رواية الهامش الرابع الفصل الثاني 2 بقلم شيماء مشحوت
رواية الهامش الرابع الجزء الثاني
رواية الهامش الرابع البارت الثاني

رواية الهامش الرابع الحلقة الثانية
يزن مقاطعًا بانفعال:
– “علشان إيه يا زينة؟ فهميني! عايزة تروحي مركز زي ده إزاي؟ وأنتِ عندك أهل بيحبّوكي، مامتك ممكن تروح فيها من الصدمة!”
تنهّد بقهر، ثم أكمل:
– “أنتِ عارفة إن اللي بيدخل المكان ده، مش بيخرج قبل ست شهور على الأقل؟ يعني ست شهور مش هشوفك، مش هسمع صوتك، حتى رسالة تطمّني فيها عليكي مش هتوصليلي!”
نظرت له بعينين يكسوهما الإصرار، وردّت بحدة غير متوقعة:
– “أنا مش طفلة علشان كل القلق ده! أنا قررت، وياريت تحترم قراري.”
تجمّدت ملامحه لحظة، ثم انفجر بصوت متألم:
– “زي ما إنتِ مش صغيرة، إنتِ كمان مش بخير! أوديك هناك، وأقعد أستنى خبر انتحارك مثلًا؟!”
سكت لحظة وهو يحاول كتم دمعة خائنة، ثم همس:
– “يا زينة، بالله عليكي… حرام اللي بيحصل فيا ده. تروحي هناك وتموتيني؟ ليه بتعملي فيا كده؟”
زينة بهدوء وتفهم:
– “ساعدني يا يزن. عايزة أروح هناك علشان أستعيد حياتي قبل ما أفقدها. إحنا بقالنا سنة وأنا كده، ومش لاقية حل. كل ما أفكر في نفسي، كان زماني ميتة دلوقتي، ومكنتش هعرف أقابل ربنا. بترعب أوي يا يزن.”
يزن بألم وخوف:
– “طب اطلبي أي حاجة، أنا موافق عليها إلا ده. أرجوكِ.
عايزاني أمشي، همشي.
عايزاني أطلقك، ماشي.
لكن أوديكِ لمكان مجهول، مالهوش أول من آخر؟ طب أعملها إزاي؟”
أجابته منتشلة إياه من حيرته:
– “عارفة إني هكون بخير هناك، أرجوك يا يزن، ساعدني أروح. ووعد بعدها هرجع على بيتك، بس هكون بخير. هنقذني من كل اللي أنا فيه ده.”
يزن بثقل أنفاس وعقل مشتت، ويد تعبث في كل ما حاولته توترًا:
– “ممكن أعرف إيه اللي أنتِ فيه أصلاً؟ من يوم ما بقيتي على اسمي، واتبدل حالي. أنتِ مش بتحبيني يا زينة؟ قوليلي بس، وأنا معاكِ، ومش هأذيكِ أبدًا.”
أجابته بصدق:
– “لو مش بحبك يا يزن، مستحيل أقبل إني اتخطب ليك. أنت كل الحلو اللي بتمنى يفضل معايا.”
يزن بتنهيدة:
– “طب إيه؟ ليه كل ده؟ محتاج أفهم.”
زينة بدموع وكسرة:
– “خايفة يا يزن… أنا بس خايفة.”
يزن بحزن على حبيبته:
– “خايفة مني يا زينة؟”
زينة:
– “خايفة من كل حاجة إلا أنت يا يزن.”
يزن بهدوء:
– “أنتِ مش بتحاولي تنوريلي الطريق علشان أعرف أنقذك يا زينة؟ أنتِ بتضلليني أكتر.
وأنا… أنا مرعوب من فكرة إننا نتوه من بعض.”
تنهد بعمق وهو يدلك رأسه ألمًا من شدة التفكير والتشتت، ثم قال:
– “عايزة تمشي لوحدك، ومش عايزة تشاركيني معاكِ ليه؟”
زينة ببسمة هادئة:
– “ببساطة يا يزن، عايزة أنقذ أنا زينة. زينة مسئوليتي أنا، ومش عايزة حد غيري يبقى له فضل عليها غير ربنا سبحانه وتعالى. أنت جميل يا يزن، جميل أوي. أنت السلام الوحيد اللي لقيته بعد كل الدمار اللي شوفته.”
– “هحاول أنا، وإن شاء الله هتلاقيني تاني، بس مش زينة دي. بس إطمن، زينة مش ضحية. زينة مجروحة وهتخف وترجع. علشان نربي ولادنا سوا زي ما اتمنينا.”
– “هتستناني يا أبو آدم؟”
ابتسم عندما أعادت له ذكرى اختيارهم وشجارهم لأسماء أولادهما، رغم كون هذا الحديث كان باكرًا جدًا.
أمسك بأناملها، وقبل يدها ببطء، ودمعة خائنة تساقطت على أناملها تزامنًا مع دمعتها، وأردف:
– “هستناكِ عمري كله يا قلب وروح يزن. هستناكِ ترجعيلي قوية وسعيدة. حضني مستنيكِ ترجعي ليه. هسيبك لمعركتك، بس عيني وقلبي وكلي معاكِ يا زينة. خليكِ فاكرة إني معاك دايمًا، وإني أمانك.”
ابتسمت زينة بين دموعها، وحديثه كان كرصاصة طائشة في إحدى ذكريات الماضي.
زينة، وهي في عمر الثانية عشر، كانت جالسة جوار والدها. أردفت بخوف:
– “بابي، أنا خايفة أوي، شوفت حلم مش حلو.”
والدها بابتسامة وهدوء، وهو يربت على كتفها:
– “متخافيش يا حبيبة بابي، وبعدين ينفع القمر ده يخاف، وبابي موجود؟ لأ، طبعا، ميصحش.”
عادت من الذكرى، وهي تمحي دموعها، وتبتسم ليزن، وتردد داخلها:
– “كأبي، أنت في أمانه. ولكن هل ستظل أمانًا لقلبي، أم ستتخلى مثله؟”
رددت أمامه:
– “حاول أنت مع ياسر يا يزن. أنا عارفة إنه بيحبني، بس بجد لو بتحبوني هتساعدوني.”
قرر أن يستأذن ليبدأ معركة إقناع ياسر، ولكن قاطع سيره صوتها وهي تعطيه ورقة بيضاء من أسفل وساداتها:
– “يزن، خد ده، خليه معاك. لما أمشي، افتحه.”
بعد لحظات، بدأ يزن في محاولة إقناع ياسر ووالدتها بقرارها.
ياسر بانفعال وحدة:
– “أنت أكيد إتجننت يا يزن! أنت واعي لما بتقوله؟ أختي مش عارف أحميها وهي بين إيدي وفي بيتي، هعرف أحميها إزاي وهي بعيدة؟ دي بنتي يا ياسر. عارف إن الظروف فرقتنا في أكتر وقت كانت محتاجاني فيه، بس كان غصب عني والله، مكنش في إيدي حاجة.”
ثم أكمل بصوت عال:
– “ودلوقتي، بعد ما بقيت أقدر أحميها، أتخلى عنها؟ أنا اللي جربت الوحدة والعزلة يا يزن، أنا اللي عارف هي قد إيه صعبة. أنا مش عايزها تعيش اللي أنا عيشته.”
ابتسم يزن بشجن وقال:
– “فاكر سهل يا ياسر؟ فاكر سهل عليا بجد؟ أختك دي روحي ونفسي وأنفاسي، بس أنا عايزها تكون كويسة، وواثق فيها وفي رأيها. طالما قالت إنها هتقدر وهتكون بخير، فهي هتعمل ده فعلاً.”
تدخلت سُعاد، وهي تفكر بكل المواقف التي يمكن أن تقع بها زينة وحدها.
فماذا إن أذاها أحد؟
ماذا إن تعركلت وحيدة ولم تجد يدًا تنقذها؟
ماذا إن فقدت صغيرتها؟
قالت بخوف وتشتت:
– “أوعى تمشي وراه يا ياسر. هنمشي وراه زينة؟ زينة مين دي اللي تقدر تعمل حاجة قالتها؟ زينة طول عمرها شخصية اعتمادية، ومش قادرة تعمل حاجة لوحدها. لو سبناها لوحدها هتضيع وتضيعنا معاها. زينة أضعف من إنها تهتم بقطة، هتقدر تهتم بنفسها لمدة كبيرة كده؟ علشان كده أبوك رفض تدخل زيك أنت وأخواتك مدرسة داخلية، علشان هي أضعف من كده.”
كانت زينة مستمعة للحوار بأكمله، وعبراتها تتسابق على وجنتيها.
– “ليتكما فعلتما يا أمي، ليتكما!”
تدخلت زينة في الحوار ومازالت بقايا العبرات متعلقة بأهدابها، وهي تتنفس بعمق:
– “ياسر، أنا عارفة إنك خايف عليا، وعارفة… عارفة إني شخصية اعتمادية زي ما ماما قالت. بس أنا عايزة أرمي البنت دي في بحر لوحدها وأشوفها هتعرف تعوم لوحدها إزاي. لإن المستقبل اللي هتعيشه بحر، فلو معرفتش تواجه بحر الماضي لوحدها وتخرج منه قوية، هتواجه إزاي محيط المستقبل؟”
مسح ياسر بقايا عبراتها من على وجنتيها وقال:
– “أنتِ أنجح وأجمل بنت في الكون، بس البحر غدار يا زينة.”
ابتسمت، وهي تتمسك بكفه على وجنتيها:
– “عارفة إنه غدار، بس زينة قوية، عندها قدرات لسه مخرجتش للنور، هي نفسها متعرفهاش. فأنا محتاجة أسيبها لوحدها علشان تنقذ نفسها.”
قاطع ذلك الحوار رنين هاتف ياسر، فأجاب بتشتت:
– “إيه يا عمي؟ خير في حاجة؟”
ثم أردف بتعجب، وهو يراقب الوجوه حوله ويداه ترتعش بخوف، فأردف بقلق:
– ” مستحيل! إزاي حصل كده ؟.
“يداي أضحت تفلت الأشياء التي تحبها قبل أن تُنبذ أو تعود مخذولة، اتركوني استعيد حياتي، لا بأس بفراق آتٍ، ولا بأس بألمٍ مقسوم.
اتركوني أرمم قلبي، أرمم زينة التي فُقدت قبل أن تعي الحياة”.
…….
انتهى الفصل، رأيكم إيه ؟ إيه توقعاتكم لل جاي؟ إيه اللي حصل؟ إيه اللي هيقابل زينة؟ هتروح فعلا هناك؟ إيه هيقابلها لو راحت؟ هتروح إزاي؟
يتتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الهامش الرابع)