رواية أحببت مختمرة الفصل العاشر 10 بقلم هايدي وهب
رواية أحببت مختمرة الجزء العاشر
رواية أحببت مختمرة البارت العاشر

رواية أحببت مختمرة الحلقة العاشرة
قدام بيت فهد بعد نص الليل
الدنيا بتمطر جامد، الشوارع فاضية، والجو كله بيوجع
هايدي نزلت من الاوبر، جاكتها مبلول، خمارها ملزق على وشها من المطر،
بس ماكانش يهمها غير توصّل وتتكلم.
بتخبط على الباب بخوف ولهفة، بيخرج فهد وهو متفاجئ:
فهد: هايدي؟!
بيركض ناحيتها وهو فاتح باب بيته
فهد: تعالي، هتعيّي، ده مطر مش بسيط!
هايدي بتبعد شوية، واقفة قصاده في المطر، جسمها بيرتعش، وعينيها فيها وجع عمره ما اتقال
هايدي بصوت عالي مكسور: لأ… خليني هنا
أنا جايه أقولك حاجة، ولازم أقولها قبل ما أضعف تاني
فهد سكت، واقف، بيسمع، والميه نازله من فوقهم بتغرق الدنيا
هايدي بتمسح دموع نازلة مع المطر: أنا آسفة…
آسفة على كل مرة شكيت فيك، آسفة إني جرحتك بسكوتي، آسفة إني لما كنت محتاجني، كنت أنا أول واحدة تسحب ثقتها
بتتنفس بصعوبة، والبرد بيكسر صوتها: بس إنت…
إنت الوحيد اللي ما بعدش الوحيد اللي فضل ماسك إيدي حتى وأنا بسحبها أنا خفت أحبك خفت أتعلق
بس دلوقتي…لو سبتني، أنا فعلاً هتكسّر
فهد عينه بتدمع، وشه بيترعش، بس بيحافظ على المسافة، احتراما ليها، وللي بينهم
فهد: هايدي…أنا مشيت كتير ناحيتك، بس كنت مستني اليوم اللي إنتي تيجي فيه برجلك، مش بكلامك اليوم اللي تختاري فيه، مش تترددي
هايدي قربت خطوتين، وقفت قدامه، والمطر بيغرق وشها وهي لسه واقفة شامخة رغم ضعفها
هايدى: أنا بختارك أنا بحبك يا فهد والنهاردة بس… فهمت إن الحُب مش ضعف، ولا خوف، الحب أمان…
وإنت كنت أماني وأنا مكنتش شايفة
فهد ابتسم، ابتسامة فيها وجع وفرح
مد إيده بهدوء، وغطّى بيها المية اللي كانت على طرف خمارها
فهد: وانتي كنتي دنيتي…وأنا هفضل ليكي…من غير شروط، ولا وجع، ولا حسابات قديمة
هايدي دمعت، وسكتت، ورفعت عنيها للسماء، والمطر لسه نازل، بس قلبها اتروى.
في وسط البرد، كان في دفى حقيقي مش من حضن…لكن من كلمة اتقالت في الوقت الصح، ومن راجل صبر، وست فهمت.
والمطر فضل يشهد على بداية جديدة…
مش بس ما بينهم…
لكن بين هايدي ونفسها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تانى يوم
فى مدينة الألعاب القديمة على البحر مشهورة عندهم، لكن بقالهم سنين ما راحوهاش
قبل المغرب بشوية، الشمس بتغيب والجو فيه نسمه دافية
هايدي كانت قاعدة في أوضتها، بتقلب في حاجات قديمة، ولقت صورة ليها وهي صغيرة في ملاهي البحر… ضحكتها وقتها كانت واسعة كأن الدنيا كلها لعبة.
نفس اللحظة، وصلها ميسچ من فهد:
“قومي البسي… فيه مكان نفسي أروحه معاكي من زمان”
هايدي نزلت، لابسة لبس بسيط ومريح، وخمارها جميل اوى، بس ملامحها خفيفة، فيها حتة من البنت الصغيرة اللي جواها.
وصلوا قدام الملاهي، وهي اتفاجئت:
هايدي بتضحك:
إنت بتهزر؟! انت جايبني هنا؟!
فهد وهو بيغمز:
أيوه… عايز أشوف ضحكتك وانتِ بتلعبي في العجلة الدوارة زي زمان
دخلوا… والأنوار الملونة حواليهم، صوت الأطفال، ريحة الذرة والسكر، كل حاجة رجعتهم لزمن كانوا مفتقدينه
ركبوا المرجيحة الكبيرة، هايدي كانت بتصرخ وتضحك، وفهد بيضحك على ضحكتها
ضحكة ماطلعتش من زمان… وضحكتها دي كانت أحلى حاجة حصلت لفهد في حياته
بعد اللعب، قعدوا على سور البحر، معاهم فشار وسندوتشات
فهد وهو بيبصلها:
“هايدي… عارفة إنك لما بتضحكي كده، الدنيا بتصغر في عيني وبترجع أبسط؟”
هايدي بصوت ناعم:
“وأنا… لما بتبصلي كده… بنسى إن فيه وجع أصلاً”
سكتوا شوية، سامعين صوت الموج، وشامين ريحة البحر
فهد طلع من جيبه ورقة صغيرة، فتحها، كانت مرسوم فيها وش ضاحك وقلوب صغيرة
فهد:
“دي رسمتي زمان، لما كنت بتخيل شكلك وإنتي مبسوطة…
ودلوقتي؟ إنتي الحقيقة اللي اتجمّلت عن الخيال”
هايدي دمعت، بس كانت دموع خفيفة…
مش وجع،
دي دموع حد كان تايه ولقى نفسه تاني
هايدي بصت للبحر، وابتسمت… ابتسامة جديدة
ابتسامة طلع منها نور
المكان ماكنش بس خروجة
كان لحظة اعتراف إنهم لسه قادرين يكونوا أطفال في حضن بعض، وسط دنيا كبرت عليهم
فهد: اى رأيك بكرا اطلعك رحله لى الريف هتبسطك اوى اوى
هايدى بفرحه: بجد يافهد
فهد: ايوه
هايدى: انا بحبك اوى يافهد من قلبى والله بحبك ربنا يخليك ليا
فهد: وانا بموت فيكى ياست الكل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباح يوم جمعة، الجو دافي والشمس ناعمة
فهد من بدري صاحي، بيجهز شنطة فيها حاجات خفيفة: بطانية، سندوتشات، وزمزمية عصير.
بعد شوية، وقف تحت بيت هايدي، بعتلها:
“النهاردة مش يوم عادي… انزلي بطلتك الريفية!”
هايدي نزلت، لابسة فستان طويل واسع، لون سكري في أخضر، وجاكيت جينز خفيف، وخمار أبيض بسيط، كانت شبه وردة وسط غيط أخضر
فهد أول ما شافها: أنا حاسس إني دخلت فيلم أبيض وأسود من زمان… بس إنتي بالألوان
ركبوا العربية، والمزيكا كانت هادية، والضحك ما كانش بيوقف، وكانوا واخدين معاهم كاميرا فورية يصوروا اللحظات
وصلوا القرية، وهايدي نزلت تجري وسط الزرع، صوت العصافير حواليها، وشالوا جزمهم ومشوا على الطين الدافي
هايدي وهي بتضحك: عارف؟ أنا أول مرة في حياتي أمشي كده برجلي من غير خوف ولا تصنع
فهد: وأنا أول مرة أشوفك خفيفة كده… كأن كل الوجع وقع من على قلبك
قعدوا على الخضرة تحت شجرة جوافة
هايدي بتاكل سندوتش جبنة بالطماطم، وفهد بيصورها من غير ما تحس
وبعدها اتكلموا عن حاجات بسيطة:
الطفولة، الذكريات، الأحلام الصغيرة، وعن لو هيبقى عندهم بيت في الريف، يربّوا فيه فراخ ويزرعوا نعناع
هايدي بغمزه: أنا نفسي أعلّق غسيل فوق سطح بيت صغير، والشمس تنشفه
وفهد بضحكة خاطفه: وأنا نفسي أرجع من شغل يوم الجمعة ألاقيكي بتعملي فطير وسمنة بلدي، وتزعقيلّي عشان دخلت بالمركوب في الطين
ضحكوا مع بعض، والضحكة دي مكنتش بس لحظة…
دي كانت وعد إنهم هيعيشوا بساطة حقيقية… مش لازم رفاهية، المهم راحة وصدق
قبل ما يمشوا، هايدي خدت شوية ورد بري: ده هيتحط في أوضتي… علشان كل ما أبص له، أفتكر إن فيه سعادة بتكبر وسط الطين… زيي
فهد بصّ لها بحب: كل ما أشوفك، أصدق إن الجَبر مش بس بييجي من ربنا… أحيانًا بيكون على هيئة بنت بتضحك وهي لابسة خمارها وسط زرع أخضر
بعد الضهر، الشمس بدأت تميل
بعد ما خلصوا جولتهم وسط الزرع، هايدي لمحت ست كبيرة قاعدة قدام بيت صغير، بتغربل رز في طبق، وشها منوّر بملامح الزمن الجميل.
هايدي بصوت هادي: فهد… نروحلها؟
فهد بأبتسامه: دي أم سيد، كل الناس هنا تقول عليها أمّنا التانية… يلا بينا
قربوا منها
وهايدي بأدب: السلام عليكم يا حجة
الست رفعت عينيها، وشافت هايدي واقفة بخمارها وابتسامتها الخجولة
قالت بابتسامة أوسع: وعليكم السلام يا ضيوف الرحمن… شكلكم وش خير
فهد قعد جنبها، وهايدي قعدت على طوبتين قدامها
وأم سيد بدأت تحكي:
عارفين يا ولاد… السعادة مش في الفلوس ولا الشقق، السعادة في لما تصحى تلاقي حد بيحمد ربنا إنك في حياته
هايدي اتأثرت
هايدى بصوت خفيف: أنا لسه بتعلم ده… بس يمكن علشان كده إحنا جينا هنا النهاردة
الست مدت إيدها، ولمست إيد هايدي
الست: أنا شايفة السلام في وشك يا بنتي… واللي جواكي أنضج من سنك. خمارك منور، مش بس علشان على راسك، علشان قلبك لابسه كمان
هايدي دمعت، لكن ابتسمت
هايدى: ربنا يبارك فيكِ يا حجة
وفهد كان بيبص عليهم وساكت… بس وشه فيه راحة عُمره ما حسها في المدينة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد شوية…
أطفال القرية جم يجروا حوالين هايدي، واحدة بتشد طرف الجاكيت، والتانية بتضحك وتقول:
“إنتي شبه عروسة الحلوى”
هايدى ضحكت بلطافه
هايدى: وانتى احلى من ميت عروسه حلوى
هايدى اتبسطت جدا
فهد:خلاص يا هايدي… تعالي نسيب القاهرة ونعيش هنا، نفتح محل حلويات ونربي عيال
هايدي بصت للأطفال، وبصت للست الطيبة، وبصت للزرع
هايدى: أنا فعلاً أول مرة في حياتي أحس إن دي بلدنا… ومش عايزة أمشي
الشمس بدأت تغيب
أم سيد: ماتمشوش قبل ما تشربوا شاي بالنعناع من عندي
دخلوا البيت الطيني البسيط، ريحة الشاي طالعة، والضحك مالي المكان
وفي اللحظة دي، هايدي ضحكت ضحكة فيها طمأنينة مكنتش عندها حتى وهي لابسة فستان خطوبتها
وهم قاعدين بيشربوا الشاي عند أم سيد، دخل عليهم شاب صغير بيجري:
يا حجة أم سيد! العروسة وصلت! يلا الفرح هيبدأ، والناس كلها مستنياكي
أم سيد ضحكت وقالت لفهد وهايدي: تيجوا معايا؟ ده فرح حفيدى، والفرح عندنا غير الدنيا كلها
هايدي بصت لفهد، وعينيها بتلمع
هايدى: يلا بينا؟
وصلوا المكان، الأرض مفروشة مشايات بسيطة، الزينة متعلقة على الحيطان الطينية، وفي وسط الدوار ناس بترقص على المزمار والطبلة
ستات لابسين جلاليب ملونة وخمار ملفوف، والرجالة بالجلابية والعمامة
ريحة المحشي والمشويات ماليه المكان، والمزيكا طالعة من القلب مش من سماعات
هايدي وقفت مذهولة
هايدى: فهد… دي أول مرة أشوف الفرح كده… بسيط، بس حقيقي
فهد بضحكه هاديه: أهو ده الفرح اللي لما بيمشي ما يسيبش وراه صداع… بيسيب ذكرى
الناس أخدوا بالهم من هايدي، وبنات القرية جم يلفوا حواليها، واحدة بتشدها ترقص، واحدة بتقولها تعالي نزينك
هايدي كانت مستحية، بس الضحك سبقها
ولقيت نفسها وسط الدايرة، بتضحك، وبتهز راسها مع الطبلة، وهي ماسكة خمارها بإيد وبالوردة بإديها التانية
وفهد قاعد على جنب، بيصور كل حاجة، بس قلبه بيضحك قبل وشه
شافها بتتحول من بنت شايلة هموم، لروح خفيفة بترقص وهي محتشمة، بس حقيقية
بعد شويه، العروسة طلعت، والناس زغردت، وفهد قرب من هايدي
فهد: ممكن أقولك سر؟
هايدي بفضول: قول
فهد: أنا مش شايف العروسة، أنا شايفك… وإنتي فرحي اللي كان ناقص
هايدي بصتله، ووشها نور تحت نور اللمبة الصفرا
هايدى: وأنا… عمري ما تخيلت إني أضحك كده، من غير فستان فرح، ومن غير قاعة، ومن غير ميكاب… بس حسيت إني عروسة”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في آخر الفرح
واحدة من الستات: ماتمشوش! لسه في رقصة الوداع!
أم سيد ضحكت
ام سيد: بس هم أصلًا وداعهم هيبقى أصعب من رقصة
هايدي وفهد وقفوا على جنب، بيبصوا على الناس، بيضحكوا وبيتصوروا، صوت الزغاريط بيرن في السما
هايدي بصت لفهد
هايدى: أنا روحت… من غير ما أتحرك النهاردة، حطيت نقطة آخر السطر على الوجع وبدأت أكتب سطر جديد… فيه فهد، وفيه أنا… وفيه ناس زينا، بتحب ببساطة”
في الطريق للعربية، كانوا ماشيين جنب بعض
هايدي لسه ماسكة الوردة اللي بنت صغيرة ادتهالها،
فهد :المرة الجاية نجيب جلابيات ونقعد هنا أسبوع!
هايدي ضحكت، وبصت للسما
هايدى: والمرة اللي بعدها… نخليهم يفرحوا بينا بجد
ركبوا العربيه وشغلوا اغانى هاديه
فهد وصلها ومشى
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أحببت مختمرة)