روايات

رواية أحفاد المعز الفصل الحادي عشر 11 بقلم زينب محروس

رواية أحفاد المعز الفصل الحادي عشر 11 بقلم زينب محروس

رواية أحفاد المعز الجزء الحادي عشر

رواية أحفاد المعز البارت الحادي عشر

أحفاد المعز
أحفاد المعز

رواية أحفاد المعز الحلقة الحادية عشر

أطلقت وفاء صرخة مدوية تعبر عن فزعها و خوفها على ابنتها، تحركت إليها بوهن فهي مازالت لما تُشفى بالكامل، جلست أرضًا و رفعت فداء على قدميها و هي تضرب وجنتها برفق و تقول:
– فداء يا بنتي، فوق يا ضنايا، ايه اللي جرالك يا حبيبتي؟؟
لم يكن هناك ردًا من فداء التى فقدت وعيها فور حادث السقوط، فصرخت الآخرى بأعلى صوتها:
– عم صالح، الحقني يا عمي صالح.
في تلك الأثناء كانت أروى تدخل إلى القصر برفقة رمزى و يتبادلان أطراف الحديث، و لكن ما رأت ذلك المشهد أمامها حتى قذفت بحقيبتها جانبًا و ركضت لتجاور وفاء و هي تسألها بخوف جام:
– ايه اللي حصل يا طنط؟
اجابتها وفاء من بين بكائها بتقطع:
– وقعت من…….. على السلم…..لازم نوديها المستشفي.
وقفت أروى و هي تتلفظ ب تخبط ك صغيرٍ تائه:
– أيوه مستشفي، لازم ننقلها مستشفى.
تقدم رمزي مبادرًا ليرفع فداء عن الأرض قائلًا:
– هتبقى كويسة متقلقوش.
خرجوا جميعًا و يتقدمهم رمزي الذي توجه مُباشرة إلى سيارته، ثم صرخ فيهما قائلاً:
– حد يفتح الباب بسرعة.
نفذت أروى أمره فورًا لتساعده في وضع تلك الجريحة على المقعد الخلفي و بجوارها وفاء، و قبل أن تصعد أروى و رمزى جاء إليهم صالح الذي سألهم بقلق:
– في حاجة و لا ايه يا ست هانم؟ محتاجين مساعدة.
أجابته أروى قائلة:
– مش وقته يا عمي صالح، المهم اتصل ب فارس و حسام يحصلونا ع المستشفى.
– حاضر يا هانم هدخل أقول ل حسام بيه و هتصل على الأستاذ فارس.
شردت أروى لوهلة و كأنها تفكر في شيء، ثم نظرت إلى رمزي و قالت:
– خدهم للمستشفي يا خالي و أنا هحصلكم.
تحركت هي ركضًا إلى داخل القصر بحثًا عن حسام، لتبدأ في تنفيذ خطة جديدة لتوحيد الأحفاد مُجددًا، كانت تعدو على الدرج صعودًا و هي تدعي بداخلها أن تُوفق في هذه المرة و يوافق حسام على الذهاب معها.
وصلت إلى غرفته لتأخذ صدمة جديدة، حيث ذلك الوضع الذي يقطع نياط القلوب، تعجلت في الوصول إليه لتنطق بخوف:
– مالك يا حسام! ايه اللي بيحصلك ده؟!!!
لم يعطها جوابًا فقد أنهكه التعب لدرجة قد انسته كيفية التحدث، ف تراجعت أروى سريعًا لتخرج من أمامه، مما أوحى إليه بأنه قد تخلت عن مساعدته، و لكنها لم تكن يومًا بتلك الشخصية السيئة التى تحجب مساعدتها عن الآخرين و خاصة إن هذا هو نفسه حسام الذي تعتبره شقيق زوجها.
قلة من الدقائق و كانت هلت مجددًا و من خلفها صالح الذي كان سندًا آخر قد تحامل عليه حسام بالإضافة إلى أروى، مما جعله يستوي على قدميه بوهن شديد.
على جانب آخر.
كان متحكمًا في عجلة القيادة في وضعٍ من الهدوء التام، الذي عُكر بنغمة الهاتف الخاص ب دينا، فلم يكن المتصل سوى والدتها.
تأففت بضيق و هي ترفض استقبال المكالمة، فكان لأميرة رأى آخر حيث أعادت الاتصال بها مجددًا، و هذه المرة سبقها فارس قائلًا:
– ردي يا دينا.
تصدت دينا لقوله قائلة:
– بس دي ماما و أنا مش عايزة اكلمها.
أردف فارس ناصحًا:
– متعوديش نفسك تخاصمي مامتك أو تكلمك مرة و مترديش عليها، مهمًا يحصل بينكم هتفضل والدتك و ليها احترامها.
أضافت دينا قائلة:
– بس انا لو قدمت ل ماما الاحترام اللي هي عايزاه هبعد عن ربنا.
رد عليها مختصرًا:
– طيب ردي بس عليها دلوقت و بعدين نتكلم.
امتثلت لإرادته و أجابت على الهاتف، ليأتيها صوت أميرة تقول:
– أنا خرجت من البيت أنا و أختك يا دينا، و احتمال نتأخر على ما نرجع.
قالت دينا بضجر:
– طب و أنا أعمل ايه؟ انا مالي؟!؟!
جائها الرد سريعًا:
– عشان أنا اخدت المفتاح معايا، انتي معاكي النسخة بتاعتك؟؟
ضربت على جبهتها و قالت بتذكر:
– نسيته.
قالت أميرة بسعادة:
– زي الفل خليكي مع ابن المُعز بقى لحد ما احنا نرجع.
علمت بشأن إغلاق الاتصال عندما أحست بتلك الاهتزازة الخاصة بالهاتف، ف زفرت بضيق قائلة:
– قابل بقى!!!
أعادت الاتصال بوالدتها لتحتل الصدمة قسمات وجهها، حيث وجدت الهاتف مغلق، ف هتفت غاضبة:
– هتجنني أقسم بالله.
سألها فارس بجدية:
– ايه اللي حصل؟
أجابته باندفاع:
– محدش في البيت و مفيش مفتاح، و بتقولي خليكي….
وضعت يدها على فمها عندما أدركت ما كانت ستنطق به، ليكمل هو بدلًا عنها:
– قالتلك خليكي معايا؟؟؟؟
اماءت برأسها و هي تخفض عينها حرجًا:
– أيوه!
أدار عجلة القيادة سريعًا و هو يقول مشاكسًا:
– يبقى ربنا يصبرك على القعدة مع فداء.
تخلت عن شعور الحرج و ضيقت ما بين حاجبيها و هي تسأله بترقب:
– مين فداء؟ مراتك!!!!
– فداء دي جنتي على الأرض.
– بتحبها اوي كدا؟
سحب نفسًا طويلًا قبل أن يتحدث بحماس قائلًا:
– فداء تبقى اختي، بس دنيتي كلها، بالنسبة لي أحسن حد في الدنيا………….
استمر يحدثها بحب عن شقيقته، و هي تطالعه باستمتاع و بإعجاب بملامح وجهه التى باتت تروق لها في الآونة الأخيرة، و بغتة وجدته يزيل عنه رباط الأمان قائلاً:
– يلا بينا.
التفتت برأسها للجهة الآخرى لتجد نفسها أمام إحدى القصور التى كانت تراها في المسلسلات التلفزيونية، فسألته بنبرة اندهاش:
– متهزرش و تقول إنك عايش هنا!
ابتسم قائلاً:
– طب و ههزر ليه؟!
قالت إصرار :
– لاء مش بيتك، انت هنا بتعطي درس لحد من الطلبة صح؟!!
حرك رأسه نفيًا، فأضافت دينا بقليل من السخرية:
– ما هو مش معقول تبقى عايش هنا و أنت مدرس!!
ضحك فارس قائلًا:
– امال لو شوفتيني بقى و أنا قالب عربيتي اوبر، كنتي هتقولي ايه!
اتسعت حدقتيها و أضافت:
– لاء بتهزر بجد!
ثم أكملت و هي تتفقد السيارة بعينيها:
– بقى العربية التحفة دي مشغلها اوبر!!
كاد فارس أن يقول شيئًا و لكن كان لهاتفه رأي آخر، حيث ارتفع صوته يخبره باتصالٍ من العم صالح.
يحدث داخل مستشفى الطوارئ الجامعي، و خاصة في الطابق الثاني، كانت أروي تتحرك ذهابًا و إيابًا و هي تنتظر خروج الطبيب ب صبرٍ قد أوشك على النفاذ، فخرج الطبيب لينهي ذلك الانتظار سائلًا أروى دون مقدمات:
– هو المريض دا اكل إيه آخر حاجة؟؟؟
وقفت أمامه لتضيق ما بين حاجبيها:
– معرفش! ……….هو كويس؟
أجابها بجدية:
– أيوه هو كويس، كل الموضوع إنه أكل حاجة تسببت في جرح المعدة و دا اللي خلاه يستفرغ دم.
تنهدت براحة لتسأله:
– طيب ينفع يخرج النهاردة؟
– ايوه، هو شوية كدا و هيحس بتحسن بس معدته هتوجعه شوية الفترة الجاية فأنا هكتب على علاج و اكل مُعين لازم يلتزم بيه لحد ما يخف تمامًا.
تركها الطبيب و جاء من بعده صالح الذي قال:
– أنا كلمت فارس بيه يا هانم و هو جاي في السكة.
– ماشي يا عمي صالح، شكرًا!…….خليك أنت هنا مع حسام و أنا هروح عشان أشوف فداء.
على صعيدٍ آخر.
ترجل باسل من سيارته أمام العقار الخاص ب رمزى و عائلته، حيث كانت تلتقي بهم أروى، رمق المبنى ب نظرة غاضبة قبل أن يتحرك بطابع الغرور و ثقته العمياء في نفسه و في حديث والدته.
توقف أمام الحارث الذي كان رجلًا آخر غير من التقاه باسل سابقًا، ليبادر بسؤاله قائلاً:
– حضرتك عايز مين يا فندم؟؟
رد عليه باسل ساخرًا:
– هو القصر الجمهوري لسه بردو مشددين الحراسة!
قال الرجل مستغربًا:
– حضرتك تقصد ايه يا فندم؟ معلش مش فاهمك!
زفر باسل بضيق وقال:
– أنا بضيع وقتي معاك ليه.
خطا خطوة للأمام و لكن لم يكررها حيث أوقفه الحارس مُمسكًا بذراعه و قائل:
– بعد إذن حضرتك يا فندم ممنوع الدخول غير بإذن من صحاب العمارة.
رمقه باسل نظرة بازدراء قبل أن يقول:
– انا عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي، ف بلاش تمنعني.
أنهي حديثه نافضًا يد الحارس بعيدًا عنه، و هذه المرة تدخلت أروى زوجة رمزي التي كانت تعود من الخارج، لتنطق قائلة:
– عايز ايه يا ابن المُعز؟
التفت إليها ليجد أمامه نسخة أكبر سنًا من زوجته، ف سار إليها واضعًا يديه في جيبي بنطاله، ثم توقف قبالتها ليقول بنبرة يشوبها بعد الاستخفاف:
– أنتي بقى مرات رمزي!
ابتسمت على نبرته قائلة:
– ايوه أنا، دا أنت شاطر و مذاكر أهو!
قال باندفاع:
– عايز أروى……اللي المفروض إنها مراتي!
– مراتك تدور عليها في بيتك مش هنا.
– و هو حضرتك تعتقدي إنها هتتجرأ ترجع القصر بعد اللي حصل امبارح؟!
أجابته و هي تتفحص قسمات وجهه بترقب:
– الست مكانها بيت جوزها و هي بالفعل في قصر المُعز دلوقت.
لم ينطق بحرف آخر بل تخطاها ليغادر و لكنها أضافت قائلة:
– أروى هي مكسبك الوحيد يا ابن المُعز، لو خسرتها هتخسر معاها كل حاجة.
استدار إليها سائلاً:
– تقصدي ايه!
قالت بنبرة من الود:
– أنت النهاردة مكنتش جاي تفهم، كنت جاي تتخانق، ف لم تبقى عايز تفهم بجد تعالى و أنا اشرحلك أو حتى ساعتها ممكن تسأل أروى و هي هتقولك كل حاجة، و ساعتها هيكون بابنا مفتوحلك يا ابن المُعز.
******
كانت تقف بجوار خالها الذي تحدث قائلاً:
– فارس عرف؟
– ايوه و زمانه على وصول، بس نسيت اطلب من عم صالح يعرف باسل.
– خلاص هرن عليه أنا.
منعته قائلة:
– مش هيرد، دا أنا محبتش اكلم فارس عشان كنت شاكة إنه مش هيرد بعد اللي حصل امبارح، نقوم نرن على باسل اللي متأكدة إنه مش هيرد! دا مش بعيد يكون عاملنا بلوك.
و ها هو الطبيب قد جاء إليهم بنتائج الفحص تزامنًا مع وصول فارس مُصطحبًا معه دينا، ليشرح لهم الطبيب قائلاً:
– بصوا يا جماعة هي الحمدلله حالتها مستقرة حالياً و النزيف توقف و عملنا أشعة و الحمدلله مفيش أي نزيف داخلي، بس الحالة نزفت كتير و حاليًا محتاجة دم، لكن مع الآسف فصيلة دمها مش متوفرة هنا ف ياريت بسرعة تتصرفوا في كيس دم.
ضربت وفاء على فخذيها و قالت بنبرة مهمومة:
– هنتصرف ازاي دلوقت! هنجيب منين فصيلة الدم النادرة دي! ياريت كنت أنا و انتي لاء يا ضنايا.
هدر فارس بصرامة:
– ماما ارجوكي بلاش النواح ده، أختى هتبقى كويسة ادعيلها بس و ربنا معانا و بيساعدنا نتصرف.
غادر المكان لإجراء بعض المكالمات بحثًا عن فصيلة دم أخته، بينما دينا قد جلست بجانب وفاء لتواسيها قائلة:
– فداء هتبقى بخير يا طنط، متقلقيش، هتقوم بالسلامة و تبقى أحسن من الأول كمان.
أزالت أروى دموعها عن وجنتيها، واقتربت من وفاء لتقبل رأسها، ثم نزلت بجذعها لتربت على يدها قائلة:
– كلنا جنبها، متقلقيش يا طنط، ادعيلها بس.
انفجرت وفاء في البكاء مجددًا و ألقت بنفسها بين أحضان أروى التي عانقتها بحنان، و تشاركت معاها في البكاء، عندما قالت وفاء:
– أنا خايفة اوي يا أروى، خايفة على بنتي، مطلعتش من الدنيا غير بها هي و فارس، أنا خايفة يحصلها حاجة….. أنا خايفة اوي.
كان فارس قد أنهى اتصالًا لتوه، ليجد رمزي قد طل من خلفه قائلاً:
– ها يا فارس وصلت لحاجة؟؟
تنهد الآخر بقلة حيلة مردفًا:
– مع الأسف لسه، بس في ناس صحابي هيشوفوا مُتبرع يكون عنده نفس الفصيلة.
ربت رمزي على كتفه قائلًا:
– متقلقش، أنا كلمت واحد معرفة شغال في جامعة طنطا و فى ظرف ٣ ساعات بالكتير هيكون وصل و معاه الدم.
تلفظ فارس شاكرًا:
– أنا متشكر جدًا يا متر و الله، جميلك دا مش هنساه، و أنا تحت امرك.
– الأمر لله يا ابني، أهم حاجة دلوقت اختك تقوم بالسلامة.
دلفت ميار سريعًا إلى المستشفي و من خلفها ممدوح و هما يسألان عن الغرفة التي يبقى فيها حسام، فقد علم ممدوح مسبقا من أحد حارسي القصر بما حدث للأحفاد و ذلك عندما طلب منهم الدخول للقاء حسام.
اندفعت إلى الغرفة دون أن تعبأ أو تتحدث مع صالح، الذي قد دلف خلفها قائلاً:
– بعد إذنك يا آنسة ميار الدكتور قال نسيبه يرتاح.
نقلت نظرها بين حسام و صالح لتسأل بقلق:
– هو ايه اللي حصل؟ ما كان حلو الصبح و هو بياخد مني الفطار!
أجابتها أروى التي انضمت إليهم مؤخرًا:
– الدكتور قال إنه أكل حاجة جرحت معدته.
ثم ضيقت عينيها اللتان أُنهكا لشدة البكاء، و سألتها بشك و ترقب:
– انتي قولتي إنك اللي جبتيله الفطار الصبح؟
ابتلعت ميار ريقها بخوف و قالت بتلعثم:
– اه…..بس عادي يعني!……اكيد اللي حصل دا مش من الأكل اللي انا جبته، دي مجرد سندوتشات، هحطله فيها ايه يعني.
قالت أروى بشك يتزايد:
– بس أنا مقولتش إنك حطيتي حاجة!
كانت تتمنى لو أن معجزة تخفيها فورًا من أمام أروى لتتخلص من هذا المأزق، و كان حقًا ما تمنت حيث صدح الهاتف بتلك النغمة الأجنبية المزعجة، لتقول هاربة من أمامها:
– هرد على الفون.
تابعتها أروى بشرود و هي تخطو إلى الخارج، لترد ميار على صديقتها قائلة:
– اتصلتي في وقتك يا سلمى.
لم تهتم سلمي لكلماتها و إنما قالت باندفاع و خوف:
– دا احنا نهارنا أسود يا ميار، الدجال طلع نصاب و اتقبض عليه.
قالت ميار دون اكتراث:
– طب و إحنا مالنا ما يولع!
– إحنا مالنا ازاي بس، انتي ناسية الأعمال اللى عملناها عنده، دي طلعت حاجات خطيرة، حماتي من ساعة ما شربت العصير اللى فيه الهباب اللي هو عمله و هي بتستفرغ دم….. وشكلها بتموت.
صفعة ميار نفسها كفًا و هي تولول:
– يا نهار اسود يا نهار اسود، حسام كمان في المستشفى، يا نهار اسود يااااني، دي عمتى لو شمت خبر باللي حصل ده و إن ابنها تعب بسببي انا هروح فيها….يانهار اسود عليا و على سنيني السودا و على اليوم اللي مشيت وراكي فيه!
قالت سلمى بتهكم:
– اسمعي يا ميار أنا كلمتك عشان أحذرك لتقولي حاجة قدام حد، اللي يموت يموت و اللي يتعب يتعب احنا و لا عملنا حاجة و لا نعرف اي حاجة….فاهمة!!!
يحدث داخل الغرفة أن يسأل صالح أروى قائلاً:
– الآنسة فداء عاملة ايه دلوقت يا أروى هانم؟
تنهدت أروى و قالت:
– الحالة حالياً مستقرة بس محتاجة دم و فصيلة دمها مش متوفرة هنا و اهو فارس و خالي رمزي بيدوروا.
سألها حسام بصوت واهن و هو يقول مستغربًا:
– فداء بنت عمي! هي تعبانة!
قالت أروى بحزن:
– فداء وقعت من على السلم لما كانت بتحاول تساعدك، و دلوقت محتاجة دم.
صمت قليلًا يستوعب ما قالته، ثم سألها:
– فصيلة دمها ايه؟؟
– الدكتور بيقول o سالب.
– دي فصيلة دمي، أنا هتبرع لها.
قالت أروى باعتراض:
– بس أنت تعبان!
قال حسام سريعًا:
– لاء الحمدلله أنا أحسن دلوقت، خليني اتبرع لها
تنهدت أروى و قالت:
– اصبر بس يا حسام لو معرفناش نتصرف في دم نخليك تتبرع انت.
– اكيد!!
– أكيد يا حسام.
على صعيدٍ آخر رجع باسل إلى القصر و هو شارد الذهن، تتردد في عقله تلك الكلمات التى قالتها عمة أروى، عندما دلف إلى البهو الداخلي لتتعجل ولاء في خطواتها إليه و هي تسأله بلهفة:
– ولاد عمك أخبارهم ايه دلوقت يا باسل؟؟
انتبه إلي سؤالها ليرد عليها بآخر قائلًا باستنكار:
– و أنا هعرف منين يا دادة، عندك فوق اطلعي اطمني عليهم.
قالت باستغراب:
– هو أنت يا ابني متعرفش إنهم في المستشفي؟
أجابها بعدم المعرفة، لتبدأ هي توافيه بما حدث في غيابه، ليعود أدراجه خروجًا من القصر، متجهًا ب سيارته إلى حيث قد أرشدته ولاء.
وصل إلى حيث ينتظر الجميع و بمن فيهم حسام الذي أصر كثيرًا على رؤية ابنة عمه، ف لم ترد أروى رغبته ب خيبة، لتأخذه هي و صالح على كرسي متحرك.
تحرك باسل تلقائيًا إلى حسام، جاثيًا أمامه على ركبتيه و هو يسأله باهتمام:
– حسام انت كويس؟ عامل ايه دلوقت؟
أماء برأسه مجيبًا في هدوء:
– الحمدلله بخير، متقلقش.
– طب و فداء؟؟؟
تشدق بهذا السؤال و هو ينهض ناظرًا إلى فارس، ليعطيه الآخر تفصيلًا عن حالتها.
و ما إن انتهى من الحديث، حتى خرج إليهم الطبيب طالبًا منهم أن يتعجلوا في إحضار الدم لضرورته في الوقت الحالي.
سأل فارس رمزي قائلًا:
– ها يا متر الراجل بتاعك وصل فين؟؟
تفقد رمزي ساعته اليدوية قبل أن يخبره قائلاً:
– و الله يا فارس كلمته من نص ساعة قال إنه اتحرك.
طلب حسام من صالح تحديدًا أن يرجعه إلى غرفته، مُعللًا ذلك برغبته في الحصول على قسط من الراحة، و لكن في الحقيقة كانت لديه أفكار آخرى.
أما أروى ف قصدت الكافتيريا الخاصة بالمستشفى لتحصل على بعض الماء، و أثناء عودتها وجدت باسل قد لحق بها فكان يطالعها و يديه في جيبي بنطاله، و قسمات وجهه ملؤها التهجم، لتتغاضي هي عن وجوده و كادت تتخطاه، فأوقفها بصوته الأجش قائلاً:
– هو أنا شفاف؟؟
تراجعت إليه و نطقت بتحدٍ قد زاده غضبًا:
– اسم الله عليك طول بعرض، بس بالنسبة لي شفاف فعلاً وجودك زي عدمه.
تلاشت المسافة بينهما باقترابه منها، ضاغطًا على زند يدها و هو ينطق بنبرة ك الفحيح:
– أقسم بالله يا أروى لو مرجعتيش عن اللي في دماغك هتشوفي مني وش مش هيعجبك.
سألته بفضول زائف:
– هو انتي مخبيه فين؟
ضيق ما بين حاجبيه ليردد باستغراب:
– هو ايه ده؟؟
تحرر معصمها من يده التى ارتخت قليلًا، لتقول ببسمة ساخرة:
– وشك التاني اللي بتقول عليه ده، مخبيه فين بقى!
اصطك على أسنانه و الشرر يتطاير من عينيه، لينطق بتحذير:
– بلاش تستنفذي غضبي!
حركت كتفيها بلامبالة و قالت:
– يبقى تتجنبني، و ملكش دعوة بيا.
خفف من غضبه ب زفرة طويلة و قال:
– أنا بحذرك للمرة الأخيرة تنازلي عن الأملاك اللي سرقتيها، و لا اقولك هعملك عرض حلو هعطيكي مبلغ يعيشك مرتاحة عمرك كله.
لم تكن تتوقع منه غير ذلك، فهو من دمر حياتها سبقًا، ليس صعبًا أن يكون بهذه القسوة، قبل أن تتجمع الكلمات على شفتيها، سبقها فارس الذي طل من الخلف برفقة دينا، و قال مُعاتبًا:
– لا دا كلام ينفع يتقال و لا دا وقته يا باسل.
أجابه باسل قائلًا:
– مش مع دي! كل ما كان الوقت أبكر كل ما كان مناسب عشان نطردها و نخلص منها.
قال فارس مدافعًا عنها:
– اللي مش عاجبك وجودها دي يا باسل من غيرها كانت أختي و حسام الله اعلم بحالتهم دلوقت….. منقدرش ننكر فضلها و لو خالها مش موجود كنا دلوقت بنلف حوالين نفسنا على دم ل فداء، لكنه الحمدلله قدر يتصرف و الدم وصل.
تحدث باسل بنبرة مرتفعة:
– لاء طبعًا ملهاش فضل أبدًا كان ممكن اي حد ينقذهم عادي، و لا اقولك هي أصلا لو مكنتش ظهرت في حياتنا كان الورث اتقسم و خلصنا من الهم اللي احنا فيه و مكنش حد فينا هيوصل للوضع الحالي ده، سواء كان حسام أو اختك و كان زماني ارتحت و رجعت الكويت.
رد عليه فارس بنبرة مماثلة:
– طب و انت ايه اللي مقعدك هنا! تقدر تمشي محدش مانعك.
صرخ باسل غاضبًا:
– هو انا يعني قاعد عشان سواد عيونك؟ ما هي اللي أجبرتني اول ما دخلت القصر……بس أنت فعلاً صح، أنا وجودي و لا هيقدم و لا يأخر واضح إنها عرفت تكسبكم في صفها و أنتم أغبية مش فاهمين حاجة.
حك فارس مقدمة رأسه و كأنه يمنع نفسه من إكمال ذلك الحوار الاشتباكي، ثم وجه حديثه إلى أروى قائلًا:
– أنا هوصل دينا البيت و هاجي يا أروى.
بمرور يومين على تلك الأحداث، كان الجميع قد عادوا إلى قصر المُعز بعد تحسن حالة حسام الصحية و بعض التقدم الذي قد لحق ب فداء.
من يراهم الآن يجزم أن تلك العائلة قد إلتم شملها مجددًا و لكن صراحة ليس كاملًا، ف ذلك المغرور قد اختفى مؤخرًا عن الأنظار.
في قصر المُعز و تحديدًا على مائدة الطعام، كانوا يتناولون طعامهم في هدوء و سكينة، حتى رأت أروى حسام يمد يده صوب طبق «المحشي» لتهتف باندفاع:
– لاء يا حسام، المحشي دا حار و غلط عليك.
قال مترجيًا:
– عشان خاطري يا أروى بالله عليكي.
قالت بصرامة:
– لاء يعني لاء يا حسام.
تدخلت وفاء في الحديث قائلة:
– يا ابني اسمع الكلام احسن تتعب تاني.
سألت أروى فارس عن رأيه قائلة:
– رأيك ايه يا فارس؟
نظر الآخر إلى ابن عمه مشاكسًا:
– هو المحشي فعلاً طعمه حلو أوي يا حسام…..حتي مش عارف اسيبه و أقوم.
قال حسام برغبة واضحة:
– اهو فارس معندوش مانع.
– لاء طبعًا مينفعش.
كانت هذه جملة فارس الذي هدم بها أحلام الآخر عن تناول لفائف الأرز، لتضيف أروى بصرامة:
– يبقى ممنوع.
تذمر فارس كالأطفال و هو يقول:
– لاء بقى كدا حرام و الله، أنا بحبه و عايز اكل منه! مليش دعوة بقى.
أروى بإصرار:
– و الله يكش تقلبها مناحة، مش مسموح لك نهائي.
تأفف بضيق، ثم قال بتذكر:
– طيب مش هاكل بس عندي سؤال.
أروى بانتباه:
– ايه هو؟؟
– أنتي و باسل ازاي متجوزين؟ و ازاي هو معرفكيش لما انتي مراته؟
شردت هي في هذه الأثناء، بينما كان ثلاثتهم يحدقون بها بانتظار الجواب، ليصدح هاتفها باتصالًا من رمزي، فأجابت سريعًا ليأتيها الرد:
– باسل مسافر الكويت يا أروى، لازم نمنعه……..

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أحفاد المعز)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى