روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء التاسع والعشرون

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت التاسع والعشرون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة التاسعة والعشرون

تأكد من وصول المجموعة السياحية للمشرف المسؤول بالخارج، وعاد للمنزل يبدل ثيابه مستعد لموعد العشاء مع صديقه … وجد كوثر تمكث في غرفة المعيشة تقرأ كتاب ما، ولج يقبل رأسها وهو يتسأل عن عليا باستغراب:
هي عليا لسا مرجعتش من الصبح ؟!
ابتسمت وهي تشير باتجاه المطبخ :
لا ازاي ست البيت الشطورة بتاعتنا بتحاول تعمل عشا لزياد ويزيد ومعها ريم
انكمش بين حاجبيي موسى وأردف باستهجان:
وافرضي اتسمموا هيكون ايه الوضع
أغلقت الكتاب ووضعته بجانبها، ثم نظرت إليه وهي تقول برفق :
متخفش أنا معرفها كويس تعمل ايه
واسترسلت تسأله بفضول :
ليه شيفاك مش مرتاح ؟! ودايمًا وَخد كل حاجه على أعصابك!!
رفع موسى حاجبيه باستنكار وغمغم وهو يجلس بجانبها :
هو بجد اللي بيحصل دا مريح!!
رتبت كوثر على كتفه برفق وهي تهتف بحنو بعد أن فهمت مغذى حديثه وسبب ضيقه :
لازم ترتاح يا موسى، هو أنت عمرك شوفت عليا في المطبخ ؟؟
لم تنتظر اجابته واستكملت برجاحة :
عليا اتغيرت كليًا بعد دخول عمر حياتنا، طلبت تتعلم الطبخ وبدأت تجرب بنفسها، تفكيرها في الفُسح والخروج واللبس اتبدل لأنها عايزه تعرف ايه اللازم لفرش البيت وايه يقدر يساعدها في ترتيب يومها، وغير زياد ويزيد اللي صممت تتكفل بوجودهم من غير مساعدة مني أو من الدادة، ودا كله واضح ويستاهل تمسكي بوجود عمر
حرك موسى رأسه بعدم رضا وأردف باقتصار:
دا كله مش كفايا عشان تتجوز واحد زيه
رمقته بدهشة مصطنعة ثم سألته بحيره :
وليه أنا مرفضتش إعجابك بـ هند مع أن ظروفها مش مناسبه ليك ؟!!
كيف يجد اجابه فقد العثور عليها منذ أول وهلة وقعت
عينيه على ملامحها ؟!! .. نظر إليها متمتم بنبرة عميقة:
لأن إعجابي بـ هند مش مجرد تسليه وتضيع وقت
حسم أمره وقرر الاعتراف بمشاعره الشغوفة، والبوح لمواجهة نفسه قبل أن يحارب مع محبوبته للانتصار بقلبها … ولكن كانت ريم التي اقتحمت جلستهم مع عليا رأي آخر عندما اندفعت باتجاهه وهي تهتف بتغنج :
موسى وحشتني أوي ينفع المدة دي كلها من غير ما اشوفك
: آه ينفع عادي
قالها وهو مبتسم بسماجة، نظرت عليا إليه بضيق وقالت بمزاح :
طول الوقت يحب الهزار
أومأت ريم بهدوء وهي تحدج موسى بهيام الذي نهض يهندم معطفه، فسألته والدته باستغراب:
هتخرج تاني ؟!!
رد عليها باقتصار :
مش هتأخر
رفعت ريم يدها تعيد خصلتها خلف أذنها مردفه باستحياء:
هو أنا جيت ضايقتك
رمقها بلامبالاة وهو يردد بفظاظة :
وجودك زي عدمه يا ريم متكبريش الموضوع
لم ينتظر أن يرى ملامحها المذهولة وهي تتأمل خطاه للخارج… بينما تجمدت الأخرى تنقل بنظرها بين عليا تارة وبين الباب تارة، انكمشت قسمات وجهه عليا وهي تتطلع إلى والدتها بغيظ، جهامة موسى في أسلوبه تجعل علاقة الصداقة بينهما على وشك الانهيار ..
: تعالي يا ريم في dress جديد لازم تشوفيه
صعدت ريم خلفها وهي تتمتم بتأفف بعد أن تركوا زياد ويزيد بصحبة كوثر :
اخوكي هيجنني من طريقته
ابتسمت عليا بخفة وأردفت بعفوية :
يا ريوم ما أنتِ عارفه موسى
قاطعتها ريم بضجر :
موسى من وقت ما سافر للبلد ورجع وهو متغير معايا
أغلقت عليا الباب واتجهت للخزانة وهي تقول بسخرية:
الكلام دا تضحكي بيه على مامي اوك، إنما أنا عارفه كويس أن دي طريقة موسى معاكي على طول
واسترسلت وهي تخرج فستان مثير :
؛ I think
أنك بتقولي كدا عشان عرفتك إعجابه بـ هند
أخذت ريم الفستان تتأمله وهي تهتف بتطاول :
الشفقة عمرها ما تكون اعجاب يا لولي
عقدت عليا بين حاجبيها بدهشة .. وجلست على مقعدها المستدير مردفه بتفكير :
بس موسى قبل ما تظهر هند مش مهتم بيكي
دارت ريم ترمقها بحده وهي تصيح بانفعال :
بدل ما تقولي كدا ساعديني اقربه مني يا أنتمتي
لوت عليا جانب شفتيها متمتمه بسلاسة :
بس أنا بحب هند بحسها cute رغم اللي حصلها
ألقت ريم الفستان عليها فضحكت عليا بلا اكتراث وأخذت الفستان تعيده للخزانة التي فاضت بالملابس الباهظة…
؛*********
مكث محله منذ خمس ساعات دون حركة على الدرج، أصيب بقلة حيلة قيدته بتلك المكالمة، ساء أمره لحد لم يتوقعه قط، والعواقب تساقطت لتحجب رؤية ما آتي…
” أبوك حلف ما تدخل البيت طول ما هو عايش، وحكم علينا ما حد يكلمك ولا يتواصل معاك، وأمر مياده تنزل تعيش معانا عشان يربي عيالك بدل أنه معرفش يربيك.. فوق لنفسك يا محمود ودي آخر مره هعارض أبويا واكلمك ومش عايز أعرف أنت عملت ايه كفايا اللي وصلني”
اغمض محمود عينيه بقوة، يبعد تلك الكلمات عن رأسه.. لم يقترف خطأ يكن عقابه يستعدي كل هذه المبالغة، في نهاية المطاف في هو رجل ومسؤول عن تصرفاته، زفر بملل عندما شعر بجلوس رنا بجانبه، دار يرمقها ببرود فقالت ببراءة :
مش هسيبك لوحدك بما إنك مش عايز تدخل الشقة
ابتعد بوجهه عنها وهو يغمغم بصرامة:
ملكيش دعوة بيا كفايا اللي حصل من تحت راسك
مطت رنا شفتيها بتذمر وهي تردف بحزن :
دلوقتي من تحت راسي
اقتربت منه ببطيء مستكملة بدلال :
هتصدقني لو قولتلك عيشت أحلى يومين في حياتي
ضحك بسخرية بالغة وردد بوقاحة :
كام واحد سمع الكلمتين دول قبلي
حدجته بثبات ثم اعتدلت مردفه بجمود :
هعتبر نفسي مسمعتش ولو عايز تدخل تبات لحد الصبح وتمشي أنا رايحه عند واحده صحبتي وهبات عندها
استقامة ملقية نظره أخيره على تعابيره المقتضبة وغادرت بعد أن تركت مفتاح الشقة بجانبه…. تنهد محمود بصوت مسموع وأخذ المفتاح، لن يعود للقرية في الوقت الحالي، لأنه غير مستعد لاستقبال الإهانة الغير مفهوم أسبابها، ومع مرور عدت أيام سينسى والده ما حدث، وتكون المواجهة أقل شراسة…
؛***********
قبل أذان الفجر بربع ساعة، خرج يعقوب متجه إلى المسجد، لم يعرف النوم طريق جفونه في تلك الليلة المتوعرة … لولا أنه استمع بنفسه لذلك الحديث الوقح الذي ألقاه عبدالله في وجهه، لا يصدق لو أجزم الجميع على ذلك … لم يتدخل بتاتًا في حياة أحد منهم، وكان الداعم في أول خطواتهم لبناء أسرتهم، ساعد بما في وسعه لأجل راحتهم، حمل أعباء المحاجر وتكفل بإدارتها، لم يقف عاقد ذراعيه يشاهد العمال مثلما يفعلوا .. من يراه بملابسه المتسخة أثناء يومه أثر مساعدته في تحميل الشاحنات يعتقد أنه أحد العمال لا رئيسهم ومالك المحجر،
ما أن خطت قدمه داخل المسجد شعر أن نسمات منعشة حلت على صدره، وكأن همومه وقفت بالخارج لعدم قدرتها اجتياز ذلك المكان … وضع سجادته ورفع يده يبدأ في صلاته غير مكترث لأمور دنياه،
؛*********
السابعة صباحًا
أخرج وائل كمية كبيرة من بخار نفسه وهو يدفع الباب بقدمه، ألقى الأكياس البلاستيكية من يده بعنف … فصاح عبدالخالق يزجره بحنق :
اصطبح يا وائل وخلي يومك يعدي
زمجر وائل من بين أسنانه:
ولا كأني شغال عند الباشوات رايح جاي أقضي طلبات
ردعه والده بحده بصوت منخفض كي لا يصل للداخل :
الناس عندنا زيارة ولو سمعوا كلامك هزعلك
ضيق وائل بين حاجبيه باستنكار وغمغم ساخراً:
دلوقتي خايف على زعلهم وبنتك اللي اتعشمت وخطب غيرها !!
جاء صوت هانم من خارج الغرفة وهي تقول بلامبالاة:
بلاش كلام الحريم دا يابن أخويا
جلست بجانب عبدالخالق مستكملة بتهكم :
ولا اغصب على ابني ياخد أختك
رد عليها عبدالخالق محدجًا ابنه بضيق :
أسماء مش معيوبه ولا فايتها جواز وكل شيء قسمة ونصيب
حركت هانم رأسها بملل وقدمت حزمة نقود بينها وبين عبدالخالق وهي تقول بتباهٍ :
التجار السعوديين بعتوا حصتنا امبارح ودا مبلغ مقابل قعدتنا عندك لحد ما تشوف بيت لينا
عقد عبدالخالق جبينه بضيق وهو يردد بامتعاض :
رجعي فلوسك يا هانم
ولجت نورا تخبرهم أن مائدة الإفطار جاهزة، فهتفت هانم وهي تمسك يد عبدالخالق قبل أن ينهض:
في كلمتين معرفتش أقولهم ليك امبارح
تطلع وائل إليهما بشك ولكنه لحق نورا للخارج بإشارة من رأس والده … رفعت هانم حزمة النقود تلوح بيها يميناً ويساراً مردفه بمكر :
أنت عارف أن الفلوس يوم عن يوم مش بيكون ليها قيمة وبصراحة فكرت في حكاية بيت من اول وجديد ولقيت هفضل وقت طويل لحد ما أقدر أنقل فيه
لم يكن ذو دراية كافية للوصول إلى دهاء أخته التي استكملت حديثها اللبق :
محمد عايز لما يتجوز يستقر في القاهرة، وضياء فكر يفتح نادي في البلد ما البنت اللي مصمم عليها، وعلاء هيرجع السعودية يبقا مفضلش غيري وحسام وفادي
: ما بلاش مقدمات وادخلي في الموضوع
ابتسمت برسميه وهتفت بأسى رسمته باحترافية :
حسام معجب بنورا بنتك
انكمشت ملامح وجهه بعدم تصديق ومن ثمّ أردف متسائلاً بريبة:
وايه دخل حسام بالمقدمة العريضة!! وبعدين انتو عارفين سن نورا أصلا ؟!!
ردت عليها بثبات وبسمتها تزين فمها:
يتخطبوا سنتين ولما تتم السن القانوني يتجوزا دا دكتور حسام مش اي حد
حرك عبدالخالق رأسه بالنفي وغمغم بحزم :
لا نورا لسا صغيره ومش هجوزها قبل أختها الكبيرة
واستطرد بضيق :
وكفايا بنت صبري العانس وبنت أبو الفضل اللي مسمينها الرداحة حكم عيالك زي القرع يمدوا لبره
انتفضت هانم وهي تهدر بتهكم :
ومالو يا عبدالخالق تقطع القرابة بين الأخوات
خرجت متجها إلى غرفتها تلملم حقائبها، وكذلك أمرت أولادها بأن يسرعوا في تجهيز أغراضهم… لكنها لم تجد ضياء الذي خرج باكرًا لمواعدة ساره التي اختارت نزهة فريدة من نوعها بالنسبة لأول تجربه إليه….
؛***********
سكبت مها أكواب الشاي على طاولة الإفطار، في نفس وقت خروج مرتضى من المرحاض وهو يجفف وجهه .. غير طريقه عندما صدح جرس الباب، ثوان واندفعت أخته وهي تصيح بحماس :
اعوا تكونوا فطرتوا
أغلق الباب وهو يبتسم بسخرية :
بتيجي على ريحة الأكل
عانقتها مها وقدمت إليها الخبز وكوب شاي، فقالت تغريد بسعادة :
أحلى مرات أخ في الدنيا
ابتسمت مها بهدوء فتحدث مرتضى يسألها باستفسار :
غريبة صاحيه بدري !! وأمي وافقت تيجي الوقت دا ؟!
مضغت تغريد الطعام مردده بتلقائية:
أصلها مش فاضيه غير لي خليل اليومين دول
عقبت مها بعفوية وهي تصنع شطائر أولادها:
ماما مش هترتاح غير لما تجوز خليل
: المهمة دي واقفة دلوقتي على كلمة عمك
قطبت مها جبينها بتعجب بينما تسأل مرتضى بعدم فهم:
عم مها مين ؟؟ وهما مالهم بخليل ؟!
أعتقد أن خليل فعل شيء ما لذلك هناك حكم من اعمام مها … ولكن فاجأتهم تغريد عندما قالت باستغراب:
أنت مش عارف أن بابا كلم عمو عبده وطلب ايد سمر !!
دهشت مها وهي ترمق مرتضى الذي غمغم متعجبًا :
سمر وخليل !! محدش قالي ولا عرفني
ارتشفت تغريد من كوب الشاي وهي تتمتم بسأم :
الحمدلله مفكروش في نسرين تاني، وعلى العموم اي بنت على كوكب الأرض أرحم من الإنسانة دي
” نسرين !!! ” همست مها بصدمه محدقة مرتضى بذهول، تمنى الآخر أن يضع الطعام كله في فم البلهاء التي تأكل بشهية غير مستوعبة ما تفوهت به… ولأن التجاهل سبيل التخطي بعض الأحيان، لم ينظر إليها وظل يأكل في هدوء وسلاسة، وكذلك فعلت مها بعدما أدركت أنه على داريه بالأمر .. بعد أن انتهت نظرت إلى تغريد وقالت بهدوء :
ممكن تفضلي مع سالم وسامر لحد ما ارجع من الكلية، في ورق مهم لازم اروح اجيبه
أومأت تغريد بحفاوة وهي تنهض تغسل يدها :
أنا أصلا هقضي معاكم اليوم ومرتضى يروحني بليل
عندما ابتعد عنهم بالقدر الكافي سألها بضيق طفيف :
مقولتيش ليه أنك رايحه الكلية ؟!!
لملمت الأطباق مردده بخفوت :
كنت ناسيه أن انهارده يوم ٢٠ في الشهر
أخذ هاتفه وأردف بعجلة :
هعدي على المصنع وبعدين اجيلك تكوني جهزتي
حركت رأسها دون أن ترد فالتفت إليها متسائلاً بشك :
أنتِ كويسه يا مها ؟!!
ابتسمت شبه بسمة وهي تحرك رأسها مؤكده… اتجه إلى غرفتهم يبدل ثيابه إلى سروال أسود ومعطف من نفس اللون بتصميم فخم، لا يريد أن تخجل أمام صديقتها من جلبابه رغم أنه الزي الرسمي والمفضل إليه، لكن لأجلها يفضل ما تفضله حتى وإن كان لا يروق إليه …
؛**********
في منزل المعلم سالم
جهزت صباح كل ما لذ وطاب على صينية مستديرة ضخمة، وحملتها للطابق الأرضي بالجهة المخصصة للضيوف… طرقت الباب برفق ووضعت الصينية أرضًا، خرج المعلم سالم وحمل الصينية للداخل، فوقف يونس واقترب منه يحملها بدلاً عنه باحترام…
: أفطر وبعدين نكمل كلامنا
وضع يونس الصينية على الطاولة وهو يقول بشك :
هو حضرتك مش مصدقني
حرك المعلم سالم رأسه نافياً فاسترسل يونس بتعلثم:
صحيح إن جيت فجأة دا غريب بس مش يمكن من كلام عامر عنكم شجعني على الخطوة دي واتعرف على أهلي، مش يمكن ربنا بعت عامر لي هنا يكبر مشروعه ويكسر الحاجز اللي بيني وبينكم
رمقه بثبات متسائلاً بأهمية :
ابراهيم يعرف أنك هنا ؟؟
أومأ يونس وهو يردد باضطراب بعض الشيء:
بابا من يوم ما كبرت وفهمت كتبلي العنوان بالتفصيل بس أنا كنت خايف لو جيت هتستقبلوني ازاي!! وحضرتك هتقبلني ؟؟ طيب لو عملت كدا بابا هيندم ولا هيحس بتأنيب الضيمر على السنين دي كلها ؟!
استكمل بارتباك:
لكن عامر وكلامه شجعني اني مخفش من استقبالكم واستأذنت والدي وجيت
: الكلام مش هيخلص، أفطر وتعالى أعرفك على باقي العيلة
ابتسم يونس بسعادة وغمغم بحماس :
وياريت أعرف الحاجه مبروكه
حدجه باستغراب ثم سأله بدهشة :
وأنت ايه عرفك بالحاجه مبروكه ؟!
أجابه بعفوية وقسمات وجهه تشع بالفرحة :
بابا حكالي عنها وأنها ساعدت ماما في ولادتي
أشار إليها بالاقتراب من الطاولة وخرج مغلق الباب خلفه برفق.. يتذكر جيدًا أن مبروكه لم تكن موجودة يوم ولادة يونس، وأن الحاج عثمان أمر بنقل حنان إلى السرايا وطلب ممرضة من خارج القرية تساعد الولاده لأن حالتها متعسرة ( الولاده سيده تأتي لإتمام عملية الولادة في المنازل بطريقة طبيعية بدائية ) ..
في طريقه للمجلس وجد حسناء تقف ممسكة عباءته الرجالية الثقيلة وما إن رأته قدمتها قائلة :
بابا نسيت العباية والجو برد
أخذها منها مردد بحنو :
تسلمي أنتِ وأمك
ضحكت حسناء وهي تردف غامزة :
ومين جاب سيرة ماما بقا
: لأن نسيتها عندها
أمسكت حسناء العصا حين ينتهي من ارتداء العباءة فوق جلبابه وهي تهتف بتوتر :

‏بابا هو أنا ممكن أروح عند سميه شويه

رفع حاجبيه باستنكار وغمغم بتهكم :

‏مش بشوف الأدب غير لما تكونوا عايزين حاجه

‏واستطرد بمراوغة وهو يضربها بخفة فوق مقدمة رأسها:

‏هو كل ما يبقا مشغول هتروحي تعرفي أخباره من أخته

‏فتحت حسناء عينيها على وسعهم مردده بذهول :

‏لا طبعًا أنا زهقانه وقولت أروح شويه بس

‏قرص وجنتها وهو يسحبها خلفه للداخل وأردف بخبث :

‏اتقلي واتعلمي تلعبي على نار هاديه
‏فركت وجنتها بألم وهدرت بغيظ :

‏هي شكلها جوازه منيله

‏: يبقا بلاها جوازه
‏جحظت ملقتيها وهي ترى تعابيره الجادة، اندفعت تعانقه بقوة وهي تتمتم بخضة :

‏بهزر يا أبو هند

‏دلفوا باقية الفتيات واحدة تلو الأخرى، ومن بينهم رحمه التي تسمرت محلها تتأمل العناق الحار .. اقتضبت قسمات وجهها بشكل ملحوظ استطاع والدها قراءته بسهولة، ظهر الضيق في نظراتها المتبادلة بينها وبين حسناء، فابعد حسناء وأمرها أن تقترب، عندما وقفت أمامه عناقها برفق وهو يقول بهدوء :

‏مبروك يا رحمه امبارح ملحقتش أباركلك

‏بادلته العناق بجفاء وهي تهمس بخفوت :

‏الله يبارك في حضرتك

‏عقدت خيريه يدها أمام صدرها وهي تهتف ممتعضة:

‏وأنا هتحضن كدا أمته بقا

‏ضحك وهو يسحبها إلى حضنه مردد بمزاح :

‏لو هنستنى العريس يبقا مفيش الحضن دا

‏اندفعت مروه تزيح رحمه وهي تقول ببرود :

‏دورك خلص

‏تطلع المعلم سالم إلى أمل الواقفة تتأملهم مبتسمة :

‏لو في واحده شبهك يا بنتي كان العالم عاش في سلام

‏ابتعدن وجلسن حوله، والحديث المرح يدور بينهم بعاطفة… انضمت هند في نفس وقت دلوف يونس وهو يستأذن بصوت مرتفع، أذن سالم إليه بالدخول وهو يعرفه على الفتيات .. مالت مروه على هند وهي تهمس بصوت منخفض:

‏سبحان الله نسخة من محمود

‏ايدتها هند قائلة :

‏فعلا شبه جدًّا

‏اضافة مروه بحنق :

‏ان شاء الله شكل بس مش طبع

‏وضعت هند يدها على فمها تخفي ابتسامتها … حاول يونس أن يخمن الفتاة التي أوقعت عامر في شباك الحب، لكن وجود خاله منعه من التأمل في وجههن أو حتى يتسامر معهن بحرية، وقف المعلم سالم وأخذه لمنزل جابر ثم عبده وكما طلب إلى العمه مبروكه !!

‏؛******* بقلم حسناء محمد سويلم

‏في المصنع

دهش مرتضى وهو يرى عمر نائم بين الشكائر في المخزن، هزه برفق وهو ينادي باسمه…. همهم الآخر بتثاقل، لمح مرتضى الأوراق المبعثرة أسفله، مال بجزعه يلتقطها وهو يقرأ محتواها… ضيق عينيه باستغراب لمِا يعيد عمر مراجعة المخزون مرة ثانية، عندما مكث عمر محله دون حركة صاح مرتضى بنفاذ صبر، فانتفض بفزع وهو ينظر حوله بهلع :
‏ايه في ايه

‏ألقى مرتضى الأوراق في وجهه مزمجرًا بحده :

‏مين سمحلك تتدخل المخزن ؟! وايه نايمك هنا !!

‏قفز عمر على الأرض مردد بوهن :

‏المعلم سالم قالي مروحش غير لما أعيد مراجعة المخزن ومعرفش نمت أمته

‏أيشكك المعلم سالم في عمله ؟؟! أم أن هناك خطأ في أوراق المراجعة الأولى ؟؟ تحرك للخارج دون أن يُعقب على حديث عمر، الذي جلس على الأرضية يرتب الأوراق إلى آخر صف انتهى منه ..

‏لم يجد مرتضى المعلم سالم في مكتبه فترك رسالة إلى أحد العاملين بإخباره أن وصل قبل عودته من الجامعة، ومن ثمّ اتصل على مها كي تستعد في خلال دقائق ستكون السيارة أمام المنزل …

‏؛***

‏أصبحت عادتها الجلوس بجانب الشرفة المطلة على الطريق، تفتحها برفق وتنظر منها خلسة كلما استعمت إلى صوت سيارته … فشلت كل محاولاتها في لفت انتباهه ورغم ذلك لا تستطيع التوقف عن حبه، تعلم أنه لا يرها وكأنها شفافة لكنها تراه كل شيء … توقف عقلها عن التفكير لعدم وجود طريقه للتقرب منه، ما باليد حيلة ولا ينال قلبها الراحة والاشتياق إلى حد الثمالة … رفعت الراية البيضاء استسلامً أمام حب ضائع لحبيب مستحيل المنال … أفاقت من شرودها على صوت والدتها الآتي من خلفها :

‏ما تريحي نفسك يا بنتي

‏تنهدت نسرين بصوت مسموع وقالت بأسى :

‏والراحة تيجي منين وأنا بتقطع ياما

‏؛*********

‏في أحد السجون

أظلمت ملقتي عز وهو يستمع إلى الأخبار الجديدة لدى المحامي الخاص به، والذي لازال يقدم إخلاصه والوفاء لذلك الذئب الخبيث ..
: متأكد من كلامك ؟؟
أكد المحامي محركًا رأسه وأضاف باقتصار:
الراجل بيراقب البيت ٢٤ ساعة ومتأكد أن سيف موجود معها وكمان هو اللي بيقضي طلبات من السوبر ماركت معنى كدا أنه عايش مش زيارات بس
قبض عز على كفه بضيق وهدر من بين أسنانه:
تروح تبلغ ليلى في ظرف يومين تكون سافرت لي منتصر
: وسيف ؟!!
رسم شبه بسمة ساخره على شفتيه وغمغم بشراسة:
قوله زي ما بنت سالم خلعت عين، التانيه هتكون هديه من عز ومتخفش هو هيختفي لوحده بعد كدا
واسترسل متسائلاً بضيق :
ليه بتأجل في جلسة الحكم ؟؟ أنا زهقت من القعده هنا
اقترب المحامي منه وهمس بصوت منخفض:
لازم أحضر رجاله كتير عشان يقدروا ينفذوا يومها وميحصلش زي يوم أبوك
استكمل بنفس الهمس وهو يجول بنظره على العساكر التي تتحدث مع بعضها:
ومحتاج فلوس لأن اللي معايا مش هيكفي
احتدت صوت عز وهو يهدر بسخط :
اتصرف بدل ما اصرفك بمعرفتي
ضيق المحامي بين حاجبيه باستنكار وهتف بصرامة:
مش وقته تهديدك وأنت في المكان دا
رد عليها عز ببرود :
بس تسجيلاتك والملفات بتاعتك مش في المكان دا
ابتسم بخفة مستكملًا بدهاء :
هما عيالك عارفين الفيلا والعربيات اللي بابا جابهم منين، ولا الظرف المقفول اللي بيدخلك كل شهر من جمعية خيرية!!
تجاهل سخطه وقال بحزم وهو يأخذ حقيبته :
بلاش تعمل مشاكل لان العين عليك
طرق الباب وغادر بعجلة من ذلك المكان الذي يذكره دائمًا بنهاتيه إذا قرر عز فضح فساده …. غير واجهته من منزله إلى الغردقة لتوصيل الرسالة إلى ليلى التي خالفت الأوامر وبدأت في كتابة سطور النهاية ..
؛*********
في إحدى الأراضي الزراعية القريبة من نهر النيل، وضعت ساره طبق المحشي أمام ضياء وهي تهتف بحماس :
قولي رأيك مع إني متأكدة أنك مكلتش محشي بالحلاوة دي قبل كدا
تذوق ضياء قطعة صغيرة ثم قال بانبهار :
ست بيت شاطره كمان
ضحكت ساره بزهو وأردفت بتفاخر :
ولسا هتنبهر بس أصبر
وضع ضياء الطبق من يده وغمغم بجدية :
في كلمتين لازم تعرفيهم يا ساره
وضعت ساره يدها على صدرها بحركة عفوية :
يالهوي دا أنا أدوخ لو سمعت اسمي منك تاني
ابتسم ضياء واسترسل بهدوء مشيرًا إليها بأن تصمت :
اعجابي بيكي في وقت قصير دا مش عيب فيا أو أنك وقعتني بشاطرتك، شوفت بنت البلد الحِركه في عفويه وجدعنه، كوكتيل غريب عجبني بصراحة
رفرفت ساره بأهدابها وهي ترمقه بسعادة لغزله الصريح في وصفها، أكمل ضياء بضيق طفيف:
بس أنا راجل شرقي وبغير على أهل بيتي وبما أنك هتبقي مراتي لازم تحذري في تصرفاتك مع راجل غيري وبلاش لبسك الضيق دا
لم ينتهي من جملته لتصيح ساره بأعلى صوتها وهي تلوح إلى أحد ما ظهر يمشي على أول الطريق الزراعي :
ازيك يا واد يا أحمد أبقا ابعت أختك بكرا الكوافير
ضحك الآخر وهو يرد عليها بابتسامة عريضة :
عاش من شافك يا سوسو هبقا أبعتها حاضر
واختفى من أمامهم فنظرت إلى ضياء قائلة بجدية :
كمل يا خويا سمعاك
لم يرد عليها وظل يحدجها شزرًا فسألته بعدم فهم:
مالك ؟؟ كمل سمعاك كُلي أذان صاغية
كاد أن يفتح فمه لكنها أشارت إليه بأن ينتظر عندما رأت اسم المتصل في شاشة هاتفها :
دا حد من السوالمة مش هينفع اطنشه
تجاهلها ضياء قبل أن يمسك الإناء ويهبط به فوق رأسها وتطلع إلى جهة النهر … لكنه لم يكبح فضوله عندما استمع إليها تقول :
طلب ساهل بس الريس مرتضى ممكن يزعل
استمعت إلى رد الآخر ثم سألته مستفسرة:
لا رسيني على الحوار عشان أفيدك ؟؟
انتظرت لبرهة وصاحت بحده :
طيب يا خويا متتزرزرش عشان صحتك
وأغلقت الهاتف مردفه بميوعة:
كنا بنقول ايه يا دودي
رمقها بحده وهو ينهض يرتب ثيابه، ثم تحرك باتجاه الطريق المؤدي للقرية.. صاحت ساره باسمه مرارًا وعندما ابتعد أخذت طبق المحشي خصته تأكل منه وهو تتمتم بحيره لنفسها:
يكون الدلع معجبوش ولا المحشي مش حلو
رفعت حاجبيها بلا اكتراث مستكملة ملئ فمها بقطع المحشي :
رجاله قماصه
؛*********
رحب عبده بيونس الذي جاء مع سالم جابر من منزلهم .. ثم عرفه على أسرته التي غاب عنها محمود، قدمت سحر الضيافة وهي ترحب بوجوده، بينما سألته رحاب بسخرية:
وأنت يا أستاذ يونس لسا فاكر قرايبك ؟!!
ردعها عبده بحده طفيفة:
لما ربنا أذن نتقابل يا أم سالم
لوت رحاب فمها بتذمر وهي تلتفت للجهة الأخرى .. فسألهم يونس بفضول :
ومحمود هيتأخر ؟؟ كان نفسي أشوف شبيهي
رد عليه سعد متبرمً :
والله يا يونس إحنا مش قادرين على محمود واحد عشان يبقوا اتنين
ضحك الجميع ومن بينهم سمر التي قالت بتلقائية:
يا سلام لو كان هنا وسمعك
عقبت سميه على حديثها وهي تقول بسخرية :
متقلقيش اخوكي بيقتل القتيل ويمشي في جنازته
: اخص عليكي بدل ما تنصفي جوزك
ابتسم يونس وهو يهتف بسعادة :
كان نفسي أقعد معاكم اكتر من كدا
عقد عبده جبينه باستفهام وسأله بتعجب:
أنت هتمشي دلوقتي ؟؟
عانقه يونس مردد باحترام :
إن شاء الله مش اخر مره، بس لازم امشي
لحقهم للخارج سالم عبده الذي سألهم باستفسار:
روحتوا لعمتي دولت ؟!!
رد عليه سالم جابر باقتضاب :
ما تيجي توصله أنت
لاعب الآخر حاجبيه وهو يقول بخبث :
كان على عيني بس رايح مع عمك للقعدة ما أنت عارف احتمال يختاروا العمدة انهارده
نظر يونس إليهما مغمغمًا بجدية :
خلاص يا شباب عرفوني الطريق وأنا أروح
سار سالم بجانبه وهو يردف بتوضيح :
مش قصدنا عليك وبكرا تفهم إحنا مش عايزين نروح هناك ليه
أومأ يونس إليه ثم سأله وهو يتطلع إلى سالم عبده :
بيفرقوا بينكم ازاي ؟؟ يعني لما حد يقول عايز سالم مين فيكم بيرد !!
أشار سالم عبده على نفسه وردد مبتسمًا :
أنا أبو حسن وحسين اختار أي واحد فيهم وناديني بيه
ظهر يعقوب أمامهم متجه إلى منزل عمه .. صافحه الثنائي سالم وقدموا يونس إليه فقال يعقوب بوقار :
لو مكنش صوتك متغير كنت قولت محمود
: تقريبًا هشك إني محمود لو واحد كمان قالي كدا
تحدث سالم عبده يسأل يعقوب بأهمية:
أبوك ناوي على العمودية هو كمان ؟؟
رد عليه بلامبالاة:
لحد دلوقتي مش عارف
واستأذن منهم وأكمل طريقه، واتبعه سالم عبده الذي اتجه إلى الصيدلية ليأتي بعلاج ندى قبل أن يذهب مع والده…
؛********** بقلم حسناء محمد سويلم
في القاهرة داخل مكتب السياحة الخاص بموسى الأحمدي … وضع صورتها داخل أدراج المكتب عند ولوج صديقه وهو يقول بمزاح:
مش مصدق نفسي أنك موجود بدري كدا
انكمشت ملامح موسى مزمجرًا بكدر :
في حاجه اسمها باب تخبط عليه قبل ما تدخل
جلس على المقعد المقابل له :
ما تقولي بالمره دا مكان شغل
ابتسم موسى بسخرية ثم طلب من السكرتير فنجانين قهوة … كان الحديث عشوائي لحين سؤاله عنها :
ها البنت اللي حكتلي عنها نطقت ؟؟
حرك موسى رأسه بخيبة أمل فقال صديقه بهدوء :
يبقا بلاش تتعب نفسك وتضايقها، مش يمكن لسا بتحب طليقها ؟!!
صمت لبرهة واسترسل بتفكير :
ما تكلم أبوها بما أنه راجل كويس زي ما بتقول

انتظر موسى خروج العامل بعد أن وضع القهوة وغمغم بضياع :
ممكن يرفض بحكم أن بنته لسا بتعاني
مطت صديقه شفتيه مردفاً بوجوم:
خلاص يا عم محير نفسك ليه
لوح موسى إليه بضيق وهتف بصرامة:
أشرب وأنت ساكت
صدفة جعلته ينتفض من المعقد لينزلق فنجان القهوة من يده أثر وقفته … تأمل الرقم ثم قرأ اسمها مرارًا وتكرارًا، طلب من رحمه أن تعطيه رقمها ووعدها أنه لن يتصل بها أبدًا، لكن ها هي تتصل به فجأةً … لم ينتظر كثيرًا وأجاب وهو يتجه للشرفة تحت نظرات صديقه المدهوشة،
على الجهة الأخرى لم تستطع هند كبح دموعها وهي تهتف بشهيق :
شكرًا جدًّا يا استاذ موسى على كرمك وعطفك عليا بس مفيش داعي تخلي خطيبتك تكلمني وتهني بالشكل دا، ولولا أني محترمه والدتك أنا كنت عرفت بابا بكل عمايلك
قطب موسى جبينه باستفهام وسألها بصدمه :
خطيبة مين ؟؟ وايه الكلام دا
ردت عليه بانفعال :
تقدر تسألها بنفسك وآخر مره هقبل منك علاج ومش عايزه حاجه ولا منك ولا من غيرك ا..
قاطعها بنفاذ صبر وهو يهدر بعدم فهم :
أنتِ شكلك متلغبطه لاني فعلاً مش فاهم ايه الكلام دا
: أسأل ريم وهي تفهمك
استمع موسى لإنذار إغلاق المكالمة ووجهه احتقن بشرارات الغضب … ضغطت على الهاتف بقوة متوعد إلى ريم، كيف تتجرأ وتفعل ذلك ؟؟ بدون تفكير اتصل على رحمه التي أجابته بصوت منخفض، فتهف برجاء :
لو سمحتي يا رحمه روحي دلوقتي عند هند
اعتدلت رحمه في فراشها متمتمه باستغراب :
ليه ؟! اشمعنا أروح عند هند !!
: في سوء تفاهم وهند قفلت المكالمة قبل ما أشرح ليها
حركت رحمه رأسها بيأس وهي تقول بغضب :
كان في وعد بينا أنك مش هتكلمها
استطردت بهمس:
اصبر لحد ما أنزل
زفر بصوت مسموع وهو يطرق فوق زجاج النافذة بعنف، بدأ يفكر في حديث منمق يعبر به عن آسفه لِما سمعته من تلك المعتوهة … ولا يتخيل كيف جاءت الفكرة إلى ريم من الأساس، الأهم هو توضيح سوء الفهم وبعد ذلك القرار في يدها ..
دلفت رحمه دون أن تطرق لغرفة هند، تسمرت محلها وهي ترى أختها تنكمش حول نفسها وتبكي بشهيق، أوصدت الباب وركضت باتجاهه وهي تنادي بقلق .. مسحت هند وجهها وقبل أن تعتدل وضعت رحمه الهاتف على أذنها قائلة :
معاك يا موسى
: هند الانسانه دي مش خطيبتي ولا في بيني وبينها اي حاجه غير أنها صاحبة عليا، مش عارف هي قالتلك ايه بس لازم تعرفي إني بحبك
شجعه صديقه في الاستمرار فأخذ نفس عميق واسترسل بنبرة هائمة في الغرام :
بحبك يا هند وياريت تفهمي بقا
ردت عليه باقتصار وجفاء :
عشان فاهمه بقولك لا
وأغلقت المكالمة بعنف ثم ألقت الهاتف وهي تنهض متسائلة بغضب :
بيكلمك ليه ؟؟ وازاي تديه رقمك!!
نظرت رحمه إلى الهاتف وهي تردف بحزن :
ليه يا هند كدا موسى بيحبك بجد، وبيحاول معاكي وبتصديه كل مره
عقدت هند ذراعيها وهي تحدقها بحده، فاسترسلت رحمه بتعلثم :
أنا اللي كنت بساعد موسى يقرب منك
توسعت أعين هند بصدمه، ثم دفعتها بحده وهي تصيح بغضب جلي:
اطلعي بره بدل ما اطلع غيظي فيكي
لم تقاوم رحمه وخرجت حتى لا تلفت انتباه خيريه الجالسة أمام التلفاز .. بينما عادت هند إلى فراشها وسحبت الغطاء فوق رأسها تبكي بنحيب على حالها، في حين تسمر موسى محله يحاول السيطرة على غضبه قبل أن يعود لمنزله، فمن المؤكد أن ريم ستكون في انتظاره لتأخذ نتيجة مبهرة من فعلتها …
؛*********
بالإسكندرية
جر عامر حقيبته للخارج واقترب من والدته يودعها بحرارة :
متتأخرش علينا زي كل مرة
أمسك كفها يقبله بحنو :
ادعيلي الآلات تشتغل على طول وان شاء الله مش هتأخر
جاءت هاجر تعانقه هي الأخرى :
متنساش تبعتلي صور البيت الجديد
أومأ إليها وحمل الحقيبة للسيارة… شاهدته هاجر وهو يحرك السيارة للطريق الرئيسي ثم نظرت إلي والدتها مسائلة بحماس :
هنتحرك أمته ؟؟
اجابتها بتفكير وهي تدون العنوان في ورقة :
نلحقه بعد بكره
صفقت هاجر بحرارة مرددة بسعادة :
مش متخيلة هيتصدم ازاي لما يشوفنا قدامه
ابتسمت والدتها وهي تهتف بعاطفة :
عامر يستاهل كل الحلو اللي في الدنيا
؛*********
بعد صلاة العصر
في أحد منازل كبراء القرية الذي فتح منزله لاستقبال باقي الكبراء للوصول إلى حل منصب العمودية … كان بالتأكيد المعلم سالم وجابر وعبده وعبدالخالق من آل سويلم، وعزيز وأخويه من آل الجبراوي، وصبري مع آخرين من بينهم ربيع ووالده رشدي مطاوع ووالد مرتضى… لم تخلو الجلسة من الشباب برفقة آبائهم، وأيضًا سفيان بحكم أنه ينوب عن والده بعد غياب طلال …
: يا جماعة العمدة لازم يستلم أمور البلد من أولها لأخرها، وأنا شايف مفيش غير المعلم سالم يقدر على كدا
زجره صبري باستهجان :
اتكلم عن نفسك
واستطرد ببسالة :
العمدة أهل البلد يختاروا هو مين
رد عليه عزيز بتهكم :
وأهل البلد قعدونا القعدة دي عشان نخلص الموضوع
تحدث رشدي مطاوع وأضاف بتفكير :
بما اننا متجمعين اللي عايز يترشح يقول واللي ليه الأغلبية تكون من نصيبه
هتف والد مرتضى بوجوم وهو يجول بنظره بينهم :
من غير زعل كلنا عارفين إن أهل البلد بتشور المعلم سالم في الكبيرة والصغيرة وبالنسبة ليهم كلمته سيف في دبة النملة يعني اللي هيمسك عمده غيره خيال مقاته
أيد أخو عزيز وأضاف باقتصار :
عباس فضل كدا لحد ما شال ايده وبقا اسم بس
صاح صبري بغل حتى برزت عروق وجهه من الانفعال :
عباس كان عنده ولدين بيساعدوه في أمور البلد
عم السكون بشكل مريب وتعلقت الأنظار على صبري الذي شعر بالارتباك من أعينهم المحدقة بجمود .. في ظل توتر الاجواء ضحك المعلم سالم وأردف بشموخ محدقًا صبري:
العمودية متلزمنيش لكن اللي هيخدها يكون قدها ويشيل البلد بمشاكلها الصغيرة قبل الكبيرة
نظروا إلى بعضهم بحيره فقال أحدهم باقتراح :
يبقا نعمل انتخابات وأهل البلد يحددوا
: ومين هيترشح ؟؟
رفع صبري يده مردفاً بكبر :
أنا هترشح
تحدث عبدالخالق بسخرية :
والعمدة يكون ابنه سوابق
قبل أن يصده صبري أضاف رشدي مطاوع:
مفيهاش زعل ولا عزيز ولا صبري ليهم يرشحوا نفسهم
وضح حديثه وهو ينظر إلى عزيز :
لسا يعقوب قضيته شغاله ومنير متحكمش عليه
عقب عم يعقوب بجمود :
كل البلد عارفه أن القضية متلفقه ومش مستنين براءة محكمة
حرك رشدي رأسه بتأكيد وغمغم باقتصار :
مقدرش أشكك في كدا بس كلامي لأن صبري هيمسك ويقول اشمعنا
وقف صبري يصيح بغضب شديد:
خلاص بقا صبري عندكم المشكلة
بدأ الجميع يقول رأيه فمال عبده على جابر وقال بإصرار:
أنا هرشح نفسي
رد عليه جابر بحنكة يفتح عينيه على الواقع :
ولما تحس نفسك خيال مقاته زي ما قالوا ترجع تزعل وتقول سالم مصغرني
انكمشت قسمات وجهه عبده وهو يهتف بسخط :
ما هو مش موافق يخدها
انتبهوا عندما وقف المعلم سالم وهو يقول بصرامة:
مفيش داعي لوجودي ومبروك مقدمًا
وقف جابر وعبده ولحقوا به للخارج، ومن ثمّ الشباب التابعين لهم .. اقتضبت قسمات وجه عبده وهو يسير رغمً عنه، فقال المعلم سالم بهدوء :
لو عايز ترجع يا عبده هما في كل الأحوال مش هيوصلوا لحل
رد عليه عبده متسائلاً بأهمية :
أنا بس مش فاهم ليه مش عايز تترشح ؟؟ لما أنت أصلاً قايم بدور العمدة من زمان ؟!!
تحدث جابر قاصد الرد على عبده :
ياخي أنت غاوي وجع دماغ، ودا داخل ودا طالع وألحقني يا عمده
كان الإصرار يبنع من نبرته وهو يغمغم بحزم :
محدش يستاهلها غيرنا وطالما سالم مش عايز أنا هدخل
تطلع جابر إلى سالم وسأله بضيق طفيف من تيبس رأس عبده، الذي لن يتحمل ذلك المنصب عندما يرى الاحترام الموجه إلى المعلم سالم، ويدرك جابر كم المشاكل من الآن إذا أخذ العمودية:
ليه ساكت يا ابو هند ؟؟ أكيد مش موافق صح ؟!!
انتبه على سيارة مجهولة تقف أمام منزله، أسرع خطاه وهو يسأل الشباب خلفه :
عربية مين دي ؟؟
لم يجد إجابة منهم فشعر بالقلق ينتاب منه، ترك جابر وعبده وولج بعجلة إلى البهو … قادته قدمه إلى المجلس الخارجي بناءً على صوت خفيض يصدر منه، جالت حدقتيه هنا هناك يبحث عن أي شيء مريب .. ولكن تفاجأ بفتاة في عمر بناته تجلس باستحياء مع مروه وأمل، اعتقد أنها صديقتهم وكاد بالخروج، فوقفت مروه قائلة بجمود :
سوزي عايزاك يا بابا
نبرتها الجافة تدل على ضيقها من شيء نقل نظره إلى سوزي وسألها مستفسرًا :
خير يا بنتي ؟؟
في نفس الوقت اندفع سفيان داخل المجلس وخلفه والدته وهي تأخذ أنفاسها بعصوبة وكأنها تركض لأميال، أخرجت صوتها المبحوح متسائلة بتوجس :
في ابني ؟؟ طلال حصله ايه ؟!
وكذلك سيفان الذي سأل سوزي بقلق :
ما تنطقي طلال فين ؟؟
: لم سمحتوا اقعدوا واسمعوني
صدها سفيان بنفاذ صبر :
مش هقعد غير لما أعرف أخويا فين وايه معني الكلام اللي أنتِ قولتيه لأمي
لا يعلم المعلم سالم حقيقة سوزي، وما تفهمه مروه أنها نفس الفتاة التي جاءت إليها من قبل لتوضيح سوء الفهم بينها وبين طلال… جلس سفيان بجانب والدته بضيق واضح على ملامحه، فنظرت سوزي إليهم وقالت بتلجلج :
محدش يقطعني
واسترسلت بنبرة مهزوزة:
أنا المهندسة سوزي التهامي، أول ما اتخرجت اشتغلت في نفس شركة طلال، كنا مجموعة أصدقاء عمل، لحد ما جه مهندس جديد واتقرب من طلال وكونوا صداقة قوية في وقت قصير، بعد ٦شهور من وجود المهندس دا معانا، في يوم طلال كلمني وقالي أن صديقه معجب بيا وعايزنا نخرج نتكلم مع بعض عشان ياخد عنوانا ورقم بابا، في البداية رفضت بس طلال ألح إني أخرج معاه مره وبعدين أقدر أرفض، بعدها بأسبوع وصلي رسالة من رقم طلال فيها عنوان الكافية وبعدين كلمني وقالي عشان تطمني أنا بنفسي اللي حاجز الكافية، وفعلاً اطمنت وروحت قابلة المهندس دا، كانت مقابلة عاديه لحد ما ركبت معاه العربية يوصلني
أطلقت العنان لدموعها وهي تكمل ببكاء :
صحيت تاني يوم وأنا في شقة مفروشه لوحدي، لما قدرت استوعب اللي حصلي، نزلت على الشركة وروحت لطلال أعرفه أن صاحبه الأمين اعتدى عليا، وزي اي بنت حاولت أضمن حقوقي بس للأسف كانت المفاجأة أن المهندس استقال قبلها بيوم وسافر بره مصر بعد ما عمل معايا كدا، هدت طلال وقولته لو مصرفتش هفضحك لأنك اللي حاجز والرسالة وصالة من رقمك، بعد شهر خوفت يهرب وطلبت يتجوزني عرفي لحد ما يقنع والده، مكنش قدامي حل غير إني أواجه أهلي اني متجوزة عرفي عشان يوافقوا بسرعة، أبويا أصر أننا نروح لمحامي نوثق الجواز لحد ما طلال يجيب أبوه ويتجوزني رسمي، لما أهلي طردوني طلال جاب شقة وقعدني فيها، بس في نفس الشهر اتخانق مع والده وجه بات في الشقة ووقتها حصل بيني وبينه زي اي زوج وزوجه، مشي بعدها ومفكرتش أسأل عنه بس الصدمة اني طلعت حامل، حاولت أنزله بس خوفت ووقتها عرفت طلال حاول مع والده أنه يخطبني على الأقل زي ما قاله في بينا حب، لكن كان خطب مروه وبعدها كل حاجه حصلت بسرعة
قاطعتها مروه وهي تسألها بدهشة :
عشان كدا جيتي وقولتي انك مرات صاحبه ؟؟
حركت سوزي رأسها بهدوء متمتمه بقلة حيلة:
مكنتش عايزه ادمر حياة طلال لو أبوه عرف
وضعت والدة سفيان يدها على صدرها مردفه ببكاء :
يا حبيبي كان مظلوم وعادل مات من غير ما يعرف
استرسلت سوزي بصوت محشرج:
موفقش يتخلى عني وكمل لحد ما جيتوا يوم كتب الكتاب بس من وقتها وهو مش بيجي وبيفكر في الانتحار، دايمًا يقول أبويا مات بسببي وأمي اتبرت مني والبنت اللي اتعلقت بيها راحت من ايدي
تحدث المعلم سالم بحده :
عالجتوا الغلط بغلط طبيعي تكون دي النتيجة
أخفضت سوزي رأسها وهي تسمح وجنتيها، فسألها سفيان بقلق :
طيب هو فين ؟؟ وليه مجاش معاكي !!
تمتمت والدته بخفوت وهي تبكي بحرقة :
يا ضنايا يا بني ظلمتك وجيت عليك وأنت ملكش ذنب
أشار المعلم سالم إلى مروه بأن تجلب كوب ماء تقدمه إلى والدة سفيان، ثم نظر إلى سوزي وسألها بجمود :
ليه مقولتيش كدا يوم ما جيتي لمروه ؟!!
: ومين بيفضح نفسه، لكن مقدرتش أكتر من كدا أشوفه في الحالة دي
استرسلت وهي ترمق مروه بأعين باكية:
أنا هبعد وأرجع لأهلي بورسعيد، بلاش تظلميه
تطلعت مروه إلى والدها بحيره، قبل أن تنهض سوزي للرحيل وقف سفيان يسألها مجددًا عن طلال فردت بارتباك :
معرفش حاجه عنه من ٣ أيام
دخلت والدته في نوبة بكاء فنظر المعلم سالم إليها وهتف بهدوء :
جربي تكلميه من رقمك لأن الأكيد مش هيرد على أخوه
استندت على يد سفيان وهي تحرك رأسها بسعادة غامرة لوجود وسيلة للاطمئنان على طلال، طلبت من سفيان أن يصحبها للمنزل لأنها نسيت هاتفها… استأذن منهم وتحرك برفق للخارج، بينما حدج المعلم سالم مروه وأمل وغمغم ساخراً:
وبعدين معاكم يا بنات سالم
تركهم وصعد إلى الطابق الأخير، ألقى ضجيج يومه أمام باب الشقة، وطلب من نجاة كوب النعناع خاصته لحين يبدل ثيابه … وينعم معها بوقت هادئ، من أفضل أوقاته الاستماع إلى تفاصيل يوم نجاة البسيطة وهو يرتشف كوب النعناع، أصبح يعتاد على المفاجأة التي تظهر واحدة تلو الأخرى وتحل نفسها بنفسها دون عناء ..
؛*******
بالجوار داخل منزل عبده
أتى يعقوب مع مايسه لزيارة سميه قبل أن تسافر مع شريف .. جلس مع سالم في البهو للحديث في آخر مستجدات قضية منير، والنساء بالداخل منشغلين في حديثهم الشيق …
: الأحسن تفتح عينك لأن العمل كدا كان قصدك وبما أن منير شال الليلة هيعيد اللي عمله بطريقة تانيه
شرد يعقوب وردد بخفوت:
مش فارق معايا غير منير
فاحت نسمات عليلة جعلته يتطلع إلى الباب الحديدي بتلقائية.. ثوان وولجت بضيها الملفت لحواسه، ابتسم بعفوية عندما رآها تتجاهله بنظراتها الغاضبة، بينما أستمرت الأخرى في التغافل ورمقت ابن عمها وهي تقول بنعومة :

‏عامل ايه يا أبو حسن

‏ابتسم سالم وهو يردد بحفاوة :

‏وانا أقول ايه النور دا كله

‏ابتسمت بلطف وخطت باتجاه المنزل متجاهلة يعقوب الذي زمجر بغيظ :

‏بالنسبة للقاعد مع أبو حسن شفاف

‏التفت ترمقه من أسفل لأعلى بحده ومن ثمّ أكملت سيرها .. رفع يعقوب حاجبيه باستنكار وغمغم ساخراً:

‏اهو جعفر دا السبب في كل مشاكلي

ضحك سالم وهو ينهض:
تعالى زمان الشاي خلص وبعدين فهمني مين جعفر
عناق سميه الحار عكس مصافحة مايسه الجافة لحسناء، التي جلست تتحدث مع سعد بمراوغة….. انضم يعقوب وسالم إليهم، فقدمت سميه صينية الشاي أمامهم قائلة:
علبة السكر لو محتاجين تزوده
التقط يعقوب كوب الشاي متطلع إلى حسناء بثبات ثم هتف بعبث :
لا أنا سكري وصل
مال سعد على حسناء متمتم بزهو :
لا ياخد ١٠ من ١٠ ونجمة على الرد
حاولت حسناء التماسك حتى لا تظهر بسمتها :
الثبات عندي في النازل
شعرت مايسه بالضيق من نظرات يعقوب الشغوفة، فقررت الرحيل وإفساد لحظاته مع لقاء من هواها :
طيب احنا هنمشي بقا
ردت عليها سميه باستغراب:
ليه لسا بدري اشربوا الشاي حتى
: معلش حبيبتي بس لسا هحضر الشنط وبكرا يوم سفر طويل
حقيقةً لا تفهم حسناء سبب كره مايسه إليها، ولِما تقصد دائمًا ازعاجها بحديثها الغليظ .. وعندما جاءت الكرة أمامها أصرت أن تكسب تلك الجولة وتقذفها في مرماها، اصطنعت الحزن وهي تردف بنعومة :
يا خسارة كنت بحسبك هتكوني معانا واحنا بنجيب الدهب
سألتها مايسه ببلاهة:
دهب مين ؟؟
رفعت حسناء حاجبيها بدهشة وهي تشير على يعقوب :
دهبي أنا ويعقوب
جحظت أعين مايسه وهي ترمق يعقوب الذي وضع يده على وجهه مردفاً حديث بصوت منخفض لم يفهمه أحد، ثم تطلع إلى حسناء وقال بجمود :
الله يسامحك بوظتي المفاجأة
وقف مستأذن منهم وسحب مايسه للخارج وهو يتوعد إلى حسناء التي ضحكت بانتصار .. ما أن أفاقت مايسه بدأت تصيح بغيظ من أفعال أهلها، غير مستوعبة أنهم اخفوا عنها أمر كهذا، عاقدة العزم أنها لن ترحل مع شريف وتترك مناسبة تخص يعقوب !!
؛********
ما أن وصل عامر إلى القرية وضح حقائبه، واتجه إلى المعلم سالم يقدم إليه المستجدات ويخبره بموعد وصول الآلات للقرية … أخذ المعلم سالم منه الأوراق فقال عامر باستياء قبل أن يقف للرحيل :
وبخصوص يونس أنا قلبت عليه الدنيا لكن للأسف موصلتش لأي حاجه
وضع المعلم سالم الأوراق متمتم بذهول مصطنع :
لأي حاجه خالص
أومأ عامر بجدية وأضاف باقتصار:
خالص
ابتسم المعلم سالم وسأله بريبه:
فاكر كنت ضيف عندي فين ؟؟!
قطب عامر جيبنه باستغراب … أشار إليه المعلم سالم بمتابعة السير خلفه حتى وصل إلى البهو :
روح الاوضة اللي نمت فيها عندي
ضيق عامر عينيه بعدم فهم، تسمر محله لعل للحديث باقية ويفهم من خلالها مقصده .. لكنه وجده يشير إليه بالتقدم، خطى للجهة اليمنى من الحديقة حتى وصل إلى باب خشبي يفصل من الجهتين، وقف أمام الشقة بحيره من أمره، يطرق أم يدلف .. أدار المقبض ودخل للشقة، يعلم أن تلك الجهة مخصصة للضيوف فقط، لكن لِما طلب منه للقدوم إليها!!
استقام فجأة لظهور شاب يخرج من المرحاض يلف رأسه بالمنشفة، تجمدت تعابيره المذهولة وهو يهتف بصدمة :
يــونس !!!!
؛********

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!