رواية جميلتي الصهباء الفصل العاشر 10 بقلم علياء شعبان
رواية جميلتي الصهباء الجزء العاشر
رواية جميلتي الصهباء البارت العاشر

رواية جميلتي الصهباء الحلقة العاشرة
لا ننال من الدنيا سوى أقدارنا منهـا ، نتغمـد أوجاعنـا علي أمل بان نلقى منهـا نبضة تُحيينا ، فكيف وإن كان مصدر نبضاتنا التي وُلدت لتوها ، يُنهيها ؟!!!
———
رمقت شقيقاتهـا بتوجس وريبة لتتحرك داخل الغرفة علي عجلة من أمرها وقد صفقت الباب خلفها ، إنضمت إلي الفراش جالسة لتنتشل عنود من بين أحضان شقيقتهما الثالثة ومـا لبثت إلا أن ضمتها تهتف بجزع :
_ عنود بتعيطي ليه ؟!
انفلتت العبارات من فمها وقد إختلطت بنار ثائرة حــارة حيث أردفت من بين أسنانها المطبقة بإختناق :
_ حلمي راح يا فداء .. وكل دا بسبب الحقير قُصي .
رفعت فداء عينيها إلي شقيقتهـا الأخري والتي ابتسر لونها من نظرتها الحادة ، لتهتف فداء بلهفة وغيظ :
_ قُصي ؟ ، ضايقك بأيه ؟
أصدرت عنود شهقات ساخنة تتقطع لها نياط القلوب حدادًا علي حلمها الراحل لتقول بنبرة أكثر بكاءًا :
_ موجوعه أوي يا فداء !
إنتهت قدرتها علي تحمل بكاء شقيقتها ، لتبتعد بجسدها قليلًا حتي تراها جيدًا ومن ثم قبضت علي ذراعيها وراحت تهتف بنبرة قلقة ومريبة:
_ كفاية عياط بقى وفهميني ! ، ما تسكتيش يا عنود ، ما ينفعش تتوجعي وانا موجودة ؟
رفعت عنود بصرهـا إليها وقد ضمت شفتيها بطفولة وخيّبة أمل فيما باغتتها فداء بضمة من جديد وآثرت الصمت فضلًا عن الضغط عليها ريثمـا تهتدأ وستحكي دون قيد أو ضغط ، افتر ثغر بيسان عن إبتسامة خفيفة لتنضم لهمــا وهي تحاوطهما بذراعيهـا وقد كونن ائتلافًا أُنثوي من رحمٍ واحدٍ ليتخذن وضعيتهن المُفضلة عندما كانوا مُجرد أجنة في رحم ملاكهن …
هدأ الجو للحظات وقد إشتدت ضغطة أذرعهن علي جسد الأُخري وبدأن في استحضار ذكريات تختلج دواخلهن وسط هذه الإضاءة الخافتة ونسمات الهواء العليلة فتتذكر هذه الملاك التي تتشبه بالقمر حينما ينجلي في كبد السماء كُل مساءً فيُبهر برونقه النجوم ..
تقف عنود في نهاية الحجرة الدراسية (الفصل) منكسة الوجه ، تنساب الدموع منها بغزارة فيما أردفت المعلمة بوجهٍ عابسٍ قائله :
_ مستواكي بقي سيء جدًا يا عنود ، شوفي بيسان أختك وإتعلمي منها ؟!
لوت عنود شدقها بوجه مُكفهر وهي تهتف من بين شهقاتها الطفولية لتقول :
_ بابي تعبان وهو اللي كان بيذاكر ليّ ..
I’m sorry teacher .
المعلمة بثبات : والتقصير دا ما حصلش مع بيسان وفداء ليه ؟
أما الثالثة فكانت دائمة التردد علي حجرة الموسيقى ، حيث تُقام الندوات والبرنامج اليومي للإذاعة المدرسية فكان حلمها مُنذ من صغرها أن تُصبح صحفية أو مذيعة حيث تتولي أمر تقديم الإذاعة اليومية ..
ولجت فداء داخل الفصل الذي يضم شقيقاتها أيضًا .. نظرت إلي عنود الباكية في دهشة لتقول بقلق :
_ عنود .. واقفة كدا ليه ؟
المعلمة بثبات : إتفضلي أقعدي يا فداء ، أختك غلطت ولازم تتعاقب !!!
فداء وهي تهرع إلي شقيقتها لتضمها بقوة وقد إمتعق وجهها غيظًا لتهتف بحدة :
_ أنا ماحدش يعاقب أختي ؟ .. وما أسمحش لحد إنه يخليها تعيط حتي لو حضرتك !!
المعلمة وقد هتفت بحنق :
_ معني كدا أخرجي انتِ وأختك برا الفصل ؟ ، والحصة الجاية هتتسأل وكأنها حضرت درس النهاردا .
فداء بسذاجه وتروّي : إحنا أسفين ، بس هي كانت تعبانة يا مس ودا اللي خلاها ما تذاكرش !!
المعلمة وقد رفعت يديها تهتف بتمنع :
_ مش هقبل أعذار إتفضلوا برا !
سارت فداء صوب باب الفصل في ثقة وثبات وهي تحتضن شقيقتها التي مازالت تبكي دون توقف .. لتهتف بيسان بهما قائله :
_ استنوني هخرج معاكم .
استشاطت المعلمة غيظًا مما فعلناه ، ومـا أن ترجلن الثلاثة خارج الفصل حتي أمتدت يد بيسان تمحو الدموع الساقطة علي وجنتي شقيقتها فيما تابعت فداء وهي تُمازحها بإبتسامة عذبة:
_ خليتيني كذبت وقولت إنك تعبانه ، ومعاليكِ مقضياهـا برامج موضة وأزياء ،الله يسامحك .
افتر ثغر عنود عن إبتسامة صادقة من بين دموعها ووجهها الذي كبا لونه كثمرة الطماطم في شدة إحمراره لتقوم فداء بإحتضانهمـا معـًا ، تضع قُبلة صادقة علي جبين كُلًا منهما فقد تعلمت كيف تحتوي شقيقاتهـا قولًا وفعلًا وكيف تُصبح لهمــا كُل شخص هما في حاجة إليه .. أجل نفس الضمة الثُلاثية الأُنثوية ..
عــادت عنود من شرودها بهذه اللحظة الماضية في عهــد مضى ، تيقنت من كُل لحظة تمر بهـا بأن العالم بأسره قد يتغير إلا تؤماهـا فيتغيرن غضبًا عليهـا أما لهـا ، فهن السند والحياه لتتنشق عبير شقيقاتها بحبور وحنو جارف وبنبرة جلى في ثناياهـا العشق :
_ بحبك اوي يا فــداء .. بحبك انتِ كمان يا بيسان ، بحبكم علشان أنا جُزء منكم أما إنتوا فـ الكُل لـ عنود .. ربنا يحميكم ليّا يا بنات العامـــري .
إبتعدت فداء عنهما قليلًا لتردف بنبرة حانية وفي ظاهرها أكثر جدية :
_ قُصي .. عمل أيه يا عنقودتي ؟
——-
إلتقط الجيتار الذي هو خير صديق له ، جلس في شرفة الغرفة شارد الذهن تمامًا يعزف سيمفونية أوجاعه التي مكثت معه في غربته ولا تزال باقية .. تنهــد بعُمقِ وهو ينشد أغنية مـا بصوته الرخيم العذب …
ولجت داخل الغرفه لهدوء وترقب ، إبتسمت في نفسهــا .. فكم إشتاقت لعزفه في آخر كُل ليل وأحاديثهما الطويلة وهو يتسطح برأسه علي فخذيها بينمـا تغرز هي أصابعها بين خصلاته وتنصت له بإهتمـامِ ، كان محور موضوعهما (هي) .. تنحنحت مني قليلًا قبل ان تردف بنبرة هادئه :
_ حبيبي ، سرحان في أيه ؟
استدار بجسده يُطالعها بحنانه المُعتاد ، إقتربت منه ومن ثم أتت بمقعدها لتجاوره مردده بهـــدوء :
_ لا .. دا الموضوع شكله كبير بقى !!
افتر ثغر ابنها عن إبتسامة يشوبها خيبات الأمل ، بل الكثير من هذه الخيبات المميته ، نكس ذقنه بخفة لتطالعه بتنهيدة آسى وهي تجده يُحرك أهدابه بثقلِ من جانب وجهه ليردف بصوته الرخيم :
_ تعرفي يا أمي ! .. أنا أول مرة أفهم الجملة دي ( الانسان لما بيكتفي ، بيفيض بيه ) ، عـارفه لما تبني حولين قلبـك سور كبير وكُل ما تحطي طوبة تقولي بُكرا البعيد يقرب والقصر يبقي عامـر ،ما ينفعش صاحبة الصون والعفاف تدخل قصـر مُستعمـل .. من حقها تنول شرف الأولي في قلبي .. انا ببني لها القصر دا من سنين يا أُمي ، لا راضية تدخله ولا انا عــارف أسلم مفاتيجه لغيرهـا .. القصر ضلم والعنكبوت عشش في كُل زاوية بيه ، الروح جوا القصر إنطفت من كُتر الانتظـار والوجع اللي ما بيخلصش .. كُل الناس يا أمي خبطت علي القصر دا يتفقدوا حالة صاحبة إلا هي .. انا بالنسبة لهـا سراب يا أُمي وهفضل كدا ، حتي الأمل ناحيتها إنطفى .. الوجع أكل فيّا وأكل معاه كُل الذكريات بينا و ..
صمت لبُرهة ليرفع جانب شفتيه عاليًا وراح يقول بنبرة ساخرة :
_ ذكريات ؟ .. أيه الكلمة الغريبه دي ؟، أقصد ذكرياتنا لمـا كانت بتحكي ليّ عن حبيبها وانا في أمس الحاجة لإحساسها بيّا .. طول عُمري بفرح لو نطقت اسمي وبقول بص لنص الكوباية المليـان وإنك ابن عمتها وجنبها مش احسن ما تموت من الشوق ليها وانت ما تقرب لها أبدًا .. أنا بحبها يا أمي ؟
حانت منها نظرة عطوفة له لتجد قطرة دموع قد سالت من جانب عينه ، رغم أنه ينظر للجهة الأخري متكلمًا مكلومًا بجرحه القاس ..
ابتلعت مني غصة في حلقها لتقول بنبرة مازحة قليلًا وهي تقترب لتأخذه إلي أحضانها :
_ أيه يا ولد .. انت كبرت علي حُضن أمك والعياط قدامها ؟!! .. تعالى يا نور عيني .
ومن ثم استأنفت وهي تلثم مقدمة رأسه قائله :
_ اسمع لنصيحة أمك وإفتكرها ليّ يوم ما أغيب عن الدنيا ، يامن انت بتحبها .. وعلشان كدا مضطر تستحمل اوجاعها لحد ما ربنا يرتبها من جوا ، اللي بيحب بيضحي ويُصبر ، علشـان يوصل .. بيسان بنت حلال ، أنا اللي مربياها علي إيدي زيّ الوردة المفتحة .. حست حُب وإهتمام من واحد فـ حبيته دوغري .. دي بقى من أنواع البنات الخام اللي جواها صافي ، شوية طاقة إيجابية وحُب حاولت توجههم ناحية واحد حبها .. عارف إن إبراهيم كان بيتخانق معاهـا بإستمرار علشان مش خبيثة ولا بتاعة حوارات .. لدرجة إنه مرة قالها إن سبب وجوده معاهـا حياتنا المرتاحة ومنصب سالم ؟! .. هو حبها مصلحة وعلشان هي بردو نقية من جواهـا مافهمتش قصده من دا كُله ..
عاوزهـا تتغير وتبقي مُصطنعة وتبعد عن النقاء مع إن النقاء فيها هو اللي خلاها ما تدققش مع تفاصيله البشعة .
يامن بنبرة حارة :
_ الحمد لله ، إنهـا مش معاه .. ولا هو مع غيرها ، ربنا يرحمه بقى .
مني بحنو جارف وهي تبتعد عنه قليلًا ثم تغمز له بإحدي عينيها :
_ سنين راحت وسنين جت ، وفضلت بيسان مش مِلك حد .. تفتكر دا ليه ؟ .. مش حكمة من ربنا رايد بيها حاجه ؟!
لمعت عيناه بأمل ومن ثم هتف بلهفة :
_ تحبني ؟
مني رافعة حاجبيها بتحد وثقة : هتحبك يا (يامن) .. هتحبك علشـان ربنا مطلع علي دا ..
قالتها وهي تشير بإصبعها السبابة ناحية قلبه لتباغته بإبتسامة حانية وهي تقول :
_ يالا بينا علشان نتعشى .. زمانهم جاعوا بسببنا .
———
( في حجرة الطعام ) ،،،
جلس سالم إلي مقعده المترأس للطاولة الكبيرة ، وعلي الجانب الأيمن منها تجلس فـداء وتجاورهـا بيسان ثم تجاورهمـا عنود الجالسه في صمت .. رمقتها فداء في هدوء وقد تنهدت بعُمقِ بعدما علمت سبب حزن شقيقتهـا .. وما هي إلا لحظات حتي حضر الباقي .. لتجلس مني وأبنائهـا إلي المقاعد القابعه بالجانب الأيسر من الطاولة
بدأ الجميع يتناولوا الطعام في حالة صمت بالغة ، كُل واحد منهم .. ثقلته الهموم وتمكنت منه ، حانت نظرة من يامن إليها ليجدهـا تنظُر للطعام بفقدان شهية أو ضيقِ وهي تُقلب السمكة الموجودة بطبقها في حُزن .. تارة تنظُر لـ فداء التي شردت في ثورتها ناحية هذا الصفيق المتكبر وأخري لطبقها .. فـ قد إعتادت بيسان بأن تتولي شقيقتها (فداء) أمر تنظيف السمك لهـا لعجزها عن ذلك ..
قطب حاجبيه وكأنه يستحضر شيئًا مـا داخل عقله ، لتنبسط قسمات وجهه يتذكر عدم قدرتها علي أكل السمك إلا بعد أن يخل من الشوك المنغمش في لحمه .. فقد عاش معهن لفترة كبيرة وقد درس كُل تفصيلة بها وما تحبه او تكرهه …
نحى ببصره إلي الطبق أمامه ، بدأ بدوره في نزع السفاه عن اللحم بهدوءٍ شديدٍ وما هي إلا دقائق حتي نهض يحمل الطبق بين كفه ليستدير للجهة الاخري من الطاولة ومن ثم يستبدل طبقهـا ويضع طبقه هو امامهــا ، انفرجت أسارير وجهها بدهشة وسعادة وهي تجده يتذكر مثل هذه التفصيلة الصغيرة في حياتهـا وبنبرة هادئه تابع :
_ عارف إنك مش بتاكلي السمك إلا بعد تنضيفه .. يالا كُلي .
تبادل كُلًا من سالم ومني نظرات راضية عنه ، لتنتبه فداء لما فعله لتردف بنبرة فاترة قليلًا :
_ شكرًا يامن .. انا سرحت ونسيت أنضفه خالص ، أسفه يا روحي .
بيسان وقد فهمت أسباب ضيقها : ولا يهمك ، تسلم إيدك يامن !!
يامن بهدوء : بالهنـا علي قلبك .
سالم بنبرة ثابتة يخالطها الحنو أردف :
_ أنا عارف إني مقصر معاكم الأيام دي ، والنهاردا أجلت القضايا بتاعتي اللي شغال عليها لـ أسبوع .. فـ أيه رأيكم نسافر لمكان !!
مراد بحنقِ وحُزنِ : وطبعًا أنا خارج التخطيط ، وهقعد هنـا علشان لازم أذاكر .
يامن بضحكة خفيفة : براڤو عليك .
وفي تلك اللحظه أتاهم صوته الرخيم حينما أردف بنبرة ثابتة :
_ احم .. السلام عليكم يا أهل القصر ؟
إلتفت الجميع إلي مصدر الصوت بين مُرحب وحانق وثائر ، ليهتف سالـــم بنبرة مرحبة :
_ تعالي يا قُصي يابني .. حماتك بتحبك !
إقترب قُصي من الطاولة وهو يحمل إضمامة من الورود بمختلف ألوانها بين كفه ليردف وهو يرمقها بنظرة ثابتة :
_ وانا بحبها .
طالعته هي بنظرة ساخطة متجهمة ، كيف يهينها ثم تأخذه قدماه إلي منزلها دون خجل ، صرت فــداء علي أسنانها بغيظ ومن ثم أردفت من بين أسنانها المطبقة حنقًا :
_ نورت يا قُصي باشـــا ؟!
إشتم رائحة الغضب في كلماتها ، لم يُعيرها الاهتمام ليأتي بمقعد موجود بين الأثاث المُنتشر بالغرفه ومن ثم وضعه بجوار عنـود التي أشاحت بوجهه للجهة الأخري .. تنحنح قُصي بهـدوء ليلتفت بوجهه إليها قائلًا :
_ سمعت إنك تعبانة يا شريكتي العزيزة ! ، ألف سلامة عليكِ .. ممكن تقبلي مني الورد دا .. بعد إذنك طبعًا يا عمي .
أومأ سالم برأسه سامحًا له بذلك ، امتعض وجهها حنقًا فيمـا إقترب قليلًا من وجهها ليردف بهدوء :
_ انا أسف .. لو سمحتي أمسكي الورد وخلينا نتكلم برا ؟!
تشنجت قسمات وجه فداء وهي تنظُر له يتحدث إلي شقيقتها خلسة ، وقد فهمت مني بأن الأمور لا تسير علي وتيرة مُستقرة فهي من ربتهن وقادرة علي ان تحلل كُل تصرف يخرج منهن ، وهنـا أردف سالم بتساؤل :
_ وصلتوا لحد فين كدا بخصوص الشركة ؟
همّت عنود أن تُخبره بتراجعها عن هذه الشراكه ليُقاطعه هو مُرددًا بلهفة وتعجل :
_ شافت الڤيلا وعجبتها جدًا وكلمت مدير أعمالي ومن بكرا هنبدأ توضيب في الڤيلا وعلي نهاية الاسبوع كُل حاجه هتبقي تمام .
عنود بكره : بس ..
قُصي وهو يجدحها بنظرة مغتاظة : اه هي تقصد إن ألوان الڤيلا مش عاجباها ، ومن بكرا الألوان هتتغير.
عنـود وقد تشنجت خلجات وجهها غضبًا :
_ لأ مش قصدي اللي انت بتقــ …
قُصي وقد إشتدت حدة عينيه ليردف بتلعثم :
_ أيوة أيوة .. انا فاهم قصدك .. وقولت للجنايني يزرع ورد كتير في واجهة الڤيلا ، أنا عـارف إنك بتحبي الورد .
وهنـا أسرع بالقبض علي ذراعها دون وعي منه وبإندفاع أردف قائلًا :
_ بعد إذنكم يا جماعة معايا ورق بخصوص المشروع ومحتاج أخد رأيها فيه ، لو مافيش مانع كوباية قهوة سادة !!!
جذبها من ذراعها يسحبها عنوة نحو الخارج حيث الحديقة ومـا أن وقفـا في جانب منها حتي صرخت به في حدة :
_ أنت فاكر نفسك مين ؟ .. انت واحد مقرف يقتل القتيل ويمشي في جنازته !!
ضغط علي قبضته كاظمًا غيظه لتنفر عروق رقبته بوضوح ليردف بثبات أوشك علي الخلاص :
_ أنا بجد أسف !! .. ما عرفتش أميّز اللي بقوله صدقيني والله الكلام خرج مني بغير وعي ، انا لا بهددك ولا عاوز منك أي حاجة يا عنــود وانا عاوز أكمل المشروع معاكِ وأوعدك مش هحاول أضايقك بكلمه تاني ، بس مش عاوز أحس إني مُذنب في حقك .. سامحتيني ؟
إبتلعت ريقها بصعوبة وهي ترمقه بنظرة قوية وتحد وما أن فتحت فمها لتتحدث لتسبقها شقيقتها هاتفه بحدة وغضب :
_ لا مش هتسامحك .
إقتربت فداء منه ومن ثم أزاحته بكفيها ليرتد للخلف قليلًا وبنبرة مُحتقنه بنار الغضب قالت :
_ إنت فاكر إني هعدي دموع أختي دي بالساهل !!! ..إنت لو عيشت عُمر علي عُمرك مش هتشوف طرف فستانهـا تاني .. اللي تعرفهم في حياتك مُجرد تقليد وانا أُختي الأصل .. واللي يتعدى حدوده مع أُختي ما يلومش غير نفســه .. أخرج برا القصر ؟
قُصي بلهجة حازمة :
_ إتكلمي بأدب يا فداء ؟! ، لكل حاجه حدود !
فداء بسخرية : وانت بقى راعيت الحدود دي وانت بتخوض في شرف أختي ؟! وبتتهمها بالباطل !!!
قُصي بثبات : وإعتذرت !
بادرت فداء بجذب شقيقتها لتسحبها معها نحو الداخل وراحت تقول بنبرة حاسمة : إعتذارك مرفوض يا قُصي باشـــا .
رمقتها عنود بنظرة مُستعطفه لتزدرد فداء ريقها في حنق مقاومة نظرة التسامح هذه من شقيقتها ، ســارت بها صوب الباب من جديد لتتابع عنود بنبرة خفيضة :
_ فداء إهدي ؟ .. الشاب إعتذر وجه لحد بيتنا هنطرده !!
توقف فداء في تلك اللحظه لتهتف بنبرة حــادة تنهرهـا بتساؤل :
_ يعني أيه !! .. سامحتيه ؟
عنود بنبرة خافته : أنا محتاجة ابني شغل وكيان لـ نفسي وهو إعتذر !!
فداء مُقدره لطموحات شقيقتها حيث تنازلت مُرغمه لتقول بنبر صارمة وصلت إلي أذنيه :
_ ماشي يا عنـود .. بس لو حصل وحد مَس كرامتك شعراية ، همسكه السلك عريان !!
قُصي بإبتسامة ساخرة : وربنا إنتِ بوء علي الفاضي ، ولو أخدتي قلم هتبقي شبه الكتكوت المبلول .
جدحته فداء بنظرة حانقة من فوق كتفها ومن ثم ســارت للداخل تاركه لهم المجال لبدأ التخطيط لأحلام شقيقتها …
——–
” في صباح اليوم التالي ” ،،،
_ ألبس دا ولا دا ولا دا ؟ .. هــا !! .. ألبس ايه ها ؟!
أردفت فداء بتلك الكلمات في حماسة بالغة وهي تستعد كامل الاستعداد لمقابلة آسر الذي جعلهـا تجن من فرط عشقها له ، أخذت تجوب في الغرفة وهي تنتقي الثياب التي سترتديها ، أمسكت ببنطال من الچينز النيلي وكنزه صيفيه مطعمة بفصوص ألماسي علي الأكمام فحسب من اللون الوردي .. وضعتها أمام عيني شقيقاتها ،،
هزت الإثنتان رأسيهما رفضًا ، لتلتقط كنزة صيفية أخري تتضارب بها الألوان وقد قوبلت بالرفض أيضًا، إمتعق وجهها غيظًا وهي تهتف :
_ أمال ألبس أيه !! .. خنقتوني ؟
إلتفتت بيسان بوجهها ناحية شقيقتها (عنود) القابع بجوارها في الفراش ومن ثم رددت بنبرة واهية مصدومة :
_ عنود .. هو اللي بيحصل دا حقيقي ؟ .. يعني بلاء فعلًا بتحب !! .. دي آثر لهفة وبدايات حُب ؟!
عنود وهي تفغر فاهها بشدوه كذلك :
_ فداء والحُب .. Really don’t mix !!!.
عقدت حاجبيها بغيظ لتعقد ذراعيها أمام صدرها أيضـًا وبنبرة حادة تابعت :
_ بتبرطمي تقولي أيه إنتِ وهي ؟!!!
عنود بنبرة متلعثمة في باديء الأمر :
_ fedaa , you fall in love with some one ?
( إنتِ بتحبي ؟! )
رفعت فداء كتفيها للأعلي قليلًا ومن ثم أنزلتهمـا وهي تردف بنبرة ســـادرة :
_ مش لايق عليا اللون دا صح ؟
أحست شقيقاتهـا ببوادر دخولها في حالة من اليأس ، لتهرع عنود إليها ومن ثم تطبع قُبلة علي وجنتها قائله بحُب :
_ الحُب بيليق علي أي حد يا فيدو ، انتِ بس أوعي تخليه ينطفي أو يتوه من إيدك !!!
فداء وهي تنظره لها بتحد رافعه أحد حاجبيها ومن ثم رفعت إصبعها السبابة عاليًا لتقول بحزم :
_ يتوه مين ؟! .. عطلاق الواد دا ما هسيبه غير وهو جوزي ! .. وابقي فكريني اكتب تيكت واحطه علي التي شيرت بتاعه .. هذا التركي المُــز القاتل مِلك لـ فداء العامري وممنوع اللمس والإقتراب .. وأي واحدة هتقرب هعملها خريطة في وشها ، نهتدي بهـا إذا توهنا .
بيسان بعينين جاحظتين :
_ فيدو انت بتتكلمي بالسوقية دي قدامه ؟
فـداء وهي ترفع احد ذراعيها بتفاخر :
_ أه عـادي .. انتوا عـارفين بيشتغل أيه ؟
الإثنتان في آن واحد : أيه ؟؟؟
ضمت كفيها إلي بعضهما وراحت تقول بنبرة أكثر هيامًا :
_ حرامي قد الدُنيا ، ربنا يحميه .. بالظبط هو دا فـارس أحلامي بموتوسيكله الأحمر …!!!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جميلتي الصهباء)