رواية حتى اقتل بسمة تمردك الفصل الثامن عشر 18 بقلم مريم محمد غريب
رواية حتى اقتل بسمة تمردك الجزء الثامن عشر
رواية حتى اقتل بسمة تمردك البارت الثامن عشر

رواية حتى اقتل بسمة تمردك الحلقة الثامنة عشر
ظهر”عمر”في تلك اللحظة ، فأقبل بتوجس علي شقيقه و الطبيب ، بينما إحتلت الصدمة أركان وجه”عز الدين”حيث إتسعت عيناه بشدة و تصلب فمه بإضطراب غير مصدق .. :
-في ايه يا عز ؟ ايه اللي بيحصل هنا ؟؟
قال”عمر”ذلك موجها حديثه إلي أخيه ، بينما تجاهله”عز الدين”و عاد يسأل الطبيب مرة أخري و أخيرة:
-انت .. متأكد .. متأكد يا دكتور انها حامل ؟؟
أومأ الطبيب رأسه قائلا:
-طبعا متأكد يا عز الدين بيه دي دخلت في الشهر الرابع الاعراض واضحة جدا و انا بصراحة مندهش انكوا ماعندكوش علم بالخبر !!
و كأن هذا الكلام هو ما كان يحتاجه”عز الدين”تماما كي يصدق و يتدارك الأمر ، بينما أعاد”عمر”سؤاله مجددا:
-عز الدين ! في ايه ؟؟
إلتفت”عز الدين”إلي أخيه فحدجه بصرامة قائلا:
-وصل الدكتور.
ثم إستدار و إتجه إلي غرفته سريعا .. دلف بعصبية و أخرج هاتفهه و بحث في قائمة الإتصالات عن إسمه حتي وجده ، فأجري الإتصال به .. ليأتي صوته الهادئ بعد لحظات:
-ايوه يا عز !
-تعالالي حالا.
قال بلهجة هادئة مرعبة ،بينما علي الطرف الأخر سأله بقلق:
-في حاجة و لا ايه ؟؟
-لما تيجي هتعرف.
أجابه بصوت صارم أجش ، فصمت قليلا ثم قال:
-طيب انا جاي انت في البيت يعني ؟؟
-ايوه.
-ماشي انا عموما قريب من البيت.
-متتأخرش.
نبهه”عز الدين”بجمود ثم أغلق الخط و نيران الغضب تتأجج بداخله ، فيما دلف”عمر”فجأة صائحا:
-عز الدين .. الكلام ده حقيقي ؟ الكلام اللي سمعته من الدكتور ده صحيح ؟ عبير حامل ؟؟
حول”عز الدين”نظره الغاضب إلي أخيه قائلا:
-اخرس .. اخرس انت دلوقتي.
-يعني ايه اخرس انت دي ؟ هو انا مش اخوها بردو و لا ايه ؟!
هتف”عمر”بعصبية بالغة ، فصاح به”عز الدين”بغضب جامح:
-اخوها ! لو كنت اخوها زي ما بتقول كنت فتحت عينك عليها كنت خدت بالك منها كنت عملت حساب اني شايل علي كتافي مسؤلية حملهالي ابوك و هي اني احافظ علي الشغل و علي الثروة و الجاه اللي عملوا عشانكوا لو كنت اخوها كنت اتصرفت زي الرجالة.
صمت”عمر”مصدوما أمام إتهامات شقيقه ، فرمقه”عز الدين”بحقد سافر قائلا:
-اديني سبب واحد يخليني ماقطعكش حتت.
أطرق”عمر”رأسه بإنكسار ، بينما دلفت الخادمة في هدوء حذر قائلة:
-عز الدين بيه ! خالد بيه وصل تحت.
ما أن سمع”عز الدين”ذلك حتي هرول راكضا إلي الأسفل يتبعه”عمر” ..
و أخيرا و صلا إلي”خالد”الذي بدا مندهشا من الشكل الذي بديا عليه الشقيقين ، بينما إقترب منه”عز الدين”ثم جذبه ثيابه صارخا:
-انت عملت ايه في عبير ؟؟
-عملت ايه في عبير !!
ردد”خالد”بإضطراب ذاهل ثم تابع:
-ماعملتش حاجة .. ليه مالها عبير ؟؟
صاح”عز الدين”بقوة:
-انت هتستعبط عليا يا خالد !!
أنزل”خالد”يدي”عز الدين”عنه بعنف ثم صاح بحدة:
-كلمني عدل يا عز الدين انا مش فاهم حاجة .. قولي ايه الحكاية عشان اعرف ارد عليك ؟!
-حقيقي مش عارف في ايه ؟؟
هتف”عمر”بحنق و هو يرمقه شزرا ثم تابع:
-مش عارف انك استغفلتنا و غلطت مع عبير ! ايه كنت فاكر ان الموضوع هيفضل سر و اننا مش هنعرف ؟؟
-ايه الكلام الفارغ ده ؟؟
هتف”خالد”بصدمة مقطبا حاجبيه في غضب ثم تابع:
-مافيش اي حاجة من دي حصلت .. مين اللي قال كده ؟؟
-انت لسا هتكدب بعد ما عرفنا انها حامل ؟!
تضاعفت صدمة”خالد”بقوة عارمة ، فإتسعت عيناه و كاد لا يصدق ما سمعه فقال:
-هي مين دي اللي حامل ؟ عبير ! عبير حامل ؟ ازاي ؟!
في تلك اللحظة كانت النظرات مشدودة إلي”عز الدين”الذي بدا و كأنه سينفجر في أي لحظة تحت تأثير غضبه ، إذ أنه لم يخدع أحد بسكوته فقد كان ثائرا كالبركان بداخله ، بينما أمسك”خالد”بذراعه و ألح قائلا:
-قولي يا عز .. قولي الكلام ده مش صح عبير مش حامل انتوا بتهزروا مش كده ؟؟
كاد”عز الدين”يشك بإنفعال”خالد”لولا أنه لمح عيناه تبرقان بوميض دامع فقطب حاجبيه قائلا بحدة:
-انت قصدك تقول ايه ؟ يعني هي مش حامل مـ …
-مش مني.
هتف بصوت حاد كالسكين ثم تابع بمرارة:
-انت متأكد يا عز الدين ؟ مين اللي قالك كده ؟؟
كان كلام”خالد”و نظراته المقهورة كفيله لتفجير بركان الغضب بنفس”عز الدين” .. :
-عبييييير.
علا صوته و كأنه سوط لاهب ، ثم أسرع راكضا إلي غرفة شقيقته يتبعانه”خالد”و”عمر” ..
دفع باب الغرفة بعنف إرتعدت”داليا”بقوة علي أثره حيث كانت تجلس علي الفراش إلي جانب”عبير”التي بدا عليها السقم و الإنهيار ، ما أن رأت أخيها أمامها حتي ضغطت بيداها بشدة علي يدي”داليا”و كأنها تحاول أن تستمد القوة منها ، بينما تقدم”عز الدين”صوبها بخطي واسعة غاضبة حتي وصل إليها ، فقبض علي خصلات شعرها ثم إنتزعها من الفراش بقوة وحشية صائحا:
-قووومي .. انطقي و قوليلي مين اللي عمل فيكي كده ؟؟
شدد قبضته علي خصلات شعرها ، فأخذت تتلوي من الألم صارخة بضعف ، و عندما لم تجد”داليا”أي تدخل من قبل “خالد”أو “عمر”مما أدهشها هرعت نحوه و شدت ذراعه و هي تستجديه قائلة:
-حرام عليك سيبها بتعمل فيها كده ليه ؟؟
-ابعدي عني.
كان العنف يتدفق من عينيه و كاد يصعق كل من بالغرفة بغضبه ، فإنتفضت”داليا”مذعورة إلا أنها تابعت محاولاتها اليائسة لحماية”عبير”من تلقي الأسوأ من شقيقها .. فيما نطقت”عبير”أخيرا فقالت بصوت متهدج و أنفاسها تتلاحق بعنف:
-سامحني .. سامحني يا عز الدين.
راح يهزها بلا رحمة صارخا:
-انطقي مين اللي عمل فيكي كده ؟ خالد ؟؟
إنهمرت دموعها بغزارة ، ثم هزت رأسها نفيا و هي تنقل نظراتها بين”خالد”و شقيقها بمرارة ، بينما ترك شعرها فجأة ثم صفعها بقوة ، فترنحت و إنهارت علي فراشها و هي تنشج بالبكاء المُر ، كانت تنتحب و كأنها تحتضر ، فأسرعت”داليا”و أمسكت بذراع”عز الدين”مجددا في محاولة يائسة للحؤول دون إسترساله في الغضب ، فيما إلتمعت عيناه ببريق مخيف فإنحني صوب أخته و إنهال عليها بالصفعات صائحا بجنون:
-هدبحك يا عبير .. هدبحك .. طلعتي سافلة زي امك يا ***** يا *****.
و لكن لمن كل هذه الكلمات و الصفعات ؟ فهي ما عادت تسمعه إذ فقدت وعيها تدريجيا جراء الألم النفسي و الجسدي ..
فصرخت”داليا”بذعر عندما شاهدت الدماء تدفق من داخل”عبير”و تلوث ثيابها و أغطية فراشها .. و كأن تلك الصرخة هي الصفعة التي تلقاها”خالد”ليتحرك من موضعه ، فهرع نحو”عبير”في لهفة مضطربة مانعا أخيها من إلحاق مزيدا من الأذي بها ، بينما أسرعت”داليا”و أمسكت بهاتفها لتطلب مساعدة شقيقتها …
********************************************************************
مر إسبوع كاملا علي تلك الحادثة و كأنه دهرا ..
فقدت”عبير”طفلها نتيجة الضغط العصبي الشديد الذي تعرضت إليه و الذي أثر علي سائر أعضاءها سلبا فلازمت المكوث بالمشفي حتي الأن ، بينما ساءت الأوضاع و إنقلبت الأحاول رأسا علي عقب علي الجميع .. فقد خيم جوا من الكآبة و الحرد و النكد علي قصر الـ”نصار”بحيث لا مجال للكلام مع أي فرد بالمنزل ، و لا حتي هناك مجال لتناول وجبة طعام جماعية علي طاولة واحدة !
أما بالنسبة إلي”داليا”لم تتمكن في الأيام الماضية من محو آثار الصدمة التي تركتها”عبير”و مع مرور الأيام وجدت”داليا”نفسها تميل إلي التعاطف تجاه”عز الدين”فقد صُدم كثيرا بحياته ، و تلك الصدمة الأخيرة كانت بمثابة الضربة القاضية التي كان يحتاج إليها كي تقتل بداخله باقي المشاعر الحية و ليصبح أخيرا بلا قلب ..
لطالما أجفلت”داليا”عن التصرفات القاسية التي تلقتها طوال هذا الأسبوع من”عز الدين” ، حيث غفرت له و قدمت إلي قلبها الأعذار ، فهي تعلم كم هو مجروح و مكسور ، لقد إنعكس الحادث بمجمله سلبا في أعماقه و تركه غير قادر علي إقصائه من ذهنه ، يقلق نهاره و ليله حتي توهن و فقد شهيته تجاه كل شيء و قد إنزوي وجهه المكسور العابس خلف ستار من العزلة و الوحدة ، فتأثرت”داليا”بشدة و حزنت لحزنه ، حتي إختفت البسمة عن وجهها و غمرتها الكآبة لأجله …
*********************************************************************
كانت”عبير”قد نُقلت إلي غرفة خاصة للعناية بها ، فيها كل مستلزمات الراحة ، و كان”خالد”الوحيد الذي وقف إلي جانبها ، و لكن معاملته لها لم تكن مثل سابق عهدها ، إذ شوبها جفاء و قسوة بالغين ، لكنه جاهد كي يعاملها بلطف فقط حتي لا تسوء حالتها ..
رغم أنه لم يتركها وحدها بالمشفي يوما ، إلا أنه كان دائم الجلوس بقاعة الإستقبال ، إذ وجد صعوبة في النظر إلي عيناها ، كلما تخيل الأمر يعتريه ألم قوي ، عندما تلقي الخبر ذلك اليوم شعر و كأن موجة عاتية صدمته بلا رحمة ثم تركته بارد الأطراف ..
أخذ يتساءل في نفسه مرارا .. لماذا ؟ .. لم يجد جوابا مقنعا علي سؤاله ، فهو كان يغمرها بحبه ، لطالما أغدق عليها بمشاعره الجأشة ، لم يتوقف عن ذلك يوما ، كان يخشي عليها من أقل ضرر قد يصيبها ، غير أنه إنتظرها لسنوات طويلة حتي تنضج لكي تصبح ملكا له ، لكي تصبح إمرأته و أما لأطفاله ، لم يخطر بباله و لا حتي بأحلامه أن أحدا غيره سوف يتخذها أو يتسلل إلي مخدعها بهذه السهولة !
رغم كل ما حدث ، رغم أنها قضت علي مشاعره ، لم يستطع منع نفسه عن حمايتها من بين براثن أخيها ، لولاه لكانت إنتهت لا محاله ..
ثم تذكر فجأة رد “عز الدين”علي طلبه حين ذهب إليه و طالبه بتعجيل إجراءات الزواج .. “فاكر يا خالد لما قلتلك قبل كده ان عبير دي لو عيارها فلت مش هيبقالها عندي دية ؟ انا كنت عامل حساب كده و حذرتك .. نبهتك ان لو حصل اي حاجة هتكون انت و هي المسؤولين قدامي” ..
بعد حديثهم العقيم إستطاع”خالد”أن يقنع”عز الدين”بالموافقة علي إتمام الزواج ، لكنه لم يستطع أو يجرؤ حتي أن يقنعه بمسامحة أخته ، إذ أنه أساسا يجد صعوبة في ذلك ، لكنه فعل كل هذا دون تفكير كي يحميها من غضب أخيها و إنفعاله المُدمر …
أفاق من شروده فجأة ، ثم تنهد بثقل و نهض تاركا قاعة الإستقبال ، و إتجه إلي غرفتها كي بطمپن عليها و هو يتمني من صميم قلبه أن تكون نائمة تجنبا لأي مواحهة أو صدام قد يحدث بينهما ..
و بالفعل كانت نائمة في هدوء فوق الفراش الأبيض الصغير ، و مع أن عينيها كانتا مغلقتين ، إلا أنها سمعت وقع خطواته فهمست علي الفور:
-خالد !
فتحت عينيها ببطء و زاغت ببصرها قليلا حتي إستقرت عينيها علي وجهه ، فإبتسمت بضعف ، بينما رمقها بجفاء ثم تقدم نحوها بهدوء ساحبا مقعد صغير و جلس فوقه ، كان يتحاشي النظر إليها ففاجئته عندما مدت يدها بجهد و أمسكت بيده ، عند ذلك رفع نظره إليها و كان وجهه خال من أي تعبير ، فشدت علي أصابعه و جذبت يده إلي خدها و قد برقت بعينيها الدموع ، علم أنها تتوسل بعض العطف منه ، و لكنه لم يتأثر لذلك مثقال ذرة بل أنه سحب يده من قبضتها بقسوة ثم سألها بجمود:
-عاملة ايه دلوقتي ؟ بقيتي كويسة ؟؟
أومأت رأسها مؤكدة ذلك ، ثم سألته بصوت محشرج شوبه البكاء:
-عز الدين و عمر مسألوش عليا لحد دلوقتي ؟؟
صمت للحظات ثم هز رأسه نفيا ، فأغمضت عينيها بوهن لتجري الدموع علي خديها غزيرة ثم همست:
-وحشوني .. نفسي اشوفهم.
ثم فتحت عينيها و حدقت فيه قائلة:
-خالد .. انا بجد مش عارفة اقولك ايه او اشكرك ازاي علي اللي عملته معايا ا …
قاطعها بلهجة جامدة صارمة:
-انا عملت كل ده بس عشان احميكي من اذي اخوكي .. انا و انتي عارفين هو بيبقي عامل ازاي لما بيكون عصبي او غضبان.
تألمت”عبير”للغاية لتحوله الكبير ، لكنها تعلم أنها تستحق ذلك بل و أكثر من ذلك ، لذا صمتت و شعرت بالإمتنان لمجرد وجوده إلي جانبها ، فإبتسمت هامسة:
-سامحني يا خالد .. علي اي حال حاول تسامحني .. انا غلطت بس انا فعلا اسفة .. عرفت غلطتي متأخر بس بردو علي اي حال انا اسفة.
بينما لم يستطع منع نفسه فقطب حاجبيه بكسرة و سألها:
-مين اللي عمل فيكي كده ؟ مين يا عبير ؟؟
هزت رأسها ثم أشاحت بنظرها عنه إلي الجهة الأخري ، فهب واقفا علي قدميه ثم إنحني علي الفراش و أمسك بكتفيها بقوة ثم أعاد سؤاله بإنفعال:
-قوليلي .. قوليلي مين اللي عمل فيكي كده ؟؟
هزت رأسها بمرارة قائلة:
-مش هقولك .. مش هقولك يا خالد.
-لازم تقوليلي و لازم اعرف .. ماتفتكريش ان الموضوع انتهي انا مش هرتاح الا لما اعرف مين اللي عمل فيكي كده و لا هرتاح الا لما اطلع روحه في ايدي.
أجابته باكية:
-عشان كده انا عمري ما هقولك هو مين لاني مش هقدر اسامح نفسي لو حصلك اي حاجة بسببي.
رمقها بغضب قائلا:
-يسلام ! خايفة عليا انا و لا خايفة عليه ؟؟
أجابته بقوة:
-خايفة عليك انت .. انت اللي تهمني دلوقتي مش هو و لا اي حد ناني.
هز رأسه بعدم تصديق و هو يحدجها بسخرية ، ثم تركها فجأة و غادر الغرفة ، فراحت تجهش بالبكاء المُر …
********************************************************************
-يا ياسمين ارجوكي سيبيني في حالي دلوقتي.
قال”عمر”ذلك في لطف محاولا إصراف”ياسمين”عنه ، بينما عندت”ياسمين”قائلة:
-ماهو بص يا برنس انا مستحيل هاسيبك في الكآبة دي مش كفاية البيت كله كئيب !!
-يا برنس !!
علق”عمر”بإستغراب جدي ، فقالت بحدة مصطنعة:
-اه يا برنس ايه ؟ مش عاجبك كلامي ؟؟
-بقي في دكتورة حلوة زيك تقول يا برنس ! دي لغة بين الشباب و بس.
-بغض النظر عن كلمة حلوة اولا ده اسلوبي ثانيا انت لازم تخرج من الحو ده ماينفعش كده بكلمك بجد.
أومأ رأسه قائلا:
-حاضر حاضر هخرج بس ادخلي انتي بقي جوا و سيبيني اقعد مع نفسي في هدوء شوية.
همهمت قائلة:
-هممم لهجتك بتقول العكس عشان كده هفضل هنا و احرمك من الهدوء يا سيد عمر.
عض علي شفتيه بغيظ ثم نظر إليها مليا ، فلم يستطع منع نفسه من الإبتسام ، فإبتسمت”ياسمين”بدورها و قالت:
-ايوه كده .. عارفة اني غيظتك و رزلت عليك بس طلعت بنتيجة ايجابية في الاخر و هي انك ابتسمت.
ثم تنهدت و تابعت:
-كده بقي اقدر اسيبك تقعد مع نفسك في هدوء زي ما كنت عايز.
ثم إلتفتت و كادت تذهب فإستوقفها قائلا:
-استني.
إستدارت إليه مجددا و رمقته في تساؤل ، بينما ظل ينظر إليها باسما و كاد يتكلم فقاطعه صوت رنين هاتفهها .. أخرجت هاتفهها ثم قالت قبل أن تستدير و تتركه:
-يلا تصبح علي خير.
ثم فتحت الخط و مضت في سبيلها إلي الداخل ، لكنه سمعها تدعو المتصل بـ”أيمن” .. فقطب حاجبيه عابسا ثم تساءل .. من هذا أيمن ؟؟ ..
********************************************************************
كان باب المكتب مفتوحا ، و أنوار المصابيح تضيء أغلفة الكتب الجلدية المرتبة علي الرفوف الخشبية العالية التي كانت تصل إلي سقف الحجرة ، حين دلفت”داليا” حاملة كوبا من القهوة و نظرت إلي وجه”عز الدين”الجالس وراء مكتبه ، كانت ملامحه راكده تكسوها مسحة ألم غاضبة دفعت”داليا”إلي الإبتسام علها تخفف عنه ..
تقدمت صوبه فإنتبه لوقع خطواتها و نظر إليها عابسا ، فإبتسمت و هي تضع أمامه كوب القهوة قائلة:
-حضرتك بتشتغل من الصبح فقلت اعملك قهوة تساعدك علي التركيز.
قالت ذلك ثم إتجهت صوب آريكة جلدية توسطت حجرة المكتب فجلست فوقها قائلة:
-تضايق لو قعدت ؟؟
رمقها بإستهزاء ساخر ثم نهض و ترك لها المكتب بأكمله !
فتنهدت بثقل ، و لكنها أصرت علي إثارة أي حديث معه فقط لابد أن يتكلم و لا يظل صامتا هكذا .. نهضت و تبعته إلي الغرفة ، لكنها لم تجده حين دخلت !
ثم فجأة سمعت صوت هدير المياه بالحمام ، فعلمت أنه يتحمم ، مما أراحها قليلا و جعلها تبتسم ، يبدو أنه يجاهد في التخلص من كآبته ، إزدادت إبتسامتها إتساعا فإتجهت إلي الخزانة و راحت تعد له ملابس ، إلا أنها توقفت فجأة عندما سمعت صوت هاتفهه يطلق نغمته الصاخبة معلنا عن وصول رسالة جديدة ، إحتقن وجهها بغضب ، فعي تعلم أن لا أحد يرسل أليه الرسائل في هذا الوقت سواها .. و بكل الكره الذي تحمله لها بداخلها تقدمت صوب الفراش و تناولت الهانف ، ثم فتحت الرسالة لتقرأ كلمتين أثارتا غيرتها و غيظها”وحشتني اوي” ..
لم تعلم كم مر عليها من الوقت و هي ممسكة بالهاتف تتأمل الرسالة الوجيزة و الغيرة تنهش قلبها ، حتي أفاقت علي صوته:
-بتعملي ايه ؟؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حتى اقتل بسمة تمردك)