روايات

رواية ارناط الفصل التاسع عشر 19 بقلم حور طه

رواية ارناط الفصل التاسع عشر 19 بقلم حور طه

رواية ارناط الجزء التاسع عشر

رواية ارناط البارت التاسع عشر

ارناط
ارناط

رواية ارناط الحلقة التاسعة عشر

دخلت ليلي الغرفة بهدوء، خطواتها ساكنة كأنها تمشي على أطراف الغياب، عينيها مش شايفة اللي قدامها، عقلها بعيد تماما عن المكان اللي واقفة فيه…
كانت عاليه بتغطي شادي في سريره…
ولما شافت ليلي داخله، سألتها بصوت خافت:
ــ عملتي إيه؟… قدرتي تعرفي مين الناس دول؟… شفتي ملك؟
مافيش رد. ليلي قعدت على الكرسي بصمت…
وشها شاحب وعينيها فاضية…
وكأنها بتعيش لحظة مش من الزمن ده…
كانت جملة واحدة بس اللي بتتردد في عقلها:
ــ أرناط اللي كنتي فاكرة إنك قتـ ـلتيه… عايش…
عاليه قربت منها، ولمست إيدها بلطف…
وليلي اتخضت كأنها فاقت من حلم مفزع:
ــ ليلي… اهدي، مالك؟ في إيه؟
ليلي بصت لها، دموع بتلمع في عينيها لكنها…
مش قادرة تنطق، وكأن الكلام نفسه خانها…
عاليه بدأت تقلق أكتر، هزتها برفق:
ــ ليلي! مالك؟ ردي عليا، إنتي كويسة؟
وأخيرا نطقت ليلي… بصوت مكســ ـور وواطي…
جاي من آخر الدنيا:
ــ …عايش…!
عاليه ما فهمتش:
ــ مين اللي عايش؟
ليلي نزلت دمعتها المحبوسة
وقالت بصوت مهزوز:
ــ أرناط… أرناط عايش…!
عاليه شهقت بدهشة:
ــ إزاي؟! إحنا شوفناه وقتها ميـ ـت…
كان واقع وسايب آخر نفس فيه!
ليلي بدأت تنهار، دموعها نازلة بدون توقف:
ــ مش عارفة إزاي…
بس اللي كنت عايشة فيه كان كدبة…
حبه كدبة… وحياته كدبة…
حتى مــ ـوته طلع كدبة!
عاليه حضنتها بسرعة، تحاول تهديها:
ــ طيب، طيب اهدي… بس قوليلي مين قالك كده؟
ليلي اتنهدت بصوت فيه وجع:
ــ الناس اللي ورا سرقة البحث… هم اللي قالولي…
عاليه شدت نفسها:
ــ يعني… شفتي ملك؟
هي اللي قالتلك إن أرناط عايش؟
ليلي هزت راسها بالنفي:
ــ ما شفتهاش… محدش ظهرلي… اتواصلوا معايا… بصوت… كان شبه صوت الإنسان الآلي…
سكتت لحظة، وبصت في الفراغ:
ــ بس كانوا عارفين كل حاجة…
تفاصيل عمري مع أرناط…
وكأنهم كانوا بيشوفوني وأنا مش واخدة بالي…!
عاليه بصوت مشحون بالقلق:
ــ ليلي… إنتي لازم تنسي أرناط، اللي فات مـ ـات… وانتي اللي بدأتي اللعبة معاهم… وهم راجعين… راجعين، تاني…
ليلي بهدوء غريب يخبي وراه نـ ـار:
ــ هم اللي هيوصلوني لأرناط، عاليه…
عاليه بتنظر لها بدهشة:
ــ يعني ناوية تديهم البحث؟! علشان توصليله؟!
ليلي نظرة حاسمة في عينيها:
ــ أنا عشت عمري كله لعبه في إيد غيري…
لكن دلوقتي، جه وقت اللعبة تبقى في إيدي أنا…!
عاليه بصوت مهزوز وقلق بيكبر:
ــ ليلي… احنا مانعرفش الناس دي…
ممكن يعملوا فيكي إيه لو ماخدوش اللي عايزينه…
ممكن يـــ ـأذوكي، يــ ــأذونا كلنا!
ليلي بتنهض ببطء، نظرتها فيها نار وتصميم:
ـ اللعبة دلوقتي على المكشوف…
مفيش أقنعة، الاقنعه خلاص سقطت…!
تمشي خطوتين وكأنها بتخطط على أرض المعركة:
ــ والشاطر هو اللي يمشي فوق الغــ ـم …
كأنه ماشي على رمل ناعم…
يسحبهم وراه، يــ ـدمرهم…
ويخرج من الحكاية كأنه ما دخلهاش…!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساء – منزل يوسف ورهيفا…!
رهيفا تنظر إلى الساعة بقلق
تمسك الهاتف وتتصل بيوسف:
ــ يوسف… إنت فين؟
يوسف بتلقائية:
ــ مستني راهب…!
رهيفا تتنهد:
ــ وسيبني لوحدي؟
يوسف:
ــ أيــوه…
رهيفا ترفع حاجبها بتهديد ساخر:
ــ طيب، ولما أنكد عليك وأسود عيشتك؟
يوسف بهدوء مستفز:
ــ ولما أبعتك عند أمك…؟
رهيفا:
ــ ولما أزود النكد ومارجعش…!
يوسف:
ــ ولما أطلقك…
رهيفا:
ــ ولما تلاقيني خالعاك أصلا…
يوسف يضحك:
ــ هنستفاد ايه يا اني…
رهيفا بحنان:
ــ مش عارفة…
يوسف بحب:
ــ طيب، أنا جايلك…؟
رهيفا بدلع:
ــ وأنا هحضرك العشا…؟
يوسف بابتسامه حب:
ــ بحبك…!
رهيفا:
ــ بموت فيك…
يوسف يغلق الهاتف، يلتفت إلى راكان الجالس بجانبه.
يوسف يتمتم:
ــ قلت لما راهب يجي هيشيل عني…
وأقضي وقت مع مراتي…
طلع زود انشغالي…
وآخره مقعدني جنب الولد اللي خطفوه…
يقترب من راكان، يبتسم له بلطف:
ــ بقولك يا بطل… تيجي أعرفك على مراتي؟
راكان بطفولة:
ــ إنت بتحبها؟
يوسف ينظر له بعين مليانة حنية:
ــ مفيش حد بحبه قدها…!
راكان:
ــ طب أنا جعان…
يوسف يضحك ويحمله:
ـ من عيوني، أختك رهيفا عاملالنا أكل يجنن…
هتاكل وتدعي لها…
بعد قليل ينزلان من السيارة، يفتح يوسف الباب…
يعلو صوت رهيفا من المطبخ بداخل:
ــ ثواني… والأكل هيكون جاهز يا حبيبي!
تخرج من المطبخ ومعها كبشة في إيدها…
تقف للحظة لما تشوف يوسف ومعاه طفل…
بعدها…بصوت عالي:
ــ إتجوزت عليا؟!
وترمي الكبشة على يوسف. يوسف يتفادى الضـ ـربة مصدوم، تبدأ في الجري وراه وهو يهرب
وهي تصـ ـرخ.بتبكي:
ــ ومخلف كمان؟! جايبه لحد بيتي؟!
يوسف يحاول التبرير:
ــ اهدي بس واسمعيني…يا حبيبتي!
رهيفا ترمي عليه مخدة:
ــ ماتقولش يا حبيبتي!
يوسف:
ــ حاضر… بس اسمعيني.
راكان من بعيد:
ــ أنا مش ابنه… هم خطفوني…!
رهيفا بذهول:
ــ يا نهار إسود يا يوسف!
يوسف يمسك إيده:
ــ ممكن تهدي وتفهميني؟ وانت يا بطل تعال العب… هنا… وانتي تعالي معايا…
يوسف يدخل رهيفا إلى الغرفة، وهي مرتبكة…
رهيفا بهمس:
ــ يوسف… ابن مين ده؟ وخطفته ليه؟
يوسف بجديه:
ــ الطفل ده ابن سحر… مرات عمي…
رهيفا مصدومة:
ــ سحر؟!
يوسف:
ــ أيوه… راهب خطفه عشان يضغط عليها…
رهيفا تنظر للطفل من بعيد:
ــ مش شبهها خالص… البراءة دي مش فيها…
يوسف:
ــ وأنا كمان مش مصدق إنه ابنها…
رهيفا تلف دراعها على رقبته وتبتسم بعد ما هدأت:
ــ فكرتك اتجوزت عليا…
يوسف يضحك:
ــ طيب، لو افترضنا إنه ابني… يبقى أنا متجوزك إنتي عليها، يعني إنتي الجديدة!
رهيفا تضحك بدلع:
ــ دانا كنت خنقتـ ــك…
يوسف يقبل إيدها:
ــ بحبك…
يعلو صوت راكان من الخارج:
ــ أنا جعان!
يوسف ورهيفا يضحكان.
يوسف:
ــ يلا نأكله… بدل ما يفضــ ـحنا!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخل شركه العراف في مكتب سحر الطوخي!
سحر ماسكة الموبايل، بتتصل بالدادة.:
ــ ألو… أيوه يا نجاة، طمنيني… راكان كويس؟
صوت الدادة من التليفون بهدوء:
ــ حضرتك بعتي خدتيه امبارح يا هانم… نسيتي؟
سحر بتقطب حاجبها، تحس بحاجة غلط…
فجأة باب المكتب يتفتح ببطء…
راهب يدخل،بنبرة هادئة وابتسامة باردة:
ــ راكان معاكي يا هانم…
انتي بعتي خدتيه امبارح مش كده؟
سحر تلف بسرعة لورا، تشوفه واقف…
والتليفون يقع من إيدها على الأرض…
تنحبس أنفاسها…!
راهب بيمشي جوه وبيقعد…
يحط رجل على رجل ويخلع نضارته:
ــ كده تكســ ـــري التليفون…!
طب هتطمني على ابنك ازاي دلوقتي؟
سحر بهمس مصدوم:
ــ… عرفت إزاي؟
راهب واقف، بيتحرك ناحيتها:
ــ سألت عمو جوجل… وكان كريم جدا معايا…!
سحر بوجع:
ــ ابني… لا يا راهب… أنا خبيته حتى عن نفسي… عشان يفضل بعيد عن كل ده…
راهب بضحكة صغيرة:
ــ كنتي فاكرة نفسك ذكية؟
انتي أغبى خلق الله يا سحر…
والله مش بجاملك.دلوقتي ابنك…
هيشيل تمن خطاياكي، واحدة ورا التانية…!
سحر بصوت مهزوز وشرس:
ــ لو لمست شعرة من ابني…
هخليك تتمنا المــ ـوت وإنت حي…!
راهب يقعد تاني، بهدوء يرفع تليفونه:
ــ بتتهدديني؟
يضغط على الشاشة:
ــ خلص على الولد.
سحر بصــ ـرخة مرعوبة:
ــ لأاااااااااااااااااااااااااااااااااااا!!!
تجري عليه، تقع عند رجله، تبكي، تتوسل:
ــ أرجوك… أرجوك لا… أنا هعمل كل حاجة…
كل اللي تطلبه… بس ابني…
ابني مالوش ذنب، والله مالوش ذنب يا راهب!
راهب بيقفل التليفون، يشــ ــدها من شعرها بعــ ـنف:
ــ أنا كنت دفـ ــنت، أرناط، وخلصت منه…
بس انتي اللي نبشتي قبــ ــره بإيدك…
دلوقتي جاية تتوسلي عشان أرحم ابنك؟
نسيتي إن الرحمة مش في قاموس ارناط؟!
سحر بدموع وسواد:
ــ مش هتستفيد حاجة لو أذيــ ــت ابني…
راهب يسيب شعرها، يبص لها بتلذذ:
ــ لما قلبك يتحـــ ــرق عليه… أنا هستفيد…!
!يشوفها تبوس جزمته!
سحر تبكي وهي تبوس الأرض عند رجليه:
ــ ابوس رجلك… بلاش ابني. أنا ماليش غيره… مستعدة أعمل أي حاجة… أي حاجة…
راهب يمسح دموعها بإيده:
ــ مش قلتلك… هخلي حتى أعدائك يشفقوا عليكي؟
بس انتي عندك حق… ابنك فعلا بريء…
بس للأسف اتولد من وســ ـاختك…!
سحر بتهمس:
ــ رجعلي ابني…
راهب يرجع يلبس نضارته:
ــ انتي مستعجلة ليه؟
نفذي اللي مطلوب منك الأول…
روحي لجوزك واعترفي بكل حاجة…
عن الطفل اللي كان في بطنك…
سحر بصوت مخنوق:
ــ ده معناه نهايتي…!؟
راهب بنبرة نهائية:
ــ صح…!
تحبي نهايتك تكون في بيت العراف؟
ولا نهاية ابنك؟
صدقيني…هنريحه إنه يكون عنده أم زيك…
سحر بانهزام:
ــ خلاص… هطلب الطلاق من أبوك…
وهخرج من حياتكم…
راهب يقف:
ــ بس قبل الطلاق…
لازم يعرف إن الطفل مش ابنه…
سحر تنظر له بعينين فيها نار:
ــ النــ ـار اللي بتلعب بيها… هتحـ ـرقك، صدقني.
راهب واقف عند الباب، يده على المقبض، يفتحه نص فتحة بهدوء، يدخل منه ضوء باهت من الممر.
يلتفت بنص جسمه ناحية سحر، اللي لسه واقفة منهارة ومكسـ ــورة في الأرض، شعرها مبعثر ودموعها نشفة على خدها، لكن عنيها مشتعلة.
راهب بابتسامة ماكرة:
ــ قوليلي صحيح يا سحر…
مين أبوه؟
سحر تتنفس ببطء، تمسح دمعها
وهي ترفع عينها فيه:
ــ هتفرق معاك لو عرفت؟
راهب بلا مبالاة وهو يطالعها بنص ابتسامة:
ــ لا… مش هتفرق…
بس… يمكن تفرق مع راكان…؟
الحي أبقى من اللي مــ ــات…
راهب يغمز بعينه، يغلق الباب وراءه ببطء وهو يخرج، وتسمع صدى الخطاف المعدني للباب يتقفل…
سحر تبص للمكان حواليها، عنيها تلف في كل ركن… ثم ترجع تصـ ـرخ فجأة وتضـ ــرب المكتب…
الكتب تقع وتحاول تكسـ ــر أي حاجة قدامها…
نفسها يتسارع، بتجري ناحية الشمعدان، تفكر تـ ــولع في المكتب… لكن تقف في اللحظة الأخيرة، تعض شفايفها وتهمس،بغضب مكتوم:
ــ مش هسيبك يا راهب…؟!
ده كان الخطا الوحيد اللي مش ممكن اسامحك عليه…؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ارناط)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى