روايات

رواية حب رحيم الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سمر عمر

رواية حب رحيم الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم سمر عمر

رواية حب رحيم الجزء السادس والثلاثون

رواية حب رحيم البارت السادس والثلاثون

حب رحيم
حب رحيم

رواية حب رحيم الحلقة السادسة والثلاثون

” المدرب..”
بعد مضي عدة أيام..
انسجمت بتلوين التصميم حتى أصبحت تشخبط دون أن تنتبه لكونها انشغلت بشيء ما.. نهضت فتاة تدعى” أميرة.. ” وهي تعمل مصممة بالشركة.. وقفت للحظات ثم اتجهت إلى باب الغرفة لكنها انتبهت إلى ندى فتوقفت عن السير تتطلع إلى ما تفعله في دهشة..
-ندى بوظتي التصميم!
رفعت عينيها إليها دون وعي لكن سرعان ما استعادت وعيها لتطلع إلى التصميم ثم تحدثت بهدوء :
-أنا سرحت شوية بس
اومأت بتفهم مبتسمة ثم تابعت السير إلى الخارج.. تتطلعت الأخيرة إلى الفتيات اللاتي يعملن معها بذات الغرفة.. ثم رفعت سماعة الهاتف وضغطت على رقم الوصول إلى مديرة مكتب زوجها.. أجابت بعد لحظات فتساءلت :
-خلص الاجتماع؟
كادت أن تنفي لكنها رأت باب الغرفة يتفتح ويخرج منه الرجال فأجابت :
-أه لسه حالًا
أنهت معها المكالمة بعد أن اخبرتها بأنها ستأتي.. وبالفعل نهضت عن المقعد متجهه إلى الخارج.. نظرت أحدهم إليها بلؤم واضح ثم رمقت الفتاة التي تجلس أمام المكتب الذي على يسارها لتراها منشغلة بالعمل بتمعن شديد.. فتركت مقعدها وحملت ورقة ثم وقفت في منتصف الغرفة بالقرب من مكتب ندى بقليل وأخذت تتأمل التصميم الخاص بها متصنعة بأنها منشغلة بالورقة التي بين يديها..
..عند وصولها دخلت بعد أن دقت الباب فنظر إليها ثم ابتسم وكاد أن يتحدث لكنها سبقته :
-ممكن أخد من وقتك
-حياتي وقتي كله ملكك
قال كلماته بصدر رحب فلاحت ابتسامة على وجهها لكن سرعان ما اختفت وتحدثت في تردد :
-الحقيقة الموضوع اللي حابة أتكلم معاك فيه.. يعني بخصوص تميم
رفع حاجبيه في تعجب بعد أن استند بذقنه على قبضتي يديه قائلاً بحنق :
-كملي
تنهدت بصوت مسموع وقالت كي توضح له ما تعني :
-رحيم أنا اقصد كفاية عليه كده واتنازل عن المحضر.. فهمني
-لاء مش كفاية يا ندى.. لازم يتأدب
قذف كلماته بحده فحكت جبينها ثم نظرت إلى ساعة يدها التي تدق الثانية عشر ظهرًا إلا دقائق ثم تحدثت بسأم :
-نكمل كلامنا في البيت
رحيم بحسم شديد :
-ندى مفيش كلام عن الموضوع ده تاني
أومأت بالإيجاب فتنهد بهدوء ثم ترك مقعده متجهًا إليها.. أتبعته بعينيها حتى وقف إلى جوارها وبلطف منه أمسك بذراعيها وأدارها إليه ليتحدث بهدوء :
-روحي ماتشليش هم اي حاجة.. وبالنسبة لتميم فهو هيخرج لكن مش دلوقت
ثم أطبق شفتيه على جبينها لمدة طويلة ليبتعد قليلًا بعدها وابتسمت عيناه بابتسامة خاصة بها قائلًا :
-طمينني عليكِ أول ما توصلي
أومأت مبتسمه ثم رفعت نفسها قليلًا وأطبقت شفتيها على وجنته بالقرب من شفتيه.. بعد ذلك احتضنته بشدة ليبادلها بذات العناق بل وأكثر..
ثم تركته وعادت إلى غرفة العمل كي تلملم أغراضها من ثم غادرت الشركة.. استقلت السيارة وتحركت إلى وجهتها تحديدًا إلى منزل جدتها من أجل طفلتها الصغيرة.. التي تتركها هناك في وأوقات العمل فقط..
بعد مدة من الزمن عادت إلى القصر برفقة آسيا.. تركتها تدخل إلى الخيمة الصغيرة الخاصة بها كي تلعب بالعرائس وذهبت هي لتبديل ثيابها من ثم ذهبت إلى المطبخ كي تقوم بتحضير طعام اليوم
***
” بالمدرسة.. ”
جلس وحيدًا كعادته لم يتحدث إلى أحد أو يلتفت إليهم.. وذلك الهدوء يجعل البعض يغضب منه بل ويضايقونه ايضًا.. ركل أحدهم الكورة إليه لتستقر عند قدمه.. شعر بها لكنه لم ينظر إليها فور وصولها إليه بل تأخر للحظات ثم أطرق عيناه إليها ليرفع عيناه ثانية إلى الفراغ..
جاء زميله وانحنى كي يحمل الكورة بين يديه.. ثم وقف يتطلع إليه قائلًا :
-المفروض تبعتلي الكورة..
رمقه بنظرة سريعة وقد رفع حاجبه اليسار ثم تنهد بهدوء دون أن يبادله بالحديث.. غضب منه كثيرًا ليجد نفسه يركله في قدمه عنوة.. زفر الأخير بصوت مسموع ونظر إليه بوجه محتقن قائلًا من بين أسنانه :
-روح كمل لعب يا أنت
أخذ بتلابيبه وكاد أن يتحدث لكن دفعه ريان عنوة ليفقد توازنه ويسقط على ظهره.. ركض الجميع إليه وساعده أحدهم في النهوض.. بينما نهض ريان يضبط ثيابه وعيناه تطلع إليه بحده.. بادله الأخير بذات الحده وهو ينظف ثيابه وهم أن يتقدم نحوه لكن أحدهم وقف بينهم يصيح به :
-ممكن تكملوا لعب ومفيش حد منكم له دعوة بيه.. أنا ملاحظ إنكم دايما بتجروا شكله
-الكورة جت لحد عنده ورفض يبعتها وكمان وقعني على الأرض
-تستاهل اكتر من كده
جز على أسنانه ثم انحنى ليأخذ الكورة من جديد وعاد إلى اللعب.. فيما نظر ريان إلى ذلك الذي دافع عنه للتو التفت هو إليه مبتسمًا.. تنهد بصوت مسموع ثم تركه وذهب دون أن يتفوه بكلمة.. فلم يتعجب لكونه يعتاد على ذلك الهدوء بل والثقل أيضًا منه..
جلس على أحد المقاعد القريبة من شقيقته التي تجلس إلى جوار بعض الزملاء.. لكنها عندما رأته ذهبت إليه بخطوات واسعة وجلست إلى جواره متسائلة :
-مالك؟..
لم يجيب عليها لتجد نفسها تعلم سبب مضايقته فقالت :
-ضايقوك تاني أكيد
-اتمنى ندى توافق تنقلني من المدرسة الغبية دي
نهضت لتقف أمامه وتحدثت بجدية :
-لاء أنا مع ندى.. ريان لازم تواجه الصعب
زفر للأعلى بسأم لتطاير بعض خصل شعره الأمامية ثم تركها واتجه إلى المبنى.. بعد دقائق صدح صوت جرس انتهاء الاستراحة في أركان المدرسة.. ليعود جميع الطلاب إلى الفصول.. جلس على المقعد الخاص به يتطلع إلى الأمام بينما يتحدث البعض عليه وهو يعلم ويستمع لكنه لم يهتم..
دخلت المعلمة وبعد تبادل السلام بينهم أعلنت عن المسابقة الخاصة بمادة الرياضة.. عبارة عن امتحان لخمسة دقائق لمن يستطع أن يُجيب على الأسئلة أسرع.. ثم طلبت عشرة مشاركين فقط ليرفع ريان يداه على الفور مع أثنين آخرين لكنها قامت باختيار من رفع يديه أولًا وقامت بتسجيل أسمائهم
***
” بالقصر..”
بعد استقبال الأطفال بنصف ساعة جلسوا حول مائدة الطعام لتناول الغداء.. ابتلعت طعامها ونظرت إلى ريان قائلة :
-حضر نفسك بكرا علشان هعرفك على مدرب السباحة
ريان بسأم واضح :
-ندى أرجوكِ بلاش التدريب ده
-أنت ليه مش حابب تتعرف على ناس جديدة
تحدث بحنق شديد :
-لأن الناس كلها أغبية ومش قادرين يفهموا أن الصداقة مش عافيه
رفعت حاجبيها في تعجب في حين تدخلت أشرقت في الحوار :
-لأنك متوحد
أدارت رأسها إليها تحملق بها كما حملق ريان بها في حده بالغة واندفع :
-أنتِ كمان غبية ومش فاهمة.. وأنا مابحبش اتكلم مع الأغبياء
-أهو أنت اللي غبي وعلشان غبي الكل في المدرسة بيكرهك
هم أن يندفع بها لكن ندى سبقته بحدتها العالية وقد غضبت منهما كثيرًا :
-انتوا الإتنين احترموا بعض.. يلا اعتذروا لبعض حالًا
-مستحيل اعتذر لأنها هي اللي غلطت الأول
قال كلماته بحسم واضح ثم ترك مقعدة وركض إلى الخارج دون أن يعطي اهتمام لنداء ندى له.. توقفت عن النداء ونظرت إليها بنظرة عتاب قائلة :
-ينفع اللي قولتيه ده؟
رفعت عينيها إليها بحزن عاقدة بين حاجبيها قائلة بصوت منخفض :
-أسفه
-أسفه دي تقوليها لريان..
مدت يدها صوب وجنتها الصغيرة ومسحت عليها برفق متابعة بهدوء :
-على فكرة ريان مش متوحد.. هو بس من النوع اللي مش اجتماعي مش بيحب يصاحب
-بس ده غلط
اومأت موافقة على حديثها ثم تنهدت قائلة :
-صح.. لكن بإذن الله هيتغير
أومأت مبتسمة ثم تركت المعقده راكضة إلى الخارج كي تعتذر عن ما بدر منها دون أن تقصد..
بعد وقت ليس بقليل صعدت إلى غرفة ريان وقرعت الباب ثم فتحت إياه.. رأته يجلس على الفراش يتطلع إلى شيء ما بالهاتف لكن عندما رآها اطفأ شاشته فورًا.. انتبهت له جيدًا ثم دخلت وجلست على حافة الفراش متسائلة :
-كنت بتعمل إيه؟
-كنت بشوف حاجة
ميلت برأسها قليلَا وقالت بمرح :
-ضروري أعرف
تطلع إليها للحظات ثم فتح شاشة الهاتف وأدار إياه إليها.. رأت صورة رحيم لتختفي ابتسامتها تدريجيًا وقالت بهدوء :
-بابي وحشك؟
-أه.. هو كان صديقي ومدربي وكل حاجة بالنسبة لي
قال كلماته بنبرة ضيق بفضل الحزن المسيطر على قلبه.. شعرت الأخيرة بالحزن وقالت بصوت مبحوح :
-هو فعلًا صديقك و..
قاطعها بنبرة بكاء تشعره بالضيق :
-لاء.. مش زي الأول.. انا اتمنى بابي يرجع يصاحبني تاني.. الشغل اخد كل وقته حتى مش بيتغدى معانا
مدت يدها صوب شعره لتمسح عليه برفق ثم اقتربت منه أكثر كي تحتضنه.. بادلها بالعناق مستندًا برأسه على كتفها وقال مبتسمًا :
-شكرًا لوجودك
-شكرا لوجودكم انتوا
ثم قبلته على جانب رأسه.. ابتعد عنها قليلًا وأخبرها بالمسابقة بكل حماس فتحمست هي الأخرى قائلة :
-حلو قوي.. وطبعًا انا علمتك تحسب بسرعة ازاي
-أه طبعًا
***
” مساء اليوم.. ”
قامت بتحضير مائدة الطعام من أجل زوجها.. وعند وصوله أخذ يناديها فخرجت على الفور كي تقابله بابتسامتها الرقيقة الخاصة به.. ثم احتضنته قائلة :
-حمد الله على سلامتك
وطبعت قبلة رقيقة على وجنته وابتعدت لتنظر إليه وهو يقول مبتسمًا :
-الله يسلمك يا روحي..
ثم أردف :
-هاكل وأروح اشوف والدتي.. عايزاني علشان تصالح بيني أنا ورنا
-تمام كويس.. على العموم الأكل جاهز وريان هياكل معاك عشان مأكلش كويس
أومأ برأسه ثم قبلها على جبينها بعدها اتجه إلى المرحاض ودخل كي يغسل وجهه ويداه.. ثم رفع رأسه ينظر إلى انعكاسه في المرآة.. ليجد نفسه يتذكر رسالة ريان الذي تركها له من قبل..
ثم خرج وخلع معطفه وضعه على يد المقعد من ثم اتجه إلى غرفة الطعام.. عند دخوله رأى ابنه في انتظاره فجلس على المقعد المقابل له وتناول الإثنان طعامهم في صمت.. لكنهم يتبادلون ببعض النظرات السريعة.. بعد لحظات بدأ الأب بالحديث وتساءل باهتمام :
-عامل إيه في المدرسة؟
رفع رأسه إليه وأجاب بعد لحظات :
-الحمد لله
جاءت ندى وجلست إلى جوار ريان فيما قال رحيم بهدوء :
-اتمنى تحب المدرسة
نظر إلى الطعام دون أن يتحدث فانتقلت الأخيرة بعينيها بينهم ثم تحدثت بحماس :
-ريان بكرا هيتعرف على مدرب السباحة الجديد وبإذن ياخد بطولات
-شيء ممتاز
رفع عيناه إلى والده بنظرة عتاب ثم ترك الملعقة وترك المقعد متجهًا إلى الخارج.. اختفت ابتسامة ندى فجأة ثم نظرت إلى رحيم بحزن وقالت بصوت منخفض :
-المفروض تحمسه.. مش تكتفي بجملة شيء ممتاز!
تناول القليل من المياه ثم نظر إليها بجمود قائلًا :
-انا اللي عايز افهم سباحة إيه وهو بيدرس.. اكيد مش هيقدر يوفق بين الإتنين
تنهدت بصوت مسموع يدل على مدى غضبها من كلماته وتحدثت بحنق :
-ريان لو مش هيقدر يوفق أنا عندي يأجل دراسة السنه دي ويشارك في السباحة
-لدرجة دي؟
-اه طبعا.. أنا عارفه ريان ببفكر في إيه وعايز إيه.. وبلاش تعاملة المعاملة الناشفة دي.. مش كفاية إنه بيشتكي منك
رفع حاجبيه في دهشة ولم يلفت نظرة سوى جملة واحده ليقول بذات الدهشة :
-بيشتكي مني؟!.. عملت فيه إيه عشان يشتكي مني؟.. أنا اساسًا مابشفوش
-ما هو بيشتكي منك علشان أنت اساسًا مش بتشوفوا
تفاجأ من حديثها ليحملق بها بينما هي تركت المعقد واتجهت إلى خارج الغرفة من ثم خرجت إلى حديقة القصر كي تلقي نظرة على كلًا من أشرقت وآسيا..
-أشرقت هاتي آسيا وتعالي
نظرت إليها أولًا ثم مسكت بيد اختها الصغيرة واتجهت إلى ندى ووقفت امامها.. حملت طفلتها وباليد الأخرى مسحت على شعر أشرقت قائلة :
-روحي شوفي بابي بعدين اطلعي خلصي واجب المدرسة
أومأت موافقة وركضت إلى الداخل لتتقابل مع والدها واحتضنته فانحنى بجذعة كي يقبلها على رأسها.. ثم رفع جذعه ثانية لينظر إلى ندى في حين قالت ابنته :
-وحشتني يا بابي
-أنتِ كمان يا روحي
تقدمت ندى إليه وأعطت له آسيا كي يحتضنها عنوة وبعد أن ودع أفضل وأجمل ثلاثة فتيات في حياته غادر المنزل..
-هو بابي رايح فين؟!
-رايح يشوف نانا ..
ثم مسكت بيدها واتجها إلى الدرج متابعة :
-وقت المذاكرة يا أستاذة
لتزفر الأخيرة بسأم قائلة :
-وقت الملل
***
” منزل رحيم الثان..”
صف السيارة أمام الباب الرئيسي ثم ترجل متجهًا إلى الباب ليفتح إياه وقبل أن يدخل دق الجرس.. خرجت السيدة وفية من المطبخ متجهه إلى الباب لكنها توقفت عندما رأت رحيم قد دخل.. ابتسمت مرحبة به :
-نورت بيتك
-منور بوجودك.. أمي فين؟
-بره في الجنينة
أومأ مستأذنًا منها واتجه إلى حديقة المنزل.. ثم خرج وجلس إلى جوارها على الاريكة يتساءل باهتمام :
-أخبارك واخبار صحتك ايه يا أمي؟
ابتسمت بمجرد أن رأت وجهه لكونه مصدر سعادتها دائمًا واجابت بهدوء :
-بخير الحمد لله طالما انت بخير
لاحت ابتسامة على وجهه وقال بهدوء :
-عرفت ان علاء بدأ يهتم بالمصنع تاني
-أه لكن عمك مختار رافض يسلمه أي شغل وبيقول انه مش واثق فيه
طمئنها بحديثة :
-هو بس خايف على الشغل علشان قبل كده علاء أهمله.. شوفي ولا تشغلي بالك أنا هتصرف
ابتسمت تومئ برأسها لكن بعد لحظات اختفت ابتسامتها وقالت بحزن :
-طيب أنت ورنا.. مش ناوين تتصالحوا
-أنا مش مخاصم رنا.. بالعكس بيتي مفتوح لها في اي وقت لكن تحترم مراتي
نظرت إلى الأمام في تذمر واضح قائلة :
-ما هو للأسف مش بيتك يا رحيم ده بيت ندى
رفع حاجبيه قليلًا وقال بجدية لكن بصوت مبحوح :
-ندى تبقى مراتي وأنا وهي واحد
-مش لدرجة إنك تيجي على اختك علشانها
نفذ صبره حقًا ليجد نفسه يتحدث بصرامة عنيفة :
-أمي رنا هي اللي غلطت في ندى وضايقتها بكلامها.. واتمنى نقفل الحوار ده أفضل
حملقت به في تعجب فيما استمعت رنا إلى حديث شقيقها العنيف وهي تخرج إلى الحديقة.. ثم جلست على المقعد المجاور إلى الاريكة واضعة ساق فوق الأخرى.. بينما نظر هو إليها بعينين لامعتين بشرارات من الجحيم انتقلت والدتهم بعينيها بينهم للحظات ثم تحدثت بحنق :
-ممكن على الأقل تصالحوا بعض
نظر إليها رافعًا أحد حاجبيه قائلًا :
-هي اللي تيجي معايا تعتذر لندى
اتسعت عينيها وقد أنزلت قدمها عن الأخرى وهي تقول بنبرة كبرياء :
-أنا؟!.. أنا اجي اعتذر لواحدة بيبي سيتر
-رنا اتكلمي كويس واعرفي أنتِ بتتكلمي عن مين
قال كلماته بنبرة متوعدة لكنها لم تعطي له اهتمام وتغلب الكبرياء عليها أكثر لتقول بتعالي :
-بتكلم عن واحده بيبي سيتر خطفت راجل من عياله وأنا مستحيل احترم واحده خطافة رجالة
جز على أسنانه حتى استمع إلى صريرها ونهض عن الاريكة قائلًا بنبرة عنيفة وعيناه تحرقها بجحيمها :
-لولا إنك أختي كنت دفنتك.. لكن لو نطقتي اسمها تاني هقطع لسانك
ابتلعت لعابها بعد أن أشاحت بوجهها بعيدًا.. بينما وقف علاء عند الباب ينتقل ببصره بين كلًا من رحيم ورنا.. فقد استمع إلى وقاحة كلمات شقيقته وغير راض عن ما هتفت به..
اتجه الأخير إلى الباب ولم يهتم لنداء والدته له وأكمل السير.. فنظرت إلى ابنتها وأخذت توبخها كثيرًا على وقاحتها.. بينما لحق علاء بأخيه وقبض على مرفقه ووقف أمامه كي يمنعه من السير وقال :
-استنى ماتمشيش وأنت في الحالة دي.. وكمان عايز اتكلم معاك
تحدث من بين أسنانه :
-مش عارف رنا اختك مش في كندا ليه مع عيالها وجوزها
مسح على ذراعه قائلًا بهدوء :
-اهدى بس.. رنا عقلها صغير وبتقول كلام عبيط
ثم أخذه إلى غرفة المكتب كي يتحدث معه عن العمل.. كما أنه طلب منه أن يصلح بينه وبين العم مختار كي يرضى عنه ويسمح له بالعمل داخل المصنع من جديد..
-أنت ناوي تشتغل بجد؟
رد بتأكيد :
-طبعًا.. أنا حنيت للشغل بجد
أخرج علبة سجائره من جيب معطفه الداخلي وعزم عليه بواحده لكنه رفض.. فوضعها بين شفتيه وبعد أن اشعلها نفث دخانها بالهواء وتساءل في شك :
-ايه سبب التغير المفاجئ ده يا علاء؟
حك وجنته بخفة وقال بجدية :
-تقدر تقول ضربة صحت الإنسان الكويس اللي جوايا
ضحك ضحكة خفيفة ثم نهض عن الاريكة وربت على كتف شقيقه قائلًا :
-روح بكرا المصنع وقبلها هتكلم مع انكل مختار..
أومأ بالموافقة فاتجه الأخير إلى الباب لكنه توقف عن السير عندما تذكر شيئًا والتفت إليه قائلًا :
-أه كنت هنسى..
التفت إليه يتطلع إليه باهتمام وهو متابع :
-البنت اللي سألت عليها تبقى صاحبة ندى واسمها جميلة.. دكتور جميلة
أومأ بخفة فابتسم الأخير إلى شقيقه ثم التفت متجهًا إلى الخارج.. فيما تطلع هو إلى الأمام وأخذ يردد :
-دكتور جميلة.. جميلة
***
” منتصف الليل.. ”
انتهى من بعض الأعمال وخرج من غرفة المكتب يفرد ذراعيه.. ثم رفع عيناه إلى الدرج بعدها اتجه إليه وصعد درجاته بدرجتين.. وهم أن يتجه إلى غرفته لكن أخذته قدماه إلى غرفة ريان.. وقف يفتح الباب ببطء ونظر إلى الفراش ليراه نائمًا فلاحت ابتسامة جانبية على ثغرة بعد أن فكر في شيء ما.. ثم أغلق الباب وذهب إلى غرفته..
أغلقت الكتاب وضعته أعلى المنضدة المجاورة إلى الفراش في ذات الوقت دخل رحيم مغلقًا الباب خلفه.. أتبعته بعينيها حتى جلس إلى جوارها وقالت بهدوء :
-ممكن اعرف بقى ايه اللي حصل بينك وبين أختك
استند بظهره إلى ظهر الفراش ونظر إليها رافعًا حاجبيه قائلًا :
-ابقى أناني لو قولت لك
– تقصد ايه؟!
تساءلت في تعجب فجذبها إليه وبعدها جذب الغطاء إليهما وقال بعد أن طبع قبلة رقيقة على جبينها :
-رنا ضايقتك كتير وأنتِ قولتي أن من الأفضل انا ماعرفش علشان ما ازعلش.. أنا كمان مش هقولك علشان زعلك
-هي قالت حاجة تزعل؟
-حبيبي مش عايزك تشغلي راسك..
ثم أردف مداعبًا :
-المهم انا عايز تصاميم حلوه مش اي كلام.. مفهوم؟
رفعت رأسها عن صدره لتنظر إليه بوجه محتقن وقالت بحزن طفولي :
-من أمتى وأنا شغلي اي كلام مستر رحيم
ابتسمت عيناه ماسكًا ذقنها ليمسح بإبهامه على شفتيها السفلية وقال بصوت منخفض لكن بنبرة غزل :
-بعشق الغضبان
-أنت اللي طلعت الغضبان اللي جوايا
قالت كلماتها بتعالي رافعه رأسها للأعلى قليلًا ليرفع حاجبيه مبتسمًا ثم بدأ يدغدغها بمرح لتضحك وتلتوي محاولة إيقافه لكنها فشلت وهو يتحدث من بين ضحكاته الخفيفة :
-يا عم الغضبان أنت يا قمر.. يا نجمة في السماء خاصة بي تُنير عتمة طريقي
ثم توقف فضربته على كتفه بخفة وقبلته على وجنته عنوة ليحتضنها بكلتا يديه.. ثم فرد ظهره على الفراش جاذبًا إياها إليه كي تستند برأسها على صدره حيث تجد الهدوء النفسي كما أن قلبها يدق بهدوء من أجل ذلك الملك الذي يحتويها بذراعيه
***
” النادي..”
-أجمل حاجة حصلت في التدريب إني مش هروح المدرسة كتير
قال كلماته بجدية فابتسمت تحرك رأسها في كلا الاتجاهين ثم صفت السيارة جانبًا.. بعدها نظرت إليه ومدت كفها إليه وقالت بجدية :
-لكن اتفقنا نبقى شاطرين ونحب المدرسة.. وعد
ادار رأسه ناحيتها ليهبط بعينيه إلى كفها بعد لحظات.. ثم تنهد بعمق ووضع يده في يدها قائلًا :
-وعد
أطبقت أصابعها على يده ورفعت إياها إلى شفتيه لتطبع قبلة على ظهرها.. ثم ترجلت طالبة منه النزول لينفذ رغبتها وأغلقت هي السيارة.. مسكت بيده ودلفا إلى الداخل وسألت أحدهم عن المدرب ليرشدها.. فاتجهت إليه ووقفت أمامه وقالت مبتسمة :
-صباح الخير يا كابتن
رفع عيناه عن شاشة الهاتف وقال مبتسمًا :
-صباح النور
-أنا ندى مامت ريان
تذكر قائلًا :
-اه ريان التلميذ الجديد.. طيب تعالي معايا
التفت متجه إلى غرفة حمام سباحة مغلق للتدريب داخله في فصل الشتاء.. لحق الإثنان به من ثم دخلوا إلى ذلك البهو الواسع وهو يقول :
-هنا المكان وقت التدريب بيكون دافي وطبعًا الأطفال مش بتخرج ألا لما بنقفل الدفايات.. اتفضلي خدي جولة في الغرف وفي المكان علشان تطمني
-أنا واثقة في التدريب هنا وألا ماكنتش جبته..
ثم نظرت إلى ريان وقالت بحماس :
-يلا عرف نفسك للمدرب
هم أن يتحدث ألا إنه قال مسرعًا :
-لاء مش أنا اللي هدرب ريان.. المدرب بتاعه جاي حالًا.. عن اذنكم
ثم اتجه إلى الباب فالتفتت برأسها تطلع إليه في تعجب فيما تساءل ريان بصوت منخفض :
-مش هو ده اللي قالك عليه؟
نظرت إليه في تعجب ورفعت كتفيها قائلة :
-اه.. لكن مش عارفه مش هو ازاي
ثم زفرت بهدوء تطلع حولها.. بينما دخل المدرب متجه نحوهم ووقف أمامهم فنظرت ندى إليه لتشعر بالدهشة والذهول مثل ريان الذي رفع رأسه ليتطلع إليه.. حركت رأسها تود أن تتحدث لكنها في حالة من الدهشة القوية.. فابتسمت عيناه ومد يده إليها قائلًا بصوته المميز :
-انا مدرب ريان..
-أنت؟.. هو أنت ازاي؟
رفع حاجبيه بمرح ثم نظر إلى ابنه بابتسامة ومد يده إليه قائلًا :
-معاك كابتن رحيم.. أنت مين؟
انتقل ببصره بين كلًا من والده وندى ثم ابتسم وصافحة قائلًا :
-انا ريان رحيم عبد الرحمن النادي
اتسعت ابتسامته لكونه يرى سعادة ابنه التي احتلت عيناه فجأة.. بينما فاقت الأخيرة من دهشتها واتسعت ابتسامتها قائلة :
-حقيقي مجنون ومفيش حد يقدر يعرف أنت بتفكر في إيه

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حب رحيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى