رواية اغتصاب طفلة الفصل الثاني 2 بقلم ندى ممدوح
رواية اغتصاب طفلة الجزء الثاني
رواية اغتصاب طفلة البارت الثاني

رواية اغتصاب طفلة الحلقة الثانية
2_عقد قران
انقلبت حياة راندا رأسًا على كعب، توالت التهديدات عليها من كل فجٍ، لتحيط بها كما يحاط السوار بالمعصم، والخاتم بالأصبع، فتارة رسائل من أرقامٍ لا تعرفها، وتارة أخرى مكالماتٍ، حتى بات هاتفها كبركانٍ تخشى الدنو منه فينفجر وتتقاذف حممه عليها فتحيلها رمادًا ينثره الرياح.
أصبحت هَشة دائمة الأرتجاف، ترتعشُ من أيُ صوتٍ، وتنتفض لأي همسٍ، حتى أقتربت امتحاناتها، وعكفت على دروسها بكل جهدٍ وحماس، ربما لتنسى ما تمر به.
وربما لأنها تحب ذلك..
أو لأنها ستنتهي من هذه الأمتحانات فتتزوج بيعقوب، ابن خالتها الذي درجت على حبه، المهم أنه قد تنحى الخوف من المجهول جانبًا، مستحييًا، خجلًا، منزويًا، وطفقت هي تلتهم الكتب ألتهامًا، حتى مضت أيام الأمتحانات، وغدت تنتظر نتيجتها بفارغ الصبر وقد سكنت مخاوفها فالذئب لم يعد يبعث إليها برسائل تهديد، ولم تراه مجددًا.
لكنَّ المصائب لا تجيء إلا في لحظة فرح كان ينتظرها المرء منذُ دهر لتظلل بسحابة سوداء على صاحبها ففي يوم ظهور النتيجة كان يومًا حافلًا بالكثير من الأحداث، انجلت نتيجتها بدرجة امتياز وعمَّت الفرحة داخل البيت، وجاء يعقوب بلهفة، ليسألها بترقبٍ وهو واقفٌ لدن الباب:
_ماذا فعلتِ؟
فناورت قليلًا وأخبرته مترددة:
_لا أدري كيف أخبرك بذلك ولكن!
وغلبتها نفسها ودمعت عينيها وهمت أن تخبره بنجاحها، لكن يعقوب أعتقد أنها لم تنجح، فتجهم المحيا ثم ابتسم متوترًا، وهمهم في صبر:
_حسنٌ لا بأس مهما كانت نتيجتك فهي بالنسبة ليّ أعلى وأفضل نتيجة…
فقاطعته راندا قائلة بضحكة خفيفة:
_ولكنني قد حصلتُ على درجة امتياز.
فأشرق وجهه وضحك في سرور، وغمغم:
_إذن لقد نجحتِ؟
فأومات برأسها أيجابًا، وهي تواري ضحكتها وراء أناملها التي ظللت فمها، وهو يسترسل، قائلًا في حماس:
_أين عمي إذن لنحدد معاد القران.
فهمست بحياء:
_أنت مجنون يا يعقوب.
رفع يعقوب حاجبًا وأشرأب برأسه للداخل، وصرخ بأعلى صوته:
_يا عم حسن ابنتك لم تدعوني إلى الدخول للآن ما قلة الذوق هذه!
فزمت راندا شفتيها بغيظٍ، وغمغمت:
_هذه ليست قلة ذوق إنما نسيان، ألم توقفني أنت هنا وروحت تثرثر؟
فأشار يعقوب إلى نفسه متمتمًا في ذهول:
_أتقصدين أنني ثرثار كثير الحديث!
أومأت راندا بعينيها، وهمهمت:
_أجل!
فغمز لها قائلًا:
_فليكن، قولي اي شيء لكِ مباح، أتعرفين لما؟
هزت رأسها نفيًا، ثم استدركت قائله:
_لأني نجحت.
فهز رأسه نافيًا، وسكت لهنيهة، ثم قال:
_بل لإننا سنحدد معاد القران اليوم.
دخل يعقوب وجلس مع والدها، بينما جاءها هي اتصال من صديقتها هيام، فجلست القرفصاء فوق الفراش وأخذتا في التسامر، وقد حملت كلٍ منهما للأخرى البشرى بالنجاح، لكن رسالةٌ sms من رقمٍ مجهول جعلت وجه راندا يبهت وهي تقرأ ما جاء فيها:
_مبارك النجاح يا قمر، الآن يمكنني أن أزعجك كما أشاء فقد أنتهت امتحاناتك على خير، مشكورٌ أنا لم أشأ أزعاجك، والآن يا عزيزتي ألا تتكرمين عليَّ وتنوين الرد.
رغم وجهها الذي شحب كوجوه الموتى، إلا أنها ازدردت لعابها وأغلقت مع هيام، وهمست في داخلها أنه لن يفعل شيء، مجرد رسائل ستكف فور أن تقترن بيعقوب.
لكنها راحت تفكر كيف ستخبر يعقوب بما حدث؟!
كيف ستقول له قبل الزفاف أنها قد أُغتصبت وهي طفلة؟
هل سيصدقها؟
بلى سيصدق حتمًا يعقوب يعلم علم اليقين أنها لا تكذب، وأنها تخاف الله أن تفعل شيئًا شنيعًا كهذا!
ولكن المهم كيف ستخبره بذلك، ومتى الوقت المناسب!
الذئب لم يتوان عن تخوفيها، ولم يمل من إرسال رسائله إليها، حتى ظنت أن الحياة قد انتهت، والخافقُ كف عن النبض، وباتت كأنها تنتظر أن يتوارى جسدها تحت الثرى، عقد القران قد حُدد ليناسب يوم ميلادها، الثامن عشر، لكن الخشية من القادم طمس كل بهجة كان من المفترض أن تتذوقها.
“تناهى ليّ أنه قد حُدد موعد قيرانك على المدعو يعقوب بن خالتك! تُرى هل يعلم يعقوب ذلك أنكِ لستِ عذراء أم أنكِ ستخدعيه! أم أنكِ قد تجرين عملية كلا يعلم؟ ما رأيك بأن تتركي ليّ مهمة اخباره بما فعلته؟.
فاتسعت عينيها فزعًا، وصُعقت بما قرأت، فقامت بما لم تفعله قط طيلة هذه الأيام، وأسرعت أناملها تكتب له” لن تفعل، أنت لن تستطيع اخباره”
كانت تشعر أنه لو أخبره لن يقول الحقيقة حتمًا، سينسج خيوطًا من الكذب والافتراء.
جاءتها رسالة منه:
“وأخيرًا تكرمتي وأجبتِ على أحد رسائلي؟
ثم أتبعها برسالة أخرى يقول فيها:
” ما رأيك بأن نتقابل وأعدك ألا أخبره بشيء”
فكتبت له باستهزاء:
_ما هذا الهراء أنا محال أن آتي للقائك حتمًا”
فبعث إليها بأيموشن مضحك، مما يدل أنه يستهزأ بكلامها بثقةً، ثم أرسل لها
“بلى ستأتين للقائي وإن لم تفعلي سأخبر يعقوب أنكِ لست عذراء، وأنك تحبينني وأننا على علاقة معًا.
نظرت في هلعٍ إلى الرسالة، وبُهت وجهها بشدة، وبدت أنها ستفقد الوعي، إلا أنها راحت تردد وهي تلقي بالهاتف:
_حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل.
ومن غير الله يكون حسيبًا ووكيلًا وكفيلًا بالمؤمن، من غير الله يداوي جراحًا لا يعلم عنها أحدٌ من البشر، من غيره فارجٌ للهم، ممحيًا للحزن، مجيبًا للدعاء؟
لا الدنيا لنا ولا نحن لها، أننا مجرد ضيوف نتلاقي ونفارق لكن السكن الحقيقي هو الجنة.. جنة الخلد حيث لا موت وأنما بقاء للأبد.
واللقاء بالذئب كان حتمي لتدرك ما الذي يبغيه منها، ولماذا يفعل كل ذلك، وما الذي سيجنيه من صنيعه ذلك، لذا فقد راحت تخطت للقاء، لكنها لم تظن أنه فخٍ للتفرقة بينها وبين من تحب، لكن في ذلك اليوم حضر يعقوب بينما هي تنوي الخروج من البيت، فوجدت نفسها وجهًا لوجه أمامه عند الباب، فسألها مستغربًا:
_إلى أين؟
فتبسمت في توتر لم يخف عليه، وارتدت خطوة للخلف، وهي تغمغم بصوت مرتبك:
_كنت ذاهبة عند هيام!
فقطب جبينه مندهشًا، وتساءل حائرًا:
_الآن؟ هل نسيتي موعدنا!
فهمهمت تائهةً بصوتٍ متهدج:
_موعد ماذا؟
قال يعقوب مذهولًا:
موعد ماذا؟ أوتساءلين أيضًا! ألن نذهب لشراء فستان عقد القران برفقة والدتي ووالدتك.
وكانت قد نست بالفعل ذلك، فهزت رأسها وهي تقول بصوتٍ ضعيف:
_لا، لم أنس لقد كنت ذاهبة عند هيام لنختار معًا فستانٌ أونلاين.
فنظر إليها شزرًا، بترقبٍ وحيرة، ثم قال بنبرة جامدة:
_لماذا لم تخبريني بذلك إذن؟ أكنتِ ذاهبة إلى هيام حقًا.
فازدردت لعابها في وجلٍ، وهي تقول بصوتٍ خفيض:
_وإلى أين قد أكون ذاهبة إذا لم يكن عند هيام؟
واسترسلت قائلة بلهفة:
_لا تدع اي شيء يعكر صفو هذا اليوم ولنذهب لنختار معًا فستانٌ.
فتبسم وقد لانت ملامحه قليلًا، وأشار إليها قائلًا:
_إذن سأنتظرك أنتِ وخالتي فلا تتأخران.
*****
جلس يعقوب ذائغ النظرات، حائر الفؤاد، متقلب البال؛ في القهوة بعد أن طلب كأسًا من الشاي، وشرد بفكره في شيءٍ مبهم، حتى أنه لم يشعر بمجيء صديقه (يوسف) ولا ألقاه السلام عليه، ولا وجلوسه وهو يتنحنح، قائلًا:
_فيما أنت شاردٌ يا عريس؟
إذ ذاك ألتفت يعقوب إليهِ متفاجئًا، واغتصب بسمة وهو يقول بصوتٍ بدا مهمومًا بوضوح:
_لست شارد!
ثم عاد لينظر بعيدًا متفكرًا، كئيبًا، تتجلى على سمات وجههِ كل مشاعر الكآبة والهم.
غمغم يوسف متعجبًا:
_لست شارد ماذا يا عريس على من تكذب، هيا هات ما عندك ما الذي يشغلك لهذه الدرجة من الهم!
لكنه لم يتلقَّ ردًا من يعقوب، وبدا لوهلة أنه لن يجيب، لكن بغتة أستدار إليه برأسه بقوة، وصاح:
_كيف ترى راندا يا يوسف؟
قطب يوسف جبينه مذهولًا، وحملق فيه مستغربًا، ثم رمقه بحده، وهتف:
_ما هذا السؤال! ماذا تعني بكيف أراها؟
أدار يعقوب المقعد ليكون إزاره، وهو يقول متعجلًا:
_لا، لا أقصد شيئًا بعينه، ولكن سؤالي هو كيف تجد أخلاقها!
رفع يوسف حاجبًا، وتراجع بظهره إلى ظهر المقعد وحرك في كأس الشاي الذي وصل للتو، ثم تمتم:
_أتساءلني أنا هذا السؤال؟ أليس من الأجدر أن تجيب نفسك عليك، فأنت أدرى بها منها.
تنهد يعقوب بقوة ولم يجب، فهتف يوسف بتأني:
_قل ليّ ما الذي يدور بخلدك علني أنجدك من حيرتك تلك!
لكن يعقوب غمغم وهو يخرج الهاتف من جيبه:
_لا شيء، لا تشغل بالك بي، أنا على ما يرام.
وصب جام تركيزه في رسالة وصلته من رقمٍ مجهولٍ مغلق فقد أتصل بالرقم كثيرًا لكن في كل مره يجيبه الصوت الآلي أن الرقم مغلق أو خارج نطاق التغطية.
“أريد أن أبدي لك نصيحه من أخًا يريد لك الخير، لا تتزوج براندا فأنها لا تناسبك أنها فتاة ذات أخلاقٍ سيئة وعلاقةٍ جمة مع الشباب، ربما لن تصدقني ولكن يجب أن تفعل فما الذي قد يفيفدني من أن أشوه سمعتها هكذا أمامك إلا لو رأيتها بأم عيني عدة مرات مع الشباب”
ضغط يعقوب على الهاتف في يده بعنفٍ، فمد يوسف يده ووضعه على كتفه، وهو يقول في قلق:
_يعقوب أأنت بخير؟
فأومأ يعقوب برأسه بعد أن نظر له نظرة تيهٍ ورشف رشفةً من الشاي، ثم أدحر التفكير عن رأسه.
فتلك الرسالة لن تجعله يشك في أخلاق راندا، فقد درجت أمام عينيه، بنتٍ تحفظ القرآن، وتحافظ على صلاتها ولا تصافح الرجال كيف تكون بتلك الأخلاق؟.
حتمًا ثمة من يريد التفرقة بينهما..
ولن يفلح..
لكن ماذا لو كان صادقًا؟
*****
يوم عقد القران كانت البهجة تموج في قلب يعقوب وراندا، والبسمة لم تفارق ثغرهما على مدار اليوم، تجمع الأقارب والجيران في صحن البيت مهنئيًا فرحين يشاركوهما السعادة، ومضت الساعات بين زغاريدٍ وتصفيقٍ وأغاني خرجت من أفواه الكبار، فالموسيقى ذنبٌ لن يبدأؤ حياتهما به.
لكن عندما انفض الجمع، وكانت تجلس بمفردها وهي تنتظر يعقوب، والحياء يغشاها، ولج يعقوب متهجم المحيا، عصبي الخطوات، غضبٌ عظيم كان يشع من عينيهِ اللتان أستحالتان إلى اللون الأحمر، كأنهما بركانٌ من الدم سينفجر في أي لحظةً غير محسوبة، فتوجست خيفة، وتيقنت أن الأمر جلل، فحملقت فيه بترقبٍ ثم نهضت بثقلٍ ما أن دنا ووقف إزارها وهو يلهث، ظلا قليلًا على هذه الحالة، ثم هدر يعقوب يسألها بقلبٍ يرفرف كالذبيح:
_سأسألكِ سؤالًا وأجيبي صدقًا فأنا لا أعلم عنكِ كذبًا!
أومأت برأسها وعينيها، فأسبل يعقوب جفناه في عنفٍ وهمس بصوتٍ خفيض كأنما يخشى ما يود سماعه:
_أأنتِ عذراء؟
نظرت إليه راندا مصعوقة، وأطل هلعٍ هائلٌ في عينيها لم تستطع وأده، وتراجعت خطوة مترنحة، فما كانت تخشاه قد حصل وبصوتٍ مجهش بالبكاء همهمت بنبرة منهارة:
سأخبرك بكل شيء…
وهمت أن تسترسل، لكنه رفع يده أمام وجهها ليوقفها عن الاسترسال، وهدر مغضبًا:
_لا أود سماع شيئًا إلا إجابة سؤالي، أنتِ لن تكذبين يا راندا أدرك أنك لن تفعليها فستخافين من حساب الله!
جلست راندا في تهالك، وطفق فؤادها يترنح في جنون بين جوانحها، كأنما يود الخروج، ثم أسبلت أهدابها وسال دمعها وهي تقول بصوت ضعيف:
_يجب أن تسمع ما لدي أولًا!
لكنه صرخ فيها وهو يضرب كفه في الحائط في غضبٍ نما على وجهه كالجحيم:
_لا أريد سماع اي شيء، أنه سؤالٍ واحد واجيبي أأنتِ عذراء أم لا!
صرخت راندا في عصبية كأنما تلقي بحملًا كان يثقل كاهلها:
لا، لا لا، لا لستُ عذراء لستُ…
أسكتتها صفعة قوية هوت على وجهها، فنظرت إليه بفؤادٍ مجروحٍ وهي تضع اناملها فوق صفعته، وراقبته بقلبٍ واجفٌ وهو يتقهقر للوراء ثم يغادر المكان ركضًا، كأنما يفر من شبح الموت.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية اغتصاب طفلة)