رواية جميلتي الصهباء الفصل الرابع 4 بقلم علياء شعبان
رواية جميلتي الصهباء الجزء الرابع
رواية جميلتي الصهباء البارت الرابع

رواية جميلتي الصهباء الحلقة الرابعة
في آن واحد خُلقنا ، وداخل قصر واحد عشنا وبروح واحدة ، تعايشنـا .. فلا تقع تحت طائل التفريق بيننا ومن ثم تفشل ، فـ بشخصياتنا قد إختلفنا .
—–
رمقتها بيسان بعينين جاحظتين وكأنها ترفض ما تقوله فيمـا أخذت (عنود) تبكي بحُرقة وقد عبرت نبراتها عن عُمق حرارة حديثها وهي تهزّها بكُل ما أوتيت من قوة قائله :
_ هتستوعبي أمتي الواقع دا يا بيسان ؟! ، مر سنه وانتِ لسه علي الحال دا ، وجعتي قلوبنا وخاصةً بابــا .. فوقي من غيبوبتك إحنا مش هنستحمل نخسرك حبيبتي !
إنسابت قطرات الدموع من عينيها ، لتقول بنبرة مُتلعثمة بالكاد تخرج منها :
_ إبراهيم عايش يا عنود .. هو قالي ما تقلعيش دبلتي أبدًا وإلا هيزعل مني .. ليه بتقولي كدا !! .. إنتِ زعلانه علشان فرحنا كمان شهـر وهبعد عنكم .. لا متخافيش ، ماحدش يقدر ياخدني منكم .
ضغطت عنود علي عينيها في إختناقِ وراحت تُخرج زفيرًا يصحبه حرارة أشد بأسًا من نيران موقــد ، تركتها علي الفـــور ومن ثم عـادت إلي الخلف وراحت تسند ظهرهـا علي الجدار حتي انهالت أرضًا تجلس في بُكاءً مرير …
ابتلعت فداء ريقها بمرارة ، علي حال شقيقاتها لتقوم بالإقتراب من بيسان ومن ثم تضع أطراف أصابعها اسفل ذقنها وتردف بنبرة هادئه للتخفيف من حدة الموقف :
_ بيسان حبيبتي .. دا ميعاد الدوا بتاعك .
بيسان وهي تنظُر لـ شقيقتها بخيبة أمل : إبراهيم عايش مش كدا ؟!
اسرعت فداء بإحتضانها وراحت تربت علي خُصلاتها الناعمة لتقول بصوتِ مُتقطع :
_ عنود .. قولي لـ بابا ، يطلب الدكتور فورًا .
——-
(في غُرفة مراد ) ،
_ ضربت الظابط ؟! ، بلاء دي المفروض يحطوهـا في محمية طبيعية مع الديناصورات .. أو ينفوهـا لجزيرة مالطة ، وممكن بردو تتدفن حية علي إنها آكلت لحوم البشر ، لكن تعيش وسط البني آدمين الطبيعيين كدا ؟ ، لأ خطر .
أردف مراد بتلك الكلمات في نبرة مصدومة مما فعلته ابنه خالته ، هذا ليس بجديد عليها ولكن نطاق اعمال البلطجه خاصتها اتسع حتي شمل الضباط ، افتر ثغر مني عن إبتسامة عريضة لتردف بهدوء :
_ ربنا يهديها لنفسهـا .. وانت بطّل تقول كدا عن أختك ، ويالا ركز في مذاكرتك .
تذكر مراد شيئًا مـا ليهتف بنبرة مليئه بالحماس قائلًا :
_ هو صحيح ، هشوف يامن أخيرًا بكرا .. أنا مش مصدق لحد دلوقتي لأنه بجد واحشني .
مني بسعادة طائلة : ربنا يحفظه ويرجعه لنا بالسلامة يا حبيبي .
مراد غامزًا لها : طيب مافيش دعوة لـ مراد حبيبك وساندوتشين جبنة رومي ، اصل العبد لله بيذاكر والمذاكرة بتاخد من صحته .
مني وهي تداعب خصلاته بأصابعها : من عيوني طبعًا .
——
( في أحد الفنادق المُطله علي النيل ) ،،،
جلست إلي المقعد القابع أمام منضدة الزينة ، بدأت تمشط شعرهـا في مياعة شديدة وهي تلوك العلكة بفيه مُفتوح .. بسط جسدهُ علي الفراش حيث قام بوضع ذراعيه أسفل رأسه مُستندًا عليهمـا .. طالعته من المرآه أمامها حين تنحنحت قليلًا قبل أن تقول بنبرة دلال :
_ كان عندي سؤال كدا يا باشــا ، احم .. يعني هو إنت ليه مـا أخدتنيش علي بيتك أحسن من الفنادق والتكاليف ؟!
أبعد سيجارته قليلًا ثم نفث دخانهـا أمامهُ ، أصبحت صورتها أمامه مُشوشه ومـا أن خفت الغيامة حتي تابع بنبرة صارمة ثقيلة :
_ ما يخصكيش ، وبعدين إنتِ تاخدي فلوسك وانتِ ساكته وتيجي معايا في أي مكان يعجبني .
استدارت بجسدها حتي تقابلت وجوههمـا لتقول بنبرة يكسوها الحُزن المُصطنع :
_ انا كانت نيتي سليمة ، مش قصدي أضايقـك يا روحي .
قُصي وهو يعتدل جالسًا في الفراش : طيب إخلصي يا حلوة .. وقومي بلقمة عيشك !!!!
———
” في صباح اليوم التالي،،،
جلسن بالترتيب خلف بعضهن ، تجلس بيسان بالمُقدمه وخلفها عنود وأخرهن في الصف تجلس فداء .. بدأت عنود تتحرك بالفُرشاه بطريقة مرنة تُمشط شعر شقيقتها الحسناء (بيسان) ، أما فـداء تجلس خلف عنود وتفعل نفس الشيء وقد إندمجن بشكلِ واضح أمـا فداء فمن سـ يُمشط لها شعـرها ؟! ،،،
_ لأ ، انا جربانة .. وشر قوتي وجبروتي في الشعر الاكرت .. بيس يا ولية إنتِ وهي ؟!
عنود بإمتعاض حين لوت شدقها تاففًا :
_ stop saying this , we are beautiful girls not this local word (وليه) .
( توقفي عن قول هذا ، نحن إناث جميلات ولسنا كما وصفتينا في كلمتك الشعبية وليه) .
افتر ثغر بيسان عن إبتسامة هادئه لتقول بسعادة غامرة وهي تفرك كفيها: عارفين انا جه في بالي أيه يا بنات ؟
عنود وفداء في نفس واحد :
_ خير؟ … What!!!!
بيسان باستئناف : عاوزة أملي الفراغ اللي انا فيه شوية ، فيدو راجعه الشغل من النهاردا وإنتِ يا عنود بابا لقي لك الشريك وهتبدأي تنفذي مشروعك .. فـ أنا بفكر أفتح حضانة في الصالة المُنفصلة عن القصر ، انتم عارفين إني بحب الأطفال أوي ، وهنسي غيابكم عني لحد ما ترجعي .
عنود بحنو : فكرة جميلة أوي يا قلبي .. تمام إحنا نعرضها علي بابا .
فـداء رافعة أحد حاجبيها : بس مُساعدين رجاله لأ .
بيسان بحماسة : عرفنا إنك بتغيري عليا ومش بتحبي حد فينا يتبص له بنظرة شهوة وإنك مقاتلة وفدائية وشوفتي من الناس الوحشين دول كتير .
فداء وهي تلتفت ثم تقبض بكفيها علي وجنتيها وتشدهمـا بإنتقامِ : الله عليكي ياسطي حفظتي الدرس بسرعة .. نبيهه يا بنت سُلم ،،
ومن ثم استأنفت وهي تتركها وشأنها لتردف بنبرة مُشاكسه : انا حاسه إني عاوزة اتخانق مع حد ؟ ، مش مظبطه كدا .. اما أروح اضرب مراد الكلب من غير أي أسباب .
ضحكت الأُخريات علي حديثها ، داعين لهُ بالصبر علي هذه الـ .. بلاء .. ، إتجهت في الممر الطويل الذي يضم في نهايته غُرفة مُـراد ، صُممت خصيصًا له بعيدًا عن أجواء القصر الصاخبه حتي يتهيأ عقليًا ونفسيًا للانتصار علي الثانوية مُحققًا احلامه ،،،
لم تطرُق الباب أبدًا كعادتها ، قامت بفتحه علي مصرعيه وبنبرة صاخبة تابعت :
_ ولا يا مودي .. ازيك وإزاي الثانوية العامشة ، وحشتني ياسطي والله .
ضيق مُراد عينيه ، أخفض الكتاب علي سطح المكتب ومن ثم استدار بالمقعد المرن وبنبرة مُغتاظة تابع :
_ بلاء ! .. عاوز أذاكر .. الله لا يسيئك !
فـداء وهي تتجه ناحيته : أيه يا صديق؟ ، أصلي بصراحة زهقانة قولت أروح اندمج مع مودي ونسمع اغنيه أنجليش ؟
مراد يرمقها بنصف عين : انجليش !! ، أنا شاكك في أمرك بس ماشي .. تحبي تسمعي أيه؟
لم تُجبه عن سؤاله ، وحدها الموسيقي التي صدرت من هاتفها الجوال كانت كفيلة بأن تُخبره ، ليسمع هذه المُغنية الأجنبية تصدح عاليًا بالغرفة ، حدق بـ فداء التي بدأت ترقص بطريقة شبابية ، فغر فاهه في صدمة ليجد كفها يصفق علي عُنقه من الخلف وبنبرة مرحة تقول :
_ waka waka eh eh , tsamina Mina zangalewa .
(فقط إفعلهـا ، من أين أنت ) ..
همّ أن يصرُخ بها بغيظِ ليجد صفعة اخري منها فيمـا ظلت تراقص حاجبيها في استمتاع وهي تهتف عاليًا وخُصلاتها تتحرك بقوة :
_ you’re a good soldier , choosing your battles .
لم يتحمل أكثر من ذلك ، ليبدأ الغناء معها وبنفس طريقتها لتبدأ المعركة لتوهـا ، نالت منهُ وبقوة كعادتها ليصرخ باستغاثة :
_ يا بنت الهبله ! .. عاااااا ، قفايا ورم .. يا ماما حد يقتلها بأي مُبيد حشري هنا .
مني وهي تهرول داخل الحجرة : انتوا بتعملوا أيه في بعض ؟! .
تنفست فداء شهيقًا داخلها ، لتزيح خُصلاتها بثقة وثبات وهي تقول بظفر : حئيئيًا ، ربنا يخليك يا مُراد والطشك براحتي ، بعشق السادية .. بعشقها ، حاسه دلوقتي ان نفسي مفتوحة علي الأكل ، ها يا مُنمن طابخه لنا أيه ؟!
مُـراد وهو يختبيء خلف والدته : حئيئيًا ؟! ، اعوذبالله من الخُبث والخباث ، دي عليها جن سادي .. اوعي لتاكلك يا أمي ، أنا ماليش غيرك .
مني بنبرة صارمة : كفاية هـزار لحد كدا واتفضلي علشان هيذاكر .
فداء وهي تتجه صوب باب الحجرة : هروح أدور علي حد تاني أعذبه بقي .
——-
( داخل مكتب سالم العامري ) ،،،
نكس ذقنه حُزنًا لحالة ابنته التي تسوء يومًا بعد الأخر .. ظل يستمع لحديث الطبيب المختص بحالة بيسان دون ان ينبس ببنت شفةٍ ، كبا لون وجهه إرهاقـــًا وهو الذي أقسم أن يظل يحميهن حتي من حُزن يمس قلوبهم فـ يخطف النوم من أعينهن وهنـا استفاق من شروده الحزين علي صوت الطبيب وهو يُتابع بثبات :
_ الحقيقة ، انا حاولت معاها بكُل الطرق ، ولكنها رافضه الحاضر دايمًا .. بنتك محتاجة حُب جديد علشان تستوعب إن خطيبها مات في الحادثة من سنه .
سالم بتنهيدة مثقوله أوجاعًا : يعني علشان بنتي تخف .. ادور لها علي واحد يمثل دور الحُب عليها ولم تعرف تتصدم أكتر !
الطبيب بنفي : أكيد طبعًا لأ ، بس بنت حضرتك محتاجة مشاعر مُختلفه تطرأ علي حياتها علشان تنسيها السابقه .. وانا معاها للآخر وهبذل قصاري جُهدي علشان تتحسن ، بس لازم تعرف إن (بيسان) مش مشلوله ، بل في كامل صحتها بس هي مُستسلمة لتراخي عضلات رجليها ورافضة الحركة .. هي محتاجه حد تثق فيه علشان يقنعها تبدأ من جديد وتمشي .. ربنا يعافيها .
سالم بنبرة ثابتة : أمين يارب .
أخفض الهاتف عن أُذنه بعد أن أنهي اتصالهُ ، التفكير يأكل خلايا رأسه موتًا .. كيف يساعدها وبأي وسيلة ومتي ستُدرك .. أن خطيبها قد مات ودُفن من عام سابق ، أثر حادثة وكانت هي معه داخل السيارة .. عندما خسر حياتهُ فيمـا أصبحت هي قعيدة هذا الكرسي المتحرك .. ليست الحادثة من جعلتها هكذا بل صدمتها علي غيابه …
في تلك اللحظه دلـفت إحدي الخادمات التي تابعت بصوتِ خفيضٍ : المُساعد الجديد لـ بيسان هانم وصل يا فندم .. أدخله ؟!!!
أومأ سالم برأسه إيجابًا دون ان يعيرها نظرة حتي ، ترجلت هي للخارج وما هي إلا ثوانِ حتي دلف الشـاب علي استحياء .. تنحنح قليلًا وهو يقف أمام باب الحجرة ولكن لم يلتفت له سالم الذي قرر ان ينسي مشاكل بناته بإحدي قضاياه ..
أخذ يُضيق عينيه بإهتمام وافــر ثم يرخي جفنيه مُجددًا ساعيًا لإيضاح شيء مــا داخل عقله المُرهق ،،،
قطب ذاك الشاب مـا بين حاجبيه بإندهاش من تجاهل (سالم) له ، فهو من دعاه خصيصًا كي يسلمـه زمـام العمل داخل القصر .. سار صوب المكتب بخُطي مُترددة وئيدة وبنبرة خشنة واجبه لمن بسنهِ (سن المُراهقة ) :
_ يـااا سعات البـاشا ، إنت نسيتني ولا أيه؟!
رفع سالم بصره عن الأوراق امـامه ، ليفتح فمه شدوهًا من نسيانه لأمر هذا الشاب وبنبرة مهمومة وكأنه يشتكيه من هذه المشاكسه:
_ أسف يابني ، البنت جننتنـي .. جبتها مرة من مظاهـرات وشوية من قهاوي في أحياء شعبيه قال أيه بتتفرج علي الماتش هنـاك ، الزملكاوية بنت الكلب دي .. حاسس اني مخلف راجل .
فغــر الشاب فاهه علامة التجاهُل ، إرتفعت شفته العُليا قليلًا ، لا يفهم بما يهذي هذا الرجُل الذي يمتلك هيئه أكثر وقارًا .. يمتلك عينين زرقاوتين تُغطيهما أهداب كثيفه للغاية قد شيب الزمان رأسه ولكنه مـازال جاذبًا بهيبته ، ليردف الشاب بعد فهم :
_ لمؤاخذة مش فاهم يا بـاشا .
تنهض سالم عميقًا في تلك اللحظه ، ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة هادئه قائلًا :
_ المهم ، إنت يابني دورك في القصر دا ، إنك تشتري مُطلبات بناتي وأي حاجة يحتاجوها ، وربنا معاك بجد .
نور بإستغراب : في أيه يا باشا ؟ .. هو انا رايحة أحارب .
سالم وهو يضرب كفًا بالآخر بضحكة خفيفة :
_ دا إنت لو هتحارب كان أنصف لك من الشُغل هنـا .. معلش يابني ، كُله نصيب .. اتفضل إنت اغسلي العربية علشان عندي شُغل وقبلهـا شوف آنسه بيسان هتحتاج أيه؟!
نور بإنصياع وهو ينطلق صوب باب الغرفه : اللي تشوفه يا بـاشا .
ترجل (نور) خارج باب الغرفة .. سأل الخادمة عن مكان غرفة (بيسان) لتُشير إلي إحدي الغرف الموجودة بالطابق الأرضي ، إتجه إلي هناك وما أن طرق الباب حتي سمع صوتها تهتف بنبرة هادئه : إتفضل .
أدار مقبض الباب ليفتحه بهدوء شديد ومـا أن دلف للداخل حتي وجدها تقف علي بُعد سنتيمترات من باب الغرفة تنتظر رؤية الطارق وهنـا تابع نور داخل نفسه :
_ اللهم صلي علي حضرة النبي .. أيه الحلاوة دي ؟ .. دي ولا نجمات السيمـا ، بس يا خسارة الحلو ما بيكملش .
في تلك اللحظه قطع شروده صوتها وهي تتابع بتساؤل : إنت الضحية الجديدة ؟!
نور بتنحنح قليلًا : ضحية أيه يا ست الكُل ؟
بيسان بضحكة هادئه : طيب تعالي خُدني للجنينه لو سمحت .
إتجه صوبهـا ثم استدار حتي وضع أطراف أصابعه علي مسند المقعد المُتحرك .. دفعها بخفة نحو باب غرفتهـا ومـا ان تجاوزت هي عتبته وهمّ أن يفعل ، حتي وجد .. وجد صورة كربونية من هذه القعيدة ترتدي ثيابًا غير التي ترتديها الأخري، جاب ببصره بينهن ليجد بيسان تنظُر له بشفقة وهنـا سمع صوت (فداء) تهتف بنبرة جامدة وهي تمسك بهذا السلاح الحـاد بين يديها :
_ إنت مين يالا ؟.. وواخد أُختي ورايح فين ؟
تلعثم الشاب في عباراته قليلًا قبل أن يبتسم من بين قلقه قائلًا :
_ مـا شاء الله .. انتوا تؤام ؟ ، وربنا هي اللي طلبت مني أخدها للجنينه؟
بيسان وهي ترجوها بقلق: فيدو حبيبتي ، انا اللي طلبت منه .. وهو المُساعد الجديد بتاعي .
في تلك اللحظه هزّت فداء رأسها بتفهم ، لتضع إصبعها داخل دائرة المطواه القابعه بأخرها ومن ثم ألفتها عدة لفات بحركة سريعة ليعود الشاب للخلف في فزعِ في حين استأنفت حديثها بثبـات :
_ طب خُد بالك بقي ، إيدك دي تلمسها كدا ولا كدا وشُغل المتحرشين دا .. والمصحف أشويك زيّ الخروف في شواية الجنينة ، لأ يالا دا أنا صايعة ومش أُختي اللي يتعمل معاها كدا ؟
وضعت بيسان يديها علي فمهـا وهي تجد صفعة من كف والدها تنهال علي عُنقها من الخلف وبنبرة مُغتاظة تابع :
_ خير يا شبح في حاجة ؟؟؟
فـداء وهي تلتفت لوالدها في فزع : تسلم إيدك يا سيد المعلمين .. بس مش كدا يا سُلم ، البرستيج رااااح .
أغمض سالم عينيه حتي استقامت جفونه غيظًا ، وما أن طفق في فك حزام بنطاله حتي وجدها تتابع بنبرة قاربت علي البُكاء المصطنع :
_ ما عملتش حاجة ، انا بأمن مستقبل أُختي يا صاحبي .
سالم وهو يمسك كفها ثم يضرب بالحزام علي ظهرها للأطفال قائلًا : صاحبي ؟ ، ليه هو انا واحد من اللي كانوا قاعدين معاكي علي القهوة في ماتش إمبارح وشربتي معاهم شيشة تفاح .
فـداء بإبتسامة بلهاء : دا الواحد كان خربان من الصُداع أجدع ، أما الشيشه دي طلعت حاجه عنب .
سـالم بعصبية مُفرطة : عنب؟ .. يعني أنا أخبيكم من الناس سنين علشـان انتِ بعد ما تتخرجي وتشتغلي سنه .. تضيعي اللي انا بنيته يا بلاء القصر ؟!
فـداء بتوترِ : خلاص يا قلبي من معاميعه ، هبقي مؤدبه وهبطل هلس .
تركها سالم بإستسلام فقد فاض به منهـا ، ليرمقها بنبرة صارمة قائلًا :
_ هلس ؟ ،،
مـال بجسده أرضًا ليخلع عنه حذائه ومـا أن أستقام مُجددًا حتي وجدها تقف بجانب الشاب وتضع المطواه أمام عُنقه وبنبرة جامدة تابع :
_ وربنا مـا ترشق الجزمة في وشي زيّ كُل مـرة ، لأكون غزاه ناحية لغاليغه وآور كدا زيّ ما بنأور المحشي لحد ما يفقد النُطق .
بيسان بنبرة مُتلعثمة : لا ما إنتِ لو أورتي زوره هيموت خالص .
فداء وهي تنظُر لوالدها بتحدِ : وريني بقي هتنشل عليا أزاي .. نيهاهاهاي !
وهنــا قطع قهقهـاتها نعل حذاء والدهـا وهو يصطدم بجبهة رأسها لتصرُخ بطفولة وهي تضع يدها علي رأسها :
_ آآآه .. عيني ، حرام عليك إتعميت .
سالم بضحكة ظفر : وهي دي عينك يا حوله يا بنت الأحول ، ما أبقاش سالم العامري لـو ما علمتك الأدب يا بلاء القصر .
أنهي حديثه ليواليهم ظهره ومن ثم تابع بصوتِ صارمٍ : قوم بمهمتك يابني ولو حد ضايقك بلغني .. وإنتِ يا مني خلصي الأكل بسرعة علشان يامن علي وصول .. وكمان الضيف (قُصي) .
فداء بمشاكسه : رايح فين يا سُلم بس ! ، طيب أعملك لمونادا تهدي أعصابك يا حُبي ؟ ، مافيش رد !! .. ما هو الإهتمام ما بيتطلبش ، من خد أجازة من شُغله ، إتقل مقداره .
كتم (نور) ضحكتة في حلقومه يقاوم خروجها، وكذلك بيسان التي تابعت بنبرة ضاحكة قليلًا :
_ هو انا ينفع أضحك ؟
فداء وهي تضع المطواه في جيب بنطالها : إنتِ أه .. لكن الواد دا لأ ، اوعي تكون فاكر إني علشان ما رديتش علي سُلم أبقي بخاف ؟! .. لأ انا بس ما حبيتش ازعق له قدامكم ، الرجولة أدب مش هزّ كتاف .
نور ببلاهه : بس إنتِ بنت ؟
فداء بإبتسامة مُشاكسة : شكليًا أه ، بس آآ.. ايه اللي هناك دا ؟!
التفت الشاب حيث أشارت هي بإصبعها ليجد صفعة علي عُنقه من الخلف فيما تابعت وهي تُحرك مقعد شقيقتها عائدة إلي غرفتها :
_ نيهاهاهاي .. أيه رأيك في الرجولة دي ! ، شغل عالي عالي .
——–
مرت حوالي ، ربع ساعة حيث استعدت فيها (عنود) لإستقبال شريك عملها الحُر .. بدأت تجهز الأوراق الخاص بالعمـل لتوقيع عقد الشراكة ما أن يتم الموافقه علي بنـوده ..
اخبرتها الخادمة بمجيء الضيف المُنتظـر ، حينما حملت هي ملف الاوراق بين يديها وراحت تتجه صوب الدرج من فرط حماسهـا فالآن هي علي بُعد خُطوة واحدة من تنفيذ حلمها …
بدأت تهبط الدرج بقوامها الممشوق هذا ، تتبختر في غنج وكبرياء لا تتصنعه البته بل هو من ضمن أصول شخصياتهـا … كان يجلس في البهو يضع قدمًا فوق الأُخري وقد اندمج في تصفح هاتفه المحمول ، ليجد وقع خُطوات أُنثوية فجّة .. نحا ببصره إلي مصدر الصوت لتجحظ عيناه في شدوه فاغرًا فاهه والذهول هو سيد الموقف ..
كانت ترتدي فُستانًا من اللون الأبيض يصل إلي ما فوق الرُكبه ونُثرت به ألوان الطيف جميعها دون حمالات كتف .. رفعت شعرهـا علي شكل كعكه قابعة بمنتصف الرأس وتركت لبعض الخُصلات التحرر علي وجنتيها ،وكذلك إرتدت حلق من الألماس الاسود ،،،
وقفت أمامة مُباشرة لترتسم ضحكة رقيقة علي مبسمها فتقول برقة : هـاي ؟!
جاب بعينيها يتفحصها من أعلي رأسها إلي أخمص قدميها وبنبرة مصدومة يشوبها الإعجاب تابع :
_ ما إنتِ أُنثي أهو .. امال ضربتي الناس دي كُلها إزاي ؟
عنود بعدم فَهم : مين دي اللي ضربت ؟ ، وناس أيه ؟
رفع قُصي ذراعه للأعلي قليلًا وراح يضربها بقبضته القوية علي ظهرها ، مالت للأمام ثم هتفت بتأوه وصدمه :
_ you are crazy !!
( إنت مجنون ؟! )
قُصي رامقًا إياها بثبات : هم اللي بينضفوا لسانهم بيعوج !! .. بطلتي تعملي هجمات مُرتدة يعني !!
عنـود وهي تبتعد عنه في نفور لتصرخ بحدة :
_ إنت واحد مش طبيعي أصلًا ! ، وكلامك مش مفهوم .
في تلك اللحظه هتفت (فداء) وهي تحرك مقعد شقيقتها أمامها متجهه إليهمـا وبنبرة ثابتة وغليظه تشبه الأصوات بأفلام مصاصي الدماء :
_ إزيك ياسطي ؟ ، منور قصر الأشباح ، أقدم لك نفسي .. سنسوداين مُسكن لآلام الأسنان .
جحظت عيناه في صدمة وهو ينظُر لثلاثتهن ، ابتلع ريقه بصعوبة ومن ثم مد يده ليلتقط سلاحه دون ان ينتبه لحديثها المازح في تخويفه وراح يوجه السلاح ناحيتهن يُحركه حركة دائرية قائلًا بفزعِ :
_ إنتم عفاريت بجد ؟ .. ودا بيت أشباح ! ، يادي الليلة السودا .. انا قولت قوة البت اللي في القسم امبارح .. مش قوة بنات خالص .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جميلتي الصهباء)