه فوق الإستمترة:
-طب عندي سؤال.
قال ذلك بإرتقاب بينما نظرت إليه متسائلة فقال:
-ليه استبعدوكي من الوظيفة الاخيرة اللي كنتي فيها ؟؟
أجابته”داليا”بصراحة مطلقة:
-المكتب اللي كنت بشتغل فيه كان بسيط شوية فكنت واخدة مكان موظفة الاستقبال و حضرتك عارف ان موظفة الاستقبال شغلها الرد علي المكالمات و خلافه فلازم تكون متحدثة لبقة و الحقيقة دي ميزة مش فيا انا مش بعرف اتكلم كويس انما بعرف اشتغل كويس.
هز رأسه ببطء و هو يحلل كلامها بينما حدقت فيه جيدا .. لم يكن أبدا كما تصورت إذا إختلطت فكرتها عنه بصور غير واضحة عن رجال أعمال ناجحين بدينين ملامحهم غير إعتيادية ..
لم يكن”عز الدين”بنظهرها أحدا من هؤلاء الأشخاص فقد بدا لها طويلا عندما وقف فجأة فوقفت تلقائيا ، لم تكن قصيرة القامة و مع ذلك إضطرت للتطلع إلي أعلي لتكون في مواجهته ، كان نحيلا ذا جسدا ممشوقا مكدس بالعضلات يتمتع بقامة قوية صلبة بالإضافة إلي إناقته المتناهية كان يرتدي ثيابا باهظة الثمن و ربطة عنق من اللون الرمادي غير أن بشرته برونزية ملامحه قاسية بعض الشيء عينان عسليتان ، فمه حسن التكوين شهواني عليه مسحة قسوة ، شعره اسود غزير و أملس ..
إرتخت ركبتا”داليا”من الصدمة .. هذا اسوأ .. اسوأ بكثير مما توقعت و كأنها في مواجهة وحش بشري ، فوق هذا كله تلك البسمة الساخرة السريعة و كأنه قرأ أفكارها فقال:
-طيب .. انتي هتاخدي معاكي الـ CV بتاعك و هتسيبلنا الاستمارة و لو تم اختيارك هيوصلك مننا اتصال.
تلك الجملة لم ترضها ، بل شعرت بالضيق فلملمت أشيائها و غادرت الشركة ثم وصلت إلي بيتها ..
حاولت إقناع نفسها بأن حصولها علي هذا العمل لا يهمها في شيء لكنها لم تنجح في ذلك .. من كانت تخدع ؟ إنها في حاجة ماسة لهذا العمل حقا أنه ليس أخر عمل يمكنها التقدم إليه لكن المكان أعجبها كما أنها تعلم أن لديها الكفاءة اللازمة للعمل و لم يكن من العدل ألا تحصل علي الوظيفة بمجرد أنها لا تحسن تقديم نفسها و التعامل مع الغرباء !
تساءلت .. تري كم سيكون أجرها لو حصلت علي هذا العمل ؟ .. ضايقها التفكير في النقود فضمت قبضتيها بشدة و هي تتنهد بثقل و فكرت ، سحقا لهذا المال .. لا يملك الإنسان ما يكفي منه أبدا … !
*****************************************************************
إستيقظت قلقة عند منتصف النهار حينما شعرت به يمرر أنامله علي وجهها ، تململت بضيق ثم فتحت عيناها و نظرت إليه باسمة ثم قالت بغنج و دلال:
-حبيبي .. صحيت امتي ؟؟
-من بدري يا حبيبتي.
أجابها ثم تابع بقلق:
-عبير .. يا حبيبتي انتي لازم تقومي تمشي دلوقتي بقي .. انا خايف و قلقان بصراحة من وجودك هنا من امبارح.
قهقهت”عبير”بغنج ثم قالت:
-يا جبان .. خايف من ايه بس ؟ انت مش عارف ان عز مسافر بقاله 3 ايام ؟ و لسا مارجعش.
-ايوه بس اخوكي عمر ..
قاطعته مرة أخري ضاحكة ثم قالت:
-عمر ! .. لا يا سيدي عمر ده في وادي تاني لوحده.
و قبل أن يتفوه بحرف أخر قالت بحزم:
-حسام .. قلتلك بطل جبن بقي خايف من ايه ؟؟
-يا حبيبتي بصراحة قلقان من وضعنا ده .. انا مجرد موظف عند اخوكي في الشركة و كل ما بفكر كده مع نفسي لو عز عرف حاجة ! يا نهار اسود دي هتبقي كارثة اخوكي متهور و الله يقتلني مجنون و يعملها.
إسهجنت”عبير”جملته فقالت بحدة:
-و بعدين معاك ؟ لما انت جبان اوي كده و بتخاف ارتبطت بيا ليه من الاول ؟؟
-يا بيرو يا حبيبتي افهميني .. لازم نحط احتمالات لكل خطوة تخصنا زي ما المثل بيقول مش كل مرة تسلم الجرة و بعدين ماتنسيش خالد ابن عمك انتي لسا ما اقنعتيش عز الدين بفسخ الخطوبة.
-لا يا بيبي من الناحية دي اطمن انا مستحيل اتجوز خالد انا بحبك انت و قريب كل شيء بيني و بينه هينتهي.
قطع حديثهما صوت رنين هاتفهها ، مدت يدها إلي حقيبة يدها الملقاة أرضا و أخرجته لتجد المتصل”خالد”فنظرت إلي الهاتف في إستغراب و قلق في آن واحد فسألها”حسام”بقلق مماثل:
-ايه يا عبير .. في ايه مين بيتصل بيكي ؟؟
قالت ببطء شديد و عيناها معلقة علي شاشة الهاتف و كأنها شاردة:
-ده خالد .. بس ده رقمه إللي هنا ! .. معني كده إنه رجع مصر .. ممكن يكون رجع منغير عز ؟!
-يانهار اسود .. يعني اخوكي رجع ؟ .. شفتي يا عبير .. شفتي روحنا في داهية.
-شششش اسكت دلوقتي.
قالت بحدة ثم أخذت نفسا عميقا و أجابت بثبات:
-الو !
ليأتي صوت”خالد”الهادئ:
-حبيبتي .. صباح الخير .. عاملة ايه يا بيرو ؟؟
أجابته بشيء من التوتر:
-صباح النور يا خالد انا تمام الحمدلله .. بس ايه ده انت بتتكلم من هنا و لا ايه ؟؟
-اه يا حبيبتي .. ايه انتي ماتعرفيش ان انا و عز وصلنا امبارح بليل و لا ايه ؟؟
فإرتبكت قائلة:
-أاا .. لأ .. لأ ماعرفش اصلي اكيد كنت نايمة لما عز وصل.
-ممم .. ماشي يا ستي عموما انا اخدت من عز اجازة انهاردة بالعافية عشان اجي اشوفك و اقضي اليوم كله معاكي.
إنتفضت بذعر قائلة:
-ايه ! .. هتيجي ؟ هتيجي امتي ؟؟
-انا بلبس اهو .. ربع ساعة بالكتير و هكون قدامك يلا يا قلبي سلام مؤقت.
ما أن أغلق الخط معها حتي قفزت من موضعها و أرتدت ملابسها بسرعة كبيرة بينما سألها”حسام”بقلقه المعتاد:
-ايه اللي حصل يا عبير قوليلي في ايه ؟؟
كانت قد إنتهت من إرتداء ملابسها و أخذت حقيبة يدها ثم قالت له و هي تغادر راكضة:
-عز .. عز الدين رجع من امبارح بالليل يا حسام.
رحلت”عبير”فقال”حسام”في نفسه:
-عز الدين رجع ؟ .. يا نهار اسود يا ربي امتي هخلص من البت دي بقي .. !
******************************************************************
دخلت”ياسمين”إلي المنزل و هي تلهو بمفتاحها حاملة حقيبتها و بعض دفاتر الدراسة و وضعتهم فوق منضدة صغيرة توسطت حجرة الجلوس ، ثم هتفت و هي تعبر الردهة الداخلية الصغيرة:
-داليا ! .. انا جيييت .. انتي هنا ؟؟
إلا أن أحدا لم يجب فرمقت”ياسمين”ساعة يدها متسائلة فوجدتها الثانية و النصف بعد الظهر فظنت إنه ربما تعثرت”داليا”بالطريق و ستأتي في أي لحظة ..
توصلت إلي تلك النتيجة ثم تنهدت و نزعت معطفها و ألقته تعبة علي الأريكة ، بينما سمعت صوتا آت من داخل إحدي الغرف ، تتبعت أثر الصوت تاركة حاستها تقودها فوصلت أخيرا إلي المطبخ ، كان وقع تساقط الدسم من قطع اللحم تحت المشواة مثيرا للشهية حين دلفت”ياسمين”إلي المطبخ و هي تهمهم منتشية و أكتشفت وجود شقيقتها فنظرت إليها بتساؤل قائلة:
-ايه يا دودو .. باين رجعتي ها طمنيني بقي .. عملتي ايه في المقابلة ؟؟
تنهدت”داليا”بثقل قائلة:
-روحت .. قابلت مدير الإدارة.
-ها يعني ! .. ايه اللي حصل ؟؟
سألتها بإرتقاب فأجابت بإختصار:
-لو اتقبلت هيتصلوا بيا يا ياسمين.
زمت”ياسمين”شفتيها ثم ربتت علي كتف شقيقتها قائلة:
-ان شاء الله هتتقبلي يا حبيبتي و هتقولي ياسمين قالت.
إبتسمت”داليا”إبتسامة لم تصل إلي عينيها ثم قالت:
-طيب .. يلا عشان نتغدي انتي مش جعانة و لا ايه ؟؟
-لأ طبعا جعانة ده سؤال ! .. بس انتي غديتي ماما الاول ؟؟
-هستني حضرتك لما تقوليلي مثلا ! .. طبعا غديتها.
-ماشي يا ستي هروح اغير هدومي بسرعة اهو و جاية.
ثم توجهت إلي غرفتها بينما تعد”داليا”طعام الغداء بذهن مشوش تملأه الأفكار … !
*******************************************************************
عادت”عبير”إلي المنزل بسرعة قصوة و من ثم إلي غرفتها ، حرصت علي أن لا يراها أحد ، بدلت ملابسها سريعا لتسمع في تلك اللحظة طرق علي باب غرفتها .. هتفت متسائلة:
-مين ؟؟
-انا فاطمة يا ست عبير.
-عايزة ايه يا فاطمة ؟؟
-خالد بيه وصل تحت و قالي اطلع ادبكي خبر.
-طيب ماشي .. روحي انتي و انا نازلة اهو.
أطاعتها الفتاة و ذهبت بهدوء فيما تنفست”عبير”الصعداء فحتما لو لم تكن تصرفت بهذه السرعة لكانت الأن في مواجهة العديد من المشاكل و التساؤلات ، و لكنها لا تزال قلقة ، تري هل إكتشف”عز الدين”غيابها عن المنزل ليلة أمس ؟ .. لا ، مؤكد لم يكتشف فلو كان علم حقا لكان طوي الأرض بأكملها بحثا عنها ..
غادرت الغرفة بسرعة و هي متوترة الأعصاب لدرجة فائقة ، فلا زالت المفاجأت المخيفة مؤثرة عليها ، كانت آشعة الشمس تدفق علي جوانب ذلك البيت الفسيح ، في مكانا بإحدي زوايا الحديقة ذهبت”عبير”حيث كان يجلس”خالد”إلي طالولة خشبية صغيرة يحتسي القهوة
إبتسمت إليه رغما عنها عندما وقف لها إحتراما و محبة ، إقتربت منه فإبتسم قائلا بعدما وضع قبلة علي جبهتها:
-حبيبة قلبي .. مش ممكن تتصوري انتي وحشتيني اد ايه !
إصطنعت إبتسامة و هي تسحب مقعد لتجلس عليه بينما مد”خالد”يده و مرر أصابعه علي يدها بحنات قائلا:
-مالك يا بيرو ؟ .. شكلك متغير كده ليه ؟ في حاجه مضايقاكي ؟؟
نفت”عبير”ظنونه سريعا حيث قالت:
-لا ابدا مش متضايقة خالص بس بصراحة متفاجئة.
فسألها:
-متفاجئة من ايه يا حبيبتي ؟؟
هزت كتفيها قبل أن تقول:
-يعني .. رجعت كده انت و عز امبارح منغير ما تقولوا لحد !!
-السفر جه فجأة و الله يا حبيبتي .. اصلنا خلصنا الشغل بسرعة و كل حاجة تمت علي الخير الخمدلله فقطعنا التذاكر علطول و رجعنا.
-كده منغير ما تبلغونا ؟!
-عادي يا عبير .. ايه المشكلة ! .. المهم قوليلي انتي ايه اخبارك ؟ عاملة ايه و عملتي ايه في اليومين دول لوحدك ؟؟
تنهدت”عبير”و راحت تحاكيه بملل:
-الحمدلله انا كويسة .. و هعمل ايه يعني كنت قاعدة في البيت طبعا.
-معلش يا ستي عارف انك زهقتي بس انا هظبت بومين كده و هخرجك في الحتت اللي انتي عايزاها.
أومأت رأسها في ملل بينما إنفرج ثغره بإبتسامة حينما قال:
-انا بقي جبتلك هدايا كتير لما كنت في السفر ان شاء الله هيعجبوكي.
إصطنعت إبتسامة ثم قالت:
-اه .. ميرسي يا خالد تعبت نفسك ليه بس ما انا عندي كل حاجة.
-يا حبيبتي انا لو اطول اجبلك الدنيا كلها تحت رجلك مش هتأخر.
أغمضت عيناها بغيظ لأنها لم تعد قادرة علي النظر إليه .. :
-ههههه خالد نصار بيتكلم بالشعر يا رجالة.
كان هذا صوت”عمر”الذي إنضم إليهم فجأة ثم تابع بمرحه المعتاد:
-امووت و اعرف بتحب فيها ايه ! .. يعني من جمالها و لا من رقتها اااخ يابني ده انت هتاخد حتة مقلب .. هتبقي غلطت عمرك دي مابتعرفش تعمل كوباية شاي هههههه.
بينما أجابه”خالد”مستنكرا:
-دي هتبقي عمري كله يا استاذ عمر.
ثم إبتسم بنعومة و أضاف:
-و بعدين مين قالك اني عايزها تتعلم في الحاجات دي لا حبيبي دي هتعيش ملكة في بيتي.
فضحك”عمر”قائلا و هو يجلس بجانبه:
-طب يا حبيبي اشبع بيها و الله هتكون عملت فينا معروف لما هتاخدها من هنا.
فيما لاحظ”خالد”بعض الكدمات البسيطة بوجه”عمر”فقال:
-واضح ان اثر الخناقة لسا ماختفاش يا استاذ عمر .. عز لسا ماشافكش صح ؟؟
-لسا.
قال بضجر ثم تابع:
-و حتي لو شافني يعني هيعمل ايه ؟؟
-هيعمل كتير يا بيه.
كان هذا صوت”عز الدين”الذي وصل لتوه ، نظر إليه الجميع بقلق عدا”عمر”رمقه ببرود فرفع حاجبيه و سحب مقعد ثم وجه إليه نظراته الثاقبة الغاضبة وقال بهدوء مرعب:
-ايه اللي في وشك ده يا عمر ؟؟
تأفف”عمر”قائلا:
بقولك ايه يا عز .. انت عارف كل حاجة فماتلفش و تدور هات من الاخر.
فهمهم”عز الدين”قائلا:
-همم .. عندك حق .. نجيب من الاخر احسن بلاش نخش في تفاصيل.
ثم تابع بصوت أجش:
-قدامك اختيارين يا عمر .. يا تنزل من بكرة معانا في الشركة و تمسك الشغل .. يا تطلع من البيت ده و ماشفش وشك تاني نهائي.
فصرخ”عمر”بإنفعال:
-و الله ! .. ده علي اساس ايه الكلام ده ان شاء الله ؟!
أجابه”عز الدين”بهدء أعصاب:
-علي اساس ان كل مليم سابه ابوك مكتوب باسمي.
نظر”عمر”إلي أخيه و الشرر يتطاير من عينيه قائلا:
-انت بتهددني يا عز ؟؟
-انا بخيرك يا حبيبي مش بهددك .. يا تيجي تشتغل معايا في شركة ابوك و تقعد في بيتك معزز مكرم .. يا ترفض و ماشفش وشك تاني.
فصر علي أسنانه قائلا:
-طب و الكلية ؟؟
-كلية ايه بقي انت مش اترفدت ؟؟
-يعني ايه ؟ .. هتسكت مش هتتصرف و ترجعني ؟!
فقال”عز الدين”بإنفعال:
-يا راجل ! .. خايف دلوقتي علي مستقبلك ؟ .. و كان فين خوفك ده لما هببت الدنيا في الجامعة و ضربت الامن كمان .. ما تقول سكتت ليه ؟؟
صمت”عمر”لم يجد ما يضيفه فتنهد”عز الدين”قائلا:
-ماشي .. هديك فرصة .. مش هتدخل الامتحانات السنة دي و هتنزل الشفل معانا زي ما قلتلك .. مشيت صح السنة الجاية هتكون في كليتك اتعوجت انت عارف الحل البديل ايه.
كبت”عمر”إنفعاله بجهد بينما حول”عز الدين”نظره إلي شقيقته فقال:
-و انتي يا هانم .. كنتي فين امبارح ؟ لما رجعت مالاقتكيش !
توترت”عبير”بينما سألها”خالد”مسغربا:
-انتي مش قولتيلي انك كنتي قاعدة في البيت ؟!
تماسكت”عبير”و أختلقت كذبة قائلة:
-اصل لينا صحبتي كان عيد ميلادها امبارح و عزمتني و لما روحت ماتبسطش اوي فرجعت و كنت متضايقة شوية لدرجة اني نسيت اقولك لما سالتني اصلا.
هز”خالد”رأسه بتفهم بينما نهض”عمر”بغضب تاركا إياهم ثم تبعته”عبير”قائلة:
-طيب انا هروح اشوفهم حضروا الغدا و لالأ .. هتتغدي معانا يا خالد مش كده.
أومأ رأسه باسما بينما ذهبت مسرعة ، فنظر”خالد”إلي”عز الدين”و سأله:
-ها يا سيدي .. طمني الشركة عاملة ايه ؟؟
-كويسة.
أجابه بإختصار فسأله:
-طب و عملت ايه في موضوع السكيرتيرة ؟ .. اخترت حد و لا لسا ؟؟
نظر إليه مترددا فهز”خالد”رأسه قائلا:
-لأ .. لأ الله يخليك .. ماتقولش انك طفشت الناس اللي جت.
-يا عم ماطفتش حد.
قال بضيق ثم تابع بإنفعال:
-انا مش فاهم بس لازم تكون سكيرتيرة ماينفعش سكيرتير !
-يا عز سكيرتير ايه بس بقي انت عايز وجهة الشركة يبقي راجل ! .. يا اخي قول كلام غير ده .. بقولك ايه ماتعملش فيها شهيد مش عليا الكلام ده رغم كل حاجة انت بتميل ساعات للستات فمتعملهاش حكاية بقي و شوف هتختار مين عشان في شغل كتير متعطل.
تنهد”عز الدين”مستسلما ثم فجأة قفزت برأسه صورتها حينما قالت”انا مش بعرف اتكلم كويس .. انما بعرف اشتغل كويس” .. فقال:
-اختارتها خلاص.
****************************************************************
في صباح اليوم التالي جلست”داليا”تتناول الفطور مع شقيقتها علي طاولة تتوسط المطبخ ، كانت علامات الحزن و الخذلان و الضيق عالقة بمحياها و كانت”ياسمين”تسترق النظر إليها بحزن بين الحين و الأخر ..
ثم فجأة تعالي صوت رنين الهاتف المنزلي فقالت”ياسمين”:
-خليكي انتي يا دودو .. انا هرد.
و ذهبت لتجيب ، لم تمر لحظات حتي هتفت:
-داليااااا .. تعالي بسرعة … !

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حتى اقتل بسمة تمردك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى