روايات

رواية أيهم وورد الفصل الأول 1 بقلم وردة

رواية أيهم وورد الفصل الأول 1 بقلم وردة

رواية أيهم وورد البارت الأول

رواية أيهم وورد الجزء الأول

أيهم وورد
أيهم وورد

رواية أيهم وورد الحلقة الأولى

“أنا هتجوز.”
نظرت إليه والدته بدهشة قبل أن تسأله:
“طب ومراتك؟”
قطّب حاجبيه بضيق ونفاد صبر لم تعهده منه، لطالما كان هادئًا، لكن هذه المرة بدا وكأن شيئًا أثار غضبه بشدة.
“قصدك تقولي طليقتي، ورد طليقتي، مش مراتي يا ماما.”
رمقته والدته بنظرة فاحصة قبل أن تردّ بهدوء:
“ماشي، طليقتك… أنت لسه مطلقها من شهر، قدرت تتخطاها؟”
“أيوه، قدرت يا أمي… قدرت من زمان، وكمان ناوي أتجوز عشان ألاقي حد يربي ابني، اللي أمه سابته وراحت.”
ارتسم الحزن على ملامحها وهي تقول:
“يعني أنت عاوز تتجوز عشان حد يربي لك ابنك؟ طب أنا أهو، أربيه.”
اقترب منها، وأمسك بيدها بلطف، ثم طبع قبلة دافئة على رأسها.
“مقدرش أخليكي تشيلي الحمل ده لوحدك، أنتِ كبرتي يا حبيبتي، ومش هتقدري على شقاوة يونس… وأنتِ عارفة هو كان متعلق بمامته قد إيه.”
تنهدت باستسلام قبل أن تقول بتفكير:
“طب… إيه رأيك في ماسة بنت خالتك؟ كنت بتحبها وإنت صغير.”
ارتفع حاجباه قليلاً، ثم ردّ بلا مبالاة:
“ماما، أديكِ قولتي وإحنا صغيرين… مش عارف هي رد فعلها هيكون إيه، فشوفيها وقوليلي.”

بعد أسبوع ، كان يونس قد أصبح طفلًا هادئًا على غير عادته. كأن روحه غادرت منه للبحث عن والدته، لا يمر يوم دون أن يستيقظ ليلاً صارخًا باسمها، لكن لا حياة لمن تنادي.
يُراقبه بحزن، بينما والدته تمسح دموعها بحسرة:
“والله صريخ يونس ده مقطع قلبي… حسبي الله ونعم الوكيل، وعند الله تجتمع الخصوم.”
مدّت يدها إلى وجه الطفل النائم على صدر والده، تتحسسه بحنان، وكأنها تحاول أن تمنحه بعض الطمأنينة في غياب والدته.
“مُقطّع قلوبنا كلنا يا أمي… مُقطّع قلوبنا كلنا.”
نظرت إليه والدته قبل أن تقول بصوت هادئ:
“بنت خالتك وافقت يا أيهم.”
ارتجف قلبه للحظة… لماذا؟
ألم تكن هذه حبيبة الطفولة؟ ألم يكن يتمنى الزواج بها منذ أن كان مراهقا؟
إذن، لماذا شعر بهذا النفور من الفكرة؟
هل ما زال يحبها؟
بالطبع لا… بعد ما فعلته به وتركها له؟!
أفاق من أفكاره على صوت والدته:
“روحت فين يا حبيبي؟”
هزّ رأسه وقال بسرعة:
“مافيش يا أمي، أنا كويس… عن إذنك.”
ثم نهض وغادر، وكأنه يهرب من شيء لا يريد مواجهته… لكنه كان غبيًا، لأن والدته شعرت به، فالأم دائمًا ما تشعر بصريعها، وهي تعلم جيدًا أن ابنها أحب زوجته السابقة بصدق، لكن لا أحد يعلم لماذا طلبت منه الطلاق ورحلت؟

مرّ شهر …
فتح باب منزله ونظر حوله. كل شيء تغير، كما أرادت زوجته الجديدة، فقد أصرت على تغيير كل ركن في الشقة،ظن بأنها رساله من ربه حتى لا يتذكر زوجته السابقة. وأن هذا سيكون أفضل له، لكنه لم يكن يعلم أن داخله رفض هذا التغيير.
شعر بأن يتوقع لرؤيتها تركض نحوه… لماذا؟
هل لأن زوجته كانت تفعل هذا؟
هذه خيانة… كيف يسمح لعقله بأن يفكر فيها وهو متزوج بأخرى؟
سمع صراخ يونس فجأة، فألقى كل ما بيده وركض نحوه بسرعة.
وجد ابنه جالسًا على الأرض يبكي بحرقة، بينما زوجته الجديدة جالسة على الأريكة، تضع قدمًا فوق الأخرى وتأكل اللب ببرود، وكأن الأمر لا يعنيها.
ما إن رأت أيهم حتى شحب وجهها، ووقفت بتوتر:
“أيهم!”
لم يهتم بها وتركها متجاهلًا، متوجهًا إلى ابنه، بينما زفرت بغضب، غير مصدقة كيف يمكنه تجاوزها بهذه السهولة.
قالت بحدة: “إزاي تسيبه يعيط كده؟”
ردت ببرود وهي تتكئ على الأريكة: “ده حتى ما بيصدق يشوفك، حاولت أأكله مرديش، وقام عيّط.”
يا لها من كاذبة بارعة! كان يبكي لأنها ضربته بقسوة على يديه بعدما أسقط طعامه.
نظر إليها بنظرة شك، لكنه أخفى ارتيابه بمهارة، ثم انحنى ليمسح دموع ابنه بحنان فأردف بصوت دافئ:
“ليه مش راضي تاكل؟ مش أنت عاوز تبقى راجل كبير وقوي؟ صح؟ ولا أنت عاوز إيه؟”
رفع الطفل وجهه الذي كان غارقًا في الدموع، وقال ببراءة:
“عاوز ماما.”
شعر أيهم بوخزة مؤلمة في قلبه، لكنه ابتسم رغم كل شيء:
“حاضر، هودّيك ليها، بس كل الأول… ماشي؟”
أومأ يونس برأسه موافقًا، ثم بدأ يأكل طعامه برفقة والده. أما هي، فكانت تكاد تحترق غيظًا… لماذا لم تستطع أن تأخذ مكان زوجته السابقة في قلبه؟ لماذا لا زال يتحدث عنها أمامها؟

توالت الأيام والشهور، ومرّت ستة أشهر، كانت خلالها تعامل يونس أسوأ معاملة.
أمام والده، كانت الأم الحنون، لكن خلفه، كانت كالقلب المتحجر، لا تعرف الرحمة.
وفي أحد الأيام، كانت تضربه بقوة لأنه أسقط مزهرية تخصها، ولم تكن تعلم أن أيهم كان في المنزل.
صرخ يونس من شدة الألم، لكنه لم يتوقف عن البكاء، فصرخت في وجهه بغضب:
“اخرس! وجعت دماغي!”
زاد بكاؤه، لكن هذه المرة كان أيهم يقف على بعد خطوات، يُراقب كل شيء. كانت قد ظنت أنه بالخارج، لكنه كان هناك، يُشاهد كيف تعامل طفله…
خرج من الحمام والشرر يتطاير من عينيه، وحين رأته توقفت الدنيا من حولها.
وقفت بصدمة وهمست بخوف:
“أيهم؟!”
لم يُجبها… فقط اقترب منها، ثم رفع يده وصفعها بقوة جعلتها تقع أرضًا.
وضعت يدها على وجنتها، التي بدأت تحترق من الألم، وقالت بصدمة:
“إنت بتضربني؟!”
“وأقتلك كمان! اللي يقرب من اللي يخصني أدفنه حي، وأنتِ جيتي على أغلى حاجة عندي.”
رفعت حاجبيها بسخرية وقالت بوقاحة:
“على الأقل أنا أحسن من مراتك اللي سابتك وهربت، والله أعلم ماشية مع مين دلوقتي!”
انحنى لمستواها وأمسك بشعرها بقوة، فصرخت بألم:
“تعرفي؟ عمري ما مدّيت إيدي على ست… لكن للأسف، حصل معاكِ.”
ثم تابع بصوت مخيف:
“إنتِ طالق بالتلاتة، أعدّي من واحد لحد تلاتة… لو لسه قدامي، مش هتشوفي يوم عدل في حياتك.”
ارتجفت خوفًا، ثم نهضت بسرعة وركضت إلى غرفتها لتأخذ حقيبتها، قبل أن تغادر وهي تهمس بغضب:
“هتندم يا أيهم… هتندم ندم عمرك!”
أما هو، فقد جلس على الأرض بعدما انهارت قوته تمامًا. مدّ يده لطفله الذي كان يبكي بصمت، فركض يونس نحوه وارتمى في أحضانه، ليبكي الاثنان معًا…
“أنا عاوز ماما!”
همس يونس بصوت مرتعش، فردّ أيهم وهو يُحكم احتضانه له:
“وأنا كمان عاوزها… أكيد هتيجي، أكيد هتيجي.”
رحلتْ… وخلفَت وراءها قلبًا مُعلَّقًا بين السماء والأرض، لا يدري أكان الفقدُ قدرًا أم خيانة، أكان الغياب اختيارًا أم فرارًا؟!
وقف أيهم على عتباتِ الحنين، يُقنع نفسه بأنه تجاوزها، لكنه في كلِّ ليلةٍ، حين تسكن الضوضاء، ويخفتُ صدى الكلمات، يسمعُ صوتها هامسًا في زوايا روحه، كأنها لم ترحل قطّ.
أما يونسُ، ذاك الصغير، فما زال يمدّ كفّيه للفراغ، يركضُ خلف سرابِ أمه، يبحث عنها في وجوه العابرين، يظن أن الغياب لا يدوم، وأن من نُحبهم يعودون دائمًا… لكنه لم يدرك بعدُ أن بعض الراحلين، لا عودةَ لهم.
وحين حاول أيهم أن يملأ الفراغ بزواجٍ خلا من القلب، تراءت له الحقيقة في أبسط صورها… لا شيء يمكنه أن يسدَّ غيابها، ولا أحد قادرٌ على أن يملأ روحه بالسلام، أو يمنح يونس الحنان الذي كان يغمره بين ذراعيها.
وحين سقطت الأقنعة، تكشّف وجه القسوة أمامه، ورأى طفله يُعاقَب على خطيئة لم يرتكبها، فانتفض كالنمر الجريح، مستعيدًا جبروته ليحمي صغيره، غير أن داخله كان هشًّا… منهكًا… تائهًا في سؤال واحد:
“أين ذهبتِ يا ورد؟ وأيُّ ريحٍ حملتكِ بعيدًا عنّا؟”
يتبع…
أحتاج رأيكم في القصة، هل ستستمر العلاقة بين أيهم وورد، أم أن القصة ستنتهي بفراقهما للأبد؟
وتُرى… أين ذهبت ورد؟ هل كانت خائنة حقًا كما أخبرته ماسة، أم أن هناك سرًا لم يُكشف بعد؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أيهم وورد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى