رواية الكشك الفصل الخامس 5 بقلم رشا شمس
رواية الكشك الجزء الخامس
رواية الكشك البارت الخامس

رواية الكشك الحلقة الخامسة
الساعة عـدت 12 بعد نص الليل، الزحمة في الشارع قلت كتيـر،” محمـد حسيـن” بيقفِّـل الكشك كعادته، رص الجرايد في صفوف مرتبة، قفِّـل الأبواب الحديـد، راجع الباقي، ساب على جنب 500 جنيه فكة يشتغل بيهم الصبح عشان زباين الصبحيـة مابيكونش معاهم فكـة غالبًـا، حطهم في الدرج الخشبـي القديـم اللي بيزيــق مع كل حركة، قبل ما يطفي النور قـرَّب منه ولـد صغيـر.
: عــم محمــــد.
التفت “محمد” ناحية الصوت، وقعت عينيه على الولد، ماسك في إيده اليمين سندوتش فينـو باين إنه ناشف ومش طازة بس بيقطـم منه.
: نعـــم يا آدم، أنا قفلت خلاص، لو عايز حاجة عدي عليـا الصبح وإنت رايح المدرسة.
الولد قرَّب بخطوات حذرة، مـد إيده الشمال، فيها قلـم حبـر قديـم، لونه أزرق غامق، محفور على الغطا حرفين “ح.ح”.
وقال: لقيتـه في شنطتـي وأنا مروح، يمكن وقع فيها لما جيت لحضرتك المغرب أفُـك منك، أنا ماخدتوش، هو اللي وقـع، بس قولت لازم أرجعـه.
محمد خرَّج من التلاجة علبة عصير، قدمها للولد وهو بيقول: شكرًا يا آدم على أمانتك، إنت متعرفش القلـم ده مهـم عندي أد إيــه.
“آدم” سأله بكل عفوية: للدرجة دي حضرتك مابتعرفش تكتب غيـر بيـه؟!
: لأ، الحقيقة أنا مابكتبش بيه خالص، بس ده ذكرى عزيزة أوي على قلبــي، كنت هزعل جدًا لو ضـاع منــي.
: هـو القلــم ده بتـاع مين يا عمــو؟
“محمـد” مـد إيــده خـد القلــم، بص له لحظة طويلة، وشـه اتغيـر، فضـل ساكت شويـة كأن صوته محبـوس.
“آدم” فضل هو كمان واقف مكانــه، حاسس إن فيه حاجة أكبر من عمره بتحصل قدامه، حاجة لازم يحترمهـــا.
ثوانــــي، و”محمد” قال بصوت أهدى من سكون الشارع: كان بتاع أخويا الكبير “حسن”، كان بيكتب بيه شعـر وهو في الجيش، الله يرحمه مات في حرب الخليج، بس لسه ريحته وطيبته وكلامه عايش جوايـــا.
: أخـوك كان بيكتب حلـــو؟
: كان بيكتب شعر حلـو أوي عمري ما سمعت زيـه، شعر يتغنــــى ويتحفـر في القلب مايتنسيش.
: طب كان بيكتب شعـر عن إيــه؟
: عن كل حاجة حلوة، عن أمه، بلـده، البنت اللي بيحبها، كان بيكتب عشان يقول “أنــا هنــا”.. كان دايما بيقول لي ما تعِشش في الدنيا من غير ما تسيب وراك كلمة.. القلم بيخلـي الناس تفضل حاضرة حتى بعد ما تمشــي.
“آدم” سكت… وشـه إحمَّـر وبصوت مرتبك محرج قال: أنا آسـف يا عمـو، أنا بصراحة أخدت القلـم.. كنت فاكر إنها حاجة صغيرة ومش مهمـة، بس معرفتش أنـام، والله ماعرفت أنـام.
“محمـد” طبطب على كتف “آدم”، وضحك وقال: إيـه كنت ناوي تكتب قصيدة؟
“آدم” لسه محرج وبصوت مكتوم قال: قلمي ضاع، كنت محتاج قلـم للمدرسة ومكنش معايا فلوس، خوفت أطلب من أبويـا يزعق ويقول لي “أجيب لكم منيـــن؟!” زي ما بيقول لأمي كل ما تطلب منه حاجـة..
“محمـد” بيهـز راسه وبيقول: اللي بيرجع الحاجة بإيده مايبقاش حرامي، يبقى بني آدم شريف لسه في قلبه مكان للنــور.
“آدم” ابتســـم وقال: أنا ممكن اشتري زيـه لما يبقى معايا فلوس.
“محمد حسين” باس راسه، خرَّج من جيبه قلـم أزرق شكله حلو وقال: اتفضـل، ده ليك.
“آدم” فرحان ومندهش في نفس الوقت: ليــا أنـــا؟
: طبعًـا عشان إنت أميـن، رجَّعت اللي اخدتـه في لحظة ضعف، حاربت شيطانك، وماتكسفتش تعترف باللي عملته، يعني كمان شجـــاع.. أنا عايز أطلب منك حاجة، ممكـــــن؟
: إيـــه يا عمـو؟
: إوعـى تخلي القلـم يفضل ساكـت، القلم اللي مابيكتبش بيمـــوت.
“آدم” مشـي وهو ماسك القلــم بفرحـة وفخـر، وفي عينـه نـور مكنش موجود وهو داخل على “محمد حسين” في الأول.
“محمـد” فتح باب الكشك تانــي، فتح دفتره الرمادي اللي على الكاونتـر، وكتب بخط حلــو وبنفس قلـم أخوه حسن “الله يرحمه”: “آدم، قلــم أزرق، وضميــر صاحـــي”.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الكشك)