روايات

رواية أيهم وورد الفصل الرابع 4 بقلم وردة

رواية أيهم وورد الفصل الرابع 4 بقلم وردة

رواية أيهم وورد البارت الرابع

رواية أيهم وورد الجزء الرابع

أيهم وورد
أيهم وورد

رواية أيهم وورد الحلقة الرابعة

استيقظ “أيهم” على يد صغيرة تهزه برفق، فتح عينيه ببطء ليجد صغيره “يونس” يقف أمامه، عيناه متورمتان من البكاء. جلس سريعًا، حمله بين ذراعيه، وربّت على ظهره بحنان.
“أنا حلمت حلم جميل أوي، بابا… حلمت إني شُفت ماما.”
ازدادت دقات قلب “أيهم”، مسح دموع صغيره وهو يهمس:
“دي ماما فعلًا يا يونس، مش حلم يا حبيبي.”
ارتسمت الدهشة على ملامح الطفل، ثم سأل بلهفة:
“بجد؟ أمال هي فين؟”
“أنا أهو يا حبيبي.”
كان صوت “ورد” دافئًا وهي تخرج من الحمام، تنظر إليهما بحب واشتياق. لم ينتظر “يونس”، بل ركض نحوها وارتمى في حضنها، وهي تحمله وتقبل وجهه بجنون، كأنها تعوّضه عن كل لحظة غابت فيها عنه.
“أوعي تسبينا تاني يا ماما!”
أُنهكت روحها وهي تتخيل هذه الكلمة آلاف المرات، والآن تسمعها منه حقيقة. شدته إليها أكثر، تغرقه بحبها، وتهمس بصدق:
“عمري ما هسيبكم تاني، عمري يا يونس.”
اقترب “أيهم”، قبّل رأسها بحب، ثم ضمّهما معًا، وكأنما يعيد جمع العائلة التي تفرّقت.
تذكرت “ورد” أحداث الليلة الماضية، عندما أخذها “أيهم” وذهبا إلى المأذون ليعقدا قرانهما مجددًا، كلمات العقد كُتبت وكأنها لا تُمحى، تربطهما إلى الأبد.
لم تتردد، رفعت هاتفها واتصلت بوالدتها، وما إن أجابت حتى جاء صوتها القلق:
“وعليكم السلام، فينكِ يا ورد؟ برن عليكِ من الصبح مبترديش ليه؟”
ابتسمت رغم دموعها، وأجابت:
“أنا آسفة يا ماما، كنت حابة أطمنكِ وأقولكِ إني رجعت لجوزي اللي حرمتوني منه ومن ابني… رجعت، وروحي رجعت معايا، يا أمي!”
صمتت للحظة، ثم تابعت بصوت متهدج:
“حاسة إني بقيت ورد المراهقة تاني، اللي كانت بتبص لحب عمرها من بعيد، والنهارده… اتجوزته من جديد. أنا مبسوطة أوي يا ماما! ابني كبر، وبقى نسخة من أيهم… حفيدكم اللي فرّطتوا فيه… كبر يا أمي.”
أغلقت الهاتف وهي تأخذ أنفاسها بسعادة. التفتت فرأت زوجها يحمل ابنهما، وعندما لاحظ وجودها، فتح لها ذراعيه… فاتجهت نحوه دون تردد، لترتمي بين أحضانه هو وابنهما.
“الحمد لله.”
كانت هذه الكلمة تختصر كل شيء، فبعد الفراق، عاد لمّ الشمل من جديد.

“يا أيهم، قولتيلك متعلّقش الزينة من غيري!”
قالتها بعبوس شديد، وذراعاها معقودتان أمام صدرها.
ضحك أيهم عليها وهو يقبّل وجنتها بحنان، قائلًا:
“لسّه ما عملتش حاجة، وبعدين هتعرفي تشتغلي ببطنك دي؟”
رفعت حاجبها بسخرية وردّت بنبرة فيها بعض الحدة:
“يعني بطني دي مفهاش ابنك؟ ولا إنت عامل زي القطط تاكل وتنكر؟”
ضحك أيهم بخفة وهو يقرص وجنتها برفق:
“بقيتي قليلة الأدب يا ورد، وده ضار جدًا لبنتك.”
“بس أنا عاوزاه ولد!”
“وأنا عاوزه بنت شبهك يا ورد، نفس عيونك وملامحك وحلاوتك وطيبتك.”
نظرت له بمكر قبل أن تهمس:
“يا أخي، أنا بحبك… ما تجيب بوسة!”
ضحك أيهم عليها وأردف:
“مش بقولك بقيتي قليلة الأدب؟”
قبل أن تردّ عليه، قاطعهما صوت صراخ يونس الحماسي:
“يا ورد! يا أيهم! يا اللي جوه!”
“تعالى يا حبيبي، إحنا هنا!”
دخل يونس عليهما بحماس وقال:
“عندي ليكم خبرين حلوين!”
اتسعت أعينهما ترقبًا، فتابع بفرحة:
“الأول، إني جبت الشهادة وطلعت الأول في المدرسة! والتاني، إني هأذن في صلاة الفجر أول يوم رمضان مع الشيخ!”
تلألأت دموع الفخر في أعينهما وهما ينظران إلى بذرتهم الصالحة، ثم وضع أيهم يديه على كتفي ابنه قائلاً بحنان:
“حتى لو مطلعتش الأول أو مجبتش درجات كويسة، عاوزك تعرف إننا فخورين بيك مش عشان درجاتك، لكن عشانك إنت… فرحتك وحماسك وأخلاقك بالدنيا كلها، أهم حاجة عندنا صحتك وطيبة قلبك يا يونس.”
ثم ضمه إلى صدره بحب:
“بابا فخور بيك جدًا جدًا يا يونس!”
أبعده برفق عنه، فضمّته ورد إلى حضنها قائلة:
“بابا عنده حق، أهم حاجة علاقتك بربنا وأخلاقك يا حبيبي، أحنا مش بنحبك عشان نجاحك بس، بنحبك لأنك ابن صالح، وده اللي هيدخلك الجنة في الآخرة، مش شهوات الدنيا اللي مش هتنفعنا بحاجة.”
أكملت حديثها بفخر:
“وهقف أسمعك من البلكونة وأنت بتأذن، وهقول للناس: ابني المأذّن!”
ضحك يونس واحتضن والدته بقوة:
“أنا بحبك أوي يا ماما!”
“طب وكيس الجوافه اللي واقف ده”
“أنا كمان بحبك ي بابا”
ثم أكمل حديثه بمكر:
“بس بحب ماما أكتر!”
ضحك أيهم بخفة وهو ينظر إلى يونس ، ثم مال نحوه وربّت على رأسه بحنان، وقال بمرح:
“وأنا كمان بحبك يا بطل، بس متجيش عليا مع أمك كده، أنتوا متفقين عليا ولا إيه؟”
قهقه يونس بينما التفت إلى ورد وقال بمكر:
“طبعًا متفقين، إحنا فريق واحد وأنت لوحدك يا بابا!”
رفع أيهم حاجبيه بتمثيل الدهشة، ثم انحنى ليحمل يونس ويضعه فوق كتفه قائلاً بحزم مصطنع:
“يبقى لازم أعلمك درس في الولاء يا صغيري!”
صرخ يونس ضاحكًا وهو يتأرجح فوق كتف والده، بينما ورد تتابع المشهد بسعادة، وكأن قلبها يسجل كل لحظة بحب. اقتربت منهم، ومرت أصابعها برفق في شعر يونس قائلة بحنان:
“مهما كبرت، هتفضل ابني اللي بحبه أكتر من أي حد في الدنيا.”
نظر إليها أيهم بمكر، ثم رفع حاجبيه وهو يقول:
“وأنا يعني ماليش نصيب؟”
ابتسمت ورد واقتربت منه وهمست:
“ليك النصيب كله.”
وفي تلك اللحظة، حيث اجتمع الثلاثة في حضن واحد، أدركت ورد أن السعادة الحقيقية ليست في البعد عن الألم، بل في وجود من يشاركك الطريق، مهما كان مليئًا بالعثرات.
ــ
“الله أكبر…”
وقفت ورد في البلكونة، والدموع تنهمر على وجهها وهي تستمع إلى صوت ابنها الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، لكن صوته كان يملأ قلبها فخرًا وسعادة.
عندما انتهى الأذان، ضحكت عندما سمعت صوته عبر الميكروفون يسألها بحماس:
“سمعتيني يا ماما؟”
أجابت وهي تمسح دموعها:
“سمعتك يا روح قلب ماما!”

كانت ورد تتحرك بسرعة في المطبخ وهي تراجع كل شيء، قبل أن تقول بقلق:
“في حاجة ناقصة يا أيهم، شوف كده؟”
نظر حوله بلا مبالاة وقال:
“في إيه يا ورد؟ ما تهدي، كل حاجة في مكانها، متوترة ليه؟”
سألته بترقب:
“يعني الأكل حلو؟”
ضحك أيهم قائلاً:
“هو كشكل حلو، أما الطعم فأنا صايم، بس متقلقيش… ورد عمرها ما بتعمل حاجة وحشة!”
ابتسمت ورد برضا وهمست بدعاء:
“ربنا يجبر بخاطرك يا أيهم، ويفتحها في وشك يا بني!”
نظر إليها أيهم بضحكة جانبية وقال:
“بس ي حبييي إنتِ هتشحتي !”
رنّ جرس الباب، فذهبت ورد لفتحه، وما إن رأت والدة أيهم حتى احتضنتها بحرارة قائلة:
“ادخلي يا حماتي، وربي ابنك اللي مترباش ده!”
ضحكت والدته وقالت:
“مزعل البِت ليه يا واد؟”
تظاهر أيهم بالبراءة وهو يحتضنها ويقبّل رأسها:
“هي دي اللي وحشتني يا ماما!”
قال كلماته الأخيرة وهو يأخذها في أحضانه ويقبل أعلى رأسها بحب:
“نورتي يا ست الكل.”
ابتسمت والدته وربّتت على كتفه قبل أن ترد بصرامة مصطنعه:
“كل بعقلي حلاوة يا واد! مزعل البت ليه؟”
ضحك أيهم وهز رأسه نافياً:
“والله ما مزعلها يا أمي.”
ثم مال نحوها قليلًا وهمس بصوت خافت:
“بس أنتِ عارفة هرمونات الحمل، حاسس إنها بقالها قرن حامل!”
رنّ الجرس مرة أخرى، ففتح أيهم الباب، هذه المرة كان والدا ورد. استقبلهم بحفاوة وقال:
“نورتوا يا حماتي وحمايا!”
“بنوركَ ي أبني”
“تعالي ي حمايا معايا وروحي ي حماتي المطبخ مع ورد وأمي ولو حابه تيجي تقعدي تعالي”
“لا ي حبيبي هدخل جوه عندهم”

“تسلم إيدك يا ماما، الأكل تحفة.”
“بالهنا على قلبك يا حبيبي.”
ابتسمت والدة أيهم بحنان قبل أن تردف بفخر:
“فعلاً يا ورد، أكلك لا يُعلى عليه.”
مالت ورد نحو زوجها ونظرت إليه بعبث قبل أن تهمس:
“قصدك إيه يا محمد؟”
ارتبك قليلًا ثم أجاب سريعًا:
“قصدي خير يا حياتي!”
ضحك الجميع على رد فعله، حتى قاطعتهم والدة أيهم بلهجة مشجعة:
“شدي حيلك يا ورد يا حبيبتي، وولّدي بقى.”
ضحك أيهم وأردف بمزاح:
“دي بقالها قرن يا تيتة!”
نظر إليه والده باستغراب وقال:
“ده أنا لسه قايلها الكلمة دي الوقتي! سمعتنا باض؟”
هز أيهم رأسه ضاحكًا:
“لا والله يا حج.”
ثم مال نحو والدته وقال بمكر:
“لا والله، بس واخدني محتوى بقى!”
ضحكت ورد وربتت على كتفه قبل أن تهمس له:
“وأحلى محتوى في حياتي.”
قام يونس من مجلسه ووقف أمامهم بحماس، ثم قال مبتسمًا:
“تعالوا ناخد صورة للذكرى!”
تجمّعوا جميعًا، ثم قال يونس بفرح:
“قولوا تشيز!”
ردّ الجميع بصوت واحد:
“تشيز!”
كانت الأجواء مليئة بالدفء، العائلة، والحب… وهذا هو جوهر رمضان الحقيقي.
في ساحة المنزل تحت سماء رمضان الصافية، كان النسيم العليل يحمل معه رائحة الياسمين الممزوجة بدفء العائلة. ضحكات يونس تتعالى بينما يركض حول جدته، وعائشة الصغيرة تنام بين ذراعي ورد بسلام.
جلست ورد تتأمل المشهد أمامها، قلبها ممتلئ بالطمأنينة التي افتقدتها لسنوات. كل شيء حولها ينبض بالحياة، بوجود أيهم، يونس، وعائشة، بوجود العائلة التي اجتمعت من جديد بعد أن فرقها الزمن والقرارات الصعبة.
أيهم، الذي لطالما كان حضنه هو الأمان، يجلس بجوارها، يده تحيط بيدها برفق، وكأنه يخبرها بأن كل شيء بات كما يجب أن يكون. نظراته المليئة بالحب تلتقي بعينيها، فتبتسم له، ابتسامة تشبه وعدًا قديمًا بالحياة معًا، رغم كل شيء.
في الخلفية، صوت المآذن يصدح بأذان العشاء، ويونس يقف بفخر وهو يقلد المؤذن، بينما تنظر إليه ورد بعينين دامعتين، فخورة بابنها الذي نما ليصبح امتدادًا لهذا الحب الذي قاوم الزمن.
هدوء يلف المكان، سكينة تملأ القلوب، وكأن القدر أخيرًا أعاد لهم ما فقدوه. الحب، العائلة، والدفء الذي لا يعوضه شيء. في تلك اللحظة، أدركت ورد أنها عادت حقًا… عادت إلى حيث تنتمي، إلى قلب أيهم، إلى عائلتها، إلى الحياة التي لطالما حلمت بها.
تمت بحمد الله

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أيهم وورد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى