رواية المتناقض الفصل الثالث 3 بقلم حازم الباشا
رواية المتناقض البارت الثالث
رواية المتناقض الجزء الثالث

رواية المتناقض الحلقة الثالثة
انطلق امجد بسيارته ليبدأ يوم جديد ، وقد غمرته فرحه عامره ، بعد ذلك النجاح الساحق لخططه الجهنميه امس
ولم يتبقى له سوى ان يجني ثمار خطته الكبرى مع هبه والدكتور / مصطفى ، والتي كان يعلم انها قد تحتاج الى مزيد من الوقت ، ومزيد من التخطيط ، الا ان النتائج في النهايه سوف تصب في صالحه لا محاله !!!
وقبل ان يذهب للمستشفى ، كان عليه ان يقوم بتلك الزياره السنويه المعتاده لمدرسته السابقه
تلك المدرسه التي قضى فيها سنوات طفولته وصباه ، وقد كانت تلك السنوات ، هي احلك واصعب سنوات حياته
فما مر به امجد من اضطهاد وقسوه وعنف ، كان كفيلا ، لان يصنع من ذلك الطفل مجرما او سفاحا ، الا ان الذكاء الخارق الذي قد منحه الله له ، قد حال دون ذلك !!!
————————-ء
وسوف نأخذك عزيزي القاريء في رحله عبر الماضي ، لنكتشف سويا ، ذلك الجزء المظلم من حياه امجد !!!
ولد امجد في احدى القرى المعدمه بالريف ، لأبوان فقيران ، كانا يعملان في مجال الفلاحه
وكانت فرحه تلك الاسره بمولودهما الاول عارمه ، خصوصا مع ظهور علامات النبوغ الواضحه عليه منذ نعومة اظافره
فمعدل ذكاء امجد وهو في سن الخامسه ، كان يتفوق على ذكاء شاب متفوق في العشرين من عمره !!!
فقد حفظ القران الكريم كاملا ، وبدا في التبحر في شتى مجالات العلم المختلفه ، وسط حاله من التكتم الشديد من ابويه ، اللذان كانا يخشيان عليه من الحسد !!!
وعاش امجد سنواته الاولى في حاله من العزله ، ليس بسبب خوف ابويه فقط ، ولكن لانه كان دائم الخوف من الناس
ويرجع ذلك الخوف الى احساس امجد بأنه مختلف عن باقي اقرانه ، ليس بسبب ذكاءه الفذ
ولكن بسبب ((صفه خارقه)) كان يتمتع بها ، جعلته ينفر من كل الناس !!!
وظل امجد متكتما على تلك ((القدره الخاصه)) التي يتمتع بها ، فظلت سرا دفينا بداخله ، حتى بلغ التاسعه من عمره
———————–ء
وفي يوم من الايام …
قرر امجد ان يصارح والدته بهذا بسر تلك القدره الخارقه التي يتمتع بها !!!
فأصابها ذعر شديد ، وطلبت منه الا يخبر اي مخلوق على الارض عن امتلاكه لتلك القدره الخارقه
فلو علم الناس بتلك القدرات التي يتمتع بها ، فسوف تتحول حياته الى جحيم لا ينتهي !!!
وفي مساء نفس اليوم …
بينما كان امجد يجلس وحيدا في الحقل المجاور لمنزله ، فاذا به يجد فتى انيق ، يكبره بحوالي عامين ، يقترب منه وهو يقول بنبره ودوده : ازيك يا امجد
رد امجد بارتباك : انت مين ؟؟ وعرفت اسمي ازاي !!!
رد الفتى وهو يلتقط ورقه من جيبه ويناولها لامجد : ما تشغلش بالك بيا ، الورقه اللي معاك دي فيها فزوره صعبه ، لو عرفت تحلها ، هاديلك العجله بتاعتي … ايه رايك ؟؟
كان ذلك العرض لمغريا لدرجه انست امجد استفساراته حول الفتى ، وجعلته يصب كل تركيزه لحل تلك الفزوره المعقده
ومضت قرابه الساعه ، حتى تمكن امجد من حل ذلك اللغز الرياضي المعقد
فما كان من الفتى الا ان اثنى على امجد ، واعطاه دراجته وصافحه ثم رحل ، تاركا امجد وقد غمرته فرحه عارمه !!!
مضت ساعه اخرى وامجد يجوب ارجاء القريه بدراجته الجديده ، حتى استبد به التعب وقرر ان يعود للمنزل
لم يكن امجد يعلم ، بأن تلك الليله هي اخر ليالي الفرح في طفولته ، وان الاقدار تخبئ له من الاهوال ما لا طاقه لأي طفل طبيعي على تحمله !!!
عاد امجد الى منزله ، ليجده مقلوبا رأسا على عقب ، ويجد امه ملقاه على الارض ، غارقه في دماءها ، تلفظ انفاسها الاخيره ، اثر طعنه نافذه في صدرها
فوثب امجد محاولا اسعافها واوقف نزيف الدماء بيديه وظل يصيح : سامحيني يا امي انا السبب … انا السبب
ردت امه بصوت واهن : عاهدني يا امجد ان سرك ده مفيش مخلوق يعرفه … وانك عمرك ما هتقطع الوصل اللي بينك وبين ربنا
انهت ام امجد عبارتها ، ثم فاضت روحها الى بارئها ، وهي بين احضان امجد ، الذي ظل يردد والدموع تنهمر من عينيه كالسيل العرم : ما تسيبينيش يا امي ، انا ماليش غيرك … ما تسيبينيش يا اعز من روحي !!!
مضت الدقائق بطيئه وموحشه ، وقد استنتج امجد كل ما حدث …
فبسبب بوح امجد بسره لامه ، نشب خلاف حاد بينها وبين ابيه ، اسفر عن قيام الاخير بطعنها ، ثم لاذ بالفرار
وقد صدق استنتاج امجد ، حيث القت الشرطه القبض على ابيه ، الذي خر معترفا بجريمته
———————-ء
ومضت الايام سريعا …
وانتقل امجد ليعيش بصحبه جدته من امه ، والتي دفعها المرض اللعين الى ترك القريه والعيش بجوار معهد الاورام بالقاهره
وكان امجد مجبرا على ترك القريه ، وذلك بعد ان تم الحكم على والده بالسجن خمسه وعشرون عاما !!!
لتبدا رحلته مع العذاب حيث كان مطالبا بخدمة جدته المريضه ، والعمل لتوفير لقمه العيش ، والدراسه بتلك المدرسه اللعينه حيث كان منبوذا من الجميع
فاقرانه ما انفكوا عن معايرته بابيه المجرم … قاتل زوجته !!!
وقد استفزهم انعزال امجد عنهم ، والذي فسروه ، بأنه نوع من التكبر بسبب نبوغه الحاد ، على الرغم من كل محاولات امجد لاخفاء ذكاءه الفذ ، بل والتظاهر بالغباء في العديد من المناسبات !!!
حتى انهم قد اعتادوا على ضربه وتعليقه من قدميه على اسوار المدرسه بعد انقضاء اليوم الدراسي ، امام اعين ومسامع المدرسين ، الذين لم يحرك احدا منهم ساكنا لنجده ذلك الفتى المسكين !!!
———————-ء
ونعود بك عزيزي القاريء الى وقتنا الحالي ….
حيث وصلت سياره امجد لنفس تلك الاسوار العتيقه ، ليلقي عليها نظره ساخره وهو يدخل من ابواب المدرسه ، وسط استقبال حافل من مدير المدرسه ومساعديه ، وقد دار بيهم الحوار التالي ….
مدير المدرسه وهو يهرول في سعاده كبيره مخاطبا امجد : اهلا وسهلا دكتور امجد ، واللهي النهارده يوم تاريخي بسبب تشريفك لينا بالزياره الكريمه دي
امجد بامتعاض : حضرت لي الكشف اللي طلبته منك
المدير بحماس : الكشف جاهز يا افندم ، فيه اسامي ٢٦٥ طالب بين ابتدائي واعدادي وثانوي ، كلهم ما دفعوش المصاريف
التقط امجد الكشف من يد المدير وقال بلهجه آمره : عارف يا عبدالمعطي لو لقيت اسم واحد فيهم لحد من قرايبك او معارفك انا هاعمل فيك ايه ؟؟؟….
انا هاقعدك في بيتكم !!! ….
فاهم ؟؟؟
رد المدير بارتباك : اقسم بالله يا امجد بيه كلهم عيال غلابه واهاليهم مش لاقيه تاكل
امجد : كام المبلغ المطلوب ؟
المدير : ١٠٩٦٣٢ جنيه … يعني تقريبا ميه وعشره الف جنيه
امجد وهو يخرج دفتر الشيكات من جيبه : ده شيك بميه وعشرين الف جنيه ، بكره الاقي ايصالات سداد المصاريف دي على مكتبي في المستشفى ، وخلي الباقي علشانك
هلل المدير وهو يشكر امجد : ربنا يخليك لينا يا دكتور ، انا عاوز …
قاطعه امجد بمنتهى الغطرسه : خلاص يا عبد المعطي ، مش عاوز صداع ، يلا خد العصابه بتاعتك دي وانفضلوا امشوا ، انا عاوز اتمشى لوحدي في الحوش
انطلق المدير واعوانه في لمح البصر ، تاركين امجد يستعيد ذكرياته مع ذلك الفناء الرملي الواسع
————————-ء
حيث انفجرت احدى ذكرياته العميقه ….
فعندما كان امجد بالصف الثاني الاعدادي ، واثناء استعداده لتلقي التكريم لحصوله على المركز الاول في اختبارات الترم
فإذا بناظر المدرسه يقتحم الفصل ، وينادي على امجد قائلا : يا ترى جبت المصاريف المتأخره
ولا هتطلع لي بحجه جديده زي كل مره ؟؟؟
رد امجد بارتباك : بإذن الله هاجيبهم لحضرتك اول الشهر
حضرتك عارف اني بشتغل
بس ستي عيانه اوي
والدوا بتاعها غالي
الناظر بتذمر : انا ماليش دعوه ، دي فلوس الحكومه ولازم تدفعهم
ومن النهارده ما تدخلش الفصل لحد ما تدفع المصاريف
وهتنزل تلم الزباله من حوش المدرسه
مع كل العيال الزباله اللي زيك … !!!
رد امجد بنبره متحديه : ما تقلش عليا زباله
انا الاول على المدرسه دي كلها
ومش هانزل من الفصل !!!
اشتعل الناظر جنونا وهو يقول : انت بتتحداني يا مجرم يا ابن المجرم !!!
ثم انهمر بعصاه المصنوعه من عود الخيزران المرن فوق ظهر واكتاف امجد المسكين
وكان صوت اختراق تلك العصا للهواء ، كفيلا لخلع قلب كل التلاميذ
وانخرط ذلك الناظر المتوحش بضرباته المتتاليه على كل جزء من جسد امجد ، الذي ظل واقفا متحديا يغالب دموعه التي تحجرت في عينيه حتى احمر وجهه وسقط مغشيا عليه !!!!
مرت دقائق …
واستفاق امجد ليجد نفسه بصحبه احد الطلاب ضخام القامه ، وقد حمله لغرفه الرعايه الصحيه بالمدرسه
ففحصته الممرضه وقدمت له الاسعافات الاوليه وهي تبكي ، وتهمهم بعبارات السب لناظر المدرسه
التي لولا خوفها من بطشه ، لكانت ابلغت السلطات عنه
واستحلفت ذلك الطالب الضخم ان يصطحبه حتى منزله ، فامجد لم تكن قدماه قادره على حمله
وبالفعل قام الفتى الضخم بحمل امجد حتى منزله ، وفي اثناء الطريق ، كانا قد تعارفا ، وبدأت بينهما صداقه متينه
ليصبح ذلك الفتى فيما بعد … هو اقرب شخص الى قلب امجد على ظهر الارض … ذلك الفتى المدعو … سعيد !!!
او كما يلقب في اوساط عالم الاجرام … ” ديدا “
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية المتناقض)