رواية المزرعة السعيدة الفصل الثالث 3 بقلم زينب سمير توفيق
رواية المزرعة السعيدة الجزء الثالث
رواية المزرعة السعيدة البارت الثالث

رواية المزرعة السعيدة الحلقة الثالثة
تاني يوم، نزل سند الدور الأرضي لمحته زوزو فشاورته بحماس إنه يقرب، قرب منها لقى جنبها سعاد وبيفصصوا سـوا بسلة، وقفت زوزو و- أستنى أحضرلك فطار
مستنتوش يرد وأختفت من قدام عيونه، بص بإحراج لسعاد قبل ما يحرك كرسي ويقعد، لقاها بتبصله ومبتسمة نطقت بلطف- معرفتش أشكرك أمبارح على اللي عملته معايا، تسلم ياحبيبي
حمحم بإحراج و- معملتش حاجة يعني.. عاملة أية أنتِ دلوقتي؟
– كويسة ياحبيبي بسببك
بتأنيب- بعد كدا متقعديش لوحدك تاني
هزت راسها بإيجاب وهي بتبصله ببسمة خفيفة، أتحرج منها فبعد عيونه عنها، دخلت فدوى ومعاها شوية بنات في سنها وأكبر..
سلموا عليه وقعدوا كلهم حوالين التربيزة يفصصوا بسلة، بص للي بيعملوه بفضول عجبه الوضع فمسك وحدة يجرب معاهم، من غير ما يحس كمل تفصيص
وهو بيسأل بتعجب- أية الكمية دي كلها؟ هي البسلة هتنقرض من السـوق ولا أية؟
ضحكت وحدة من البنات و- لا أبدًا بس زوزو خايفة لتغلى فبتخزن أحتياطي
هز راسه بتفهم، دخلت زوزو وهي معاها صنية أكل حطتها قدامه وبحماس- دوق بقى وقولي أية رأيك في الأكل دا
– هاكل بعدين
قالها وهو مندمج في اللي بيعمله، نغزته بضيق و- لا هتاكل دلوقتي وبعدين هتاكل كل وجباتك في معادها، مواعيدك البايظة دي هتصلحها مش شايف نفسك هفتان أزاي
بصلها بخضة ونوع من الرهبة بسبب لومها الممزوج بحنيتها، وإرتباك، اول مرة حد يزعقله علشان مصلحته حتى وهو غريب عنه، محدش بيعمل كدا غير دلال وفاهم أسبابها
هزت سعاد راسها بتأكيد على كلام زوزو، شالوا من قدامه البسلة وحطوا صينية الأكل وهما بيبصوله بتكشيرة خلته ياكل بصمت
– ها رأيك أية؟
خفى ملامح الإعجاب بأعجبة و- عادي يعني بيض زي أي بيض
زوزو بخيبة أمل- بس دا بخلطتي السرية
واسـوها البنات وقعدت تفصفص بسلة وهي مدايقة، خلص أكل ودخل الصينية المطبخ، لف علشان يطلع خبط في فدوى اللي نطقت بسخرية وهي بتبص وراه- باين إنه عادي بأمارة إنك نسفت الأكل
– علشان ميترميش
– طبعًا طبعًا
هرب من قدامها وطلع من المطبخ ومن الدور الأرضي كله، طلع الحديقة لمح الأطفال بيلعبوا إلا رؤى، قاعدة على مرجوحة بتتحرك بيها ببطء وباين عليها الملل، وقف وراها وبدأ يزقها، بصت وراها بخضة
– تحبي أمرجحك؟
بصتله بلهفة وهزرت راسها بآه بدأ يمرجحها وهي بتضحك بلطافة، تعب فقعد جنبها
– شاطرة إنك مبتجريش زيهم، الأميرات لازم يكونوا مختلفات على فكرة
بفرحة- بجد أنا أميرة؟
– اه والأميرة مبتكونش زي اللي حواليها، هما بيجروا ويلعبوا وبيضيعوا وقتهم في كلام فاضي، لكن هي بتدور على حاجة مفيدة تعملها
– زي أية؟
بصلها وبان عليه التفكير قبل ما يهز كتفه بجهل و- أنا مكنتش أمير فمش عارف، هدور وأقولك
نطقت بحماس- ماشي
حصلت جلبة وضجة فجأة ولقى حركة في المكان، وقف حد يسأله وهو بيدخلهم- في أية؟
– بوبا مفقود
– مين بوبا دا؟
– كلب الست مديحة
أسترخت ملامحه وإستنكرت و- ياعم خضيتني
بصله الولد بدهشـة و- أنت مش عارف بوبا غالي أزاي عليها لازم نلاقيه قبل ما تنهار
وسابه وطلع يجري، شافهم أزاي كلهم متوزعين في البيت وحوالين الحديقة وحتى برة الأسوار
– شوية مجانين، كل دا علشان كلب!
كمل مشيه لجوه وهو بيصفر بلا مبالاة لمح ست كبيرة قاعدة على كرسي وبتعيط وحد بيهديها، رفع حاجبه بدهشـة
– دا طلع الموضوع بجد بقى، دي منهارة علشان كلب
سمعته بنت في التلاتينات فنطقت بهدوء- بالنسبالها دا مش مجرد كلب، دا أخر ذكرى من ابنها المتوفي، وغالي عليها جدًا
لمحها ماسكه صورة وبتبصلها وبتعيط فيها صورة لشاب بيضحك وهو شايل الكلب، بص ليها لثوانِ قبل ما يديها ضهره ويطلع لبرة
جـه العصر وفقدوا الأمل إنهم يلاقوا بوبا، الكل رجع يكمل اللي بيعمله والضيق باين عليهم، مديحة سكتت لكن باين عليها الحزن جدًا،
أتفتح الباب ودخل سند هدومه متربة ومطينة ولكن.. شايل بوبا في إيده
نطق طفل بفرحة- بوبا
بصوا كلهم للباب، مديحة بتهليل- بوبا
هوهو الكلب وهو بيجري ليها بعد ما سابه سند، شالته تحضنه وتبوس فيه، تفرك فيه وبعتاب- كدا تسيبني وتمشي، مش عارف قد أية أنا بخاف عليك
ابتسم سند وهو شايف حالها اللي أتغير للنقيض تمامًا، قربت فدوى منه و- لقيته فين؟
قعد يوصفلها وهي هزت راسها بتفهم و- شكله تـاه، هو متعود يلف حوالين المزرعة ويجي
بصتله مديحة أخيرًا بعرفان و- شكرًا ياحبيبي أنت كأنك رديت ليا روحي
بصلها بدهشـة من العبارة، حاجة بسيطة زي دي تفرحها كدا، تخليها تبصله بالشكر دا كله، كلب يكون مهم للدرجة دي في حياتها!
هز راسه بخفة من غير ما يرد، مش لاقي رد..
****
– رايحين فين؟
سأل بفضول لما لمحهم طالعين من البيت، حد رد بحماس- تحية هتولد ورايحين نطمن عليها
– مين تحية دي؟ حد من القرية يعني
– لا دي معزة.. تيجي معانا؟
بص حواليه، ملل كالعادة، زهق من الوقت اللي بيمر ببطء، قال يضيع وقته، هز كتفه ببساطة و- آجـي..
راحوا كلهم لناحية مكان المواشـي، دخلوا عند المعزة كانت بتولد وقعدوا كلهم يراقبوها ويشجعوها
نطق بإستنكار- أحنا مش كدا بنحرجها، مفروض نسبلها شوية خصوصية
لكن محدش رد عليه، ولادتها كانت متعثرة، باين عليها التعب، بدأت تولد والدكتور البيطري معاها، رفع عينه لمح سند فشاورله يقرب و- تعالى بسرعة
شاور لنفسه و- انا؟
شاورله الدكتور بآه، شاور سند بـ لا، زعق الدكتور- تعالى يابني
قرب منه وبتخوف- أعمل أية؟
شاور للجدي الصغيري اللي بدأ ينزل و- شـد معايا
بصله برعب وهز راسه بالنفي و- مستحيل
– أنجز
فحقق المستحيل، شدوا سـوا لحد ما اتولد الجدي ووقع في حضن سند اللي من الخضة وقع بيـه في الأرض..
أول ما استوعب اللي بيحصل رمـاه من إيده وهو بيصوت
بعد شوية.. كانوا بيبصولها بلطافة، حد قال وهو بيبص لسند- بما إنها اتولدت على إيدك، سميها أنت بقى
رد بلا مبالاة- متنازل عن حقي سموها أنتوا
– براحتك
بص للجدي كان صغير وشكله لطيف، حس بإستحقاقه ناحيته، هو اللي من حقه يسميه، صاح فجأة- خلاص أنا اللي هسميه.. أمم هسميه بيكو
أنبسطوا وهما بينادوا الجدي باسمه الجديد، قعد يبص لحالتهم بتعجب، اي شئ بيبسطهم بيتلككوا علشان يفرحوا وأي شئ صغير بيبقى إنجاز..
بص هو كمان لبيكو بإنجاز، اتولد على إيده!
إنجاز أول مرة يحققه
****
أتلموا كلهم في سهرة ليلية لطيفة في الدور الأرضي، جـه يطلع بعد العشا سألوه- مش هتقعد معانا؟
بصلهم بتفكير، هيقعد علشان يشوف أية الممتع في تجمعاتهم دي، علشان يثبت لنفسه إنها قعدة عادية مفيهاش حاجة مختلفة وهما اللي ناس أوفر،
– ماشي كدا كدا معنديش حاجة أعملها
قرب وقعد على كرسي لوحده، بص ليهم، كل شوية قاعدين على كنبة وملفوفين ببطانية أو على الأرض ومحاوطين بعض، وكل بنت واخدة طفل في حضنها والستات الكبيرة كذلك..
قاعد هو لوحده فجأة جت رؤى وأترمت في حضنه، ومـدتله سعاد غطا و- خد اتغطى بـ دا الجو برد
– لا شكرًا اتغطي بيه أنتي أنا مش بردان
رمته عليه وبحزم- أتغطى ياولد
فأتغطى الولد..
نطقت رؤى ببراءة- أنت مش بردان أنا بردانة
حاوطها بدرعاته جوه حضنه وبمرح وهو بيزغزغها بخفة- انا هدفيكي
قعدت تضحك قالت فدوى بتحذير- سند خلي بالك..
بصلها بنظرة مطمئنة و- متقلقيش
قرب طفل تاني منه و- وأنا وأنا..
قرب كل الأطفال وقعد يضحك ويلعب معاهم، من غير ما يحس ضاع الوقت وهو بيتكلم مع الأطفال، بيرازي في زوزو ويتريق على طعم الفشار ونكهته الغريبة..
لحد ما الليل ليل وطلع ينام
واليوم لسة بيمشي بطئ، لكن يظل أسرع من أول يوم..
****
صحي بدري كعادته، نزل تحت لقيهم متجمعين، نطق وهو بيقعد بخمول- صباح الخير
ردوا الصباح، قرب بوبا منه وهو بيهوهو ليه بحماس ويتمسح فيه، ميل شاله وداعب راسه بلطف
قربت زوزو منه وحطت صينية الفطار، خلص وقام
بص لمديحة و- هطلع اتمشى شوية، أخده معايا عادي؟
هزت راسها بتمام ومشى بيـه، أول حاحة عدى على بيكو يطمن عليه وبعدها كمل طريقه
رجع بعد شوية وفي إيده أكياس كتير.. لمح فدوى اعطهملها إلا كيس و- وزعي الحاجات دي على العيال
بصت فيها و- بس دا كتير اوي وهما اصلًا عندهم ألعاب
بصت للكيس اللي في إيده كان فيه العاب برضوا و- واللي في إيدك دا بتاع مين؟ ليكون بتاعك
– هاهاها.. فيري فاني، دول لرؤى جبتلها حاجات تسليها ومحبيتش اجبلها هي بس وهما لا ليضايقوا منها
هزت راسها بتفهم، مدت إيدها بالأكياس ليه و- اههوملهم بنفسك
– أية اللي هيفرق يعني؟
– هتعرف بنفسك
سابته ومشيت، طلع هو للمكان الخاص بيهم وهي بتراقبه من غير ما يحس، سلملهم الألعاب، كلهم جريوا يفتحوها بسعادة وحماس، كل واحد يلاقي حاجة بيفضلها يبصله بشكر ويجري يحضنه، غمروه بالأحضان والقبلات، إمتنان وعرفان علشان كام لعبة مكلفوهوش كتير
ياما قدم أغلى من كدا وملقيش حد بيفرح كدا، وقف يبصلهم بتأثر
قبل ما يقرب من رؤى قعد وشالها قعدها على رجله و- وعلشان انتِ أميرة فأنتِ مختلفة
طلع ليها أدوات رسم كتير و- أول موهبة بتكتسبها الأميرة هي الرسم..
بصت للحاجة بفرحة و- وتاني موهبة؟
– لما تخلصي الرسم هقولك
وغمزلها بخفة، قعد معاهم شوية قبل ما يسيبهم يلعبوا ويمشوا، بسرعة أتخبت فدوى، حطيت إيدها على قلبها..
طلعت فونها تكتب رسالة..
لمح الدور التاني، الخاص بالمرضى، يعتبر أقل دور زاره أو شاف منه حد من ساعة ما جـه، قرب منه.. وقف ورا الأزاز يبصلهم ناس باين على ملامحها التعب، الدنيا تحسها رمادي عندهم، كئيبة، والألوان غامقة وكاتمة، مفيش روح..
أتنفض بخضة لما سمع صوت حد بيزعق ويصرخ، دخل يجري مع ممرضتين جم جري ودكتور، وكذا حد من الدور الأرضي، بصلها أزاي بتتلوى من الآلم وهما بيبصولها وساكتين
صرخ بعصبية- أنتوا واقفين تتفرجوا عليها! ما تدوها أي حاجة تخفف عنها
نطق الدكتور- هي أخدت مسكنات كتيرة بالفعل، مينفعش تاخد تاني
نطقت البنت بوجع- يعني هو كترها هيعملي فرق ما أنا كدا كدا هموت.. ريحني والنبي
بصلها سند بصعقة، الكلمة خضته.. أزاي مستسلمة كدا، ومتقبلة حقيقة الوضع كدا، بص لملامحها باهتة.. مرهقة، وقعت عيونه على صورة ليها جنب سريرها، ملامح مغايرة تمامًا بتضحك وهي في منتهى الحيوية، بص لحالتها لثوانٍ وعيونه بتحمر بدموع مكتومة، شايف أزاي أسترخت بعد المسكن وملامحها هديت كلهم أطمنوا عليها وخرجوا
وهو واقف ثابت قربت منه فدوى هزت كتفه و- يلا..
نطق بصعوبة- عندها أية؟
– كانسر في المخ درجة رابعة
لسة هينطق وقفته- مفيش أمل، ومفيش علاج.. مستنية يجي معادها، كل اللي هنا مستنيين يجي معادهم
بص للمكان الكئيب حواليه و- في الأجواء دي؟ لية مش بتخففوا عنهم
– بنحاول بس.. مش بيقدروا ينزلوا كتير
– وصلولهم الراحة لعندهم، دول اكتر ناس لازم نهتم بيهم
– هنعمل أية يعني؟
بصلها بتفكير و- مش عارف بس.. هفكر وأقولك
جاله أتصال فـ- دقيقة..
سابها وطلع برة كلم حد من أصحابه و- ودا كل اللي جرا معايا، تيجوا فين هنا؟ لا لا الجو دا مش بتاعكم خلاص متجوش.. هي كلها شهرين وجاييلكم..
وقفل معاهم
يوم تالت خلص، أسرع من غيره، لكن منتهاش زي غيره..
صحى بالليل على حدث مفاجئ كالعادة، بس مش ليه لوحده زي كل مرة، بل فاجئ الكل وو…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية المزرعة السعيدة)